صفحات سوريةعلي العائدفايز سارهميشيل كيلو

ثلاثة مقالات تناولت الائتلاف الوطني السوري

 

لا بديل للائتلاف السوري/ فايز سارة

تسود حالة من الارتباك داخل ائتلاف الوطني السوري في الاشهر الاخيرة الثلاثة الماضية بفعل تداخلات محلية واقليمية ودولية، بدأت تقوى وتشد مع انتخاب هادي البحرة رئيساً للائتلاف في تموز الماضي نتيجة التنافس على زعامة الائتلاف، وتطور الامر اكثر مع اقالة الحكومة السورية المؤقتة ورئيسها احمد طعمة بسبب ما لوحظ من تقصير وسوء في ادائها من قبل اكثرية الهيئة العامة، التي اعلنت فتح الباب امام ترشيحات لمنصب رئيس جديد للحكومة، حيث اعيد انتخاب احمد طعمة مؤخراً وسط التباسات تنظيمية واعتراض عشرات من اعضاء الهيئة العامة للائتلاف.

وادت التطورات الى احتدام سياسي في الائتلاف بين اكثرية تلعب الكتلة الديمقراطية فيها دوراً مركزياً واقلية تضم كتلة الاخوان وحلفائها، وصدرت تصريحات متعددة من اشخاص في هذه الكتلة تراوحت مابين الدعوة الى ايجاد تحالف جديد داخل الائتلاف، والدعوة الى اقامة ائتلاف جديد يمكن ان يكون بديلاً او موازيا للائتلاف الوطني السوري.

ووسط الظروف الحالية بملامحها التي تشمل ضعف الائتلاف وتزايد مشاكله وخاصة بعد استمرار السياسة الدموية لنظام الاسد، وتوسع انتشار “داعش” واخواتها من جماعات التطرف والارهاب، وانحسار نفوذ الجيش الحر والتشكيلات المعتدلة، وولادة التحالف الدولي لمحاربة الارهاب، وبدء عملياته في سوريا، اخذ يتكرس توجه دولي نحو تهميش متزايد للائتلاف ودوره في القضية السورية، مما جعل من السهل الحديث عن نهاية الائتلاف او وجود تحالف بديل او مواز له في بعض الاطروحات السياسية.

واذا كانت الظروف الداخلية السورية والظروف الاقليمية والدولية غير مواتية لتحقيق هذه الاطروحات لاسباب تتصل بالداخل السوري الذي عجزت اوضاعه السياسية والامنية عن خلق تحالفات افضل من الائتلاف، وكذلك الحال بالنسبة للاسباب الخارجية ومنها ان دول اصدقاء الشعب السوري، لن تلعب دوراً ايجابياً في ولادة ائتلاف جديد على نحو مافعلت عندما عملت لولادة الائتلاف والاعتراف به ممثلا للشعب السوري خلفاً للمجلس الوطني السوري الذي كان في اواخر العام 2012، قد دخل مرحلة الموات السياسي.

الاهم في موانع تحقيق تلك الاطروحات اصحابها من جماعات وشخصيات المعارضة السورية، العاجزين عن القيام بمثل هذه المهمة، ليس فقط لانهم فشلوا منذ انطلاق الثورة في اطلاق تحالفات جدية وقوية وفاعلة في الواقع السوري، بل لانهم عجزوا عن تطوير الجماعات التي يقودونها، ودفعها لان تلعب دوراً ايجابياً وفاعلاً في الثورة وفي القضية السورية كلها، بل انهم لم يتمتعوا بروح توافقية، وقدرة على عمل مع الآخرين من جماعات وشخصيات سياسية معارضة طوال الوقت، مما يعني انه لن يكون هناك بديل او مواز للائتلاف في المدى المنظور، لكن الاخير سوف يذهب الى تهميش وضعف متزايد، مالم تصعد الوطنية السورية، وتعمل بكل جدية وصرامة للحفاظ على الائتلاف، ودفعه ليلعب دوراً قيادياً ورائداً في مسار العمل الوطني في المرحلة المقبلة.

المدن

 

 

 

ائتلاف جديد؟/ ميشيل كيلو

لا أعرف لماذا “كلفني” أحد مواقع التواصل الاجتماعي بتأسيس ائتلاف جديد للمعارضة السورية. ولا أدري من أين استقى معلومته، الخاطئة جملةً وتفصيلاً، والعارية تماماً عن الصحة. ربما كان سبب قراءته الخاطئة إعلاني في اجتماع هيئته العامة الأخير العزوف عن حضور جلساته، من الآن فصاعداً، في حال تواصات مشاحنات أعضائه، فاعتقد محرر الموقع أنني خرجت من الائتلاف، لأنني سأشكل بديلا له! أو ربما شجعت مواقفي النقدية من سياسات الائتلاف وتركيبته الاعتقاد بأنني أريد تأسيس غيره. أخيراً، ربما كانت لدى من فبرك الخبر رغبة شخصية في وجود ائتلاف جديد، يقوم على أنقاض الحالي، وأراد تكليفي بتشكيله، من دون أخذ رأيي أو استشارتي.

ليس من المعقول أن يشكل أحد ائتلافاً جديداً، لمجرد أن موقفه نقدي من ائتلاف قائم، فالأمور ليست هكذا، ولا يجوز أن تكون مزاجية، أو إرادية. ومن يعرف عدد الدول التي تدخلت في تشكيل الائتلاف الحالي الذي يساوي تقريباً عدد أعضائه، يعلم أنها لن تسمح لأحد بإقامة بديل له، خصوصاً إن كان يريد مثلي استعادة قرار السوريين المستقل، أو يسعى إلى علاقاتٍ تتسم بالندية مع الأطراف الخارجية المتحكمة بالمعضلة السورية، التي تتولى إدارتها بكل عناية وحرص. كما أنه ليس باستطاعة أي فرد تشكيل ائتلافٍ مستقلٍ، يعيش من معونات وأعطياتٍ ومنح خارجية، ويخضع لإرادات عربية وأجنبية متناقضة، حتى إذا امتلك قدرات سوبرمانية وخارقة. ومن يعرف بنية مؤسسات الثورة السياسية والعسكرية، وتعقيدات الساحة السورية، ونوعية بعض قادتها، يدرك أن إصلاح الائتلاف لا يكفي وحده لانتشالنا من ورطتنا، وتحريرنا من غفلتنا، ويفهم أن بقاء الائتلاف الحالي على بنيته يجعل الائتلاف البديل أسير واقع هش ومأزوم، يحتم فشله.

تكمن مشكلة الائتلاف في امتناعه عن بذل أي جهد جدي، أو منظم، لتغيير وضعه الذاتي، وبالتالي أوضاعه الموضوعية، أو التأثير عليها. في ظل وضع قائم محتجز ومتخلف، وحال موضوعية مليئة بالعيوب، لا يمكن إصلاح أي تنظيم من دون مبادرة قيادته أو موافقتها. لكن مشكلة الائتلاف تكمن هنا بالذات: في رفض قيادته إصلاحه وإفادتها من عيوبه التي تدفعها إلى تعميق انقساماته، كي لا يصير أداة أو حاضنة أي تغيير. في وضع هذه حاله، يصير إقدام أي شخص على مجرد التفكير بتأسيس ائتلاف جديد ضرباً من رغبة عبثية شديدة الإيذاء، حتى إن كان غبياً إلى حدٍ يتجاهل معه دور الخارج المقرر في إدامة بنيته الراهنة، الكابحة للإصلاح والتغيير، وإسهام قياداته وكتله في المحافظة على عيوبه وأخطائه، علماً أن أي إصلاح مستقل سيقضي، تماماً، على موارد الائتلاف المالية، وبالتالي، على فرص تأسيسه واستمراره في وجه خارج جعل من المحال استقلاله، أو انفكاكه عنه، أو تحصينه، من دون تدخلاته في كل كبيرة وصغيرة من شؤونه، وإدارته بالوكالة في أحسن الأحوال، كما في الحد من رغبته في القرار الوطني المستقل، وقدرته على إحرازه، ما دام مجرد سعيه إلى أمر كهذا يفضي إلى حرمانه من لقمة العيش وطلقات البندقية.

هذا التعقيد تعززه مصالح تشد أطرافاً في الائتلاف إلى هذه الجهات، وأطرافاً أخرى إلى تلك، وتؤكده علاقاتها مع داعميها المتصارعين، فلا يعقل أن أكون أحمق إلى الحد الذي أقدم معه على تأسيس ائتلاف جديد، أعرف أن قيامه استحالة، وأنه سيضر بشعبنا الذي يريد الوضوح، ولا يحتاج إلى مزيد من البلبلة والضياع، بينما تفلت قضيته أكثر فأكثر من يديه.

العربي الجديد

 

 

 

 

 

 

 

حكاية الـ 5% في الائتلاف الوطني السوري المعارض/ علي العائد

أصبحت جيوب منتخبي طعمة الـ 63 ثقيلة أكثر مما هي في العادة، على الأقل. يقول “ثوار فيس بوك” السوريون تعريضاً بالإخوان المسلمين السوريين في الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة. وبينما أفلت صوتان من يدي طعمة من بين 65 مقترعاً، نسي أحد المرشحين الثلاثة المنافسين لطعمة حتى أن ينتخب نفسه.

تندر متابعون على هذه الانتخابات بعد جدل طوله 170 كيلومتراً، هي المسافة بين إسطنبول ومكان عقد الاجتماعات. وفاحت من المكان، رغم بُعد المسافات، الروائح المعتادة لاجتماعات الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، حتى توقع نجم الدين السمان على صفحته على فيس بوك أن تأتي على السوريين مرحلة “لويا جرغا” على الطريقة الأفغانية، لكن أحمد طعمة لن يكون فيها حامد كرزاي.

يبلغ عدد أعضاء الائتلاف 110 أعضاء، وفي قول آخر 117، وثالث يقول 115. بينما بلغ النصاب القانوني لاتخاذ القرارات بالتصويت 56 عضواً في التصويت الذي أدى إلى تجديد انتخاب طعمة، ما يعني أن عدد

الحضور بلغ 112 من أعضاء الائتلاف. على أي حال، يصعب حساب ذلك مادام عدد الأعضاء المتبقين في الائتلاف بعد الاستقالات غير محدد تماماً.

وهذا أحد تجليات الفشل المستمر والمتكرر لهيئات الائتلاف السياسية والعسكرية التي ترمم نفسها، خروجاً ودخولاً، بطرق لا تمت إلى الديمقراطية والشفافية بصلة.

ومن الأمور التي ستظل تثير اللغط أيضاً مشاركة 15 ممثلاً للمجلس العسكري الذي كان قد أقاله في وقت سابق رئيس الائتلاف هادي البحرة. فعدا عن الإقالة، هنالك خلاف قانوني على حق هؤلاء في المشاركة في التصويت. وخلاف تابع آخر يقول إن قرار إقالة العسكريين غير قانوني، وليس من صلاحيات رئيس الائتلاف، بل الهيئة العامة في الائتلاف.

كل ذلك موضع اجتهاد لا تستطيع سوى “هيئة دستورية” الفصل فيه، شأنه شأن الخلافات في تفسير مواد الدساتير في دول كثيرة في العالم، معظمها ينتمي إلى العالم الثالث.

المهم، الآن، هو مذاكرة الناس، والسوريون منهم خاصة، أن الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري أقالت حكومة طعمة الأولى في 22 يوليو (تموز) بأغلبية 66 صوتاً، مقابل 35 صوتاً مؤيداً لبقائه، في محاولة لتقليص نفوذ “الإخوان المسلمين” في المعارضة السورية. والسؤال: من أين جاء طعمة بـ 63 صوتاً ليعيدوا انتخابه رئيساً للحكومة السورية الموقتة؟

يقول محمد فاروق طيفور، وهو نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، ونائب رئيس المجلس الوطني السوري، رداً على بيان الكتلة الديمقراطية التي اتهمت فيه الإخوان المسلمين بمحاولة السيطرة على الائتلاف ومؤسساته، وأخونته، تمهيداً لإقامة دولة إسلامية في سوريا، في حديث لوكالة مسار برس، إلى أن نسبة الإخوان المسلمين في الائتلاف لا تتجاوز 5%، وأن من بين الذين صوتوا لطعمة من الكتلة الديمقراطية كل من ميشيل كيلو، وموفق نيربية، ونغم الغادري، وأنور بدر، وبسام الملك، وسميرة المسالمة، وسهير الأتاسي، وأكرم عساف.

ومن بين هؤلاء جزء من الذين انسحبوا من جلسة التصويت على حجب الثقة عن حكومة طعمة في تموز (يوليو) الماضي، أي كانوا معترضين على إقالة طعمة وقتها. ومعروف أن كلاً من الكتلتين الديمقراطيتين في الائتلاف، وحلفائهما (اتحاد الديمقراطيين السوريين، وكتل: المجلس الوطني السوري، والمجلس الوطني الكردي، وإعلان دمشق) تعانيان من الانقسامات، وغياب المرجعية في ائتلاف لا يمثل أصلاً أي مرجعية للشعب السوري مادام قادته أنفسهم مرتهنين لممولين متعددين يملك كل منهم أجندته ومصالحه الخاصة.

وكانت “الكتلة الديمقراطية”، وحلفاؤها، أصدرت بياناً رفضت استيلاء “الإخوان”، وتحالفهم الجديد، على الائتلاف والمؤسسات التابعة له، وأكدت أن المطلوب خطوات عملية توقف هذا النهج الضار والمدمر للعلاقات السياسية والوطنية، من خلال “وقف العملية الانتخابية، والتراجع عن الإجراءات غير الشرعية في ما يتعلق بالمجلس العسكري وكتلة الأركان، وفتح حوار جدي لإصلاح الائتلاف، ووضعه على قاعدة التشاركية بدلاً من سياسة الاستيلاء والفرض”.

رئيس حكومة المعارضة السورية، أحمد طعمة، مد يد التعاون مع الذين انتخبوه أو قاطعوه لتأليف حكومة وطنية، متمنياً “ألا يُحسب على جهة ضد جهة”، مشيراً إلى أن “استراتيجياتنا ستقوم على المبادرة، وليس رد الفعل”.

ونقلت “وكالة الأناضول” عن طعمة قوله في مؤتمر صحافي عقده في إسطنبول: “نحضر أنفسنا خلال هذه الفترة من أجل الانتقال بالحكومة إلى الداخل”، مضيفاً “هناك إمكانية كبيرة لإقامة منطقة عازلة في سوريا، قد تقر في غضون الأشهر الأربعة المقبلة، ومن شأن هذا الأمر أن يساهم في تقديم الخدمات بشكل أفضل للسوريين في الداخل”.

تستند رهانات طعمة إلى الأمر الواقع بعد انتخابه، ومن جهة أخرى إلى احتمال نجاح المساعي التركية في فرض وجهة نظرها على التحالف المناهض لداعش ليضع نظام بشار الأسد في قائمة ضحاياه المحتملين، ودون ذلك ستستمر حرب الإخوان المسلمين داخل الائتلاف غير المؤتلف، وستستمر انتصاراتهم على الشعب السوري، في الداخل خاصة، قبل الائتلاف المنعم في الفنادق.

لا حل لأحجية الـ 5% من الإخوان المسلمين الذين يتفوقون على 95% من أعضاء الائتلاف دون التفكير بالعامل التركي الداعم لهم، ولا يكفي القول إنهم يتفوقون مالياً وتنظيمياً على مكونات الائتلاف الأخرى لتكون لهم هذه الغلبة، فحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، حتى وإن يتحرك من وراء ستار، فإن فعله يدل عليه.

موقع 24

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى