صفحات سوريةفلورنس غزلان

خاطرة الوصايا الستة!


فلورنس غزلان

أهيم على وجهي متشظية المفاصل والروح…بين كلمات تلاحقني …ولا أقتنع بجدواها..وبين صور تفرض نفسها على نومي ويقظتي…تخترق حشايا فراشي ومخدتي..بين لسعات سياطٍ أحسُ بها تنغرس في لحمي..وبين جحافل موتٍ ترمي بحممها فوق رؤوس من أحب …لا أستطيع أن آويهم أو أوفر لهم حماية ما..معنوية أو مادية..أتارجح بين التعقل والجنون..بين فردوس قضيت عمري أنتظر دخوله من أبوابه السبعة*…..التي تنتظر حجاجها الزائرين، وبين جحيم يحرق كل جنان الأرض المقدسة ..المنكوبة بحكام الطيش والخرق والتوحش…

أعود لأرض رخوة..يمتد جحيمها هناك وتستعر أخبارها هنا، وفي كل بقعة من الكون المصاب بحمى الإهمال وقبح الضمير واستعذاب التعذيب لأقوام ٍغريبة على جنسهم ــ مع كل مايدعونه من انتماء لإنسانية فارقوها مذ تغلبت عليهم مصالح العشق لأوراق البنكنوت في البنوك والصناديق الدولية….تقرض بفحش وتتصيد بشباك سوس ينخر مراكب المشرق ويدمر بيوتاً سيبنونها بعقود تُخضعها لعقود قادمة واستعباد من نوع مختلف ــ….تتسمر قدماي وتأبى التنقل..وماذا بعد؟!.. ..ماذا بعد ينتظرني وينتظرهم ..ينتظر وطناً يعيش الضياع وتنهش أشلاءه ضباع جائعة الأشداق متعطشة لدماء بشرية حصراً؟!..

اخترعوا له…لنا .. وصايا ستة..سجلوها وختموا عليها بأختام سلاطين الكون..تختلف بمفاصلها عن وصايا الرب العشرة..تقوم كيفما أرادت لها الأمم القوية صاحبة القرار الإلهي في الكون أن تقوم..أو أن تظل طريحة فراش الإنعاش كمشروع ميت غير قابل للحياة في أرض البور السياسية، رسموها مومياء بستة أذرع…لها عشرات العيون المصابة بالكلل البصري، لاتستطيع الرؤيا دون عدسات وجدان معلق الرموش بمرافقات من أجهزة الطاغوت يذر أمامها رماد الموت فيغرقها بالليل.. وماتلبث أن تنكفيء وتعود لكهوف أمانها…أو تتأبط كتبها وتغلق مكاتبها إلى أن تَصدر أحكاماً إلهية جديدة تمنح المجرم مزيداً من الوقت لينهي مهمته.

قلنا وآمنا برب الأمم المتحدة وموفدها السفير فوق العادة ” عنان”…رسول بحقيبة أممية جاء لجزيرتنا الغارقة ببحر من الدم ، يريد إنقاذ مراكبها..” مدنها” من غرق محتوم….قيل أنها اليد الإنسانية تمتد إلينا لسحب مركبنا المنخور إلى مرفأ” التغييرالسلس السياسي السلمي “!..عيونه المبثوثة في حاراتنا لم تصل إلا إلى ازدياد رقعة الدم ومساحة التهجير لنوارسنا الراقصة في الشوارع المنذورة للأمل..تهجير أو تقتيل..أو تدمير…أواستباحة أعراض ..فالمرأة قربان الثورة ووقود الحروب اللاأخلاقية… ما أن وطأ هذا المُمسك بعنانِ الفصل والتنفيذ ، وتقرير مصيرالأرض الموعودة بالشمس…المنتظرة لفجرحرية وعدالة.. حتى صارت المسافة بيننا وبين وصاياه الستة واحترام قدرتها في الفعل على أرض الواقع شاسعة بعيدة، لأن قراءة اليد القاتلة ونوافذ رؤيتها..وعلاقتها بالوطن والإنسان…قامت على خطأ وسوء تقدير، أو على تعامي وتغاضي على هول الموت وحجمه، لأنه يخدم بعض المصالح الممتدة أساطيلها لمنطقتنا المطلوبة في سوق الاستراتيجيات الدولية أو النفوذ وصراع القوى الاقتصادية والسياسية..

فماذنبي وذنبكم أنا ولدنا فوق أرضٍ..لايحرسها إلا طغاة..استباحوا عرضها وباعوه في أسواق النخاسة لمن يدفع أكثر؟!..ماذنب أطفالنا ونساءنا وشبابنا يلاحقهم الموت حتى فراشهم..بمن نستعين إذن؟.فلا شرق يعترف بحقنا ولا غرب يتعرف على بطاقات بريدنا الثورية، أو يستمع لصرخات الاستغاثة العالقة في البيوت المدمرة…وكأني بالجميع يسعى لمعاقبة شعب يرفض الذل والاستبداد..كأني بهم يرسلونا إلى حتفنا…فمالدينا لايُشبع خواء جيوبهم وصناديقهم…نحن أبناء الوطن المسكين ..الوطن المنكوب بحكامه وبجغرافيته.. وبعلاقاته وصداقاته…ليس لنا سوى أظافرنا وحدها القادرة على حك جلودنا…

ــ 18/6/2012.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى