صفحات الناس

أزمة االاجئين السوريين في لبنان وإجراءات السلطة اللبنانية الأخيرة – مجموعة مقالات-


 

عن “سِمات” دخول السوريّين الى لبنان/ زيـاد مـاجد

أصدر “الأمن العام” منذ أيام (بتغطيةٍ من السلطات السياسية “التوافقية”) قراراً لتنظيم دخول المواطنين السوريّين الى لبنان ومنح “مستوفي الشروط” منهم “سماتٍ” تتيح لهم الإقامة المؤقتة ربطاً بعملٍ أو دراسة أو طبابة أو سياحة، أو تسمح لهم بمجرّد المرور لموعد في سفارة أو لسفرٍ عبر مطار بيروت.

ولوهلة، بدا القرار “طبيعياً” في ما يخصّ تنظيم عبور الرعايا بين دولةٍ وجارتها. ولوهلة أيضاً، بدا أنه يصدر عن مؤسسة أمنية في دولة تمارس السيادة على حدودها وتضبط الدخول والخروج عبرها.

لكنّ التدقيق في القرار وحيثيّاته وفي الوضع اللبناني – السوري يُظهر مدى تهافته و”لا طبيعيّته” من جهة، ويُظهر تجاهله لمنظومات قانونية ولمعاهدات دولية من جهة ثانية.

فالرعايا السوريّون، موضوع القرار، هم رعايا دولة مجاورة تعيش منذ أكثر من ثلاث سنوات حالة حرب استثنائية الضراوة يشنّها نظام على شعبه. وهم – بمعزل عن أي موقف سياسي – ضحايا عنف يدفعهم الى مغادرة منازلهم هرباً من القتل أو الاعتقال (المُفضي في آلاف الحالات الى الموت جوعاً أو مرضاً أو تعذيباً). وهذا يعني أن منع دخولهم الى لبنان أو عرقلة هذا الدخول الطارئ من خلال شروط مالية أو كفالات ووثائق وعقود، وكأن لا حرب ولا مذابح ولا نزوح، هو مساهمة في التسبّب بالأذية لهم، وفي ذلك ما يتعارض مع الكثير من القوانين الدولية ومع اتفاقيّات حماية المدنيّين ومناهضة التعذيب ومع الأعراف المعمول بها في ما يخصّ اللجوء الإنساني.

إضافة الى ذلك، فإن القرار قاصر في تعامله مع أولئك الذين سبق ودخلوا الأراضي اللبنانية قبل الخامس من كانون الثاني الجاري. وهؤلاء يفوق عددهم المليون والمئتي ألف شخص، لا أكثر! فكيف سيجري التعامل مع من لا يستوفون الشروط المذكورة في القرار الجديد عند تقدّمهم بطلبات تجديد الإقامة؟ وماذا عن الذين دخلوا على نحو غير “نظامي” لأن مرورهم على حواجز الجيش السوري كان ليعني توقيفهم وربما تصفيتهم؟ وماذا عمّن سافروا من بيروت، مقرّ إقامتهم على مدى أشهر (أو سنوات) قبل القرار، ويرغبون بالعودة الآن ولا يستطيعون ملاقاة متطلّبات “السِمات” الجديدة المفروضة؟

لا يمكن لقرارات تتعامل مع “المسألة السورية” لبنانياً بوصفها شأناً إدارياً تقنياً أن تكون حلّاً لأي مشكلة، ولا يمكن لها أن تتفادى مشاكل جديدة قد تطرأ. وهذا لا يعني أن لا تنظيم مطلوباً لقضية في منتهى الأهمية والخطورة، هي قضية اللاجئين.

لكن المطلوب هو معالجات مركّبة، قانونية واقتصادية وسياسية، تُتيح منح إقامات تتجدّد سنوياً للسوريّين والفلسطينيين السوريّين المقيمين حالياً فوق الأراضي اللبنانية، والبحث مع الدول العربية ومع الاتحاد الأوروبي وصناديق الأمم المتّحدة في مساعدات عاجلة تُقدَّم الى المناطق اللبنانية الفقيرة شمالاً وبقاعاً التي تحتضن الأعداد الأكبر منهم، وإعادة البحث في قضية إنشاء مخيّمات مؤقّتة ولائقة للّاجئين غير القادرين على تأمين المسكن بإدارة “المفوضيّة العليا”، وهي مخيّمات يمكن أن تكون قريبة من الحدود، فتستوعب أيّ حركة نزوح جديدة؛ علماً أن النزوح في اتّجاه لبنان هو أصلاً الى تراجع، بعد أن صارت خريطة المعارك تجعله أقرب الى الحدود التركية والأردنية.

والمطلوب أيضاً هو بحث سياسي جديد بين الأطراف اللبنانية المختلفة حول سبل التعامل مع المأساة السورية. ذلك أن استمرار الانخراط اللبناني في القتال في سوريا، عبر الآلاف من عناصر حزب الله، تخطّى حدود “الإيديولوجي – المذهبي” ليصبح مع الوقت قضية وطنية ينبغي ألا تُسقَط من التداول عند البحث في مسألة النزوح السوري والتهجير.

فثمة اعتداء عسكري لبناني على الأراضي السورية وعلى طيف واسع من المواطنين السوريّين ينفّذه حزب الله “الشريك” في السلطتين التنفيذية والتشريعية في بيروت منذ سنوات. والاعتداء هذا فيه من الاضرار الراهنة كما المستقبلية الكثير، وهو أدّى عمليّاً الى فتح الحدود بين البلدين وتشريعها على الحدود العراقية “المفتوحة” بدورها مع سوريا.

في انتظار هكذا بحث، يبقى تنظيم اللجوء السوري وأحواله الى لبنان أمراً لا يمكن لقرارات متسرّعة وقاصرة أن تتعامل معه. ويُفيد لو تجتمع الهيئات الحقوقية اللبنانية والأجنبية العاملة في لبنان لتبلور ردوداً عليه حمايةً للاجئين، وحمايةً للبنانيّين أيضاً من نتائج سياسات “مسؤوليهم” غير المسؤولة…

موقع لبنان ناو

 

 

الفيزا اللبنانية: انتقام الجبناء!/ الياس خوري

منذ عام 1975، صارت تأشيرات دخول اللبنانيين إلى الدول الغربية مسألة معقدة. شعر حملة الجواز اللبناني أنهم يعاملون في السفارات بصفتهم مرضاً يجب تحاشيه. وعمّ شعور مفاجئ بالدونية، في بلاد انتفخت فيها الذات إلى حدود الورم، مع آيديولوجية كانت تسعى، وبكل تواضع، إلى لبننة العالم!

غورباتشيف، الزعيم السوفياتي الذي قاد البيريسترويكا التي أدت في النهاية إلى اندثار الاتحاد السوفياتي، سوف يكون أول من يستخدم مصطلح اللبننة على المستوى العالمي، محذراً من لبننة بلاده اي تفككها وغرقها في حروب أهلية واثنية ودينية. أي ان التعبير الذي أطلقه سعيد عقل سوف ينقلب على صاحبه، وبدلاً من أن تكون اللبننة شعاراً لتعميم مجد «قدموس»، صارت عبارة نجدها في القواميــس كي تشير إلى وباء التفكك والحروب الأهلية.

لم تصدق نبوءة غورباتشيف حول لبننة روسيا، كما برهنت عبارة سعيد عقل عن لبننة العالم انها مجرد وهم. لكن ما تحقق فعلياً كان لبننة المشرق العربي، في العراق وسورية، بحيث صارت الحرب الأهلية اللبنانية الطويلة، وكأنها كانت مجرد تمرين على الحرب المخيفة التي ستدمر بلدين مجاورين. اللبنانيون الذين اكتووا بنار المأساة التي التهمت بلادهم، سوف يكتشفون أن حربهم، رغم كل ما صاحبها من موت وتشريد ودمار، كانت أكثر رأفة بهم من الحروب التي تجتاح سورية. كما أن اللبنانيين يعرفون أن لحظة الدمار الكبرى في بيــــروت والجنوب كانت بفعل وحشية الاجتياح الاسرائيلي للبــنان، لذا قد يجد البعض عزاء للدمار اللبناني عبر قراءته في إطار الصراع العربي – الاسرائيلي.

أما دمار سورية، فإنه لا يؤشر الا إلى مستوى الانحطاط الهمجي الذي وصل إليه نظام الاستبداد الذي أسسه حافظ الأسد. كما أن فصول الدمار المتسارعة يمكن أن تُقرأ في إطار الحرب الاقليمية السعودية – الإيرانية، أي في إطار التفكك الداخلي الذي تصنعه قيادة الاستبدادات للمرحلة، وعجز القوى الديموقراطية عن النهوض وبلورة مشروع وطني ديموقراطي.

لبنان ينعم اليوم باستقرار نسبي، والتوازن الدقيق بين السنية السياسية والشيعية السياسية لا يزال قادراً على حماية البلد من الانزلاق إلى الدمار، في ظل قرار إقليمي بتحييد لبنان، ولو بشكل جزئي عن الانفجار الكبير في المشرق. وقد عبّر زعيم حزب الله عن هذا التوجه بدعوة خصومه اللبنانيين إلى قتاله في سورية وليس في لبنان!

شعور المرارة والدونية الذي عاشه اللبنانيون خلال أعوام الوصاية السورية، وهي أعوام مقيتة ومهينة، يتحوّل اليوم إلى شعور بالتفوق! يصاحبه تحويل العنصرية الكامنة في النظام الطائفي إلى عنصرية ممزوجة بالكراهية والاستعلاء تجاه اللاجئين السوريين في لبنان.

طريقة تعامل لبنان الرسمي مع قضية اللاجئين، حوّلت مقولة النأي بالنفس، التي استنبطتها البعثة اللبنانية في الأمم المتحدة كمخرج عقلاني، إلى مسخرة على أيدي رجال الطبقة الحاكمة اللبنانية. إذ صار النأي بالنفس ستاراً لتخلي السلطة اللبنانية عن مسؤولياتها. وبدلاً من وضع حد لمغامرة حزب الله العسكرية في دعم نظام التهافت الاستبدادي، انفتح باب التدخل على مصراعيه، وصار النأي بالنفس اطاراً لرفض التعامل مع المأساة الانسانية الناجمة عن لجوء ألوف السوريات والسوريين إلى لبنان.

رفضت الحكومة، لأسباب طائفية ومذهبية، بناء مخيمات للاجئين، فامتلأ لبنان بمخيمات غير شرعية يقدّر عددها بألف وأربعمئة مخيم، صار من المستحيل ضبطها اغاثياً وأمنياً. وبدلاً من تنظيم العناية الصحية والمعيشية والتربوية للاجئين، ألقي الحمل على كاهل المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الدولية، ثم بدأت تتوالى قرارات البلديات بمنع تجوّل السوريين ليلاً، وانتشر مناخ من العنصرية المرَضية، فاقمتها أحداث عرسال وجريمة داعش والنصرة بحق الجنود اللبنانيين المخطوفين!

إنها عنصرية العاجزين والخائفين والسفهاء، الذين جعلوا السلطة في لبنان فراغاً تتحكم به الطائفيات المتنوعة، والأصوليات المختلفة. وصار اللاجئ السوري مكسر عصا للجميع، وبدل التعاطف الإنساني والأخلاقي مع مآسي اللاجئين النظر إلى مأساة العالم العربي في وجوه اللاجئين وآلامهم، تفجّرت عنصرية هوجاء لا رادع أخلاقياً أو سياسياً لها، لتجعل من لبنان كابوساً للغرباء والمشردين، واضعة وصمة عار لن تمحى بسهولة، على تاريخنا اللبناني.

ذروة اللامسؤولية هي هذا القرار العجيب بفرض الفيزا على دخول السوريين إلى لبنان! ما هذا؟ كيف يعني فيزا وشروط إقامة وحجز في فندق و1000 دولار عداً ونقداً… هل يعتقد وزير الداخلية أو وزير الشؤون الاجتماعية أو مدير الأمن العام أن اللاجئ يستطيع أن يحجز في فندق! أو أن الهاربين من جحيم البراميل الأسدية يملكون هذا المبلغ من المال، أو أن السوريين سوف يحلون مشاكل السياحة اللبنانية التي صارت في خبر كان بفعل عوامل شتى كانت فضائح المواد التموينية أكثرها وضوحاً؟

يدفعني هذا القرار إلى طرح سؤالين:

الأول، يتعلق بالمستقبل اللبناني نفسه. من الواضح أن من أصدر هذا القرار لا يعي مخاطره على مستقبل لبنان. فهذا التلاعب العنصري بمصائر السوريين سوف ينعكس حتما على العلاقة اللبنانية السورية في المستقبل. ماذا سيحصل عندما تتعافى سورية من محنتها، ويعود اقتصاد لبنان برمته أسير الجغرافيا، وتتأسس عنصرية مضادة في وجوه اللبنانيين، هل سيتباكى اللبنانيون على الأخوة والمصير المشترك، بعد تلاعبهم الإجرامي بمصير حوالي مليون ونصف مليون لاجئ سوري.

أما الثاني فيتعلق بالأخلاق اللبنانية، التي يشير هذا الموقف العنصري من اللجوء السوري إلى انهيارها الشامل. موقف السلطة من السوريين هو انعكاس لمواقف الطائفيات اللبنانية من بعضها البعض، وهو مؤشر على الهاوية الأخلاقية التي انحدرت اليها البنية السياسية اللبنانية.

أغلب الظن أن فرض الفيزا اللبنانية هو انتقام متأخر وتافه لواقع انهيار السمعة اللبنانية في العالم، التي تجعل من حصول اللبنانيين على فيزا مسألة بالغة التعقيد.

الآن صار بوسع اللبنانيين أن يفخروا بأنهم ينتقمون من بؤسهم بفرض البؤس على البؤساء.

افتخروا أيها الحمقى صار بإمكانكم ان تعطوا الفيزا، وان تذلوا طالبيها.

هذا هو انتقام الجبناء، وسياسة من قرر النأي بنفسه عن معالجة قضايا وطنه.

القدس العربي

 

 

 

 

جمهورية الموز اللبنانية السورية/ عمر قدور

باستثناء السوريين وبضع أصوات لبنانية، لم تثر تعليمات الأمن العام، التي تنصّ على إلزام السوريين الراغبين في الدخول إلى لبنان بالحصول على فيزا، الاهتمامَ الذي تستحقه، فالكثرة اللبنانية يبدو أنها اعتبرت الأمر شأناً سورياً لا يهمها، ومن استسلم لواقع حرب حزب الله على السوريين لن يرى في القرار الجديد إضافة نوعية. بضع أصوات لبنانية، لا بد من شكرها، توقفت عند مضاعفات القرار السلبية على النازحين، ولم تتوقف بالدرجة نفسها أمام ما يعنيه القرار لبنانياً على الصعيد السياسي بوصفه استكمالاً لحرب حزب الله، وعليه فهو لا يمسّ السوريين فقط، وإنما يمسّ السيادة اللبنانية بالمستوى ذاته. ثمة مسؤولية لبنانية يتمّ التنصل منها هنا، هي مسؤولية الاعتداء على السوريين في مدنهم وقراهم، ومن ثم مسؤولية سدّ سبيل النجاة أمامهم. يتولى الأولى منهما الذراع العسكري للحزب، ويكمل بالثانية الذراع الأمني له. الضحايا لا يستحقون التعاطف فقط، وإنما يستحقون القيام بعمل ملموس وعدم التنصل المستمر من الواجب بدعوى العجز، فالواجب إزاء السوريين هنا لا ينفصل عن الواجب تجاه القرار اللبناني المستقل.

قبل القرار بأيام، كان علي لاريجاني “رئيس مجلس الشورى الإيراني” يصف دور حزب الله بأنه فاعل ومؤثر أكثر من أدوار الدول. مع الأسف، مرّ تصريح لاريجاني من بيروت كأنه مجرد توصيف للواقع، فلم يعترض عليه أحد من دعاة استقلال لبنان، بل نُظر إليه أيضاً كشأن سوري بما أنه يخصّ دور الحزب كعابر للحدود. لم تعترض جهة رسمية لبنانية على التصريح الذي يعدّ انتهاكاً لسيادة لبنان، ولم يرَ فيه أحد خروجاً فظاً عن اللياقة الدبلوماسية. في أحسن التوصيفات، نحن إزاء طرفين لبنانيين، يحتل أحدهما أجزاء من الأراضي السورية، ويلتزم الآخر بسياسة النأي بالنفس. أما في التوصيف الأقرب إلى الواقع فنحن أمام طرف يحتل الدولة اللبنانية والسورية معاً، بينما لا يرى العديد من الأطراف اللبنانية سوى الخطر المزعوم للنازحين السوريين، ولا يرى أن الحدود قد أُسقطت فعلياً بموجب وقوع البلدين تحت نظام وصاية مشترك هو النظام الإيراني وأذرعه العسكرية والأمنية.

إننا بالكاد نتحدث عما يشبه “جمهورية موز” واحدة، لا يتمتع أيّ من جزأيها بالحد الأدنى من السيادة أو استقلال القرار حتى على مستويات متدنية، وأن لا يمتلك لبنان استطراداً حتى القرار الإنساني فتلك دلالة لا تطعن في سيادته فحسب، وإنما تطعن في فكرة لبنان ذاتها. وعندما نتحدث عن لبنان تنبغي الإشارة إلى الغالبية اللبنانية التي لم تتجاوب كما هو مخطط لها مع كل الضخّ العنصري الإعلامي تجاه النازحين السوريين. وتنبغي الإشارة إلى أن مظاهر العنصرية المرفوضة قطعاً لم تتعدَّ مستويات واردة في جميع المجتمعات، وإلى أن حوادث العنف أتت بمعظمها من “زعران” محسوبين على جهات سياسية معروفة، وإلى أن مظاهر التمييز الوقحة أتت من هيئات شبه رسمية مثل البلديات بدل قيام الدولة بواجبها في ضبط مظاهر التمييز كافة. أما مظاهر التمييز الاجتماعي فهي موجودة بين اللبنانيين أنفسهم، ولا تخصّ النظرة إلى السوري وحده، وهي كما نعلم موجودة بين السوريين أيضاً.

لو لم يكن القرار سياسياً، وكان يُراد به حقاً التقليل من الآثار السلبية للنزوح على اللبناني لاتُخذت قرارات مختلفة على صعيد إلزام أرباب العمل بأولوية العمالة اللبنانية، ولما تأخر حتى استُنفذت الكتلة الأكبر من الرأسمال السوري القادم. التذرع بالعامل الديمغرافي، كما يجري تسويقه، ينطوي على اتهامات طائفية تنال من سنة لبنان وسنة سوريا بعدّهم طائفيين في المقام الأول، وتتجاهل واقع النازحين المؤلم الذي يجعل البقاء والأمن همهم الأكبر، مثلما تتجاهل المتضررين من سنة لبنان أسوة بمتضرري الطوائف الأخرى. في كل الأحوال، ما يخدش هذا المنطق الطائفي المقيت أن سنة لبنان ليسوا هم من تسبب في نزوح السوريين، وليسوا هم من يشارك في الحرب لينتظروا منها دعماً “ديمغرافياً” على المدى البعيد، وبالتأكيد ليسوا هم أو غيرهم من عامة اللبنانيين أو السوريين مَن يتمنى استتباب الأمر للنظام السوري وبقاء النازحين خارج بلدهم.

ليس مهماً ما إذا كان القرار أتى بتنسيق مع النظام السوري فذلك لا يزيده سوءاً، والمهم أكثر أنه يخضع لمرجعية واحدة تستخدم لبنان لمحاربة السوريين، وتستغل سيادة شكلية لهذا الغرض. إن كل ما قيل سابقاً عن وحدة الشعبين استُخدم لتعزيز نظام الوصاية الذي انكشف على حقيقته مع ثورتي الاستقلال في البلدين، وخلال عقد من الزمن تبين أن القوى المحلية ليست سوى لاعب صغير لصالح نظام الوصاية الذي يحكم من طهران. هذه المرجعية هي التي تريد اليوم التفريق بين ما روّجت له بصفته “شعباً واحداً في بلدين” من قبل، لأنها لا تريد انكشافها كقوة احتلال واحدة في البلدين. لذا التقارب ممنوع بين الشعبين، وجرى العمل منذ اندلاع الثورة السورية على ضخ الاحتقان في ما بينهما، ولا ننسى أن هذا ما فعله النظام السوري أيضاً عندما اضطر إلى سحب قواته من لبنان. ليست مصادفة أبداً أن تُفتح الحدود على مصراعيها عندما يكون نظام الوصاية مرتاحاً، وأن تُغلق عندما يتعرض للخطر. من هنا، الردح المتبادل بين السوريين واللبنانيين لا يفعل شيئاً سوى خدمة المخطط ذاته، وأصحابه من حيث يدرون أو لا يدرون يغفلون عن المصالح المشتركة بين سكان شطري جمهورية الموز.

المدن

 

 

السوريون السود واستيقاظ العنصريات النائمة/ بكر صدقي

(إلى الراحل غسان تويني)

لا بد أولاً من التنويه الإيجابي بردود الفعل الصاخبة التي صدرت من كثير من المثقفين اللبنانيين على المادة العنصرية التي نشرتها جريدة «النهار» اللبنانية عن «السوريين الذين ازدحم بهم شارع الحمرا» فبات هذا، في رأي كاتبها المدعو حسين حزوري، يستحق اسم «شارع السودا».

ربما جاء نشر «النهار» للتحقيق المذكور، بصورة متزامنة مع قرار الحكومة اللبنانية بفرض الفيزا على اللاجئين السوريين الهاربين من جحيم حرب نظام الأسد الكيماوي عليهم، نوعاً من إضفاء غطاء «قيمي» على الإجراء الجديد. والقيمية المقصودة هنا هي المنظومة «الأخلاقية» للرجل الأبيض المتفوق جينياً على الملونين، وبخاصة العرق الأسود. فـ»تحقيق» النهار يدغدغ نوستالجيا بيروتية مزعومة عن مدينة «بيضاء» تشرب القهوة على أغنيات فيروز، بعيداً عن «السواد» كلون بشرة، كما كمرادف لـ(العامَّة) المغفلة من الملامح الشخصية والروح الفردية.

غير أن التحقيق المزعوم لم يأت، في ذلك، بجديد سوى بوقاحته الفظة. فلم ننس بعد أعراض العنصرية اللبنانية التي أعلنت عن نفسها بصخب أيام «انتفاضة الاستقلال» وقد حققت إنجاز طرد جيش النظام الكيماوي من لبنان، مع «أعراض جانبية» أدت إلى قتل عدد من العمال السوريين والتنكيل بأعداد أخرى. شاع وقتها لدى جيل شاب من اللبنانيين ممن تربوا في ظل الاحتلال الأسدي الكيماوي، تعبير «بائع الكعك السوري».

وها هو شاب آخر من الجيل نفسه وقد تحول إلى صحافي وحمل اسم حسين حزوري، ينتقل من تعيير السوري ببيع الكعك إلى تعييره بلون بشرته المفترض. وهذا ليس بالقليل، أعني الانتقال من شرط اجتماعي – اقتصادي، أو ربما ثقافي في أسوأ الأحوال، إلى شرط جيني طبيعي لا يد للمرء في اختياره، فضلاً عن جهلنا لمدى مطابقته لموضوعه: هل السوريون سود واللبنانيون بيض حقاً؟ أم أن الأمر يتعلق بمجاز لغوي للتعبير عن تراتبية عنصرية إيديولوجية أكثر منها واقعية؟ نميل، في محاولة للإجابة، إلى الاحتمال الأخير، ليس فقط بسبب الحقائق «الجينية» العنيدة، بل لأن العنصرية التي نحن بصددها تتجاوز لبنان إلى الداخل السوري نفسه وإلى النظام الدولي.

ففي سوريا، يمكن القول إن الطبقة الحاكمة – المالكة غير المبرأة من اللون الطائفي، طورت نوعاً من التمييز العنصري على مدى العقود السابقة، وبخاصة بعد توريث الحكم من حافظ الأسد إلى ابنه الثاني بعد مصرع «الوريث الشرعي» باسل في حادث سير طائش. لم يكتف الوريث بشار الذي أورثه جبروت الأب الطاغية لثغة دالة في النطق، إلى جانب علل أخرى كثيرة، باحتقار «العامة» (السواد) من خلال ما أسماه السوريون بـ»الرمرمة» (نسبةً إلى ابن الخال رامي مخلوف) أو ما أطلق عليه الإعلام الغربي «الموالي» بـ»اللبرلة» على الطريقة السورية؛ بل إنه تجاوز أباه في التزام الأخير بالتقية الطائفية، فسمح بصعود «العلوية الثقافية» باعتبارها ثقافة العرق الأبيض السيد في سوريا.

دفعاً لكل التباس واتهام: ليس كل العلويين طبقة حاكمة – مالكة، بل أكثريتهم العددية من الفقراء والمعدمين. ويشكل ذوو المنبت السني، بالمقابل، قسماً كبيراً من الطبقة ذات الامتيازات. لكن العبرة، في تحديد طائفية النظام، ليست هنا، بل في أن «السني الجيد هو السني الموالي» (قبل الثورة) ليتحول الأمر بعد اندلاع الثورة إلى «السني الجيد هو السني الميت أو المهجر خارج البلد».

الاقتباس التالي من تحقيق للصحافي الأمريكي روبرت وورث الذي قام بجولة في المناطق الموالية في العام 2012: «تحدثت عن الانتفاضة امرأة علوية شابة في اللاذقية، كانت قد قضت وقتاً في الولايات المتحدة، بمصطلحات عنصرية بارزة: «بدأت الاحتجاجات بشكل جيد، ولكن بعد فترة أصبح الناس المشاركون من غير المتعلمين. هم يشبهون مثيري الشغب عندكم في ديترويت عام 1967. أناس فاشلون وليسوا صالحين، يشبهون السود في الولايات المتحدة. هؤلاء البرابرة الذين نتحدث عنهم هم فقراء الريف والضواحي وغالبيتهم العظمى من السنّة وهم العمود الفقري للمعارضة، ومن المحتمل أنهم يشكلون نصف عدد سكان سوريا».

غير أن «رجل الدين المسيحي المحترم» المدعو جبرائيل داوود الذي يتحدث عنه تحقيق روبرت وورث نفسه، يبدو «أكثر علوية» في كلامه من المرأة العلوية نفسها. لنستمع إليه:

«الأقليات تعبير مزيّف. يجب أن نهتم بنوعية البشر وليس بكميتهم. تعبير الأقليات يعطيك فكرة أنها صغيرة وضعيفة، ولكننا نحن السكان الأصليون لهذا البلد». ابتسم الأب داوود بتكلف عندما تحدث عن المحتجين ومطالبهم بالحرية، وقال: «إنهم لا يريدون الحريات بل يريدون الحوريات: العذراوات ذوات العيون السوداء اللواتي وُعد بهنّ مفجرو القنابل الانتحاريون في الحياة الآخرة». تحدث داوود بمرارة عن خطف مطرانين مسيحيين لم يعرف مصيرهما بعد، ثم قال: «المتمردون قد يكونون سوريي الجنسية ولكن عقليتهم ليست سورية. نحن فخورون بعلمانيتنا. لا نستطيع العيش مع هؤلاء البرابرة».

هذه هي فلسفة الأبارتهيد التي تطورت في «سوريا الأسد» بالتدريج منذ انتصار النظام على المجتمع السوري في حرب 1980-1982، وتخلت عن كل تحفظ (تقية) بعد توريث الحكم في العام 2000، يعبر عنها رجل الدين المسيحي الذي لم يشعر بحاجة إلى إخفاء اسمه، و«المرأة العلوية» التي عاشت في الولايات المتحدة، كما يعبر عنها «السني الجيد» فيصل المقداد أو المفتي بدر الدين حسون – إمام العلمانية والخلايا الانتحارية النائمة في أوروبا معاً ـ في كل مناسبة. فلسفةٌ تحتقر «سواد» السوريين حتى لو كان بعضهم برصاً.

أما على مستوى العالم، فأربع سنوات من المجزرة المستمرة بحق السوريين، بما في ذلك مجزرة الكيماوي في غوطة دمشق، كانت كافية لمعرفة ما يفكر فيه العرق الأبيض العالمي عن الدم السوري الرخيص بالمقارنة مع أي دم آخر. حتى الكردي المستباح منذ قرن، بات يجد من يناصره ويمده بأسباب الدفاع عن النفس. حتى الفلسطيني الغارق في «سواده» أمام الإسرائيلي «الأبيض» (حتى لو كان هذا من يهود الحبشة) وجد دولاً تعترف بكيانه الوطني، وإن بتأخير كبير. مقابل إعادة فتح سفارة العرق الأبيض السوري في الكويت.

٭ كاتب سوري

القدس العربي

 

 

 

“تنظيم” دخول السوريين إلى لبنان: ارتجال وطبقيّة/ ثائر غندور

في المنطق يكون علاج السبب أهم من علاج النتائج. في لبنان منطق السلطة السياسيّة والأمنيّة عكس ذلك. فلنعالج النتائج، ولنطمر رأسنا في الرمال أكثر وأكثر. ففي ظلّ غياب خطة جدية لملف اللاجئين السوريين ترتكز على بناء المخيمات، ستبقى حالة الارتجال سائدةً بما ينتج منها من أضرار على المدى البعيد.

“لا يُمكن لأي نازح الدخول إلى لبنان من سورية”، هكذا قال الموظف الرسمي في الأمن العام اللبناني، عندما ردّ على سؤال “العربي الجديد”، حول دخول النازحين. إذاً، هو إقفال غير رسمي للحدود في وجه اللاجئين السوريين، بعكس ما تحاول السلطات اللبنانيّة الإيحاء دوماً بأنه مجرد عمليّة تنظيم لدخول اللاجئين والمواطنين السوريين. وآخر إجراء ما أصدره الأمن العام اللبناني لجهة دخول السوريين إلى لبنان.

فجّر القرار اللبناني العديد من ردات الفعل، مؤيدة ومعارضة. النظرة الدقيقة لهذا القرار وما أحاط به تشير إلى أنه أشبه بردة فعل لبنانيّة، تحمل في طياتها مزيداً من تطبيق السياسات المؤيّدة ضمناً للنظام السوري، الذي كان سفيره في بيروت علي عبد الكريم علي أول المؤيّدين لهذا القرار. في الواقع، توجد الكثير من الوقائع التي يجب ذكرها لفهم هذا القرار بشكلٍ أدق وأعمق.

1 ــ فشلت السلطات اللبنانيّة حتى اليوم في إقرار سياسة رسميّة جديّة للتعاطي مع ملف اللاجئين السوريين. ولا تزال الوزارات المعنية تقوم بعمليّة “استجداء” رسميّة للمساعدات من دون أن تكون مستندة إلى أي خطة واضحة، وباعتراف المعنيين في الحكومة من وزيري الشؤون الاجتماعيّة السابق والحالي، وائل أبو فاعور ورشيد درباس، فإن الخيار الأفضل هو بناء مخيمات لجوء، يعيش فيها اللاجئون. وبحسب عدد من المتابعين لملف اللجوء من الموظفين الرسميين اللبنانيين، فإن أهميّة هذه المخيمات تكمن في كونها تجعل الفرز بين السوريين اللاجئين وغير اللاجئين أكثر من سهل. فكلّ من يُريد أن يُقيم خارج المخيمات، لا تنطبق عليه شروط اللاجئين، وبالتالي عليه الالتزام بما ينص عليه القانون، للحصول على إقامة شرعيّة.

كما أن هذه المخيمات، تضبط عمليّة توزيع المساعدات الدوليّة والمحليّة. فالجميع يشتكي من أن هناك من ينال مساعدات وهو لا يستحقها. وتُوفّر المخيمات، إمكانيّة تأمين تغطيّة صحيّة جيدة وبكلفة أقل، عبر عيادات تموّلها المساعدات الدوليّة. ويُمكن بحسب هؤلاء، توفير الكهرباء للمخيمات عبر مولدات كهرباء كبيرة، وبالتالي لا يشكّل هؤلاء ضغطاً إضافياً على شبكة الكهرباء اللبنانيّة التي تُعاني بالأصل من مشاكل في التوزيع وقلة في الإنتاج. ويُضاف إلى ذلك توفير التعليم للأطفال في المخيمات، وغيرها من الحاجات الأساسيّة وبكلفة أقلّ من التي تُدفع حالياً.

لا تنحصر أهميّة المخيمات في حُسن إدارة المساعدات للاجئين السوريين وتخفيف الضغط عن البنى التحتيّة في لبنان التي تُعاني أساساً من مشكلة حقيقيّة، بل إن المخيمات تُساهم في ضبط الوضع الأمني بشكلٍ أكبر، وهو ما يؤكّده ضباط رفيعو المستوى في قوى الأمن الداخلي اللبناني لـ”العربي الجديد”. ويقول هؤلاء إن المخيمات، كانت لتُحصّن عملهم بشكلٍ كبير.

لكن هناك قراراً سياسياً واضحاً في لبنان، بعدم بناء مخيمات اللجوء. وتؤكّد مصادر وزاريّة لبنانيّة، أن موقف “التيار الوطني الحرّ” (يرأسه النائب ميشال عون) الرافض لبناء المخيمات، لا يشكّل السبب الرئيسي لعدم بناء هذه المخيمات. “فالموقف العوني هو غطاء لموقف حزب الله الرافض لهذه المخيمات”، يقول مسؤول في أحد الأحزاب اللبنانية المشاركة في الحكومة.

بينما يُشير أحد الموظفين الكبار إلى أن أحد أهم أسباب رفض “حزب الله” للمخيمات، هو رفضه لوجود تكتلات كبيرة للاجئين السوريين. فبحسب دراسة لوزارة الداخليّة اللبنانيّة، فإن أكبر تجمّع للاجئين السوريين يضم خمسة آلاف لاجئ لا أكثر. ولا تُستثنى التجمعات الموجودة في بلدة عرسال وجردها من هذا الوضع، مع فارق أن التجمعات الموجودة في عرسال قريبة من بعضها البعض. إذاً هناك رفض أمني-مذهبي لبناء مخيمات للاجئين السوريين، كما تؤكّد مصادر لبنانيّة مختلفة. ففي الأردن وتركيا، تتخذ سلطات البلدين إجراءات متعلقة بدخول السوريين، لكنها أوجدت المخيمات التي يُمكن للاجئين الالتجاء إليها.

2 ــ يُمارس الأمن العام اللبناني تدقيقاً حاداً بأوراق السوريين الذين يسعون لمغادرة لبنان. وتقول مصادر في الأمن العام إن نحو 15 مواطناً سورياً يُمنعون من السفر يومياً من مطار بيروت بحجة أن هناك أخطاء في جوازات سفرهم. وتُضيف هذه المصادر أن الأخطاء تتعلّق غالباً بعمليّة تجديد جوازات السفر.

كما أن الكثير من السوريين يُمنعون من السفر في حال كانوا قد خالفوا شروط نظام الإقامة. ويقول مسؤول في أحد الأحزاب المعارضة للنظام السوري، والذي يُتابع قضايا كهذه، إنهم توسطوا مراراً لدى الأمن العام للسماح لهؤلاء بمغادرة لبنان، مع إبلاغ بعدم أحقية دخولهم مجدداً، لكن الأمن العام رفض، وبقي هؤلاء في لبنان (مخالفين شروط الإقامة) أو غادروه خلسةً.

3 ــ يمتنع وزير العمل اللبناني سجعان قزي عن توقيع إجازات العمل الخاصة بالعاملين السوريين. وقد اشتكت الكثير من المؤسسات من هذا الإجراء، لكن قزي مصرّ عليه على الرغم من أنه لا يوجد أي قرار بمنع إجازات العمل عن العمال السوريين. وكما هو معلوم يؤدي هذا الأمر إلى خسارة الخزينة اللبنانيّة بدلات الإجازة والضريبة التي سيدفعها العامل. كما يُجبر السوريين على عبور الحدود ذهاباً وإياباً مرة كلّ ستة أشهر لتجديد إقامتهم.

4 ــ ماذا لو انفجرت معركة دمشق، مع اقتراب قوات المعارضة السورية من دمشق؟ هل سيقفل الأمن العام الحدود بوجه الهاربين من الموت؟

5 ــ أتى قرار الأمن العام ليلة رأس السنة، وذلك في خطوة يُمكن تفسيرها بأنها هدفت للحصول على أدنى حدّ ممكن من الاهتمام. كما جاء هذا القرار بعد أيام على انطلاق الحوار بين “حزب الله” وتيار “المستقبل”. وبحسب ما يؤكّد وزير في تيار “المستقبل”، فإن القرار اتُخذ بالتنسيق مع وزير الداخلية نهاد المشنوق (يمثل تيار المستقبل). وبذلك، نكون أمام أولى نتائج هذا الحوار، وهي التخلي الكامل عن اللاجئين السوريين في لبنان، وتركهم لمصيرهم. وقد سبق أن نتج من حوار المشنوق مع مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا، تسليم بلدة الطفيل اللبنانية (عند الحدود مع سورية) إلى الجيش السوري و”حزب الله” بغطاء من المشنوق في يونيو/حزيران من العام الماضي.

وبتخلي تيّار “المستقبل” عن اللاجئين السوريين بهذا الشكل، يُترك هؤلاء من دون أي غطاء لبناني. ويشار إلى أن أول من دافع عن قرار الأمن العام هم السفير السوري في لبنان، والمشنوق ودرباس (يمثل تيار المستقبل أيضاً).

وبعد تصرفات تيّار “المستقبل”، أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانيّة” سمير جعجع تأييده للقرار، وهو الذي كان مدافعاً عن اللاجئين السوريين. أما لسان حال النائب وليد جنبلاط فهو: “كيف أكون ملكياً أكثر من الملك”؛ بمعنى أنه لا يُمكن أن يُدافع عن السوريين (وهم سنّة) عندما يتخلى عنهم رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري.

هكذا، يُمكن فهم ماهيّة أن يفرض لبنان تأشيرة الدخول للسوريين، على الرغم من أن هذه التأشيرة لم تُفرَض من قبل بين البلدين. هي خطوة في سياق المزيد من التضييق على السوريين، وفي صالح النظام السوري. والأهم أنها ليست في صالح اللاجئين أو لبنان واقتصاده المنهك. والأهم أنها ليست في صالح الوضع الأمني في لبنان أبداً.

تفاصيل القرار اللبناني

يقول المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، لوكالة “رويترز”، إن هذا الإجراء ليس بمثابة تأشيرة دخول، علماً أن الأوراق المطلوبة من الأمن العام لا تُشير إلا لكونها تأشيرة، إذ إنها ذاتها التي يطلبها الأمن العام للحصول على تأشيرة للأجانب.

وبعد أن كان السوريون يحصلون على إقامة في لبنان لمدة ستة أشهر على الحدود من دون أي إجراءات إضافية، بات هؤلاء اليوم بحاجة إلى كفيل لبناني بحسب حالتهم. ففي حال كانت الزيارة شخصية، على لبناني كفالة “دخوله، إقامته، سكنه ونشاطه”، وذلك بموجب “تعهّد المسؤولية”.

وقد حدّد الأمن العام الإقامة لمن يرغب بالسفر عبر مطار بيروت أو أي من المرافئ، بـ24 و48 ساعة كحدٍ أقصى، مع ضرورة تقديم الأوراق التي تُثبت ذلك.

ولمزيد من التدقيق غير المفهوم، فإن السفر عبر الموانئ يشترط الآتي: “يُسمح بدخول السوريين المسافرين عبر أحد الموانئ اللبنانية بموجب تعهّد بالمسؤولية إجمالي يتقدّم به الوكيل البحري للباخرة الى مركز أمن عام المرفأ (مكان انطلاق الباخرة) قبل 48 ساعة من موعد انطلاق الباخرة، يتعهّد بموجبه بنقل المسافرين من الحدود الى المرفأ ويكون مسؤولاً عنهم طيلة فترة تواجدهم على الأراضي اللبنانية”.

أما القادمون للعلاج الطبي، فيحصلون على سمة دخول لـ72 ساعة “قابلة للتجديد مرة واحدة ومماثلة”. ما يعني أن على المريض السوري أن يُعالج خلال ستة أيام كحدّ أقصى لا أكثر. ولكن ماذا لو خضع المريض لعمليّة جراحية في القلب؟

وفي ما يخص زيارة العمل، فقد حصرها الأمن العام بالآتي: “ما يثبت صفته كرجل أعمال، مستثمر، نقابي، موظف في القطاع العام السوري، رجل دين… أو تعهّد إجمالي أو إفرادي بالمسؤولية من شركة كبيرة أو متوسطة أو مؤسسة عامة لحضور اجتماع عمل أو للمشاركة في مؤتمر”. لا وجود لعمال سوريين في لبنان في قاموس الأمن العام اللبناني!

وفي حالة السوريين الموجودين في لبنان بموجب إقامات، فعليهم الحصول على كفيل شخصي للبقاء في لبنان ودفع مبلغ مئتي دولار أميركي عن كل شخص مقابل إقامة لستة أشهر، أو عليهم المغادرة. وإذا لم يُغادروا يُصبحون مخالفين للقانون.

يختصر قرار الأمن العام واقع الحكومة اللبنانية: الكثير من الارتجال في الملف السوري يُضاف إليه تعميق الهوة بين الشعبين. قرار يكرّس التمييز الطبقي، مع تسهيل دخول الأغنياء السوريين إلى لبنان. أمّا آثاره السلبية فستظهر بعد حين كما ظهرت آثار توقيف الأجهزة الأمنية اللبنانية لضباط الجيش السوري الحرّ إذ انضم عناصرهم إلى تنظيم “الدولة الإسلاميّة” (داعش) في القلمون.

بيروت

العربي الجديد

 

 

 

 

سلبيات مخيمات النازحين.. وإيجابياتها/ داود رمال

يصح القول إن قضية النزوح السوري إلى لبنان هي أعقد وأخطر قضية يواجهها لبنان منذ العام 1948 تاريخ نشوء دولة إسرائيل وبعدها تهجير كتلة فلسطينية إلى لبنان ترزح في مخيمات اللجوء المؤقت منذ 66 عاماً.

وأبعد من بعض الخطابات العنصرية اللبنانية، فإن أي هارب من جحيم النار إذا وقعت في بلاده، سيبحث بطبيعة الحال عما يوفر له الأمان، سواء في بلده أو خارجه، وهذه هي حال معظم اللبنانيين على مر حروبهم الأهلية بمسمياتها كافة.

ولذلك، يسقط كل خطاب عنصري يحمّل اللاجئين مسؤولية بحثهم عن الأمان، “فالمسؤولية تقع أولاً وأخيراً علينا كلبنانيين، لأننا لم نضع استراتيجية موحدة للتعامل مع هذه القضية ولا يجوز تحميل غيرنا أوزار ما تقترفه أيدينا” يقول أحد وزراء “8 آذار” في الحكومة الحالية.

وإذا كانت السمة العامة لتعامل لبنان الرسمي مع قضية النزوح هي التردد منذ اربع سنوات، فإن الافتقاد إلى مرجعية رسمية لبنانية واضحة ومعها غياب الاستراتيجية اللبنانية الموحدة والافتقاد إلى تنسيق لبناني سوري مشترك، كل ذلك يرتد سلباً على إدارة هذا الملف السياسي ـ الإنساني ـ الاجتماعي ـ الأمني، برغم تشكيل خلية حكومية متخصصة بمتابعة ملف النزوح منذ ولادة حكومة تمام سلام، أخذت على عاتقها اتخاذ سلسلة إجراءات بوشر بتطبيقها على التوالي، ويبقى اختبارها الفعلي رهن الوقائع المتدحرجة في الاشهر المقبلة، خصوصاً في ظل التقديرات بازدياد النيران السورية اشتعالاً.

ووفق التقديرات الرسمية اللبنانية، فإن ملف إنشاء مخيمات للنازحين، قد أقفل نهائياً بسبب افتقاده للتوافق السياسي، فضلاً عن وصول تحذيرات دولية للحكومة اللبنانية بعدم سلوك هذا المسار.

ويعتقد خبراء لبنانيون “أنه بدلاً من إقامة مخيمات في لبنان، من الأجدى تشجيع المنظمات الدولية على إقامة مراكز إيواء بالقرب من المدن والقرى في داخل سوريا بحيث يمكن تسهيل العودة من لبنان للنازحين من تلك المدن والقرى ليكونوا قريبين منها للمشاركة في إعادة إعمارها”.

كما يقترح خبراء لبنانيون إطلاق «صندوق العودة» منذ الآن، على أن تتولى تمويله الدول المانحة، لإعطاء النازحين منحاً مالية تشجيعية تدفع مباشرة في سوريا للعائدين طوعاً بحيث يمكنهم الاستفادة منها في إعادة بناء وتأهيل وترميم منازلهم لتمكينهم من استعادة حياتهم الطبيعية في بلدهم.

وتدفع هذه المنح على أقساط شهرية تحدد قيمتها ومدتها وفق جدول زمني يتم التشاور بشأنه بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة، ويتم تنسيق خطوات تنفيذه مع الجهات السورية المختصة.

إيجابيات المخيمات

وقد أعدّت خلية ديبلوماسية في وزارة الخارجية تقريراً من 51 صفحة “فولسكاب” تضمن مقاربة شاملة لموضوع النازحين تميّز بعرض إيجابيات وسلبيات خيار إقامة المخيمات للنازحين السوريين، على الشكل الآتي:

أولاً، إيجابيات إنشاء مخيمات للنازحين السوريين:

(1)   تجميع النازحين السوريين في أماكن محددة خارج المناطق السكنية.

(2)   تفادي حصول استهداف للنازحين من أية جهة كانت والحؤول دون حصول توترات مع مواطني البلد المضيف.

(3)   تسهيل مراقبة تحرك النازحين وضمان عدم قيامهم بأعمال التسوّل أو العمل بصورة غير شرعية.

(4)   تسهيل وصول موظفي المنظمات الدولية إلى النازحين.

(5)   تأمين ظروف سكن أكثر ملاءمة لحوالي العشرين بالمئة من النازحين، وتسهيل إيصال الأغذية والاحتياجات الأساسية إليهم.

(6)   إقامة بنية تحتية توفر الماء والكهرباء والصرف الصحي وتأمين وسائل التدفئة للنازحين خاصة وأن هذه المخيمات سيقام قسم كبير منها في مناطق جبلية باردة.

(7)   تسهيل تأمين الحماية الاجتماعية للنساء والأطفال والرعاية الصحية والنفسية والتعليم ضمن بيئة المخيمات نفسها.

(8)   تخفيض التكاليف والأعباء المالية التي يتوجب على المنظمات الدولية السعي الدائم لتأمينها من المصادر الدولية.

(9)   تسهيل عملية إحصاء النازحين في المخيمات وتحديد هويتهم.

سلبيات إقامة المخيمات

ثانياً، سلبيات إنشاء مخيمات للنازحين السوريين:

(1)     يفرض على الحكومة اللبنانية تأمين مساحات شاسعة من الأراضي لإقامة هذه المخيمات وهو ليس بالأمر السهل كما يتصوره البعض. كما سيكون على الحكومة اللبنانية الحصول على موافقة سكان المناطق التي ستقام على أطرافها هذه المخيمات حتى ولو كانت هناك مسافة كيلومترات بينها وبين أقرب تجمع مدني لبناني.

(2)     لا توجد ضمانات بأن تستخدم هذه المخيمات للنازحين الموجودين حالياً في لبنان، بل يمكن أن تستخدم فور إنشائها، بحكم الضرورة، لإستضافة نازحين جدد. إن المنظمات الدولية تتوقع أن يدخل إلى لبنان خلال العام 2014 حوالي 550 ألف نازح سوري وفلسطيني جديد.

(3)     إن إقناع النازحين السوريين بالانتقال من أماكن سكنهم الحالية إلى مخيمات جديدة لن يكون سهلاً، وتوجد محاذير عديدة في الضغط عليهم لإجبارهم على ذلك.

(4)   توجد مخاوف جدية من أن يقاوم النازحون فكرة عزلهم بعيداً عن القرى والمدن بحيث يشعرون بأنهم مسجونون في المخيمات وسط اكتظاظ يفقدهم الإحساس بالخصوصية والأمان والاطمئنان. كما سيصعب ضبط الشباب من النازحين في داخل المخيمات ممن سيحاولون الخروج من قوقعة المكان إلى رحابة المدن والقرى لأسباب نفسية ولمحاولة العمل ولو بصورة غير شرعية.

(5)   إن تجميع أعداد كبيرة من النازحين في مخيمات سوف يؤدي مع مرور الوقت إلى حصول توترات بين المقيمين فيها، تحت عناوين مختلفة، وإلى ظهور بعض أصحاب النفوذ الذين سيحاولون فرض سيطرتهم وسطوتهم داخل المخيمات ويجعلون الحياة في داخلها مليئة بالضغوط والتهديدات وتزداد احتمالات حصول العنف يوماً بعد يوم.

(6)   إن احتمالات انفلات الأمن داخل المخيمات كبيرة جداً مع مرور الوقت، ولن يتعاون النازحون مع الجهات الأمنية اللبنانية، وستتحول مناطق داخل المخيمات إلى بؤر خارجة عن القانون.

(7)   إن إنشاء أي مخيم، وفي أي مكان يتم اختياره، سوف يؤدي إلى إنشاء تجمعات تجارية عشوائية صغيرة حوله ومواقف لنقل الركاب ويستدعي إقامة مستوصفات صحية للطوارئ ومدارس لتوفير خدمات التعليم، وشق طرقات للوصول إلى المخيم وبناء منشآت للصرف الصحي ونقل ومعالجة النفايات الصلبة، ويوجد احتمال كبير بأن تتطور هذه المخيمات، إذا طالت الأزمة في سوريا، إلى مستوطنات سكنية متكاملة الخدمات وتتحول إلى تجمعات بشرية ثابتة ودائمة بشكل يماثل حال المخيمات الفلسطينية في لبنان.

(8)   سوف يكون هناك حاجة لإقامة مخافر ثابتة لقوى الأمن الداخلي ومراكز للجيش اللبناني وحواجز تفتيش حول مخيمات النازحين السوريين مع ما يعنيه ذلك من احتكاكات مع الجهات الأمنية اللبنانية مع الأخذ بالاعتبار أن دائرة الأمن لن تقتصر على المحيط المباشر للمخيمات بل ستتعدى ذلك إلى كيلومترات عدة، ولن يكون بعيداً عن الواقع احتمال تشكيل مجموعات مسلحة داخل المخيمات تمثل خطراً على المخيمات نفسها وعلى المناطق المحيطة بها.

(9)   إن استمرارية تغطية تكاليف التقديمات والخدمات لمخيمات النازحين السوريين تمثل عبئاً مالياً كبيراً سيتزايد حجمه يوماً بعد يوم.

(10)   إن إنشاء المخيمات سوف يبعد المجتمع الدولي، الذي سيعتبر أنه قام بواجبه تجاه النازحين، عن الانشغال بإيجاد حل سياسي والسعي لعودة النازحين إلى ديارهم في أسرع وقت ممكن، ما يجعل لبنان الضحية الكبرى التي ستتحمل وزر وجود النازحين السوريين على أراضيه.

(11)   من المحتمل أن تشكل هذه المخيمات مصدر خلاف بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية كائناً مَن كان في السلطة في سوريا.

 

 

 

 

 

 

منع دخول السوريين إلى لبنان.. برضى دمشق؟/ فادي الداهوك

يوماً بعد يوم، تثبت الحكومة اللبنانية ضياعها في ما يتعلق بمسألة اللاجئين السوريين إلى لبنان. فعدد القرارات التي صدرت في هذا الخصوص تكاد تتخطى القرارات التي تخص البلد نفسه. وآخر تلك القرارات كان ما عنونته المديرية العامة للأمن العام “تنظيم دخول السّوريّين إلى لبنان والإقامة فيه”، لكن في نظرة على الشروط التي يجب توفرها ليحصل السوريون على الإقامة يبدو استخدام كلمة “تنظيم” في القرار الجديد مجرد تلاعب في الألفاظ. فالواقع أن القرار لا ينظم ولا يرتّب بقدر ما يمنع السوريين من دخول لبنان بشكل صريح ومثير للاستغراب، وذلك ضمن مجموعة من القوانين المتعارضة والمتناقضة، إذ يسمح الأمن العام ووزارة الشؤون الاجتماعية، في القرار الأخير، بحصول السوري على إقامة عمل مثلاً، وتمنعه عن هذا الحق وزارة العمل بقرار صدر مؤخراً.

لا جديد في القرار، فمنع السوريين من الدخول إلى لبنان كان سابقاً على هذا القرار بثلاثة أشهر على الأقل، لكن بصورة تحكمها المزاجية أكثر من كونه قراراً يُطلب من الضباط والعناصر على الحدود تنفيذه. وتلك الحالة كانت أكثر وضوحاً في الفترة التي تصاعدت فيها موجة قطع الطرق من قبل أهالي العسكريين المختطفين لدى تنظيم “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة”، وربما لا ارتباط فعليا بين الحادثتين، إلا أن طريقة الارتجال في اتخاذ القرارات التي تخص السوريين في لبنان، قد تقود إلى أن المنع غير المعلن آنذاك كان بسبب العجز عن مواجهة أهالي العسكريين المختطفين.

ذلك الارتجال كان لبنانياً خالصاً، ولاقى رداً سورياً على المستوى الرسمي، بمنع دخول شاحنات البضائع إلى سوريا لتحميل مواد غذائية إلى لبنان، كما أوقفت وزارة التجارة والاقتصاد السورية دخول الشاحنات التي تحمل محصولي البطاطا والموز من لبنان إلى سوريا، وهي عملية تجارية يبلغ حجمها ثلاثة آلاف طن من المحصولين. وحصل ذلك بعد شهرين من المعاناة التي سُجّلت على الجانب اللبناني من الحدود، وطالت أشخاصاً لهم مكانتهم بالنسبة للنظام، كالفنانين والتجار. وكان يمكن ملاحظة غياب أصناف من البضائع السورية التي كانت تباع في لبنان، لاسيما في المحال الصغيرة، وأبرزها منتجات “الدرة”، فسمح بعدها بدخول السوريين بشكل طبيعي، حتى أنه سمح لبعض الفلسطينيين السوريين بالدخول!

المقلق في القرار الجديد أنه يتلطّى برضىً سوري رسمي بصورة ما، إذ خلافاً للقرارات السابقة لم يصدر حتى الآن أي تعليق من دمشق على القرار الذي يعدّ سابقة في تاريخ البلدين، واتخاذه بين أي دولتين متجاورتين يتطلب وجود عوامل كثيرة، أولها توتر سياسي، مثل الذي حصل بين سوريا والدول الخليجية ففرض على الخليجيين الحصول على تأشيرة دخول إلى سوريا، وهو ما لا يتوفر في الحالة السورية -اللبنانية، الأمر الذي يعني أن الغطاء، المحكوم بمصالح النظام، قد رفع عن السوريين في لبنان الآن، وبات الموجودون منهم على الأراضي اللبنانية مشاريع رعايا مخالفين للقوانين الناظمة للإقامة والعمل في لبنان، علماً بأنهم كانوا يطبقون القوانين بحذافيرها، ولا دلالة على ذلك أكثر من اصطفافهم أرتالاً عند صدور قرار تسوية الأوضاع الأخير.

ما يفسر الرضى السوري عن القرار هو التصريحات التي انهالت على وسائل الإعلام من قبل وزراء الوزارات المعنية، مثل الشؤون الاجتماعية، إذ فنّد وزير الشؤون الاجتماعية، رشيد درباس، بنود القرار كلمة كلمة، وهو ما كان السوريون يفتقدونه عندما كانوا يسألون عن تفسيرات القرارات السابقة، حتى أن البعض منهم كان يقع في أخطاء تفسير موظفي الأمن العام أنفسهم لهذه القرارات.

يبقى أن الطرف الوحيد القادر على التدخل في مثل هذا النوع من القضايا، “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”، لكنها عاجزة أكثر من السوريين أنفسهم عن مواجهة هذه الكوابيس السمجة، حتى أن البعض يتهم المفوضية بعدم المحاولة حتى في البحث عن حلول لهذه المعضلات، وذلك نابع من تدخل سياسي مباشر في عمل المفوضية، وصل إلى درجة سريان معلومات بين السوريين في لبنان تقول إن نجل رئيس فرع الأمن السياسي في محافظة السويداء في سوريا، كان موظفاً لدى المفوضية في لبنان ونطاق نشاطه “الإغاثي” انحصر في مناطق البقاع، لكن تم تصحيح هذا الأمر ولفلفة الموضوع بسلام.

المدن

 

 

 

 

النهار” ما عادت واقعيّة… النزوح السوري أفقدها عقلها/ ليال حداد

لا تأتي صحيفة “النهار” بمواضيعها من العدم. هي جزء من هذا المجتمع. تقدّم للبنانيين ما يريدون أن يسمعوه، تنقل ما يقولونه في الهمس وجهاراً. تعطي ببراعة للأفكار العنصرية، أحرفاً وكلمات، وتحولها إلى عناوين. تفعل ذلك بطريقة واضحة… ومن دون الدوران حول الفكرة. تتفوّق على باقي الصحف في صراحتها.

تنشر صحيفة “النهار” عناوينها بكل تلقائية… وتروّج لها. ولعلها حتى الساعة لم تفهم حملة الاستنكار ضد المقال الذي نشرته بعنوان “الحمرا ما عادت لبنانية”. متصالحة “النهار” مع نفسها، مع الخطّ الذي ارتضته لنفسها، ومع الصورة التي تريدها.

تنشر مقالاً بعنوان “تكراراً، الأولاد السوريون قنبلة موقوتة”، تواجَه بحملة مستنكرة، لكنها تعيد الكرّة. هل قلنا إن صحيفة “النهار” متصالحة مع نفسها؟

في التحقيق الأخير الذي نشرته بعنوان : “الحمرا ما عادت لبنانية… التوسّع السوري غيّر هويّتها” تخبرنا الصحيفة أن: “الحمرا صارت اليوم (سودا)”. أتذكرون شانزيليزيه بيروت؟ أين أنتم منها اليوم؟ لم نعد نلمح منكم إلا القليل والقليل. أتذكرون قهوة الصباح على وقع أغاني فيروز؟ “. يتابع كاتب التحقيق بالأريحية نفسها: “أناس كثر من أصحاب البشرة السمراء يعرفها اللبناني باتقان أنها ذات هوية سورية، وهكذا دواليك…”. يستشهد كاتب التحقيق بأشخاص صادفهم في شارع الحمرا… وينهي ما كتبه بشهادة من شخص يقول إنه سوري يؤكد أن الحمرا لم تعد لبنانية بل سورية. يلجأ إلى المخرج الأسهل لرفع تهمة العنصرية عنه “السوريون أنفسهم يقولون ذلك”.

مجدداً، لا تأتي صحيفة “النهار” بمواضيعها من العدم. هي ابنة هذا النظام. ابنة هذا النظام الذي قرّر فرض فيزا على السوري الراغب في الدخول إلى لبنان. في تلك اللحظة التي يبدو فيها السوري، النازح ــ الفقير بشكل خاص، ضعيف ولا حول له ولا قوة، يقرّر الأمن العام، والحكومة، الإمعان في إذلاله وحصاره: فيزا لدخول السوري إلى لبنان.

يستكمل الإعلام اللبناني لعبة النظام. يقول ما يشاء، لا مواثيق شرف ولا من يحزنون. كل على طريقته: في السياسة، في المجتمع، في التغطية الإنسانية. وكلّ بدرجة معيّنة.

تتمنّى بعض الصحف ربما لو عندها جرأة “النهار” في مقاربة موضوع النزوح السوري. لكنّ الـ”إيماج” العروبية، تمنعها من ذلك.

المهمّ، هل قلنا لكم إن إدارة مطعم “تاء مربوطة” والتي نقل عن أحد مدرائها في التحقيق أنه “يبدي امتعاضه من هذا التوسع السوري، ويعتبر أن ذلك يؤثر سلباً على الإنتاج اللبناني واليد العاملة، وهو لا يعبر أبداً عن بيروت” نفت تماماً ذلك، مؤكدة ان أحداً لم يتصل بها أو يقابلها؟ “المقابلة لم تحصل”، يقول عبد الرحمن زعزع، أحد مدراء المطعم لـ”العربي الجديد”، ويؤكد: “نحن في تاريخنا وفي نوعية نشاطاتنا منذ عام 2006 حتى اليوم نؤمن بمدينة متنوعة وعلمانية، تضم الجميع: اللبناني، السوري، الفلسطيني…”. حبّذا لو أخبرتنا “النهار” أن التحقيق من خيال كاتبه؟

العربي الجديد

 

 

 

الحمرا ما عادت لبنانية… التوسّع السوري غيّر هويّتها

حسين حزوري

أتذكرون شارع الحمرا؟ ربما نسيه البعض، أو تناساه البعض الآخر. الحمرا صارت اليوم “سودا”. أتذكرون شانزيليزيه بيروت؟ أين أنتم منها اليوم؟ لم نعد نلمح منكم إلا القليل والقليل. أتذكرون قهوة الصباح على وقع أغاني فيروز؟ “وينن، وين صواتن، وين وجوهن، وينن”. أتذكرون زحمة المقاهي، المسارح وحفلات السهر، لقد بهتت اليوم، خفّ نجمها وتكاد تكون خالية! ماذا بعد؟ خفّ ظلّكم، زوّاراً كنتم أو عمّالاً، وأمست الحمرا في أيدي “الأشقاء” أو “الغرباء” سياحة، عمالة وتسولاً. أتذكرون وتذكرون… الحمرا اليوم تفتقد أهلها.

في الحمرا، سياح سوريون يتسيّحون، عمّال يسترزقون وأطفال يتسوّلون، وما بدأ يظهر أخيراً للعيان هو انتشار المطاعم بـ”آرمات” سورية، ويكون موظفوها، من أصغرهم الى أكبرهم، سوريين، ناهيك عن لوحات السيارات “الدمشقية”. ويبدو أن الحرب في سوريا لم تهجّر الناس فقط بل المشاريع والمؤسسات أيضاً… ماذا تريد بعد لتشعر بأنك في سوريا؟

تأثير سلبي

الديموغرافيا تغيّرت في الحمرا، طغى السوريون على المشهد، فيما يظهر اللبنانيون خارج الإطار. وتلمس من اللبنانيين، خلال الجولة التي تقوم بها في هذا الشارع العريق، أنهم مرتاحون للمطاعم السورية، وهذا من شأنه أن ينعش الاقتصاد، فيما يجمع معظمهم على أن شارع الحمرا ما عاد لبنانياً، وهذا يترك تأثيره سلباً في هوية المنطقة وعلى الوضعين الاجتماعي والسياحي في لبنان.

يقول عصام سكاف (موظف مطعم – 22 عاماً) إن “السوريين احتلوا البلد، وهو ما يدفع الكثير من اللبنانيين الى تجنب هذه المنطقة، نظراً لعمليات التسوّل والمشاهد غير الراقية في هذه البقعة من بيروت”. بينما يبدو السوري باسل نويلاتي (طالب جامعة – 21 عاماً) سعيداً بما تراه عيناه في الحمرا، يرى أن الوجود السوري الكبير في الشارع يريحه ويعوّض عليه لوقت معيّن مآسي الحرب والتهجير، يتمنى أن يعود الأمان الى بلده من أجل العودة الى الديار وتخفيف العبء عن كاهل اللبنانيين.

في الحمرا أيضاً، “مطعم الفاروق” الشهير في حي المالكي في دمشق، فتح فرعاً له في بيروت، وهناك غيره الكثير من المطاعم السورية التي أخذت تتوسّع شيئاً فشيئاً. يُقال إن مدير المطعم كان ينوي فتح فرع له في بيروت منذ أكثر من خمسة اعوام، وهو قدم اليوم الى بيروت مصطحباً معه 20 موظفاً من سوريا.

هذا الامر، لم يرق ابدا لمدير مطعم “مربوطة” احمد الحفار، وهو يبدي امتعاضه من هذا التوسع السوري، يعتبر أن ذلك يؤثر سلباً على الانتاج اللبناني واليد العاملة، وهو لا يعبر ابدا عن بيروت.

المطاعم السورية التي اخذت تتوسع في الحمرا، تشير بقوة الى أنك في سوريا، فاللهجة الشامية في كل مكان. كذلك، فان عشرات السيارات تحمل اللوائح الدمشقية تراها مصفوفة امام المطاعم والفنادق. اناس كثر من اصحاب البشرة السمراء يعرفها اللبناني باتقان انها ذات هوية سورية، وهكذا دواليك…

نظرة الدولة

ما يجري في الحمرا يستدعي احتواء للوضع من الدولة، وان كان للتوسع السوري ايجابياته، فله أيضا سلبياته.

السوريون باتوا في كل زاوية من زوايا الحمرا، كيفما ادرت وجهك تراهم، أكانوا اغنياء ام فقراء، واللبنانيون يغيبون عن المشهد، فيما الساحة خالية للاجئين السوريين الذين فاض عددهم في لبنان، وبدأت الدولة تفكر جدياً في الحؤول دون تزايد اعدادهم واعادة بعضهم الى بلادهم.

يبدو وزير العمل سجعان قزي حازما حيال ما يحدث في الحمرا، يقول لـ”النهار” انه ممنوع منافسة اليد العاملة اللبنانية في البلاد. ويأسف ازاء التوسع السوري في الحمرا، خصوصا في المناطق التي تشهد نموا سياحياً كالحمرا.

يقول قزي: “سنرى ما الضرر الذي قد ينجم عن توسع المطاعم السورية في الحمرا، وان كان لذلك خطر على الحياة الاجتماعية للبنانيين، فسيتم قفلها”.

من جانبه، رأى وزير السياحة ميشال فرعون لـ”النهار” ان لبنان بات يتحمل اليوم اكثر من طاقاته، ولم يعد قارداً على استيعاب المزيد من اللاجئين السوريين، معتبرا ان هذا الملف يقع على عاتق المجتمع الدولي. وعن توسع المطاعم السورية في الحمرا، قال فرعون ان ليس لديه معلومات حول الموضوع، ولكن ان تبين ان هذه المطاعم لا تشكل ضرراً اجتماعيا على اللبنانيين فالدولة لن تدينها.

هل هناك سياحة سورية في لبنان؟ يجيب فرعون انها، ان وجدت، فهي قليلة جداً مقارنة باعداد اللاجئين، معتبرا ان هناك انعكاسا سلبيا للوجود السوري في لبنان، وان كان هناك بعض الاستثناءات. وخلص الى ان وزارة السياحة تشجع القطاع السياحي، ولكن ليس على حساب اللبنانيين، متناولا بعض اللاجئين السوريين المرفهين الذين يقدمون اداء مرتفعا في خدمة لبنان، وقد لا يصنفون في خانة اللجوء.

وقبل ان ننهي جولتنا في الحمرا، استوقفنا احد السوريين، اسمه نور (موظف – 25 عاما)، يقول ان “السوريين كل ما يتمنونه هو السلام، وليعم السلام لنعود الى بلادنا ونترك لبنان لأهله، لان هذا البلد تحمّلنا بما فيه الكفاية”. يختم نور ممازحاً: “الحمرا ما عادت لبنانية، الحمرا اصبحت شارعاً سوريا في لبنان”.

 

 

 

توضيح من إدارة “النهار

بعد الاطلاع على عدد من التعليقات السلبية الصادرة عن بعض القراء والمتصفّحين الكرام، والمتعلّقة بالمقال المنشور اليوم في عدد صحيفة “النهار”، تحت عنوان: “الحمرا لم تعد لبنانية…”، والتي تنسُب الى الصحيفة تعمّدها “الاساءة الشخصية والانسانية الى السوريين في لبنان”، يهم إدارة “النهار” أن توضح أن هذا الأمر لا يمكن أن يعبّر عن قيم “النهار”، ولا يعكُس خطها التحريري العام، بأي شكل من الأشكال.

إن الزميل الذي كتبَ المقال قام بنقل مشاهداته الخاصة، وتصريحات من التقاهم في شارع الحمرا، وإن ضمّنها بعضاً من انطباعاته الشخصية، التي لا تعكُس بالضرورة الخط التحريري العام للصحيفة.

في كل الأحوال، إن أزمة النازحين واللاجئين السوريين هي أزمة إنسانية شديدة ومؤلمة، ناتجة عن الأوضاع المتفاقمة في بلادهم، وهي أكبر وأعمق وأخطر من حصرها في طابع معيّن، داخل شارع معيّن من شوارع بيروت. وباعتراف الجميع، فإنها أزمة انسانية تطال الملايين، جلّهم من الأبرياء والمدنيين العزَّل، في ظروف قاهرة واستثنائية، وتحمل انعكاسات سياسية واقتصادية واجتماعية ومعيشية وغيرها، على كافة دول الجوار، خصوصاً البلدان المحيطة بسوريا، ولبنان من ضمنها.

ولا يسعنا في هذا الإطار إلاّ أن نتمنّى مخلصين أن تنتهي محنة النازحين واللاجئين السوريين، في لبنان وخارجه، كي يتمكّنوا من العودة السريعة والكريمة إلى ديارهم وأهلهم، معزّزين مكرّمين، سالمين وآمنين.

النهار

 

 

اللاجئون السوريون والموت بردا… أين المساعدات؟

مشاهد تمزق القلب اربا. اطفال يرتجفون من البرد واالجوع، وعائلات محاصرة بالثلوج، فيما يواجهون خطر الموت تجمدا داخل خيام تفتقر الى كل شيء. هكذا تتفاقم معاناة ملايين اللاجئين السوريين في دول الجوار، وكأنهم لم يعانوا بما يكفي في الماضي، او كأن الشتاء جاء فجأة، او كأن مئات الملايين من الدولارات التي انهمرت على بعض تنظيمات المعارضة السورية والحكومات المضيفة لهم لم تكن كافية لشراء «كارافانات» مجهزة بالامكانيات الاساسية لايوائهم والحفاظ على حياتهم.

وتعاني مخيمات النزوح في الداخل السوري ايضا من ظروف صعبة للغاية، وانعدام الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية، وجاء فصل الشتاء بقسوته ليزيد من مأساوية الوضع فيها، في ظل غياب شبه تام للمنظمات الإغاثية، حيث تتعرض بلاد الشام (سوريا ولبنان وفلسطين والأردن) لمنخفض قطبي عميق، يستمر حسب خبراء الرصد المناخي حتى غدا الاحد على الاقل.وفي مؤتمر صحافي عقده لرئيس الحكومة التابعة للمعارضة السورية، ورئيسة وحدة تنسيق الدعم «سهير الأتاسي» في إسطنبول امس الاول الخميس، قال طعمة أنه «يناشد الأشقاء العرب والمجتمع الدولي وكل ذي ضمير؛ لإغاثة السوريين في محنتهم؛ التي حصدت أرواح اكثر من 10مواطنين في الداخل، وبعضهم في مخيمات الجوار بسبب الظروف القاسية».واعتبر أن «الاستجابة محدودة بسبب المأساة الكبيرة، ففي بداية تشكيل الحكومة المؤقتة؛ كانت التوقعات تشير إلى أن الحاجة إلى 200 مليون دولار شهريا؛ لكن حاليا الاحتياجات كبيرة(..)». اما السيدة الأتاسي فقالت انه تم «تخصيص مساعدات بقيمة 700 ألف للتدخل النقدي العاجل في المخيمات، وتزويدها بالوقود والخيم، وسيبلغ مجموع العائلات المستفيد منها 30 ألف عائلة(..)». ولم تكشف «حكومة» الائتلاف المعارض عن حجم المساعدات التي تلقتها فعلا وسبل انفاقها، ما يجعل مشروعا بل وحتميا التساؤل بشأن مصير الاموال الضخمة التي كان يفترض ان تجنب اللاجئين هذه المعاناة.

وليس سرا ان تنظيمات المعارضة فشلت في توفير آلية شفافة للمحاسبة بشأن انفاق المساعدات، ما أدى الى ملاسنات واتهامات علنية متبادلة بينها بالفساد والتربح من اطالة أمد معاناة الشعب السوري.

وأصبح البرنامج العالمي للتغذية عاجزا منذ مطلع كانون أول- ديسمبر الماضي عن توفير كوبونات صرف السلع الغذائية للاجئين بسبب نقص التمويل المالي، وذلك بسبب عدم وفاء الجهات الدولية المانحة بالتبرعات التي تعهد بها قبل أن يوجه البرنامج العالمي للتغذية نداء استغاثة تلقى على إثره نحو 65 مليون يورو.

ويبين تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مدى مأساوية وضع هؤلاء اللاجئين. اذ لم تكن سوريا قبل عامين ضمن أول 30 دولة في العالم يفر منها سكانها هربا من العنف والفقر ولكنها أصبحت الآن تحتل المركز الأول في هذه القائمة حيث سجلت المفوضية أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري في بلدان أخرى منذ ربيع عام 2011.

وبينما لا تبدو في الأفق نهاية لمعاناة اللاجئين السوريين، يتوجب ان تكون هذه العاصفة الثلجية التي تضرب مخيماتهم مناسبة للتوقف والتفكير مليا في مصيرهم.

فالى متى سيظل الاطفال ملاحقين من الموت اما قصفا او بردا او جوعا؟ والى متى يظلون محرومين من طفولتهم بل ومن حياتهم نفسها؟ والى متى يظل ملايين السوريين محاصرين بين ديكتاتورية النظام ودمويته، وفساد المعارضة وتشتتها، وتجاهل المجتمع الدولي وعجزه عن انهاء مأساتهم؟

لقد حان الوقت لمواجهة «لحظة الحقيقة» وكسر الحلقة الجهنمية لهذه الأزمة السورية التي تستعد لدخول عامها الرابع. وبدلا من الاستسلام الى المكابرة السياسية، واستمرار الاعتماد على من فقدوا مصداقيتهم امام اغلب المانحين الدوليين، فيما يسجل الضحايا ارقاما قياسية، ينبغي على المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤوليته الانسانية على اقل تقدير، عبر فرض وقف فوري لاطلاق النار على كافة الاطراف، وتقديم مساعدات انسانية عاجلة لكافة اللاجئين والنازحين بغض النظر عن مواقفهم في النزاع، ومن ثم اطلاق عملية تفاوضية كسبيل وحيد لانهاء الازمة سياسيا. اما الخيار الاخر فمزيد من الموت والمعاناة في انتظار شتاء دافئ قد لا يأتي قريبا.

القدس العربي

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى