أحداث الأثنين، 12 أذار 2012
الرياض تحذر من تمادي «المذبحة» وأنان متفائل رغم غياب اتفاق
الرياض – أحمد غلاب؛ الدوحة – محمد المكي أحمد؛ دمشق، نيقوسيا، نيويورك -»الحياة»، ا ف ب، رويترز، أ ب
دعا وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إلى تركيز الجهود «نحو الوقف الفوري والعاجل للحرب التي يشنها النظام السوري ضد شعبه بلا هوادة وذلك وفق خطة الجامعة العربية وقراراتها التي حظيت بدعم دولي واسع وتبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة». وشدد، عقب محادثات مع وزير الخارجية الالماني جيدو فيسترفيلله في الرياض أمس على «أهمية ضمان إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب السوري». يأتي ذلك فيما أنهى مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية للازمة السورية كوفي انان محادثاته في دمشق أمس بلقاء ثان مع الرئيس بشار الاسد. واعلن انان إنه «متفائل» رغم «صعوبة المهمة»، إلا انه غادر دمشق إلى الدوحة من دون اتفاق على وقف اطلاق النار أو تسهيل دخول مساعدات انسانية. في موازة ذلك تحدث ناشطون عن اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري ومعارضين في إدلب وحماة وحمص أدت الى مقتل العشرات.
وقال سعود الفيصل، في مؤتمر صحافي مع فيسترفيلله: «لا أدري كيف يمكن تبرير ما يحدث في سورية اليوم، تحت أي مبرر لقانون أخلاقي أو سياسي، فما يجري هو مذبحة لشعب بأكمله ولمواطن ضعيف، خصوصاً إذا علمنا أن عقلية النظام السوري هجومية».
ورداً على سؤال عن وجود مساحة للتفاؤل بحل الأزمة، قال: «يجب أن نبقى متفائلين، ولكن ما يحدث في سورية لا يمكن أن يستمر، والنظام يبدو متماسكاً إلى الآن، ولكن كل قتيل يُقتل يُضعِفُ هذا الكيان، وسيستمر هذا الوضع إلى أن يهبط الكيان القائم مرة واحدة». وأضاف: «إذا أراد الكيان أن يبقى يجب أن ينتبه للشعب، أما إذا أدارت الشعوب ظهرها لقيادتها فلا يمكن للقيادة أن تستمر».
وعن رؤيته للتدخل العسكري في سورية، قال سعود الفيصل ان «الخيار العسكري ليس الحل، وإنما من الحل السماح للسوريين بأن يحموا أنفسهم، بل إن من غير الإنساني أن نشاهد ولا ندعم السوريين للدفاع عن أنفسهم». وأضاف: «عسى أن يشعر النظام السوري ويبدل مساره، لأنه لا أحد ضد النظام السوري، ولكن نحن ضد أعماله، وإذا وقفت هذه الأعمال فهذا ما نتطلع إليه».
وعن الاتهامات التي وجهتها سورية إلى المملكة في شأن دعم الإرهاب على أرضها، قال: «لا أعتقد بأن السعودية تحتاج لإثبات أنها ضد الإرهاب، والسؤال المطروح هو أي الدول التي تحتضن الإرهابيين هل هي سورية أم السعودية؟». وأضاف «انظروا لمكاتب الإرهابيين في سورية، واتهامنا بالإرهاب لا يدخل العقل لأننا نحن من نحاربه».
من جهته، دعا فيسترفيلله إلى التركيز على الحل السلمي والتحول السياسي في سورية، منددا في الوقت ذاته بـ»القمع الوحشي الذي يمارسه النظام».
وقال: «نريد التوصل إلى حل سياسي وندعم المعارضة، لكننا نركز على السياسة في الوقت الحالي. وهناك تراجع من جانب الاسد… نسعى للتوصل إلى ثلاث نقاط: إنهاء العنف وايصال المساعدات والحل السياسي».
وسيتوجه الوزير الالماني إلى نيويورك اليوم للمشاركة في اجتماع يعقده مجلس الامن مخصص للأزمة السورية. وسيحضر الاجتماع وزراء خارجية اميركا هيلاري كلينتون وروسيا سيرغي لافروف، وبريطانيا وليم هيغ وفرنسا ألان جوبيه، إضافة إلى الوزير الالماني.
وقال ديبلوماسي رفيع المستوى إن «الأسد مصمم على عدم التراجع والهوة تتسع بين روسيا والغربيين». وأضاف أن «لقاء أنان مع الأسد لم يصل إلى شيء. ولا نرى كيف أن هذا الاجتماع (اليوم في نيويورك) سيؤدي إلى أمر آخر غير خلافات جديدة»، وذلك في إشارة إلى رفض روسيا والصين تمرير قرار يدين النظام السوري. ومن المقرر ان تلتقي كلينتون مع لافروف على هامش الاجتماع.
في موازة ذلك، قال انان إنه «متفائل» بعد جولة ثانية من المحادثات مع الرئيس السوري أمس، لكنه اعترف ايضا بانه سيكون من الصعب التوصل لإتفاق لوقف العنف.
وقال انان، في تصريحات قبل مغادرته: «قمت بحض الرئيس (الاسد) على العمل بالمثل الافريقي الذي يقول: لا يمكنك تغيير اتجاه الريح ولذا غير اتجاه الشراع». وأضاف أن سورية بحاجة إلى اجراء تغيير واصلاح. واضاف: «يجب أن تبدأ بوقف القتل والمآسي والانتهاكات التي تحدث اليوم ثم تمنح وقتا لتسوية سياسية».
وقال أنان إن مهمته ستكون «صعبة، لكن علينا أن نتحلى بالأمل، إنني متفائل… أشعر بتفاؤل لعدة أسباب: لقد قابلت العديد من السوريين خلال المدة القصيرة التي قضيتها هنا. وغالبية السوريين الذين قابلتهم يرغبون في السلام وإيقاف العنف… انهم يريدون أن يعيشوا حياتهم».
وأوضح انه قدم للاسد «سلسلة اقتراحات ملموسة سيكون لها انعكاس حقيقي على الأرض وستساعد في إطلاق عملية ترمي إلى وضع حد لهذه الأزمة».
وأكد أن المحادثات تركزت على ضرورة «وقف فوري لأعمال العنف والقتل والسماح بوصول المساعدات الإنسانية وحوار». وحذر من أن « الوضع سيء للغاية وخطير جداً ولا يمكن لأحد أن يفشل»، وإن كل السوريين يتحملون مسؤولية «المساعدة في علاج واصلاح هذه الامة».
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن أنان التقى مفتي سورية أحمد بدر الدين حسون ورؤساء وممثلي الطوائف الدينية في سورية. وكان التقى أول من امس بعضاً من شخصيات المعارضة وعدداً من شرائح المجتمع السوري.
وأكدت أطراف من المعارضة في الداخل السوري، خلال لقائهم انان، «ضرورة التزام السلطة بتعهداتها وقف استخدام العنف للتأكد من حسن نواياها قبل البدء بالعملية السياسية».
وقال رئيس المكتب الإعلامي في «هيئة التنسيق لقوى التغيير الديموقراطي» في سورية عبد العزيز الخير إنه ابلغ انان أن «كل حديث لبدء عملية سياسية في البلاد قبل القيام بذلك هو وهم، لأن النظام لا يتعاطى ابداً مع الشأن السياسي ولا يرى سوى المعالجة العسكرية والقمع للتحركات الشعبية». وعلمت « الحياة» أن أنان وصل إلى الدوحة ليلة أمس، وسيلتقي رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري رئيس اللجنة العربية المعنية الملف السوري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، لاطلاع المسؤولين في الدوحة على تقويمه لنتائج زيارته إلى دمشق وآفاق التحرك المستقبلي.
ميدانيا، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان 34 شخصا قتلوا أمس في اعمال عنف في عدد من المدن السورية.
وأوضح المرصد ان من بين القتلى 15 مدنيا و14 عسكريا بينهم ضابط بالاضافة الى خمسة منشقين، سقط معظمهم في ريف ادلب حيث كثف الجيش السوري النظامي عملياته العسكرية.
وذكر المرصد أن «اشتباكات عنيفة تدور بين مجموعات منشقة والقوات النظامية السورية في قرية الجانودية، قرب جسر الشغور، ما اسفر عن مقتل مدني وثلاثة جنود من القوات النظامية واعطاب ناقلة جند مدرعة». واضاف ان جنديا قتل بانفجار عبوة ناسفة في قرية مرعيان، كما قتل مدني في قرية الناجية بنيران رشاشات ثقيلة.
وفي حماة، افاد المرصد ان «اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات منشقة اسفرت عن مقتل ستة جنود وعنصرين منشقين».
وفي حمص، قتل ضابط وجرح خمسة جنود اثر كمين نصبته لهم مجموعة منشقة في قرية تابعة لمدينة القصير على الحدود السورية اللبنانية.
أنان للأسد: لا يمكنك تغيير اتجاه الريح
والرد الواقعي هو التغيير وتبنّي إصلاحات
(و ص ف، رويترز، أ ش أ، ي ب أ)
المبعوث الأممي التقى ممثلي الطوائف في سوريا وأبدى تفاؤله
ناشطون تحدثوا عن 73 قتيلاً معظمهم في إدلب وكلينتون تلتقي لافروف اليوم
أقر المبعوث المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي أنان، الذي أنهى زيارة لسوريا استغرقت يومين التقى خلالها الرئيس بشار الاسد مرتين بـ”صعوبة” المهمة المكلف القيام بها، لكنه أبدى تفاؤله قائلاً انه سلم الاسد “مقترحات واضحة” سيكون لها “انعكاس حقيقي” على الوضع الميداني في سوريا. وترافقت الزيارة مع استمرار العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش السوري. واعلنت “الهيئة العامة للثورة السورية” مقتل 73 شخصاً معظمهم في ادلب.
وصرح أنان بأنه حض الاسد على العمل بالمثل الافريقي الذي يقول “لا يمكنك تغيير اتجاه الريح ولذا غيِّر اتجاه الشراع”. وأضاف: “قدمت سلسلة مقترحات واضحة سيكون لها انعكاس حقيقي على الارض وستساعد في اطلاق عملية ترمي الى وضع حد لهذه الازمة”. وأفاد ان المحادثات تركزت على ضرورة “وقف فوري لاعمال العنف والقتل والسماح بوصول المساعدات الانسانية وحوار”. ورأى ان “الرد الواقعي هو (القبول) بالتغيير وتبني اصلاحات تضع الاسس المتينة لسوريا ديموقراطية ولمجتمع سلمي ومستقر ومتعدد ومزدهر على قاعدة الحق واحترام حقوق الانسان”.(راجع العرب والعالم)
وبعد لقائه مفتي سوريا أحمد بدر الدين حسون ورؤساء وممثلي الطوائف الدينية في سوريا، نقلت الوكالة العربية السورية للانباء “سانا” عن أنان أن مهمته مناقشة الخطوات التي يمكن أن تساعد في انهاء العنف وللتأكد من وصول المساعدات الانسانية والعمل على بدء حوار سياسي في سوريا، معربا عن أمله في أن يتمكن من المساعدة في تحقيق كل ما من شأنه أن يفضي الى اصلاحات ديموقراطية وتعزيز احترام حقوق الانسان في هذا البلد.
وقال: “أتمنى أن تكون سوريا آمنة وأن نستثمر التعددية فيها والنهوض بالمصالحة والتسامح واشاعة هذا الجو في المساجد والكنائس وعبر كل الطوائف… أنا أعلم أنكم جميعاً تنتمون الى هذه الامة وأرجو أن نعمل معاً لتكريس مشاعر التسامح والعدل وتضميد الجروح”. وأشار الى انه تحدث مع أعضاء مجلس الامن وسفراء الاتحاد الاوروبي وعدد من المسؤولين وقادة الرأي في العالم وطلب منهم التعاون لتأمين السلم في هذا البلد العريق.
وقال المفتي حسون إن “المنطقة كانت مهد الرسل والرسالات السماوية التي تحترم كرامة الانسان وتكرس قيم الخير والتسامح والمحبة”، داعياً “من يحملون السلاح ويدعون السلمية الى اللجوء الى الحوار”. ورأى أن “من يحمل السلاح لتخريب وطنه خدمة لأجندات خارجية ليس بسوري لأن سوريا كانت على الدوام بلد العيش المشترك ولا فارق فيها بين مسيحي ومسلم”.
وقال بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس أغناطيوس الرابع هزيم” إن السوريين يعيشون منذ الازل معاً في بيتهم الكبير سوريا”، وإن “كل ما تشيعه القنوات الاعلامية المغرضة من أكاذيب وفبركات عن وضع المسيحيين فيها عار من الصحة وهي عبارة عن اوهام في عقول بعض الاوروبيين”. وأضاف: “نحن في سوريا نعيش معاً مسيحيين ومسلمين اخوة متحابين نتقاسم مدارسنا ومستشفياتنا ورغيف الخبز وجمال وسلام وأعياد الوطن ونتمنى لمسعاكم النجاح وسنعمل معكم على ذلك”.
وتلتقي وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في نيويورك على هامش اجتماع لمجلس الامن عن الربيع العربي.
التفاهم الروسي العربي على النقاط الخمس يخضع للاختبار اليوم في مجلس الأمن
أنان يغادر دمشق: جولة أولى استكشافية … تصطدم بصعوبة وقف النار
زياد حيدر
كرر الرئيس السوري بشار الأسد تأكيده على نهجه في التعاطي مع الأزمة التي تعصف بسوريا منذ عام، بربط أي حلول سياسية بإعادة الأمن والاستقرار إليها، وإنهاء تواجد «المجموعات الإرهابية»، وذلك خلال ثلاثة لقاءات جمعته خلال اليومين الماضيين في دمشق مع المبعوث الدولي للأمم المتحدة إلى سوريا كوفي أنان الذي عبر عن «أمله» في أن يتمكن من إطلاق حوار في إطار عملية سياسية تعيد الاستقرار إلى سوريا، مشيراً إلى انه «متفائل» على الرغم من إقراره بأنه سيكون من الصعب التوصل الى اتفاق لوقف إراقة الدماء.
واجتمع الأسد وأنان، لثلاث مرات، بداية بحضور الوفد المرافق للمبعوث الدولي ووزير الخارجية وليد المعلم، الذي التقى أنان على الغداء، إضافة للمستشارة الرئاسية بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد ومسؤول إدارة المنظمات الدولية في الخارجية السورية السفير تمام سليمان.
وعقد الأسد وأنان اجتماعين منفصلين لاحقاً، كما تردد أن لقاءً ثالثاً جرى بينهما قبيل مغادرة المسؤول الدولي لدمشق، حيث اشارت مصادر متابعة
إلى أن الطرفين «ابديا رغبة في التعاون والاستمرار في التشاور بشأن أفضل الآليات والسبل لذلك». ولمست أطراف متابعة من السلطة والمعارضة رغبة الدبلوماسي الدولي المخضرم في تحقيق نجاح على صعيد تهيئة عملية سياسية تسمح بفتح أبواب الحل في سوريا.
كما التقى أنان بممثلين عن المعارضة السورية، ورموز دينية أبرزهم مفتي سوريا الشيخ أحمد حسون. وطالبت أطياف المعارضة، سواء من هيئة التنسيق الوطنية أو تيار بناء الدولة السورية بأن «يسعى أنان لإقناع السلطة بإنهاء الحل العسكري والأمني» بما يسمح بتهيئة بيئة الحوار السياسي.
وكان الأسد التقى أنان أول امس واستمع منه إلى عرض لرؤيته الأولية إزاء الوضع في سوريا، الذي اكد خلاله التزامه بالعمل بشكل عادل وحيادي ومستقل ورفضه التدخل الخارجي في الشؤون السورية وإيمانه بالحل السلمي.
وعبر انان، وفقاً لوكالة الأنباء السورية (سانا) عن أمله بأن يتمكن من العمل مع الحكومة السورية لإطلاق حوار دبلوماسي في إطار عملية سياسية تعيد الاستقرار الى سوريا وتحقق طموحات الشعب السوري العريق. وأعرب الأسد، من جهته، عن «استعداد سوريا لإنجاح أي جهود صادقة لإيجاد حل لما تشهده سوريا من أحداث»، مضيفاً «أن النجاح في أي جهود يتطلب اولاً دراسة ما يحدث على الأرض عوضاً عن الاعتماد على الفضاء الافتراضي الذي تروج له بعض الدول الإقليمية والدولية لتشويه الوقائع وإعطاء صورة مغايرة تماماً لما تمر به سوريا».
وأضاف الأسد «إن أي حوار سياسي او عملية سياسية لا يمكن أن تنجح طالما تتواجد مجموعات إرهابية مسلحة تعمل على إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد من خلال استهداف المواطنين من مدنيين وعسكريين وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة».
من جهته قال أنان، الذي انتقل من دمشق الى الدوحة على ان يزور انقرة اليوم، «إنه متفائل بعد جولة ثانية من المحادثات مع الأسد الأحد، لكنه اعترف بأنه سيكون من الصعب التوصل الى اتفاق لوقف إراقة الدماء». وأضاف «سيكون الأمر شاقاً. سيكون صعباً لكن علينا التحلي بالأمل»، وتابع مستشهداً برغبة عامة لإحلال السلام في سوريا «أشعر بتفاؤل لعدة أسباب».
وأبلغ انان الصحافيين انه قدم للأسد «مقترحات ملموسة»، ودعا إلى وقف فوري للقتل في سوريا، حيث تقول الأمم المتحدة أن 7500 شخص قتلوا خلال عام من الاحتجاجات، وتقول السلطات «إن أكثر من ألفي جندي قتلوا على أيدي مسلحين».
وقال أنان «قمت بحثّ الرئيس على العمل بالمثل الأفريقي الذي يقول: لا يمكنك تغيير اتجاه الريح ولذا غير اتجاه الشراع»، مضيفاً «أن سوريا بحاجة إلى إجراء تغيير وإصلاح». وتابع «يجب أن تبدأ بوقف القتل والمآسي والانتهاكات التي تحدث اليوم ثم تمنح وقتاً لتسوية سياسية»، موضحاً أن الوضع «سيئ وخطير للغاية»، وإن كل السوريين يتحملون مسؤولية «المساعدة في علاج وإصلاح هذه الأمة».
وقال أنان للصحافيين في ختام لقائه الأسد «قدمت سلسلة مقترحات ملموسة سيكون لها انعكاس حقيقي على الأرض وستساعد في إطلاق عملية ترمي إلى وضع حد لهذه الأزمة». وأكد أن المحادثات تركزت على ضرورة «وقف فوري لأعمال العنف والقتل والسماح بوصول المساعدات الإنسانية وحوار». وأضاف «الرد الواقعي هو (القبول) بالتغيير وتبني إصلاحات تضع الأسس المتينة لسوريا ديموقراطية ولمجتمع سلمي ومستقر ومتعدد ومزدهر على قاعدة الحق واحترام حقوق الإنسان».
كما أعرب عن «تفاؤله» على الرغم من أن مهمته «ستكون صعبة». وقال إن «علينا أن نتحلى بالأمل، إنني متفائل». وأضاف «إنني متفائل لعدة اسباب، لقد قابلت العديد من السوريين خلال المدة القصيرة التي قضيتها هنا وأغلب السوريين الذين قابلتهم يرغبون بالسلام وبإيقاف العنف»، مشيراً الى ان «الوضع سيئ للغاية وخطير جداً ولا يمكن لأحد ان يفشل».
وحول إمكانية التوفيق بين مواقف الأسد التي تقول إنه لا يمكن البدء بعملية سياسية في ظل وجود مجموعات إرهابية مسلحة وبين ما تطرحه المعارضة بضرورة وقف العنف، قال انان، في تصريحات صحافية، إنّ «عملية التوفيق بين الفرقاء هي جزء من التحدي ومن مهمتي، لأن الأطراف لديها مواقف مختلفة، ونحن نهدف إلى التوافق في ما بينها. وعلى الفرقاء تقديم تنازلات لأنه لا يمكننا الاستمرار بحالة العنف والقتل ويجب فتح مجال لحل سياسي».
وأضاف «على الوسيط أن يصل إلى توافق أو اتفاق ليحرك العملية قدماً». ووصف حصيلة مهمته بالقول إن «الحالة خطيرة ولا يمكن لأحد أن يتحملها»، مشدداً على أن «السلام والاستقرار في سوريا مسؤولية كل سوري، وليست مسؤولية الحكومة وحدها أو الوسيط وحده». وأشار إلى أنه «بحث مع الأسد في التوصل إلى حل سياسي للأزمة وتقديم المساعدات الإنسانية للمدن التي عانت وتعاني من أعمال عنف».
من جهته، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي أجواء الزيارة بـ«الإيجابية»، معلقاً في اتصال مع «السفير» أن «الدعم الدولي لمهمة أنان يوحي بإمكانية رسم أفق سياسي للأزمة في سوريا»، معتبراً أن هذا يبقى مرهوناً «بتغير مواقف وسياسات الدول العربية والأجنبية التي تشن حملة على سوريا وتحاول التأثير السلبي على تطورات الأوضاع فيها».
أنان ورجال الدين والمعارضة
ونقلت وكالة «سانا» عن أنان قوله، خلال لقائه مفتي سوريا احمد بدر الدين حسون ورؤساء وممثلي الطوائف الدينية في سوريا، أن «مهمته تأتي لمناقشة الخطوات التي يمكن أن تساعد في إنهاء العنف وللتأكد من وصول المساعدات الإنسانية والعمل على بدء حوار سياسي في سوريا»، معرباً عن أمله بأن «يتمكن من المساعدة في تحقيق كل ما من شأنه أن يفضي إلى إصلاحات ديموقراطية وتعزيز احترام حقوق الإنسان في هذا البلد».
وأضاف أنان «أتمنى أن تكون سوريا آمنة، وأن نستثمر التعددية فيها والنهوض بالمصالحة والتسامح وإشاعة هذا الجو في المساجد والكنائس وعبر كل الطوائف». وتابع «أنا أعلم أنكم جميعا تنتمون إلى هذه الأمة، وأرجو أن نعمل معاً لتكريس مشاعر التسامح والعدل وتضميد الجراح». وأشار إلى أنه «تحدث مع أعضاء مجلس الأمن وسفراء الاتحاد الأوروبي وعدد من المسؤولين وقادة الرأي في العالم وطلب منهم التعاون لتأمين السلم في هذا البلد العريق».
وقال أنان إنه «التقى (أول) أمس الأسد وبعضاً من شخصيات المعارضة السورية والتجار ورجال الأعمال وعدداً من شرائح المجتمع السوري، ووجد أن الجميع يريد الحل وتضميد الجراح»، مؤكداً أن «أبناء سوريا وحدهم القادرون على حل مشاكلهم، وأن مهمته تهدف إلى المساعدة في هذا الأمر الذي يحتاج إلى دعم الجميع بمختلف مكوناتهم».
من جانبه، أكد حسون أن «المنطقة كانت مهد الرسل والرسالات السماوية التي تحترم كرامة الإنسان وتكرس قيم الخير والتسامح والمحبة»، داعياً «من يحملون السلاح ويدّعون السلمية الى اللجوء للحوار»، معتبراً أن «من يحمل السلاح لتخريب وطنه خدمة لأجندات خارجية ليس بسوري، لأن سوريا كانت على الدوام بلد العيش المشترك، ولا فرق فيها بين مسيحي ومسلم».
بدوره، أوضح بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس أغناطيوس الرابع هزيم أن «السوريين يعيشون منذ الأزل معاً في بيتهم الكبير سوريا»، مؤكداً أن «كل ما تشيعه القنوات الإعلامية المغرضة من أكاذيب وفبركات عن وضع المسيحيين فيها عار عن الصحة، وهي عبارة عن أوهام في عقول بعض الأوروبيين». وقال «نحن في سوريا نعيش معاً مسيحيين ومسلمين أخوة متحابين، نتقاسم مدارسنا ومستشفياتنا ورغيف الخبز وجمال وسلام وأعياد الوطن، ونتمنى لمسعاكم النجاح، وسنعمل معكم على ذلك».
وكان أنان التقى بوفد من تيار بناء الدولة ضم كلاً من رئيسه لؤي حسين وأمين السر منى غانم. وذكر التيار، في بيان، أنه أبلغ أنان بمقترحه «إلى العديد من الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية المعنية بضرورة تشكيل لجنة وساطة دولية تقوم بالاتصال بجميع الأطراف المعنيين، وذلك بسبب التعقيد الشديد للأزمة السورية».
وأعرب الوفد عن رأيه بأن «معيقات الحل السياسي» يقف على رأسها «تعنت السلطة بعدم القبول بإيقاف العنف الذي تمارسه ضد المواطنين في إطار العملية القمعية التي انتهجتها منذ انطلاق حركة الاحتجاجات»، إضافة إلى أن «مواقف بعض الدول الإقليمية لا تساعد في دفع العملية السلمية، كمطالبة بعض وزراء الخارجية الخليجيين إرسال قوات عسكرية عربية ودولية إلى سوريا»، في إشارة إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب السبت الذي عقد بالتزامن مع وصول انان إلى دمشق. وأكد وفد التيار «ضرورة التوافق الدولي لأن الانقسام الدولي يتسبب بانقسام قوى المعارضة وبانقسام المجتمع السوري الذي يدفع إلى حرب أهلية».
من جهتها جددت «هيئة التنسيق للتغيير الديموقراطي»، خلال لقائها أنان، تحميل السلطة السورية مسؤولية تدهور الوضع الأمني. وقال عضو الهيئة رجا الناصر لـ«السفير» إن وفداً من «شباب الحراك الميداني شارك في الاجتماع وأطلع أنان على تفاصيل الوضع الميداني الذي قدم صورة مخالفة للصورة التي يقدمها النظام». وأضاف إن الوفد طالب بعودة المراقبين العرب، مشيراً إلى أن الهيئة تشترط «قبل الشروع بالتفاوض مع النظام تحقيق المناخ المناسب»، معتبراً أن ذلك يتطلب أمرين اساسيين هما: «إيقاف العنف والإغاثة الانسانية للمناطق المتضررة».
من جهته اكتفى أنان بالاستماع في الاجتماعين، وفقاً لما نقلته مصادر المعارضة لـ«السفير»، مبدياً رغبته في إيجاد حل سريع للأزمة في سوريا ومتفهماً تعقيداتها ايضاً. وقالت المصادر إن أنان لمس رغبة في التعاون من الجانب السوري الحكومي أيضاً، وأنه يرغب في التقاء كل الأطراف قبل تكوين تصور نهائي عن حل الأزمة، مكرراً أنه لا زال في مرحلة الاستكشاف ولا يمتلك حلولا سحرية، وأن «اي حل يتطلب تضحيات من الجميع».
واستبعد (ا ف ب، ا ي، رويترز) «المجلس الوطني السوري» المعارض، في بيان أول امس، «إجراء اي محادثات ما دام الاسد في الحكم». وقال إن «المفاوضات لا يمكن ان تجري بين الضحايا والجلاد، وأن على الأسد وحاشيته ان يتنحوا عن الحكم كشرط مسبق لبدء اي مفاوضات جادة».
السعودية وألمانيا
وفي الرياض، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني غيدو فسترفيله، أن «استمرار الهجوم السوري على شعبه هو نية معلنة من جانب الحكومة السورية لمواصلة هذا الهجوم على شعبها».
وأضاف إن «كان الرئيس السوري واثقاً بدعم شعبه وأن هناك أشخاصاً يحاربون وهم إرهابيون فإنه يجب أن يقبل إرادة الناس وأن يسمح للحل السلمي والمفاوضات السلمية أن تنطلق. إن ما يحدث في سوريا لا يمكن أن يكون وفق القانون الدولي ولا الإسلامي وبالتالي ما يقوم به النظام في سوريا في الحقيقة مذبحة لسكان سوريا، لا أدري كيف يمكن تبريرها تحت أي مبرر، ولأجل ذلك هناك موقف نشيط يكاد يكون شبه عالمي ضد ما يجري في سوريا، وعسى أن يشعر بذلك النظام في سوريا وأن يعدل مساره».
وتابع الفيصل «ليس هناك أحد ضد سوريا أو النظام السوري ولكن نحن ضد الأعمال التي يقوم بها النظام في سوريا، وإذا توقف، فإن الأمر يعود للسوريين، ولكن من غير الإنساني أن نشاهد ما نشاهد ولا ندعم السوريين للدفاع عن أنفسهم»، في إشارة إلى دعوته مؤخراً لتسليح المعارضة.
وحول اتهام روسيا للسعودية بدعم الإرهاب داخل سوريا، أكد الفيصل أن «السعودية لا تحتاج إلى أن تثبت أنها ضد الإرهاب». وقال «أي عاصمة تحتضن الإرهابيين من جميع الجنسيات هل هي سوريا أم السعودية». وطلب أن «نكون متفائلين»، معتبراً أن «ما يحدث في سوريا لا يمكن أن يستمر، ولكن الأمور لا تظهر على حقيقتها إلا في أضعف أوقاتها، حيث يبدو النظام متماسكاً الآن، لكن كل شخص يقتل هناك يضعف هذا الكيان الذي نراه متماسكاً، وسيستمر هذا الوضع الراهن إلى أن يهبط الكيان القائم مرة واحدة، فإذا أراد هذا الكيان البقاء فيجب أن يلتفت إلى شعبه، أما إذا أدارت الشعوب ظهورها لقيادتها فلا يمكن لهذه القيادة أن تبقى».
وقال فسترفيله «نريد التوصل إلى حل سياسي وندعم المعارضة لكننا نركز على السياسة في الوقت الحالي وهناك تراجع من جانب الأسد. نسعى للتوصل الى ثلاث نقاط: إنهاء العنف وإيصال المساعدات والحل السياسي».
لافروف والوزراء العرب
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغى لافروف ونظيره القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، بعد اجتماع لوزراء الخارجية العرب مع نظيرهم الروسي في القاهرة أول أمس، أن موسكو والجامعة العربية اتفقتا على خمسة أسس لتسوية الأزمة السورية، وهي أن العنف لا بد أن ينتهي وأن هناك حاجة إلى مراقبة غير منحازة للوضع في البلاد ومعارضة للتدخل الأجنبي فيها بالإضافة إلى تيسير نقل المساعدات الإنسانية للسوريين ومساندة مهمة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي انان.
ويسجل هذا الاتفاق تحولاً في العلاقة بين روسيا والجامعة العربية، بعد أن وصلت هذه العلاقة إلى مرحلة توتر شديد ترجم باستخدام موسكو وبكين «الفيتو» مرتين داخل مجلس الأمن على مشروعي قرارين يحظيان بدعم العرب. (تفاصيل صفحة 13)
وأعلن حمد في تصريح لقناة «الجزيرة» أمس أن ما تم الاتفاق عليه مع لافروف في الجامعة العربية هو اطر عامة، وسيتم تقييم نيات موسكو في مجلس الأمن الدولي.
وتجتمع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ولافروف في نيويورك اليوم على هامش اجتماع وزاري خاص لمجلس الأمن بشأن الانتفاضات العربية من المرجح ان تكون سوريا موضوعاً رئيسياً فيه.
وبحث الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني في الرياض الملف السوري مع مساعد وزير الخارجية الصيني المبعوث الخاص للازمة السورية تشانغ مينغ. كما التقى مينغ نائب وزير الخارجية السعودي الأمير عبد العزيز بن عبد الله.
ميدانيات
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيانات، «قتل 43 شخصاً، بينهم 24 مدنياً و14 عسكرياً وخمسة منشقين، سقط غالبيتهم في ريف ادلب حيث كثف الجيش السوري النظامي عملياته العسكرية، بالإضافة إلى مدينة يبرود في ريف دمشق وريف حمص وحماه». وذكرت «سانا» إن «مسلحين اغتالوا الملاكم السوري العالمي محمد غياث طيفور بينما كان في سيارته في ساحة جامعة حلب».
وكان المرصد أشار، أول أمس، الى «مقتل 91 شخصاً، بينهم 39 منشقاً، أغلبهم في ريف ادلب». وذكرت «سانا» ان «مجموعة إرهابية اغتالت ضابطاً برتبة عقيد ركن في أشرفية صحنايا في ريف دمشق». وأضافت إن «السلطات السورية احبطت محاولة تسلل مجموعة ارهابية مسلحة من تركيا في ريف ادلب، وقتلت عدداً من عناصرها وقبضت على آخرين».
أنان ينتظر تقارباً روسياً ـ أميركياً للنجاح في سوريا
سامي كليب
كشفت زيارة كوفي أنان لدمشق، أن التسوية السياسية في سوريا صارت ممكنة لو حصل تقارب روسي – أميركي في الأيام القليلة المقبلة… ذلك أن المبعوث الأممي الذي لمس عند الرئيس بشار الأسد استعدادا للحوار وتصميما على استكمال حملة القضاء على المسلحين، فهم أن المعارضة القلقة من المتغيرات الدولية والتراجع العربي، تعتقد أن القيادة السورية باتت تتصرف من موقع المنتصر وأن أي دخول في الحوار معها الآن يعني القضاء على آخر الفرص لإحداث تغيير جدي في بنية السلطة.
اللافت أن كوفي أنان لم يشر مطــلقا أمام الأسد إلى المرحلة الانتقالية أو إلى احتــمال تغــيير النظام. بقي المبعوث الدولي في حدود إقناع الرئيس السوري بمسائل وقف العــنف من قبل كل الأطراف، وإيصال المساعدات الإنســانية، وقبول التــفاوض مع المعارضة.
بدا الرئيس السوري مرتاحا لأجواء اللقاء. هو يعرف كوفي أنان منذ فترة طويلة، ولعل بين الرجلين شيئا من الود. يتذكر بعض القيادة السورية كيف أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة لعب دورا لا بأس به لصالح سوريا بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. نجح آنذاك في منع محاولات غربية للزج ببعض الأسماء السورية في ملف الاغتيال. ويتذكرون أيضا كم عانى كوفي أنان من غضبة أميركا عليه حين عارض الحرب على العراق حيث فتحت ضده ملفات تتهمه وتتهم ابنه بالفساد في قضية «النفط في مقابل الغذاء». ولا بأس لو تذكر أنان أيضا كيف أن حلف شمال الأطلسي لم يمنع تقسيم يوغوسلافيا ولم يقدم لليبيا سوى القتل والتقسيم والسلفية.
لم يذهب أنان إلى سوريا إذاً لإقناع الأسد بالرحيل. هذه قضية صارت خلف ظهر الجميع. هكذا فهم من التقى المبعوث الدولي في دمشق من سلطة ومعارضة. ولم يذهب أنان إلى سوريا من دون غطاء دولي واضح يمتد من موسكو مرورا بأوروبا وصولا إلى الولايات المتحدة. التسوية باتت مطلوبة أكثر من أي وقت مضى، لكن الغرب لا يريد لموسكو أن تقطف وحدها الثمار. وروسيا المتجددة بعودة فلاديمير بوتين إلى سدة الرئاسة تدرك أنها أمام فرصة تاريخية لن تفوتها مهما حصل.
لم يكن بالصدفة تزامن محادثات أنان في دمشق، مع محادثات أخرى لافتة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزراء الخارجية العرب في مقر جامعة الدول العربية. ما كان أحد ليتصور أن موسكو ستحتل يوما ما مقعد المفاوض الأول لدول الخليج بدلا من واشنطن في لحظة مصيرية كالتي تمر بها سوريا حاليا.
فرض بوتين وجهة نظره على الجميع. اعترفت واشنطن بما كانت موسكو تقوله منذ فترة طويلة حول وجود مسلحين. تراجع الغرب ومعه الدول العربية عن مبدأ عدم التفاوض مع النظام السوري. قبلت الجامعة العربية بأن تخفض سقف مطالبها بحضور لافروف بذريعة أن ذلك سيساعد على نقل الملف إلى مجلس الأمن والحصول على موافقة الجميع من دون أي «فيتو» روسي أو صيني.
مصادر الأمم المتحدة في القاهرة تقول إن كوفي أنان لم يجد أي حماسة عند الأسد لجهة المبادرة العربية. لعل المبعوث الدولي فهم أن الرئيس السوري أسقط هذه المبادرة من حساباته، لا بل أسقط أيضا الجامعة العربية برمتها. لم يستقبل الأسد ضيفه الدولي سوى بصفته مبعوثا للأمم المتحدة وليس للجامعة العربية. لم يعترض كوفي أنان على ذلك، فالسياسي الغاني الأصل يدرك هو الآخر انه يلعب ورقة شخصية كبيرة الأهمية في الملف السوري. لو نجح في مهمة الوصل بين السلطة والمعارضة فسيكون قد حقق انجازا عجز عن تحقيقه وهو على رأس المنظمة الدولية. لا بد إذاً من قياس كل خطوة بدقة كبيرة.
شعر كوفي أنان بأن الأسد يتحدث بثقة كبيرة بالنفس. لا وقف للعملية الأمنية قبل القضاء على السلاح والمسلحين. لا تفاوض إلا تحت سقف الدولة. ما كانت دمشق تقبله قبل بضعة أشهر لم تعد بحاجة لقبوله الآن. لعل الأسد ما عاد قابلا أيضا التفاوض مع المعارضة خارج الأراضي السورية إلا إذا كان الأمر في موسكو. يحق للحليف الروسي ما لا يحق لغيره.
لكن هذا لا يعني أن دمشق ليست بحاجة إلى تسوية أو لا تريدها. على العكس تماما، كان الرئيس السوري واضحا في حديثه لكوفي أنان. شرح له كل خطوات الإصلاح وتلك التي ستأتي قريبا. كان المبعوث الدولي يعبر بين الوقت والآخر عن التأييد والموافقة. فهم أن الأسد لم يغلق الباب على محاورة المعارضة، وإنما أغلقه على المسلحين وداعميهم فقط.
خرج كوفي أنان من عند الرئيس السوري مرتاحا. صحيح أنه لم يحصل على وعد بوقف العملية العسكرية فورا، ذلك أن القيادة السورية تشعر بأن أي وقف لهذه العملية من دون إنهاء المظاهر المسلحة وتسليم السلاح يعني العودة إلى نقطة الصفر. ما كان مقبولا قبل حمص ما عاد مقبولا بعدها. لكن أنان أخذ ضمانات جيدة حيال الحوار المقبل الذي يجب أن يتم من دون شروط. فالمعارضة كانت تشترط وقف العملية العسكرية وسحب الجيش من المدن ومعاقبة المسؤولين عن القتل وإطلاق سراح المسلحين والدخول في مفاوضات للاتفاق على المرحلة الانتقالية. لم يحصل أنان سوى على القـبول بمبدأ التفاوض من دون شروط.
كان الوعد كافيا لإرخاء جو من الارتياح لدى المبعوث الدولي المدرك صعوبة مهمته وحساسيتها. لم يجد عند الأسد مانعا في مفاوضة أي معارض إذا ما كانت النية هي الإصلاح وليس السلاح. ذهب بعد ذلك للقاء المعارضة. وجد في البداية تصلبا وتمسكا بالمطالب نفسها. شرح الوضع. تحدث عن الإطار الدولي. نصح بعدم المغالاة. شرح له المعارضون أسباب قلقهم. قال انه هو نفسه واثق بضمانات الأسد. ارتأى أن يتم الدخول إلى طاولة الحوار لسبر النيات. لم يكن اللقاء مريحا. ثمة من ينقل عنه انه وجد بعض المعارضة خارج منطق التاريخ والجغرافيا. ومع ذلك حصل على قبول بالتفاوض لو تحسنت الشروط. بقيت العقبة متمثلة بالوقف الفوري للعنف. من يمون على المسلحين. ولو وافق النظام على هدنة، فهل ثمة من يستطيع لدى المعارضة التأثير فعلا على المسلحين؟
لا بد إذاً من العودة إلى الخارج. سينقل كوفي انان ما سمع إلى الأطراف الدولية. يبدو انه سينصح باتخاذ إجراءات لإشاعة جو من الثقة. لا بأس أن تكون البداية عبر وقف الحملات الإعلامية. هذا يفترض الضغط على بعض الفضائيات. يتطــلب الأمر ضوءا اخضر أميركيا. قد يقابل ذلك بإشارات من قبل النظام حيال المعارضة.
التفاصيل ما عادت مهمة. الأهم هو التقارب الأميركي – الروسي حيال الأزمة السورية. من المنتظر أن تشهد قاعات مجلس الأمن والأمم المتحدة مشاورات حثيثة اليوم. يدرك الروس ان الضغوط ستكون كبيرة عليهم. هم نصحوا القيادة السورية بعدم إغلاق الباب أمام المبعوثين الدوليين. كان هذا احد أسباب استقبال دمشق مسؤولة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس. ليست هذه السيدة من المحببين على قلب القيادة السورية، فهي كانت أعربت مرارا عن مواقف مناهضة للنظام السوري. لكن لا بأس من استقبالها إذا كان ذلك يسهل عمل القيادة الروسية في مجلس الأمن. يدرك الروس أن الضغوط الدولية مرشحة للتفاقم ضدهم، وان الصين التي مارست حق النقض (الفيتو) معهم حيال الأزمة السورية قبل فترة، قد لا تستمر على صلابتها في حال لم ترشح بوادر حل قريب في سوريا واقتصر الأمر على العملية العسكرية.
سيحاول كوفي أنان تقديم نفسه على أنه الحل الوسط. الجميع بحاجة إلى وساطته حاليا. لكن الأمر ليس بالسهولة التي قد تبدو للبعض. لا أحد يستطيع ربح المعركة السورية بالكامل، ولا احد قابل بخسارتها بالكامل. وبما أن الملف السوري هو جزء من ملفات كثيرة لا بد من حسمها بين الروس والأميركيين قبل قمة «الأطلسي» المقبلة في شيكاغو في شهر أيار المقبل، فإن لا شيء سيوازي احتمالات التسوية سوى الضغوط الكبيرة من قبل كل الأطراف. والأكيد هو أن الكرة باتت الآن أكثر من أي وقت مضى في ملعب المعارضة السورية، ذلك أن ما قد يقبله النظام السوري اليوم ربما يرفضه لاحقا في حال أكمل السيطرة على بقية المناطق السورية الساخنة، وسط تراجع دولي وعربي واضحين عن فكرة إسقاط النظام السوري بالقوة.
لعل الأميركيين يفكرون جديا بان الاتفاق مع الروس على قرار في مجلس الأمن، ولو بحده الأدنى لمعالجة الأزمة السورية، هو الخيار الأسلم لإيجاد مخارج تحفظ ماء وجه الجميع. وموسكو لن ترفض ذلك إذا ما قبلت واشنطن تحميل الجميع مسؤولية العنف، أي الاعتراف بمسؤولية المعارضة المسلحة، وبالتالي الدفع صوب الحوار.
المخاض السياسي قد يكون طويلا وقد يستمر نزف الدم السوري، لكنه من دون شك قد بدأ بشروط على الأرجح روسية.
سنة على الانتفاضة السورية: النظام في حكم المنتهي واخطار كبيرة تحدق بالبلاد
بيروت- (ا ف ب): بعد مرور سنة على الانتفاضة السورية، يبقى الرئيس بشار الأسد متمسكا بالحكم، الا أن محللين يرون أن نظامه في حكم المنتهي وان اخطارا عديدة تحيط بسوريا، ليس اقلها الحرب والتقسيم.
ويقول مدير مركز بروكينغز للابحاث في الدوحة سلمان شيخ لوكالة فرانس برس “لو طرح قبل سنة السؤال عما اذا كان الاسد يمكن ان يكون في طريقه الى الانتهاء، لكان كثيرون رفضوا مجرد الفكرة. (…) لكنني اعتقد اليوم ان النظام يخسر، والوقت ينفد منه”.
ويضيف “بعد سنة، حتى لو ان بعض المؤشرات تدل على انه لن ينهار بسهولة، فهناك مؤشرات اخرى على ان الانتفاضة حية وبحالة جيدة ومستمرة، وستقود على الارجح الى نهاية هذا النظام”.
بدأت الانتفاضة في منتصف آذار/ مارس 2011، عندما قام بضعة فتيان لا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة بالخربشة على جدران مدرستهم في مدينة درعا (جنوب) “الشعب يريد اسقاط النظام”، متأثرين آنذاك بشعار الثورتين التونسية والمصرية اللتين نجحتا سريعا في اسقاط نظامين متسلطين ورئيسين احتكرا السلطة لعقود.
وكان رد فعل النظام عنيفا، فاعتقل الفتيان وزجهم في السجن. تظاهر افراد عائلاتهم ومتعاطفون مطالبين بالافراج عنهم. قمعت التظاهرة بالقوة، وسقط قتلى.
وتزامن ذلك مع تظاهرتين صغيرتين نظمهما ناشطون سياسيون معارضون في سوقي الحميدية والمرجة في دمشق تضامنا مع المعتقلين السياسيين. كان ذلك كافيا، في ظل اصداء “الربيع العربي” التي وصلت، بعد تونس ومصر، الى ليبيا واليمن والبحرين وغيرها، لاطلاق شرارة حركة احتجاجية واسعة.
وحاول بشار الاسد تلقف المطالب الشعبية، فاعلن على دفعات عن مجموعة اصلاحات تشكل مطالب مزمنة للمعارضة مثل رفع حالة الطوارىء المفروضة منذ عقود، ووضع قانون للاعلام، وآخر للاحزاب، وصولا الى دستور جديد يلغي احادية قيادة حزب البعث للبلاد.
لكن القمع العنيف للتظاهرات وتزايد عدد القتلى والاعتقالات والتسويق لرواية عن “مجموعات ارهابية مسلحة” تعيث الخراب في البلد، جعل كل كلام عن الاصلاح يفتقر الى المصداقية.
ويقول استاذ العلاقات الدولية في جامعة باري-سود الفرنسية خطار ابو دياب “الثورة السورية تتسم بطابع خاص بالمقارنة مع حركات الربيع العربي الاخرى، بالنظر الى التضحيات الكبرى للشعب في ظل درجات من القمع غير مسبوقة (…) والتسلط الذي يكاد يوازي بعض اشكال الستالينية”.
وتسببت حملة القمع على مدى سنة بسقوط 8500 قتيل تقريبا، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
ومنذ اسابيع، تترافق التعبئة الشعبية مع تمدد للتحرك المناهض للنظام الى مناطق كانت في منأى نسبيا عن الاحتجاجات مثل حلب ودمشق، انما كذلك مع تصعيد في المواجهات العسكرية.
ويقول ابو دياب ان “درجات القمع دفعت الناس الى الدفاع عن انفسهم (…) المعارضة كانت سلمية وشعبية، والنظام بذل اقصى جهده من اجل عسكرتها”.
وبعد شعار (الله، سوريا، حرية وبس)، يرتفع اليوم باصرار في التظاهرات شعار (نعم لتسليح الجيش الحر)، مع تزايد الدعوات في العالم الى دعم هذا الجيش المؤلف من جنود منشقين ومؤيدين، بالسلاح والتجهيز. غير ان جهات عدة ابرزها واشنطن تتحفظ.
وتشن قوات النظام هجمات بالمدفعية والاسلحة الثقيلة على معاقل الجيش الحر الذي يعجز عن الصمود باسلحته الخفيفة والمتوسطة التي استولى عليها من الجيش النظامي او هربت اليه من دول مجاورة.
ورغم المنحى العسكري المتصاعد الذي تضاف اليه ظروف انسانية ومعيشية مأسوية، يعجز المجتمع الدولي عن الوصول إلى توافق حول الازمة.
ويرى أبو دياب أن هناك “مأزقا داخل سوريا، ومأزقا حول سوريا نتيجة حرب باردة غير معلنة” بين الدول الغربية وغالبية الدول العربية من جهة وروسيا والصين من جهة اخرى مدعومتين من دول قريبة من النظام ابرزها ايران.
ويقول ابو دياب “هذه الثورة لم تجد لها حليفا”، مشيرا الى ان انحياز الجيش القريب من الغرب الى الحركة الشعبية في كل من تونس ومصر سرع في سقوط النظامين، “كما فتح النفط شهية الدول على التدخل في ليبيا”.
وفي سوريا، لا الغرب متحمس لفكرة التدخل ولا الممانعة الروسية والصينية في مجلس الامن لاي قرار يدين النظام تسهل التوصل إلى تسوية.
في ضوء ذلك، يرسم المحللون صورة قاتمة لمستقبل سوريا على المدى القريب.
وجاء في تقرير لمجموعة الازمات الدولية صدر الاسبوع الماضي حول سوريا “حتى لو تمكن النظام من البقاء لبعض الوقت، فقد اصبح مستحيلا عليه عمليا ان يعيد السيطرة على البلاد أو يعيد الحياة الطبيعية اليها. قد لا يسقط، لكنه (..) سيتحول الى ميليشيات متنوعة تقاتل في حرب اهلية”.
ويتخوف سلمان شيخ من “مجازر” اذا تم تسليح المعارضة غير المنظمة وغير الموحدة، معتبرا ان هذا الامر “سيشكل وقودا اضافية لاشعال النزاع الاهلي”. لكنه يرى، رغم ذلك، ان الحل الوحيد يكمن في “دعم حقيقي وحاسم” للمعارضة من الخارج.
ويقول ابو دياب “خطر التقسيم موجود. فاذا تبين للنظام انه ليس في امكانه ابقاء سيطرته على كل البلاد، قد يكتفي بمنطقة علوية”.
اما في اسوأ الاحتمالات، “فلن يتردد في اشعال المنطقة عبر افتعال انقلاب في لبنان او العراق، أو حرب اقليمية مع إسرائيل. فهو يريد البقاء حتى لو حول سوريا إلى صومال أو بوسنة ثانية”.
سفير سوريا في روسيا: دمشق سترد بالمثل على استدعاء السفراء
موسكو- (رويترز): قال رياض حداد السفير السوري في روسيا الاثنين إن دمشق تعتزم الرد بالمثل على الدول التي استدعت سفراءها من سوريا بسبب قمع الرئيس السوري بشار الأسد للانتفاضة المستمرة منذ نحو عام.
وصرح حداد للصحفيين متحدثا عبر مترجم إن هناك دولا أوروبية معينة استدعت بالفعل سفراءها من سوريا وأن سوريا سترد بالمثل.
وتبحث الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي اقتراحات روجت لها فرنسا لخفض العلاقات الدبلوماسية بشكل جماعي في عواصم الاتحاد الأوروبي ودمشق لكن لم يجر التوصل إلى اتفاق حتى الآن.
وقال دبلوماسيون عرب يوم السبت إن سوريا سحبت بشكل استباقي سفراءها من أوروبا لأنها تخشى ان تطردهم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وأغلقت الولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا وكندا وفرنسا بالفعل سفاراتها في دمشق.
وتقدر الأمم المتحدة أن قوات الأمن السورية قتلت أكثر من 7500 شخص منذ بدء الانتفاضة قبل عام وإن البلاد تنزلق فيما يبدو في اتجاه الحرب الأهلية.
وقالت سوريا في ديسمبر كانون الاول إن “إرهابيين” قتلوا أكثر من الفين من الجيش والشرطة.
شيخ عشيرة عراقية يعترف بإرسال مئات الرجال إلى سوريا للقتال ضد نظامها
لندن- (يو بي اي): اعترف شيخ عشيرة عراقية أنه أرسل مئات الرجال إلى سوريا للمشاركة في القتال ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأقرّ في الوقت نفسه أن المئات من بنادق كلاشنكوف لن تؤدي إلى اسقاطه.
وقالت صحيفة (دايلي تلغراف) الإثنين إن الشيخ، الذي وافق على إجراء المقابلة معها شريطة عدم الكشف عن هويته، اعترف أيضاً أنه “أرسل ما قيمته عشرات الآلاف من الدولارات من الأسلحة وغيرها من المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، وأن العشرات من رجاله دفعوا حياتهم ثمناً لتضحياتهم ودفنوا حيث سقطوا”.
ونقلت عن الشيخ العراقي أنه “ارسل المئات للقتال ضد نظام الرئيس الأسد، وجمع ما يعادل 45 ألف دولار من الأموال اشترى بها 100 بندقية من طراز كلاشنكوف و50 قاذفة قنابل وعدداً قليلاً من بنادق القنص إلى سوريا”.
وقال الشيخ إن 100 بندقية كلاشنكوف “لن تسقط نظام الرئيس الأسد”.
واشارت الصحيفة إلى “أن الروايات عن انتفاضة المقاتلين الأجانب بدأت تتواتر في وقت مبكر من عمر الثورة في سوريا، وزُعم أن السنة في غرب العراق، الذي يُعتبر ملاذاً لتنظيم القاعدة وغيره من الجماعات المسلحة خلال الحرب العراقية، يردّون المساعدة التي قدمها لها المقاتلون ضد القوات الأمريكية”.
وقالت “إن هذه المزاعم دعمها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حين رفض دعم الإنتفاضة السورية خوفاً من وقوع حكومته، التي يسيطر عليها الشيعة، تحت تهديد سيطرة السنة على سوريا”.
واضافت الصحيفة أن عدداً من شيوخ العشائر العراقية “اعترفوا أن رجالهم ذهبوا إلى سوريا لمحاربة قوات الأسد، لكنهم رفضوا المزاعم بشأن ارتباطهم بالقاعدة وكانوا قادوا من قبل مجالس الصحوة التي انقلبت على التنظيم الارهابي عام 2006”.
ونسبت إلى الشيخ حامد الهايس، الذي وصفته بأنه زعيم قبلي وقائد سابق في مجالس الصحوة، قوله “إن تنظيم القاعدة لا يرسل، وبأي حال من الأحوال، مقاتلين إلى سوريا لمحاربة النظام، لكنه يبحث دائماً عن مناطق غير مستقرة”.
وذكرت الصحيفة “أن شيوخ القبائل السنية في العرق ينكرون أيضاً أن تنظيم القاعدة وغيره من المسلحين الاسلاميين سيستولون على السلطة بعد سقوط نظام الرئيس الأسد”.
ونقلت عن زعيم قبلي عراقي يُقاتل رجاله في سوريا ويُدعى الشيخ عاشور البو محل “نحن قادرون على التصدي لتنظيم القاعدة ولدينا خبرة في هذا المجال، وقاتلنا ضدهم من قبل، ونعرف كيف نفعل ذلك”.
المعارضة السورية تدعو إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن بعد مجزرة حمص
بيروت- (ا ف ب): دعا المجلس الوطني السوري المعارض الاثنين إلى “جلسة عاجلة” لمجلس الأمن الدولي اثر اتهام النظام السوري بارتكاب “مجزرة” راح ضحيتها حوالى خمسين امرأة وطفلا بأيدي “الشبيحة” في حمص.
واعلن المجلس الوطني السوري في بيان صحافي انه “يجري الاتصالات اللازمة مع كافة المنظمات والهيئات والدول الصديقة للشعب السوري بغية الدعوة لعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي”، منددا بـ”الجريمة المروعة التي عمد مجرمو النظام الأسدي إلى ارتكابها في حيي كرم الزيتون والعدوية في حمص الأحد وذهب ضحيتها قرابة خمسين طفلا وامرأة”.
وقال هادي عبدالله الناشط المحلي في الهيئة العامة للثورة السورية لوكالة فرانس برس “عثر على جثث ما لا يقل عن 26 طفلا و21 امراة في حيي كرم الزيتون والعدوية بعضهم ذبحوا واخرون طعنهم الشبيحة”، داعما اتهامه بشريط فيديو.
ومن جهته اتهم التلفزيون الرسمي السوري “عصابات ارهابية مسلحة” بـ”خطف” مواطنين من احياء في حمص وقتلهم وتصويرهم لاثارة ردود فعل دولية ضد سوريا.
ونسبت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) لمصدر إعلامي قوله صباح الإثنين إن “المجموعات الإرهابية المسلحة تختطف الأهالي في بعض أحياء حمص وتقتلهم وتمثل بجثامينهم وتصورهم لوسائل إعلام بهدف استدعاء مواقف دولية ضد سورية”.
وتابع “اعتدنا على تصعيد المجموعات الإرهابية المسلحة لجرائمها قبيل جلسات مجلس الأمن بهدف استدعاء مواقف ضد سورية”.
عنان قدم للاسد ‘مقترحات ملموسة’.. وتكهنات بدعم روسيا لنقل صلاحيات الرئيس للشرع
تقرير: واشنطن تدرس تدخلا عسكريا في سورية واقامة منطقة آمنة والسعودية تطالب بتسليح الشعب
دمشق ـ بيروت ـ القاهرة ـ وكالات: ذكرت صحيفة ‘واشنطن بوست’ أن إدارة الرئيس باراك أوباما وحلفاءها وشركاءها الدوليين بدأوا نقاشات جديّة بشأن تدخل عسكري محتمل في سورية، رغم مواصلتهم الضغط من أجل حلول غير عنيفة للأزمة.
وقالت الصحيفة إنه ‘مع التقدم القليل الذي أحرز خلال الأسبوعين الفائتين منذ تعهّد 70 دولة ومؤسسة دولية في تونس (مؤتمر أصدقاء سورية) بتركيز جهودها على الجوانب الإنسانية والدبلوماسية (في سورية)، هناك استعداد متزايد للنظر في خيارات إضافية أخرى’.
ونقلت عن مسؤولين من الولايات المتحدة ودول أخرى مناهضة للرئيس السوري بشار الأسد، أن هذه الخيارات تتضمن تسليحا مباشرا لقوى المعارضة السورية وإرسال جنود لحراسة ممر إنساني أو ‘منطقة آمنة’ للمتمردين، أو شن هجوم جوي على أنظمة الدفاع الجوي السوري.
لكن الصحيفة أشارت إلى أن الحكومات لا تزال منقسمة بعمق بشأن إطار أي تدخل عسكري في سورية وموعد وكيفية حدوثه والدول التي ستشارك فيه، مع مواصلة روسيا معارضتها لتفويض من الأمم المتحدة وتساؤل كثيرين عن شرعية أية خيارات عسكرية وفقاً للقانون الدولي.
وقد قتل 43 شخصا في اعمال عنف متفرقة الاحد فيما اعلن موفد الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان في ختام زيارته الى سورية انه قدم للرئيس السوري بشار الاسد اثناء لقائه الثاني معه في دمشق ‘سلسلة مقترحات ملموسة’ سيكون لها ‘انعكاس حقيقي’ على الوضع الميداني في سورية.
جاء ذلك في الوقت الذي نقلت فيه مصادر صحافية معلومات عن مصدر دبلوماسي عربي بأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وافق على اعتماد المبادرة العربية التي تنصّ على نقل صلاحيات الرئيس السوري بشار الأسد إلى نائبه، على أن يكون ذلك ضمن مرجعيات مهمة كوفي عنان.
وبعد جلسة شهدت رداً شديداً من جانب السعودية وقطر على كلمة ألقاها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، جاء الإعلان المفاجئ من جانب وزير خارجية قطر ونظيره الروسي عن اتفاق يضع أساساً لحل الأزمة في سورية، وأبرز نقاط الحل: وقفُ العنف من أي مصدر كان َكأولوية قصوى في هذا الوضع، وتشكيلُ آلية مراقبة محايدة لمتابعة الوضع في سورية، والاتفاق على استبعاد فكرة التدخل الأجنبي، وإتاحةُ وصولِ المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، ودعم مهمة عنان لإطلاق حوار بين دمشق والمعارضة على أساس المرجعيات التي اعتمدتها الأمم المتحدة والجامعة العربية.
وقال عنان للصحافيين في ختام لقائه الاسد ‘قدمت سلسلة مقترحات ملموسة سيكون لها انعكاس حقيقي على الارض وستساعد في اطلاق عملية ترمي الى وضع حد لهذه الازمة’.
واكد عنان ان المحادثات تركزت على ضرورة ‘وقف فوري لاعمال العنف والقتل والسماح بوصول المساعدات الانسانية وحوار’.
واضاف ‘الرد الواقعي هو (القبول) بالتغيير وتبني اصلاحات تضع الاسس المتينة لسورية ديمقراطية ولمجتمع سلمي ومستقر ومتعدد ومزدهر على قاعدة الحق واحترام حقوق الانسان’.
يأتي ذلك فيما دعا وزير خارجية المانيا غيدو فيسترفيلي خلال زيارة الى الرياض الاحد الى التركيز على الحل السلمي والتحول السياسي في سورية منددا في الوقت ذاته بـ’القمع الوحشي الذي يمارسه النظام’.
وقال ‘نريد التوصل الى حل سياسي وندعم المعارضة لكننا نركز على السياسة في الوقت الحالي وهناك تراجع من جانب الاسد (…) نسعى للتوصل الى ثلاث نقاط: انهاء العنف وايصال المساعدات والحل السياسي’.
جاء ذلك في الوقت الذي طالب فيه وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الأحد، بتسليح الشعب السوري، غير أنه أكّد عدم وجود أي موقف عدائي سعودي تجاه النظام السوري، وأن بلاده لا تركّز على إسقاط النظام، واصفاً مواقف روسا والصين من الأزمة السورية بأنها غير مبررة أخلاقياً ولا قانونياً.
وتتزامن المساعي التي يبذلها عنان مع مقتل 43 شخصا بينهم 24 مدنيا و14 عسكريا بينهم ضابط بالاضافة الى خمسة منشقين، سقط معظمهم في ريف ادلب (شمال غرب) حيث كثف الجيش السوري النظامي عملياته العسكرية الاحد، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
ففي محافظة ادلب اسفرت اشتباكات عنيفة بين مجموعات منشقة والقوات النظامية السورية عن مقتل مدني وثلاثة جنود من القوات النظامية في قرية الجانودية كما قتلت سيدة ونجلها وجنديان في اريحا وجندي اخر في بلدة كفرنبل بجبل الزاوية.
كما قتل جندي بانفجار عبوة ناسفة في قرية مرعيان ومدني في قرية الناجية بنيران رشاشات ثقيلة وتسلم اهالي معتقل جثمان ولدهم في قرية جوزف بعد ثلاثة اسابيع من اعتقاله.
وفي ادلب نفسها، اسفرت الاشتباكات في حي الضبيط بين منشقين والقوات النظامية عن مقتل اربعة مواطنين.
وتكتسب محافظة ادلب اهمية استراتيجية بسبب وجود اكبر تجمع للمنشقين فيها، لا سيما في جبل الزاوية. كما انها مناسبة لحركة الجيش السوري الحر بسبب مناطقها الوعرة والمساحات الحرجية الكثيفة، وقربها من الحدود التركية، واتصالها جغرافيا بريف حماة الذي تنشط فيه ايضا حركة الانشقاق عن الجيش النظامي.
كما اسفرت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات منشقة عن مقتل ستة جنود وعنصرين منشقين في حماة (وسط) وعن سقوط ثلاثة منشقين في مدينة يبرود (ريف دمشق).
وفي حمص (وسط)، قتل اربعة مواطنين في حي باب الدريب بينهم ثلاثة اشقاء اثر سقوط قذيفة على منزلهم كما قتل ضابط وجرح خمسة جنود اثر كمين نصبته لهم مجموعة منشقة في قرية تابعة لمدينة القصير (ريف حمص) على الحدود السورية اللبنانية.
وفي حلب (شمال)، قتلت بعد منتصف ليل السبت الاحد ناشطة في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي المعارض برصاص شبيحة النظام السوري كما اغتال مسلحون مجهولون صباح الاحد الملاكم السوري العالمي محمد غياث طيفور بينما كان في سيارته بساحة جامعة حلب’.
واستشهد شاب في حي جوبر في دمشق بنار الامن خلال حملة مداهمات واعتقالات.
واعتبرت صحيفة تشرين الحكومية الاحد ان قطر والسعوية تسعيان الى ‘افشال’ المساعي لحل الازمة التي تعصف بالبلاد منذ منتصف اذار (مارس)، متهمة قطر بدعم وتمويل ‘المجموعات الارهابية المسلحة’ و’سفك الدماء’ في سورية.
غلعاد: سقوط الأسد كارثة قد تقضي على إسرائيل نتيجة لظهور إمبراطورية إسلامية في المنطقة بقيادة الإخوان المسلمين في مصر والأردن وسورية
زهير أندراوس
الناصرة ـ ‘القدس العربي’ يواصل وزير الخارجية الإسرائيلي، العنصري والمتشدد، أفيغدور ليبرمان، مساعيه الحثيثة من أجل تقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب السوري، الذي يتعرض، بحسب أقواله لأبشع مجزرة من قبل النظام الحاكم في دمشق، وأمس الأحد نشرت صحيفة ‘هآرتس’ ان المغني والملحن من أصل روسي، أركادي دوخين، توجه إلى الخارجية وطلب منها تنظيم حفلة له يُرصد ريعها لشراء الدواء للشعب في سورية، لافتة إلى أن ليبرمان يميل إلى تبني الفكرة، والإعلان جهرا عن دعم إسرائيل الرسمية للشعب السوري.
وينضم ليبرمان بذلك إلى رئيس الموساد السابق، مئير داغان، الذي تباكى على الشعب السوري وطالب دولته بمد يد العون له، وفي الأيام الأخيرة تطوع أيضا، النائب آفي ديختر، من حزب كاديما المعارض، والرئيس الأسبق لجهاز الأمن العام (الشاباك) ونشر تسجيلا مرئيا وصوتيا على (يوتيوب) شن فيه هجوما سافرا على الرئيس الأسد، ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ جميع الوسائل من أجل إسقاط الرئيس الأسد لأنه يُنفذ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وديختر، هو المسؤول الأول عن اغتيال الشهيد صلاح شحادة في قطاع غزة، وما زال مطلوبا للعدالة في إسبانيا وفي دول أخرى بسبب هذه الجريمة البشعة.
وفي السياق ذاته، يعود اهتمام إسرائيل بما يحدث في سورية إلى قربها جغرافيا وحالة الحرب معها، ومطالب سورية باسترداد الجولان، ويعود أيضا إلى خشية إسرائيل من أن تؤدي الأحداث في سورية إلى انهيار وقف إطلاق النار، أو تسخين الجبهة في الجولان. ويعود ذلك أيضا إلى دور سورية الإقليمي المهم وإلى تأثيرها ومكانتها في العالم العربي وفي منطقة الشرق الأوسط وإسقاطات ذلك على إسرائيل وأمنها وعلاقاتها الإقليمية.
هناك قلق إسرائيلي دائم على مصير ما بحوزة سورية من احتياطي كبير من الأسلحة وبالأخص الصواريخ والأسلحة غير التقليدية، وتخشى إسرائيل من أن تطورات الأمور في سورية قد تؤدي، في مرحلة ما، إلى توجيه هذه الأسلحة ضدها، وأن يقع بعضها أو كلها بين أيد تراها إسرائيل غير مسؤولة، وتحديدا حزب الله اللبناني، وقد حذر الرئيس السابق لهيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من مخاطر الفوضى في سورية، لأنها ستوفر مناخا مناسبا لوقوع الأسلحة الكيماوية أو الصاروخية التي يمتلكها النظام السوري بأيد منظمات معادية، وهو الأمر الذي أشار إليه وزير الأمن أيهود براك بقوله إن إسرائيل تنظر بعين حذرة لنقل وسائل قتالية محطمة للتوازن من سورية إلى لبنان. ولعل الأمر الملح بالنسبة إلى إسرائيل في موقفها من سورية، هو العلاقات السورية الإيرانية، إذ ترى إسرائيل إيران ومشروعها النووي أكبر تهديد إستراتيجي لها، وترى في استمرار العلاقة السورية الإيرانية قوة لإيران وفي انقطاعها ضربة لها ولنفوذها في المنطقة.
أما البعد الثالث الذي يركز عليه صناع القرار وصناع الرأي العام في إسرائيل فهو الدعم السوري لحزب الله، الذي لا يزال الحساب معه مفتوحا، والذي تعده الدولة العبرية من ألد أعدائها، وتخشى من أن يحصل على أسلحة غير تقليدية إذا سقط النظام السوري أو ضعف، وتأمل من جهةٍ أخرى أن يؤدي سقوط النظام إلى إضعافه. أما رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أفيف كوخافي فقد اعتبر أن انهيار نظام الأسد سيترتب عليه انتقال سلاحا متطورا إلى حزب الله، الأمر الذي من شأنه أن يرفع نسبة احتمال نشوب الحرب القادمة على الجبهة اللبنانية بين حزب الله وإسرائيل.
إضافة إلى ذلك، فإن لسورية تأثيرا في الحركة الوطنية الفلسطينية، وهي تتفاعل مع محيطها العربي مما قد يفتح الباب أمام تطورات غير متوقعة. ولعل ما يقلق إسرائيل ويربكها هو البديل المجهول الذي قد ينشأ في سورية. يتابع المسؤولون الإسرائيليون ما يجري في سورية عن كثب، ولكنهم يؤكدون أن تأثير إسرائيل في مجريات الأمور في سورية هامشي وضئيل، مع أن تداعيات ما يحدث فيها قد يكون لها تأثير إستراتيجي في الدولة العبرية وأمنها وحتى كيانها. ويسود في هذه الدولة تباينٌ في المواقف عند تقييم حالة النظام السوري، وإذ يسود شبه إجماع بأنه أشرف على النهاية، إلا أن البعض يعد أشهرا وحتى أسابيع، في حين يحصي آخرون سنين معدودة.
يرى بعض القيادات والمحللين أن سقوط النظام السوري هو في مصلحة الدولة العبرية لأن في ذلك ضربة للمحور الراديكالي. في المقابل، يشدد كثيرون على أن سقوط النظام خطر على إسرائيل لأنه قد تنشأ فوضى خطيرة أمنيا، وقد تصل إلى الحكم قوى إسلامية راديكالية شديدة العداء لإسرائيل. ويرى هؤلاء أن سقوط النظام قد يؤدي إلى فتح جبهة الجولان وانهيار الهدوء الذي سادها أكثر من ثلاثة عقود. فقد حذر رئيس الطاقم الأمني والسياسي بوزارة الأمن الإسرائيلية عاموس غلعاد من أن سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيترتب عليه كارثة تقضي على إسرائيل، وذلك نتيجة لظهور إمبراطورية إسلامية في منطقة الشرق الأوسط بقيادة الإخوان المسلمين في مصر والأردن وسورية.
من ناحيته، اعتبر الجنرال الإسرائيلي المتقاعد والباحث في معهد دراسات الأمن القومي شلومو بروم أن صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة في سورية يصب في مصلحة إسرائيل، وذلك لاختلاف هذه الحركة مع إيران وحزب الله أيديولوجيا ما سيخرج سورية من تحت الوصاية الإيرانية. وفيما يتعلق بمستقبل السلام بين إسرائيل وسوريا في حال استلم الإخوان الحكم قال: لا أتوقع ان تقوم الحكومة الجديدة في سورية والتي ستتألف من الإخوان المسلمين بمفاوضات سلام مع إسرائيل. أنا شخصيا آسف لذلك. لكني لا أعتقد أن حكومة إسرائيل أسفت لعدم البدء بمفاوضات سلام مع سورية لأنه لم تكن لديها رغبة حقيقية للتوصل إلى سلام مع سورية، على حد تعبيره.
وقالت ‘هآرتس’ أيضا إن الصليب الأحمر الدولي توجه إلى المعارضة السورية حاملا إليها الطب الذي تقدم به ليبرمان لمساعدة الشعب السوري والمعارضة، لافتة الى ان الرد على التوجه كان سلبيا من المعارضة السورية، التي أبلغت الصليب الأحمر رفضها القاطع لتلقي مساعدات من الدولة العبرية.
مهمة عنان لن تنجح بدون توافق دولي.. وامريكا وحلفاؤها يناقشون جديا الخيار العسكري وفتح مناطق آمنة وضرب الدفاعات الجوية السورية
واشنطن والدول الغربية تحاول اقناع الاكراد دعم المعارضة
لندن ـ ‘القدس العربي’: المعارضة لا تريد الحوار وتعتبر كوفي عنان، المبعوث الدولي الخاص يعيش في ‘المريخ’، والنظام السوري يقول لا حوار طالما وجد ‘ارهابيون’، والمجتمع الدولي لا يريد التدخل العسكري ويريد الحوار ورحيل الاسد في الوقت نفسه. وفي ظل هذا الوضع فلا النظام قادر على سحق المقاومة ولا المقاومة قادرة على الاطاحة بالنظام، والكل يحذر من حرب طويلة واهلية، وتغول النظام، خاصة بعد هزيمة المقاومة في بابا عمرو. فكيف يتم حل المعادلة السورية اذن؟ هذا هو السؤال الكبير.
حل دولي
يبدو ان الحل قد يأتي من الاطراف الدولية، لسبب بسيط وهو ان المعارضة لم تتفق على قيادة واحدة وبرنامج واضح، وهي مشتتة عسكريا وتفتقد الى الدعم المالي والعسكري وحتى الانساني. ولا يعرف ان كان المجتمع الدولي بقادر على تقديم الحل، خاصة ان الامور وصلت الى ما وصلت اليه. كما ان اصرار دول على مواصلة دعم المقاومة بالسلاح اشارة امكانية تعثر اية مبادرات او حلول. وكلا الطرفين يواصل حشد قواته، فالجيش يضرب ادلب وهو يستقبل المبعوثين الدوليين، والمقاومة تحاول حشد الدعم الدولي، وهناك اشارات حسب ما اوردته صحيفة ‘واشنطن بوست’ من ان حلفاء امريكا مستعدون للتقدم خطوة ودعم المقاومة عسكريا، وتفضل امريكا في سياستها الخارجية ان تأخذ المقعد الخلفي فيما يقوم حلفاؤها بتنفيذ سياستها، ومع ذلك فهي لم تستبعد اي خطوة عسكرية على لسان وزير دفاعها ليون بانيتا. وكاشارة على هذا التوجه فقد نقلت عن مسؤولين قولهم ان واشنطن وافقت على تزويد المعارضة بمعدات اتصال ومعلومات استخباراتية.
نقاش جدي
وهذه الجهود جزء مما قالت عنه الصحيفة نقاشا جديا حول احتمال تدخل عسكري في سورية على الرغم من مواصلتهم الدعوة لحل سلمي للازمة. ويدور الحديث عن امكانية دول في مجموعة اصدقاء سورية المكونة من سبعين دولة، على توفير حماية مسلحة لقوافل نقل المساعدات الانسانية لحراستها او فتح معابر آمنة للمقاومة المسلحة بل وامكانية القيام بهجمات جوية على الدفاع الجوي السوري. ولكن الدول منقسمة بشكل كبير حول الطرف او الاطراف التي ستقوم بالتنفيذ، وكيف ومتى يحدث هذا، حسب مسؤولين نقلت عنهم الصحيفة. وتشير الصحيفة ان ما يدعو لهذه النقاشات نابع من الاعتراف بفشل المعارضة على توفير جبهة موحدة يمكن للمجتمع الدولي التحاور معها، اضافة الى تبدد الامال في امكانية استجابة النظام السوري للمبادرات الدولية. ويظهر من تصريحات الدول التي تقود الحملة ضد النظام السوري من مثل وقطر والسعودية ان لا امل في التحاور مع النظام وان ‘الصبر’ نفد حسب تصريحات وزير الخارجية القطري الشيخ حمد من جاسم آل خليفة، ومع مرور كل يوم واستمرار القتل وتساقط اعداد القتلى بالعشرات فالمخاوف من ان تؤدي المعركة على سورية الى كارثة انسانية وتؤثر على استقرار المنطقة، فكلما طال امد الصراع كلما زادت احتمالات تعمق الحرب الطائفية، واحتمالات دخول العناصر المتطرفة على الازمة – اي القاعدة، حسب جيفري فيلتمان، المسؤول البارز في الخارجية الامريكية، مع ان الادارة الامريكية في الوقت نفسه تعتقد ان رحيل الاسد سيكون ضربة مؤلمة للتأثير الايراني في المنطقة. وتظل هذه المخاوف مرتبطة بتماسك المعارضة مع ان دولا من مثل قطر والسعودية عبرتا عن استعداد لتوصيل الاسلحة لهذه المعارضة. وفي الوقت الذي يمكن فيه تهريب السلاح، فان اقامة مناطق آمنة على طول الحدود التركية التي تمتد على 500 ميل تعتبر مهمة صعبة، وستنظر اليها سورية على انها احتلال، وتظل امريكا الطرف المؤهل للقيام بالمهمة. فمن الناحية العسكرية فالعملية معقدة وتقتضي اسابيع للاعداد والتخطيط كما انها تحتاج الى اسابيع اخرى للتنفيذ اضافة لعدد كبير من الطائرات. ويعترف المسؤولون الامريكيون ان عملية كهذه تحتاج الى تفويض دولي، كما انها بحاجة الى تعاون تركي خاصة ان العمليات ستتم من حدودها، وتركيا حتى الآن رافضة للتدخل العسكري. وفي ظل استمرار الموقف الروسي والصيني الداعم للنظام فاية محاولة لتمرير قرار من خلال مجلس الامن مكتوب عليها الفشل، اضافة الى ان حلف الناتو اكد انه لن يلعب اي دور في العملية. مع ان هناك من تحدث عن تكرار المثال الكوسوفي الذي قام فيه الناتو بضرب صربيا بدون تنسيق مع امريكا.
السكان هم الخاسرون
والخاسر الوحيد في ظل الانقسام الدولي هم الناس المحاصرون في المدن والمدمرة من مثل حمص، حيث اشارت ‘الصاندي تلغراف’ الى معاناة سكانها ونقلت عن ناشطين في منظمة ‘افاز’ قولهم ان عائلات تتشارك مع بعضها البعض بما تملكه من الطعام، خاصة ان مساعدات انسانية من الصعوبة وصولها بسبب استمرار القصف وتفتيش الاحياء التي خرج منها المقاتلون بعد اسابيع من المو اجهة مع الجيش السوري.
وقالت ‘افاز’ ان هناك نقصا مستمرا في المياه، فيما عزلت المدينة عن العالم الخارجي نظرا لقطع خطوط الاتصال. وسيواجه العالم في الاسابيع القادمة كارثة اخرى في ادلب مثل حمص، خاصة ان الجيش السوري تحرك اليها ويقصفها في خطته لاخراج المقاتلين من المدن وملاحقتهم، والتفاؤل الذي ساد بعد ان اعلن معاون وزير النفط عن انشقاقه عن النظام قد يتبدد خاصة ان النظام لا يزال متماسكا وهناك شبه اجماع من المعلقين في الصحف الغربية على ان النظام قادر على الثبات لمدة طويلة.
حتى لو نجا النظام
وهذا التقييم واضح في تقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن حيث اشارت الى ان النظام يعتقد انه قادر على ادارة الازمة، مشيرا الى ان تدخلا دوليا وتسليح المعارضة تواجه عقبات كبيرة. وقال ان جون تيشمبان ان نظام الاسد سيحاول تكييف استخدام قواته الاسلحة الثقيلة بطريقة تمنع فيها ظهور صور تثير المجتمع الدولي، مضيفا كما تحدث لمجلة ‘تايم’ ان استخدام النظام للطائرات ظل محدودا. وحتى لو نجا النظام بعد معركة البقاء التي يخوضها فانه بعد كل التضحيات التي خاضها السوريون لن يكون الا شبحا باهتا عن نفسه، محاطا بميليشيات تقاتل حربا اهلية، حسب تقرير ‘مجموعة الازمات الدولية’ في بروكسل الاسبوع الماضي والذي ناقش ان التفاوض نحو صيغة نقل للسلطة تحفظ مؤسسات الدولة وتعيد تنظيم المؤسسات الامنية. ويضيف التقرير ان القوة العسكرية ليست كافية لان النظام سيكون حاكما يمثل طائفة لانه تصرف على انه يريد حماية الطائفة ـ الاقلية، كما ان الاستفتاء على الدستور في 26 شباط (فبراير) ركز في اصلاحاته على الموضوعات التي لا تهم كثيرا، من مثل وضع حزب البعث وتجنب الحديث عن الامور المصيرية من مثل الطائفية وتصرفات رجال النظام ومؤسساته. ومن هنا فالتقرير في ظل الخلافات الدولية ومواقف المعارضة ووضعها ورفض النظام، فامام عنان فرصة ضعيفة لاقناع الاطراف المتحاربة، واهم ما يراه التقرير ملحا هو توفير الاغاثة الانسانية للمنكوبين اولا. ويتبع هذا دعم مهمة عنان عبر اتفاق مدعوم من المجتمع الدولي ويحظى بدعم من الدول التي تدعم الاسد وتلك التي تدعم المعارضة ويركز على تحقيق خطوات على الارض من مثل. اصلاح المؤسسات الامنية والجيش وسحب السلاح من الميليشيات التابعة للنظام، وانتخابات لانتخاب الرئيس ومجلس تمثيلي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية وحماية الاقليات، وانشاء لجنة للمصالحة الوطنية. وبدون ذلك لن يتحقق التغيير وسيبقى النظام يعول على قوته العسكرية، ويواصل حله الامني. ويرى التقرير ان دعوات تسليح المعارضة ما هي الا وصفة لادخال البلاد في الحرب الاهلية.
عوامل انهيار النظام
وبدون حل دولي وفي حالة فشل مهمة عنان فامد الحرب سيطول وستتدخل الاطراف الدولية لدعم المعارضة فيما يواصل النظام لعبته ‘فرق تسد’ بين الاقليات والاغلبية. ولعل من اهم العوامل التي ستحدد مصير النظام ونهايته، بعيدا عن استمرار الدعم الروسي والصيني، عاملان مهمان، الاول الاقتصاد الذي يعتبر ‘كعب اخيل’ النظام، فزيادة الازمة الاقتصادية وتشديد العقوبات ستؤدي لانفجار الغضب الشعبي، مما يعني سحب رجال الاعمال دعمهم للنظام، وانقلاب كل من مدينتي حلب ودمشق عليه. اما العامل الاخر وهو المهم فهو ‘الكردي’، وموقف الاقلية الكردية في شمال البلاد من الانتفاضة والنظام، فمع ان الاكراد الذين يمثلون 10 بالمئة من السكان، تمسكوا حتى الآن بالحل السلمي باستثناء بعض المواجهات بين القوات الامنية والمحتجين، فان النظام في الوقت الحالي يحاول تجنب فتح جبهة مع الاكراد او اشعال انتفاضة كما حدث في القامشلي عام 2004. وهذا يفسر قلة عدد اللاجئين الاكراد من سورية الى كردستان العراق حيث لم يتجاوز عددهم عن 500 عائلة. وكانت صحيفتا ‘نيويورك تايمز’ و ‘واشنطن بوست’ قد طرحتا الموقف الكردي وحللتا انعكاساته على الانتفاضة السورية. فحتى الان لم يظهر الاكراد موقفا موحدا من الانتفاضة مع ان هناك من يدعمها لكنه لا يريد الانضمام اليها وهناك اخرون ممن يخشون من غضب النظام ويشكون في الوقت نفسه من قادة المرحلة القادمة بعد سقوط النظام. وجزء من انقسام الاكراد ينبع من خلافهم حول طبيعة الدور الذي يرغبون بلعبه في مرحلة ما بعد الاسد، وبحسب صحيفة ‘واشنطون بوست’ الخميس الماضي، فان امريكا وحلفاءها من الدول الغربية تعمل على جذب الاكراد للعمل مع المعارضة السورية او التيار الرئيسي فيها. ونقلت عن مسؤول غربي له علاقة بالملف السوري ان الولايات المتحدة والدول الاوروبية قامت بالعمل من خلف الاضواء لتشجيع التيارات الرئيسية في المعارضة السورية لتقديم التزامات لحفظ حقوق الاكراد في مرحلة ما بعد الاسد. ويعتقد المسؤول ان انقلاب الاكراد على النظام وانضامهم للمعارضة سيكون ضربة موجعة للنظام وقد يكون انضمامهم خطوة عملية نحو جلب مدينة حلب الى الانتفاضة.
من جهة اخرى قام النظام بمحاولات للابقاء على ولاء منطقة الاكراد له من خلال منحهم الجنسية السورية ودعوة قادتهم للتفاوض مع الحكومة حول حقوقهم. وضمن هذا السياق يظل الاكراد ورقة مهمة في الانتفاضة السورية فالنظام من ناحية يريدهم الى جانبه وكذا المعارضة، والمصالح الكردية تقع في وسط الصراع، فبحسب محمود عثمان، النائب الكردي في البرلمان العراقي الذي نقلت عنه ‘نيويورك تايمز’ فالاكراد كانوا معارضين دائمون لنظام الاسد ولكنهم غير متأكدين من هوية من سيأتي بعده.
وتقول الصحيفة ان استمرار الحل الامني وقمع النظام لشعبه قد يكون عاملا في دفع الاكراد لتغيير موقفهم، حيث نقلت عن معارض تركي قوله ان الرد الوحشي للنظام على المعارضة يوحد الاكراد بشكل تدريجي ضده.
ويقول معارض اخر ان المعارضة الكردية تدعم جيش سورية الحر ولديها اتفاق معه ولكنها لا تقاتل الى جانبه. وبالاضافة لمظاهر القلق الكردية فان العامل التركي يظل محددا فتركيا التي لديها مشاكلها في الجنوب مع الاقلية الكردية الكبيرة تراقب الوضع في سورية عن قرب وتخشى من اجتياز ناشطين في المعارضة الكردية ضدها الى مناطقها. وبالمقابل فان الدور التركي في دعم المعارضة السورية يعتبر واحدا من مصادر قلق الاكراد.
عنان يقدم للاسد سلسلة ‘مقترحات ملموسة’ لحل الازمة والمعارضة اكتشفت أن الأزمة أكبر من صراع مع النظام
كامل صقر
دمشق ـ ‘القدس العربي’ اعلن موفد الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان الاحد انه قدم للرئيس السوري بشار الاسد اثناء لقائه الثاني معه في دمشق ‘سلسلة مقترحات ملموسة’ سيكون لها ‘انعكاس حقيقي’ على الوضع الميداني في سورية.
وقال عنان للصحافيين في ختام لقائه الاسد ‘قدمت سلسلة مقترحات ملموسة سيكون لها انعكاس حقيقي على الارض وستساعد في اطلاق عملية ترمي الى وضع حد لهذه الازمة’.
واكد عنان ان المحادثات تركزت على ضرورة ‘وقف فوري لاعمال العنف والقتل والسماح بوصول المساعدات الانسانية وحوار’.
واضاف ‘الرد الواقعي هو (القبول) بالتغيير وتبني اصلاحات تضع الاسس المتينة لسورية ديمقراطية ولمجتمع سلمي ومستقر ومتعدد ومزدهر على قاعدة الحق واحترام حقوق الانسان’.
وكان الرئيس السوري اكد اثناء لقائه الاول عنان السبت ان سورية ‘مستعدة لانجاح اي جهود صادقة لايجاد حل لما تشهده من احداث’.
كما اكد الاسد لعنان ان ‘اي حوار سياسي او عملية سياسية لا يمكن ان تنجح طالما تتواجد مجموعات ارهابية مسلحة تعمل على اشاعة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد من خلال استهداف المواطنين من مدنيين وعسكريين وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة’.
وتتزامن المساعي التي يبذلها عنان مع شن القوات النظامية السورية منذ الجمعة هجوما على محافظة ادلب (شمال غرب).
وتأكد عنان أن الازمة السورية أكثر تعقيداً وتشابكاً مما كان يتصور قبل مجيئه إلى حاضرة الأمويين، وأن عمق المشكلة السورية يتجاوز بكثير مسألة صراع بين نظام سياسي ومعارضين له يسعون لإسقاطه بشتى السبل، يقول مسؤول سوري مطلع، لـ ‘القدس العربي’، ويُضيف: ثمة أسئلة كثيرة غامضة بقيت في جعبة عنان رغم لقاءاته المستفيضة مع القيادة السورية وأطياف المعارضة ونشطاء الحراك الشعبي المناهض وعدد من رجال الدين الإسلامي والمسيحي.
في قصر الشعب استمع عنان لوجهة النظر الرسمية وكان الرئيس السوري بشار الأسد يُفصّل له كل المعطيات التي تدعم موقف السلطة ومخاوفها وتعاطيها الميداني والسياسي مع الأزمة، وكان عنان يرغب بداية في بحث إمكانية الحوار من حيث المبدأ فبادره الأسد بأنه غير مستعد للحوار مع حملة السلاح ومَن يدعمهم من الخارج ويمدهم به فرد عنان بأن الحوار السياسي يجب أن يكون مفتوحاً دون أية موانع وأنه يجب ألا يُستثنى منه أحد وأن الخطأ ارتكب من الجميع.
المسؤول السوري أكد أن عنان كان حريصاً على ألا يقترب في محادثاته مع الأسد من الإتيان على أية أفكار قد يفهمها الرئيس السوري ومسؤوليه بأنها مستوحاة من المبادرة العربية الأخيرة التي نصت على مطالبة الأسد تسليم صلاحيات واسعة لنائبه فاروق الشرع، وبقي يتحدث في عناصر الأزمة وموقع الأطراف السوريين داخلها، وكان لافتاً أن عنان لم يطلب لقاء نائب الرئيس السوري فاروق الشرع رغم ما أشيع في الوسط الإعلامي السوري عن احتمال قوي لهكذا لقاء.
عصر يوم السبت لم تستطع المعارضة السورية ممثلة بهيئة التنسيق الوطنية وتيار بناء الدولة التي استضافها كوفي عنان في مقر إقامته بفندق الفورسيزنز العائد بملكيته للأمير السعودي الوليد بن طلال، أن تحصل على إي استنتاج عن انطباعات كوفي عنان بخصوص لقائه ومباحثاته مع الرئيس السوري ولم تخدم تقاطيع وجهه الثابتة رغبة المعارضين في التكهن بشيء من أحاسيسه عن هذا اللقاء، وسمع وفد هيئة التنسيق برئاسة حسن عبد العظيم وعضوية عبد العزيز الخير وآخرين عبارة ذات دلالة عميقة من كوفي عنان قالها بالحرف: ‘يجب ألا يكون الدواء أسوأ من المرض نفسه’، وقال بالحرف أيضاً: المساعدات التي يجب أن تقدّم للشعب السوري يجب أن تجعل وضعه أفضل وليس أسوأ.
يقول عبد العزيز الخير الذي حضر اللقاء مع عنان لـ ‘القدس العربي’: وجهنا سؤالا مباشرا لعنان عن انطباعاته والأفكار التي كونها التي كونها بعد لقاءاته الرسمية فقال عنان: في اللقاءات الرسمية كل شيء مطروح على الطاولة لكنه مازال في المراحل الأولى لمهمتي ومن المبكر الوصول إلى استنتاجات.
وبخصوص لقاء المعارضة مع عنان قال د. الخير انه كان مفيد وضروري جداً لأنه تم تزويد السيد عنان بصورة حقيقية عن الوقائع على الأرض في سوري وعن سياسة النظام وطبيعة الحراك الشعبي وعن المظاهر المسلحة وعن الاعتقالات.
ولفت الخير إلى أن ‘نقاط التقاطع بين هيئة التنسيق المعارضة وكوفي عنان كانت مشتركة إلى حد بعيد’، لا سيما على مستوى ضرورة تجنب عسكرة الاحتجاجات وتجنيب سورية التدخل الخارجي.
ونقلت وكالة سانا عن كوفي عنان عقب لقائه الأسد في قصر الشعب أمله بأن يتمكن من العمل مع الحكومة السورية لاطلاق حوار دبلوماسي في إطار عملية سياسية تعيد الاستقرار لسورية وتحقق طموحات الشعب السوري العريق.
فيما نقلت عن الأسد تأكيده استعداد سورية لإنجاح أي جهود صادقة لايجاد حل لما تشهده سورية من احداث مضيفا أن النجاح في أي جهود يتطلب اولا دراسة ما يحدث على الأرض عوضا عن الاعتماد على الفضاء الافتراضي الذي تروج له بعض الدول الإقليمية والدولية لتشويه الوقائع وإعطاء صورة مغايرة تماما لما تمر به سورية. وأضاف الأسد أن أي حوار سياسي او عملية سياسية لا يمكن أن تنجح طالما تتواجد مجموعات ارهابية مسلحة تعمل على إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد من خلال استهداف المواطنين من مدنيين وعسكريين وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة.
ويوم السبت اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغى لافروف ونظيره القطري حمد بن جاسم آل ثاني في مؤتمر صحافي مشترك السبت في القاهرة ان روسيا والجامعة العربية اتفقتا على خمسة اسس لتسوية الازمة السورية، ما قد يفتح الباب امام التوصل الى موقف موحد داخل مجلس الامن.
ويسجل هذا الاتفاق تحولا في العلاقة بين روسيا والجامعة العربية، بعد ان وصلت هذه العلاقة الى مرحلة توتر شديد ترجم باستخدام روسيا الفيتو مرتين داخل مجلس الامن على مشروعي قرارين يحظيان بدعم العرب.
وقال لافروف ان المناقشات التي اجراها مع الوزراء العرب انتهت الى اتفاق على خمس نقاط هي ‘وقف العنف من اي مصدر كان، انشاء آلية رقابة محايدة، لا تدخل خارجي، اتاحة المساعدات الانسانية لجميع السوريين بدون اعاقة، الدعم الكامل لجهود الموفد الدولي كوفي عنان الى سورية استنادا الى المرجعيات التي قبلتها الامم المتحدة والجامعة العربية’.
من جهته اكد بن جاسم هذا الاتفاق قائلا انه ‘بعد اللقاء (مع وزير الخارجية الروسي) الذي كان صريحا ومعمقا هناك نقاط تم الاتفاق عليها كأساس للحل وهي: وقف العنف من اي مصدر كان، آلية رقابة محايدة، عدم التدخل الاجنبي، اتاحة وصول المساعدات الانسانية لجميع السوريين بدون اعاقة، الدعم القوي لمهمة عنان لاطلاق حوار بين الحكومة والمعارضة استنادا الى المرجعيات التي اعتمدت من قبل الامم المتحدة والجامعة العربية’.
واذا كان الوزير الروسي لم يدخل في تفاصيل هذه المرجعيات، فان الشيخ حمد قال انه يريد ‘تأكيد المرجعيات المعتمدة لكوفي عنان وهي قرار الجمعية العامة للامم المتحدة (الصادر) في 16 شباط (فبراير) الماضي، خطة العمل العربية (المعتمدة) بتاريخ 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، وقرارات الجامعة العربية في 22 كانون الثاني (يناير) و12 شباط (فبراير) الماضيين’.
وفي ختام اجتماعهم، اصدر الوزراء العرب قرارا يدعو مجلس الامن الدولي الى ‘اصدار قرار لوقف العنف في سورية فورا استنادا الى المبادرة العربية والقرارات العربية’.
واكد القرار ادانة الوزراء العرب ‘للانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان في حق المدنيين السوريين واعتبار مجزرة بابا عمرو المقترفة من الاجهزة الامنية والعسكرية السورية ضد المدنيين جريمة ترقى الى الجرائم ضد الانسانية’.
وتطرق القرار الى المرجعيات التي تحدد مهمة عنان عندما قال انه يؤكد الاتفاق على الاسس الخمسة ومن بينها ‘الدعم القوي لمهمة عنان لاطلاق حوار سياسي بين الحكومة والجماعات المعارضة السورية استنادا الى ما نصت عليه المرجعيات الخاصة بولاية هذه المهمة والتي اعتمدت من قبل الامين العام للامم المتحدة والجامعة العربية’.
واوضح البيان ان ‘المرجعيات المعتمدة لمهمة الوسيط المشترك (عنان) هي: قرار الجمعية العامة للامم المتحدة الصادر في 16 شباط (فبراير)، وخطة العمل العربية الصادرة في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر)، وقرارات الجامعة العربية في 22 كانون الثاني (يناير) و12 شباط (فبراير) التي تضمنت خارطة الحل السياسي للازمة السورية وفقا للمبادرة العربية، وهذه القرارات هي التي سوف يسترشد فيها عنان في ادائه مهمته’).
من جهته قال الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي في مؤتمر صحافي عقده في ختام الاجتماع الوزاري العربي ‘ان النقاط الخمس التي تم الاتفاق عليها مع روسيا ذات اهمية كبيرة’ مضيفا ان مبعوثا صينيا سيزور الجامعة العربية الثلاثاء المقبل ‘ونأمل ان تتخذ الصين موقفا مشابها للموقف الروسي’.
واضاف ان الجامعة العربية ‘تحاول الالتفاف على الفيتو الذي اجهض قرارها السابق واحالة الموضوع الى مجلس الامن مرة ثانية من دون اعتراض روسيا والصين. ونقل العربي ان لافروف ‘سيسافر الى نيويوك وسيجتمع باعضاء مجلس الامن’.
وكان المجلس الوزاري للجامعة العربية دعا في 22 كانون الثاني (يناير) الماضي الرئيس السوري بشار الاسد الى ترك السلطة بشكل ضمني اذ طالبه ب ‘تفويض صلاحياته كاملة الى نائبه للتعاون مع حكومة وحدة وطنية’ تشكل بناء على حوار بين الحكومة والمعارضة.
وفي اجتماع اخر للمجلس الوزراي للجامعة العربية في 12 شباط (فبراير) قررت الجامعة العربية انهاء مهمة بعثة المراقبين العرب و’دعوة مجلس الامن لاصدار قرار بتشكيل قوات حفظ سلام عربية اممية مشتركة للاشراف على تنفيذ وقف اطلاق النار’ في سورية.
وتنص خطة الجامعة العربية التي وافقت عليها سورية في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي على ‘وقف كافة اعمال العنف من أي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين، الافراج عن المعتقلين بسبب الاحداث الراهنة، اخلاء المدن والاحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة، فتح المجال امام منظمات جامعة الدول العربية المعنية ووسائل الاعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في جميع انحاء سورية للاطلاع على حقيقة الاوضاع ورصد ما يدور فيها من احداث’.
وكانت الجمعية العامة للامم المتحدة اصدرت في السادس عشر من شباط (فبراير) الماضي قرارا بغالبية 137 صوتا مقابل اعتراض 12 عضوا بينها روسيا والصين، وامتناع 17 يدعو الحكومة السورية الى وقف هجماتها على المدنيين ويدعم جهود الجامعة العربية لضمان انتقال ديمقراطي في سورية ويوصي بتعيين موفد خاص للامم المتحدة الى سورية.
وربما يفتح الموقف الروسي المعدل الباب للاتفاق على قرار بشأن سورية في مجلس الامن الدولي.
وكان لافروف قال الثلاثاء الماضي ان لقاء القاهرة سيكون ‘فرصة مهمة لاجراء تحليل عميق للموقف’ والخروج ب’افكار يمكن بعد ذلك ان يتم نقلها الى المجال الدولي الاوسع’. وشهدت الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء الخارجية العرب التي دعي الى حضورها لافروف سجالا بين الاخير وبين وزيري خارجية قطر والسعودية.
ففي بداية هذه الجلسة القى لافروف كلمة دافع فيها عن موقف بلاده من الازمة السورية نافيا ان تكون دوافعه سياسية او اقتصادية.
وقال لافروف ‘يقول البعض إن لدينا مصالح معينة (..) ولكننا لم نشن حربا استعمارية في منطقتكم وحجم علاقتنا التجارية مع الدول المشار إليها أقل من علاقتنا مع دول أخرى ونحن لا نسعى للاستفادة الاقتصادية’ من الموقف تجاه الازمة السورية.
واعتبر ان الاولوية الاولى الان هي وقف العنف في سورية ‘أيا كان مصدره’.
وقال ‘إذا اتفقنا جميعا على ذلك فلن نخوض في قضية من يقع عليه اللوم في الأزمة، ولكن المهمة الملحة هي إنهاء العنف أيا كان مصدره’.
وانتقد مشروع القرار العربي-الغربي الذي استخدمت روسيا الفيتو ضده في مجلس الامن مشيرا الى انه دعا الى انسحاب القوات الحكومية فقط من المدن والاحياء السكنية ولم يطلب ذلك من الاطراف الاخرى.
واكد ان ‘هذا النهج لم يكن واقعيا ومن ثم لم تتح له فرصة التطبيق’.
وبمجرد انتهاء الوزير الروسي من القاء كلمته، طلب بن جاسم التحدث منتقدا بحدة الموقف الروسي.
وقال ‘هناك ابادة ممنهجة من قبل الحكومة السورية في ظل حديثنا الان عن وقف اطلاق النار’ مضيفا ‘بعد ما تم من قتل لا يمكن ان نقبل فقط بوقف اطلاق النار’ و’لا نريد ان يكافأ احد بهذه الطريقة’، في اشارة الى النظام السوري.
وتابع ‘هناك قتل ممنهج تم من قبل النظام للشعب السوري’ واعتبر ان من اطلق عليهم ‘النظام عصابات مسلحة هي مجموعات شكلت في الاشهر الثلاثة الاخيرة دفاعا عن النفس بعد قتل الشعب السوري بدم بارد’.
وقال ‘نحن نعول على الموقف الروسي وتفهمكم لنا ولمطالب الشعب العربي بايقاف حمام الدم’.
وشدد على ضرورة البدء في عملية سياسية وفقا لقرارات الجامعة العربية.
واكد انه ‘لا يكفي بعد كل هذا ان نتكلم فقط عن وقف فوري لاطلاق النار ولكننا نطالب بوقف فوري (للعنف) ومحاسبة من قاموا بذلك واطلاق سراح المعتقلين والموافقة الصريحة على الخطة العربية’ من قبل النظام السوري.
وتحدث بعد ذلك وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل فاتهم روسيا والصين ب’منح النظام السوري رخصة للتمادي في الممارسات الوحشية’.
وقال الفيصل ان ‘الموقف المتراخي والمتخاذل من قبل الدول التي افشلت قرار مجلس الامن وصوتت ضد قرار الجمعية العامة في ما يتعلق بالشأن السوري منح النظام السوري الرخصة للتمادي في الممارسات الوحشية ضد الشعب السوري دون شفقة او رحمة’.
واضاف ان ‘بعضا ممن عبروا عن مساندتهم للمبادرة العربية لمعالجة الازمة في سورية اختاروا ان يجهضوها عندما جرى طرحها امام مجلس الامن لتسجيل موقف اقل ما يقال عنه انه يستهين بأرواح ودماء المواطنين الابرياء في انحاء مختلفة من سورية’.
وتابع ان حضور وزير الخارجية الروسي اجتماع الوزراء العرب ‘ينبئ عن اهتمام روسيا الاتحادية بالوضع في سورية ونرحب به غير اننا نتمنى لو ان هذا الاهتمام تتم ترجمته’ في مواقف.
واعتبر انه ‘لا سبيل لذلك الا بدعم قرارات مجلس الجامعة المتعلقة بمعالجة الوضع في سورية’ .
ويتزامن اجتماع وزراء الخارجية العرب ولافروف مع اول زيارة يقوم بها عنان الى دمشق حيث التقى الرئيس السوري بشار الاسد.
واعلنت الامم المتحدة من نيويورك في بيان ان عنان قدم للرئيس السوري خلال لقائه به قبل ظهر السبت ‘مقترحات عدة’ لوقف اعمال العنف شملت السماح بوصول المنظمات الانسانية واللجنة الدولية للصليب الاحمر واطلاق سراح المعتقلين وبدء حوار سياسي مفتوح لا يستثنى منه اي طرف.
كما جاء في البيان ان عنان اعرب عن ‘قلقه الشديد حيال الوضع في سورية وحث الرئيس السوري على سرعة اتخاذ خطوات ملموسة لوقف الازمة الراهنة’.
لافروف: «تلاعب» في مجلس الأمن بشأن سوريا
اعتبر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي في نيويورك، اليوم، انه يجري حاليا «التلاعب» في مجلس الأمن بشأن الأزمة السورية، فيما دعت وزيرة الخارجية الاميركية، هيلاري كلينتون، كلا من الصين وروسيا الى تغيير موقفهما حيال سوريا، وذلك بالتزامن مع تأكيد وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، أن على السلطات السورية ان «تحاسب على افعالها أمام القضاء الدولي».
اعتبر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، انه يجري حاليا «التلاعب» في مجلس الأمن بشأن الازمة في سوريا على غرار ما حصل بشان الأزمة في ليبيا في السابق.
وقال لافروف امام مجلس الأمن في نيويورك أن العقوبات التي تفرض من طرف واحد ومحاولات الدفع من أجل تغيير النظام في سوريا والتشجيع الذي تحظى به المعارضة المسلحة في سوريا، تشكل «وصفات خطرة لتلاعب جيوسياسي لا يمكن الا ان يؤدي الى امتداد النزاع» في سوريا.
بدورها، دعت وزيرة الخارجية الاميركية، هيلاري كلينتون، كلا من الصين وروسيا الى تغيير موقفهما حيال سوريا، داعية «كل الدول» إلى دعم خطة الجامعة العربية لتسوية الازمة السياسية والانسانية في هذا البلد.
وأعربت كلينتون أمام مجلس الأمن عن اعتقادها انه «حان الوقت لكي تدعم كل الدول، حتى تلك التي جمدت جهودنا سابقا، الخطة التي اقترحتها الجامعة العربية».
أما وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، فقد اعتبر ان على السلطات السورية ان «تحاسب على افعالها امام القضاء» الدولي، داعياً الى «اعداد الظروف لاحالة» الملف السوري الى المحكمة الجنائية الدولية.
ودعا جوبيه في كلمته أمام مجلس الأمن «الصين وروسيا الى الانصات لصوت العرب والضمير العالمي والانضمام الينا» في ادانة القمع في سوريا، مضيفاً أن «جرائم النظام السوري يجب الا تبقى من دون عقاب».
وفي وقت سابق من اليوم، حذر مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» من أن أي تدخل عسكري في سوريا قد يكون محفوفاً بالمخاطر وقد يتطلب أسابيع من الغارات الجوية، التي تشنها القوات الأميركية حصراً، ما يهدد بمقتل عدد كبير من المدنيين ويجذب البلاد أكثر نحو الحرب الأهلية.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين في البنتاغون أن سوريا تشكل مشكلة أكبر بكثير من ليبيا حيث تطلب الأمر فيها 7 أشهر من الغارات الجوية من حلف شمالي الأطلسي (الناتو)، ألقت فيها مئات الطائرات نحو 7700 قنبلة وصاروخ.
وعلى الرغم من أن رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ديمبسي، قال الأسبوع الماضي أمام مجلس الشيوخ إن الولايات المتحدة تمتلك القدرة على شن غارات جوية مستمرة في سوريا، إلا أن المسؤولين الدفاعيين قالوا إنهم يقلقون من 4 تحديات، هي خطر مهاجمة الدفاعات الجوية الروسية التي تمتلكها سوريا والموجودة بالقرب من مناطق كثيفة سكنياً، ما سيؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا حتى لو كانت الغارات دقيقة، وتسليح المعارضة المنقسمة، واحتمال بدء حرب بالوكالة مع إيران وروسيا، الحليفين الرئيسين لسوريا، وغياب (حتى الآن) حلف دولي يرغب في العمل العسكري ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
وقال أحد المسؤولين إن إنشاء «ملاذات آمنة» للمدنيين في سوريا عملية معقدة جداً إلى درجة أن المخططين العسكريين يدرسون احتمال إرسال قوة برية أميركية للمساهمة في إقامة هذه الملاذات والحفاظ عليها في حال إقامتها.
ولفتت الصحيفة إلى أن الخطط تأتي في إطار طلب وجهه الرئيس باراك أوباما لإجراء تقييم حول خيارات عسكرية ابتدائية من البنتاغون، على الرغم من أن الإدارة الأميركية لا تزال ترى أن الأسلوب الدبلوماسي والضغوط الاقتصادية هي الطريقة الأفضل لوقف العنف الذي يمارسه النظام السوري.
كذلك، تشمل الخيارات التي تتم دراستها جسراً جوياً إنسانياً ومراقبة بحرية لسوريا وإقامة منطقة حظر جوي.
من ناحية ثانية، دعا المجلس الوطني السوري، اليوم، إلى «جلسة عاجلة» لمجلس الأمن الدولي، اثر اتهام النظام السوري بارتكاب «مجزرة» راح ضحيتها نحو خمسين امرأة وطفلاً على أيدي «الشبيحة» في حمص.
واعلن المجلس الوطني السوري في بيان صحافي انه «يجري الاتصالات اللازمة مع كافة المنظمات والهيئات والدول الصديقة للشعب السوري بغية الدعوة إلى عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي»، مندداً بـ«الجريمة المروعة التي عمد مجرمو النظام الأسدي الى ارتكابها في حيي كرم الزيتون والعدوية في حمص الأحد وذهب ضحيتها قرابة خمسين طفلا وامرأة».
في المقابل، اتهمت سوريا «مجموعات ارهابية» بارتكاب «مجزرة حي كرم الزيتون» في حمص، مؤكدة ان قطر والسعودية شريكتان في «الارهاب» من خلال دعمها لهذه المجموعات بالمال والسلاح.
وقال وزير الاعلام السوري، عدنان محمود، في تصريح ان «المجموعات الارهابية ارتكبت افظع المجازر بحق المواطنين في حي كرم الزيتون في حمص من اجل استغلال سفك الدماء السورية بهدف الضغط لاستدعاء مواقف دولية ضد سوريا»، قبل اجتماع لمجلس الامن المقرر اليوم.
من جهة أخرى، جددت إيران، اليوم، تأكيد «دعمها الكامل» للحكومة السورية محملة الدول الغربية والعربية مسؤولية تفاقم الأزمة التي أوقعت آلاف القتلى منذ عام.
وقال نائب وزير الخارجية، حسين امير عبد اللهيان، ان «الجمهورية الاسلامية في ايران تشدد على دعمها الكامل للشعب والحكومة في سوريا»، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية.
واضاف عبد اللهيان ان «ايران ترى أن حلاً سياسياً» يستند الى الاصلاحات التي اقترحها الرئيس بشار الاسد «هو الحل الافضل» للخروج من الازمة، متابعاً أن «الدول (الغربية والعربية) التي تدعم انعدام الاستقرار والامن في سوريا مسؤولة عن تفاقم الأزمة».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)
السويداء لزعيم المختارة: اصمت!
وضع النائب وليد جنبلاط نفسه في موقع الوصيّ على دروز سوريا. يطلق التصريح تلو الآخر، مصوّراً نفسه بأنه أدرى منهم بمصالحهم. في السويداء، لا نتائج لدعوات جنبلاط، سواء في ذلك رجال الدين وغيرهم، وموالو النظام السوري ومعارضوه
محمد نزال
السويداء | لم يزر النائب وليد جنبلاط، منذ ثمانينيات القرن الماضي، محافظة السويداء السورية ذات الغالبية الدرزية، التي أغرقها «البيك» أخيراً بدعواته للانضمام إلى «الثورة ضد الطاغية». في جولة تخيّلية قد يقوم بها جنبلاط، اليوم، على المحافظة التي تبعد عن دمشق نحو 100 كلم جنوباً، ما الذي يمكن أن يسمعه ويراه؟
هناك، سيكتشف سيد المختارة أن آذان الناس قد صمّت، بقرار ذاتي، عن سماع صوته. وقد يُحبط لكثرة صور الرئيس بشار الأسد المنتشرة في أرجاء مدينة السويداء إلى جانب عبارات الولاء والتأييد.
يمكن «البيك» أن يجوب كل مناطق السويداء. من عرر ورساس والمزرعة وولغا وسالي وعرمان إلى صلخد وذكير… وسيكتشف أنها السويداء «قلعة الأسد». ففي هذه المحافظة التي يبلغ عدد سكانها 417 ألفاً، «لم تنجح دعوات المعارضين في جمع أكثر من 26 شخصاً أمام مبنى المحافظة» في «تظاهرة» ضد النظام، بحسب عضو مكتب تنفيذ المحافظة الدكتور بشّار نصار. لا يحبّذ المسؤول السوري الخوض كثيراً في «سيرة جنبلاط». بالنسبة إليه، سوريا دولة مستقلة «ولا يحق للبيك أن يتدخل فيها. لقد اعتدنا عليه، فهو كلما نضب جيبه من المال يرفع لهجته من جديد». يلفت نصار إلى أنه درزي، فيما زميله مازن سمارة، المسيحي حصد المركز الثاني في انتخابات الإدارة المحلية في السويداء، «وهذا يعني عدم وجود شعور مذهبي وطائفي هنا. وبالتالي، كل الدعوات التي يوجهها جنبلاط، من منطلق مذهبي، ليس لها صدى بيننا». ويضيف: «أصلاً في لبنان، أخذ الرجل حجماً أكبر بكثير من حجمه، فكيف يكون لديه شيء هنا؟».
من شارع الشعراني إلى شارع أميّة، وصولاً إلى «ساحة الأسد» الرئيسية في المدينة، والتي تضم نصباً للرئيس الراحل حافظ الأسد، يصعب العثور على مؤيّد واحد لسليل الزعامة الجنبلاطية. يسأل خالد كرباج مستنكراً: «من جنبلاط؟ هذا الرجل لا يمثّل إلا نفسه… فليصمت»، فيما يرى المحامي ماهر حلبي أن «جنبلاط يحضّ على التفرقة الطائفية، ولكن صدقني، لا أحد منّا هنا يصغي إليه». في «ساحة المشنقة» الأثرية، التي كان المحتل الفرنسي يعدم الثوار فيها، ينتفض المخرج المسرحي يعرب زهر الدين لدى سؤاله عن دعوات الزعيم الاشتراكي إلى أهل السويداء، ويقول: «نحن مع الرئيس (بشّار) الأسد. مع النظام وحبتين مسك. أما جنبلاط، المكروه هنا، فلا يعبّر إلا عن نفسه». شادي مسعود، ابن السويداء الذي عاد أخيراً من غربته في فنزويلا يؤكد: «نحن مع الرئيس بشار مهما صار. نحن معه معارضون ضد الفساد الموجود في كل دول العالم، مع ثقتنا بنية الرئيس الإصلاحية». أما جنبلاط «فلا تأثير له علينا. وعلى أي حال، فليثبت هذا الكائن على رأي، أولاً، قبل أن يوجه الدعوات إلى الآخرين».
من بائع خضر إلى صاحب دكان، ومن تاجر ثياب إلى سائق أجرة، ليس في السويداء سوى جواب واحد لجنبلاط: «فليصمت».
داخل مقهى فندق «ديونيزياس» الكائن قرب قصر أسمهان، يرتشف شبّان قهوتهم وهم يشاهدون قناة «الجزيرة». للقناة القطرية مشاهدون في السويداء! الأمر بسيط بالنسبة إلى المدرّس بسام كشور. يشاهدون الجزيرة على قاعدة «اعرف خصمك… وليس عدوّك»، إذ «لا عدو لنا سوى إسرائيل». يبدي كشور اطمئناناً كبيراً وتفاؤلاً بمستقبل «هذا البلد الذي يصنع رغيف خبزه بنفسه، لأن بلداً لا يصنع رغيفه هو بلد لا يملك استقراره السياسي».
على مقربة من المقهى، خلف ساحة تشرين، يقع منزل الشيخ إبراهيم أبو عسلي. الشيخ الطاعن في السن، ذو اللحية البيضاء المرسلة، يحظى باحترام وتقدير واسعين بين أهل السويداء. إكرام الضيف عنده «واجب». يصرّ، رغم ارتجاف جسده، على سكب القهوة لضيوفه بنفسه. يقول: «سوريا عقبة أمام إسرائيل، وهذه الأخيرة سخّرت أميركا لمهمة ضرب سوريا، وهذا ما يحصل اليوم في بلدنا». هكذا، ينهيها الشيخ جازماً بـ«المؤامرة»، الكلمة الأكثر انتشاراً في السويداء حالياً. الرئيس بشار الأسد «خط أحمر» بالنسبة إلى الشيخ، و«السوري الأصيل يموت جوعاً ولا يخون». أما سيرة جنبلاط فتزعجه جداً. لأنه «عدو نفسه، وسوريا لا تنزل إلى مستواه ولا ترد عليه».
بين منزل الأخير ومنزل شيخ عقل الموحدين الدروز في السويداء، حسين جربوع، يرتفع قوس نصر في ساحة الفردوس، حفرت في وسطه عبارة وحيدة: «ولاؤنا للأسد». جدران منزل جربوع مليئة بالصور التذكارية التي تجمعه مع الأسد الابن والأب. بدا الشيخ أكثر دبلوماسية في الحديث عن جنبلاط، لكن مع وضوح في الموقف. يقول إن لـ«عائلة وليد بيك تاريخاً مشرّفاً، أما هو فلا نراه يثبت على موقف. مرة يميل يميناً وأخرى شمالاً. لا نراه يمشي سوى مع مصلحته الشخصية، ونحن هنا خارج الصراع التقليدي بين اليزبكية والجنبلاطية، وبالتالي ليس لوليد جنبلاط شيء هنا». يبدي الشيخ امتعاضاً من الحديث عن جنبلاط، فيقرر وضع حدّ لـ«هذه السيرة»، ويقول: «باختصار، الموحدون الدروز في السويداء لن يمشوا وراء جنبلاط. هنا، لا هو ولا غيره يمون على ثابتة الخط الوطني القومي المتمثلة في الرئيس الأسد». يجزم الشيخ جربوع بـ«عدم وجود خوف أقليات لدينا. نحن لا نريد الحماية من أحد. فعددنا في سوريا يبلغ 600 ألف تقريباً، منهم 150 ألف مقاتل، وبالتالي مواقفنا نابعة من اقتناع وطني قومي عروبي راسخ، وليست من خوف أبداً».
من الموالين إلى المعارضين، لا تختلف الصورة كثيراً، لكن مع فارق صعوبة العثور على معارضين في السويداء. ليس في الأمر مبالغة، إذ يعترف بذلك المعارضون أنفسهم. البعض يرى أن النظام السوري تعامل بذكاء مع هذه المحافظة. فمنذ بداية الأحداث في سوريا، قبل عام تقريباً، لم يُسجل سقوط قتيل واحد فيها. وحدها مدينة شهبا، التابعة إدارياً للسويداء، شهدت خلال الأشهر الماضية بعض التحركات المعارضة التي حافظت على طابعها السلمي. لم تصبح المعارضة هناك مسلحة. كمال بكري، ابن المدينة التي يبلغ عدد سكانها نحو 23 ألفاً، يرفض «تضخيم ظاهرة المعارضة في شهبا، لأن من يتحركون في هذا الاتجاه لا يتجاوز عددهم 400 شخص».
عند أطراف المدينة، ذات الطابع التراثي، يقع منزل المعارض «الصريح» الدكتور حسين نور الدين. طبيب الأسنان «لا يخاف من النظام ولا من أجهزة استخباراته»، خصوصاً بعدما اعتقل ابنه مدّة 10 أشهر. داخل منزله صورة بارزة لجمال عبد الناصر. هو ناصري الهوى، رغم «عدم دقة هذه التصنيفات في هذه المرحلة». له كلام كثير بحق النظام في بلده، ولكن عند الحديث عن لبنان، وتحديداً عن دعوة النائب وليد جنبلاط إلى أهالي السويداء للانضمام إلى «الثورة»، يقول بوضوح: «نرفض أي دعوة طائفية موجهة من جنبلاط إلينا. أقولها رغم ما أشعر به من ظلم من النظام».
نفاع: جنبلاط خطر على الدروز
إتهم الأمين العام للحزب الشيوعي في أراضي الـ48 الكاتب محمد نفاع، النائب وليد جنبلاط، بـ «قيادة وتنفيذ مخطط إقامة دويلة درزية في لبنان وسوريا». وقال نفاع في مقابلة مع مجلة «الصنارة» التي تصدر في الأراضي المحتلة إن جنبلاط «يستفيد من تنفيذ هذا المخطط، بل وأكثر من ذلك فإن أحد أهداف لقاءات عمان التي كان ينظمها جنبلاط لدروز أراضي الـ48، كان تجميع القوى الدرزية في جبل العرب ولبنان واسرائيل لإقامة هذا الكيان الطائفي». ووصف نفاع كلاً من جنبلاط والنائب مروان حمادة بأنهما «من أخطر الأشخاص على مصلحة الطائفة الدرزية وعلى مصلحة لبنان وسوريا».
المدنيون في سوريا يواجهون وضعًا “ميؤوسًا منه”
أ. ف. ب.
جنيف: اعتبر رئيس لجنة التحقيق الدولية حول سوريا باولو بينهيرو اثناء عرض تقريره امام مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الاثنين ان “الوضع الميؤوس منه” الذي يواجهه المدنيون في سوريا يتطلب تحركا عاجلا. وقال ان “النزوح يتواصل نحو لبنان والاردن وتركيا. يتعين معالجة الوضع الميؤوس للمدنيين بشكل عاجل جدا”.
واعتبر رئيس لجنة التحقيق الدولية وهو يقدم تقريره عن هذا البلد امام مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان ان وصول المنظمات الانسانية دون عقبات يجب ان يكون “قاعدة” و”ليس استثناء”.
وقال بينيرو “بعد اشهر من العرقلة منحت الحكومة وصولا محدودا للمنظمات الانسانية” الى السكان المدنيين في سوريا، مضيفا ان “السماح بالوصول الانساني دون عرقلة يجب ان يكون قاعدة عامة وليس استثناء. وكانت وصلت بعض المساعدات الانسانية الى حمص اثر دخول القوات السورية حي بابا عمرو.
ميدانيا، قتل 18 شخصا، غالبيتهم من العسكريين، اليوم الاثنين في اعمال عنف في سوريا، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا.
وقال المرصد في بيان “قتل ثلاثة عناصر من القوات النظامية اثر استهداف شاحنة عسكرية في حي الكاشف في مدينة درعا (جنوب)”، مشيرا الى اشتباكات تلت الانفجار بين مجموعة منشقة وعناصر مركز تموين الجيش السوري في المنطقة. في محافظة الرقة (وسط)، قتل ثلاثة منشقين وعنصران في الاستخبارات الجوية خلال اشتباكات في مدينة الطبقة.
في محافظة حماة (وسط)، قتل ثلاثة عناصر من القوات النظامية السورية “اثر استهدافهم من مجموعات منشقة” كانت تحاول منع اقتحام بلدة قلعة المضيق، بحسب المرصد الذي اشار الى تعرض المنطقة “لقصف واطلاق نار من رشاشات ثقيلة من القوات النظامية السورية ادى الى سقوط جرحى في صفوف المدنيين”.
كما اصيب ثمانية مدنيين بجروح في بلدة كرناز في حماة “اثر سقوط قذائف واطلاق نار من رشاشات ثقيلة من القوات السورية التي تحاول اقتحام البلدة”.
في حصيلة القتلى المدنيين، جاء في بيان للمرصد “استشهد مواطن اثر اطلاق نار من رشاشات ثقيلة تعرضت له بلدة كفرومة في جبل الزاوية في محافظة ادلب (شمال غرب). واستشهد اخر اثر سقوط قذائف على قرية المسطومة، كما استشهد طفل اثر اطلاق الرصاص على سيارة والده خلال مرورهما في القرية”. وقتل صباحا رجل في قرية حزان شرق مدينة معرة النعمان “اثر اطلاق رصاص عشوائي من القوات السورية”.
في محافظة حمص (وسط)، قتل “مواطن في مدينة الحولة اثر اطلاق قناص الرصاص عليه”. كما قتل اخر في بلدة تلبيسة اثر “اطلاق رصاص عشوائي من حاجز القبان الامني”. وقتل ثالث في اطلاق نار تعرضت له مدينة القصير.
في محافظة الحسكة (شمال شرق)، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن تفريق قوات النظام لتظاهرة ضخمة في مدينة القامشلي في الذكرى الثامنة لانتفاضة القامشلي، ما ادى الى اصابة ثلاثة اشخاص بجروح.
المعارضة السورية إلى مجلس الأمن ردّا على مجزرة حمص
أ. ف. ب.
بيروت: عثر على جثث ما لا يقل عن 47 امرأة وطفلا في مدينة حمص في وسط سوريا في ما وصفه ناشطون بانه “مجزرة” ارتكبتها قوات النظام، الامر الذي نفاه الاعلام الرسمي السوري متهما “المجموعات الارهابية المسلحة” بارتكاب الجريمة.
واكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس ان “مجزرة ارتكبت على ايدي الشبيحة” راح ضحيتها نساء واطفال في حي كرم الزيتون. وقال عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبد الله في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس من حمص “عثر على جثث ما لا يقل عن 26 طفلا و21 امراة في حيي كرم الزيتون والعدوية، بعضهم ذبحوا واخرون طعنهم الشبيحة”.
وبث ناشطون اشرطة فيديو وصورا مروعة عن الضحايا تظهر فيها رؤوس اطفال مدممة ومشوهة، وجثث متفحمة. وذكر العبد الله ان “عناصر من الجيش السوري الحر تمكنوا من نقل الجثث الى حي باب السباع (في حمص) الاكثر امانا”، ما مكن الناشطين من تصوير الجثث.
وقال “تعرض بعض الضحايا للذبح بالسكاكين واخرون للطعن. وغيرهم، خصوصا الاطفال، ضربوا على الراس بادوات حادة. وتعرضت فتاة للتشويه بينما تم اغتصاب بعض النساء قبل قتلهن”. واكد عنصر في الجيش السوري الحر فر ليلا من مدينة حمص الى لبنان، حصول “المجزرة”. وقال ابو محمد (38 عاما) لوكالة فرانس برس “حصلت عمليات اغتصاب لعدد كبير من الفتيات لا تتجاوز اعمارهن 17 عاما. تم اقتيادهن الى الملاجىء حيث تم اغتصابهن، ثم ذبحهن بالسكاكين”.
واشار الى ان عددا من الاشخاص الذين هربوا من حيي العدوية وكرم الزيتون رووا ما حصل، وقالوا ان “معظم الذين نفذوا المجزرة هم من الشبيحة بينما الجيش يحميهم”. وقال ابو محمد انه كان يقاتل الى جانب الجيش الحر في حي بعلبة في حمص “وقررت المغادرة بعد احتدام حدة المواجهات وصعوبة البقاء”، مشيرا الى انها المرة الاولى التي يدخل فيها لبنان.
واضاف انه ترك عائلته المؤلفة من زوجة وخمسة اولاد كبيرهم في السابعة واصغرهم فتاة عمرها سنة “عند اقارب في منطقة آمنة في حمص يسيطر عليها الجيش السوري، لكنني لم أنم طيلة الليل خوفا على مصيرهم بعد مجزرة كرم الزيتون والعدوية”.
واشار الى انه سيعمل على استقدام عائلته الى لبنان اليوم. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان وكالة فرانس برس ان مئات العائلات نزحت من بعض احياء حمص بعد المعلومات عن “المجزرة”. وقال مدير المرصد “هربت مئات العائلات من مدينة حمص ليل الاحد الاثنين (…) خوفا من مجازر جديدة على ايدي قوات النظام”.
واشار الى ان النزوح حصل من احياء كرم الزيتون خصوصا وباب الدريب والنازحين، مضيفا ان بعض هذه العائلات “نام افرادها في العراء داخل سياراتهم”، لانهم لم يكونوا يعرفون الى اين يذهبون.
واتهم الاعلام الرسمي السوري “مجموعات ارهابية مسلحة” بالجريمة. وقال مصدر إعلامي سوري ان “الصور التي تعرضها بعض الفضائيات هي من جرائم المجموعات الارهابية المسلحة” التي “تخطف الأهالي في بعض احياء حمص وتقتلهم وتمثل بجثامينهم وتصورهم لوسائل اعلام بهدف استدعاء مواقف دولية ضد سورية”.
وتابع ان “القنوات الاعلامية الدموية بما فيها الجزيرة والعربية، تشارك المجموعات الارهابية المسلحة جرائمها وتعتمد المسلحين مراسلين لها في المناطق التي ترتكب فيها هذه الجرائم”. وقال “اعتدنا على تصعيد المجموعات الإرهابية المسلحة لجرائمها قبيل جلسات مجلس الأمن بهدف استدعاء مواقف ضد سورية”. من جانبه، اتهم وزير الاعلام السوري عدنان محمود الاثنين “مجموعات ارهابية” بارتكاب “مجزرة حي كرم الزيتون” في حمص بهدف “الضغط لاستدعاء مواقف دولية”، قبل اجتماع لمجلس الامن مقرر اليوم.
واعتبر محمود ان قطر والسعودية شريكتان “في الارهاب” الذي يستهدف الشعب السوري، محملا اياهما مسؤولية الدم السوري من خلال دعمهما “للمجموعات الارهابية المسلحة” بالمال والسلاح.
وقال ان “بعض الدول التي تدعم المجموعات الارهابية المسلحة مثل قطر والسعودية هي شريكة في الارهاب الذي يستهدف الشعب السوري في كل اطيافه ومكوناته، وتتحمل مسؤولية نزيف الدم السوري من خلال دعمها للمجموعات الارهابية المسلحة بالمال والسلاح”.
ودعا المجلس الوطني السوري المعارض الاثنين الى “جلسة عاجلة” لمجلس الامن الدولي وقال انه “يجري الاتصالات اللازمة مع كافة المنظمات والهيئات والدول الصديقة للشعب السوري بغية الدعوة الى عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي”.
واضاف في بيان “ان الدول التي تساند النظام المجرم تشاركه المسؤولية عن أفعاله وجرائمه”، في اشارة الى روسيا والصين اللتين استخدمتا حق النقض لاعتراض قرارين لمجلس الامن الدولي يدينان القمع في سوريا.
وقال العبد الله من جهته “اذا ظلت الاسرة الدولية على صمتها، فقد ترتكب مجازر جديدة في المستقبل”. واضاف “ندعو بصراحة الى تدخل عسكري اجنبي والى شن ضربات ضد النظام والى تسليح الجيش السوري الحر”.
وتابع “مضت اشهر والولايات المتحدة والدول الاخرى تدعو بشار الى وقف اعمال العنف لكنه يواصل قتل الناس. هذا يكفي، لا نريد مزيدا من الاقوال. اذا لم يكن لديهم ما يقولونه فليلتزموا الصمت”.
مئات العائلات نزحت من حمص خوفا من “مجازر جديدة”
هذا وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان وكالة فرانس برس اليوم الاثنين ان مئات العائلات نزحت من بعض احياء حمص، لا سيما حي كرم الزيتون، بعد المعلومات عن “مجزرة” راح ضحيتها خمسون امراة وطفلا في المدينة.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي “هربت مئات العائلات من مدينة حمص ليل الاحد الاثنين، لا سيما من حي كرم الزيتون، خوفا من مجازر جديدة على ايدي قوات النظام”.
واشار الى ان العائلات نزحت من احياء كرم الزيتون وباب الدريب والنازحين، مضيفا ان بعض هذه العائلات “نام افرادها في العراء داخل سياراتهم”، لانهم لم يكونوا يعرفون الى اين يتجهون بعد اكتشاف “المجزرة”.
وكان المرصد السوري لحقوق الانسان اكد وقوع “مجزرة” راح ضحيتها العديد من النساء والاطفال في حمص، متهما قوات النظام بارتكابها.
وقال عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبد الله في اتصال مع فرانس برس من حمص “عثر على جثث ما لا يقل عن 26 طفلا و21 امراة في حيي كرم الزيتون والعدوية بعضهم ذبحوا واخرون طعنهم الشبيحة”.
واتهم التلفزيون الرسمي السوري “عصابات ارهابية مسلحة” ب”خطف” مواطنين من احياء في حمص وقتلهم وتصويرهم لاثارة ردود فعل دولية ضد سوريا.
واشار التلفزيون من جهة ثانية الى ان “الجهات المختصة تخلص حيي النازحين وكرم الزيتون من الارهابيين”.
ويعقد مجلس الامن الدولي الاثنين اجتماعا بحضور عدد من وزراء الخارجية هم الاميركية هيلاري كلينتون والروسي سيرغي لافروف والبريطاني وليام هيغ والفرنسي الان جوبيه والالماني غيدو فسترفيلي، من المتوقع ان يهيمن عليه موضوع سوريا.
ولم تتكمن وكالة فرانس برس من تاكيد المعلومات بشأن “مجزرة” حمص بسبب القيود المفروضة على وسائل الاعلام لجهة تغطية الازمة في سوريا حيث يواصل النظام قمعا دمويا للاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد منذ عام.
وقال المجلس الوطني السوري انه “يجري الاتصالات اللازمة مع كافة المنظمات والهيئات والدول الصديقة للشعب السوري بغية الدعوة لعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي”.
وتابع بيان المجلس الوطني “ان الدول التي تساند النظام المجرم تشاركه المسؤولية عن أفعاله وجرائمه”، في اشارة الى روسيا والصين اللتين تدعمان نظام بشار الاسد واستخدمتا حق النقض لاعتراض قرارين لمجلس الامن الدولي يدينان القمع في سوريا.
وتابع عبد الله “اذا ظلت الاسرة الدولية على صمتها فمن الممكن ارتكاب مجازر جديدة في المستقبل”. وقال “ندعو بصراحة الى تدخل عسكري اجنبي والى شن ضربات ضد النظام والى تسليح الجيش السوري الحر”.
وقال “لا نريد المزيد من الاقوال ولقد مضت اشهر والولايات المتحدة والدول الاخرى تدعو بشار الى وقف اعمال العنف لكنه يواصل قتل الناس. هذا يكفي، واذا لم يكن لديهم ما يقولونه فليلتزموا الصمت”.
الصين ترحب بخطة روسيا والجامعة العربية لحل الازمة
ورحبت الصين الاثنين بالخطة الواقعة في خمس نقاط التي اتفقت عليها روسيا والجامعة العربية لايجاد حل للازمة السورية معتبرة ان هذه الاقتراحات يمكن ان تؤدي الى تقدم “ايجابي”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليو وايمين “نعتبر ان هذه الخطة المؤلفة من خمس نقاط التي تم التفاوض حولها بين روسيا والجامعة العربية لها ابعاد مناسبة وايجابية بهدف التوصل الى حل للازمة في سوريا”.
وكانت روسيا والجامعة العربية اتفقتا السبت على خمسة اسس لتسوية الازمة السورية كما اعلن وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف وقطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني.
وتدعو النقاط الخمس الى “وقف العنف من اي مصدر كان، انشاء آلية رقابة محايدة، لا تدخل خارجي، اتاحة المساعدات الانسانية لجميع السوريين بدون اعاقة، الدعم الكامل لجهود الموفد الدولي كوفي انان الى سوريا استنادا الى المرجعيات التي قبلتها الامم المتحدة والجامعة العربية”.
ومن جهتها وضعت الصين خطة من ست نقاط مماثلة جدا تدعو الى وقف فوري لاطلاق النار في سوريا واجراء مفاوضات بين اطراف النزاع مع رفض اي تدخل اجنبي. واوفدت الصين عدة مبعوثين في الاسابيع الماضية الى سوريا ودول اخرى لشرح موقفها.
وكانت موسكو وبكين استخدمتا مرتين حق النقض ضد مشروعي قرار في مجلس الامن الدولي يدينان القمع في سوريا.
وقد اوقعت اعمال العنف في سوريا اكثر من 8500 قتيل منذ بدء حركة الاحتجاج الشعبية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد في اذار/مارس الماضي بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
سنة على الانتفاضة السورية: النظام في حكم المنتهي
أ. ف. ب.
بيروت: بعد مرور سنة على الانتفاضة السورية، يبقى الرئيس بشار الاسد متمسكا بالحكم، الا ان محللين يرون ان نظامه في حكم المنتهي وان اخطارا عديدة تحيط بسوريا، ليس اقلها الحرب والتقسيم.
ويقول مدير مركز بروكينغز للابحاث في الدوحة سلمان شيخ لوكالة فرانس برس “لو طرح قبل سنة السؤال عما اذا كان الاسد يمكن ان يكون في طريقه الى الانتهاء، لكان كثيرون رفضوا مجرد الفكرة. (…) لكنني اعتقد اليوم ان النظام يخسر، والوقت ينفد منه”.
ويضيف “بعد سنة، حتى لو ان بعض المؤشرات تدل على انه لن ينهار بسهولة، فهناك مؤشرات اخرى على ان الانتفاضة حية وبحالة جيدة ومستمرة، وستقود على الارجح الى نهاية هذا النظام”.
بدأت الانتفاضة في منتصف آذار/مارس 2011، عندما قام بضعة فتيان لا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة بالخربشة على جدران مدرستهم في مدينة درعا (جنوب) “الشعب يريد اسقاط النظام”، متأثرين آنذاك بشعار الثورتين التونسية والمصرية اللتين نجحتا سريعا في اسقاط نظامين متسلطين ورئيسين احتكرا السلطة لعقود.
كان رد فعل النظام عنيفا، فاعتقل الفتيان وزجهم في السجن. تظاهر افراد عائلاتهم ومتعاطفون مطالبين بالافراج عنهم. قمعت التظاهرة بالقوة، وسقط قتلى.
تزامن ذلك مع تظاهرتين صغيرتين نظمهما ناشطون سياسيون معارضون في سوقي الحميدية والمرجة في دمشق تضامنا مع المعتقلين السياسيين. كان ذلك كافيا، في ظل اصداء “الربيع العربي” التي وصلت، بعد تونس ومصر، الى ليبيا واليمن والبحرين وغيرها، لاطلاق شرارة حركة احتجاجية واسعة.
حاول بشار الاسد تلقف المطالب الشعبية، فاعلن على دفعات عن مجموعة اصلاحات تشكل مطالب مزمنة للمعارضة مثل رفع حالة الطوارىء المفروضة منذ عقود، ووضع قانون للاعلام، وآخر للاحزاب، وصولا الى دستور جديد يلغي احادية قيادة حزب البعث للبلاد.
لكن القمع العنيف للتظاهرات وتزايد عدد القتلى والاعتقالات والتسويق لرواية عن “مجموعات ارهابية مسلحة” تعيث الخراب في البلد، جعل كل كلام عن الاصلاح يفتقر الى المصداقية.
ويقول استاذ العلاقات الدولية في جامعة باري-سود الفرنسية خطار ابو دياب “الثورة السورية تتسم بطابع خاص بالمقارنة مع حركات الربيع العربي الاخرى، بالنظر الى التضحيات الكبرى للشعب في ظل درجات من القمع غير مسبوقة (…) والتسلط الذي يكاد يوازي بعض اشكال الستالينية”.
وتسببت حملة القمع على مدى سنة بسقوط 8500 قتيل تقريبا، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
ومنذ اسابيع، تترافق التعبئة الشعبية مع تمدد للتحرك المناهض للنظام الى مناطق كانت في منأى نسبيا عن الاحتجاجات مثل حلب ودمشق، انما كذلك مع تصعيد في المواجهات العسكرية.
ويقول ابو دياب ان “درجات القمع دفعت الناس الى الدفاع عن انفسهم (…) المعارضة كانت سلمية وشعبية، والنظام بذل اقصى جهده من اجل عسكرتها”.
بعد شعار “الله، سوريا، حرية وبس”، يرتفع اليوم باصرار في التظاهرات شعار “نعم لتسليح الجيش الحر”، مع تزايد الدعوات في العالم الى دعم هذا الجيش المؤلف من جنود منشقين ومؤيدين، بالسلاح والتجهيز. غير ان جهات عدة ابرزها واشنطن تتحفظ.
وتشن قوات النظام هجمات بالمدفعية والاسلحة الثقيلة على معاقل الجيش الحر الذي يعجز عن الصمود باسلحته الخفيفة والمتوسطة التي استولى عليها من الجيش النظامي او هربت اليه من دول مجاورة.
ورغم المنحى العسكري المتصاعد الذي تضاف اليه ظروف انسانية ومعيشية مأسوية، يعجز المجتمع الدولي عن الوصول الى توافق حول الازمة.
ويرى ابو دياب ان هناك “مأزقا داخل سوريا، ومأزقا حول سوريا نتيجة حرب باردة غير معلنة” بين الدول الغربية وغالبية الدول العربية من جهة وروسيا والصين من جهة اخرى مدعومتين من دول قريبة من النظام ابرزها ايران.
ويقول ابو دياب “هذه الثورة لم تجد لها حليفا”، مشيرا الى ان انحياز الجيش القريب من الغرب الى الحركة الشعبية في كل من تونس ومصر سرع في سقوط النظامين، “كما فتح النفط شهية الدول على التدخل في ليبيا”.
في سوريا، لا الغرب متحمس لفكرة التدخل ولا الممانعة الروسية والصينية في مجلس الامن لاي قرار يدين النظام تسهل التوصل الى تسوية.
في ضوء ذلك، يرسم المحللون صورة قاتمة لمستقبل سوريا على المدى القريب.
وجاء في تقرير لمجموعة الازمات الدولية صدر الاسبوع الماضي حول سوريا “حتى لو تمكن النظام من البقاء لبعض الوقت، فقد اصبح مستحيلا عليه عمليا ان يعيد السيطرة على البلاد أو يعيد الحياة الطبيعية اليها. قد لا يسقط، لكنه (..) سيتحول الى ميليشيات متنوعة تقاتل في حرب اهلية”.
ويتخوف سلمان شيخ من “مجازر” اذا تم تسليح المعارضة غير المنظمة وغير الموحدة، معتبرا ان هذا الامر “سيشكل وقودا اضافية لاشعال النزاع الاهلي”. لكنه يرى، رغم ذلك، ان الحل الوحيد يكمن في “دعم حقيقي وحاسم” للمعارضة من الخارج.
ويقول ابو دياب “خطر التقسيم موجود. فاذا تبين للنظام انه ليس في امكانه ابقاء سيطرته على كل البلاد، قد يكتفي بمنطقة علوية”.
اما في اسوأ الاحتمالات، “فلن يتردد في اشعال المنطقة عبر افتعال انقلاب في لبنان او العراق، او حرب اقليمية مع اسرائيل. فهو يريد البقاء حتى لو حول سوريا الى صومال او بوسنة ثانية”.
اللاجئون السوريون لا يرون نهاية لسفك الدماء
يتوقع اللاجئون السوريون في الاردن مستقبلا قاتما لبلدهم، مؤكدين ان النظام هناك لم يظهر “وجهه القبيح” بعد وانه يستعد للقيام بالمزيد من سفك الدماء الذي ادى الى مقتل الالاف حتى الان.
وبعد مرور عام على الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس بشار الاسد التي انطلقت في منتصف آذار/مارس 2011 واجبرت آلالاف على الفرار من قمع النظام الذي اودى بحياة حوالى 8500 شخص غالبيتهم من المدنيين بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، يشعر اللاجئون السوريون في الاردن البلد المجاور بالخوف ان الاسوأ قادم.
ويقول أيمن جهماني (44 عاما) وهو موظف اتصالات سابق في درعا لوكالة فرانس برس من شقته في بلدة الرمثا الحدودية التي تقع على بعد 95 كلم شمال عمان على الحدود مع سوريا مقابل درعا “نتوقع ان يظهر نظام الاسد وجهه الحقيقي القبيح، وان يسفك المزيد من الدماء السورية”.
واضاف “انه سيسقط عاجلا أو آجلا لان الشعب السوري الذي قدم تضحيات كبيرة لن يقبل أبدا ان يواصل مثل هذا النظام المجرم الحكم، لكني أخشى سقوط المزيد من الضحايا”.
واوضح جهماني الذي كان يحرص على تغطية وجهه بكوفية انه جاء الى الاردن مع شقيقه المحامي وعائلتيهما في آب/اغسطس الماضي.
وقال ان “السلطات السورية سجنتني واخي العام الماضي لنحو 50 يوما لاننا شاركنا في المظاهرات، وتحدثنا الى بعض الصحافيين الاجانب”.
واضاف “انهم لا يريدوننا ان نقول الحقيقة عن جرائم النظام، لقد هربنا الى الاردن بعد تلقينا الكثير من التهديدات بالقتل”.
وقال راكان المجالي وزير الدولة الاردني لشؤون الاعلام والاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية ان حوالى 80 الف سوري دخلوا المملكة منذ اندلاع الاحداث في سوريا منتصف آذار/مارس من العام الماضي.
ويعتزم الاردن فتح اول مخيم لاستقبال اللاجئين السوريين قريبا على مساحة 30 دونم في منطقة رباع السرحان في محافظة المفرق (70 كلم شمال عمان) بالقرب من الحدود مع سوريا.
وقال المجالي لوكالة فرانس برس ان “الغالبية العظمى من اللاجئين يقيمون مع اقاربهم الاردنيين في الرمثا والمفرق” شمالي المملكة.
وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة عدد اللاجئين السوريين المسجلين في المملكة بين خمسة آلاف وثمانية آلاف لاجىء، بينما يقدر عدد الطلاب السوريين الذين تم قبولهم في المدارس الحكومية الاردنية بخمسة آلاف طالب.
ومعظم اللاجئين السوريين في الاردن هم من جنوب محافظة درعا، مهد الثورة السورية.
ويقول محمود مصري، الحداد، الذي يبلغ من العمر 62 عاما بينما كان يجلس على الارض مع ابنائه ان “قوات الاسد تقتل الناس في سوريا في كل صوب وحدب، بينما العالم يكتفي بمراقبة الشعب السوري وهو يذبح كالخراف”.
واضاف الرجل ذو اللحية البيضاء لوكالة فرانس برس “لا اعتقد ان هذا القتل الجماعي سينتهي قريبا بينما العالم يكتفي بكلمات التنديد والادانة. كيف سيوقف النظام عمليات القتل اذا لم يحاول احد منعه؟ أعتقد أن النظام يعرف انه سينتهي لذلك فهو يريد ارتكاب المزيد من الجرائم قبل ذهابه”.
ويوافق اسامة الطويل، الطبيب البيطري، (44 عاما) ما ذهب اليه المصري ويقول “نحن نقاتل هذا النظام الوحشي وحدنا، انها ثورة يتيمة”.
واضاف الطويل لوكالة فرانس برس بينما كان يراقب الاخبار من على شاشة التلفزيون “لقد ساعد العالم ليبيا في الخلاص من معمر القذافي، ولكنه لا يدعمنا بنفس الطريقة. لن نفقد الأمل. القتل سيتواصل لكنه (الاسد) لن يستطيع قتلنا جميعا”.
وقال وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا في واشنطن الاربعاء ان الوضع في سوريا يختلف عن وضع ليبيا حيث شن حلف شمال الاطلسي حملة ضربات جوية السنة الماضية ادت الى الاطاحة بنظام معمر القذافي.
وقال بانيتا انه في وضع ليبيا، كان هناك دعم قوي للتدخل من كل من مجلس الامن الدولي والجامعة العربية. لكن في حالة سوريا فان روسيا والصين تعارضان اتخاذ اجراءات عقابية ضد دمشق فيما لم توافق الجامعة العربية على شن ضربات جوية على سوريا.
ويقول الطويل “انا واخي جئنا الى الاردن في كانون الاول/ديسمبر، لانه لم يكن لدينا سلاح لمحاربة النظام. لم نكن نريد ان نموت من اجل لا شيء. اعطونا سلاح وسنعود للقتال. فنحن لسنا جبناء”، مشيرا الى انه تعرض للضرب والتعذيب على يد السلطات في سوريا ولعدة أيام لانه تحدث الى وكالات انباء عالمية.
وعلى الرغم من تركهم ذويهم واحبائهم خلفهم، الا ان اللاجئين السوريين في الاردن يعتبرون انفسهم محظوظين بالهروب من “الجحيم” في بلادهم.
ويقول مصري ان “بلطجية النظام حرقوا منزلي المكون من ثلاثة طوابق وورشة عملي لانني تظاهرت ضد الاسد. لقد اضطررت الى ترك درعا وانا لست راضيا عن هذا، ولكني احمد الله أنني هنا الان مع اطفالي، أنعم بألامان والسلام”.
ويؤكد الطويل بأنه يمتلكه نفس الشعور وقال ان “الاردنيين يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة اللاجئين بغض النظر عن بعض العيوب”.
ويضيف “أمي وأبي لا يزالان في سوريا، بقوا مع اقاربهم بعد ان دمر المجرمون منزل عائلتنا، نحن قلقون عليهم ونشعر بالحزن”.
واضاف “لكن في الوقت نفسه، نحن محظوظون أننا ما زلنا على قيد الحياة، واننا تمكنا من الوصول الى هنا بسلام”.
السعودية: الوضع في سوريا بلغ حدوداً قاسية تحتم على الجميع التحرك
وكالة الأنباء السعودية – واس
الرياض: أكد مجلس الوزراء السعودي اليوم على أن الوضع في سوريا بلغ حدوداً تحتم على الجميع التحرك بسرعة وجدية وعلى النحو الذي يعطي للشعب السوري الأمل في إمكانية إنهاء محنته واصفا إياها بالقاسية والمتفاقمة يوماً بعد يوم.
كما أدان المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة المحاصر والتي راح ضحيتها أكثر من 20 قتيلا وعشرات الجرحى، مناشداً المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم لردع إسرائيل عن الاستمرار في ممارساتها بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية في تحد لجميع المواثيق والأعراف الدولية.
صدام متوقع في مجلس الأمن حول الأزمة السورية
50 شخصية تدعو إلى “سحب رخصة القتل” من الأسد
أ. ف. ب.
يستعد وزراء خارجية الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا لعقد اجتماع في مقر الامم المتحدة للاحتفال بـ”الربيع العربي” حيث من المتوقع أن تتصدر الأزمة السورية النقاشات، فيما دعت حوالي خمسين شخصية من قادة سياسيين سابقين ومثقفين لسحب رخصة القتل من الرئيس السوري.
نيويورك: دعت حوالي خمسين شخصية من قادة سياسيين سابقين ومثقفين وحائزي جائزة نوبل للسلام في رسالة مفتوحة نشرت الاثنين اعضاء مجلس الامن الدولي الى الاتحاد لسحب “رخصة القتل” من الرئيس السوري.
وفي الرسالة التي نشرتها صحيفة “فايننشال تايمز” وستصدر الثلاثاء في “لو فيغارو”، ترى هذه الشخصيات من اكثر من 27 جنسية مختلفة ان “الانقسامات داخل الاسرة الدولية اعطت حكومة الاسد رخصة للقتل” وتطلب “سحب هذه الرخصة الان”.
ويصادف النداء مع اجتماع لوزراء الخارجية في مجلس الامن الدولي الاثنين في نيويورك حول “دروس الربيع العربي” حيث سيتم التطرق الى الملف السوري، بحسب بيان صحافي لمنظمة كرايزيس اكشن غير الحكومية.
ويدعو الموقعون على الرسالة الحكومة الروسية الى “الانضمام الى الجهود المشتركة لوضع حد سريع للنزاع وارساء الاستقرار والسلام في سوريا والمنطقة”.
وتطلب الرسالة من اعضاء مجلس الامن ان يتبنوا قرارا يدعو خصوصا النظام السوري الى وقف الهجمات التي تستهدف المدنيين والافراج عن المعتقلين المسجونين منذ اندلاع حركة الاحتجاج وتسهيل نقل المساعدات الانسانية العاجلة.
ووقع على الرسالة الرئيس البرازيلي السابق فرناندو هنريكي كاردوزو ورئيس جنوب افريقيا السابق فريدريك دو كليرك ووزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد ميليباند والرئيس السابق لجمهورية المانيا الاتحادية ريتشارد فون فايساكر ووزير العدل الفرنسي السابق روبير بادنتر وحائزتا جائزة نوبل للسلام الايرانية شيرين عبادي والليبيرية ليما غبوي.
وقالت عبادي حائزة جائزة نوبل للسلام لعام 2003 في بيان “يجب وقف هذه الفظاعات”. واضافت “يتعين على اجتماع وزراء الخارجية اليوم في نيويورك ان يحرك مجلس الامن ويوحد صفوفه وراء الجامعة العربية ويصدر قرار بالاجماع”.
ويعقد اجتماع لوزراء خارجية الولايات المتحدة واوروبا وروسيا الاثنين في مقر الامم المتحدة في نيويورك للاحتفال رسميا بـ”الربيع العربي”، لكن موضوع سوريا سيتصدر النقاشات التي يتوقع أن تكون محتدمة.
وأراد البريطانيون الذين دعوا الى الاجتماع اجراء مراجعة لانتفاضات الربيع العربي، غير انه يتوقع ان يشكل الخلاف حول كيفية وقف قمع نظام الرئيس السوري بشار الاسد معارضيه محور الاجتماع. ويشارك في الاجتماع وزراء الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون والروسي سيرغي لافروف والبريطاني وليام هيغ والفرنسي الان جوبيه والالماني غيدو فيسترفيلي.
واثار فشل المجلس في الاتفاق على قرار يدين العنف في سوريا وتفاقم حصيلة القتلى التي فاقت 7500 بكثير بحسب الامم المتحدة ورفض الاسد السماح للمنظمات الانسانية بدخول المدن التي تشهد احتجاجات في اثارة التشاؤم حول استعدادات اجتماع الاثنين.
ويتزامن الاجتماع مع مغادرة المبعوث المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان دمشق الاثنين من دون التوصل الى اتفاق لوقف اراقة الدماء في البلاد، حيث استعر القتال في عدد من المدن الكبرى ما اسفر عن مقتل حوالى 12 شخصا اضافيا اليوم. وغادر انان بعد مهمة ليومين قال انه عرض فيها على الاسد “مقترحات ملموسة” لوقف العنف.
ودعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ضمنا كلا من الصين وروسيا الى تغيير موقفهما حيال سوريا، داعية “كل الدول” الى دعم خطة الجامعة العربية لتسوية الازمة السياسية والانسانية في هذا البلد.
وقالت كلينتون “نعتقد انه حان الوقت لكي تدعم كل الدول، حتى تلك التي جمدت جهودنا سابقا، الخطة التي اقترحتها الجامعة العربية”. واعتبر وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الاثنين انه يجري حاليا “التلاعب” بمجلس الامن بشأن الازمة في سوريا على غرار ما حصل بشان الازمة في ليبيا في السابق.
وقال لافروف امام مجلس الامن في نيويورك ان العقوبات التي تفرض من طرف واحد ومحاولات الدفع من اجل تغيير النظام في سوريا والتشجيع الذي تحظى به المعارضة المسلحة في سوريا، تشكل “وصفات خطرة لتلاعب جيوسياسي لا يمكن الا ان يؤدي الى امتداد النزاع” في سوريا.
وسبق ان استخدمت روسيا والصين مرتين حقهما في النقض في مجلس الامن الدولي لعرقلة مشروعي قرار لادانة القمع في سوريا. ووصلت محادثات حول مشروع قرار جديد صاغته الولايات المتحدة لمحاولة التوصل الى اتفاق الى طريق مسدود لكن كلينتون ولافروف سيلتقيان على هامش اجتماع الامم المتحدة.
وتقول روسيا والصين ان الدول الغربية تسعى الى قرار لمجرد دعم تغيير النظام. وقال لافروف ان بلاده تعارض “التدخل السافر” في شؤون سوريا الداخلية، على ما اكدت وزارته بعد اجتماع بينه وبين انان في القاهرة.
وتريد روسيا ان يدعو اي مشروع قرار السلطة والمعارضة على حد سواء الى وقف العنف. لكن الغرب يقول ان هجمات قوى الامن وعمليات الجماعات المعارضة لا يمكن وضعها على قدم المساواة. واتهم امين عام الامم المتحدة بان كي مون الذي سيطلع بايجاز اجتماع الاثنين عن اخر الاحداث قوات الاسد باستخدام القوة “المفرطة” ضد التظاهرات التي انطلقت بشكل سلمي.
لكن لافرورف يشدد على انه يدافع عن “القانون الدولي” فيما تقول الولايات المتحدة والدول الاوروبية الاعضاء في مجلس الامن ان روسيا تعرقل العمل الدولي لدعم حليفتها الرئيسية في الشرق الاوسط. وتواجه سوريا التي تشكل مزود نظام الاسد الثاني بالسلاح انتقادات متزايدة من دول عربية.
في هذه الاثناء اقترحت الصين خطتها الخاصة لاجراء محادثات بين الاسد والمعارضة سيقوم مبعوثها بطرحها في العالم العربي واوروبا في هذا الاسبوع. ويخشى اتساع التوتر الدبلوماسي بين اعضاء مجلس الامن حول سوريا. ويشارك وزراء خارجية البرتغال وغواتيمالا والمغرب في اجتماع مجلس الامن الذي نظمته بريطانيا التي ترأس المجلس في اذار/مارس.
جوبيه يدعو لمحاسبة النظام السوري أمام القضاء الدولي
وعلى صعيد متصل، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه الاثنين ان على السلطات السورية ان “تدفع ثمن افعالها امام القضاء” الدولي، ودعا الى “اعداد الظروف لاحالة المسألة الى المحكمة الجنائية الدولية”.
ودعا جوبيه في كلمة القاها امام مجلس الامن “الصين وروسيا الى الانصات لصوت العرب والضمير العالمي والانضمام الينا” في ادانة القمع في سوريا.
رغم كونها قوة إقليمية في الشرق الشرق الأوسط
استمرار الأزمة السورية يضع دور تركيا على المحك
عبدالاله مجيد من لندن
رغم اعتبارها قوة اقليمية في الشرق الأوسط، تعثرت تركيا في وقف عملية العنف المستمرة في سوريا منذ سنة، والتي سقط خلالها مئات المدنيين. وجدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مؤخراً انتقاداته إلى النظام والدول التي تدعمه، واقترح فتح ممرات لإيصال المساعدات الانسانية الى المدنيين السوريين.
لندن: تعتبر تركيا نفسها قوة إقليمة في الشرق الأوسط وديموقراطية اسلامية ذات اقتصاد مزدهر، يمكن أن تكون مرشدة في فترة الربيع العربي. ولكن جهود تركيا تعثرت في محاولتها وقف العنف وحملة البطش المستمرة في سوريا، جارتها وحليفتها السابقة.
ورغم أن المسؤولين الاتراك وجهوا انتقادات لاذعة الى رد الرئيس السوري بشار الأسد على الانتفاضة المستمرة منذ عام، إلا انهم لم يزحزحوا الأسد، وهم يدركون أن اتخاذ موقف أشد حزماً قد يكون له مردود عكسي. فكلما شددوا الضغط على النظام السوري زادت احتمالات ان يُغضبوا ايران بوصفها قوة أخرى في المنطقة لديها طموحات اقليمية وتقف إلى جانب الأسد. ويمكن أن يرد الأسد بإثارة قلاقل داخل تركيا نفسها.
ويرى مراقبون أن المحصلة كانت كابوساً ديبلوماسياً على تركيا. وفي هذا الشأن، نقلت صحيفة لوس انجلوس تايمز عن استاذ العلاقات الدولية في جامعة قادر هاس التركية سولي اوزيل: “أن تركيا أصبحت على نحو ما ضحية صورتها عن نفسها” مضيفاً: “أن تركيا عملت طيلة ستة أو سبعة أشهر كل ما بوسعها لدفع الأسد الى التغيير، وكان الحلفاء ينتظرون أن تثمر جهودها”.
وجدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مؤخراً انتقاداته إلى النظام السوري والدول التي تدعمه في وقت يستمر سفك الدماء. واقترح اردوغان فتح ممرات لإيصال المساعدات الانسانية الى المدنيين السوريين بلا إبطاء. ويُقدر أن تركيا تستضيف 11 ألف لاجئ نزحوا من سوريا.
وكانت تركيا قبل عام فقط في موقع تُحسد عليه بعلاقاتها الطيبة مع ثلاثة جيران صعبين هم سوريا وايران والعراق. ولكن هذه العلاقات تحققت بثمن وكذلك تغييرها.
ونقلت صحيفة لوس انجلوس تايمز عن كوجان باجيك، مدير مركز الأبحاث الاستراتيجية للشرق الأوسط، في جامعة زرفة في مدينة غازي عنتاب قرب الحدود السورية، “إن تركيا في الحقيقة لم تفهم الديناميكيات المعقدة للعالم العربي وأن الحكومة اغمضت عينها عن نظام القبضة الحديدية في سوريا مقابل السلام على الحدود التي يمتد طولها 800 كلم، وتجارة مربحة وممر ترانزيت آمن لإيصال بضائع بملايين الدولارات الى منطقة الخليج المزدهرة”.
وأضاف الباحث باجيك أن هذه الاستراتيجية كانت ناجحة طالما ابتعدت عن التصدي للمشاكل، “وأن كثيرين اعتقدوا أن هذه الأجندة سهلة جداً ولكنها ليست كذلك الآن”.
واعرب باجيك عن اعتقاده بأن “سياسة تركيا المتشددة ضد النظام السوري جاءت في وقت مبكر للغاية بحيث أغلقت عملياً أي مجال للمناورة الديبلوماسية”. وقال إن تركيا “كانت سريعة جداً في حسم موقفها في شأن سوريا وكان ذلك خطأ”.
وعلى الرغم من لهجة اردوغان الحازمة، فإن تركيا حُيدت، في الوقت الحاضر على الأقل.
ولدى تركيا واحد من اكبر الجيوش في العالم وخبرة في عمليات حفظ السلام، ولكن ليست لديها شهية للتدخل. كما استبعد المسؤولون الاميركيون خيار التدخل العسكري. ويشير الفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن الى أنه من المستبعَد أن توفر الأمم المتحدة غطاء أممياً لعملية عسكرية دولية.
وقال الباحث بيتر هارلنغ من مجموعة الأزمات الدولية أن الأسد يمارس لعبة تكتيكية يحسب فيها الى أي حد يستطيع أن يتمادى من دون أن يستنزل عليه غضب المجتمع الدولي. علماً أنه قُتل اكثر من 7500 شخص منذ اندلاع الانتفاضة.
كما يتعين على تركيا أن تأخذ في الاعتبار قضايا أخرى منها أن التدخل على نطاق واسع في سوريا يمكن أن يدفع الأسد الى تسليح المتمردين الأكراد على جانبي الحدود، وبذلك تأزيم مشكلتها المزمنة مع الأكراد.
ويشكل الأكراد نحو 10 في المئة من سكان سوريا، يتركزون في الشمال الشرقي المحاذي لتركيا. وتمكن حافظ والد بشار الأسد في عهده من كسب تأييد الأكراد بتسليح حركة التمرد الكردية بقيادة حزب العمال الكردستاني في تركيا. ولكن هذا الدعم تلاشى مع تحسن العلاقات بين انقرة ودمشق في السنوات الأخيرة.
في هذه الأثناء تبدو المنطقة أقل ترحيباً بالدور التركي منه قبل عامين. كما دخلت القضية الكردية عاملاً في علاقات تركيا مع العراق. فإن تركيا تتقرب من اكراد العراق الذين يسيطرون على احتياطات نفطية ضخمة واتخذت جانب القوى السياسية السنية في صراعها مع حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي تسيطر عليها احزاب شيعية.
واتخذت ايران من جهتها جانب نظام الأسد وحكومة المالكي، وبذلك تم اعداد المسرح لصراع تركي ـ ايراني على النفوذ، والتهديد بخطر حرب بالنيابة في المنطقة.
ولتركيا وايران تاريخ مديد من التنافس على النفوذ. ورغم الشراكة التجارية الواسعة بينهما، فإن كليهما ينظر بحذر الى الآخر. وقال الباحث اوزيل من جامعة قادر هاس إن القوتين الاقليميتين “ترقصان مع احداهما الأخرى وفي يد كل منهما خنجر”.
ونقلت صحيفة لوس انجلوس تايمز عن المحلل السياسي شعبان كرداش: “إن تمرير الخيط في الإبرة الديبلوماسية في شأن سوريا عائد الى تركيا”. وقال كرداش: “إن مثل هذه التحديات تقدم احياناً فرصة ولكن ليس معروفاً إن كانت تطورات الوضع ستتخذ منحى يناسبها”.
بين مؤيد ومعارض على وصف الثورة بأنها ذات طابع علماني
علاقة الإسلام بالانتفاضة السورية تثير عاصفة من الجدال
أشرف أبو جلالة
فيما حذر جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، الشهر الماضي، بأن القاعدة بدأت تستفيد من الصراع المتنامي في سوريا، بدأ يرد أنصار المعارضة في البلاد على ذلك، بتأكيدهم أن الانتفاضة التي يقومون بها علمانية تماماً.
بيد أن التغطية الإعلامية المستمرة منذ أشهر عدة لما يدور في البلاد من أحداث أماطت النقاب عن أن الحقيقة أكثر تعقيداً، إذ تشير مجلة فورين بوليسي الأميركية، في سياق تقرير مطول أعدته في هذا السياق، تحت عنوان: “الإسلام والانتفاضة السورية”، إلى أن انتفاضة سوريا ليست ذات طبيعة علمانية، منوهةً إلى أن معظم المشاركين بها هم من المسلمين المخلصين المرتكزين في ما يقومون به على الإسلام.
وأعقبت الصحيفة بقولها إن معظم أفراد المعارضة السورية هم من المسلمين السنة وينتمون في أغلب الأحيان إلى مناطق محافظة. وجاء اختفاء اليسار العربي ليكشف عن تمتع الدين بدور أكبر في الحياة العامة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، في حين أن الأقلية هي الفئة العلمانية، وهناك أقلية أخرى تتكون من الإسلاميين الإيديولوجيين.
في حين تتألف الأغلبية من أناس دينيي الفكر ويحظون بقدر ضئيل من الإيديولوجية، مثل معظم السوريين، وهم لا يقاتلون من أجل الدفاع عن العلمانية (ولا عن النظام)، لكنهم لا يقاتلون أيضاً لتأسيس سلطة دينية. لكن مع تواصل الصراع في البلاد، بدأ يلعب الإسلام دوراً متنامياً في الانتفاضة المتواصلة هناك.
-حيث بدأت تلعب المساجد دوراً محورياً بالنسبة للتظاهرات مع مطلع شهر آذار/مارس العام 2011، وحظيت بتأثير واضح على مسار الانتفاضة، ما جعل الدين يحظى بوضعية متزايدة الأهمية مع مرور الوقت. وأوردت المجلة في هذا الشأن عن ناشط من حي برزة في العاصمة دمشق، قوله: “بات الناس أكثر تديناً، في الوقت الذي أضحوا يواجهون فيه الموت على نحو متزايد، مع استمرار التظاهرات في البلاد”.
أما الناشطون في درعا فيشكون من تهميش المحطات الفضائية للشخصيات اليسارية البارزة. وأعقبت المجلة بقولها هنا إن رجال الدين حظوا بدور مؤثر منذ بداية الأحداث في كثير من أنحاء البلاد، غير أن سلطتهم ليست مطلقة. وأضافت أن الشيوخ كثيراً ما لعبوا دوراً ايجابياً في الانتفاضة، ولعل من أبرز الأسباب التي حالت دون تكرار سيناريو البوسنة في مدينة حمص (في ما يتعلق بالمذابح المبنية على أسس طائفية)، هو الدور البارز والواضح الذي لعبه الشيوخ المنتمون إلى تيار المعارضة.
وفي حي أربين في العاصمة السورية، دمشق، يتحدث قادة المعارضة بسخرية عن رجال الدين المحليين، حيث قال أحدهم: “الشيوخ الموجودون هنا ينتمون جميعاً إلى الأجهزة الأمنية وحزب البعث. وكان يطلبون منا عدم النزول إلى الشارع وعدم مشاهدة القنوات المنحازة. وقد خرجنا إلى الشارع ضد رغبة الشيوخ، الذين لا يتعاملون بشكل جيد مع الناس، إما لتخوفهم أو لتحالفهم مع النظام”.
وفي المعلومات أن أحد أهم الأسباب، التي قادت إلى اندلاع تظاهرات في أربين للمرة الأولى، يتعلق بطلب الإفراج عن 21 شاباً من سكان الحي سبق وأن تم اعتقالهم العام 2006. ونقل عن أحد قادة المسلحين، يدعى أبو مصعب، القريب من حرستا في دوما، قوله إنه فُصِل من عمله كإمام لقوله الحقيقة والتحدث عن الكرامة. وبحسب التقارير فإن مذهب الإمام أحمد بن حنبل هو السائد في دوما، ولا يمكن أن تُشَاهَد امرأة في الشارع وهي من دون برقع.
ومع هذا، أشار أبو مصعب إلى أن معظم الناس في دوما لا يتحدثون عن دولة إسلامية، وأكد أنه أيّد الصراع المسلح ضد النظام منذ اليوم الأول فيما قام كثيرون آخرون بذلك فقط بعد شهر رمضان الماضي. لكن حسب فورين بوليسي، فإن الكثير من الأسماء التي يتم إطلاقها على تظاهرات يوم الجمعة تكون أسماء دينية في دلالتها، ولدى الكثير من الجماعات المسلحة، التي تطلق على نفسها بصورة مضللة، الجيش السوري الحر، مجموعة من الأسماء التي تعتبر ذات طبيعة مسلمة سنية بطبيعتها.
وعن جماعة الإخوان المسلمين، قالت فورين بوليسي إن سوريا بدأت تشهد الانتفاضات المستلهمة من فكر الجماعة خلال ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي. وفي عقد الثمانينات، قامت جماعة متشددة بتأسيس إخوان سوريا وأطلقت على نفسها الطليعة القتالية. ومضت تتحدث عن أعمال العنف التي قامت بها تلك الجماعة آنذاك، ثم هروب أعضاء جماعة الإخوان السورية إلى المنفى، واستمرارهم كنشطاء في تيار المعارضة، ما قادهم للسيطرة على المجلس الوطني السوري.
وجاء أن النظام السوري سعى إلى خلط المعارضة بجماعة الإخوان المسلمين السوريين خلال ثمانينات القرن الماضي، وأقدم على تلك الخطوة وهو يدرك أنه قد يضفي الطابع الشرعي على تعامله العنيف معهم، لكنه إن واجههم على الجبهة السياسية، فإنه سيخسر. وقال هنا توماس بيريت، محاضر الإسلام المعاصر في جامعة ادينبيرغ: “والدليل على ذلك هو أن الخلايا الإسلامية التي فككتها السلطات على مدار العقود الماضية كانت مرتبطة بحزب التحرير الإسلامي أو شبكات الجهاد، وليس الإخوان المسلمين على الإطلاق”.
وأضاف في السياق نفسه مسؤول مطلع من ذراع وطني مختلف لجماعة الإخوان المسلمين، من مقره في بيروت: “ليس للثورة الحاصلة اليوم في سوريا أي علاقة بإخوان ثمانينات القرن الماضي”.
وقال أحد الناشطين السوريين: “سبق لنا أن أخبرنا ملحم الدروبي، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، بعد أن قابلناه في تركيا خلال شهر أيار/ مايو الماضي، أننا بحاجة إلى المال من أجل شراء أسلحة. وقد أخبرنا بأنه لن يمنحنا مالاً من أجل شراء سلاح، إذ إن تلك الثورة تتسم بالسلمية. وحين طلبنا منه أموالاً من أجل تمويل صناديق الصعاب، أخبرنا بأن لنا أناساً متواجدين في أرض الميدان لكننا لم ننظم صفوفنا بعد”.
وبينما تحدث بعض القادة عن تلقيهم مكالمات من أناس من الأردن وتركيا ولندن والولايات المتحدة من المنتمين للإخوان المسلمين يعرضون عليهم أموالاً في ظل وجود أجندة خفية لها، هم يرفضونها، قال أحد قادة الناشطين من المنتمين للطائفة الإسماعيلية: ” الإخوان لا يخيفونني. فليس لهم تمثيل على الأرض يمكن أن يُعَرِّض الديموقراطية للخطر”.
كما أن الكثير من باقي أعضاء تيارات المعارضة أقل تفاؤلاً بشأن الدور الذي تقوم به منظمة جماعة الإخوان المسلمين. وقال أحد الناشطين من حي برزة إنه لا يريد الإخوان، مضيفاً: “لا أريد إلباس السيدات بملابس إسلامية كاملة. فهذا الأمر ليس جيداً. وفي واقع الأمر، ثمة شيء وسطي انا أفضله”. فيما عبّر ناشط آخر من دمشق عن قلقه من وجود شعارات دينية للكثير من التظاهرات التي تشهدها ضواحي دمشق.
وفي المناطق الريفية التابعة لمدينة حماة، رفض قادة العديد من الجماعات المسلحة رجلاً يدعى أبو ريان، يتلقى المساعدة من جماعة الإخوان في تركيا والأردن لتمويل جماعته المسلحة. ثم مضت فورين بوليسي تتحدث عن لفظة “سلفي” التي طغت على الانتفاضة السورية، مشيرةً إلى أن النظام نجح في تحويل تلك الممارسة الإسلامية المحافظة إلى سمة مسيئة لسمعة المعارضة، على أمل ربطهم بالسلفيين الجهاديين مثل هؤلاء المنتمين إلى تنظيم القاعدة في العراق.
وقال هنا أبو عبده، قائد عسكري في حرستا، إن الكثير من الناس يأمل في إعلان الجهاد في وجه النظام. وأضاف شيخ يدعى أمير: “لا نتقابل في المساجد لأن الثورة إسلامية، بل لأن المساجد تعتبر مركزاً لتجمع الناس. ولن نرحم العلويين من الحاملين للسلاح أو الشبيحة”.
وفي خضم هذه الأجواء المتناحرة، صرح مسلحون آخرون قائلين: “عرض سلفيون من أمثال الشيخ الذي يعرف بأبي سليمان في جبل الزاوية تقديم أسلحة للقيام بعمليات بعينها”. وأضاف هؤلاء المسلحون أن أبي سليمان كان تاجر مخدرات، وأضحى رجلاً سلفياً بعد أن قضى بعض الوقت في سجن شدنايا. وفي الأمسيات الهادئة، يتجمع مقاتلو جبل الزاوية من أجل تناول وجبات غذائية في بيوت مختلفة.
وتابع الشيخ السلفي، عمر رحومة، الذي يقود جماعة مسلحة في حماة، بقوله: “نحن ممتنون للمقاتلين السلفيين، لكنني ضد تهميش الأشخاص، وضد تهميشك وتهميشي. ويشكل السلفيون نسبة تقل عن واحد في المئة من المقاتلين”.
وإلى الشمال، حيث المناطق الريفية التابعة لمدينة حلب، فهناك المئات من المقاتلين الذين يشاركون في الأعمال القتالية المسلحة. وفي غضون ذلك، بدأ يظهر من جديد أيضاً حزب آخر إسلامي، يطلق عليه حزب التحرير. وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، بعث قادة جماعات مسلحة في حمص، بمن فيهم هؤلاء المنتمون إلى اللواء فاروق المعارض، برسائل إلى جماعة الإخوان المسلمين، يشكون فيها من أن الإخوان يهربون الأسلحة إلى حمص، لكنهم يخفونها أو يدفنونها.
وفي أواخر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حاول بعض الأشخاص المنتمين إلى حزب التحرير أن يرفعوا علم الإسلام الأبيض والأسود في حي الإنشاءات في حمص. كما وزعوا منشورات هناك يقولون فيها إنه مُحَرَّم دينياً التعامل مع الأميركيين أو طلب الدعم من حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وأنه يتعين على الناس أن يعتمدوا على الله (عز وجل ) وحده.
وختمت المجلة حديثها بالقول إن الانتفاضة التي تعيشها سوريا الآن منذ قرابة العام لن تعمل إلا على زيادة حدة التطرف. وأضافت أن السكان المقيمين في المدن التي تعتبر معاقل للمعارضة، وعلى عكس أماكن سبق للمجلة أن تواجدت بها كالصومال والعراق وأفغانستان، لا يعيشون في خوف من السلفيين ولا يوجد سلفيون مسلحون يفرضون أنفسهم على المواطنين.
وقال أحد الناشطين: “كلما زادت مدة الثورة، كلما زادت قوة السلفيين. فالإنتفاضة تتجه لتصبح أكثر اتشاحاً بالطابع الإسلامي والطابع الإسلامي المتشدد شهراً بعد الآخر. وإن كان قد قُدِّر لها النجاح في نيسان/ أبريل أو أيار/ مايو الماضي، لكانت تزايدت فرص تشكيل مجتمع أكثر تمدناً”. وفي الأخير، قال عقيد من الفرع الأمني السياسي إن مهمتهم في السابق كانت تقتصر على الحد من نشاط تنظيم القاعدة، لكنهم باتوا يركزون جهودهم في الوقت الراهن على قمع الناشطين والرد التعامل مع المعارضة المسلحة.
معارك في قلب دمشق.. وتصعيد في حلب
الرياض: هدى الصالح لندن: محمد الشافعي مكة المكرمة: طارق الثقفي بيروت ـ لندن: «الشرق الاوسط»
انفجر الوضع في ارجاء سوريا امس، وشهد قلب العاصمة السورية دمشق معارك بين الجيش الحكومى والمنشقين من الجيش الحر، فيما شهدت احياء في حلب توترا، بالتزامن مع انتهاء زيارة موفد الامم المتحدة الى سوريا كوفي انان والتي استمرت يومين شهدت سقوط نحو 130 قتيلا، بينهم 36 امس.
ووصف الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، ما يحدث بحق الشعب السوري بـ«المذبحة»، مؤكدا في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني غيدو فسترفيلي في الرياض امس، أن استمرار هجوم النظام السوري على شعبه يعتبر «نية معلنة من جانب الحكومة السورية لمواصلة هذا الهجوم على الشعب».
وشهدت دمشق حالة استنفار امني واسعة النطاق، كما سمعت اصوات انفجارات في اكثر من منطقة في قلب العاصمة ظهر امس. واكدت الهيئة العامة للثورة السورية وجود تبادل كثيف لاطلاق النار بين الجيش السوري والمنشقين من الجيش الحر، شملت عدة احياء. وهاجمت قوات الامن والشبيحة مظاهرة طلابية بوسط العاصمة، واعتقلت نحو 10 طلاب واعتدت بالضرب على طالبات، بينما قامت مجموعة من الناشطين يطلقون على انفسهم «أبطال قاسيون»، برفع علم الاستقلال بطول 22 مترا على سفح جبل قاسيون بالقرب من جامع الاربعين صباح امس.
وشهدت مدينة حلب تصعيدا حيث شوهدت الطائرات تحلق فوق المدينة التجارية الثانية من حيث الاهمية في سوريا. وحسب مصادر المعارضة، فان أحد احياء حلب شهد توترا ملحوظا وقام الاهالي بنصب المتاريس، بعد مقتل ناشطة في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي المعارض برصاص شبيحة النظام السوري اول من امس. كما اغتال مسلحون مجهولون صباح امس بإطلاق الرصاص ملاكما سوريا هو محمد غياث طيفور بينما كان في سيارته بساحة جامعة حلب.
إلى ذلك رفض المجلس الوطني السوري امس تصريحات يوسف القرضاوي عن السوريين الذين ألغيت إقامتهم بدولة الامارات العربية المتحدة، واصفا تدخل شخصيات عامة في هذا السياق بـ«الوصاية على السوريين». ومع انتهاء زيارته الى دمشق، اعلن انان انه قدم للأسد «سلسلة مقترحات ملموسة سيكون لها انعكاس حقيقي على الأرض وستساعد في إطلاق عملية ترمي الى وضع حد لهذه الأزمة»، مشيرا الى ضرورة ان يكون «الرد الواقعي هو القبول بالتغيير وتبني إصلاحات تضع الأسس المتينة لسوريا ديمقراطية ولمجتمع سلمي ومستقر ومتعدد ومزدهر على قاعدة الحق واحترام حقوق الانسان».
انفجارات وسط العاصمة دمشق ونشر علم الاستقلال على جبل قاسيون
نزوح الآلاف من حمص وأعنف حملة عسكرية على إدلب وجسر الشغور
بيروت – لندن: «الشرق الأوسط»
كانت دمشق أمس عنوان المواجهة بين الجيش السوري الحر والقوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، فيما عادت مدينة حمص، التي دكّت مدفعية الجيش السوري حي الزيتون فيها بوابل من القذائف التي طالت معظم منازله، إلى واجهة الأحداث السورية على الرغم من إعلان النظام أنه «حرر» المدينة.
وشملت العمليات العسكرية محافظة إدلب التي تشن القوات النظامية أعنف هجوم عليها في الوقت الحالي، فضلا عن مدن كبرى مثل حلب وحماه ودرعا وغيرها، في حين أعلنت لجان التنسيق السورية أن «36 شخصا قتلوا في سوريا، أكثر من نصفهم سقطوا في إدلب». وسجل يوم أمس انشقاق 18 جنديا بعتادهم الكامل في مناطق المواجهات في إدلب، كما قُتل جندي منشق استهدفته قوات الأمن السورية خلال عملياتها.
وخرج الآلاف في مناطق متفرقة من سوريا في «أحد الشهيد مصطفى جركس»، ابن مدينة دير الزور الذي قضى تحت التعذيب في سجون القوى الأمنية، وعمت المظاهرات أحياء من دير الزور، الرقة، حلب، دمشق، درعا، الزبداني، وبعض أحياء حمص وحماه، منددين بوحشية النظام ومطالبين بإسقاطه.
وشهدت العاصمة دمشق حالة استنفار أمني واسعة النطاق، كما سمعت أصوات انفجارات في أكثر من منطقة في قلب العاصمة ظهر أمس دون معرفة ماهية تلك الأصوات، ورجح سكان بالعاصمة أن تكون تلك أصوات قنابل صوتية، فيما تناقلت وسائل الإعلام أنباء عن اشتباكات بين الجيش الحر والجيش النظامي في حي ركن الدين وشارع الثورة، إلا أن شهود عيان في شارع الثورة نفوا سماعهم أصوات اشتباكات، وأكدوا أنهم سمعوا صوت انفجار من جهة شارع بغداد وسط العاصمة، وجاءت تلك التطورات بعد ليل شهد قطع عدة طرق بالنار، وسماع إطلاق نار كثيف عند منتصف الليل في حي العدوي، وأيضا في حي ركن الدين.
إلا أن الهيئة العامة للثورة السورية أفادت بوجود تبادل كثيف لإطلاق نار بين الجيش السوري والجيش السوري الحر، شملت حي ركن الدين، شارع الثورة، جوبر، أتوستراد العدوي، شارع بغداد، باب مصلى، والمهاجرين في وقت مبكر من صباح أمس.
كما قامت مجموعة من الشباب تسمي نفسها «اتحاد شباب دمشق للتغيير» بحرق صورة كبيرة للرئيس بشار الأسد خلف كلية الاقتصاد في حي البرامكة، وسط العاصمة وعلى بعد 100 متر من مقر وكالة الأنباء السورية «سانا»، فيما خرجت مظاهرة طلابية في الشارع بين كليتي العلوم والفنون، ولكنها هوجمت على الفور من قبل الشبيحة وقوات الأمن وتم اعتقال نحو عشرة طلاب، كما تعرضت طالبات كن هناك للضرب على يد الأمن والشبيحة الذين انتشروا بشكل كثيف.
من جانب آخر، قامت مجموعة «أبطال قاسيون» بنشر علم الاستقلال بطول 22 مترا على سفح جبل قاسيون بالقرب من جامع الأربعين صباح يوم أمس.
وفي ريف دمشق قتل شخص وجرح الكثير في بلدة جوبر، وحصلت حملة مداهمات واسعة في قرى القلمون بمدينة يبرود، تركزت في قرى الجبة وبخعة والمعرة، وسقط خلالها عدد غير محدد من القتلى والجرحى.
وفي غضون ذلك، أعلن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن أن «قوات عسكرية وأمنية نظامية اقتحمت قرية الجانودية التابعة لجسر الشغور وبدأت حملة مداهمات واعتقالات»، لافتا إلى أن اشتباكات عنيفة دارت بين مجموعات منشقة والقوات النظامية السورية في قرية الجانودية «أسفر عن مقتل ثلاثة جنود من القوات النظامية وإعطاب ناقلة جند مدرعة»، مشيرا إلى «استشهاد مدني برصاص القوات السورية خلال هذه الاشتباكات». كما نفذت القوى النظامية حملات اعتقال شملت عائلات بكامل أفرادها من نساء وأطفال، وتم استخدام بعضهم كدروع بشرية. وتزامنت تلك التطورات مع اقتحام أحياء متفرقة من مدينة إدلب، واستعدادات الجيش النظامي لشن هجوم ضد المنشقين في منطقة جبل الزاوية، حيث أفاد الناشطون السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي بوصول تعزيزات كبيرة تضم دبابات وناقلات جند إلى المنطقة، استعدادا لحملة عسكرية واسعة.
كما نزح أكثر من خمسة آلاف شخص من أحياء كرم الزيتون وعشيرة وجب الجندلي إلى أحياء حمص القديمة خلال اليومين الماضيين، بسبب تواصل القصف على تلك المناطق، وقال ناشطون هناك إن قوات الجيش النظامي قصفت بعنف شديد حي كرم الزيتون يوم أمس، سقط جراءه عدد من القتلى والجرحى، كما اقتحم الشبيحة بعض المنازل وقاموا بقتل عائلات بأكملها ونهب وسرقة محتوياتها، بحسب ما أكده الناشطون، الذين أكدوا أيضا قيام قوات الأمن عند حاجز القلعة بإطلاق نار كثيف باتجاه شارع الوادي وشارع حج فوز القصير.
وواصلت قوات الجيش النظامي عملياتها الموسعة في ريف محافظة إدلب، وتعرضت قرى الجانودية وأريحا لقصف مدفعي عنيف طال المنازل.
وبحسب ناشطين تم استخدام بعض الأهالي كدروع بشرية خلال تنفيذ عمليات الاقتحام، كما تمت مداهمة الكثير من الأحياء، وأثناء ذلك انشق نحو ثمانية عشر جنديا واشتبكوا مع الجيش النظامي. وفي مدينة كفرنبل في ريف إدلب، انشق طاقم مدرعة بينهم ملازم، ما تبعه اشتباك عنيف بالقذائف بين الجنود المنشقين والجيش النظامي.
وفي محافظة حلب، خرجت مظاهرة في جامعة إيبلا الخاصة، الواقعة طريق حلب – إدلب، بعد وصول أنباء عن قصف مدفعي لمدينة أريحا وسقوط عدد من القتلى.
كما أفاد «المرصد» بأن «ناشطة في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي المعارض استشهدت في حلب بعد منتصف ليل السبت/ الأحد، إثر إطلاق الرصاص عليها في حي الشيخ مقصود»، مشيرا إلى أن هذه الحادثة «أشعلت الحي، حيث سيطر الأهالي على الحي ونشروا الحواجز في شوارعه بالتزامن مع سماع أصوات إطلاق الرصاص». في المقابل، ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن المجموعات الإرهابية اغتالت بطل الملاكمة غياث طيفور في مدينة حلب. وذكر مصدر مطلع للوكالة أن المجموعة الإرهابية استهدفت الملاكم طيفور أثناء مروره بسيارته الخاصة في ساحة جامعة حلب وأطلقت النار عليه، ما أدى إلى وفاته فورا نتيجة إصابته بخمس طلقات بالرأس.
وفي مدينة حماه أعلن موقع الثورة السورية على الـ«فيس بوك» أن «كتائب أمن الأسد اعتقلت إمام وخطيب جامع (فاطمة الزهراء) في بلدة غباغب، الشيخ محمد محمود السويداني البالغ من العمر 75 عاما، والذي سبق أن اعتقله فرع المخابرات الجوية في دمشق في الشهر الخامس من العام الماضي، حيث تعرض للتعذيب والإهانة، وأودع الزنزانة المنفردة لمدة شهر ونصف، ثم تم إخلاء سبيله، ومنع من الخطابة والإمامة».
أنباء عن تفخيخ منازل المعارضين تجبر عائلاتهم على الرحيل
السوريون يتخوفون من عملية أمنية واسعة النطاق يجري التحضير لها
بيروت: «الشرق الأوسط»
لم تخلُ المدن السورية التي دخلت إليها قوات النظام وأجهزته الأمنية من اضطهاد طال عائلات المعارضين السوريين، وقد تراوحت بين تفخيخ منازلهم لإجبارهم على الرحيل ضمن مهلة محددة، وبين اعتقال النساء والأطفال لإجبار المعارضين المطلوبين على تسليم أنفسهم، فضلا عن قصف المنازل والأبنية التي حالت المقاومة السورية دون دخولها.
وقال أبو محمد العيسى، أحد النازحين من مدينة إدلب، إن القوى الأمنية أجبرت عائلته على إخلاء المبنى الذي تقطن به، في محاولة لتطهير الحي من المعارضين. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أخبروا أفراد العائلة القاطنين في المبنى أنه تم تزنيره (تلغيمه) بعبوات وتفخيخه بكميات من المتفجرات، وسيُصار إلى تفجيره بعد ساعتين بمن فيه إذا لم يتم إخلاؤه، ليتبين بعد ذلك أن الحديث عن التفخيخ كان تمثيلية أرادوا منها إخلاء الحي من المعارضين في عملية تطهير سياسي لم يسبق أن حصلت في المدينة».
وأشار العيسى إلى أن هذه الواقعة «تكررت مع أكثر من عائلة في المدينة، وقد عمدت القوى الأمنية إلى تفخيخ بعض الأبنية فعلا، في محاولة لترهيب الساكنين المناوئين للنظام، وغير المتعاونين معه استخباراتيا»، لافتا إلى أن وجود القوى الأمنية وعناصر استخباراتها «تكثف بعد فك الحصار عن بابا عمرو في حمص، ما يشير إلى أن عملية أمنية واسعة النطاق يجري التحضير لها في إدلب».
الطريق من إدلب إلى الحدود اللبنانية – السورية، كما قال عائدون سوريون، مكتظ بالسيارات والمدرعات العسكرية وبالحواجز الأمنية.. «لكن حين تصل إلى مشارف مدينة حمص، ستجد نفسك في قلب قاعدة عسكرية مفتوحة وواسعة، ما أن تنتهي من حاجز تفتيش، حتى تدخل إلى آخر.. ولم نعد نعلم أين وضعت فروع الاستخبارات حاجزا، إذ كثرت في تلك المنطقة فروع أجهزة المخابرات، وبعضها لم نكن نسمع عنه قبل الآن».
وتحولت تلك المنطقة إلى تجمع عسكري للنظام، يجري فيها التدقيق بهويات المدنيين واعتقال آخرين ومنع كثيرين من التحرك. فقد اشتدت الضغوط على المدينة منذ نحو شهرين، ولم يفك أسرها حتى هذا الوقت. وأشار عبد الرحيم سلمان، ابن مدينة حمص، إلى أن «أحياء كثيرة من حمص ما زالت محاصرة وتجري فيها عمليات تدقيق بالداخلين والخارجين، وتفرض القوات الأمنية السورية طوقا أمنية، فضلا عن الحواجز الثابتة والمتنقلة، في إجراء يهدف إلى اعتقال المعارضين أو أحد أفراد عائلاتهم لإجبار المطلوبين على تسليم أنفسهم». وقال هؤلاء إن عمليات التفتيش والتدقيق «لا تقتصر على الرجال، حيث يجري التدقيق بهويات النساء والأطفال والشيوخ، الخارجين من المدينة والداخلين إليها».
المشهد في حمص، كما يؤكد سلمان، يبدو «عسكريا بامتياز». واستعاض النظام بتلك الإجراءات عن القصف المدفعي «بعد عمليات التطهير السياسي والأمني التي قام بها الجيش في أحياء المدينة التي تعرضت للقصف المتواصل خلال الأسابيع الماضية». وأشار إلى أن القصف «طال جميع الأبنية التي حالت مقاومة المعارضين من دخولها، وكانت تسقط القذائف بمعدل واحدة كل دقيقتين على منازل يقيم فيها المعارضون والمقاومون، وجُعِلت منازل أخرى مسرحا للقوى الأمنية التي كانت تقتحمها بغرض الانتقال إلى الأبنية الأخرى. كما اختار القناصة مواقع في منازل هي الأقرب إلى بيوت المعارضين، جاعلين من بيوت السوريين متاريس لحرب شوارع أجبرت المدنيين على الرحيل وإخلاء منازلهم».
إدلب تحيي الذكرى الـ32 لمجزرة «جسر الشغور» وسط مخاوف من تكرارها
ناشط لـ«الشرق الأوسط»: النظام يواجه هذه المرة السوريين جميعا
بيروت: «الشرق الأوسط»
خصصت المعارضة السورية يوم السبت مظاهراتها المطالبة بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد لإحياء ذكرى مجزرة جسر الشغور التي ارتكبتها عناصر من الجيش السوري سنة 1980 خلال الصراع المسلح بين النظام وتنظيم الإخوان المسلمين، وراح ضحيتها نحو 800 ضحية. ويصادف هذا اليوم مرور 32 سنة على ارتكاب المجزرة التي «لم ينل مرتكبوها عقابا عادلا على جرائمهم»، كما يقول أحد الناشطين.
ويقول هذا الناشط لـ«الشرق الأوسط»: «التاريخ يعيد نفسه، فبينما نحن نحيي ذكرى مجزرة جسر الشغور، فإن دبابات النظام السوري الأسدي تقتحم – ليس فقط مدينة الجسر – وإنما محافظة إدلب بأكملها، وتقصف شوارعها وقراها وبيوت ناسها الآمنين». لكن الذي تغير في رأي الناشط هو أن «النظام اليوم لا يواجه الإخوان المسلمين كما قال في الثمانينات كذريعة لارتكاب مجازره وإخضاع المجتمع لتسلطه، إنه يواجه الشعب السوري كله وسكان إدلب كلهم، عليه أن يقتلنا جميعا كي يوقف الثورة».
وتقع بلدة جسر الشغور التي تتبع محافظة إدلب في نهاية سهل الغاب، قبل أن يدخل نهر العاصي لواء إسكندرونة، وتتوسط المسافة بين حلب وحماه واللاذقية، ويقدر عدد سكانها بنحو 44 ألف نسمة يعرف عنهم المحافظة الدينية والاجتماعية، كما تعيش في المدينة أقلية مسيحية لا يتجاوز عددها المئات، وتعد المدينة مركزا رئيسيا للعديد من القرى المحيطة بها.
ويقول سامر، أحد سكان المدينة: «الجسر بلدة جريحة لم يلتئم جرحها حتى الآن، بل تجدد خلال ثورة الكرامة التي اندلعت في مارس (آذار) من العام الماضي وقررت إسقاط نظام بشار الأسد. أهالي المدينة نزلوا في مظاهرات تنادي بالحرية فقوبلوا بالرصاص والاعتقال والتعذيب، الأمر الذي دفع بعض الجنود الذين يؤدون خدمة العلم في الجيش السوري – وينتمي معظمهم إلى المنطقة – إلى الانشقاق عن النظام والدفاع عن أهلهم».
ويؤكد سامر أن «سكان الجسر تظاهروا بشكل حضاري وسلمي في البداية، لكن عنف النظام حول البلدة بشكل تدريجي إلى قاعدة للجيش السوري الحر، يتمركز فيها عناصر منشقة، مهمتها حماية المدنيين من ضربات الجيش النظامي».
وقام الجيش الموالي للأسد بشن حملة عسكرية ضخمة ضد المدينة في منتصف يونيو (حزيران) من العام الماضي، وتمت مواجهته آنذاك بمقاومة شرسة من قبل قوات الجيش الحر المتمركزة على الأطراف، إلا أنه استطاع خلال أيام أن يحكم سيطرته على المنطقة بعد تكبده خسائر بشرية كبيرة. وقد مهد النظام السوري لعملية الاقتحام حين قال إن عصابات مسلحة قتلت 120 فردا من رجال الأمن والجيش، وإنه سوف يعيد الأمور إلى نصابها بالقوة. لكن المعارضة السورية شككت في رواية النظام، معتبرة إياها ذريعة لتدمير البلدة وإنهاء الثورة فيها.
يذكر أن مجزرة جسر الشغور التي أحيا المتظاهرون السوريون ذكرى مرورها أول من أمس قد ارتكبتها عناصر من القوات الخاصة السورية بقيادة العميد علي حيدر، ووفقا لرواية الشهود فقد «وصل إلى البلدة أكثر من 25 طائرة عمودية محملة بالجنود، وقاموا بقتل الآلاف من الشباب الذين اعتقلوهم من بيوتهم، وأحرقوا عشرات المحلات التجارية والبيوت السكنية.. كما تم تجميع الناس بالساحات وإذلالهم. وجاءت هذه المجزرة بعد يومين من الإضراب، الذي أعلنه أهالي المدينة احتجاجا على الممارسات الدموية لنظام حافظ الأسد خلال تلك الفترة».
أنان يغادر دمشق من دون اتفاق.. ويعتبر مهمته «صعبة»
قال للأسد «لا يمكنك تغيير اتجاه الريح» وقدم سلسلة مقترحات له
بيروت – لندن: «الشرق الأوسط»
بينما سقط أكثر من 130 قتيلا سوريا خلال ساعات زيارته، أنهى موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية، كوفي أنان، زيارته الأولى إلى سوريا، التي التقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد مرتين، معلنا أنه قدم له «سلسلة مقترحات ملموسة سيكون لها انعكاس حقيقي على الأرض وستساعد في إطلاق عملية ترمي إلى وضع حد لهذه الأزمة».. وقال أنان إنه «متفائل»، على الرغم من أنه أقر بأنه سيكون من الصعب التوصل لاتفاق لوقف إراقة الدماء.
وأكد أنان أن «المحادثات تركزت على ضرورة وقف فوري لأعمال العنف والقتل والسماح بوصول المساعدات الإنسانية والحوار»، ولفت إلى أن «الرد الواقعي هو القبول بالتغيير وتبني إصلاحات تضع الأسس المتينة لسوريا ديمقراطية ولمجتمع سلمي ومستقر ومتعدد ومزدهر على قاعدة الحق واحترام حقوق الإنسان».
وأعرب أنان عن «تفاؤله» بعد جولة ثانية من المحادثات عقدها مع الرئيس السوري بشار الأسد، وقال، في تصريح صحافي في ختام لقائه الأسد، إن مهمته ستكون «صعبة، لكن علينا أن نتحلى بالأمل، إنني متفائل». وأضاف أنان: «إنني متفائل لعدة أسباب، لقد قابلت الكثير من السوريين خلال المدة القصيرة التي قضيتها هنا، وأغلب السوريين الذين قابلتهم يرغبون بالسلام وبإيقاف العنف». وقال أيضا: «إنهم يريدون أن يعيشوا حياتهم»، مشيرا إلى أن «الوضع سيئ للغاية وخطير جدا ولا يمكن لأحد أن يفشل».
وأعلن أنان، الأحد، أنه قدم للرئيس السوري «سلسلة مقترحات ملموسة سيكون لها انعكاس حقيقي على الأرض، وستساعد في إطلاق عملية ترمي إلى وضع حد لهذه الأزمة». وأكد أنان أن المحادثات تركزت على ضرورة «وقف فوري لأعمال العنف والقتل، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية والحوار». وأضاف أن «الرد الواقعي هو (القبول) بالتغيير وتبني إصلاحات تضع الأسس المتينة لسوريا ديمقراطية ولمجتمع سلمي ومستقر ومتعدد ومزدهر على قاعدة الحق واحترام حقوق الإنسان».
وقال أنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، غاني الجنسية: «قمت بحثِّ الرئيس على العمل بالمثل الأفريقي الذي يقول: لا يمكنك تغيير اتجاه الريح؛ لذا غير اتجاه الشراع»، وأضاف أن سوريا بحاجة إلى إجراء تغيير وإصلاح.
وأشار أنان، قبيل مغادرته إلى قطر، إلى أنه ترك مع الأسد «مقترحات واضحة» للخروج من دائرة الصراع الذي أودى بحياة الآلاف. واستطرد: «يجب أن تبدأ بوقف القتل والمآسي والانتهاكات التي تحدث اليوم ثم تمنح وقتا لتسوية سياسية».
ولم يصدر تعليق فوري عن المسؤولين السوريين بشأن نتيجة المحادثات، لكن الوكالة العربية السورية للأنباء نقلت عن الأسد قوله لعنان، أول من أمس: «إن الإرهابيين الذين ينشرون الفوضى ويثيرون الاضطرابات يعوقون التوصل إلى أي حل سياسي للأزمة»، كما نقل عن الأسد «استعداد سوريا لإنجاح أي جهود صادقة لإيجاد حل لما تشهده سوريا من أحداث».
إلى ذلك، شدد عضو المجلس الوطني السوري، محمد سرميني، على «ضرورة حصول تدخل لحماية الشعب السوري ووقف القتل وسحب القوات السورية من المدن والبلدات والإفراج عن المعتقلين»، ورأى سرميني أن «زيارة المبعوث الدولي، كوفي أنان، إلى سوريا لم تغير شيئا، وما زال النظام يقوم بالعمل نفسه على أرض الواقع»، وقال: «إننا في المجلس الوطني نعمل للتجييش لاجتماع مؤتمر سوريا الذي لا نريد أن يكون كمؤتمر تونس، ونريد منع النظام من الاستمرار بعمليات القتل».
بينما قالت بسمة قضماني، من المجلس الوطني السوري المعارض في الخارج، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أمس: «إن تنحي الأسد هو بالتأكيد الشرط الأول للنقاش أو التفاوض».
ارتفاع الأسهم الدولية لتوجيه المساعدات العسكرية للمعارضة السورية
مع فقدان الأمل في التوصل لحل سلمي للأزمة
واشنطن: كارين دي يونغ*
بدأت إدارة أوباما وحلفاؤها، جنبا إلى جنب مع شركاء دوليين، مشاورات جادة بشأن تدخل عسكري محتمل في سوريا، مع استمرارهم في الضغط من أجل التوصل لحلول سلمية للمذبحة الدائرة هناك.
ومع حدوث تقدم طفيف خلال الأسبوعين الأخيرين، منذ أن تعهدت 70 دولة ومؤسسة دولية في تونس بتكثيف جهودها على المستويين الإنساني والدبلوماسي، فإن الرغبة تزداد حاليا لدراسة خيارات أخرى.
وتشمل الخيارات المحتملة التسليح المباشر لقوات المعارضة وإرسال قوات لتأمين «ممر إنساني» أو «منطقة آمنة» للثوار، أو شن هجمة جوية على الدفاعات الجوية السورية، بحسب مسؤولين من الولايات المتحدة ودول أخرى معارضة للرئيس السوري بشار الأسد. غير أن الحكومات ما زالت في حالة انقسام شديد بشأن نطاق أي تدخل، وكيف ومتى يجب أن يتم، ومن سيشارك فيه. ومع استمرار معارضة روسيا لمشروع قرار صادر عن الأمم المتحدة، يشكك كثيرون في شرعية أي خيارات عسكرية بموجب القانون الدولي.
ويقول مسؤولون أميركيون إن استراتيجيتهم ما زالت تركز على المساعدات الإنسانية وتنظيم صفوف المعارضة السورية. غير أن الآمال تخبو في إمكانية تشكيل جبهة موحدة تستحق الحصول على الاعتراف الدولي، مثلما حدث في ليبيا، أو إمكانية إقناع الأسد بالتسليم.
ومع شن القوات السورية هجوما جديدا يوم السبت على منطقة إدلب الشمالية، كرر الأسد ادعاءه بأن الانتفاضة التي تعود إلى عام مضى ما هي إلا مخطط حاكه متطرفون خارجيون. لا يمكن أن ينجح أي حوار سياسي «ما دامت هناك جماعات إرهابية مسلحة تنشر الفوضى وعدم الاستقرار»، هذا ما قاله الأسد لموفد الأمم المتحدة والجامعة العربية في سوريا، كوفي أنان، يوم السبت، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية السورية.
وذكر بيان صادر عن الأمم المتحدة أن المباحثات كانت «نزيهة وشاملة»، وأن أنان سيلتقي الأسد مجددا يوم الأحد.
وفي اجتماع لجامعة الدول العربية في القاهرة، شدد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قائلا: «نحن لا نحمي أي نظام». وقال إن روسيا تحمي «القانون الدولي.. ولا تسعى إلى جائزة خاصة أو مصلحة جغرافية»، وهو تعليق يبدو ساخرا بالنسبة لهؤلاء الذين يمارسون ضغوطا من أجل التدخل في شأن دولة كانت أقوى حليف لروسيا في الشرق الأوسط. وقال رئيس الوزراء القطري، حمد بن جاسم آل ثاني، في الاجتماع المنعقد بالقاهرة إن «صبر العالم وصبرنا قد نفد». واستبعد وزير خارجية المملكة العربية السعودية، سعود الفيصل، احتمال تبني المزيد من «الحلول الخادعة والمواقف المتخاذلة»، حسبما نقلت عنه محطة «الجزيرة» من القاهرة.
تزايد المخاطر التي تهدد المنطقة
* ثمة إجماع واسع النطاق على أن التهديد الذي يحدق بالاستقرار الإقليمي والدولي يزداد يوما بعد يوم، مع مقتل المزيد من المدنيين بأساليب أكثر وحشية وعدم تحقق أي تقدم نحو تحول سلمي.
«كلما استمر هذا الوضع لفترة أطول، تعمقت الشقاقات الطائفية وزادت مخاطر استمرار النزاع الطائفي لأجل أطول وزيادة أعمال العنف من قبل الجماعات المتطرفة»، هذا ما صرح به جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، للكونغرس الأسبوع الماضي.
وفي جلسة استماع في مجلس الشيوخ، قال الجنرال جيمس ماتيس، رئيس القيادة المركزية الأميركية، المعروفة باسم «سينت كوم»، إن فكرة أن يحل نظام حكم ديمقراطي محل الأسد ستكون «أكبر عقبة استراتيجية» خلال 25 عاما بالنسبة لإيران، أحد الحلفاء الرئيسيين للأسد.
وفعليا، تضم الخيارات الأخرى المتاحة إنشاء «منطقة آمنة» خاضعة لحماية دولية، على طول حدود تركيا مع سوريا الممتدة لمسافة 500 ميل، حيث يتم حشد المساعدات الإنسانية والعسكرية وتنظيم صفوف القوات العسكرية المعارضة، أو شن هجوم جوي مماثل لذلك الذي تم توجيهه ضد ليبيا لتدمير الدفاعات الجوية السورية الهائلة.
إن الولايات المتحدة على استعداد للتزويد بأجهزة اتصالات وإمكانات استخباراتية في إطار جهود تستهدف تسليح المعارضة، بحسب مسؤولين أميركيين ومسؤولين آخرين من المنطقة، قبلوا الحديث عن الوضع في سوريا شريطة عدم الكشف عن هويتهم.
يذكر أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي ينظر إليها بوصفها قادرة على تنظيم ودعم البديل الأكثر حدة، ألا وهو إنشاء منطقة حظر جوي أو فرض حماية مباشرة على الطيران. وقد ذكر مسؤولو دفاع أميركيون أن الإعداد لمثل هذه الخطوة سيستغرق أسابيع، كما أن تنفيذها سيتطلب أسابيع إضافية. وسيكون من اللازم نقل أعداد ضخمة من الطائرات والأفراد من مناطق أخرى.
وفي جلسات استماع عقدت الأسبوع الماضي، أكد بعض المشرعين، يتزعمهم السيناتور جون ماكين (الجمهوري عن ولاية أريزونا) أن الإدارة ملتزمة أخلاقيا باستخدام أي وسيلة ضرورية لوقف نزيف الدماء في سوريا.
وقال الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، إنه قد أجريت تقديرات أولية بشأن ما سيستلزمه دور عسكري أميركي تحت قيادة الرئيس أوباما، على الرغم من عدم التوصل إلى أي قرار بشأن بدء اتخاذ إجراءات عسكرية.
قال ديمبسي: لكن «يجب أن يكون لدينا أساس قانوني»، إما «موافقة دولة، في إطار دفاعنا عن مصالحنا الوطنية، أو من خلال مشروع قانون صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».
وأثارت إشارة وزير الدفاع ليون بانيتا إلى الحصول على «تصريح دولي»، والتي جاءت في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ يوم الخميس، مشاعر الحنق بين الجمهوريين. وقال السيناتور جيف سيشنز (الجمهوري عن ولاية ألاباما) إن «أنفاسه احتبست خوفا» من فكرة أن الولايات المتحدة يمكن أن تطلب من أطراف خارجية – خلاف الكونغرس – تصريحا بنشر قواتها العسكرية.
لكن حتى إذا ما كانت الإدارة قد قررت أن الموقف يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي الأميركي، بحسب مسؤولين، إلا أنها تعتقد أن المشاركة الدولية تمثل قرارا حكيما وضروريا.
لقد كانت تركيا، التي ستلعب دورا محوريا في أي شكل من أشكال التدخل، بدءا من إنشاء مناطق آمنة إلى مناطق حظر جوي، الأكثر تقلبا في الرأي بشأن الأسس القانونية.. بل إن حتى إنشاء «ممر إنساني» لتقديم المساعدات للسوريين المحاصرين سيتطلب نوعا من الدعم العسكري الخارجي، بحسب مسؤول إدارة رفيع المستوى. وقال أحد المسؤولين إنه «بعد مذبحة سريبرينستا، لن يرغب أحد على الإطلاق في إنشاء ممر إنساني، ما لم توجد الوسائل والسلطة التي يمكن أن تساعد في تأمينه»، مشيرا إلى مذبحة مسلمي البوسنة التي وقعت عام 1995 في منطقة يفترض أنها «منطقة آمنة» وخاضعة لحماية الأمم المتحدة.
ويعتبر مشروع قانون من مجلس الأمن هو المعيار الذهبي لأي تدخل، غير أن محامين دوليين عكفوا على دراسة خيارات أخرى. وعندما استخدمت روسيا حق الفيتو للاعتراض على مشروعات القرار الصادرة عن مجلس الأمن إبان الحرب الكورية، رأت الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة أنها يمكن أن تتغلب على مشكلة دخول مجلس الأمن في طريق مسدود من خلال تصويت بنسبة الثلثين.
وتدخل حلف الناتو من دون تصريح من الأمم المتحدة في قصف صربيا أثناء حرب كوسوفو عام 1999، وهو نزاع أشار إليه مشرعون مؤيدون لفكرة التدخل في الشأن السوري بوصفه نموذجا. وذكر بانيتا الأسبوع الماضي أنه يرى أن على حلف الناتو أن يحمل القضية السورية على عاتقه، غير أنه في يوم السبت، صرح مسؤول رفيع الشأن بحلف الناتو بأن ذلك أمر غير محتمل حدوثه.
وعقب اجتماع عقده يوم الخميس مع الرئيس التونسي منصف المرزوقي، ذكر الرئيس التركي عبد الله غل أن حكومته تعارض أي تدخل «من خارج المنطقة». وأشار المرزوقي إلى أن تونس ستكون على أتم الاستعداد لإرسال قوات لسوريا كجزء من قوة عربية لحفظ السلام.
وفي حالة فشل جميع السبل الأخرى، أشارت تركيا إلى أنها ربما تكون مستعدة لقبول اتفاق من قبل مجموعة أصدقاء سوريا الدولية التي تشكلت حديثا، والتي عقدت اجتماعها الأول في تونس قبل أسبوعين. ومن المقرر أن تعقد المجموعة، التي تضم أعضاء عربا ومن أوروبا والولايات المتحدة، اجتماعها المقبل في إسطنبول أواخر مارس (آذار) أو أوائل أبريل (نيسان) المقبل.
الوحدة ربما لا تكفي
* ذكر دبلوماسي آخر رفيع المستوى من المنطقة أن الوحدة على المستوى الدولي ربما لا تكفي. فبعد أيام من الاعتراف بالمجلس الوطني السوري في تونس بوصفه «ممثلا شرعيا للمعارضة، انفرط عقد المجموعة. فقد أعلن هيثم المالح، وهو قاض سابق احتجز في السجون على مدار عدة أعوام، و20 عضوا آخر بالمجلس على أن مجلس المعارضة على درجة هائلة من الضعف، ويسيطر عليه بدرجة كبيرة أفراد منفيون، وانشقوا ليشكلوا كيانهم الخاص.
وحينما أعلن برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري، لاحقا عن تشكيل وزارة دفاع لوضع استراتيجية للجيش السوري الحر، أشارت القوات المسلحة التابعة للمعارضة أنها ستصوغ استراتيجيتها الخاصة وستشكل قيادتها.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»
مخاوف من امتداد الخلافات حول سوريا داخل مجلس الأمن اليوم إلى ملفات أخرى
دبلوماسي غربي: الأسد مصمم على عدم التراجع والهوة تتسع بين روسيا والغرب
نيويورك – لندن: «الشرق الأوسط»
يجتمع اليوم وزراء خارجية الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا في مقر الأمم المتحدة في نيويورك للاحتفال رسميا بـ«الربيع العربي»، وسيتصدر موضوع سوريا النقاشات التي يتوقع أن تكون محتدمة.
وبين وزراء الخارجية الذين سيحضرون الاجتماع في مجلس الأمن الدولي؛ وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إضافة إلى وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، ووزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، ووزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي.
ومنذ بداية الأزمة السورية، قبل نحو سنة، وعلى الرغم من سقوط أكثر من 7500 قتيل، بحسب الأمم المتحدة، لم يتوصل الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن الدولي إلى اتفاق على قرار يدين القمع الوحشي الذي يمارسه نظام الرئيس بشار الأسد، خصوصا بسبب اعتراض روسيا الشديد.
وصرح دبلوماسي رفيع المستوى من بلد عضو في مجلس الأمن الدولي بأن «الأسد مصمم على عدم التراجع، والهوة تتسع بين روسيا والغربيين». وأضاف أن «لقاء كوفي أنان في دمشق (مع بشار الأسد) لم يصل إلى شيء. ولا نرى كيف أن هذا الاجتماع (اليوم) سيؤدي إلى أمر آخر غير خلافات جديدة».
وأعلنت الأمم المتحدة أن كوفي أنان قدم «مقترحات عدة» للرئيس بشار الأسد لإنهاء الأزمة في سوريا، في حين أكد الأسد للموفد الدولي أن الحوار السياسي لن ينجح «بوجود مجموعات إرهابية مسلحة».
وكانت موسكو وبكين حليفتا دمشق استخدمتا مرتين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنع صدور قرارين يدينان القمع في سوريا. كما أن مفاوضات بدأت حول نص جديد اقترحته خصوصا الولايات المتحدة، لكنها تراوح مكانها. وستعقد هيلاري كلينتون وسيرغي لافروف لقاء ثنائيا اليوم على هامش اجتماع مجلس الأمن.
وتتهم روسيا والصين الغربيين بالسعي إلى تغيير النظام في دمشق بعد التدخل العسكري في ليبيا. وهما تشددان على وجوب أن يسوي أي قرار بين قمع النظام وأعمال العنف التي تقوم بها المجموعات المسلحة في المعارضة، الأمر الذي يرفضه الغربيون.
وبعد لقائه في القاهرة مع أنان ومسؤولين عرب، أكد لافروف أن موسكو «تحمي القانون الدولي» وندد بأي «تدخل سافر» في الشؤون الداخلية لسوريا.
وتجري الصين من ناحيتها اتصالات دبلوماسية على أساس خطة تدعو خصوصا إلى مفاوضات بين النظام السوري والمعارضة. وكلفت بكين أحد دبلوماسييها، تشانغ مينغ، بالقيام بجولة تشمل عواصم عربية وغربية، وسيزور، بعد غد، فرنسا، بعد مصر والسعودية. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو، قائلا: «سنستمع إليه ثم سنذكر ما إذا كان لا يزال ضروريا تحليلنا للوضع والأهمية والاهتمام اللذين نتمسك بهما من أجل أن تغير الصين موقفها في مجلس الأمن».
ويخشى بعض الدبلوماسيين داخل مجلس الأمن من أن تمتد الخلافات بشأن سوريا إلى ملفات أخرى. وقال أحدهم: «بات يخشى أن يمتد الخلاف الدبلوماسي الآن إلى مناطق أخرى مثل إيران أو النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي».
وسيرأس اجتماع اليوم ويليام هيغ، بحكم أن بريطانيا تتولى في مارس (آذار) الرئاسة الدورية لمجلس الأمن. وسيشارك في الاجتماع وزراء خارجية البرتغال وغواتيمالا والمغرب. وستبدأ المناقشات بتبني قرار يمدد مهمة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وقبل ذلك سيعقد اجتماع للجنة الرباعية (الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) التي تسعى إلى إعادة إطلاق المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية المجمدة منذ سبتمبر (أيلول) 2010. وفي خطوة استباقية، بدأت سوريا بسحب سفرائها من أوروبا، لأنها تخشى أن تطرد الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي السفراء السوريين ردا على الحملة الأمنية الدامية التي يشنها الأسد ضد معارضيه.
وكشف دبلوماسيون عرب أن الحكومة السورية طلبت من سفرائها في عدد من دول الاتحاد الأوروبي العودة إلى سوريا، وأنهم يعدون للمغادرة بأسرع ما يمكن على الرغم من أنهم لم يحددوا تلك الدول.
الأمير سعود الفيصل: النظام السوري على وشك الانهيار.. وما يحدث بحق الشعب «مذبحة»
قال ردا على الاتهامات الروسية: ما العاصمة التي تحتضن الإرهابيين من جميع الجنسيات؟ هل هي سوريا أم السعودية؟
الرياض: هدى الصالح
وصف الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، ما يحدث بحق الشعب السوري بـ«المذبحة»، مؤكدا أن استمرار هجوم النظام السوري على شعبه يعتبر «نية معلنة من جانب الحكومة السورية لمواصلة هذا الهجوم على الشعب».
وأضاف الفيصل: «إن كان الرئيس السوري واثقا من دعم شعبه وأن هناك أشخاصا يحاربون وهم إرهابيون فإنه يجب أن يقبل إرادة الناس وأن يسمح للحل السلمي والمفاوضات السلمية أن تنطلق».
وكان الأمير سعود الفيصل، يرد على أسئلة الصحافيين في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الألماني غيدو فسترفيلي عقب جلسة المباحثات بين الجانبين، التي تناولت الأزمة السورية والملف النووي الإيراني.
وقال الفيصل: «إن ما يحدث في سوريا لا يمكن أن يكون وفق القانون الدولي ولا الإسلامي، وبالتالي ما يقوم به النظام في سوريا في الحقيقة مذبحة لسكان سوريا، لا أدري كيف يمكن تبريرها تحت أي مبرر كان، لا أخلاقيا ولا سياسيا ولا دينيا؛ فهي خطأ من النواحي كلها، ولأجل ذلك هناك موقف نشيط يكاد يكون شبه عالمي ضد ما يجري في سوريا، وعسى أن يشعر بذلك النظام في سوريا وأن يعدل مساره».
وشدد الفيصل على أن الحل العسكري لا يمكن أن يكون حلا، وقال: «إن الطريقة الوحيدة للحل السلمي أن نقوم بشيء مقنع، والحل العسكري لا يمكن أن يكون هو الحل، ولهذا السبب فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن القيام بها هي عدم التدخل، لكن السماح للمواطنين السوريين أن يحموا أنفسهم بأنفسهم من دون أن يكون هناك معارضة يمكن أن يغير عقلية الحكومة الهجومية من أجل مواصلتها الهجوم الدموي على شعبها».
وتابع: «ليس هناك أحد ضد سوريا أو النظام السوري، لكن نحن ضد الأعمال التي يقوم بها النظام في سوريا، إذا أوقفت ذلك فهذا ما نتطلع إليه، والأمور تعود للسوريين، لكن من غير الإنساني أن نشاهد ما نشاهد ولا ندعم السوريين للدفاع عن أنفسهم».
وأكد أن هذه العمليات «لا تبرَّر، وليس لها عذر قانوني أو دولي أو عالمي»، وقال: «إن الناس والشعوب لديهم الحق في التعبير عن رأيهم، كما أن المجتمع الدولي يجب أن يقف مع هؤلاء الناس ويشجعهم ويدعمهم، وهذا ما نطمح إليه وما ناقشناه ليس على المستوى الثنائي، لكن على المستوى الدولي، بالأمس في القاهرة، واليوم في الرياض، وغدا في نيويورك».
وبيَّن وزير الخارجية السعودي أن بلاده لا تعرف السبب وراء معارضة الصين وروسيا بـ«الفيتو»، وقال: «إذا كان لديهم بديل، لماذا لا يطرحونه ونراه، ويكون هناك سلام وطريق للحل السياسي، ويكون هناك النقل السلمي للسلطة؟ ومن سيعترض على ذلك؟ ومن سيرفض ذلك؟ لكن بالنسبة لجهود الأمم المتحدة يمكن أن يكون هناك بديل، فإن هناك مواصلة للقمع في سوريا، وروسيا لن تحصل على شيء من سياستها الرامية إلى دعم سوريا، وإن كانت ستشعر بالسعادة والرضا بالنسبة للحكومة السورية بالطبع، فإن ذلك سيجعل الشعب السوري غير سعيد والخيارات موجودة ومطروحة»، وتساءل «من سيستفيد من الوضع الحالي: الشعب الذي يُقتل كل يوم ويذبح كل يوم، أم الحكومة السورية؟».
وأضاف الفيصل: «أما بالنسبة للعرب والمسلمين والمجتمع الدولي فإننا نرى أن ما يحدث ضد المصالح في المنطقة، نحن نحترم كلتا الدولتين ولنا علاقات قوية معهما، ونريد أن نبني علاقات أقوى، لكن الأفعال التي تحدث أيضا لم تكن في مصلحة روسيا أو الصين، نأمل أن تغيرا موقفهما، وأن يغير السوريون أيضا مواقفهم».
وحول اتهام روسيا للسعودية بدعم الإرهاب داخل سوريا، أكد أن السعودية لا تحتاج إلى أن تثبت أنها ضد الإرهاب، وقال: «أي عاصمة تحتضن الإرهابيين من جميع الجنسيات؟ هل هي سوريا أم السعودية؟»، لافتا إلى المكاتب المفتوحة في سوريا للإرهابيين في العالم، وأن هناك مكتبا لكل مجموعة إرهابية «فهذا الكلام لا يقبله العاقل، والمملكة تحارب الإرهاب وفي صراع بقاء مع الإرهاب في هذه البلاد، وهذا واضح ولا يحتاج إلى إثبات».
وطلب أن نكون متفائلين، مبينا أن ما يحدث في سوريا «لا يمكن أن يستمر، لكن الأمور لا تظهر على حقيقتها إلا في أضعف أوقاتها؛ حيث يبدو النظام متماسكا الآن، لكن كل قتيل يقتل هناك يضعف هذا الكيان الذي نراه متماسكا، وسيستمر هذا الوضع الراهن إلى أن يهبط الكيان القائم مرة واحدة، فإذا أراد هذا الكيان البقاء فيجب أن يلتفت إلى شعبه، أما إذا أدارت الشعوب ظهرها لقيادتها فلا يمكن لهذه القيادة أن تبقى».
من جانبه، أكد وزير خارجية ألمانيا أن بلاده تعمل على تحقيق ثلاثة أهداف، أولها: إنهاء العنف، وثانيها: توصيل الإغاثة إلى الشعب، وثالثها: التحول السياسي السلمي، وقال: «في اليمن رأينا تحقيق ذلك ممكنا، ونركز على ذلك».
وتابع: «نريد تحقيق حل سياسي وأن ندعم المعارضة كما فعلنا في تونس وتشاورنا حوله، لكن نركز على هذه المسائل السياسية في الوقت الحاضر، هناك نوع من التراجع من قبل نظام الأسد، ونحن نشجع الآخرين ممن ترددوا في السابق ولم يتمكنوا من إدارة ظهرهم والخروج عن نظام الأسد، ونشجعهم على القيام بذلك الآن؛ لأنه طالما استمرت هذه الأعمال البشعة فتتصاعد الأوضاع، وبالتالي على حاشية النظام ومن حولهم ممن يترددون في الخروج عليه حتى الآن أن يدركوا ذلك».
كان وزير الخارجية السعودي قد أوضح أن الأزمة السورية تصدرت الموضوعات السياسية خلال جلسة مباحثاته التي جرت أمس مع نظيره الألماني غيدو فسترفيلي، واستعرض الجانبان مجمل الأوضاع ومستجدات الجهود العربية والدولية، بما في ذلك أهمية تركيز الجهود نحو الوقف الفوري والعاجل للحرب التي يشنها النظام السوري ضد شعبه بلا هوادة، وذلك وفق خطة الجامعة العربية وقراراتها التي حظيت بدعم دولي واسع وتبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، علاوة على أهمية ضمان إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب السوري واستنفار جهود الوكالات والمنظمات الدولية كافة للإسهام في هذا الأمر.
وقال الفيصل، في بيان صحافي تلاه في مستهل المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع نظيره الألماني بمقر وزارة الخارجية في الرياض: «عقدنا اليوم جلسة محادثات موسعة وبنَّاءة؛ حيث استعرضنا العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في المجالات كافة، والدفع بها إلى آفاق أرحب بما يخدم المصالح المشتركة لشعبينا وبلدينا». وأضاف: «الملف النووي الإيراني كان من بين الموضوعات التي تم بحثها، وذلك في إطار الجهود القائمة لمجموعة (5+1) التي تتمتع ألمانيا بعضويتها، والمملكة تؤيد هذه الجهود لحل الأزمة سلميا وتأمل أن تستفيد إيران من المهلة الممنوحة لها بوقف سياسة التصعيد والشروع في مفاوضات جادة مع المجموعة وفتح منشآتها للتفتيش الدولي وإزالة جميع الشكوك حول برنامجها النووي وبما يكفل حقها ودول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها، كما بحثنا التدخل السافر لإيران في الشؤون الداخلية للدول العربية ودعوة إيران إلى الكف عن هذا التدخل».
وأعرب عن إدانة بلاده واستنكارها الشديد لاستمرار إسرائيل في عدوانها الغاشم على قطاع غزة والعودة إلى سياسة الاغتيالات في انتهاك سافر لكل المبادئ الأخلاقية والقوانين والأعراف الدولية، وأكد أنه يجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه وقف هذه السياسات الإسرائيلية العدوانية وحماية الشعب الفلسطيني، وهو أقل ما يمكن عمله، خصوصا في ظل عجزه عن حمل إسرائيل على السير في طريق السلام وفقا لقواعد الشرعية الدولية وقراراتها ومبادرات السلام المطروحة بما فيها مبادرة السلام العربية.
وأضاف وزير الخارجية السعودي: «بحثنا، كذلك، الأوضاع في اليمن، وذلك في ظل الانتقال السلمي للسلطة ووفق مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفي هذا الصدد بحثنا في مؤتمر أصدقاء اليمن، المقرر استضافته بالرياض خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل بمشيئة الله تعالى، ومن دون شك فإن تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن من شأنه تهيئة الظروف الملائمة للجهود الدولية الرامية إلى مؤازرة جهوده التنموية».
وأضاف: «استعرضنا مستجدات الأوضاع في ليبيا وتطوراتها وتأكيد أهمية الحفاظ على أمن ليبيا واستقرارها واستقلالها وسيادتها في ظل وحدتها الوطنية ووحدة ترابها، كما تناولنا العلاقات الخليجية – الأوروبية، والأمل في أن يعطي الاجتماع المقبل للمجلس الوزاري الخليجي – الأوروبي المشترك دفعة وزخما لهذه العلاقات في مختلف جوانبها»، معبرا عن شكره لنظيره الألماني على «حضوره افتتاح مؤتمر سفراء المملكة في أوروبا، الذي عقد في مدينة برلين الجميلة الشهر الماضي».
بينما أكد وزير الخارجية الألماني أن زيارته للسعودية «دليل حي على متانة وقوة العلاقات التي تربط بين البلدين»، منوها بما تشهده المملكة من تطور اقتصادي ملموس في مختلف الجوانب، وقال: «إن من شأن وزارة الخارجية تطوير العلاقات بما يشمل علاقات عدة ومن ضمنها الاقتصاد، وإن المملكة عضو في مجموعة الـ20 وعضو في جامعة الدول العربية، وهي رائدة وخير دليل مشاركتها في التحول السلمي لليمن».
وأضاف: «هناك مشاورات بين بلدينا، ونستفيد معا من ذلك اقتصاديا، وهناك إمكانات كبيرة لدى المملكة في هذه الجوانب نستفيد منها في ما يتعلق بتطوير البنية التحتية وكذلك الطاقات المتجددة، وأيضا مجال الصحة، إضافة إلى الإمكانات الهائلة في توحيد العلاقات الاقتصادية وسوف نتابع هذه التطورات الإيجابية من أجل تسهيل إصدار التأشيرات».
وكشف عن افتتاح قسم لإصدار التأشيرات في القنصلية الألمانية العامة بجدة، مما يسهل لرجال الأعمال زيارة ألمانيا، مفيدا بأنه سيفتتح معهدا لتعليم اللغة الألمانية تابعا للسفارة في الرياض.
من جهة أخرى، اجتمع وزير الخارجية الألماني، في الرياض، أمس، مع أعضاء لجنة الصداقة البرلمانية السعودية – الألمانية بمجلس الشورى، برئاسة الدكتور سالم بن علي القحطاني، عضو المجلس رئيس اللجنة، وقد تناول الاجتماع بحث الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين المملكة وألمانيا، واستعراض مجالات التعاون الثنائي في شتى المجالات.
كما ناقش الجانبان سبل تعزيز العمل والتعاون على صعيد العلاقات البرلمانية بين مجلس الشورى والبرلمان الألماني (البوندستاغ)، وأهمية تفعيل دور لجان الصداقة البرلمانية في البلدين بما يسهم في دفع العمل البناء بما يخدم الجانبين.
انشقاق أول ضابط مسيحي عن جيش الأسد
المقدم مطيع إلياس: جيش النظام يقوم بتصفيات جماعية على أساس طائفي
بيروت: «الشرق الأوسط»
أظهر شريط فيديو قام ناشطون سوريون بتحميله على موقع التواصل الاجتماعي «يوتيوب» انشقاق أول ضابط مسيحي في مدينة إدلب شمال سوريا عن الجيش النظامي التابع للأسد، وإعلان انضمامه إلى ثورة الشعب السوري.
وقال المقدم مطيع إلياس إلياس، الذي أبرز بطاقته العسكرية في الشريط المصور، إنه انشق «بعد أن شاهدت بأم عيني قيام الجيش الأسدي بالانحراف عن دوره في حماية الشعب والوطن، وتحوله نحو قتل المواطنين الأبرياء عبر القيام بعمليات إبادة جماعية على أساس طائفي». وأضاف إلياس: «انطلاقا من قناعتي بأن الشعب السوري بجميع أديانه وطوائفه هو مكون واحد، فأنا كضابط مسيحي أعلن انشقاقي عن الجيش الأسدي، ووقوفي إلى جانب إخواني في لواء صقور الشام لمحاربة نظام الاستبداد والقتل والطائفية».
يأتي هذا الانشقاق بعد أيام من إعلان مجموعة من الجنود العلويين انشقاقهم عن الجيش السوري وتشكيلهم سرية داخل صفوف الجيش السوري الحر أطلقوا عليها اسم «سرية العلويين الأحرار»، مما دفع أحد الناشطين المعارضين للتفاؤل بشكل جدي «بانضمام الأقليات بصورة أوسع في الثورة السورية، ليس على صعيد المشاركة في المظاهرات فحسب، وإنما في العمل العسكري المقاوم لنظام بشار الأسد وزبانيته».
ويقول الناشط الذي يعمل داخل تنسيقية تضم بين أعضائها أشخاصا ينتمون إلى طوائف مختلفة لـ«الشرق الأوسط»: «منذ بداية الثورة كان معنا ناشطون مسيحيون وعلويون ودروز. الشعب السوري كله ضد نظام الأسد، وخطاب الفتنة والتفرقة الذي اتبعه النظام عبر إعلامه ليزرع الكره بين مكونات الشعب الواحد لم ولن ينفع، وها هم المسيحيون والعلويون ينشقون عن الجيش ويحاربون ضد نظام أذاقهم من القمع والذل والاستبداد ما أذاق غيرهم من أبناء سوريا».
ويشير الناشط إلى أن النظام «عمد، منذ بداية الثورة، إلى تسويق خطاب تخويفي عبر أجهزة إعلامه يتهم فيه كل من يتظاهر ضده بأنه سلفي متطرف يريد تصفية الأقليات وتهجيرها من البلاد، الأمر الذي ترك انطباعا سلبيا لدى المسيحيين والدروز؛ فامتنعت شرائح كبيرة منهم عن المشاركة في المظاهرات المطالبة بإسقاط نظام الأسد.. بينما استغل النظام الحاكم انتماء رئيسه إلى الطائفة العلوية ليستخدم أبناءها كدروع للدفاع عنه وممارسة القمع بحق أبناء الطوائف الأخرى».
ويتمثل المسيحيون، الذين ينتمي المقدم المنشق مطيع إلياس إلى صفوفهم، في المجلس الوطني المعارض عبر الكثير من الأعضاء، أبرزهم جورج صبرا، المرشح لخلافة برهان غليون في رئاسة المجلس، كما تصدرت المشهد المعارض أسماء مسيحية معروفة، منها الفنانة مي سكاف والفنان فارس الحلو.
يُذكر أن المجتمع السوري، الذي يصل تعداد سكانه إلى 23 مليون نسمة، يضم فسيفساء دينية وإثنية وقومية متنوعة ومعقدة، تتوزع على النحو التالي: 70% من السنة (العرب)، 8 إلى 9% من العلويين (العرب)، 8% من السنة (الأكراد)، 8% من المسيحيين (العرب الأرثوذكس في الدرجة الأولى)، 2 إلى 3% من الدروز (العرب)، 1% من الشيعة (العرب وسواهم)، أقل من 1% من السنة (الشركس)، أقل من 1% من أقليات أخرى كاليزيدية والإسماعيلية، ومنها عدة آلاف من اليهود.
وزير الخارجية الفرنسي: لسنا مستعدين لاستقبال الأسد على أراضينا
باريس تلتزم خطا متشددا ولا ترى حلا من دون تنحي الرئيس السوري
باريس: ميشال أبو نجم
قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، أمس، إن «فرنسا ليست مستعدة لاستقبال الرئيس السوري بشار الأسد في حال قبل التخلي عن السلطة في إطار بادرة لتسهيل الحل السياسي في سوريا»، كاشفا أنه كلف السفير فرنسوا زيمري، مسؤول ملف حقوق الإنسان في الخارجية الفرنسية، بتوثيق العناصر التي تسمح بإحالة القادة السوريين وعلى رأسهم بشار الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وجاء كلام جوبيه ردا على سؤال حول مدى استعداد باريس لاتخاذ خطوة مثل تلك في حال تخلي الأسد عن السلطة، وذلك قبل توجه جوبيه إلى نيويورك للمشاركة في اجتماع مجلس الأمن، على المستوى الوزاري، بدعوة من بريطانيا التي ترأس المجلس لشهر مارس (آذار)، وينتظر أن يكون الملف السوري على رأس المواضيع التي ستبحث.
ويبدو أكثر فأكثر أن باريس تلتزم خطا متشددا للغاية في الملف السوري، حيث جدد الوزير جوبيه التأكيد على أن «الحل الوحيد الممكن» في سوريا يتمثل في تنفيذ مضمون خطة التسوية العربية التي تنص على «إبعاد الرئيس الحالي (الأسد)»، فضلا عن تشكيل حكومة تضم المعارضة وتنظيم انتخابات حرة «كما حصل في اليمن». وبذلك يكون الموقف الفرنسي مطابقا تماما لموقف المجلس الوطني السوري الذي لا يرى إمكانية للحوار إلا برحيل الأسد.
وترفض باريس رفضا مطلقا المساواة بين قمع النظام والمقاومة المسلحة التي أخذت تلجأ إليها المعارضة للدفاع عن نفسها.. غير أنها بالمقابل تحذر من تسليح المعارضة لما يترتب على ذلك من مخاطر تغذية حرب أهلية وتهديد استقرار المنطقة ككل. كذلك فإن فرنسا تربط أي تدخل عسكري بقرار من مجلس الأمن، وهو غير متوافر. بيد أن أوساطا سياسية في باريس تتساءل عن هامش المناورة الحقيقي الذي ما زال متوافرا أمام دعاة الخط المتشدد مع النجاحات الأخيرة التي حققها النظام ميدانيا وفي غياب ما يمكن أن يقلب المعادلة حقيقة، أي تسليح المعارضة أو التدخل العسكري.
وعلى أي حال، تريد باريس الاطلاع على ما سيعود به المبعوث الدولي – العربي كوفي أنان من دمشق، وما سيقوله سيرغي لافروف اليوم في نيويورك لتوضيح الصورة ورسم خطة التحرك رغم «التشاؤم» الذي يميز رؤيتها لهذين العنصرين، حيث تعتبر أن حظوظ الأول «ضعيفة للغاية»، وأن الثاني ما زال على النهج الذي تتبعه بلاده إزاء سوريا منذ البداية.
المجلس الوطني يتبرأ من «المترتبات المالية» التي أبرمها نظام الأسد
أكد التزام سوريا بحقوق الدول الصديقة
بيروت: «الشرق الأوسط»
أعلن المجلس الوطني السوري أنه «غير مسؤول قانونيا ورسميا عن أي عقود أو قروض مالية داخلية أو دولية تم منحها للنظام غير الشرعي في سوريا (نظام الرئيس بشار الأسد) منذ تاريخ اندلاع ثورة الحرية والكرامة في 15 مارس (آذار) الماضي»، في إشارة ضمنية إلى روسيا والصين وإيران التي تزود النظام بالأسلحة والذخائر.. إلا أنه أكد التزام الشعب السوري بكل ما يترتب عليه تجاه الدول الصديقة.
وأكد المجلس الوطني أنه «لا يعترف بجميع القروض والالتزامات المالية المترتبة على نظام الأسد منذ بدء الثورة المباركة، وأنه غير ملزم بدفع فواتير الأسلحة وأدوات القتل ومعدات القمع الموجهة لصدور الأبرياء العزل من أبناء الشعب السوري، ولا يترتب عليه أي واجبات أو مستحقات مالية لأي طرف متورط في توريد وسائل وأدوات عسكرية وأمنية وتجسسية لعصابات النظام المتهاوي».
وشدد المجلس على «أمانة وواجب الشعب السوري في عدم الإخلال والتفريط بأي شأن مالي مترتب عليه، لا سيما تجاه الدول الصديقة»، محذرا في الوقت نفسه جميع الأطراف التي لا تزال تمد النظام بالمال والسلاح والخبرات بأن هذه الإمدادات تمثل مشاركة عضوية عن سابق تعمد في قتل الشعب بأطفاله ونسائه وشيوخه، وهي بمثابة إعلان حرب على الشعب السوري العظيم، مما سيؤدي بالضرورة إلى عزلها ونبذها عن أي تعاون مستقبلي واعد في سوريا الجديدة.
داوود أوغلو: الأزمة السورية أصبحت تهدد الأمن والسلم العالميين
وزير الخارجية التركي في حوار تنشره «الشرق الأوسط»: الأسد والدائرة المقربة منه يتحملان المسؤولية كاملة
بعد فوزه بمقعد في البرلمان العام الماضي لتمثيل مدينة قونيا، مسقط رأسه، يمكن لأحمد داود أوغلو الآن أن يطلق على نفسه سياسيا، وبالنسبة للسواد الأعظم من الأتراك، دائما ما سيكون أستاذ النظرية السياسية المثقف ومهندس سياسة خارجية ديناميكية تقوم على التطلع للخارج أحالت تركيا إلى قوة إقليمية. ففي أعقاب الفوز الذي حققه عام 2002 لحزب العدالة والتنمية، أصبح داود أوغلو، وهو حفيد صانع أحذية، كبير مستشاري رئيس الوزراء وسفيرا متجولا، وتم تعيينه وزيرًا للخارجية عام 2009. وفي هذه المناصب، أثبت نفسه كدبلوماسي، نشاطا فاعلا وصاحب مبادئ دائما. لقد أدهش مزيج الرؤية والمهارة الذي يتمتع به العالم بأسره، وجاء في قائمة «فورين بوليسي» بين «أبرز 100 مفكر عالمي» لعامي 2010 و2011. وفي حوار سياسي شامل يشرح داود أوغلو سياسة تركيا الخارجية وموقفها من الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية خلال العامين الماضي والحالي، وذلك في ردود مكتوبة على أسئلة مجلة «كايرو ريفيو» للشؤون الدولية، الربع سنوية التي تصدر عن كلية الشؤون الدولية والسياسة العامة بالجامعة الأميركية في القاهرة، وتنشرها باتفاق خاص معها «الشرق الأوسط».. وفيما يلي مقتطفات من الحوار، حول أهم القضايا التي تناولها:
* كيف يمكنك تعريف مصالح تركيا الاستراتيجية اليوم؟
– تكمن مصالح تركيا الاستراتيجية في تحقيق السلام والاستقرار والأمن والرخاء بالداخل والخارج، إن تركيا تحتل موقعًا فريدًا على المستوى الجيوسياسي، وسط أفرو أوراسيا. هذه المساحة الجغرافية الضخمة متاخمة لمناطق معرضة للأزمات مثل الشرق الأوسط والقوقاز والبلقان. كذلك، فإن لديها إمكانات هائلة تكفل لها التطور والرخاء، والتي لم تتمكن من استغلالها حتى الآن بسبب مشكلات أمنية. ولأي أزمة في تلك المناطق – اقتصادية كانت أم سياسية – تبعات مباشرة بالنسبة لتركيا والمجتمع الدولي الأوسع نطاقًا.
-ومن ثم، فإن الاستقرار في هذه المناطق يصب في صالح تركيا، ولهذا السبب، تعمل تركيا عن كثب من أجل تعزيز السلام والأمن في تلك المناطق، وهي الفكرة ذاتها التي تأتي في صميم سياسة «تصفير المشكلات مع دول الجوار» التي ننتهجها.
ومن خلال هذه السياسة، في الوقت الذي نحاول فيه تنحية المشكلات مع دول الجوار جانبًا، نسعى أيضا لمساعدتها في حل أي مشكلات محلية أو ثنائية أو دولية ربما تواجهها، قدر استطاعتنا.
كذلك تشكل مصالحنا الاقتصادية ملامح سياستنا الخارجية، إن تعداد السكان في تركيا ضخم، ويشكل الشباب نصف نسبة السكان، كما تملك اقتصادا حيويا، يكافح ليصبح من بين أكبر 10 اقتصادات في العالم بحلول عام 2023، الذي تحل فيه الذكرى المائة لقيام الجمهورية التركية، إضافة إلى ذلك، فإن القطاع الخاص التركي نشط جدا ويتمتع بروح مغامرة قوية، وهذا يلزمنا بتوسيع نطاق دورنا على المستوى الاقتصادي، وتصبح زيادة مستوى التعاون الاقتصادي مع أكبر عدد ممكن من الدول إحدى الأولويات المهمة بالنسبة لتركيا، ويجبرنا هذا على التواصل وتعزيز نطاق علاقاتنا على صعيد دولي، ولهذا، قمنا بزيادة التعاون والمشاركة مع القوى الناشئة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، التي أصبحت جميعها مناطق ذات أولوية في ما يتعلق بمصالحنا الاستراتيجية.
وتوجه السياسة الخارجية التركية قيمنا الديمقراطية، إلى جانب مصالحنا، وربما يتجلى هذا في أوضح صوره في دعمنا لجهود الإصلاح في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لطالما كانت تركيا تشجع الحكومات على مخاطبة التوقعات الشرعية لشعوبها، ومع ذلك، ففي الوقت الحالي، بالنظر إلى التقدم المحلي الذي لا رجعة فيه نحو إرساء مزيد من الديمقراطية في المنطقة، فقد كثفت تركيا جهودها في سبيل دعم هذه العملية، إن إرساء الديمقراطية في هذه الدول بصورة من شأنها تمكين الشعوب وتعزيز الاستقرار يأتي في صالح المنطقة بأسرها، يجب أن تتقدم هذه العملية بأسلوب سلمي من دون أن تقود إلى انقسامات جديدة ذات طبيعة عرقية أو طائفية، ليس هذا ما يرغبه الناس، وعلينا ألا نألو جهدا من أجل تفادي مثل هذا السيناريو الخطير، ويبذل الخبراء الأتراك قصارى جهدهم في هذا الشأن، من خلال التعاون مع دول المنطقة.
إن تركيا تولي قيمة كبيرة لتحالفها مع المجتمع الأورو – أطلسي، إن عضويتنا في حلف الناتو (منظمة حلف شمال الأطلسي) وعلاقتنا الاستراتيجية بالولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى في أوروبا تشكل ركنًا أساسيًا من أركان سياستنا الخارجية. إلى جانب ذلك، فقد كانت تركيا من الدول التي تتفاوض مع الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة، وفي هذا السياق، يبقى الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي هدفًا استراتيجيا بالنسبة لنا.
* بعد النجاح الاقتصادي الباهر الذي حققته تركيا خلال العقد الماضي – وخاصة في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة التجارة – ما التحديات الأخرى التي تواجهها في العقد المقبل؟
– لقد مرت تركيا بأزمة اقتصادية خطيرة في الماضي القريب، الأمر الذي دفعنا للقيام بإصلاحات اقتصادية جادة، وبفضل هذه الإصلاحات والروح المغامرة للقطاع الخاص التركي، تملك تركيا اليوم اقتصادا أقوى سريع النمو، في عامي 2010 و2011، بينما قاومت غالبية الدول الأوروبية التأثيرات العكسية المتشعبة للأزمة الاقتصادية العالمية، مثل الركود والنمو السلبي والبطالة.. إلخ، سجلت تركيا نموا اقتصاديا نسبته 9 في المائة عام 2010، و7.5 في المائة عام 2011، ومع إجمالي ناتج محلي يقدر بنحو تريليون دولار، تحتل تركيا المركز السادس عشر بين أكبر الاقتصادات في العالم، والمركز السادس بين أكبر الاقتصادات في أوروبا. حتى الآن، عاد النمو الاقتصادي لتركيا بفائدة كبيرة على دول الجوار أيضا، الذين قد زادت حصتهم في إجمالي حجم تجارتنا العالمية بنسبة تتراوح ما بين 8 و30 في المائة خلال العشر سنوات الماضية، ومع ذلك، في الوقت الذي تمثل فيه الدول الأوروبية أكبر شريك تجاري أجنبي لتركيا، ننظر للأزمة الاقتصادية الحالية في أوروبا بوصفها تحديًا مهما لنا أيضا، ولهذا، نطالب القادة الأوروبيين باتخاذ التدابير اللازمة في الوقت المناسب.
وفي هذا الصدد، تركيا على استعداد للقيام بكل ما في وسعها من أجل إيجاد سبيل للخروج من هذه الأزمة، وترى أنه على المدى الطويل ستحدث عضويتها في الاتحاد الأوروبي فارقا كبيرا، على نحو يمكن الاتحاد الأوروبي من أن يصبح لاعبا دوليا أقوى تأثيرا، ويتمثل هدفنا في الصعود بتركيا إلى مستوى اتحاد أكبر 10 اقتصادات في العالم بحلول عام 2023، مع احتفالنا بالذكرى المائة لقيام الجمهورية التركية.
* هل تنبأتم بموجة الربيع العربي؟
– من منظورنا، كانت متوقعة، كنا على وعي بالحاجة الماسة للتغيير والتحول الديمقراطي في المنطقة. ومثلما قد تتذكر، ففي كتابي «العمق الاستراتيجي» (Strategic Depth) – الصادر في أبريل (نيسان) 2001 – أوضحت أن الاستقرار والخبرة السياسية في الدول العربية لم يكونا مرتكزين على الشرعية الاجتماعية، وأن الاستقرار كان عديم القيمة. بالمثل، أكدت أيضا أن التحول في القومية العربية وأزمات الشرعية السياسية في العالم العربي سيؤثر على هياكل القيادة السياسية في تلك الدول. وعلى هذا النحو، فمنذ السنوات الأولى من العقد الماضي، بدأنا نؤكد أهمية إدخال إصلاحات سياسية واقتصادية ودعم الكرامة وحقوق الإنسان والحريات، إضافة إلى القيم العامة مثل سيادة القانون والشفافية والمحاسبة والمساواة بين الجنسين في المنطقة.
* ما منظورك الشخصي لرد فعل الحكومة التركية تجاه الربيع العربي، بدءا من المظاهرات في تونس، وحتى الثورة في مصر وأنحاء العالم العربي الأخرى؟
– لقد تبنينا موقفا يرتكز على المبادئ تجاه الحركات الشعبية في المناطق. ويقوم هذا الموقف على ركيزتين: دعم الإصلاحات الرامية إلى تحقيق مزيد من الشفافية والشرعية والمحاسبة، والسعي من أجل تحقيقها من خلال تحول سلمي. دائما ما قمنا بحثّ الأنظمة على حمل مشعل التغيير بنفسها، ونظرا لأن دعم الأمن والاستقرار في المنطقة لا يتحقق إلا من خلال استيعاب المطامح المشروعة للشعوب، فقد شجعنا شركاءنا الإقليميين على تنفيذ إصلاحات ضرورية في الوقت المناسب في سبيل تحقيق هذا الهدف.
كثيرا ما شددت تركيا على أن العنف واستخدام القوة ضد الشعوب أمر غير مقبول، يجب الحفاظ على سيادة واستقلال كل دولة وسلامة أراضيها ووحدتها السياسية، واحترامها، كذلك، من المهم عدم جعل تلك العمليات تسرق من قبل متطرفين يسعون لإشعال الفتنة الطائفية أو إحداث فرقة على المستوى العرقي أو الآيديولوجي عبر أنحاء المنطقة. وتلاحظ تركيا أيضا أن نطاق التغيير وديناميكياته تختلف من دولة لأخرى، ومن ثم، لا يمكن تطبيق أسلوب «موحد» على جميع الدول التي تمر بعملية تحول، وإذا تطلب الأمر، تبقى تركيا مستعدة لمشاركة تجربتها الخاصة مع الدول صاحبة المصالح.
* هل تمثل الثورات في العالم العربي أزمة أم فرصة بالنسبة لتركيا؟
– سنرغب في رؤية نظام ديمقراطي دستوري متأصل في دول الجوار، بحيث يمكن أن تتعايش جميع الديانات والطوائف معا في انسجام وسلام داخل مجتمع متعدد الثقافات.
علاوة على ذلك، تعتبر هذه هي الوسيلة الوحيدة لتأمين السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وإذا ما نجحت الحركات الشعبية المستمرة في إنشاء أنظمة ديمقراطية، فمن المؤكد أن ذلك سيخدم مصالح تركيا، إن تركيا لن تدخر جهدا في دعم عمليات التغيير والتحول في المنطقة، من خلال ثقافتها الديمقراطية وخبرتها التاريخية. ومع ذلك، سيتمثل أحد أكبر التحديات المستقبلية في عرقلة احتمالية ظهور شكل جديد من الاستقطاب في المنطقة، لقد ازدادت حدة الهويات الطائفية في أعقاب اندلاع الحركات الشعبية، سوف تكافح تركيا، بالتنسيق مع اللاعبين الإقليميين والدوليين، من أجل ضمان إتمام عمليات التغيير والتحول الجارية بنجاح.
* هل يمكن أن تفيد التجربة التركية التي ينخرط فيها الجيش في السياسة والحكومة، سواء كان ذلك سلبيًا أو إيجابيًا، مصر خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها حاليًا.. بعض المراقبين في الغرب وإسرائيل عبروا عن قلقهم من فوز الأحزاب الإسلامية في الانتخابات المصرية، وخوفهم من دولة إسلامية بأجندة عسكرية.. هل تشاطرهم هذا القلق؟
– تركيا ومصر دولتان شقيقتان تربطهما أواصر عميقة من التاريخ المشترك والثقافة والجغرافيا، ولمصر تاريخ طويل وثقافة عريقة، فهي صاحبة واحدة من أهم الحضارات في العالم، ولا ينبغي أن ننسى أن عملية الإصلاح في مصر بدأت خلال الحقبة العثمانية، تعزز تركيا عملية التحول الديمقراطي في منطقتنا منذ سنوات، وترحب بالثورة السلمية المصرية وتحترم سيادة الشعب المصري، لقد بدأ الشعب المصري مع الثورة رحلة تاريخية سوف يعزز خلالها الديمقراطية والحرية والاستقرار والرخاء للأجيال القادمة، ونحن نؤمن بالرؤية الديمقراطية المصرية وعلى ثقة في قدرة الشعب المصري على إحراز التقدم بوحدة وتضامن وعزيمة. سيكون للتحول الديمقراطي في مصر تأثير كبير على المنطقة بأكملها، حيث سيشكل نجاح التجربة الديمقراطية في مصر حدثا غير مسبوق يجعل منها نبراسًا للدول الأخرى. ويزيدنا التقدم الذي حققته عملية التحول الديمقراطي في مصر تفاؤلنا بمستقبل مصر، لقد احتفل الشعب المصري بالذكرى الأولى لثورة 25 يناير (كانون الثاني)، ونحن نشاطرهم فرحتهم وفخرهم، ومثل الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب، وبدء أعماله ليلة الاحتفال بذكرى الثورة خطوة مهمة في هذا الصدد، ونحن لا نقلل من شأن التحديات المقبلة، لكننا ندرك أن طريق المرحلة الانتقالية لا يزال طويلا، وسيكون حتمًا مليئًا بالعثرات، لطالما تطلع الشعب المصري إلى نظام ديمقراطي وحياة أفضل، إن هذه العملية حساسة ومحفوفة بالصعوبات.
إن المطالبات والتوقعات كبيرة، والوقت والموارد محدودة، ويؤدي التأخر في تحقيق تطلعات الشعب إلى المزيد من الإحباط والسخط.
تذكرنا الأحداث الدامية التي تظهر في أوج لحظات التوتر المجتمعي بالهشاشة التي يمكن أن تكون عليها المجتمعات في تلك الأوقات الحرجة، بإيجاز، إن التكيف مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من جانب، والسير قدما في عملية التحول الديمقراطي بسلام واستقرار من جانب آخر، ليسا بالأمر السهل.
مع ذلك نحن على ثقة بأن أشقاءنا المصريين سوف يسيرون قدمًا باتجاه الحلول الوسط والحوار والحرص على الوحدة الوطنية من أجل إتمام هذه المهمة التاريخية. ونعتقد أن مصر ستخرج من هذه المرحلة أشد قوة وأكثر رخاء عن ذي قبل بفضل مثابرة الشعب المصري وجهده وقدرته على حل المشكلات. وكما اتضح من خلال زيارات الرئيس التركي عبد الله غل، ورئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، في مارس (آذار) وزياراتي الست إلى مصر العام الماضي، ستظل تركيا حريصة على تضامنها مع الشعب المصري في رحلته إلى الديمقراطية، لكل دولة خصائصها وسماتها المميزة التي تتشكل عبر تاريخها الاجتماعي والسياسي، لذا لا تريد تركيا تقديم نفسها باعتبارها نموذجًا، لقد استغرقت التجربة التركية الديمقراطية سنوات حتى تصل إلى ما هي عليه الآن، فضلا عن أنها أكبر من مجرد تطور للعلاقة بين الجيش والمدنيين، حيث تتسم بطبيعة شاملة ذات تأثير على المجتمع على جميع المستويات، أعتقد أن هذا الجانب من التجربة التركية وقدرتها على إثبات عدم وجود تعارض بين الديمقراطية والعلمانية في مجتمع إسلامي قد يمثل مصدر إلهام لدول المنطقة التي تمر بمرحلة تحول ومن بينها مصر. تركيا دومًا على استعداد لتقديم تجربتها الديمقراطية لكل الدول المعنية، لقد تجاوزنا الآن التحامل على الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية والتخوف منها، لقد دعمنا السماح للكيانات السياسية المنتخبة بديمقراطية بالاضطلاع بالمهام الحكومية منذ إجراء انتخابات حرة نزيهة عام 2006 في فلسطين. الأنظمة الديمقراطية تنضج فقط من خلال الممارسة. مع ذلك، أخفق المجتمع الدولي في إدراك هذه الحقيقة في النموذج الفلسطيني ولا يزال هذا الإخفاق يؤثر تأثيرا عكسيًا على الكيان السياسي الفلسطيني ويؤثر سلبًا على عملية السلام، لذا لا ينبغي أن يكرر المجتمع الدولي الخطأ في سياق الربيع العربي بوجه عام، وفي الحالة المصرية بوجه خاص.
على الجانب الآخر، تأتي المسؤوليات مع الوصول إلى السلطة عبر انتخابات ديمقراطية، وتتضمن هذه المسؤوليات ضمان سيادة القانون والحكم الرشيد والمساءلة والشفافية والحفاظ على الحقوق والحريات الأساسية ومنها حماية حقوق النساء والأقليات. وأخيرًا أرى أن أهم ما في الأنظمة الديمقراطية هو إرادة الشعب الحرة، بطبيعة الحال عملية إرساء نظام ديمقراطي كامل مهمة شاقة وعسيرة تتعلق بالمؤسسات والانتخابات الحرة النزيهة.
* ما هو تقييم السياسة الخارجية التركية للأزمة السياسية في سوريا وطريقة تعاملها معها؟
– سوريا ليست مجرد دولة جوار بالنسبة إلينا، حيث يجمعنا تاريخ مشترك فبيننا خط حدودي طويل وقدرنا أن نعيش بجوار بعضنا البعض، لقد جعلت علاقات القرابة من شعبينا نسيجًا واحدًا، لهذا لم نستطع أن نقف دون أن نحرك ساكنًا إزاء التطورات التي تحدث هناك على الجانب الآخر من حدودنا التي تمتد بطول 910 كم.
وبدافع الإصرار على مد يد العون للشعب السوري، تواصلنا مع القيادة السورية حتى قبل اندلاع الاحتجاجات الشعبية الحالية، لقد حذرنا القيادة السورية بوضوح من احتمال أن تكون سوريا هي التالية في الربيع العربي، إذا لم تتقبل القيادة طلب الشعب بالعيش بكرامة. لقد عرضنا على القيادة تقديم تجربتنا وخبرتنا في مجال الديمقراطية التي يمكن أن تساعدها على اتخاذ خطوات صعبة لكنها ضرورية من أجل تلبية طلبات الشعب المشروعة. لقد زرت سوريا 62 مرة منذ تولي منصب المستشار الخاص لرئيس الوزراء. ولتذكير القيادة السورية بضرورة إجراء إصلاحات، ذهبت إلى سوريا وتقابلت مع الرئيس بشار الأسد ثلاث مرات. كذلك قدمنا خريطة طريق خاصة بالإصلاحات في سوريا في جميع المجالات.
مع ذلك لم يتم تنفيذ أي من الوعود التي قطعها لنا بإجراء إصلاحات. ورغم ما بذلته الحكومة التركية من جهود حثيثة، اختارت القيادة السورية طريق المواجهة مع شعبها من خلال اتباع سياسة طريقها مسدود تقوم على القمع الوحشي للاحتجاجات الشعبية.
ما زالت التطورات التي تحدث في سوريا من أكبر بواعث قلق المجتمع الدولي بالنظر إلى تزايد عدد القتلى، وتمثل المرحلة التي وصل إليها الوضع في سوريا تهديدا للسلام والأمن العالمي، ومع عدم ترجيح اتخاذ مجلس الأمن أي إجراء، ينبغي على المجتمع الدولي إعادة تقييم الخيارات المتاحة أمامه في ضوء المستجدات.
ونظرًا لأن تركيا ستكون أول دولة تتأثر بتطورات الأوضاع في سوريا، لن تتوقف تركيا عن التعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية من أجل وقف إراقة الدماء وتمهيد الطريق لإجراء عملية تحول سياسي في البلاد. لقد قمنا كأتراك بكل ما نستطيع القيام به على المستوى الثنائي، ثم أتبعناه بتنسيق مع جامعة الدول العربية وأخيرًا مع مجلس الأمن للتوصل إلى حل الأزمة السورية. ونحن بحاجة الآن إلى العمل على المستوى الدولي انطلاقا من المنطقة وبمشاركة موسعة مع كافة أطراف المجتمع الدولي المعنية. ونأمل أن يكون اجتماع تونس الذي عقد في 24 فبراير (شباط) قد مكّن المجتمع الدولي من توجيه رسائل متأخرة كثيرًا إلى النظام السوري وتخفيف معاناة الشعب السوري.
* كيف تقيم الرئيس بشار الأسد ودوره في الأزمة وما الحل؟
– اكتسبت التطورات في سوريا بعدا أكثر مأساوية نتيجة المواقف المتعنتة للنظام السوري، الذي لم يكترث لصرخات شعبه وفقط، بل وصم آذانه تجاه الدعوات الدولية المطالبة بنبذ العنف واستخدام القوة ضد المتظاهرين. إزاء ذلك، يتحمل الرئيس الأسد والدائرة المقربة المحيطة به المسؤولية الكاملة تجاه الأزمة الحالية، والتي أتت لسوء الحظ على الأخضر واليابس في سوريا. مرة أخرى، الأمر يعود إلى الرئيس بشار الأسد في إنهاء سفك الدماء وبدء عملية تحول ديمقراطي في البلاد من التطبيق الكامل لمبادرة الطريق وخارطة الطريق التي قدمتها الدول العربية.
* وما هو الطريق الأمثل للدول الأجنبية – سواء أكانت تركيا أم الدول العربية أو مزيجا من العمل الدولي – للتعامل مع أزمة كهذه في سوريا؟
– السبيل الأمثل للتعامل مع الأزمة في سوريا يأتي عبر تبني المجتمع الدولي ككل موقفا موحدا، حينئذ سيدرك نظام الأسد أن الإصرار على سياسته الحالية سيؤدي في النهاية إلى مزيد من سفك الدماء، لا شيء آخر. ونظرا لمشاركة تركيا حدودا مع سوريا تصل إلى 910 كيلومترات، ستظل تركيا مركز الجهود للتعامل مع الأزمة في هذا البلد، وأعتقد أن الجامعة العربية، كمنظمة إقليمية، تتمتع بدور محوري في توجيه جهود المجتمع الدولي، إذ يجب أن يأتي حل إنهاء الأزمة بشكل أساسي من المنطقة ويطبق بدعم من المجتمع الدولي.
* هل تتفق مع المحللين الذين يتوقعون ألا تعود العلاقات التركية – الإسرائيلية إلى أوجها كما كانت في السابق؟ وهل أصبحت السياسة التركية تجاه إسرائيل متوترة – بالنظر إلى مغادرة رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان دافوس غاضبا بشأن واقعة قافلة الحرية؟
– هناك بعض التطورات الإيجابية في عملية السلام بالشرق الأوسط التي كانت لها انعكاساتها على علاقات تركيا مع إسرائيل. فبعد مؤتمر السلام في مدريد واتفاقات السلام في أوسلو طورت تركيا من علاقتها بإسرائيل في بداية التسعينات، فعلى مدى سنوات أقامت تركيا وإسرائيل علاقات أفضل حتى يمكن لهذه العلاقة أن تخدم عملية السلام في الشرق الأوسط، بيد أن الأفعال الإسرائيلية والسياسات التي تعرض الاستقرار والسلام في المنطقة للخطر كانت لها عواقب سلبية على العلاقات الثنائية بيننا. وقد كانت أزمة قناة السويس عام 1956، وضم إسرائيل للقدس الشرقية عام 1980 والهجمات العسكرية الوحشية لإسرائيل على المناطق الفلسطينية المحتلة عام 2008، من بين هذه الأسباب.
كذلك كانت الهجمة الإسرائيلية ضد قافلة المساعدات الإنسانية الدولية في أعالي البحار في 31 مايو (أيار) 2010، والتي أسفرت عن مقتل 9 مدنيين أبرياء وإصابة الكثيرين من عدة جنسيات أخرى، السبب الرئيسي في تدهور العلاقات بين الدولتين. فقد شكل الهجوم خرقا واضحا للقانون الدولي، وتسبب في إدانات واسعة النطاق لإسرائيل من تركيا، والمجتمع الدولي.
لقد ترك هذا الهجوم الوحشي أثرا لا يمحى في قلب وعقل الشعب التركي، هذه الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل ليست إهانة بسيطة، فهي لم تنتهك فقط القانون الدولي، لكن الحياة، والقيمة الإنسانية الأساسية للمدنيين الأبرياء. بيد أننا تصرفنا بعقلانية وبحكمة خلال الـ21 شهرا الماضية، وكانت توقعاتنا حكيمة وواقعية. ورغم ذلك، فشلت إسرائيل، على عكس الممارسات الشائعة في العلاقات الدولية، في تلبية المطالب التركية بالاعتذار العلني، والتعويض وإنهاء حصار غزة حتى الآن، ولا يمكن لدولة أن تغض الطرف عن مقتل مواطنيها على يد قوات أجنبية في أعالي البحار وسوء معاملة الركاب الذي تلى ذلك.
كانت المطالب التركية واضحة، بأن على إسرائيل الاعتذار ودفع تعويضات، وكذلك رفع الحصار غير القانوني على غزة، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تختار. إن إسرائيل بحاجة لأن تعلم أنها ستتمكن فقط من ضمان أمن حقيقي من خلال سلام حقيقي، ونحن نأمل في أن ترى إسرائيل الصورة كاملة وما يخدم مصالحها الخاصة بشكل أفضل، وتطبيع علاقاتنا يعتمد على الخطوات التي تتخذها إسرائيل.
* الدول الغربية تقودها الولايات المتحدة عبرت عن شكوكها القوية من أن إيران عازمة على التحول إلى دولة نووية، فما رأيك في ذلك؟
– المشكلة أولا وقبل كل شيء هي أزمة ثقة، فغياب الثقة من جانب المجتمع الدولي إزاء الطبيعة السلمية الشاملة لطبيعة البرنامج النووي الإيراني يخلق عائقا نفسيا بين الأطراف المختلفة، والتغلب على هذه العوائق ممكن فقط عبر المفاوضات الهادفة والجادة التي تتعامل مع مخاوف وتوقعات كلا الطرفين.
* هل تسير إيران على مسار تصادمي مع الغرب، دون مخرج دبلوماسي حقيقي؟
– بناء على تجارب سابقة، ربما يكون لدى إيران أسبابها الخاصة في التشكك في اتساق المبادئ والمعايير لدى نظرائها الأوروبيين، غير أن التوصل إلى حل سلمي للقضية النووية الإيرانية يصب في مصلحة جميع الأطراف، لكن ذلك لن يكون بالأمر الهين نتيجة تأثير العامل النفسي وأزمة الثقة بين الأطراف، لكن الدبلوماسية المتأنية والمثابرة ضرورية لتحقيق النتيجة المرجوة، ومن خلال عملية تدريجية، بما في ذلك مباحثات استكشافية حول مجموعة من الإجراءات المتوازية الهادفة إلى التغلب على المأزق الحالي، يمكن الوصول إلى تسوية مرضية للطرفين بشأن القضايا العالقة.
* هل ترى تركيا أن هجوما إسرائيليا على إيران سيعطل المشروع النووي الإيراني؟
– ترفض تركيا القيام بأي عمل عسكري ضد إيران، فالخيار العسكري لا يمثل حلا للتحديات التي تفرضها النشاطات النووية الإيرانية، بل على العكس، قد يؤدي القيام بأي عمل عسكري إلى خلق مزيد من المشكلات أكثر مما سيحل – لا سيما آثاره السلبية التي لا يمكن تجنبها على السلام والأمن والاستقرار العالمي والإقليمي. ومن ثم لن تجد الجهود الحثيثة الساعية إلى التوصل إلى حل سلمي من خلال الحوار والتعاون أي خيارات بديلة، لكن لا تزال المفاوضات السبيل الوحيد للتقدم.
* كانت تركيا تشكك بقوة تجاه الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، كيف تقيم النتائج بعد قرابة ما يقرب من عقد، وتأثير تحول العراق على المصالح التركية، بما في ذلك القضية الكردية؟
– اسمح لي في البداية أن أطلعك على المعالم الرئيسية للسياسة التركية نحو العراق؛ ترغب تركيا في أن ترى عراقا مزدهرا وديمقراطيا وآمنا ومستقرا يعيش في سلام مع شعبه وجيرانه، نحن نرتبط بروابط ثقافية وتاريخية قوية مع العراق ونعلق أهمية كبرى على التقارب الشديد مع كل أطياف المجتمع العراقي.
كانت لدينا جميعا شكوك بشأن الحرب في العراق، لأننا كنا نعلم أن الحرب ستؤثر أولا وقبل كل شيء على تركيا كإحدى دول جوار العراق، وقد عانت تركيا من الحرب وعدم الاستقرار الذي تبعها في العراق بطرق عدة، وقد حول عدم الاستقرار وفراغ السلطة شمال العراق إلى ملاذ آمن لإرهابيي حزب العمال الكردستاني الذين يستخدمون هذه المنطقة للتخطيط وشن هجمات ضد تركيا، وقد تضررت مصالحنا الاقتصادية والتجارية بشدة أيضا، حزب العمال الكردستاني لا يشكل تهديدا لأمن واستقرار تركيا فقط، بل لجيراننا أيضا، بما في ذلك العراق.
وقد طورت تركيا من علاقاتها بشكل ملحوظ مع الإقليم الكردي في شمال العراق، وقد قام رجال الأعمال والمتعاقدون والعمال الأتراك بإسهامات مؤثرة في تحقيق الرفاهية والرخاء في شمال العراق. ونحن نتوقع من العراق – بما في ذلك السلطات الإقليمية في شمال العراق – اتخاذ تدابير حاسمة ومؤثرة للتخلص من وجود أنشطة ونشاطات منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية هناك.
انسحاب القوات الأميركية من العراق في ديسمبر (كانون الأول) 2011 قد وفر للقادة العراقيين الفرصة لأن يثبتوا لأنفسهم وللمجتمع الدولي أنهم قادرون على العمل معا لبناء عراق مستقر وديمقراطي ومزدهر.
بيد أنه في أعقاب انسحاب القوات الأميركية من العراق، ابتلي العراق مرة أخرى بعدم الاستقرار السياسي، ونحن قلقون من أن تؤدي الأزمة السياسية إلى تجدد العنف الطائفي في البلاد، ومن ثم فنحن نطالب القادة العراقيين بتسوية خلافاتهم عبر المفاوضات والتسويات بغية التوصل إلى حلول مقبولة من كلا الطرفين للمشكلات السياسية القائمة.
* باتفاق خاص مع «كايرو ريفيو» (www.thecairoreview.com)
الفيصل يرى مذابح وحشية لا يمكن تبريرها وأنان يغادر دمشق من دون اتفاق
اشتباكات في قلب دمشق وحلب وإعدامات ميدانية في إدلب
لم ينتظر الرئيس السوري بشار الأسد مغادرة الموفد العربي الدولي إلى دمشق كوفي أنان الذي لم تسفر محادثاته مع الأسد جولتين متتاليتين أمس وقبله عن أيّ نتيجة على الأرض تمنع سفك دماء الشعب السوري، واستمرت القوات الأمنية والعسكرية التابعة للنظام بقصف مركز على عدد من المدن المنتفضة على رأسها إدلب ما أودى بعشرات القتلى يضاف إليهم 20 شهيداً إدلبياً أعدموا ميدانياً.
وليل أمس هاجمت قوات النظام المتظاهرين في حي صلاح الدين في حلب بالرصاص، ووصلت الاشتباكات بين جيش النظام و”الجيش الحر” إلى العاصمة دمشق حيث دوى صوت الرصاص في حي ركن الدين وشارع الثورة وأوتوستراد العدوي وشارع بغداد وباب مصلى والمهاجرين.
وفي الرياض قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إن “ما يحدث في سوريا مذبحة لا يمكن تبريرها وليس هناك قانون دولي أو إنساني يبرر استمرار هذه المذابح الوحشية”، مضيفاً عقب محادثات مع وزير الخارجية الألماني غيدو وسترفيلي في الرياض أمس، أنه “إذا كان النظام يبدو متماسكاً حالياً، فإن كل عملية قتل تنخر في جسده وتضعفه، وإذا استمر القتل فإنه سوف ينهار دفعة واحدة، وإذا أراد البقاء فيجب عليه أن يلتفت لمطالب شعبه”.
أما الوزير الألماني فقال إن بلاده تسعى بالجهود السلمية وبالتعاون مع مؤتمر أصدقاء سوريا من أجل تحقيق ثلاثة أهداف هي وقف العنف فوراً، وإيصال الإغاثة للمدنيين خاصة في المدن المحاصرة، والتحول السلمي للسلطة استجابة للمطالب المشروعة للشعب السوري.
وأكد الوزير الالماني انه “لا يمكن ان نقبل بالقمع البشع الذي يمارسه النظام ضد الشعب السوري(..)، لا يمكن القبول باستخدام العنف، يجب ان يكون الحل السلمي والتحول السياسي ممكناً”، وأضاف “نريد التوصل الى حل سياسي وندعم المعارضة، لكننا نركز على السياسة في الوقت الحالي وهناك تراجع من جانب الاسد(..) نسعى للتوصل الى ثلاث نقاط هي انهاء العنف وايصال المساعدات والحل السياسي”.
وفي دمشق، اعرب الموفد الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان امس عن “تفاؤله” بعد جولة ثانية من المحادثات عقدها مع الرئيس السوري ولم تسفر عن أي نتيجة على الأرض.
وصرح انان للصحافيين في ختام لقائه الاسد ان مهمته ستكون “صعبة، لكن علينا أن نتحلى بالامل”، وأضاف “انني متفائل لعدة اسباب، لقد قابلت العديد من السوريين خلال المدة القصيرة التي قضيتها هنا، وأغلب السوريين الذين قابلتهم يرغبون بالسلام وايقاف العنف”. وقال ايضا “انهم يريدون ان يعيشوا حياتهم”، مشيرا الى ان “الوضع سيئ للغاية وخطير جدا ولا يمكن لأحد ان يفشل”.
وكان انان أعلن انه قدم للرئيس السوري “سلسلة مقترحات ملموسة سيكون لها انعكاس حقيقي على الارض وستساعد في اطلاق عملية ترمي الى وضع حد لهذه الازمة”. وأكد ان المحادثات تركزت على ضرورة “وقف فوري لأعمال العنف والقتل والسماح بوصول المساعدات الانسانية والحوار”. وقال إن “الرد الواقعي هو بالتغيير وتبني اصلاحات تضع الاسس المتينة لسوريا ديموقراطية ولمجتمع سلمي ومستقر ومتعدد ومزدهر على قاعدة الحق واحترام حقوق الانسان”.
ويقول السوريون الذين يشاركون في انتفاضة ضد حكم الأسد إنه لا يمكن إجراء حوار له معنى مع رئيس تسبب بهذا القدر من العنف والمعاناة لشعبه. وقالت بسمة قضماني من المجلس الوطني السوري المعارض في الخارج لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أمس، ان تنحي الاسد هو بالتأكيد الشرط الاول للنقاش او التفاوض.
يذكر أن أنان غادر من دمشق إلى الدوحة أمس وسيصل إلى أنقرة مساء غد حسبما ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية عن مسؤولين دبلوماسيين أمس.
دولياّ كذلك يحضر في نيويورك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مناقشات مجلس الامن الدولي التي تبدأ اليوم بمشاركة وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وفرنسا، وتخصص الجلسة لمناقشة الاوضاع في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ومن المنتظر أن تكون الاوضاع في سوريا أحد المواضيع المركزية التي ستناقش في هذا الاجتماع.
ميدانياً ارتفع عدد الشهداء إلى 73 سقطوا برصاص وقصف القوات الأمنية والعسكرية التابعة للنظام ضد المدن والبلدات المنتفضة منهم عشرون شهيداً أعدموا في إدلب قرب مسجد شعيب.
وفي ريف ادلب، ذكر مدير “المرصد السوري لحقوق الانسان” رامي عبدالرحمن أمس ان “اشتباكات عنيفة تدور بين مجموعات منشقة والقوات النظامية السورية في قرية الجانودية منذ الصباح ما اسفر عن مقتل مدني وثلاثة جنود من القوات النظامية واعطاب ناقلة جند مدرعة”. واضاف ان جنديا قتل بانفجار عبوة ناسفة في قرية مرعيان كما قتل مدني في قرية الناجية بنيران رشاشات ثقيلة كما قتلت سيدة ونجلها وجنديان خلال اشتباكات مع منشقين في اريحا وجندي اخر خلال اشتباكات في بلدة كفرنبل بجبل الزاوية.
واشار الى تسلم اهالي معتقل جثمان ولدهم في قرية جوزف بعد ثلاثة اسابيع من اعتقاله. واسفرت الاشتباكات في حي الضبيط بين منشقين والقوات النظامية عن مقتل اربعة مواطنين.
وفي حماة (وسط)، افاد المرصد ان “اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات منشقة اسفرت عن مقتل ستة جنود وعنصرين منشقين”.
وفي حمص (وسط)، ذكر المرصد ان “اربعة مواطنين قتلوا في حي باب الدريب بينهم ثلاثة اشقاء اثر سقوط قذيفة على منزلهم”. وفي ريف حمص، قتل ضابط وجرح خمسة جنود اثر كمين نصبته لهم مجموعة منشقة في قرية تابعة لمدينة القصير.
وفي حلب (شمال) التي خرجت فيها تظاهرات ليلية وسمع فيها إطلاق كثيف للنار، اضاف المرصد في بيان “استشهدت بعد منتصف ليل السبت – الاحد ناشطة في حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي المعارض برصاص شبيحة النظام السوري، كما اغتال مسلحون مجهولون صباحا الملاكم السوري العالمي محمد غياث طيفور بينما كان في سيارته بساحة جامعة حلب”.
وفي دمشق تحدثت الهيئة العامة للثورة السورية عن اشتباكات في حي ركن الدين وشارع الثورة في قلب دمشق بين الجيش النظامي و”الجيش الحر”، وأكد ناشطون سماع أصوات إطلاق نار في مناطق مختلفة منها أوتوستراد العدوي وشارع بغداد وباب مصلّى وركن الدين والمهاجرين، كما بثوا صورا لمتظاهرين يقطعون طرقا داخل دمشق وحولها بحرق الإطارات.
وفي ريف دمشق، اسفرت اشتباكات بين مجموعات منشقة والقوات النظامية في مدينة يبرود عن سقوط ثلاثة منشقين كما استشهد شاب في حي جوبر في دمشق بنار الامن خلال حملة مداهمات واعتقالات.
(أ ف ب، رويترز، يو بي أي، أ ش أ، واس، روسيا اليوم، “الجزيرة”)
المبعوث العربي ـ الدولي يلتقي معارضين سوريين ورجال دين
بشار الأسد يستقبل كوفي أنان مرة ثانية
استقبل الرئيس السوري بشار الاسد الاحد للمرة الثانية الموفد الدولي كوفي انان الذي يسعى للتفاوض بشأن وقف العنف كما أفادت صحافية من وكالة فرانس برس.
وتحدث انان الذي قدم السبت مقترحات للاسد بشأن وقف العنف والسماح بوصول المساعدات الانسانية والافراج عن المعتقلين وبدء حوار مع المعارضة، امام الصحافيين بعد هذا اللقاء الجديد.
وكان موفد الامم المتحدة والجامعة العربية اعرب للرئيس الاسد عن “قلقه الشديد” حيال القمع الدامي لحركة الاحتجاج في سوريا، بحسب ما اعلنت الامم المتحدة، و”حض الرئيس السوري على اتخاذ اجراءات ملموسة لوضع حد للازمة” واكد الاسد لأنان على ان سوريا “مستعدة لانجاح اي جهود صادقة لايجاد حل لما تشهده من احداث”. كما اكد الاسد لأنان ان “اي حوار سياسي او عملية سياسية لا يمكن ان تنجح طالما تتواجد مجموعات ارهابية مسلحة تعمل على إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد من خلال استهداف المواطنين من مدنيين وعسكريين وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة”.
وفي الوقت نفسه، تشن القوات النظامية السورية منذ الجمعة هجوما على محافظة ادلب (شمال غرب).
والتقى مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا بأطياف من المعارضة السورية وسط إجراءات أمنية مشددة وصلت إلى حد إبعاد الصحافيين حتى من الشارع المقابل للمكان.
وقال المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم عقب اللقاء للصحافيين “طلبنا من أنان التنسيق مع الجامعة العربية، وشكرنا جهود الأمم المتحدة لحل الأزمة، وقلنا إن الأزمة معقدة وقطعت مراحل خطيرة تهدد وحدة البلد ووحدة الوطن”.
وجدد عبد العظيم التأكيد على موقف الهيئة بقوله: “إن أي تفاوض لمرحلة انتقالية يتطلب أولا وقف إطلاق النار ووقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين”، موضحا أنه “لا يمكن فى ظل العنف أن يكون هناك تفاوض، ولابد من أن تتوافر البيئة المناسبة لحل الأزمة”.
وأشار رئيس المكتب الإعلامي فى الهيئة عبد العزيز الخير إلى أن “ما طرحه الأمين العام السابق للأمم المتحدة من أفكار هى بالضبط التى تتبناها هيئة التنسيق”.
وحول ما طرحه أنان خلال اللقاء قال الخير، “أبدى أنان رغبة عالية واهتماما بالوضع السوري للمساهمة فى إيجاد مخرج سلمى للأزمة، كما أنه يعلم جيدا صعوبة المهمة ومدى تعقيدها وأدرك أنه لا يزال فى الخطوات الأولى للتعرف على الوضع على الأرض ومحاولة تلمس المخارج السلمية الممكنة”.
وقال الخير: “إن هيئة التنسيق نقلت ل أنان رؤيتها التى تتقاطع إلى حد بعيد مع رؤيته في إيجاد مخرج سلمى بعيدا عن العسكرة والتدخل الخارجى وهذا يمثل تماما ما هو مقتنع به”.
وتابع: “شرحنا له مدى معاناة شعبنا والخسائر الهائلة في أعداد القتلى والشهداء والضحايا من السوريين فى مختلف المواقع والمعاناة الإنسانية وطلبنا مساهمة الأمم المتحدة وكل المجتمع الدولى فى تأمين الاحتياجات الإنسانية وتأمين وقف سريع لإطلاق النار ووقف الاعتداء على المواطنين ومعالجة جميع الاشكالات المترتبة على هذه السياسة الرعناء التى يقودها النظام”.
وكان رئيس المكتب الإعلامي فى الهيئة عبد العزيز الخير قد اعتبر قبيل لقاء مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا أن مهمته لها “أهمية خاصة، والتحدي الرئيسي بالنسبة له هو النجاح فى وقف إطلاق النار وتوفير مناخ لاطلاق عملية سياسية، كما أن الأهمية الخاصة تأتى كونه مندوبا لمنظمتين مهمتين هما الأمم المتحدة والجامعة العربية”.
وقال “لكن تبقى أوراق القوة الحقيقية هى الدعم الإقليمى والدولى الذى يحظى به بشأن النقاط التى يحملها أو الخطط التى عبر عنها فى مؤتمره الإعلامى فى القاهرة وهي البحث عن حل سياسى لأزمة أصبحت مدولة فعلا وأصبح فيها الكثير من الوسائل العسكرية”.
ورأى الخير، أن “التحدي الرئيسي في هذا الموضوع أن ينجح أنان في دفع النظام إلى وقف إطلاق النار بصورة أساسية، ومعالجة مجمل المظاهر العسكرية وبعد ذلك تأمين الإغاثة التي يحتاج إليها الشعب السوري ومن ثم تأتي عملية توفير مستلزمات مناخ لإطلاق عملية سياسية”.
واعتبر أن “الأحاديث التي تدور ويتداولها الإعلام عن أن مهمة أنان هي مجرد تنظيم حوار بين السلطة والمعارضة هى أحاديث بلا أساس لأنه قبل أي تفكير فى حوار أو تفاوض هناك تغييرات أساسية يجب أن تتم على الأرض ودونها لا يمكن التفكير حتى فى عملية سياسية لها حظ بالنجاح.
أنان التقى ايضا، رجال دين مسلمين ومسيحيين يمثلون مختلف الطوائف في سوريا.
وقال المطران طاهر يوسف لوكالة “يونايتد برس إنترناشونال” إن أنان “خرج من اللقاء بفكرة واحدة هي أن حل الأزمة السورية ليس غربياً بل بيد السوريين مجتمعين بكل طوائفهم ومذاهبهم”.
وأكد الشيخ كميل نصر أن أنان “كان لديه تخوف من تحول النزاع في سوريا الى نزاع طائفي، ونحن أكدنا له بأنه لا خوف من حدوث حرب طائفية في سوريا ولا يوجد نزاع طائفي”. وأضاف “نحن نخاف على بعضنا ولا نخاف من بعضنا”.
وقدّم مفتي سوريا الشيخ أحمد حسون، خلال اللقاء، شرحاً حول العيش المشترك الذي تشهده سوريا على مدى تاريخها.
(أ ف ب، رويترز، يو بي أي أ ش أ)
سعود الفيصل يجدّد المطالبة بتسليح الشعب السوري
الجيش يكثف عملياته في إدلب . . وعنان “متفائل”
كثف الجيش السوري، أمس، عملياته في محافظة إدلب (شمال غرب)، ومناطق عدة، واشتبك مع منشقين، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا، في وقت واصل المبعوث الأممي العربي إلى سوريا كوفي عنان، لقاءاته، واجتمع بالرئيس السوري بشار الأسد ثانية، وأعلن أنه متفائل، وأنه قدم حزمة مقترحات، رغم إقراره بصعوبة الوضع، وعدم التوصل بعد إلى اتفاق، وجدد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل مطالبته بتسليح الشعب السوري، مؤكداً عدم وجود موقف عدائي تجاه دمشق، فيما يجتمع أعضاء مجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين، وعلى جدول الاجتماع بحث الأزمة السورية .
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، أن 34 شخصاً قتلوا في أعمال عنف في عدد من المدن . وأوضح أن من بين القتلى 15 مدنياً و14 عسكرياً بينهم ضابط، إضافة إلى 5 منشقين، سقط معظمهم في ريف إدلب (شمال غرب)، حيث كثف الجيش السوري عملياته العسكرية، غداة يوم سقط فيه 91 قتيلاً .
وأكد عنان أنه متفائل بعد جولة ثانية من المحادثات مع الأسد، لكنه اعترف أنه سيكون من الصعب التوصل لاتفاق لوقف إراقة الدماء . وأعلن أنه قدم “سلسلة مقترحات ملموسة”، سيكون لها “انعكاس حقيقي”، وستساعد في إطلاق عملية تضع حداً للأزمة . وأوضح أن المحادثات تركزت على “وقف فوري للعنف والقتل والسماح بوصول المساعدات الإنسانية والحوار، وتبني إصلاحات” . وقال “سيكون الأمر شاقاً، سيكون صعباً لكن علينا التحلي بالأمل” .
من جهته، طالب الفيصل بتسليح الشعب السوري، غير أنه أكّد عدم وجود أي موقف عدائي سعودي تجاه النظام السوري، وأن بلاده لا تركّز على إسقاط النظام، واصفاً مواقف روسيا والصين من الأزمة بأنها “غير مبررة أخلاقياً ولا قانونياً” . ودعا خلال مؤتمر صحافي في الرياض مع نظيره الألماني غيدو فيسترفيله، إلى “ضرورة السماح للشعب السوري بالتسلّح لحماية نفسه ضد الأعمال والممارسات الوحشية التي يشنها النظام لقمع الاحتجاجات” . كما دعا إلى العمل على فتح قنوات لتوصيل المساعدات، مؤكداً ضرورة مواصلة الجهود الدولية لحل الأزمة” .
من جانبه، أكد وزير الخارجية الألماني أن “القانون الدولي لا يبرر هذا النوع من المذابح والعنف”، ودعا المجتمع الدولي إلى أن “يضطلع بدوره الإنساني في إنقاذ الشعب السوري” . وشدد على “ضرورة حماية الشعب السوري والضغط على النظام للسماح بإيصال المساعدات” . (وكالات)
جرحى سوريون يروون معاناتهم في مستشفى تركي
اكثرهم اصيبوا بالرصاص واحدهم سحقته سيارة جيب عسكرية على حائط! انهم الجرحى السوريون من المعارضين الذين نجحوا في الوصول الى تركيا، ويروون معاناتهم في مواجهة القمع الشديد الذي يستهدفهم.
رغم عذاباتهم فهم محظوظون! والسبب ان اقارب او اصدقاء لهم تمكنوا من نقلهم سواء على نقالات او على ظهورهم الى تركيا عبر طرق جبلية وعرة لانقاذهم من الموت وضمان العلاج لهم بعيدا من اعين قوات الامن.
في الطابق الاول من مستشفى استناسي في انطاكية كان الجريح خليل قدار (30 عاما) ممدا على سريره يشرب كوبا من العصير.
وقال “كنا على وشك الوصول الى تركيا عندما شاهدنا جنود سوريون اطلقوا النار على مجموعتنا فاصبت”.
وقد اصابت الرصاصة ساقه اليمنى التي كانت مغلفة بالجبس. ويضيف “استدعيت للانضمام الى الجيش وكنت اعلم بانني ساكون مجبرا على اطلاق النار على الناس وهذا ما لا اريد القيام به. لذلك قررت مع مجموعة من اصدقائي المغادرة الى تركيا. لكن الجنود الموجودين على الحدود لديهم اوامر باطلاق النار على الذين يحاولون الفرار، فاطلقوا النار علينا”.
حسن شعيب (23 عاما) تلقى الاوامر نفسها للالتحاق بالجيش فاختار المنفى على اطلاق النار على المتظاهرين. وقال “قبل يومين شاهدت الجنود في احدى قرى ادلب وهم يطلقون النار في شكل عشوائي على كل من يتحرك خصوصا الرجال”.
اصيب برصاصة في ساقه اليسرى التي لفت ايضا بالجبس. وقال وهو يبتسم “حملني اصدقائي طوال خمس ساعات في الجبال. ولما وصلت الى هنا ابلغت اهلي في كفرنبل لاطمئنهم الى انني ما زلت على قيد الحياة”.
ويتوزع عدد من عناصر الشرطة التركية في الممرات التي توصل الى غرف الجرحى السوريين. وعاد العديد من الناشطين السوريين الجرحى وكانوا يتبادلون معهم الحديث بود شديد ويعطونهم ارقام هاتف تركية.
الشيخ احمد الرحال (28 عاما) وصل الى تركيا قبل 12 يوما. حالته مزرية فهو مصاب ب13 كسرا مختلفا في جسده وبالكاد يستطيع ان يتحرك. قال “كنا نتظاهر ضد بشار الاسد في كفرنبل عندما انقضت علينا سيارة جيب باقصى سرعة فسحقتني مقابل حائط، وخرج جندي منها شاهرا سلاحه يريد الاجهاز علي. الا ان الحشد الذي كان في المكان منعه من ذلك”.
ويروي احمد انه نقل بالسيارة عبر طرق فرعية غير مراقبة قبل ان يصل الى الحدود حيث تسلمه الهلال الاحمر التركي ونقله الى مدينة انطاكية.
خالد عصرم (24 عاما) الشاب الميكانيكي اصيب ايضا خلال تظاهرة مناهضة للنظام قبل ثلاثة ايام في قرية كفرروما في محافظة ادلب. وهو عاجز عن تحريك ساقيه الملفوفتين بضماد ابيض.
وقال “فتح الجنود النار علينا من نوافذ منازل مجاورة وشاهدت الناس يسقطون حولي. وقد اصابتني رصاصة في ظهري وانا اركض هاربا. ولم اعد استطيع المشي لذلك تناوب اثنان من اصدقائي على حملي على ظهريهما”.
في الغرفة المجاورة كان مصطفى جابر (37 عاما) الذي يملك محلا لبيع الهواتف المحمولة يروي كيف اصيب بينما كان يشارك في تظاهرة تطلق شعارات مناهضة للرئيس السوري.
قال “قبل اسبوع كنت في قرية القلعة قرب حماة عندما بدأ الجنود باطلاق النار من على اسطح المنازل بالرشاشات ولم يكن اي منا مسلحا”.
واوضح انه اصيب في ساقيه، فصنع اصدقاؤه حمالة وضعوه عليها ونقلوه الى تركيا. ويؤكد ان المصابين بجروح خطيرة والذين لا يمكن نقلهم عبر الطرق الجبلية الوعرة يموتون في اغلب الاحيان حيث اصيبوا.
وبعد ان حاول الجلوس على سريره قال بغضب “لعنك الله يا بشار ابن حافظ. لم توفر احدا برصاصك، لا النساء ولا الرجال ولا الاطفال ولا الشيوخ”.
حوالى 50 شخصية عالمية تدعو مجلس الأمن إلى “سحب رخصة القتل” من الأسد
لفت حوالي خمسين شخصية من قادة سياسيين سابقين ومثقّفين وحائزي جائزة “نوبل” للسلام من أكثر من 27 جنسية مختلفة إلى أن “الإنقسامات داخل الأسرة الدولية أعطت حكومة (الرئيس السوري بشار) الأسد رخصةً للقتل”، ودعوا إلى “سحب هذه الرخصة الآن”.
الشخصيات، في رسالة مفتوحة نشرتها صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية وستصدر غدًا الثلاثاء في صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، دعوا الحكومة الروسية إلى “الإنضمام إلى الجهود المشتركة لوضع حدٍّ سريع للنزاع وإرساء الاستقرار والسلام في سوريا والمنطقة”، طالبين من أعضاء مجلس الأمن أن “يتبنّوا قرارًا يدعو خصوصًا النظام السوري إلى وقف الهجمات التي تستهدف المدنيين والإفراج عن المعتقلين المسجونين منذ اندلاع حركة الإحتجاج وتسهيل نقل المساعدات الإنسانية العاجلة”.
ومن بين الموقّعين على الرسالة، الرئيس البرازيلي السابق فرناندو هنريكي كاردوزو، رئيس جنوب أفريقيا السابق فريدريك دو كليرك، وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد ميليباند، الرئيس السابق لجمهورية ألمانيا الإتحادية ريتشارد فون فايساكر، وزير العدل الفرنسي السابق روبير بادنتر، وحائزتا جائزة “نوبل” للسلام الإيرانية شيرين عبادي والليبيرية ليما غبوي.
(أ.ف.ب.)
“المجلس الوطني السوري” دعا لإنشاء لجنة تحقيق دولية بجرائم النظام ولتدخل عسكري عاجل
عقد “المجلس الوطني السوري” مؤتمراً صحافياً تعليقاً على مقتل عشرات المدنيين في حي كرم الزيتون في حمص، فأكد الناطق الاعلامي بإسم المجلس جورج صبرا أن “ما حصل في كرم الزيتون يدل على إجرام النظام السوري”، لافتاً إلى أن “57 ضحية سقطوا في كرم الزيتون، فيما عصابات (الرئيس السوري) بشار الأسد تقتل وتنتهك كافة حقوق الانسان”، مؤكداً أن “النظام يريد من خلال ارتكابه هذه المجازر إرباك المجتمع الدولي بجرائمه”، وأشار إلى أن “تصوير هذه الجرائم وعرضها عبر إعلام النظام يهدف إلى ترويع السوريين”، متوجهاً الى الدول العربية خاصة دول الخليج العربي لا سيما قطر والسعودية قائلاً: “نحن نعول عليكم لنقل الملف السوري الى مجلس الامن”، مطالباً “بتدخل عسكري عربي وأجنبي عاجل، وقيام ممرات آمنة، وفرض حظر جوي على كامل اراضي سوريا، وضرب آلة القتل التي تدمر سوريا، بالاضافة الى تسليح منظّم للجيش “السوري الحر” الذي يدافع عن المدنيين، وإنشاء لجنة تحقيق دولية لتكشف عن جرائم النظام بحق شعب سوريا”.
وأوضح صبرا في المؤتمر الذي عقده في اسطنبول في تركيا أن “مهمة المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا كوفي انان ردّ عليها النظام باستمرار العنف والمزيد بقتل المدنيين”، داعياً “المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في اتخاذ جميع الاجراءات لنصرة الشعب السوري”، ولفت إلى أن المجلس الوطني السوري اتّخذ قراراً “بدعم الجيش الحر ليقوم بواجباته”، داعياً الجيش السوري إلى “الانحياز الى الشعب”، وأشار أيضًا إلى أن “المجلس الوطني أعلن عن تشكيل خلية أزمة دائمة لمتابعة الوضع في سوريا”، معلناً يوم غد “يوم حداد على ارواح ضحايا المجازر التي يرتكبها النظام”.
وأضاف صبرا: “نحن معنيون بمساعدة “الجيش السوري الحر” وسوف نناقش هذا الامر مع الدول المعنية ليتمكن “الجيش الحر” من الدفاع عن نفسه وعن شعبه لضمان استمرار الثورة”، مشيراً الى “وصول مبالغ مالية من الدول العربية جرى تحويل جزء كبير منها إلى داخل سوريا من اجل مساعدة الشعب، وتجري الآن دراسة الاحتياجات العسكرية للجيش الحر”.
ورأى صبرا أن “تعطيل الحلول السلمية من قبل النظام بالإضافة الى “الفيتو” الروسي والصيني (في مجلس الأمن) هو الذي أفسح المجال للنظام من اجل أن يوغل بمجازره، لهذا نحن نقوم بالدفاع عن النفس ولنا الحق بذلك”، مطالباً أصدقاء سوريا بأن “يلعبوا دوراً مهماً لحماية المدنيين عن طريق تزويد السوريين بمساعدات تمكنهم من الدفاع عن انفسهم”.
“المجلس الوطني السوري”: نجري اتصالات لعقد إجتماع عاجل لمجلس الأمن بعد مجزرة حمص
أعلن “المجلس الوطني السوري” أنّه يجري “الإتصالات اللازمة مع المنظمات والهيئات والدول الصديقة للشعب السوري كافةً، بغية الدعوة لعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي”، منددًا بـ”الجريمة المروّعة التي عمد مجرمو النظام الأسدي (في إشارةٍ إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد) إلى ارتكابها في حيّي كرم الزيتون والعدوية في حمص الأحد وذهب ضحيتها قرابة خمسين طفلاً وامرأة”.
المجلس، وفي بيان، أشار إلى أن “جرائم مماثلة كانت ارتُكبت في معظم أحياء المدينة”، مؤكدًا أنّها “تُقدّم دليلاً إضافيًا على أن هذا النظام ومسؤوليه هم فئة ضالة مجرمة، مصيرهم محكمة الجنايات الدولية بوصفهم مجرمي حرب”. ودعا المجلس “جامعة الدول العربية” ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة إلى “تحرك دولي فاعل”، كما حثّ مجلس الأمن على “اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف عمليات الإبادة مهما كانت طبيعتها بما في ذلك التدخل العاجل والحازم لردع النظام بكل الوسائل التي تمنع استخدامه آلة الموت والقتل والتدمير”.
(أ.ف.ب.)
مصادر أممية:روسيا لا تزال ترفض تنحية الأسد أو نقل صلاحياته
أنان قارب بدمشق “الشق الإنساني” من مهمته ومجلس الأمن أرجأ “التصويت” لئلا “يُعكّر عليه”
في ما الثورة السورية تدخل عامها الثاني بزخم ميداني يعكس تصاعد عزمها وتصميمها على الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد مهما بلغت حصيلة “الموت ولا المذلة” المستمرة بوتيرة دموية يومية منذ آذار 2011.. تواصل دول مجلس التعاون الخليجي محاولاتها لكسر حالة العجز العربي والتخاذل الإقليمي والدولي حيال معاناة الشعب السوري، وذلك عبر حراك مكوكي حثيث تقوده السعودية وقطر لإيقاف “المذبحة التي يرتكبها النظام السوري” وفق ما شدد وزير خارجية السعودية سعود الفيصل إثر محادثات أجراها مع نظيره الألماني غيدو فسترفيلي في الرياض، مضيفًا في معرض دعوته إلى “موقف عالمي لإدانة ما يحصل” في سوريا: “من غير الإنساني أن نشاهد ما نراه ولا ندعم السوريين للدفاع عن أنفسهم”.
وفي الغضون، أنهى المبعوث الأممي العربي المشترك إلى سوريا كوفي أنان جولة محادثاته مع المسؤولين في دمشق تخللها لقاءان عقدهما مع الرئيس السوري بشار الأسد، وقد أعلن قبيل مغادرته الأراضي السورية متوجهًا إلى قطر فأنقرة أنه قدّم للأسد “سلسلة مقترحات ملموسة، سيكون لها انعكاس حقيقي على الأرض وستساعد في إطلاق عملية ترمي إلى وضع حد لهذه الازمة”، موضحًا للصحافيين أنّ محادثاته مع الرئيس السوري تركزت على ضرورة تحقيق “وقف فوري لأعمال العنف والقتل، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية” إلى المناطق السورية وإطلاق “الحوار”، وأضاف أنان في هذا السياق: “الرد الواقعي هو (القبول) بالتغيير وتبني إصلاحات تضع الأسس المتينة لسوريا ديموقراطية ولمجتمع سلمي مستقر متعدد ومزدهر على قاعدة الحق واحترام حقوق الإنسان”.
مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة واكبت زيارة كوفي أنان لسوريا، وصفت لقاءاته المسؤولين في دمشق بـ”الجيدة”، وقالت لموقع “NOW Lebanon” : “صحيح ألاّ نتائج ملموسة بعد في أعقاب الزيارة، غير أنّ أنان سمع كلامًا من المسؤولين السوريين يشير إلى تعاون ما سيظهر في الفترة المقبلة”، لافتةً الإنتباه في هذا السياق إلى أنّ المبعوث الدولي “شدد في محادثاته على الشق الانساني من مهمته، على أن تأتي مقاربة الشق السياسي من هذه المهمة في وقت لاحق ريثما يتم أولاً إيجاد سبل معالجة الوضع الإنساني في سوريا”.
وردًا على سؤال، كشفت المصادر الأممية أنّ “مجلس الأمن الدولي لن يخوض حاليًا في التصويت على أي مشروع قرار متصل بالأزمة السورية، بل ستكون هناك مزيد من النقاشات خلال الساعات المقبلة حول مسودة القرار المزمع تبنيه”، مشيرةً في الوقت عينه إلى وجود “اتفاق دولي على عدم استباق نتائج مهمة كوفي أنان، وعلى أن تُعطى هذه المهمة الوقت اللازم دون التعكير عليها بمزيد من التصعيد الدولي حيال النظام السوري”.
وعن الموقف الروسي، لفتت المصادر الأممية إلى أنّ “المعلومات المتوافرة” لديه تشير إلى أنّ “اجتماعات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزراء الخارجية العرب كانت صعبة وعاصفة في أكثر من جانب من محادثات القاهرة”، لكنّ المصادر نفسها أكدت في المقابل أنّ “الروس، وإن كانوا يتقدمون في موقفهم من الأزمة السورية رويدًا رويدًا نحو رؤية الحل العربي، لكنهم لا زالوا عند رفضهم طلب تنحية الأسد أو حتى نقل صلاحياته إلى نائبه وفق ما جاء في المبادرة العربية”.
دعوة لإحالة مجزرة كرم الزيتون إلى لاهاي
قال ناشطون سوريون إن قوات تابعة للنظام السوري قتلت الليلة الماضية وصباح اليوم الاثنين 87 شخصا معظمهم من النساء والأطفال في حيي كرم الزيتون والعدوية بـحمص، مؤكدين أن معظم الجثث عليها آثار تعذيب، وبعضها أحرق أصحابها وهم أحياء بينما ذبحت أخرى بالسكين.
وقد أدان المجلس الوطني السوري ما وصفها بالجريمة المروعة التي ارتكبها النظام السوري في حيي كرم الزيتون والعدوية بمحافظة حمص، وطالب مجلس الأمن الدولي باتّخاذ الإجراءات اللازمة، بما في ذلك التدخّل العاجل لردع النظام بكل الوسائل التي تمنع استخدامه آلة الموت.
وقال المجلس الوطني في بيان صحفي إن مصير النظام ومسؤوليه سيكون محكمةَ الجنايات الدولية بوصفهم مجرمي حرب، داعيا جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة إلى تحرك دولي فعّال.
وقد دعت لجان التنسيق المحلية السورية إلى اعتبار يوم غد الثلاثاء يوم حداد عام في كل أنحاء سوريا عبر إغلاق المحال التجارية والامتناع عن الذهاب إلى العمل والمدارس والجامعات.
وقد بث ناشطون سوريون صورا على الإنترنت تظهر قطع متظاهرين طريقا رئيسيا في حي الميدان بدمشق، وقال الناشطون إن المتظاهرين قطعوا الطريق احتجاجا على المجزرة التي ارتكبتها قوات الأمن والشبيحة في حي كرم الزيتون في حمص، كما ردد المتظاهرون هتافات ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
وفي دمشق قطع الناشطون الطريق الدولي بين دمشق وعمّان احتجاجا على مجزرة حمص.
من جهته قال التلفزيون السوري إن هؤلاء الضحايا اختطفوا وقتلوا على أيدي من سماها “عصابات إرهابية مسلحة”، وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) نقلا عن مصادر لم تسمها أن “المجموعات الإرهابية المسلحة تختطف الأهالي في بعض أحياء حمص وتقتلهم وتمثل بجثامينهم وتصورهم لوسائل إعلام بهدف استدعاء مواقف دولية ضد سوريا”.
قتلى إدلب
من جهة أخرى، قال ناشطون إن 24 شخصا قتلوا في كمين نصبه الجيش السوري النظامي أمس الأحد أثناء محاولة مدنيين النزوح من مدينة إدلب.
كما أفاد الناشطون بأن 13 شخصا قتلوا في قصف استهدف مباني سكنية في المدينة، وبأن آخرين سقطوا بين قتيل وجريح في قصف آخر استهدف مدينة أريحا وبلدةَ مرعيان والجانودية قرب إدلب، وقد وُصف القصف الذي تعرضت له المدينة بالأعنف منذ تشديد الحصار عليها قبل أيام.
وذكر ناشطون أن المدينة شهدت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري النظامي وعناصر من الجيش الحر.
وقد أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان له اليوم بأن القوات النظامية السورية اعتقلت أمس الأحد 35 مواطنا من قرية عين لاروز بجبل الزاوية التابع لمحافظة إدلب، وهددت الأهالي بأنه سيتم استهداف القرية مجددا إن لم يسلموا المنشقين.
قصف ونزوح
من جهتها، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية بأن القصف تجدد على مدينة القصير في حمص وحييْ كرم الزيتون وعشيرة في المدينة، وتشهد أحياء كرم الزيتون والرفاعي وعشيرة والخالدية والعدوية وباب السباع حركة نزوح كبيرة.
وقام الأمن بحملة دهم واعتقالات في رنكوس والزبداني بريف دمشق، وكذلك في حي جوبر بالعاصمة. وفي درعا اقتحم الأمن إنخل ومعربة وأطلق الغاز المدمع لتفريق متظاهرين في كلية حلب، وتضيف المعارضة أن الجيش النظامي قصف بلدة معرّة مصرين وجسر الشغور في محافظة إدلب. وفي ريف حماة، قصف الجيش بلدتي كرناز والتريمسة وقلعة المضيق.
من جهة ثانية، بث ناشطون سوريون على مواقع الثورة صوراً تظهر انفجار أنبوب النفط المارّ قرب مدينة الحولة في حمص، وقالت الهيئة العامة للثورة إن قوات النظام فجرت أنبوب النفط الذي يصل بين حمص ومصفاتها التي تقع غرب المدينة.
يشار إلى أن أنبوب النفط استهدف أكثر من مرة كان أحدثها في حي بابا عمرو، غير أن وكالة سانا اتهمت من وصفتها بالمجموعات المسلحة بالوقوف وراء الهجوم.
أنان يقر بخطورة الوضع بسوريا
وصف المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان الوضع في سوريا بأنه خطير جدا، بينما شدد وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل على ضرورة تمكين المدنيين السوريين من الدفاع عن أنفسهم لإقناع النظام الحاكم بتجنب العمل العسكري، كما دعا وزير خارجية ألمانيا غيدو فيسترفيله المقربين من هذا النظام لإدارة ظهورهم والتخلي عنه.
وعقب وصوله الدوحة بعد مفاوضات أجراها مع الرئيس بشار الأسد في دمشق، وصف أنان الوضع هناك بأنه خطير جدا، ودعا في تصريحات للجزيرة لأن يكون الشعب السوري نقطة الارتكاز بأي حل للأزمة.
وكان أنان قد أجرى على مدى اليومين الماضيين محادثات مع الأسد في دمشق حول الأزمة، وغادرها دون أي إشارة على قرب انفراجة، وأقر في ختام زيارته أمس بصعوبة الوضع وقال “سيكون الأمر شاقا.. سيكون صعبا، لكن علينا التحلي بالأمل”.
وعن شعوره بالأمل، عدد أسبابا لم يفصح عنها، مشيرا لعرضه إجراءات ملموسة على الأسد “سيكون لها أثر حقيقي على الميدان، وتساعد على إطلاق مسار يرمي إلى إنهاء الأزمة”.
6ونوه المبعوث الأممي إلى أن محادثاته مع الأسد تمحورت حول الوقف الفوري للعنف والقتل، والسماح للوكالات الإنسانية بالنفاذ، والحوار، وشدد على أن الرد الواقعي يكمن في التغيير وتبني إصلاحات ترسي أسسا متينة لسوريا ديمقراطية ومجتمع سلمي ومستقر يقوم على القانون واحترام حقوق الإنسان.
ومع أن الأسد أبدى خلال لقائه أنان استعداد حكومته لإنجاح أي جهود “صادقة” لحل الأزمة، لكنه رأى أن أي تسوية محكوم عليها بالفشل طالما هناك من سماها مجموعات إرهابية تعمل على بث الفوضى.
تسليح السوريين
وفي الرياض بحث وزير الخارجية سعود الفيصل أمس مع نظيره الألماني غيدو فيسترفيله الوضع بسوريا، والتحضير لاجتماع مجلس الأمن بهذا الشأن، وقال خلال مؤتمر صحفي عقد عقب جلسة المباحثات إن الطريقة الوحيدة لإقناع النظام السوري بتجنب الحل العسكري والتدخل الخارجي هي تمكين المدنيين السوريين من الدفاع عن أنفسهم.
من جانبه دعا الوزير الألماني المقربين من نظام الأسد لإدارة ظهورهم له والتخلي عنه.
وعن الأفكار المطروحة بشأن عسكرة الثورة وتسليح المعارضة، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني إن النظام السوري ينهي مدينة مدينة وقرية قرية، بينما ما زال الحديث مستمرا عن التسليح. وشدد على أنه وفق كل الشرائع الدينية والدولية من حق كل طرف أن يدافع عن نفسه و”طرحنا فكرة إرسال قوات عربية ودولية حتى يكون هناك مسار سياسي واضح، وإتاحة الفرصة للشعب السوري لكي يدافع عن نفسه”.
وأضاف حمد بن جاسم أن القرار الذي رفض في مجلس الأمن الدولي كان ينص على وقف إرسال الأسلحة لكلا الطرفين، القوات الحكومية والمعارضة.
وكان المسؤول القطري قد دعا في افتتاح اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة السبت إلى إرسال قوات عربية ودولية إلى سوريا، وقال إنه آن الأوان للأخذ بهذا المقترح.
كما دعا إلى الاعتراف بالمجلس الوطني ممثلا شرعيا للشعب السوري، وأكد أن “زمن السكوت على ما يحدث في سوريا قد انتهى، ولا بد من تنفيذ قرارات الجامعة”.
روسيا والعرب
وفيما يتعلق بتطورات الموقف بين الجامعة العربية وروسيا، قال بن جاسم إن الاتفاق العربي الروسي الأخير بشأن الوضع في سوريا كان على أطر عامة، لكنه يحتاج إلى تفصيل.
وأضاف بن جاسم -الذي يترأس اللجنة الوزارية العربية بشأن سوريا- في تصريحات للجزيرة أن هناك نقاط التقاء مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وهي خطوة إيجابية، مؤكدا الالتزام بالقرارات العربية بهذا الشأن.
وتتضمن الخطة العربية الروسية وقف العنف في سوريا، وإنشاء آلية مراقبة محايدة، ورفض التدخل الخارجي في الشأن السوري، وإتاحة الفرصة لوصول المساعدات دون إعاقة، إضافة إلى الدعم القوي لمهمة أنان لإطلاق حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة.
وبشأن مستقبل التحرك العربي والدولي بعد الاتفاق الروسي العربي بالقاهرة، قال بن جاسم إن الاتفاق شمل نقاطا عامة “وسنعرف الموقف في الأيام المقبلة” إذا كان هناك قرار فسيصدر من مجلس الأمن بشأن سوريا.
تركيا تناضل أمام معضلة أزمة سوريا
قالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية إن تركيا تنوء بأعباء كبيرة إزاء دورها بكونها إحدى القوى الفاعلة بالشرق الأوسط، في ظل تفاقم الأزمة السورية، وأوضحت أن تركيا التي تعتبر نفسها دولة إسلامية ديمقراطية تتمتع باقتصاد مزدهر، باتت تواجه معضلة الأزمة برمتها.
وأضافت أن تركيا ترى في نفسها إحدى الدول القائدة بالمنطقة في ظل الاضطرابات التي يحدثها الربيع العربي، ولكن جهودها تعثرت أثناء محاولاتها المتكررة لوقف العنف ووضع حد للقمع الذي يمارسه نظام الرئيس بشار الأسد ضد الشعب السوري، بالرغم من الانتقادات القاسية التي وجهها المسؤولون الأتراك ضد الأسد بأكثر من مناسبة.
وأشارت إلى أنه كلما شددت تركيا الخناق على نظام الأسد، أثارت بذلك غضب دولة قوية أخرى بالمنطقة، موضحة أن تلك الدولة تتمثل في إيران التي تربطها علاقات تحالف مع النظام السوري، ومضيفة أن الأسد يلوح بإثارة الفوضى والاضطراب داخل تركيا نفسها، مما يجعل من الأزمة كابوسا للعلاقات التركية بالمنطقة.
كما جدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي انتقاداته للأسد وللدول التي تقف وراء استمرار حمام الدم أو تقف صامتة أو متجاهلة أو غير مبالية إزاء بذل الجهود والمحاولة من أجل وقف المذبحة بسوريا، وانتقد المنظمات الدولية التي تقف عاجزة عن وقف شلال الدم أو تشجع على استمراره.
مناطق عازلة
وقالت الصحيفة إن أردوغان اقترح ضرورة وسرعة إيجاد مناطق إنسانية عازلة من أجل إغاثة السوريين الذين يعانون جراء استمرار الأزمة، وأشارت إلى أن تركيا تؤوي أكثر من 11 ألفا من اللاجئين السوريين الفارين إلى الأراضي التركية.
وتقول خبيرة بالعلاقات الدولية بجامعة قدير هاس بإسطنبول إن تركيا أضحت ضحية نفسها، فهي التي حاولت قصارى جهدها لتغيير الأسد منذ أكثر من ستة أشهر، وإن العالم لا يزال ينتظر ما يمكن أن تفعله تركيا، مضيفة أن تركيا وإيران تتنافسان على السيادة بالمنطقة.
وأوضحت سولي أوزال أن إيران تسعى للحفاظ على تحالفها مع نظام الأسد وسوريا التي تجاور كلا من لبنان وإسرائيل، وأن تركيا وإيران تراقب كل منهما الأخرى عن كثب برغم العلاقات الحسنة بين البلدين, بل إنهما كمن تتراقصان وفي يد كل منهما خنجرها السام.
الشبيحة يقتلون 26 طفلاً و21 امرأة في مجزرة حمص
طبيب يكشف توثيق 16 حالة اغتصاب إحداهن حامل بكرم الزيتون
العربية.نت
ارتكب النظام السوري مجزرة جديدة في حمص وتحديداً في حي كرم الزيتون وحي العدوية راح ضحيتها 47 امراة وطفلاً.
وقالت الهيئة العامة للثورة إن المجزرة تمّت على أيدي عناصر من قوات الأمن والشبيحة قاموا بقتل الضحايا داخل منازلهم، وتم سحب قسم من الضحايا إلى باب السباع وأحياء قريبة.
وبيَّنت الهيئة العامة للثورة أن الضحايا الـ 47 الذين تم العثور على جثثهم تم قتلهم بطرق مفزعة إما حرقاً أو تكسيراً أو ذبحاً.
ذبح وطعن واغتصاب
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان لوكالة “فرانس برس”، اليوم، بأن مئات العائلات نزحت من بعض أحياء حمص، لاسيما حي كرم الزيتون، بعد المعلومات عن المجزرة.
وأكد رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن وقوع “مجزرة” راح ضحيتها نساء وأطفال في حي كرم الزيتون دون أن يحدد عدد الضحايا.
وقال هادي عبدالله، الناشط المحلي في الهيئة العامة للثورة السورية، لـ”فرانس برس”: “عثر على جثث ما لا يقل عن 26 طفلاً و21 امرأة في حيي كرم الزيتون والعدوية بعضهم ذبحوا وآخرون طعنوا من قبل الشبيحة”.
وتابع عبدالله أن “عناصر من الجيش السوري الحر تمكّنوا من نقل الجثث الى حي باب سباع في حمص الأكثر أماناً.
وقال: “لقد تعرّض بعض الضحايا للذبح بالسكاكين وآخرون للطعن. وغيرهم، خصوصاً الأطفال، ضربوا على الرأس بأدوات حادة. وتعرضت فتاة للتشويه، بينما تم اغتصاب بعض النساء قبل قتلهن”.
الإعلام السوري الرسمي
ومن جهته اتهم التلفزيون الرسمي السوري “عصابات إرهابية مسلحة” بـ”خطف” مواطنين من أحياء في حمص وقتلهم وتصويرهم لإثارة ردود فعل دولية ضد سوريا.
كما أعلنت وكالة (سانا) استناداً إلى مصدر إعلامي، أن الصور التي تعرضها بعض الفضائيات هي “من جرائم المجموعات الإرهابية المسلحة” بحق أهالي حمص.
واتهم المصدر “القنوات الإعلامية الدموية، بما فيها الجزيرة والعربية، بأنها تشارك المجموعات الإرهابية المسلحة جرائمها وتعتمد المسلحين مراسلين لها في المناطق التي ترتكب فيها هذه الجرائم”.
وقال المصدر للوكالة: “اعتدنا على تصعيد المجموعات الإرهابية المسلحة لجرائمها قبيل جلسات مجلس الأمن بهدف استدعاء مواقف ضد سوريا”.
المجلس الوطني السوري يصدر بياناً
وعلى الإثر دعا المجلس الوطني السوري المعارض اليوم الى “جلسة عاجلة” لمجلس الأمن الدولي، موضحاً أن “المجزرة” ارتكبت الأحد.
وقال المجلس الوطني السوري إنه “يجري الاتصالات اللازمة مع كافة المنظمات والهيئات والدول الصديقة للشعب السوري بغية الدعوة لعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي”، بحسب ما ذكرت وكالة “فرانس برس”.
وتابع بيان المجلس الوطني “أن الدول التي تساند النظام المجرم تشاركه المسؤولية عن أفعاله وجرائمه”، في إشارة الى روسيا والصين اللتين تدعمان نظام بشار الأسد واستخدمتا حق النقض لاعتراض قرارين لمجلس الأمن الدولي يدينان القمع في سوريا.
ويعقد مجلس الأمن الدولي الاثنين اجتماعاً بحضور عدد من وزراء الخارجية هم الأمريكية هيلاري كلينتون والروسي سيرغي لافروف والبريطاني وليام هيغ والفرنسي آلان جوبيه والألماني غيدو فسترفيلي، من المتوقع أن يهيمن عليه موضوع سوريا.
إيران تؤكد دعم الحكومة السورية
وفي سياق متصل أكدت إيران مجدداً اليوم “دعمها الكامل” للحكومة السورية محملة الدول الغربية والعربية مسؤولية تفاقم الأزمة التي أوقعت آلاف القتلى منذ عام كما ذكرت “فرانس برس”.
وقال نائب وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان إن “الجمهورية الإسلامية في ايران تشدد على دعمها الكامل للشعب والحكومة في سوريا”، حسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية.
وأضاف عبداللهيان أن إيران تعتبر أن حلاً سياسياً يستند إلى الإصلاحات التي اقترحها الرئيس بشار الأسد “هو الحل الأفضل” للخروج من الأزمة.
وتابع: “إن الدول الغربية والعربية التي تدعم انعدام الاستقرار والأمن في سوريا مسؤولة عن تفاقم الأزمة”.
اقتحامات في حلب
وأفاد المركز الإعلامي السوري بأن قوات الأمن طوّقت بالكامل حي صلاح الدين في مدينة حلب، ونفذت حملة اعتقالات عشوائية بحثاً عن الجرحى الذين أصيبوا في التظاهرات.
وكانت قوات الأمن والشبيحة استخدمت النار بغزارة لتفريق مظاهرات كبرى انطلقت الليلة الماضي في المدينة، بحسب ما أعلن متحدث باسم الهيئة العامة للثورة في حلب.
وقال المتحدث إن التظاهرات التي شارك فيها أكثر من 5 آلاف شخص انطلقت من 3 مساجد هي مسجد التقوى والخضر والسعد، والتقت عند دوار صلاح الدين قبل أن تواجهها قوات الأمن والشبيحة بإطلاق النار.
وتسود حالة من التوتر حي مقصود والأشرفية بعد مقتل صحافية أمس الأول برصاص قوات الأمن أثناء إعدادها تقريراً عن الأحياء الكردية في حلب، وأوضح المتحدث أن عدداً من الضحايا سقطوا برصاص الأمن، فيما تلاحق قوات الأمن والشبيحة المتظاهرين في الأزقة لاعتقالهم، مشيراً إلى أن المحتجين يحاولون التجمع مجدداً للانطلاق في تظاهرات أخرى برغم الملاحقات الأمنية.
روسيا تؤيد “قراراً توافقياً” بمجلس الأمن حول سوريا
فرنسا وأمريكا دعتا موسكو والصين للإنصات لصوت العرب والضمير العالمي
العربية.نت
أكدت روسيا استعدادها للعمل على وضع “قرار توافقي” حول سوريا، مبدية بعض المرونة خلال المناقشات التي شهدها مجلس الأمن حول الأزمة الراهنة في سوريا، بعدما أحبط فيتو روسي-صيني مشروع قرار سابق يدعو الرئيس السوري بشار الأسد للتخلي عن السلطة.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال الاجتماع العاجل الذي عقده مجلس الأمن اليوم الاثنين، لبحث الأوضاع في الشرق الأوسط، إنه يجب الأخذ في الاعتبار “المبادئ الخمسة” المتفق عليها مع جامعة الدول العربية، والتي تتضمن وقف العنف من قبل جميع الأطراف، ووضع آلية محايدة للمراقبة، واستبعاد التدخل الخارجي.
وفيما أكد لافروف دعم بلاده لمهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، كوفي عنان، فقد حذَّر من مغبة ما أسماه “التلاعب” بقرارات مجلس الأمن، قائلاً: “مهما كانت الأهداف المرجوة في هذه الحالة أو تلك، فإنه لا يجوز تحقيقها من خلال خلط الأوراق، والتلاعب بقرارات مجلس الأمن”.
وكان وزير الخارجية الروسي قد شارك في أعمال مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة، مطلع الأسبوع الجاري، والذي تمخض عن خطة من خمس نقاط لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، تتضمن أيضاً إيصال المساعدات الإنسانية دون معوقات إلى جميع السوريين، ودعم مهمة عنان، لبدء حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة.
وفي بداية اجتماع مجلس الأمن الاثنين، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، المجتمع الدولي إلى “المساهمة في وقف العنف في سوريا”، مشيراً إلى أن عنان قدم “مقترحات معينة” إلى الرئيس السوري، داعياً إياه إلى القيام بخطوات عاجلة لإنهاء العنف في البلاد، وبدء عملية تهدف إلى إيجاد حل سياسي للأزمة.
وبينما أعرب كي مون عن أمله في أن يتوصل مجلس الأمن الدولي إلى “قرار توافقي” حول سوريا، فقد أشاد أيضاً بالجهود الروسية والصينية “الرامية إلى تسوية الأزمة”، وشدد على أهمية أن يتحدث المجلس “بصوت واحد”، من أجل وقف العنف في سوريا.
ومن جانبها، دعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ضمنياً كلا من الصين وروسيا إلى تغيير موقفيهما حيال سوريا، مطالبة “كل الدول” إلى دعم خطة الجامعة العربية لتسوية الأزمة السياسية والإنسانية في هذا البلد.
وقالت كلينتون أمام مجلس الأمن الدولي “نعتقد أنه حان الوقت لكي تدعم كل الدول، حتى تلك التي جمدت جهودنا سابقاً، الخطة التي اقترحتها الجامعة العربية”.
كما دعا جوبيه في كلمته “الصين وروسيا إلى الإنصات لصوت العرب والضمير العالمي والانضمام إلينا” في إدانة القمع في سوريا.
قرابة نصف مليون كردي يتظاهرون اليوم في سوريا
مجموع متظاهري مدينة القامشلي فاق 200 ألف متظاهر
العربية.نت
انطلق اليوم الاثنين أكثر من نصف مليون كردي في مظاهرات عارمة شهدتها جميع المدن الكردية السورية، لاسيما القامشلي وديريك وعامودا وكوباني وعفرين والدرباسية والجوادية والحسكة.
كما خرج آلاف الكرد للمظاهرات في وسط مدينتي دمشق “ركن الدين” وحلب حيي الأشرفية والشيخ مقصود.
وتعد هذه المظاهرات الأضخم من نوعها منذ اندلاع الثورة السورية العام الماضي وتتزامن مع الذكرى السادسة لانتفاضة الشعب الكردي عام 2004.
وكان مراقبون قد وجدوا أن الجمعة الماضية التي سميت باسم الوفاء للانتفاضة الكردية أعادت للمظاهرات زخمها ومنحت الثورة دفعة جديدة بسبب اتساع حجم المشاركة في المظاهرات.
الإتحاد الأوروبي يأمل استمرار روسيا التعاون دوليا بشأن الأزمة السورية
بروكسل (12 آذار/مارس) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
عبر الإتحاد الأوروبي عن ترحيبه بالإتفاق الذي تم التوصل إليه بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزاء خارجية الدول العربية المهتمين بالملف السوري من أجل تأمين حل للأزمة هناك
وفي هذا الإطار، اكد مايكل مان، المتحدث باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين العرب ولافروف وتضمن خمس نقاط للخروج من الأزمة السورية، يتفق مع الخط والرؤية التي أعلنها الإتحاد الأوروبي لتحقيق الهدف نفسه
وعبرمايكل مان، في تصريح أدلى به لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء اليوم، عن أمل الإتحاد الأوروبي أن يكون الأمر مقدمة لتعاون روسي ، وقال في هذا الصدد “نأمل أن تتابع روسيا التعاون مع الأطراف الدولية، من أجل إستصدار قرار حول سورية في مجلس الأمن الدولي”، وفق تعبيره
وحول مهمة المبعوث الأممي لسورية كوفي عنان، أكد المتحدث أن الإتحاد الأوروبي سبق وعبر عن دعمه وترحيبه بجهود عنان.
كما عبر الناطق، عن مخاوف الإتحاد الأووربي مما قاله الرئيس السوري بشار الأسد أن الحوار لن ينجح ما دام هناك مجموعات مسلحة، وقال “نعتقد في أوروبا أنها ليست المقاربة الدقيقة، ونشدد ألا مزيد من الوقت لإضاعته”، على حد تعبيره
وأشار المتجدث إلى أن الإتحاد الأوروبي يعمل من أجل حث القيادة السورية على قبول توصيل المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة في البلاد، بناء على ما تم التوافق عليه أثناء زيارة المسؤولة الأممية المكلفة شؤون الإغاثة فاليري آموس. وأكد أن أوروبا تنظر بعين القلق إلى إستمرار العمليات العسكرية التي تقودها قوات النظام السوري أثناء زيارة المبعوثين الدوليين، “وهذا ما نعتبره أمراً غير مقبول”، على حد وصفه
ولقد تزامنت زيارة أنان لسورية مع اجتماع بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظرائه العرب، تم خلاله الاتفاق على موقف مشترك من خمس نقاط بشأن الأزمة السورية. وتشمل هذه النقاط وقف العنف أيا كان مصدره، وإقامة آلية مراقبة مستقلة للأحداث بسورية، والحيلولة دون تدخل أجنبي، وتقديم المساعدات الإنسانية إلى لكل السوريين دون عراقيل، إضافة إلى دعم مهمة المبعوث الأممي بغية إطلاق حوار سياسي بين الحكومة وكافة القوى المعارضة على أساس التفويض المحدد من الجامعة العربية
سوريا: مقتل العشرات في حمص والسلطات تتهم ” جماعات إرهابية“
أعلن ناشطون معارضون سوريون مقتل عشرات المدنيين في هجمات على مدينة حمص على أيدي مسلحين تابعين للنظام وفي المقابل اتهمت السلطات ما وصفته بـ”جماعات إرهابية مسلحة بارتكاب المجازر”.
وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن عدد الضحايا وصل إلى 47 قتيلا .
وأكدت ” العثور على جثث ما لا يقل عن 26 طفلا و21 امراة في حيي كرم الزيتون والعدوية بعضهم ذبحوا واخرون طعنهم الشبيحة”.
وبث نشطاء مقاطع فيديو وصورا لما قيل إنها جثث ضحايا أعمال العنف في حمص.
وفي المقابل اتهم وزير الإعلام السوري عدنان محمود “مجموعات ارهابية” بارتكاب “أفظع المجازر بحق المواطنين في حي كرم الزيتون في حمص من اجل استغلال سفك الدماء السورية بهدف الضغط لاستدعاء مواقف دولية ضد سوريا”.
وقال محمود إن ” بعض الدول التي تدعم المجموعات الارهابية المسلحة مثل قطر والسعودية هي شريكة في الارهاب الذي يستهدف الشعب السوري في كل اطيافه ومكوناته وتتحمل مسؤولية نزيف الدم السوري من خلال دعمها للمجموعات الارهابية المسلحة بالمال والسلاح”.
في غضون ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا بأن مئات العائلات نزحت من بعض أحياء حمص بعد المعلومات عن “المجزرة وذلك خوفا من مجازر جديدة على ايدي قوات النظام”.
من جهة أخرى أفادت أنباء بتفجير خط لنقل النفط والمازوت في منطقة الحولة بين حمص وحماة، واتهمت السلطات “مجموعات إرهابية” بتفجير الخط.
دعوة
ويأتي هذا في الوقت الذي دعا المجلس الوطني السوري المعارض الاثنين إلى “تدخل عسكري عربي ودولي عاجل” في سوريا ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
وقال عضو المجلس الوطني جورج صبرا في اسطنبول ” نطالب بتدخل عسكري عربي ودولي عاجل وبحظر جوي لمنع عصابات الأسد من الاستمرار في المجازر”.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، وصل المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا كوفي عنان إلى أنقرة لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو لبحث سبل انهاء الأزمة في سوريا.
وأكد عنان لدى وصوله إلى مطار أنقرة ضرورة أن “يتوقف الآن قتل المدنيين في سوريا”.
وقال عنان في تصريحات نقلتها قناة “ان تي في “التركية إن “قتل المدنيين يجب أن يتوقف الآن وعلى العالم أن يبعث برسالة واضحة إلى النظام السوري بأن هذا الوضع غير مقبول”.
وكان عنان قد التقي الاثنين في الدوحة مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني ورئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني لإطلاعهم على نتائج مباحثاته مع الرئيس السوري بشار الأسد.
واختتمت مباحثات عنان في دمشق دون صدور مؤشرات على إحرازه تقدم بشأن وقف إراقة الدماء والتوصل إلى تسوية للنزاع بين النظام والمعارضة.
المزيد من بي بي سيBBC © 2012
الأمم المتحدة تدعو الأسد إلى الاستجابة لمقترحات عنان
دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الرئيس السوري بشار الأسد إلى الاستجابة خلال ” الأيام القليلة المقبلة” للمقترحات التي تقدم بها المبعوث الدولي الخاص كوفي عنان خلال محادثات دمشق لوقف إراقة الدماء في سوريا.
جاء ذلك خلال اجتماع خاص في مجلس الأمن الدولي على مستوى وزراء الخارجية حول ثورات الربيع العربي.
وقال كي مون إن “الحكومة السورية فشلت في الوفاء بمسؤولياتها لحماية شعبها بل على العكس عرضت سكان بعض المدن السورية إلى عمليات عسكرية في استخدام مفط للقوى”.
وأضاف أن ” هذه العمليات المخزية لا تزال مستمرة”.
وكان مباحثات كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية قد اختتمت دون صدور مؤشرات على إحرازه تقدم بشأن وقف إراقة الدماء والتوصل إلى تسوية للنزاع بين النظام والمعارضة.
من جانبه طالب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه المجتمع الدولي بمحاكمة القادة السوريين بسبب ما وصفه بـ” القمع المميت للمحتجين المعارضين للنظام”.
ودعا جوبيه إللى ضرورة الإعداد ” لإحالة المسألة إلى المحكمة الجنائية الدولية”.
وقال جوبيه في كلمته أمام مجلس الأمن إنه يجب على ” الصين وروسيا الانصات لصوت العرب والضمير العالمي والانضمام الينا في ادانة القمع في سوريا”.
يذكر أن روسيا والصين عرقلتا محاولات لتمرير مشروع قرار بمجلس الامن الدولي يدين دمشق.
أما وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف فقد أعرب عن قلق بلاده البالغ بسبب الوضع في سوريا حيث تحولت الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية إلى اضطرابات دموية.
وانتقد لافروف في الوقت ذاته ما وصفه بـ”محاولات تغيير سوريا عن طريق تضليل الرأي العام الدولي والتلاعب في مجلس الأمن”.
وقال لافروف إن فرض عقوبات أحادية لتغيير الحكم في سوريا وتشجيع المعارضة خطوات لن تؤدي إلا إلى انتشار النزاع هناك.
من جانبها دعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون كافة الدول إلى دعم الحل العربي للأزمة السورية.
وقالت كلينتون “نعتقد انه حان الوقت لكي تدعم كل الدول حتى تلك التي جمدت جهودنا سابقا الخطة التي اقترحتها الجامعة العربية”.
المزيد من بي بي سيBBC © 2012
المجلس الوطني السوري المعارض يطالب بتدخل عربي وغربي
اسطنبول (رويترز) – دعا المجلس الوطني السوري المعارض يوم الاثنين الى تدخل غربي وعربي لحماية المدنيين من قوات الرئيس بشار الاسد.
وقال جورج صبرا المتحدث باسم المجلس ان المعارضة تطالب بفتح ممرات انسانية واقامة مناطق آمنة ومنطقة حظر طيران لوقف هجمات قوات الاسد مضيفا أن المجلس اتخذ قرارا بالمساعدة في تسليح الجيش السوري الحر المعارض.
وقال صبرا في مؤتمر صحفي في اسطنبول “نطالب بتدخل عسكري عربى ودولى عاجل من أجل انقاذ المدنيين. نطالب بممرات ومناطق امنة توفر الحماية من خطر الابادة للمواطنين المهددة حياتهم ووجودهم.
“نطالب بحظر جوى على كافة الاراضى السورية لمنع عصابات الاسد من ارتكاب المزيد من المجازر والمذابح.”
كلينتون: يجب على الاسد أن يوقف العنف أولا
الامم المتحدة (رويترز) – قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون يوم الاثنين انه يجب على الرئيس السوري بشار الاسد انهاء العنف ضد المتظاهرين المناهضين لحكومته قبل امكانية مطالبتهم بالتوقف عن الدفاع عن أنفسهم.
وقالت بعد جلسة خاصة لمجلس الامن الدولي “يتعين على حكومة الاسد أولا وقبل كل شيء أن توقف العنف.”
واضافت “ما ان تتحرك الحكومة السورية سنتوقع من الاخرين انهاء العنف أيضا. لكن لا يمكن توقع أن ينهي المواطنون العزل في مواجهة هجمات المدفعية الدفاع عن أنفسهم قبل التزام نظام الاسد بفعل ذلك.”
بان جي مون يدعو سوريا للتحرك الان بشأن مقترحات للسلام
الامم المتحدة (رويترز) – حث الامين العام للامم المتحدة بان جي مون الرئيس السوري بشار الاسد يوم الاثنين على التحرك خلال ” الايام القليلة القادمة” بشأن مقترحات للسلام قدمها كوفي عنان مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الخاص الى سوريا.
وقال بان في اجتماع خاص لمجلس الامن التابع للامم المتحدة بشأن انتفاضات الربيع العربي “لم تنهض الحكومة السورية بمسؤوليتها عن حماية شعبها وبدلا من ذلك عرضت مواطنيها في عدة مدن لهجمات عسكرية واستخدام مفرط للقوة.”
وأضاف “هذه العمليات المخزية مستمرة.”
واندلعت الانتفاضة ضد الاسد قبل نحو عام. وتقدر الامم المتحدة أن قوات الامن السورية قتلت ما يزيد عن 7500 شخص منذ بدء الانتفاضة. وقالت الحكومة في ديسمبر كانون الاول ان “ارهابيين مسلحين” قتلوا ما يزيد عن ألفين من أفراد الجيش والشرطة.
واتهمت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الرئيس السوري يوم الاثنين بشن هجمات عسكرية جديدة أثناء اجتماعه مع عنان في مطلع الاسبوع.
وقالت كلينتون لمجلس الامن الدولي “يالها من سخرية.. حتى في الوقت الذي كان فيه الاسد يستقبل الامين العام السابق (للامم المتحدة) كوفي عنان كان الجيش السوري يشن هجوما جديدا على ادلب ويواصل عدوانه في حماة وحمص والرستن.”
وقال الاسد بعد اجتماعه مع عنان يوم السبت ان الحوار مع المعارضة المسلحة لن ينجح بينما تواصل الجماعات “الارهابية” زعزعة الاستقرار.
وانتقدت كلينتون روسيا والصين اللتين طالبتا أعضاء مجلس الامن بتحميل الحكومة والمعارضة مسؤولية متكافئة عن العنف وهو موقف ترفضه القوى الغربية.
وقالت كلينتون “نرفض أي مساواة بين عمليات القتل المتعمدة على يد الالة العسكرية الحكومية وأفعال مدنيين محاصرين اضطروا للدفاع عن أنفسهم.”
وصوتت روسيا والصين مرتين لمنع صدور قرار من مجلس الامن يدين سوريا بسبب الحملة التي تشنها ضد المدنيين. وصاغت الولايات المتحدة مسودة قرار ثالثة لمجلس الامن تحث على انهاء العنف في سوريا والسماح بدخول منظمات المساعدات الانسانية لكن واشنطن وباريس تقولان ان من غير المرجح التوصل الى اتفاق بشأنها بين الاعضاء الذين يتمتعون بالعضوية الدائمة في المجلس.
وكرر وزيرالخارجية الروسي سيرجي لافروف شكاوى موسكو بشأن عمليات حلف الاطلسي في ليبيا حيث تقول روسيا ان الحلف تجاوز التفويض الممنوح له لحماية المدنيين العام الماضي ليدعم المعارضين الذين اطاحوا بمعمر القذافي.
لكن لافروف قال لمجلس الامن الدولي “لا يزال الامر مبعثا لقلق روسيا البالغ والمجتمع الدولي بأسره.”
ولم ترسل الصين وزير خارجيتها لحضور الاجتماع لكن سفيرها لدى الامم المتحدة أوضح أن بلاده لديها تحفظات بشأن تحرك المجلس ضد دمشق.
وقال السفير لي باو دونغ “تعارض الصين اي تدخل في الشؤون الداخلية باسم المساعدة الانسانية.”
وقال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه لمجلس الامن “من غير المقبول ان يمنع مجلسنا من تحمل هذه المسؤوليات.” وأضاف “أدعو الصين وروسيا الى الاضطلاع بمسؤولياتهما.”
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج الذي كان يترأس الاجتماع لان بريطانيا تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الامن هذا الشهر ان المجلس لم ينهض بمسؤولياته نحو شعب سوريا.
وقال هيج للمجلس المكون من 15 عضوا “الوضع في سوريا يلقي بظلال كثيفة على هذا النقاش.” وأضاف “في عيون الغالبية العظمى من العالم فشل هذا المجلس حتى الان في النهوض بمسؤولياته نحو الشعب السوري.”
وحذر جوبيه الاسد من أنه هو وحكومته سيواجهان يوما يحاسبون فيه على “الجرائم”.
مقتل عشرات المدنيين السوريين في حمص
بيروت (رويترز) – قال نشطاء في المعارضة السورية ووسائل اعلام حكومية يوم الاثنين ان عشرات المدنيين قتلوا بدم بارد في مدينة حمص لكن الجانبين ألقيا بمسؤولية ما وصفاه بالمذبحة على أطراف مختلفة.
وتزامنت المذبحة في حمص الى جانب هجوم عسكري استهدف مدينة ادلب في شمال غرب البلاد مع مهمة سلام قام بها في مطلع الاسبوع كوفي عنان الامين العام السابق للامم المتحدة الذي كان يسعى للاتفاق على هدنة والسماح بدخول مساعدات انسانية وحوار سياسي.
وقال أحمد فوزي المتحدث باسم عنان لرويترز في مكالمة هاتفية من قطر “هذه بداية عملية ويشعر المبعوث الخاص المشترك أن العملية في مسارها الصحيح.”
وأضاف “ترك مجموعة من الاقتراحات الملموسة مع بشار بشأن وقف القتال والسماح بدخول المساعدات الانسانية والحوار السياسي ويتوقع الحصول منه على رد قريبا.”
ومضى يقول “هو قلق من أن القتال والقتل مستمران فيما يبدو بينما يحاول انهاءه وبينما يحاول التحدث الى بشار.”
وتبادلت الحكومة والمعارضة الاتهامات بأن الطرف الاخر مسؤول عن أعمال القتل في حمص حيث استعادت القوات السورية السيطرة على المنطقة التي كانت تهيمن عليها المعارضة في أول مارس اذار بعد حصار استمر 26 يوما.
ونقلت الوكالة العربية السورية للانباء عن مصدر اعلامي قوله “المجموعات الارهابية المسلحة تختطف الاهالي في بعض أحياء حمص وتقتلهم وتمثل بجثامينهم وتصورهم لوسائل اعلام لاستدعاء مواقف دولية ضد سوريا.”
وأظهرت لقطات وضعها نشطاء للمعارضة على موقع يوتيوب رجالا ونساء وأطفالا قتلى في غرفة غارقة بالدماء.
وقالت لجان التنسيق المحلية في سوريا وهي شبكة لنشطاء المعارضة ان 45 امرأة وطفلا طعنوا وأحرقوا في حي كرم الزيتون بحمص.
وأضافت أن سبعة اخرين ذبحوا في حي جوبر المتاخم لحي بابا عمرو الذي كان معقلا لمقاتلي المعارضة.
واتهم نشطاء جرى الاتصال بهم في حمص شبيحة من العلويين موالين للرئيس السوري بقتل الضحايا تحت حماية القوات النظامية للجيش السوري.
وقال وليد فارس وهو نشط من حي الخالدية في حمص الذي لا يبعد سوى كيلومتر واحد عن كرم الزيتون ان ما يتراوح بين 30 و40 دبابة وصلت الى كرم الزيتون ليل الاحد.
وقال لرويترز في اتصال عبر سكايب “نعرف الان ان الشبيحة قتلوا أربع عائلات. لدينا 21 اسما ونحاول التأكد من باقي الاسماء.
“الوضع هاديء الان لكني كنت اسمع اطلاق النار طوال الليل.” وأضاف ان جميع الضحايا من الاغلبية السنية في سوريا.
وذكر ان معظم القتلى سقطوا في كرم الزيتون لكن سقط قتلى في احياء أخرى. وأضاف “الجيش السوري الحر (المعارض) ساعد على جمع الجثث في مكان واحد. والا ستخفي قوات النظام الادلة.”
ويصعب التحقق من التقارير المتضاربة من جانب السلطات ونشطاء المعارضة نظرا للقيود التي تفرضها دمشق على وسائل الاعلام منذ بدء الانتفاضة ضد الاسد قبل نحو عام.
وقال الناشط المعارض ماهر عبد الحق ان سيارة ملغومة انفجرت خارج مدرسة للبنات في مدينة درعا الجنوبية فقتلت احدى التلميذات وأصابت 25 اخرين مضيفا ان التلاميذ هناك شاركوا في الاحتجاجات ضد الاسد.
ويعقد مجلس الامن اجتماعا خاصا بشأن انتفاضات الربيع العربي في وقت لاحق يوم الاثنين وستلتقي وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على هامش الاجتماع.
ومنعت روسيا والصين محاولات لاصدار مجلس الامن التابع للامم المتحدة قرارا يدين دمشق لمحاولاتها القضاء على الانتفاضة التي تقول الامم المتحدة انها أسفرت عن مقتل أكثر من 7500 شخص. وقالت السلطات السورية في ديسمبر كانون الاول ان مسلحين قتلوا أكثر من ألفين من أفراد الجيش والشرطة.
وصاغت الولايات المتحدة مسودة قرار جديد لكن واشنطن وباريس تقولان انهما تشكان في أنها ستحظى بالقبول.
وتحدثت الصين بنبرة متفائلة لكنها لم تقدم تفاصيل.
وقال ليو وي مين المتحدث باسم الخارجية الصينية يوم الاثنين “شاركت الصين بفاعلية في مباحثات بشأن مسودة القرار وعرضت أفكارها فيما يتعلق بتعديلها.”
وأضاف “نؤيد أيضا قيام المجتمع الدولي بدور نشط في حل سياسي للقضية السورية.”
وأعلنت الصين وروسيا وكذلك دول غربية وعربية تأييدها لمهمة السلام التي يقوم بها عنان لكن لم تظهر أرض مشتركة بين الاسد المصر على القضاء على أي معارضة ومعارضيه الذين عقدوا عزمهم على الاطاحة به.
وقال عنان في دمشق امس “الوضع سيء وخطير للغاية لدرجة أننا جميعا لا يمكننا تحمل الفشل.”
وقال فوزي المتحدث باسم الامين العام السابق للامم المتحدة ان عنان التقى يوم الاثنين في الدوحة مع أمير قطر ورئيس الوزراء وانه في طريقه الى انقرة لاجراء محادثات مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ووزير الخارجية احمد داود اوغلو.
وتريد موسكو وبكين تحميل الحكومة والمعارضة المسؤولية بالتساوي عن العنف.
واتخذت المملكة العربية السعودية وقطر منهجا متشددا ضد الحكومة السورية وطالبتا بتسليح المعارضة.
ويعتزم عنان مواصلة الاتصالات مع فصائل المعارضة بما في ذلك المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطنية والجيش السوري الحر وجهات أخرى وسيشجعها على تكوين جبهة معارضة موحدة.
ومضى فوزي يقول “علينا أن نسعى لان تتوحد المعارضة تحت مظلة واحدة.. بعد ذلك علينا اقناع الحكومة بأن تجتمع معها في أي مكان يقترحه عنان.”
من اوليفر هولمز ومريم قرعوني