صفحات العالم

ثلاثة متطلبات ملحة أمام المعارضة السورية


الرباعية الإقليمية أكثر جدية مما أوحته!

    روزانا بومنصف

ينقل مسؤولون لبنانيون عن معنيين دوليين بالوضع السوري وتطوراته وجود ستاتيكو مرشح للاستمرار في سوريا لبعض الوقت بين نظام يخاف المستقبل ويتلقى دعما ايرانيا كبيرا من دون امتلاكه القدرة على حسم الوضع لمصلحته، وثوار يمتلكون في المقابل عزيمة كبرى للمتابعة وعدم العودة الى الوراء، في ظل تقاعس دولي عن المساعدة العملانية من اجل اطاحة النظام في ما قد يبدو ترجمة لقرار ما في غياب التوافق الدولي عن مرحلة ما بعد الرئيس السوري بشار الاسد. والمماطلة المقصودة بذريعة عدم التوافق على المرحلة المقبلة، ثمة من يحاول ان يشغلها بالاعداد لخطة او لافكار يعمل عليها الممثل الخاص الى سوريا الاخضر الابرهيمي وافرقاء كثر آخرون. اذ ينقل هؤلاء ان الرباعية الاقليمية التي تضم الى مصر كل من تركيا وايران والمملكة السعودية هي مسألة اكثر جدية مما اخذت به حتى الآن لدى المتابعين الاقليميين والخارجيين، وخصوصا انها بدت لغالبية هؤلاء خطوة يمكن ان تخدم مصر والحكم الجديد فيها من خلال استعادة دور اقليمي ما، كما يمكن ان تخدم ايران من خلال اشراكها في الرباعية على انها مكون مؤثر في الاحداث السورية، الامر الذي اعترضت عليه الدول الغربية وحالت دون مشاركة ايران في اجتماعات العمل حول سوريا في جنيف اواخر حزيران الماضي. وبحسب هؤلاء، فان الرباعية قائمة ولم تنسحب منها المملكة السعودية وفق ما سرى بعد تغيب ممثل المملكة عن الاجتماع الاخير الذي عقد في القاهرة، وهي تشكل اطارا يتم الاعداد له لمرحلة لاحقة من اجل التأثير، متى حان الوقت، على كل من النظام بالنسبة الى ايران باعتبارها داعمة له، وعلى المعارضة بالنسبة الى كل من تركيا ومصر والمملكة السعودية.

ويقول هؤلاء ان الشغل الشاغل ينصب على محاولة توفير ثلاثة متطلبات اساسية من المعارضة السورية في المرحلة المقبلة، اولا على طريق اعداد نفسها وفق ما يلزم، وثانيا في انتظار توافر الظروف التي تسمح ببت المرحلة الانتقالية او الوصول اليها، وهو امر قد يستغرق بعض الوقت، ولاشهر ربما، ولكن قطعا ليس لسنوات على غرار ما حصل بالنسبة الى الحرب في لبنان التي تركت على غاربها لسنوات وفق ما بدأ البعض يتشاءم في هذا الاطار. اذ يجمع اكثر من طرف معني في هذا الاطار على ان المجتمع الدولي، ايا تكن مصالحه واهدافه، لا يستطيع ان يحمل على عاتقه سقوط ما يزيد على مئة قتيل يوميا في سوريا على اقل تعديل، باعتبار ان عدد القتلى يزداد احيانا على نحو محرج ولا يمكن القبول به. اما المتطلبات التي يعمل على اساسها مع المعارضة فتكمن في الآتي: احدها او ابرزها هو محاولة توجيه رسائل واضحة كليا الى الطائفة العلوية من خلال تقديم الضمانات الكافية لها من اجل المستقبل وليس فقط من اجل الابتعاد عن النظام، اذ ان ثمة ثغرا كبيرة في الاداء المتعلق بمد اليد الى هذه الطائفة وطمأنتها الى المستقبل. والامر الثاني يتصل بالسعي الى تكوين موقف واحد ممن يعتبرون مسؤولين في النظام او لديه عن جرائم الحرب التي ارتكبت او ترتكب حتى الآن. اذ ان الكلام على ملاحقة هؤلاء ومحاكمتهم من دون تحديد من المقصود بذلك قد يعني احالة مئات الالوف الى المحاكمة، وهو امر متعذر، اولا، فضلا عن انه يبقي هؤلاء متمسكين بالنظام باعتبار ان مصيرهم بات مرتبطا بمصيره. ويتعين تاليا على المعارضة ان تحدد معيارا من اجل ملاحقة مرتكبي الجرائم او المسؤولين عنها من اجل مساعدة نفسها في المرحلة المقبلة. وهذان الاعتباران يمسان من جهة مؤسسة الجيش في ظل حرص على ابقائها متماسكة قدر الامكان، على رغم خضوعها لاوامر النظام راهنا، ومن جهة اخرى كبار الضباط العلويين الذين يرغبون في ضمانات بعدم التعرض لهم او محاكمتهم لاحقا.

 اما الاعتبار الاخير الذي لا يقل اهمية فيتصل بضرورة سعي الجيش السوري والحر والمعارضة السورية ككل الى تنظيم وضعها على الارض ولملمة كل الفصائل ما استطاعت الى ذلك سبيلا، من اجل اقفال الباب امام محاولة المتطرفين من التنظيمات الموصوفة بالارهابية النفاذ الى صفوفها او محاولة توظيف الثورة السورية من اجل غايات واهداف لا علاقة لها بسوريا اصلا. وهذا الامر يكتسب اهمية كبرى، ولعله ما بدأ تنفيذه او السعي الى تنفيذه من خلال انتقال قيادة الجيش السوري الحر من تركيا الى داخل الاراضي السورية من اجل ان تكون قيادته على تماس مع ما يجري على الارض وتنظيم حركة الثوار قدر المستطاع. وتقول معلومات متصلة إن المساعي التي تجرى على هذا الصعيد تستهدف بعض الدول العربية الداعمة للثوار، بحيث لا تقع الاسلحة او المساعدات التي تقدم للثوار في ايد خاطئة تسيء الى الثوار وتعرض مستقبل سوريا للخطر.  واذا كان هذا الامر واضحا بالنسبة الى عمل الدول المؤثرة على المعارضة، فان ذلك لا يبدو واضحا لجهة الدور الايجابي الذي يمكن ان تؤديه طهران في تأثيرها على النظام، خصوصا انها من يمده بالاوكسيجين الضروري لاستمراره، وباتت توازي مصيره باستهدافها بالذات.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى