صفحات الناس

عبد السلام العجيلي يرد على إصلاحات الأسد/ عدنان عبدالرزاق

 

 

قصّر أنصار بشار الأسد في دمشق بعدم تقدمهم بطلب حماية ملكية، لكل الإبداعات والاختراعات التي قدموها خلال ثورة السوريين، من إيصال الفقر بسورية لنسبة قياسية “90%” والبطالة “80%” وعدد المشردين والمهاجرين “نصف السكان” والتضخم النقدي بعد خسارة الليرة من قيمتها، أكثر من 1100% خلال ست سنوات.

وقصروا أيضاً بالمطالبة بموقعهم على قائمة التبرير والبراغماتية، إذ لكل جريمة تقترف، مبررها الذي يصفق له جمهور الأسد، بل ويخوّل إعلام الأسد ليضعه عنواناً رئيساً.

فطباعة 2000 ليرة قبل أيام ووضع صورة الوريث بشار الأسد عليها، وعلى الرغم من وضوح السبب والغاية، بعد التضخم النقدي وسعي النظام للتمويل بالعجز ليسدد رواتب الموظفين والمقاتلين، وجد آل لأسد في الخطوة إنجازاً يحسب لقائدهم الذي وضع صورته على ورقة 2000 ليرة، والتي لم تعد تساوي 4 دولارات أميركية.

وهذا غيض من فيض الإصلاحات. إذ أذكر، ومنذ عشرين سنة، كلما أرادت حكومات الأسد بسورية، منذ الأب ومن ثم الابن، رمي كرة مسؤولية زيادة الفقر والفساد وتراجع الدخل والإنتاج، تطرح عنواناً عريضاً هو “الإصلاح الإداري”. وأذكر أن حكومة الأسد الابن الأولى، أعطت مساحة واهتماماً بالغين لهذا الإصلاح، لدرجة استيراد خطط فرنسية واستقدام بعض “المصلحين” السوريين والأجانب، بل وصرف أموال باهظة، قبل أن يُقفل هذا الملف الإصلاحي، لأسباب قيل وقتذاك، إنها تقنية تتعلق بالبنى التحتية التكنولوجية المتخلفة. في حين قال بعضهم، ومن القائمين على الإصلاح الإداري حينذاك، إن المشروع اصطدم بالمحرمات وقت تطلب الإفصاح والشفافية لبناء قواعده.

فتم الاكتفاء وقتذاك، للهروب من كشف فساد من يدعي ملاحقة الفساد، بتشكيل وزارة دولة لشؤون التنمية الإدارية، قوامها مكتب وبضع موظفين، وربما يذكر المتابعون أن وزيرها ترشح بمقابل بشار الأسد لرئاسة الجمهورية عام 2014 خلال مسرحية الديمقراطية، قبل أن يتم تحويله أخيراً إلى التفتيش بسبب الفساد الإداري.

قصارى القول: في واقع وصول نسبة الفقر بسورية لنحو 90% وانقطاع الكهرباء لنحو 20 ساعة باليوم والإنترنت 15 ساعة، وحيرة السوريين في تدبر أمور معيشتهم بعد تضاعف الأسعار 12 مرة، فضلاً عن وجود جيوش لأربع دول على أرضهم، منها بصفة الاحتلال وبعض آخر بحجة مكافحة التطرف والإرهاب.

بواقع كل هذه الظروف، أطلق رئيس النظام بشار الأسد أخيراً المشروع الوطني للإصلاح الإداري خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في مقر الحكومة بمنطقة كفرسوسة وسط العاصمة دمشق.

وجاد الأسد بما منّ الله عليه من علم واسع وثقافة عريضة، خلال محاضرة لحكومته الصامتة، فأوضح لهم فوائد الإصلاح الإداري في تخفيف الهدر وزيادة الإنتاج ومكافحة الفساد، بل ولم ينس أن يذكرهم أنه لم يقطع شارة مرور بحياته، بل يقود سيارته بنفسه ويقف على الشارات بل وحواجز التفتيش المنتشرة بالعاصمة السورية كما المرض بأجساد الفقراء.

ولأن جلسة الأسد تعد مكسباً للوزراء والوطن، أفرد خلالها الشاب المثقف، مساحة لتفصيل محاور المشروع، عبر خلق منهجية واحدة ومتجانسة لكل الوزارات، ومركز يسمى مركز القياس والدعم الإداري يقوم بوضع الهيكليات والتوصيف الوظيفي وإيجاد آليات لقياس الأداء والأنظمة الداخلية للمؤسسات وقياس الإجراءات بين المواطن والمؤسسات أو داخل المؤسسات أو فيما بينها وقياس رضا المواطن والموظف ومكافحة الفساد.

ولم يفت الرئيس الإشارة لضرورة إيجاد مركز خدمة الكوادر البشرية لوضع خارطة للموارد البشرية الموجودة بشكل تفصيلي وربط الخارطتين مع بعضهما البعض من خلال التوصيف الوظيفي. وغير ذلك كثير من الإرشادات والنصح وشرح فوائد الإصلاح الاداري، وأثره على الموظفين، في بلد تم فصل نصف موظفيها لانتمائهم للثورة، وتحويل جلّ من تبقى لمليشيات مقاتلة.

نهاية القول: ثمة استفزاز بطرح القائد الممانع يصل لدرجة فقد الصواب والتحكم بضبط الكلمات، لئلا يخرج سباب يخدش حياء الإصلاح الإداري، ففي الوقت الذي يموت خلاله السوريون جوعاً وحصاراً وعلى حدود دول اللجوء، وحققت سورية بظل هذا القائد الإصلاحي أرقاماً قياسية بالجوع والفقر والبطالة والتضخم والتشرّد والنزوح والهجرة وتكاليف الحرب… يخرج هذا المفكر بحل لا يأتيه الباطل من أي مكان، ويقول الإصلاح الإداري.

ولعل في مطلع قصة للكاتب السوري، عبد السلام العجيلي، اختصاراً وتعبيراً أمثل لهذا الاختراع المتجدد، بدلاً من إعطائه أهمية والبحث في ألف باء الإصلاح الإداري، من نشر ثقافة المعلوماتية وتحصين العامل من الفساد والاختراق وتطوير التحكم المعلوماتي بالمؤسسات أو حتى التطرق لمن يتبوأ المواقع الإدارية بدولة الأسد، والتي تنتفي فيها أي معايير وظيفية، سوى الولاء.

سأل تلميذ معلمه، لماذا يبول الجمل للخلف، على عكس كل الكائنات؟

فرد الأستاذ: يا بني، إن أمعنت النظر بهذا المخلوق العجيب، فسترى رأساً صغيراً على جسد كبير، حدبة ضخمة وذيلاً أبتر صغيراً، فماً كبيراً وأذنين صغيرتين… أي تناسب رأيته في هذا الحيوان ليبول كما بقية الكائنات.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى