صفحات العالم

رغبة أميركية ـ روسية في الفصل بين الملفات الإقليمية والدولية/ ثريا شاهين

لاحظت مصادر ديبلوماسية أنّ هناك تراجعاً من روسيا الاتحادية في اهتمامها بالملف السوري بسبب تركيزها على الأزمة الاوكرانية وتداعياتها.

موسكو تعتبر أنّ أزمة اوكرانيا ستنعكس على الموضوع السوري، لكنها تأمل ألاّ يكون هذا الانعكاس كبيراً. وأكدت المصادر انّ الولايات المتحدة لديها الأمل نفسه، في رغبة أميركية روسية مشتركة بضرورة فصل الملفات عن بعضها، أي فصل الملف النووي الإيراني عن الملف السوري، وعن أزمة اوكرانيا، مع الإشارة إلى أنّ موسكو تعتبر أنّ الولايات المتحدة يهمّها تعاون موسكو في الملفين الإيراني والسوري، وإن كانت روسيا تتوقّع أن تضع واشنطن عراقيل أمام استئناف مسار مؤتمر «جنيف2»، وتتهمها بأنّها لا تشجع على ذلك، ولا تحض المعارضة السورية على العودة إلى طاولة التفاوض، وبالتالي عدم استئنافه هو مسؤولية أميركية بحسب ما تعتقد روسيا. وموسكو تعتبر أنّه بدلاً من تشجيع المعارضة على الذهاب مجدداً إلى «جنيف2»، فهي تعمد إلى تقديم السلاح إلى المعارضة بهدف تعديل الواقع على الأرض، وأنّ ذلك دليل على أنّه نوع من تصفية الحسابات مع روسيا.

موسكو لا تعترف بوصف نتيجة مؤتمر «جنيف2» بالفاشلة، هي تعتبر المؤتمر ليس مؤتمر محدوداً بل مسار طويل ومثلما يوجد مسار للتفاوض بين الفلسطينيين وإسرائيل، هناك مسار للتفاوض السوري السوري. أي أنّ التفاوض سيستغرق وقتاً ولن تحل الأمور بزمن محدد. إنّما لا بديل من الحل السياسي وتتمسّك موسكو به، كون الأزمة السورية تتهدّد بمزيد من الخراب، ليس فقط في سوريا، بل ايضاً في المحيط السوري وفي لبنان تحديداً.

الموقف الروسي من الانتخابات الرئاسية السورية، واضح حيث تعتبر موسكو انها مسألة تحسم في «جنيف2» بين الفريقين، لذلك هناك إصرار عليه.

مسألة الانتخابات خلافية مثل كل الملفات العالقة بين النظام والمعارضة. ويبدو أن موسكو مقتنعة بموقف مناصري النظام الذين يعتبرون أنّ في ترشح الرئيس بشار الأسد للانتخابات ضمانة لهم وعدم ترشحه يحدث فراغاً. ذلك أنّ «جنيف1» الذي انعقد في حزيران 2012 وفي بنده التاسع نص على ضرورة الاتفاق على حكومة انتقالية محل النظام الحالي. وبالتالي يجب أن يتفق الفريقان قبل الوصول إلى الانتخابات، وإذا انتهت الولاية ولم يترشح يصبح هناك فراغ بسبب عدم الاتفاق حتى ذلك الوقت على الهيئة الانتقالية للحكم. ويدعو الروس إلى الاتفاق على تلك الهيئة. في كل الأحوال موسكو تعتبر ان الانتخابات السورية شأن داخلي سوري مثلها مثل الانتخابات الرئاسية اللبنانية، وانّ روسيا لا تتدخّل في الشؤون الداخلية للدول.

وتؤكد المصادر أنّه لغاية الآن ليس هناك من مبادرة أو أفكار يجري تداولها للدفع باتجاه إعادة الفريقين السوريين إلى طاولة «جنيف2». التركيز الروسي هو على اوكرانيا، بحيث تعتبر موسكو أنّ الغرب سيقبل بالواقع الاوكراني الجديد وستنتهي المسألة وتتراجع الأولوية الدولية مع الوقت. كما أكدت أنّ كلاً من واشنطن وموسكو ترفعان سقف المواقف حيال اوكرانيا أمام الرأي العام، وهو الأمر الذي لن يجدي نفعاً، وسيعودان إلى التعاون في مختلف القضايا الدولية والملفات المطروحة. والروس الذين يمونون على الحكومة السورية يتهمون الولايات المتحدة بأنّها لا تسعى إلى استئناف «جنيف2» في المدى المنظور، والغرب يرى ويعمل لضرورة تأجيل الانتخابات السورية إلى حين التوصل إلى اتفاق سياسي، واذا لم يتم التوصل إلى ذلك يعني بالنسبة إليه أنّ النظام لا يريد الحل السياسي.

ومن الواضح أيضاً أنّ النظام ليس مستعداً أن يناقش الحكم الانتقالي، لأنّه يعوّل على الانتصار على الارض، لا بل يحلم بذلك. خلال انعقاد «جنيف2» تمسك النظام بالبحث بالإرهاب، وتمسكت المعارضة بالبحث بتطبيق «جنيف1»، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. الأسد بدأ التحضير للانتخابات وهو يتجاهل كل المسار السياسي للحل. وسيجري الانتخابات مهما كان الظرف ليقول إنّه شرعي وأنّ الشعب انتخبه، رغم التهجير وانقسام الشعب واستمرار القتل والتدمير. وفي المقابل، سيقول له المجتمع الدولي ان انتخاباته غير شرعية.

الوضع السوري صعب ومعقّد وطويل الأمد، وبات معه الوضع اللبناني مخيفاً إذا لم يتم إيجاد حد أدنى من التفاهم على الاستحقاقات والأمن.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى