صفحات العالم

تشاؤم/ حـازم الأميـن

على الرغم من أن المطرانين السوريين المختطفين في ريف مدينة حلب هما سوريا الجنسية، فإن جماعة “8 آذار” اللبنانية تشعر بأنها معنية بإطلاقهما، تماماً كما كانت معنية بإطلاق اللبنانيين التسعة الذين كانوا مختطفين في بلدة أعزاز السورية.

ليس هذا ذماً بـ”8 آذار”، فالسعي للإفراج عن أي مختطف أينما كان هو سعي يصعب ذمه، حتى وإن كانت وراءه أثمان سياسية جلية. فالجنرال ميشال عون يشعر بأن حلفاءه في دمشق دفعوا فاتورة لبنانيين شيعة مختطفين، ويجب أن يدفعوا فاتورة المطرانين، وبهذا يُقدمون له هدية لبنانية ثمينة تتمثل بتكريسه حامياً لمسيحيي المشرق.

وهذه المرة ليس هذا الكلام ذماً بالجنرال، انما بكاء على حال خصومه المسيحيين وغير المسيحيين. بكاء على حال “تيار المستقبل” عديم التأثير بالمجريات السورية على الرغم من تصوير وليد جنبلاط له بصفته لاعباً هناك.

فلـ”تيار المستقبل” حلفاء مسيحيون هو في أمس الحاجة لمساعدتهم في مواجهة الجنرال ميشال عون.

الهدايا التي أغدقها حلفاء عون عليه تبدو محرجة، لا بل خانقة لحلفاء “المستقبل” المسيحيين. في الانتخابات أهدى “المستقبل” حلفاءه زحلة، في حين أُهديت لعون بعبدا وجبيل وجزين. وفي الوزارات كان عون الشريك المسيحي الفعلي، في وقت كانت وزارة العدل هي أقصى ما وصلت إليه القوات اللبنانية.

الإفراج عن المطرانين سيكون بدءاً من اليوم غاية المفاوضات التي سيجريها اللواء عباس ابراهيم مع الخاطفين عبر تركيا وقطر. ومن المفترض أن يكون لـ”المستقبل” نفوذ أوسع من ابراهيم في كل من أنقرة والدوحة، وعلى الرغم من ذلك، فإن الهدية ستكون من نصيب الجنرال.

أكثر من ذلك، من المفترض أن يكون لـ”تيار المستقبل” علاقات أوسع مع المعارضة السورية، سواء في إسطنبول أم في الداخل السوري. والمطرانان مختطفان في مناطق تتمتع فيها المعارضة السورية بنفوذ، لكن هذا كله لم يكن كافياً للتحرك نحو تحويل وجهة الهدية الإقليمية.

ثمة إذاً خلل كبير. خلل عابر للحدود، يشمل المعارضة في سورية ويمر عبر “تيار المستقبل” ويصل إلى “14 آذار” المسيحية. وفي لحظة كهذه، على المرء أن يراقب خط صعود موازياً يتصدره مسيحياً ميشال عون.

الدوحة وأنقرة ساهمتا في تضييق حجم الحراك المدني في الثورة السورية، وتوسيع مساحات المواجهات العسكرية التي اختطف المطرانين فيها كما اختطف اللبنانيون التسعة المفرج عنهم. والدوحة وأنقرة تتوليان اليوم نقل الاستثمار بالحرب السورية الى جماعة “8 آذار”. ويبدو أن “تيار المستقبل” وحلفاءه المسيحيين سيكونون الفاتورة اللبنانية لتحالف العاصمتين في وجه عاصمة إقليمية ثالثة هي الرياض.

علينا أن نبقي أعيننا في ضوء ذلك شاخصة الى قضية المطرانين، لكن أيضاً علينا أن لا نَغفل عن طرابلس ولا عن التحضيرات لمعركة القلمون.

والأهم أنه علينا أن لا ننسى أنه ذات يوم قدِم وزيرا خارجية قطر وتركيا الى بيروت وصاغا تسوية أفضت الى “7 أيار”، وقبل ذلك بأشهر كان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قد ابتدع عبارة “شكراً قطر”، ها هو اليوم يُرسل شكره لأمير قطر مجدداً.

كل هذا يجري والناس نيام.

موقع لبنان ناو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى