صفحات العالم

خفايا تفجير دمشق اكبر بكثير مما رشح عنها


بدأ الانحدار في النظام السوري نحو الهاوية منذ هروب العميد مناف مصطفى طلاس وما تلاه من انشقاقات واسعة لرتب ومناصب كبيرة كان السفير السوري في بغداد ابرزها، الا ان تسارع الاحداث صاعد من نيران الهواجس المرعبة في اعقاب تفجير مبنى الأمن القومي ومقتل الرؤوس المفكرة والمدبرة والمخططة للنظام السوري وهي المسؤولة مباشرة عن سيل الدماء التي سالت على الارض السورية.

كان الاثر عميقا ومربكا ومفزعا على النظام نفسه ايضا مع مقتل وزير الداخلية محمد الشعار ومقتل العماد داوود عبد الله راجحة وزير الدفاع السوري ومقتل آصف شوكت صهر الرئيس ونائب وزير الدفاع وكذلك رئيس المكتب القومي هشام بختيار وكان على رأسهم معاون نائب الأسد للشؤون العسكرية ورئيس خلية الأزمة حسن التركماني، بالاضافة الى بقية المجموعة المؤلفة من رؤساء وقيادات الاجهزة الامنية وقادة الفرق المشاركة في واجب حرب الشوارع والمدن في سورية والتي قامت بعمليات القتل الممنهج للشعب وتحديدا المغاوير والحرس الجمهوري والفرقة الرابعة وكافة المؤسسات الاستخبارية خاصة المخابرات الجوية.

الا ان السلطات السورية ما زالت تتحفظ وتمارس اعلى درجات السرية والتكتم على عدد واسماء وتفاصيل انفجار مبنى الامن القومي، مما افسح المجال لتداول معلومات كثيرة ومتداخلة عن مقتل خبراء من خارج سورية في هذا التفجير كان يستعين بهم نظام الممانعة كمسؤول المخابرات المصرية السابق عمر سليمان و بن عويز شامير قائد جهاز المعلومات الخارجية في الشاباك الصهيوني اضافة الى مسؤولين من المخابرات الايرانية وشخصيات اخرى ونحو عشرين مسؤولا وشخصية قيادية واجنبية لقوا حتفهم.

ورغم ظهور الرئيس السوري العارض والسريع مع وزير الدفاع السوري الجديد الا انه تصاعدت الهواجس المرعبة مع غياب الرئيس بشار الغامض عن الساحة السورية وعدم معرفة مكان وجوده؛ سواء لتدني معنوياته التي لا تسمح له بالظهور، اوالاختباء لاعتبارات امنية تكتيكية بعد تفجير مبنى الامن القومي في دمشق ومقتل اكبر قادته العسكريين والامنيين التي تدير الازمة وتشكل خلية متكاملة واستمرار المعارك يعمق من تدهور المعنويات لدى اتباع النظام وقادته، بالمقابل يعظم من معنويات الثوار والجيش السوري الحر، وكل ذلك يفاقم الوضع تعقيدا ويدخل الساحة السورية في حالة الفوضى وعدم الاستقرار مما يسارع من حالة الانهيار الفوضوي غير المنظم وغير المسيطر عليه. هذا اذ لم يكن الامر يتعلق باختفائه الى حين ترتيب اجراءات هروبه وهو ما ترجحه مراجع استخبارية غربية سربت هذه التحليلات، مما يعمق ويصاعد من حجم الهواجس اكبر واعظم والتي تتعلق اولا : بالحرب الاهلية وتداعياتها، وثانيا : وهوالاخطر؛ سوء استخدام اسلحة الدمار الشامل، او وقوع هذه الاسلحة بايدي منظمات متحمسة او مندفعة اوتجهل استخدامها، سيما ان الملك عبدالله الثاني اشار مؤكدا الى معلومات حول ذلك سيما القاعدة وابدى تخوفه الواضح في هذا الاتجاه..

لقد ورد لاحقا ان السفير الروسي في باريس قال ان الرئيس السوري يوافق على التنحي لكن بطريقة حضارية، وهو ما سارعت دمشق الى نفيه، الا ان الحقيقة الواضحة ان دبلوماسي بمرتبة سفير لا يدلي بهذا التصريح الا اذا كان مكلفا بذلك وربما لغايات جس النبض.

ان السيناريو المتوقع والاخطر على الاطلاق هو قيام النظام نفسه، باسلوب او بآخر، بتسليم هذه الاسلحة من باب الانتقام وخلق حالة هستيرية، قد يظن انها تخدمه، من خلال تسليم او تسريب هذه الاسلحة الى اطراف متهورة اومتطرفة تستخدمها كما يحلو لها، وبما يعرض سورية والمنطقة الى ابادة او كارثة حقيقية.

كل السيناريوهات مفتوحة، والثابت الوحيد ان النظام يحتضر في حالة غير مسيطر عليها، ولا بد من اجراءات فاعلة لتفادي التداعيات الخطيرة والمرعبة.

والامر جد خطير ولن يتوانى النظام المحتضر من استغلال كل الظروف باتجاه الانتقام، حيث انه دائم الاستحضار لمفهوم البطولة ويعتبر نفسه ممانعا ومقاوما، ولكن هذه المرة سيستخدم الواقع ومفاهيمه بطريقة عشوائية انتقامية هستيرية مدمرة لشعبه وللاخرين، سيما انه سبق وهدد وتوعد على نظرية ‘ عليا وعلى اعدائي’.

د. محمد جميعان

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى