صفحات الناس

4000 ساعة لإنجاز لوحة تجمع 50 ألف شهيد سوريّ

 

 

حلب ــ مصطفى محمد

يختصر المصوّر السوري، تامر تركماني، الغاية من مشروعه الذي قام به منفرداً، بأنّه “عرفان بالجميل لمن ضحّى بحياته واستشهد في سبيل الثورة السورية، ومحاولة لتثبيت حضور هؤلاء الشهداء في الذاكرة، واستحضار لمأساة لا يزال يعيشها الشعب السوري”.

يعرّف تركماني عن نفسه في حديث لـ”العربي الجديد”، بأنّه “مواطن سوري فقط”. ثم يروي لنا عن اللوحة المطبوعة التي أنجزها، وتجمع صور 50 ألف شهيد سوري، ويبلغ طولها 170 متراً، وعرضها متر ونصف المتر. ولأنّه “مواطن سوري فقط” فإنّ “اللوحة خلت من أسماء المدن السورية، وحتّى من أسماء الشهداء، وزخرت بصور لم تجمع بينهم إلا لوحة سورية الجامعة”.

وُلِدَت فكرة اللوحة أثناء متابعة تركماني الأخبار اليومية عن أحداث الثورة السورية، وصور الموت التي تتوارد على شاشات التلفزة: “خصوصاً تلك الواردة من مدينة حلب، بفعل البراميل المتفجرة، التي تلقيها طائرات النظام على المدنيين”.

بداية اقتصر المشروع على لوحة ضمّت صور عشرة آلاف شهيد، لكن مع تزايد أعداد شهداء الثورة السورية، تطوّر المشروع ليطمح إلى جمع 50 ألف صورة لشهداء من مختلف المناطق السورية: “ساعدني ناشطون من شتّى أنحاء البلاد، وساعدتني وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً موقع الفيسبوك. وخصّصت مساحة 6.6 سنتيمتر لكلّ صورة”.

استغرق سدس العمل (جزء من أصل ستة)، حتّى الآن، 15 ساعة يومياً لأكثر من شهر ونصف الشهر، أي أكثر من 675 ساعة عمل، ووصلت تكلفته إلى 2200 دولار أميركي. أي أنّ الكلفة قد تتجاوز عشرة آلاف دولار، خلال أكثر من 4000 ساعة عمل، يتحمل تركماني معظم نفقاتها.

ساعده في جزء بسيط منها أصدقاء “من خارج المؤسسات المحسوبة على الثورة السورية”، بحسب قوله: “حاولت التواصل مع الائتلاف المعارض، ومراكز التوثيق، لكنّني لم ألمس منهم أيّ تجاوب، ولا حتّى أدنى ردّة فعل. بل تعرّضت إلى إساءات كثيرة أثناء تنفيذ العمل، واتهامات بالتخوين وبمحاولة سرقة دماء الشهداء. لكنّ ذلك زاد من إصراري على إكمال العمل”.

وأوضح الفنان تركماني أنّه تمكّن حتّى الآن من إنجاز القسم الأول من اللوحة فقط، بطول 30 متراً، وأنّه بصدد استكمال طباعة الأقسام الخمسة المتبقية. وسيعرض اللوحة كاملة أمام السفارة السورية في العاصمة الأردنية عمان، حيث يقيم “يعرف العالم أجمع جرائم النظام السوري بحقّ شعبه”. وهو يريد لوحته “رسالة تدعو السوريين إلى الوحدة، لأنّ السوري قادر على صنع المستحيلات إن أراد، في حين يشارك المجتمع الدولي في جرائم النظام السوري بتغاضيه عنها”.

وتجدر الإشارة إلى أنّ صفحة إحصاءات الثورة السورية كانت قد نشرت، في أحدث تقاريرها، عدد ضحايا جرائم النظام السوري منذ منتصف مارس/آذار 2011، حتّى 30 يونيو/حزيران 2014، وهو فاق 121 ألفا، موثّقين بالاسم. لكنّ هذه التقارير تفيد بأنّ عدد الشهداء التقديري يفوق ذلك بأضعاف، وبأنّ النظام السوري يقتل أحد مواطنيه كلّ 15 دقيقة.

العربي الجديد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى