آخر ابتكارات الناشطين السوريين: “حالش”/ إيلي عبدو
تحديدُ وجهة الخصومة بين فئة كبيرة من الشعب السوري و”حزب الله” باتت حاجةً ملحةً، بعد معارك عنيفة خاضها الأخير لمؤازرة النظام السوري مخلفاً مجازر ودماراً والكثير من الاحتقان المذهبي. وقد يستلزم التحديد، تجاوز العلاقة التحالفية بين الحزب والنظام، إذ لم يعد كافياً القول إن حزب الله حليف للإستبداد. فثمة هوية عقائدية وجهادية لابد من التنبه لها، وفهم سماتها وآلية عملها، ليصبح قتال الحزب ضد الشعب السوري مجرد تماثل في الموقع مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”. وكأننا أمام جهاديين يقاتلون النظام ويقتلون الشعب، وجهاديون آخرون يقاتلون الثورة ويقتلون الشعب أيضاً.
هذه العلاقة بين “الدولة الإسلامية” و”حزب الله” التقط تقاطعاتها الناشط السوري، بشر حاج ابراهيم، فاشتق للحزب اسم “حالش”، وأطلقه عبر مواقع التواصل الاجتماعي فانتشر بسرعة. وهو اختصر، في الحروف الأربعة الأولى، تسمية “حزب الله اللبناني”، مضيفاً إليها “الشيعي”.
يقول بشر لـ”المدن”: “التسمية كغيرها من التسميات، مجرد اختصار لاسم حزب الله اللبناني الشيعي “حالش”، على نمط تسمية دولة الإسلام في العراق والشام- داعش”، ويقول: “هي عبارة للتسويق الإعلامي، ترد بمجرد كلمة على كل الجرائم التي يرتكبها عناصر “حالش” في سوريا تحت شعارات مزيفة لا تناسب روح العصر الحديث الذي يسعى إلى الالتحاق به الشعب السوري خصوصاً، والعربي عموماً، في ثورات ربيعه الذي لن يموت”.
لم يكتف حاج ابراهيم بإطلاق اسم “حالش” على حزب الله، بل حاول تعميم استخدامه عبر صفحته في “فايسبوك” عبر نشر أخبار عن المعارك بين الحزب والمعارضة في يبرود، فكتب: “أنباء عن مقتل العشرات من الحواليش في محيط يبرود”. تعميم الاسم الجديد انسحب كذلك على فضاءات مواقع التواصل الإجتماعي لا سيما السورية منها ، فكُتبت عشرات البوستات الموافقة على الصلة بين حزب الله وتنظيم “الدولة الإسلامية”.
الفنان مازن الناطور كتب: “يسقط حالش…شقيق داعش!”. وكتبت الإعلامية هيفا بوظو: “يا أصدقائي تسمية حزب الله الجديدة هي (حالش)….صار عندنا عدوين هما داعش وحالش… وطبعا جاحش هم جماعة النظام….وتأملوا بهذه النعم يا رعاكم الله”. بدوره لفت الصحافي السوري إياد شربجي إلى أن “حالش يرسل جنوده إلى سوريا ليلقوا مصير داعش”. فيما كتب الناشط حازم داكل: “حالش = حزب الله اللبناني الشيعي”، ورأى عثمان بيطار أن: “حالش وداعش وجهان لعملة واحدة تم صكها في مصرف النظام السوري المركزي”.
ويفسر حاج ابراهيم سرعة استخدام تسمية “حالش”من قبل مناصري الثورة، بأن “الكلمة صغيرة ومختصرة ومشذبة، ولها مكانها في القاموس العربي. ومن الطبيعي أن تستخدم في المنابر الإعلامية السورية وغيرها”. وحول ما إذا كان يخشى أن تسيء تسميته تلك إلى جماعة أو مذهب بعينه، يقول: “كما أن تسمية داعش، لا إساءة فيها إلى الإسلام أو العراق أو الشام، فإن تسمية “حالش” لا إساءة فيها للبنان والشيعة على العموم” ، موضحاً أن “العراق وسوريا ولبنان، وكل الأديان والمذاهب والشيع، أسمى من مجموعات مسلحة عابرة تتطفل بمسمياتها على الأوطان وعلى الأديان لتقتل الناس”.
وبصرف النظر عن بقاء هذه التسمية أو زوالها، فإن الأكيد أن مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً “فايسبوك” السوري، باتت تنتج تسميات تدافع من خلالها عن الثورة التي ساهمت في إطلاقها. هي تسميات تبدو في دلالاتها الأولية ساخرة وهزلية، لكنها تستبطن في عمقها كيفية النظر إلى الخصم وتحديد موقعه من الصراع القائم.. وعليه تسميات من نوع “داعش” و”حالش” طالما أن الثورة مستمرة، وأعداءها كذلك.
المدن