صفحات سوريةفلورنس غزلان

إلى الشاب السوري القابض على الجمر


فلورنس غزلان

بين قذيفة هاون وقذيفة مدفع، بين صاروخ أرض أرض وصاروخ مروحية يستيقظ ويغفو مواطننا الذي أدمن صوت حرب أعلنها ” سيد بيت قاسيون” … فلا أعتقد أنه يملك سيادة سوى على بقعته الصغيرة وعلى من يأتمر حتى الآن بأمره مربوطاً من عنقه أو من ذنبه .ارفع يديك وتضرع فربما تسمعك السماء المشبعة برائحة البارود، ارفع يديك وافركها بهواء الحرية جيداً فربما تبعث الدفء في كفيك المتجمدين على خشبة سلاحك الفردي تقف بوجه قذائفه الموجهة لصدرك وصدر بيوت الناس المستكينة لقدر تركها العالم تصبر عليه وتنتظر معجزات تأتي بها يديك الواثقتين من نصرك الأسطوري..

اغسل يديك من إرث البعث في مدارس ” طلائعه اللاثورية” ودع بقايا دم صديقك الذي سقط قبل قليل مضرجاً يدفع عنك الموت ويحمي بعض أهل الحي بجسده الغض…يرسل روحه تشهد عليها الملائكة بأنها طاهرة قضت والعالم في غيبوبته المصطنعة يُكَّذِب خبرَ نعوتك ويحرر لنفسه فلسفة صمته المتباكي على فقدك ..يطرح اعتذاراته ويسرد محاولاته ومخططاته لحلول خيرها مزيداً من المُهل لابن القتلة والمجرمين.

اجلس في زاويتك المطلية ببقايا لون أحمر تركه زميلك الطبيب حين قام بواجبه تجاه طفلة جريحة ..فعاجلته يد القناص بإبرة من سم موته المتربص بكل يد تضمر الانسانية وتعتمرها قبعة علاقات مودة وروابط أخوة سورية.

اغسل يديك من تراث عار لاعلاقة لك به..لكن شوائبه تلاحقك وتفرض عليك أن تعيد للتاريخ مجده ولأرض سوريا وحدتها وعودة أطرافها المستلبة للحمة الأم المنتظرة فجر الغد ولقاء المُهَجَّرين والنازحين..

قف طويلاً في بهو الوطن ، في مهده وعَلِّم قُطاع الطرق دروساً في الإباء والنخوة والمحبة الوطنية، انفض عن جارك لغة الطائفية ، التي يزرقها الأسد يومياً بسُمِهِ الزعاف لأبناء وطننا….لكنه نسي أنهم ملقحون بصعقات كهرباء الكذب المتفشي والمتجذر منذ نصف قرن من زمان التخريص والتشويه لمعالم النفس الإنسانية، وقد تمكنوا من بناء صخرة في جنبات قلوبهم تدفع عنهم لغة المعاجم الهالكة والمستهلكة في سيرة أسرة الجحود والعقوق والإنفجار الكيميائي لنفوس مريضة بهوام السلطة .

كن ماهراً كالريح ..طائراً كصقر يعشق الصيد والجبال..كن رشيقاً بقامة الوطن، يمامة بسلامِهِ، مباركاً من أمك قبل عزمك على السفر في درب اللاعودة أو الظفر.

كن كما أردت لروحك وجسدك أن يكون ، ابناً وفياً لنسيم الحرية ، عاهدت ونذرت نفسك لتكون وقودها..أيها الشاب الراحل في درب المجهول..ريشة تطير بين الحقول..ترف بأجنحتها كفراشة ملونة..تنثر المحبة من جهة والعزيمة بين الرفاق من جهة أخرى ، وتزرع الرعب في قلب الطغاة والأشرار من جهة ثالثة..

كن فصيحاً” كهادي العبدالله”، ناطقاً بلسان الثورة، حكيماً” كعمر إدلبي”..هادئاً يفرز العثرات ويبين المثالب..ولا تغرر به دعوات التفرقة ومصائد الأجهزة وشباكها المُعَدة للايقاع بشباب يملكون بلاغة المرحلة ، شعراء في القدرة على تناسل الألفاظ الراسمة لمايعمل في العقل والباطن..كن نحلة لاتهدأ ولا تتوقف عن الطنين في آذان العملاء ..ولا عن قرع أجراس الانذار لنجدة الملهوف والمحتاج من أبناء حمص العدية” كخالد أبو صلاح “..صوتاً يشق عنان الأرض والسماء ليغيث سوريا ويشفيها من بلاء آل الأسد..

كن سورياً بجدارة تستحقها هذه المغناج المدللة..الحرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى