صفحات العالم

العالم ينفض يده من أي صيغة سحرية، أياً يكن المفجّرون سوريا تخرج عن السيطرة


    روزانا بومنصف

حملت الادانات الغربية للتفجيرات التي حصلت في دمشق قبل يومين النظام السوري مسؤولية مباشرة ان لم يكن باتهامه بالقيام بهذه التفجيرات انما بمسؤوليته عنها كونه هو من تولى ايصال سوريا الى الحال التي وصلت اليها عبر اعتماد القمع والعنف من اجل ردع معارضيه الذين تحركوا منذ سنة وشهرين من دون انقطاع. وتخشى مصادر معنية ان تكون هذه الحال مرشحة للتكرار، مع الاسف، باعتبار انها تؤشر لمرحلة جديدة مختلفة ولاسلوب صراع دموي ينبىء بخروج الوضع عن السيطرة من دون القدرة الحقيقية على ردعه غير التمسك بتنفيذ خطة الموفد المشترك للجامعة العربية والامم المتحدة كوفي انان اقله حتى اشعار آخر. فالمغزى مقلق على كل الصعد وايا يكن من يقف وراء التفجيرات. فاذا كان النظام من يقف وراءها وفق اتهامات المعارضة فهذا يعني انه وصل الى مرحلة خطيرة جدا بحيث بات يفتقر الى الوسائل التي استخدمها حتى الان لقمع المعارضة ويلجأ الى اساليب تجرمها امام الرأي العام الداخلي والخارجي . واذا كانت المعارضة هي المسؤولة وفقا لاتهامات النظام فان ذلك يرسم علامات استفهام حول القدرة الى الوصول الى المراكز الاستخبارية المماثلة وعن وسائل تضع صدقيتها على المحك. واذا كان هناك افرقاء ثالثون وفق ما لا تستبعد مصادر عدة فهذا يعني اتجاه سوريا الى مرحلة لم تعد هي نفسها بكل المقاييس ودخولها مرحلة هي اشبه بلبنان ابان الحرب الطويلة فيه او اشبه بالعراق ما بعد الاحتلال الاميركي. وهذا الامر يشكل مفارقة لافتة كون النظام السوري رفض ان ينطبق النموذج التونسي عليه او ايضا النموذج المصري او اليمني وصولا الى الليبي على اساس ان سوريا هي غير هذه الدول جميعها ولا ينطبق عليها في موضوع الربيع العربي ما سرى على هذه الدول في الانتفاضات الشعبية التي حصلت فيها بحيث سقطت كل هذه النماذج في حين ان سوريا تنزلق الى النموذج اللبناني زمن الحرب او النموذج العراقي وهو لا يزال ماثلا في حوادث مماثلة وفق ما بات يخشى كثر.

على ان هذه التفجيرات على مأسويتها لن تسرع او تغير في وتيرة التعامل الدولي القائم راهنا مع الازمة السورية. اذ يخشى ان تغدو في شكل او في اخر وكأنها تشكل فصلا من فصول الحرب الجارية على الارض انما باساليب مختلفة كما حصل في اماكن شهدت حروبا داخلية. اذ تقول هذه المصادر ان ما يتم تأكيده من دون مواربة لجميع القلقين من الوضع السوري واحتمال استمراره طويلا ان الدول الغربية لا تدعي امتلاكها صيغة سحرية للحل في سوريا ولم تقل انها ستمتلك قريبا هذه الصيغة مما يعني بقاء الوضع على مراوحته حتى اشعار آخر. والتأكيدات الروسية قبل يومين على لسان وزير الخارجية الروسي بعد لقائه نظيره الصيني من ان روسيا لن تغير موقفها من سوريا انما يؤشر الى بقاء الامور والمواقف على حالها من دون تغيير يذكر ايا تتخذ الاوضاع طابعا مأسويا على الارض. وهو الامر الذي ينطبق على مواقف روسية اخرى تصب في الخانة نفسها منها اعلان الرئيس الجديد فلاديمير بوتين عن ارادة بلاده في الدفاع عن مصالحها وموقعها في العالم. لكن هذا لا يعني تضاؤل او تراجع الحماسة الغربية في شأن حل سياسي انتقالي يتضمن رحيل الرئيس السوري بشار الاسد من ضمن خطة انان وفق ما يراها هؤلاء ولو ان هذا الامر لم يعد يرد بكثرة على ألسنة المسؤولين الدوليين في ظل الحرص على اعطاء خطة انان فرصة وعدم اعطاء الانطباع بتفخيخها او بالسعي الى نسفها. فهذا الموقف تقول المصادر يتم التشديد عليه في كل اللقاءات والاجتماعات من تونس الى اسطنبول فباريس ولاحقا واشنطن او الولايات المتحدة من ضمن مجموعة اجتماعات متوقعة في الاسابيع المقبلة . اضافة الى ان مسؤولين اميركيين ومن بينهم السفيرة في الامم المتحدة سوزان رايس اعادوا تأكيد هذا الهدف قبل ايام قليلة على نحو يذكر بأن الهدف لا يزال هو نفسه لكل المساعي في شأن الوضع السوري اي الضغط والوصول الى تنحي الرئيس السوري من ضمن المرحلة السياسية لخطة انان.

اما عن تحميل النظام في شكل اساسي المسؤولية فان ذلك يتصل وفق ما تقول المصادر بواقع تخلفه عن تطبيق خطة انان الذي يقول انه وافق عليها، اذ ان الخطة تتضمن بنودا اخرى غير بند الموافقة على وصول مراقبين الى المناطق السورية. وحتى الان استغرق هذا البند شهرا او اكثر من دون تنفيذه كاملا في حين انه يتعين على النظام تطبيق بند سحب الاسلحة الثقيلة والدبابات من المدن كما يتعين عليه وقف العنف والسماح بالتظاهرات السلمية. وهو لم ينفذ ايا من هذه البنود بعد مما يسمح باكمال العنف دورته ولذلك تقول هذه المصادر يتم تحميله المسؤولية ما دام لم يلتزم الجزء المتعلق به من الاتفاق الذي وافق عليه. ولذلك ايضا تشدد المواقف الدولية على نحو شبه يومي وفق المصادر نفسها على ضرورة التزام خطة انان ببنودها كافة من اجل وقف ما يحصل من تفجيرات ايضا على رغم اقتناعها العميق وثقتها بان هذا الالتزام لن يحصل.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى