آخر أيام “حزب الله” في سوريا؟/ علي حماده
على مدى خمس سنوات توسع تورط “حزب الله” الدموي في سوريا دعما لنظام بشار الاسد، وفق الروزنامة الإيرانية التي دفعت بكل الميليشيات الطائفية التابعة لها في الإقليم وخارجه (باكستان وافغانستان)، وصولا الى قوات وضباط من نخبة “فيلق القدس” الى ساحة المعركة في سوريا من أجل منع إسقاط النظام. وبالرغم من التورط الكبير في الحرب، والخسائر الهائلة في الارواح التي مني بها “حزب الله” (ما يقارب ثلاثة آلاف قتيل) فقد بلغت الامور في نهاية صيف ٢٠١٥ حد الانهيار على مختلف الجبهات، الى ان تدخلت روسيا في الحرب مباشرة، وبكثافة لا سابق لها، تحت أعين إدارة الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما التي فضلت إدارة ظهرها، وترك موسكو تعمل على تغيير موازين القوى لئلا ينهار النظام قبل حلول موعد التسويات الكبرى في المنطقة. وبالطبع، كان لسياسة أوباما “المتواطئة” في المنطقة الدور الاكبر في تعاظم السياسة التوسعية الايرانية، المباشرة وغير المباشرة في كل من العراق وسوريا واليمن. ومنذ التدخل الروسي بعنفه الفائق، تغيرت موازين القوى أيضا بفعل منع السلاح النوعي عن فصائل المعارضة المنتشرة، فضلا عن ترك روسيا والنظام ومعهم الايرانيون تنظيم “داعش” يتمدد على حساب المعارضة في الشمال من دون الاصطدام به، لوضع فصائل المعارضة بين فكي كماشة. كان الهدف تصفية المعارضة أولا، ثم التفرغ لتنظيم “داعش”، على قاعدة أن الخطر الاكبر على النظام والنفوذ الايراني في سوريا ولبنان يتمثل بالفصائل التي تمكنت بين ٢٠١٣ و٢٠١٥ من تحرير مساحات كبيرة من البلاد.
بين ٢٠١٥ و٢٠١٧، غيّر التدخل الروسي خريطة الصراع، وسقطت حلب، وسحب موضوع إسقاط النظام عن الطاولة، الى حد اعتبار سقوط حلب بيد النظام والميليشيات الإيرانية بمثابة حسم المعركة لمصلحة محور ما يسمى “الممانعة”!
لكن بعد انتخاب الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب في ٧ تشرين الثاني ٢٠١٦، يبدو أن ثمة تحولات بدأت تلوح في الافق. فالمواقف الاميركية من سياسات إيران في المنطقة عنيفة جدا. وقد عبّر عنها ترامب تكرارا منذ اليوم الاول لانتخابه.
المتغيّر الآخر يتمثل بإعادة التموضع الروسي بين ايران وتركيا، وتجنبها الاصطدام بالادارة الاميركية الجديدة ، فدفعت قدما بالمسارات الديبلوماسية من “جنيف -٥” الى أستانا، فيما بدا ان روسيا تحرص على تظهير تحركها بعيدا عن السياسات الايرانية في المنطقة.
المتغيّر الثالث هو نتيجة طبيعية لما سبق، ويتمثل بتوسع التدخل الأميركي العسكري المباشر على الارض في سوريا، تحت عنوان محاربة “داعش”، وانطلاق الضغط الأميركي المتدرج صعودا لإخراج “حزب الله” وبقية الميليشيات الإيرانية من سوريا! فهل أزفت ساعة الحزب في سوريا بتوافق اميركي – روسي؟
النهار