صفحات الناس

سوريا:”استملاك” منزل في منطقة مُهجّرة؟

 

 

في ظل مساعي التغيير الديموغرافي، يلجأ النظام لوسائل متعددة لإفراغ المناطق المتمردة واستبدال أهلها بمواليه. فسياسة الحصار والقصف المعروفة بـ”التجويع والتركيع” التي يتبعها  لفرض شروط الاستسلام والتهجّير على مناطق المعارضة، خلقت فراغاً، بات يتوجب ملؤه. وحين لا تكفي أعداد عناصر المليشيات الأجنبية، وعائلاتهم، لاستيطان مناطق المعارضة، فلا بأس من توزيعها على عناصر قوات النظام، خصوصاً العلويين منهم.

“المدن” حصلت على شهادة من “مساعد” في قوات النظام، من الطائفة العلوية، حول آليات التوطين في المناطق التي هُجّرَ أصحابها.

الأمر بسيط للغاية، إذ لا يتطلب سوى توجه العسكري الموالي للنظام إلى أي منطقة مُفرّغة من سكانها، ليضع يده على أي بيت يختاره. طبعاً، هناك بعض الإعتبارات تدخل في الحساب، إذ يبدو أن جوائز النظام لمريديه، وخصوصاً العلويين منهم، يتم صرفها في أحياء حمص، والجنوب الدمشقي.

“المساعد” قال إن أحد أصدقائه اتصل به، وأخبره بضرورة الحضور إلى منطقة الحسينية في ريف دمشق الجنوبي، والواقعة تحت سيطرة قوات النظام. الصديق أكد لـ”المساعد” أنه سيساعده في تأمين منزل له للزواج “فهو يعلم بحالتي.. فأنا من عائلة فقيرة ولا يكفيني راتبي لأقتني منزلاً أو أقوم بالعمار في الضيعة. ولا يخفى على أحد أسعار مواد البناء اليوم”.

توجّه “المساعد” إلى المنطقة، وكان قد أخبر صديقه أنه لا يستطيع تأمين مبلغ أكبر من 10 آلاف ليرة سورية، للإيجار شهرياً، “فراتبي لا يحتمل أكثر من ذلك، كوني عنصر احتياط واستلم 40 ألف ليرة شهرياً فقط لا غير”.

وعندما وصل “المساعد” وصديقه إلى المنطقة، صعدا إلى أحد البيوت، وقال الصديق: “ما رأيك بهذا البيت؟”، فقال له “المساعد” إنه لا يصلح للسكن، “فلا أبواب ولا شبابيك ولا ساعة كهرباء ولا ماء فيه”. غضب “المساعد” وبدأ بالصراخ على صديقه، الذي طمأنه وقال له: “ما رأيك أن تشتري هذا البيت، فهذا البيت لا أصحاب له”.

فقد عاد أهالي الحسينية المؤيدون للنظام إلى بيوتهم، ومن لم يعد هو “حكماً ضد الدولة” بحسب الصديق، الذي اختار لـ”المساعد” ذلك البيت، “كونه أحسن بيت موجود حالياً”.

القصة عادية إلى هذا الحدّ؛ لطالما سكن النازحون بيوت المهجّرين في الحروب الأهلية. لكن عندما سأل “المساعد” عن سعر البيت، أجابه الصديق: “50 ألف ليرة للعقيد نديم، والبيت سيكون لك”. 100 دولار أميركي ثمناً لمنزل في منطقة تبعد عن مركز دمشق ربع ساعة بالحافلة.

تعجّب “المُساعد” وقال: “ولكن أنا أشتري شيئاً ليس ملكي، وماذا إن عاد أصحابه إليه؟”. فأجاب الصديق بثقة: “ما تاكل هم، إن أعجبك البيت اشتريه من العقيد وسيصبح باسمك!”.

وبالفعل اشترى “المُساعد” المنزل من “العقيد”، وبدأت عملية نقل “ملكية” البيت لاسمه، بحسب ارشادات الصديق. والعملية بسيطة أيضاً، ولا تحتاج سوى إلى تقديم طلب إلى شركتي الكهرباء والماء، الحكوميّتين، ليقوم موظفوهما بتركيب عدادي ماء وكهرباء، جديدين للبيت، باسم “المساعد”. وبعد الحصول على العدادين، يتوجب أخذ إيصالات الدفع إلى “مصلحة العقارات”.

وإذا لم تكن في وارد متابعة الإجراءات مع “الدولة”، فبامكانك توكيل معقب المعاملات الأشهر في الحسينية “الزيبق”، الذي سيقوم بمتابعة الاجراءات القانونية في “مصلحة العقارات”، واستحضار رقم العقار، ورفع دعوى قضائية، تدعي أن “المالك” أضاع أوراق الملكية، وبحاجة لاستخراج أوراق ملكية جديدة. والدليل؟ الأمر بسيط أيضاً، ألم تدفع لتركيب عدادي الكهرباء والماء الجديدين، باسمك؟

بالفعل، وخلال 3 شهور، تواصل “الزيبق” مع “المساعد”، وذهبا سوية إلى “القصر العدلي”، وحصلا على صكّ “ملكية” للمنزل، موثقة من “كاتب العدل”.

سعادة “المساعد”، بـ”ملكيته” للمنزل الجديد، لم تتوقف عند هذا الحدّ، إذ إنه ومع كل منزل جديد، قد تتمكن من الحصول على مهنة جديدة أيضاً. فـ”المساعد” بدأ عملاً إضافياً، في شراء المنازل من “العقيد” نديم، وبيعها لأصدقاءه العسكر، بنسب ربح قليلة، تتوافق مع قيم الصداقة.

وفي سؤال افتراضي، ساقته “المدن”، عن إمكانية العسكري “السنّي” الموالي للنظام، في “استملاك” منزل بتلك الطريقة، جاءت الإجابة من “المساعد” بالنفي، “فالعقيد لا يوافق”.

لا تيأس، فلكل قاعدة شواذ. “المساعد” أخبر “المدن” عن حالة متطوعة “سنيّة” في مليشيا “حزب الله” تدعى أم خالد، وتسكن في عقربا. المليشيا اللبنانية تواسطت لأم خالد لدى “المخابرات الجوية” المسؤولة عن المنازل في عقربا، لاعطائها منزلاً من المنازل “الفارغة”. ولاؤها اللانهائي للنظام شفع لها، مع وجود واسطة “ثقيلة”.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى