أحداث الأحد، 28 نيسان 2013
خبراء: “الكيماوي” السوري سيجبر إدارة اوباما على التحرك عسكرياً في سورية
واشنطن – ا ف ب
يعتبر عدد من الخبراء ان “الاستخدام المحتمل لاسلحة كيمياوية من قبل نظام الرئيس السوري بشار الاسد قد يرغم الولايات المتحدة على التحرك”، لكن الخيارات العسكرية المطروحة امام الرئيس باراك اوباما محدودة ومحفوفة بالمخاطر لاسيما وان “هاجس التجربة العراقية ما زال ماثلاً في الاذهان”.
ويبدو احتمال خوض مغامرة عسكرية بعيداً في هذه المرحلة، وقد تجنب “البيت الابيض” التأكيد على ان “النظام السوري تجاوز الخط الاحمر” الذي شدد عليه الرئيس اوباما ودعا “الامم المتحدة” الى “اجراء تحقيق لتأكيد تحاليل الاستخبارات الاميركية والصادرة عن باريس ولندن وتل ابيب”.
وبرر مسؤول اميركي في الدفاع هذا الموقف بقوله “نعلم اصلاً المعزوفة عندما ترتكز قرارات سياسية على اساس معلومات استخباراتية يتبين انها خاطئة”، في تلميح الى المزاعم بوجود اسلحة دمار شامل عراقية التي استخدمت حجة لغزو العراق في العام 2003.
لكن اندرو تابلر، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الاوسط قال ان “مصداقية الولايات المتحدة هي التي ستكون على المحك” ان كان بشار الاسد يستخدم اسلحة كيمياوية لترويع المعارضة و”اختبار خطوطنا الحمر”. ورأى “انها لحظة مفصلية لادارة واحتواء مفاعيل الازمة” السورية.
واعتبرت زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي ان “مجرد تقديم مساعدة غير قاتلة الى المعارضين المسلحين لا يكفي”، مؤكدة “على وجوب الانتقال الى المرحلة التالية”.
وذلك قد يكون عبر “تسليح المعتدلين من بين المتمردين السوريين، وهذا ما دعت اليه اصلاً فرنسا وبريطانيا”، برأي المحللة دانيال بليتكا من معهد المشروع الاميركي. لكن خطر سقوط هذه الاسلحة بين ايدي الجماعات المتطرفة لا يزال قائماً.
وتنشر الولايات المتحدة 250 عنصراً معظمهم من القوات الخاصة منذ تشرين الاول/اكتوبر 2012 في الصحراء الاردنية لتدريب الجيش المحلي والقيام عند الاقتضاء بغارات لتأمين جزء من مخزونات الاسلحة الكيمياوية السورية التي تقدر بمئات الاطنان.
لكن البنتاغون لا يخفي عدم حماسه ازاء هذا الامر. فقد اقر الجنرال مارتن ديمبسي اعلى مسؤول عسكري في 17 نيسان/ابريل بعدم ثقته في القدرة الاميركية على تأمين الاسلحة الكيميائية “لانها بكل بساطة نقلت ومواقع التخزين عدة”.
الى ذلك، لا يتصور احد امكان القيام بتدخل على الارض على نطاق واسع قد يتطلب حوالى 75 الف عنصر وفق تقديرات اوردتها الصحافة العام الماضي ولم يناقشها البنتاغون منذ ذلك الحين.
اما في ما يتعلق باقامة منطقة حظر للطيران، فسيتعين اتخاذ قرار في ما اذا كانت ستطبق على كل سورية او جزء منها، وذلك في كل الاحوال “سيوفر مكاناً للجوء” برأي اندرو تابلر.
وذكر براد شيرمان النائب الديموقراطي “ان منطقة حظر للطيران ليست خياراً يضمن عدم سقوط قتلى”. فلاقامة منطقة كهذه في ليبيا في 2011، كان لا بد من القضاء على الدفاعات الجوية التي كان يملكها معمر القذافي.
لكن القيام بالامر نفسه في سورية سيكون “اسوأ مئة مرة مما واجهناه” في ليبيا كما اكد وزير الدفاع السابق ليون بانيتا العام الماضي.
فالدفاعات الجوية السورية كبيرة وان كانت تعود الى الحقبة السوفياتية: فهناك 650 موقعاً ثابتاً و”نحو 300 موقع متحرك” بحسب تقرير لمعهد الدراسات حول الحرب (مقره في واشنطن) الذي يقدر عدد الطائرات المطاردة الجاهزة للتحليق بـ150.
ولفت الخبراء الى ان “قصف مواقع التخزين ينطوي على خطر انتشار عناصر بالغة السمية في الجو وتلويث البيئة”.
ويرى كينيث بولات، من مؤسسة بروكينغز “ان التحرك الابسط بالنسبة للادارة (اوباما) قد يكون اختيار هدف سري ومهم بالنسبة للنظام وازالته بصواريخ عابرة وربما ايضا بطائرات قاذفة”.
“وهذه الضربة ستشكل تحذيرا للسوريين بان الاسوأ آت ان لم يتوقف النظام عن استخدام الاسلحة الكيميائية واظهار ان واشنطن مستعدة لتطبيق خطها الاحمر” على ما قال، وذلك مع المجازفة بان يؤدي ذلك الى امكاني هروب الى الامام لبشار الاسد.
«بركان حوران» لعزل دمشق عن حدود الأردن
لندن – «الحياة»
أعلن «الجيش السوري الحر» أمس بدء معركة «بركان حوران»، التي تضمنت استهداف تسعة مواقع عسكرية للنظام في درعا، والتي تستهدف عزل دمشق عن حدود الأردن في وقت دارت اشتباكات ضارية في حي جوبر في الطرف الشرقي للعاصمة ومنطقة برزة البلد شمال دمشق. وسيطر مقاتلو المعارضة على سرية للدفاع الجوي في مطار كويرس العسكري في ريف حلب.
وقالت المعارضة ان مقاتلي «الجيش الحر» سيطروا امس على كتيبة الدفاع الجوي في النعيمة. وبثت فيديو، اظهر العملية وقصف مواقع الجيش النظامي. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ان مقاتلين من المعارضة قتلا خلال اشتباك مع القوات النظامية في محيط كتيبة الرادار في الموقع، في وقت ترددت معلومات عن قتلى في صفوف الجيش النظامي.
وشن الطيران الحربي غارات جوية على النعيمة وتل عرارا والمنطقة الواقعة بين ازرع ونامر في ريف درعا، وسط اشتباكات عنيفة في محيط هذه المناطق.
وافاد نشطاء ان مقاتلي المعارضة سيطروا ايضا على كتيبة الإشارة قرب بلدة صيدا، وهاجم مقاتلوها «كتيبة الخضر» بين داعل وعتمان، حيث قتل أربعة مواطنين في بلدة عتمان بينهم طفلة إثر قصف قوات النظام البلدة، وحاصروا النقطة ٦٧ قرب قرية ندى عند الحدود الأردنية، اضافة الى استهداف السرية العسكرية الثالثة بين قريتي أم ولد والكرك التابعة لمطار الثعلة العسكري.
وقصف «الجيش الحر» الفوج ١٧٥ في بلدة ازرع، وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من داخل الموقع. وقال نشطاء إن المقاتلين تصدوا لرتل مؤازرة على الطريق الحربي قرب نصيب التي تشكل معبراً حدودياً مع الأردن، مشيرين إلى أن الكتائب المقاتلة قصفت تل عرار قرب داعل التي كانت خضعت لسيطرة المعارضة قبل اسابيع.
وجاءت هذه العمليات العسكرية بعد بدء عملية «بركان حوران» في وقت جرى الحديث عن انطلاق المعركة العسكرية في جنوب سورية، حيث حصلت الكتائب المقاتلة للمعارضة على امدادات عسكرية وتدريبات اضافية.
وجاءت سيطرة «الجيش الحر» على نقاط عسكرية بين درعا وحدود الأردن وعلى شريط على طول هذه الحدود، بالتزامن مع طلب الحكومة الأردنية تدخل مجلس الامن لمساعدتها في تحمل عبء اللاجئين السوريين والحديث عن إقامة منطقة عازلة داخل سورية يلجأ اليها السوريون الهاربون من الصراع في بلادهم.
وفي دمشق، قصف مقاتلو المعارضة مركز البحوث العلمية قرب منطقة الهامة في غرب دمشق، في وقت قالت المعارضة إن عشرة مواطنين هم طفل وتسعة رجال قتلوا في دوما نتيجة قصف القوات النظامية. وسجلت أمس أشد اشتباكات في حي برزة البلد بين مقاتلي المعارضة والنظام.
وقال الأهالي الذين غادروا برزة إنها باتت «منقسمة شطرين»، يقع احدها تحت سيطرة المعارضة، في حين تسيطر قوات النظام وموالون لها على الشطر الثاني، وفق المرصد السوري. وحصلت اشتباكات عنيفة في حي جوبر في الطرف الشرقي للعاصمة.
وشن الطيران الحربي غارات جوية على بلدة ابو الضهور الواقعة قرب المطار العسكري الذي شهد محيطه اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة، علماً أن «الجيش الحر» كان سيطر على مطار تفتناز العسكري المجاور. وتصاعدت الاشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة في محيط مطار كويرس العسكري في ريف حلب شمالاً.
سياسياً، رفض «الائتلاف الوطني السوري» امس اقتراح النظام إرسال خبراء روس للتحقق من استخدام السلاح الكيماوي في سورية، مطالباً بإرسال مفتشين من الأمم المتحدة.
وجاء في بيان أصدره أمس، أن الجهة التي يمكن الرجوع إليها في هذا الشأن «هي الأمم المتحدة وهيئاتها المختصة»، مبدياً الاستعداد لـ «تقديم كل ما يمكنه من مساعدة لأي بعثة تقص وتحقيق دولية تزور المناطق المحررة».
واستمر الجدال أمس ازاء استقالة رئيس «الائتلاف» معاذ الخطيب، اذ طالب عضو «الائتلاف» السابق كمال اللبواني في مقابلة مع موقع «زمان الوصل» الالكتروني السوري، باعتقال الخطيب ومحاكمته بحسب المادة 286 من «قانون العقوبات العام»، التي تنص على اعتقال كل من يوهن الأمة خلال الحرب، الأمر الذي أثار جدلاً بين المعارضين والنشطاء.
وكتب الخطيب في صفحته على «فايسبوك» امس، ان «حملة تشهير جديدة» بدأت ضده، مؤكدا انه يعمل لطرح «مبادرة تحقن دماء السوريين وأتواصل مع عدد كبير من الأجسام العسكرية والمدنية لاستمزاج رأيهم».
وتجري شخصيات في المعارضة السورية اتصالات لعقد مؤتمر «القطب الديموقراطي» في القاهرة منتصف الشهر المقبل، في وقت تجري اتصالات منفصلة لترشيح كتلة من 25 شخصية «علمانية» لدخول «الائتلاف الوطني» لإيجاد كتلة موازية لـ «الاخوان المسلمين» فيه.
وفي المجال ذاته، دعا رئيس اقليم كردستان رئيس «الحزب الديموقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني قادة احزاب كردية سورية للاجتماع في اربيل اليوم وحل الخلافات بينهم.
النازحون السوريون في لبنان: مصائب… وفوائد
بيروت – ناجية الحصري
«إذا بدأت معركة دمشق فإن عدد النازحين السوريين الى لبنان يتوقع ان يصل الى مليونين او ثلاثة ملايين نازح». انها بعض التوقعات الصاعقة التي يهمس بها عاملون في مجال الاغاثة الدولية في لبنان ولا يكشفون عنها في العلن لكن تجري التحضيرات المسبقة تحسباً لحصولها.
هذه الارقام تقلق المؤسسات الدولية تماماً كما تقلق المجتمع اللبناني نفسه، الذي يطلق صرخات التحذير من استضافته مليون سوري (بين نازحين وعمال) على اراضيه فكيف اذا «بدأت معركة دمشق؟».
لا شيء يلوح في الأفق بأن نهاية الجلجلة السورية قريبة، واعتراف لبنان المتأخر بأن النزوح الى ارضه ليس «سياحة» وانما مأساة، يجري تدارك مفاعيله بشكل مربك وببعض الانكار، من خلال ترك المهمة الى المجتمع المدني المتنوع الانتماءات … والمحسوبيات من دون مراقبة او محاسبة، وصولاً الى فوضى معالجة ما انتجه هذا الاهمال من تداعيات صحية واجتماعية واقتصادية وامنية، والاكتفاء بمهمة «الصراخ» طلباً للنجدة الدولية.
في السجون اللبنانية ارقام لا سابق لها لآلاف الموقوفين السوريين بتهم السرقة والاعتداء والقتل، وفي شوارع بيروت وبقية المناطق آلاف اخرى من السوريين الذين يتعرضون بدورهم للسرقة والاضطهاد في اماكن «السخرة» التي يعملون فيها.
وفي الشوارع ذاتها الآلاف من اللبنانيين الذين باتوا عاطلين من العمل «لأن العامل السوري اخذ مكانهم بأبخس أجر»، لكن، في المقابل هناك آلاف المتاجر والدكاكين والاسواق والشقق المفروشة والفنادق التي «تحيا» بفضل «بونات» النازحين الفقراء او من حركة الميسوريين منهم في لبنان.
والى كل هذه التناقضات يضاف العنصر الأخطر وهو المحاذير المذهبية. فالنازح السوري من الطائفة السنّية يلجأ الى المناطق ذات الاكثرية السنّية، لأنه يعتقد ان المناطق ذات الاكثرية الشيعية ليست «بيئة حاضنة»، خصوصاً اذا كان النازح موالياً للمعارضة السورية، لكن الامر لا يلغي وجود استثناءات. و «البيئة الحاضنة» بدورها تتماهى مع الكراهية التي يكنّها النازح «للمعتدي عليه» وتكاد تتحفظ مثله عن البيئة «غير الحاضنة» في لبنان.
يقول عادل (17 سنة) من ابناء حلب الذي نزح مع اهله الى بيروت وتحديداً الى محلة برج ابي حيدر بعد نزوح على مراحل داخل سورية هرباً من القصف الذي لاحقهم، انه والعائلة «سكنوا في بناية مختلطة مذهبياً في المحلة المذكورة ويدفعون 600 دولار بدل ايجار وانضمت اليهم اخيراً عائلة عمه، وحصلت خلافات مع الجيران على خلفية «اننا نحدث ضجيجاً لكن الشكوى فقط من طابق واحد وساكنيه من الشيعة».
ويشير عادل الى ان اهله قرروا السفر الى مصر «فهناك الحياة ارخص ومرحب بنا اكثر».
عمالة تفوق الطلب وبطالة لبنانية
ولا تخلو التقارير الامنية اليومية في لبنان من حوادث تهديد لعمال سوريين وسلبهم أوراقهم الثبوتية ومبالغ نقدية يحملونها في جبل لبنان وجنوبه والبقاع وطرابلس ومن تقارير عن خلافات بين العمال انفسهم بسبب انقسامهم بين مؤيد ومعارض لما يجري في سورية.
يعلم «مراد الحلبي» وهذا ليس اسمه الحقيقي وانما «الفني» انه غير مرحب به بين سائقي السيارات العمومية في لبنان لأنه يتعدى على مصلحة للبنانيين لكنه يسأل: «هل أسرق؟ انا مستعد للعمل في كل شيء حتى انني يمكن ان اغني من اجل ان اسدد ايجار شقة في صيدا، فكل مدخراتي تلاشت وبت استدين من اخي الموجود في سورية، هل تريدين سماع صوتي؟».
يغلق مراد زجاج نوافذ سيارة «المرسيدس» التي استأجرها من صاحبها الصيداوي للعمل عليها بموافقته وتشجيعه، ويطلق العنان لصوت عذب وقوي مردداً «ابعتلي جواب وطمني». قال ان احد اصحاب المطاعم في صيدا وافق على تشغيله مطرباً وسيعطيه 100 دولار شهرياً شرط ان يؤمن عازف غيتار معه.
هكذا تتدنى أجور العمال السوريين في لبنان «بسبب كثرة العرض وقلة الطلب» كما قال صبحي الآتي من دير الزور منذ بدأت الحوادث في هذه المنطقة السورية الحدودية مع العراق. هو لم يقصد العراق «لأن الوضع كما تعرفين صعب هناك ولا توجد فرص عمل، وثمة اقارب كثر لي في لبنان، على رغم بعد المسافة والتي تضاعفت ساعات طويلة للوصول (18 ساعة) بسبب الحواجز على الطريق الى دمشق ومنها الى الحدود اللبنانية، انضممت اليهم من دون عائلتي التي غادرت الدير الى الريف الاكثر أماناً بعد سيطرة «الجيش الحر» عليه.
وصبحي الذي يعمل ناطوراً في بناية يعتبر نفسه محظوظاً على عكس عشرات الشبان والرجال من «الدير» ايضاً الذين «يتكدسون» تحت جسر فؤاد شهاب املاً بأي عمل يقومون به. ويقول احمد انه يتقن كل شيء: «اعمل بالطرش والتبليط وتشييد الابنية كما اعمل عتالاً… اي شيء حتى اتمكن من العيش مع عائلتي التي لجأت الى الارياف حيث كل شيء في سورية ارتفع ثمنه حتى الخبز، ولا توجد اشغال، كنت اعمل في بلدي على سيارة اجرة لكن الوضع اصبح صعباً».
تجمعات النازحين تشبه تجمعات العمال السوريين، فالآتون من الارياف يحملون معهم عاداتهم القبلية والعشائرية، لجهة العيش كتكتلات بحسب الانتماءات المناطقية، والنزوح على سبيل المثال، ليس عائقاً امام انجاب المزيد من الاطفال حتى ولو كانت الحياة داخل خيمة، وتعدد الزوجات والزواج من قاصرات، فنحن نقيس قوتنا العائلية بعددنا»، كما تقول «ام محمد» (36 سنة) التي لديها تسعة اولاد انجبت آخرهم في لبنان قبل شهرين وتعيش وعائلتها في احدى الغرف التي استأجرها زوجها في محلة صبرا اكثر المناطق الشعبية فقراً والتي كانت يوماً مخيماً للاجئيين الفلسطينيين في بيروت، وتحولت بفعل النزوح الى سوق كبير للنازحين السوريين يشترون ويبيعون فيها بضائع معلقة على الاشجار ومعروضة على صناديق الخشب على شاكلة بسطات تكاثرت كالفطر.
ينظر «عارف» الفلسطيني من امام محله لبيع الخرضوات الى السوق الممتد بشكل عشوائي في صبرا متحسراً: «كانت يوميتنا 20 دولاراً لكن اليوم لا نطّلع العشرة آلاف ليرة بفضل مزاحمة السوريين لنا».
«انتظروا دوركم»
«ام نور» النازحة من ريف حماة وتحديداً من سهل الغاب منذ اربعة اشهر مع عائلتها وزوجها المقعد الى محيط المدينة الرياضية على تخوم ضاحية بيروت الجنوبية، تشكو كغيرها من النازحين من عدم حصولها على اي معونة بعد على رغم انها مسجلة لدى المفوضية العليا للاجئين، تقول انها عندما راجعتها اخيراً قيل لها «عندما يأتي دوركم نتصل بكم»، ولا تزال تنتظر.
«غادة» الناشطة اللبنانية التي تعمل مع منظمات دولية تعنى بقضايا النازحين في البقاع، قالت ان المساعدة الشهرية التي كانت توفرها المفوضية العليا للاجئين خُفضت من 46 الف ليرة الى 40 الفاً و500 ليرة، وتوقفت معونة المازوت بعدما انقضى فصل الشتاء، وهناك 400 عائلة فقط من اصل مليوني نازح في شتى البلدان تتلقى بدلات ايجار مسكن وضمن شروط فهذا البدل مخصص للنساء المعيلات او الارامل او حالات الاعاقة او للذين تجاوزت اعمارهم الـ60 سنة.
لكن «عادلة» التي تعمل مع احدى الجمعيات الاهلية في مجال مساعدة النازحين تصر على ان «وضع النازح احسن منا اللبنانيين، فطبابتهم مجانية (تغطية 85 في المئة من كلفة الاستشفاء واعلن عن خفضها مجدداً الى نسبة 75 في المئة) وتعليم اطفالهم مجاني ايضاً ويحصلون على نصف بدل الايجار وعلى مساعدة شهرية، ماذا يريدون احسن من ذلك؟».
في المقابل تصر «ام عبدو» الآتية من ريف حمص، على انها لم تطعم اولادها اللحم منذ اسابيع، فهي تطبخ الرز والمعكرونة وترفقها باللبن، وعدا ذلك ترف غير متوافر، واولادها خارج المدرسة وزوجها انضم الى العاطلين من العمل عند موقف الكولا بانتظار اي شغل يمكن ان يقوم به والذي يتوافر يوماً وينقطع اياماً اخرى. تقول: «زوجي كان يعمل في مطبعة وكان يملك محلاً اُحرق، والعودة الى الضيعة التي أتينا منها مستحيلة الآن لانها تحت سلطة الجيش النظامي لكنها محاصرة من «الجيش الحر» وتخضع لمعادلة «لا تدمروا الضيعة لا نقصفكم».
الخوف من النظام يرافق النازح السوري حتى خارج الحدود السورية. قال احدهم: «حتى في بلدكم للجدران آذان تسمع». ويتعدى «بلدنا» الى المنظمات الدولية، فالنازحون يتحفظون عن تسجيل انفسهم لدى مفوضية اللاجئيين خوفاً من وصول اللوائح الى النظام. فلا غطاء يحمي الان السوري في لبنان. والخوف يمنعهم من ايصال صوتهم الى السلطات الرسمية.
محمود النازح من ادلب مع ابناء عمه عملوا على ترميم احدى الشقق السكنية في بيروت بعدما اتفقوا مع صاحبها على بدل اتعابهم، الا ان المالك تراجع عن الاتفاق وهدد العمال باعادة نصف المبلغ الذي تقاضوه ولم يكتف بذلك بل استعان بشبان ينتمون الى احد الاحزاب هددوا محمود في شكل مباشر بانه «لن يكلفهم اكثر من رصاصة اذا لم يعيد وابناء عمه نصف المبلغ الذي تقاضوه علماً ان المبلغ لم يتجاوز بمجمله 300 دولار.
يقر عبد الساتر وهو شاب لبناني يعمل في المجال الفندقي بالمنافسة السورية غير المتكافئة للعمالة اللبنانية والتي كانت سبباً في الاستغناء عن خدماته اخيراً من المطعم الذي يعمل فيه لمصلحة عامل سوري «لا يسدد ضرائب للدولة ولا يستوجب تسجيله لدى الضمان الاجتماعي».
والسهولة في توفير عمالة بأسعار زهيدة تنطبق ايضاً على فتح اعمال في لبنان. ولا تعني فقط اقامة بسطة هنا او هناك انما تعني نقل اعمال بكاملها، كما هو حاصل في بيروت ومناطق بقاعية.
في الطريق الجديدة وشوارع متشعبة من شارع الحمرا في بيروت ترتفع آرمات مطاعم سورية مشهورة حتى للبنانيين الذين كانوا يقصدون دمشق. مطعم الفاروق، مطعم حبة مسك و «حبوباتي» وغيرها من محلات لبيع حلويات الشام وحتى الاقمشة والقطنيات. وأصحاب هذه الاعمال اما انهم اغلقوا اعمالهم في سورية لتعذر وصول العمال اليها من مناطق سكنهم او لوقوع هذه الاعمال في مناطق غير آمنة.
ويكتفي احد رجال الاعمال الذي رفض ذكر اسمه حرصاً على مصالحه في سورية وارزاقه ولانه مقتنع بان النظام لا يزال قوياً بالقول ان فتح عمل في لبنان سهل جداً والعمالة السورية متوافرة بدورها وهي عمالة معتمدة حتى في الاعمال اللبنانية. ويشير الى ان عدداً لا بأس به من رجال الاعمال السوريين نقلوا مصالحهم الى مصر ولا سيما الاعمال المتعلقة بالنسيج وصناعة الصابون لتدني التكاليف هناك، ونحن حاولنا الانتقال الى مصر قبل ان نفتح عملنا في بيروت لكن لبيروت نكهة اخرى لا تضاهيها الا الحياة في سورية.
رجل الاعمال نفسه يمنع الحديث في السياسة داخل مطعمه مثلما يمنع المحطات الاخبارية «فلا نريد وجع راس، وبالنهاية هذه بلدنا ويكفينا شمططة».
بوغدانوف أبلغ «حزب الله» تحفّظ موسكو عن مشاركته في القتال إلى جانب الأسد
بيروت – «الحياة»
كرر موفد الرئيس الروسي الى لبنان نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف أمس تأييد بلاده إعلان بعبدا الذي ينص على تحييد لبنان وسياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية. وقال رداً على الأسئلة عن مشاركة «حزب الله» في القتال في سورية: «إننا نتباحث في هذه المسائل مع شركائنا وأصدقائنا اللبنانيين ومع ممثلي حزب الله»، لكنه اعتبر أن «من الأفضل أن يبحث هذا الموضوع بين الأحزاب اللبنانية». وقال: «من خلال اتصالاتنا معه (الحزب) بذلنا جهوداً من أجل تجنب التدخل في الشأن السوري»، معلنا أن بلاده ترفض استخدام أراضي الدول المجاورة التدخل في الشؤون الداخلية في سورية.
والتقى بوغدانوف امس، في اليوم الثالث لزيارته بيروت، رئيس الحكومة المكلف تمام سلام ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة.
وعلى صعيد تأليف الحكومة الجديدة واصل سلام لقاءاته بعيداً من الأضواء، لكن «لا نتائج ملموسة» وفق قول مصادره من جهود معالجة العقبات بعد اجتماعه أول من أمس مع الوزير علي حسن خليل. وعلمت «الحياة» أن اجتماعاً سيُعقد اليوم بين ممثلي قوى 8 آذار لعرض حصيلة الاتصالات التي جرت الأسبوع الفائت مع الرئيس المكلف.
وإذ تمنى بوغدانوف أن يتمكن سلام من تأليف حكومته في سرعة، فإنه أشار الى أنه كلما طالت الأزمة في سورية تفاقمت الخلافات في الآراء في سورية وفي لبنان، في رده على سؤال عن تدخل «حزب الله» وتأثير الأزمة السورية في الداخل اللبناني. وعلمت «الحياة» أن الموفد الرئاسي الروسي أبلغ بعض من التقاهم أنه طرح على «حزب الله» موقف بلاده المتحفظ عن المشاركة في القتال في سورية وآثاره السلبية على الوضع اللبناني، من باب حرص موسكو على عدم تدخل الخارج في الأزمة السورية. إلا أن بوغدانوف لم يشر الى جواب «حزب الله». لكن الذين التقوه خرجوا بانطباع بأنه يميل الى الاعتقاد بأن قرار تورط الحزب ليس في يده.
وناقش السنيورة وأعضاء كتلة «المستقبل» مع بوغدانوف موقف موسكو الداعم للنظام السوري، فأكد وقوف بلاده مع حرية الشعب السوري وقيام دولة مدنية وتداول السلطة. إلا أن أعضاء في الكتلة أجابوه بأن السلاح الذي يملكه النظام من روسيا دفع ثمنه الشعب السوري من أجل استخدامه لتحرير الجولان، وليس من أجل قصف المدن السورية والقرى والتجمعات السكنية بالراجمات وصواريخ «سكود» وغيرها. وطالب هؤلاء بأن تسعى روسيا الى التوافق في مجلس الأمن لوقف الحرب المدمرة في سورية عبر موقف الضغط على النظام. وأثار الموفد الروسي في المقابل تسليح أطراف خارجية للمعارضة، مشيراً الى مثل ليبيا، حين أوقفت القيادة الروسية إعطاء الزعيم الراحل معمر القذافي السلاح، لكن الدول الغربية سلّحت المعارضين… ولفت الى أن لا صيغة واضحة لدى الأميركيين والغربيين حول النظام البديل في حال تغيير نظام الأسد. وتحدث عن لقاءات القيادة الروسية مع المعارضة السورية وغضب الأسد من ذلك. وعرض مخاوف بلاده من أن سقوط الأسد قد يؤدي الى استمرار الاحتراب الداخلي «ولذلك ندعو الى الحوار لأنه وحده الذي يحدد البديل وقيام نظام جديد». وبرر استمرار إعطاء السلاح للنظام بوجود اتفاقات سابقة معه.
وقالت مصادر «المستقبل» لـ «الحياة» إن السنيورة طلب من بوغدانوف مساعدة بلاده في تثبيت حق لبنان في الـ865 كيلومتراً مربعاً في البحر المتنازع عليها مع إسرائيل. وشرح له أن هذه المنطقة ضمتها إسرائيل الى المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها نتيجة خطأ حصل في ترسيم الحدود البحرية بين قبرص وإسرائيل بعد أن كان متفقاً أن يتم الترسيم في شكل ثلاثي عندما تسمح الظروف، فوعد بوغدانوف بدراسة الأمر.
على صعيد آخر، رجحت مصادر «جبهة النضال الوطني» النيابية أمس لـ «الحياة» أن يتأخر جواب رئيسها النائب وليد جنبلاط على اقتراح جديد قدمه إليه رئيس البرلمان نبيه بري في شأن مشروع قانون انتخاب مختلط، الى غد الاثنين نظراً الى استمرار فريق عمل بدراسة الاقتراح. وهو يقوم على الآتي:
1 – انتخاب 45 في المئة (أو 40 في المئة) من النواب على النظام النسبي في دوائر موسعة تقسم الى 9 محافظات، أو اعتماد عدد الـ13 محافظة الذي نص عليه مشروع قانون الحكومة للانتخاب، مع جعل قضاءي الشوف وعاليه محافظة واحدة.
2 – انتخاب 55 في المئة من النواب على النظام الأكثري في 26 دائرة صغرى هي الـ26 قضاء القائمة حالياً، لكن على أساس الصوت الواحد لمرشح واحد الذي كان اقترحه بعض الفرقاء، على أن يعتمد النظام الأكثري فقط دون النظام النسبي.
وقالت الأوساط التي اطلعت على هذا الاقتراح إنه فكرة قدمها بري الى جنبلاط في لقائهما أول من أمس فطلب الأخير مهلة لدراسته لأنه لم يسبق أن سمع به، وأنه ليس مشروعاً متكاملاً بعد، لكنه يشبه خلط الزيت بالمياه وفيه صعوبة في التطبيق لأنه يفرض على الناخب أن يقترع وفق 3 مفاهيم، النسبي والأكثري والصوت الواحد لمرشح واحد، ما يعني أنه يجب تقسيم المرشحين في الدوائر الى من هم مرشحون على مفهومي النسبي والأكثري ثم على الاقتراع لمرشح واحد. وذكرت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي أنه ما زال يدرس هذه الفكرة.
“الائتلاف” يؤكد سقوط صواريخ تحمل غازات سامة في داريا
ودمشق تصف الاتهامات الاميركية بأنها “محض افتراء”
وصفت امس دمشق التصريحات الاميركية حول استخدام النظام السوري أسلحة كيميائية بأنها “محض افتراء”، وقت جددت المعارضة اتهام النظام باطلاق صواريخ “تحمل رؤوسا تحتوي على غازات سامة” سقطت في وسط مدينة داريا.
وقال وزير الاعلام السوري عمران الزعبي في حديث الى تلفزيون “روسيا اليوم”: “استطيع ان اؤكد ان كل ما قاله الوزير الاميركي (وزير الدفاع تشاك هيغل) والحكومة البريطانية يفتقد الصدقية وهو محض افتراء واسلوب جديد من الضغط السياسي والاقتصادي على سوريا”. وشدد على ان هذا الكلام “مفبرك ومزور”.
واضاف الزعبي الذي يزور موسكو ، بحسب مقطع صوتي منشور على الموقع الالكتروني للتلفزيون: “اود ان اشدد مجددا على ان سوريا، لو كانت لديها اسلحة كيميائية، لن تستخدمها، ليس فقط لانها تحترم الاعراف الدولية وقواعد الحرب، بل لاعتبارات انسانية واخلاقية”.
ووجه الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة تحذيرا جديدا الى سوريا من ان استخدام اسلحة كيميائية يمكن ان يؤدي الى “تغيير قواعد اللعبة”، واعدا باجراء تحقيق جدي حول المعلومات عن استخدام النظام لهذه الاسلحة ضد معارضيه.
ورفضت دمشق استقبال فريق التحقيق الدولي الذي شكل في آذار بعدما طلب الامين العام للامم المتحدة بان – كي مون ان يسمح له بالتنقل على كل الاراضي السورية، بينما تريد السلطات السورية منه ان يحقق فقط في عملية سقوط صاروخ قالت انه يحمل سلاحا كيميائيا في بلدة خان العسل في ريف حلب.
وذكر الزعبي في حديثه الى “روسيا اليوم” بان سوريا هي التي طلبت “رسميا” من الامم المتحدة التحقيق في حادثة خان العسل “التي استخدمت فيها المجموعات الارهابية المسلحة مادة كيميائية ما”. ووصف هذا الطلب بانه “مسؤول وشجاع، ويعبر عن سياسة سوريا تجاه كل هذا النوع من الاسلحة سواء كانت لدى المجموعات المسلحة او لدى الاسرائيلي او لدى اي دولة مجاورة”.
الا انه اكد ان الحكومة السورية “لا تثق على الاطلاق بالاميركيين والبريطانيين لا بالمعنى السياسي ولا بمعنى الخبرات ولا بمعنى الاهداف المرجوة من هذا الافتراء”، مرحبا في المقابل بحضور خبراء من روسيا “الصديقة”.
وركز على السابقة العراقية، متهماً القوى الغربية الكبرى بأنها تريد ان تكرر في سوريا “السيناريو العراقي” الذي ادى الى اسقاط الرئيس الراحل صدام حسين بذريعة وجود اسلحة نووية في العراق.
اتهام جديد
ميدانيا، قتل عشرة اشخاص امس في قصف مصدره القوات النظامية على مدينة دوما في ريف دمشق، وقت تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين الذي كانت تسيطر عليه القوات النظامية شمال حلب، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
ونقل “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” في بيان اصدره عن المجلس المحلي لداريا ان صواريخ “تحمل رؤوسا تحتوي على غازات سامة” سقطت في وسط المدينة الخميس والجمعة، وان “سحابة غازية كبيرة نتجت من انفجار تلك الصواريخ”.
واشار البيان، نقلا عن المجلس المحلي لداريا، الى ان الصواريخ تسببت “بوقوع 42 حالة اختناق ترافقت مع حساسية شديدة وحالات قيء حادة”.
واوضح ان ناشطين اعدوا “تقارير موثقة بالأفلام والصور” عن الحادث الذي ادى ايضا الى “نفوق الكثير من الحيوانات”.
ورأى “الائتلاف” في ذلك “تأكيداً لإصرار النظام على استخدام السلاح الكيميائي ضد المدن والقرى السورية التي استعصت بثبات أبنائها واصرارهم على الحرية”. ودعا المجتمع الدولي الى “ارسال فرق من الخبراء لجمع عينات لتحليل ما استخدمته قوات النظام ضد المدنيين”، والى “رد جدي وخطوات عملية تضع حدا لجرائمه”.
الجيش السوري الحر يُفجر “بركان حوران” في درعا
وكالات
سيطر الجيش الحر على مواقع عسكرية مهمة تابعة للنظام السوري في درعا قرب الحدود مع الأردن. وأطلق الجيش الحر “اسم بركان حوران” على عملياته في درعا التي أتت ردًا على أعمال العنف التي ترتكبها قوات الأسد ضد السوريين.
بيروت: أطلق الجيش الحر أمس السبت عملية “بركان حوران” التي تهدف إلى السيطرة على المراكز العسكرية المهمة في درعا قرب الحدود مع الأردن. وأعلن مقاتلون معارضون أنهم سيطروا على معظم المواقع العسكرية المهمة في درعا منذ إطلاق العملية التي تأتي ردًا على عنف نظام الأسد.
وقالت المعارضة ان اشتباكات حصلت أمس بين كتائب المعارضة وقوات النظام في بلدة النعيمة في ريف درعا، في وقت قصف الجيش الحر كتيبة الرادار في البلدة ضمن معركة “بركان حوران”.
وكان الجيش الحر سيطر على بلدة داعل في ريف درعا وعلى مقار عسكرية وعلى شريط يقع على طول الحدود بين سوريا والأردن، الأمر الذي قابله النظام بتكثيف الغارات الجوية في الأسابيع الأخيرة. كما كثف عملياته في الغوطتين الغربية والشرقية لقطع خطوط الإمداد بين دمشق ودرعا. وسيطر الجيش النظامي على بلدة العتيبة قبل يومين.
هذا وقتل عشرة اشخاص السبت في قصف مصدره القوات النظامية على مدينة دوما في ريف دمشق، في وقت تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين، الذي كانت تسيطر عليه القوات النظامية شمال حلب، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال المرصد إن عشرة اشخاص هم طفل وتسعة رجال قتلوا في مدينة دوما شمال شرق العاصمة نتيجة قصف من القوات النظامية. في الوقت نفسه، افاد المرصد عن قصف بالمدفعية والدبابات والغارات الجوية على مناطق عدة في ريف دمشق.
واستمر القصف لليوم الثالث على التوالي على حي برزة في شمال دمشق الذي شهد الجمعة “أعنف الاشتباكات” في العاصمة منذ بدء الاضطرابات في سوريا قبل اكثر من سنتين، بحسب المرصد السوري. وبحسب سكان في برزة فروا حديثًا من الحي، فإن المنطقة باتت مقسومة بين القوات النظامية والمجموعات المقاتلة المعارضة.
وقال المرصد إن ستة عناصر من القوات النظامية قتلوا في قصف من مواقع مسلحي المعارضة على المناطق التي تتمركز فيها قوات النظام في برزة. وبلغ عدد القتلى في دمشق وريفها السبت 32 قتيلاً، بحسب حصيلة اولية للمرصد الذي يقول إنه يعتمد، للحصول على معلوماته، على شبكة واسعة من المندوبين والمصادر الطبية في كل سوريا.
واستمرت السبت الاشتباكات في مدينة داريا التي تحاول القوات النظامية السيطرة عليها بشكل كامل منذ اشهر. ونقل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان اصدره السبت عن المجلس المحلي لداريا أن صواريخ “تحمل رؤوسًا تحتوي غازات سامة” سقطت في وسط المدينة الخميس والجمعة، وأن “سحابة غازية كبيرة نتجت عن انفجار تلك الصواريخ”.
واشار البيان، نقلاً عن المجلس المحلي لداريا، الى أن الصواريخ تسببت “بوقوع 42 حالة اختناق ترافقت مع حساسية شديدة وحالات قيء حادة”. واوضح أن ناشطين اعدوا “تقارير موثقة بالأفلام والصور” حول الحادث الذي ادى ايضًا الى “نفوق الكثير من الحيوانات”.
ورأى الائتلاف في ذلك “تاكيدًا على اصرار النظام على استخدام السلاح الكيميائي ضد المدن والقرى السورية التي استعصت بثبات أبنائها واصرارهم على الحرية”. ودعا الائتلاف المجتمع الدولي الى “ارسال فرق من الخبراء لجمع عينات لتحليل ما استخدمته قوات النظام ضد المدنيين”، والى “رد جدي وخطوات عملية تضع حدًا لجرائمه”.
في حلب (شمال)، افاد المرصد عن “سيطرة مقاتلين من عدة كتائب مقاتلة على مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين عند مدخل حلب الشمالي” بعد معارك تستمر منذ اشهر وتهدأ وتعنف بحسب الهجمات التي يشنها الطرفان.
وشهد اليوم محيط مطار كويرس العسكري في ريف حلب معارك عنيفة، ونفذ الطيران الحربي غارات على محيط المطار، حيث مواقع المقاتلين المعارضين. وقُتل في المواجهات حول كويرس، بحسب المرصد، قائد ميداني لمجموعة مقاتلة وستة جنود نظاميين.
وشملت الغارات الجوية اليوم مناطق أخرى في حلب (شمال) واللاذقية (غرب) ودرعا (جنوب) والحسكة (شمال شرق) وادلب (شمال غرب). وبلغت الحصيلة الاولية للضحايا الذين سقطوا السبت في اعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا 63 قتيلاً.
http://www.elaph.com/Web/news/2013/4/808568.html
“شاي لأجل سوريا” حملة بلجيكية تناضل ضد لعنة “الأيدي الخطأ”
أ. ف. ب.
أطلق بلجيكيون مدنيون حملة إنسانية لجمع التبرعات للمنكوبين السوريين، مستعينين بشخصيات بلجيكية مؤثرة لدعمها، إلا أن الحماسة تجاهها بدت فاترة، بعدما بات البلجيكيون لا يرون في الصراع السوري إلا المتطرفين دينيًا ويتخوفون من وصول أموالهم إلى هؤلاء الجماعات.
بروكسل: يسعى منظمو حملة وطنية لمساعدة السوريين، انطلقت أمس في بلجيكا، إلى تشجيع أبناء هذا البلد، المتخوفين من وصول المساعدات إلى المجموعات المتطرّفة، عبر التبرع، وذلك تحت شعار “شاي لأجل سوريا”، باعتباره عادة اجتماعية سورية ترمز إلى جلسات الألفة العائلية.
وبدأت الحملة بفعاليات “يوم عمل وطني” لجمع التبرعات، عبر نشاطات للمؤسسات الخيرية، إضافة إلى مبادرات فردية وأهلية، واكبتها تغطية كثيفة من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، كما خصصت بعض الصحف نصف مبيعاتها في هذا اليوم للتبرع”.
حماسة فاترة
لكن هذه الحملة لم تجمع في اليوم الأول أكثر من 600 ألف يورو، وهو ما يعكس عادة فتور الحماسة للتبرع، رغم الدعاية الكبيرة التي تصاحب الحملة.
يقول إيريك توتس، رئيس مؤسسة “12-12” البلجيكية المنظمة لهذه الحملة، إن حركة جمع التبرعات “بدأت أبطأ مما تخيّلنا”.
وتتمتع هذه المؤسسة “12- 12” بالثقة لدى البلجيكيين وبصورة إيجابية، إذ سبق أن نظمت حملات تبرع مشابهة حققت نجاحًا كبيرًا، مثل حملة مساعدة ضحايا زلزال “هايتي”، التي جمعت خلالها حوالي 25 مليون يورو، وقبلها حملة لضحايا “التسونامي” جمعت ما يقارب الـ 40 مليون يورو.
أضاف توتس لفرانس برس: “حتى قبل أن نبدأ عرفنا أنها ستكون حملة صعبة، لأنها تفتقد للميزات، التي ينبغي توافرها، لتكون الحملة ناجحة جدًا”.
السياسة معوق
وعزا توتس هذا الفتور إلى طبيعة الأزمة السورية باعتبارها “عسكرية وسياسية سببها الإنسان”، موضحًا “في هايتي والتسونامي كانت الأزمات بسبب الطبيعة، وجاءت بمشهدية صادمة مع آلاف الضحايا في لحظة واحدة”.
…والتطرف أيضًا عامل مؤخِّر
لكن هذا الفتور الأوّلي للتبرّع لا يعود فقط إلى طبيعة الصراع، فالبلجيكيون صاروا يرون الأزمة السورية عبر عنوان “المجاهدين الأجانب”، الذين يقاتلون مع المجموعات الإسلامية المتطرفة في المعارضة السورية المسلحة.
فوسائل الإعلام البلجيكية تنشر بإسهاب أخبار المقاتلين، الذين تحوّلوا إلى ظاهرة إعلامية، كما قامت الشرطة البلجيكية بحملة مداهمات وتوقيفات خلال هذا الشهر، استهدفت شبكة تجنيد المقاتلين المتطوّعين.
لمواجهة هذه الفكرة السلبية، عمل منظمو الحملة على التعريف بطبيعة الصراع، الذي خلف أكثر من 70 ألف قتيل، بحسب الأمم المتحدة، وجاء في الإعلان عنها أنها لمساعدة “ضحايا الحرب الأهلية في سوريا، حيث انتقل الربيع العربي إلى شتاء قاسٍ وطويل”.
كما استعانوا بشخصيات بلجيكية مؤثرة لدعمها، مثل الصحافي رودي فرانكس، الذي اشتهر في بلده بتغطية الصراعات الدولية للتلفزيون الوطني الناطق بالهولندية، بما فيها الأزمة السورية.
فرانكس أطلّ عبر العديد من وسائل الإعلام، وقال إنه يتفهم “عدم الثقة والتردد” من التبرّع خوفًا من وصوله إلى “متطرفين إسلاميين أو لشراء الأسلحة”، لكنه شدد على ما اعتبره جوهريًا، وقال: “يجب ألا نوجّه أنظارنا إلى الأيدي الخطأ، فهذه الحملة تركز على الأيدي الجيدة”، مضيفًا “إن 95 في المئة من السوريين يحتاجون مساعدة، وهم الذين تضرّروا، ولا يريدون هذا القتال والمعاناة”.
دعم الضحايا فقط
وكانت الأمم المتحدة أعلنت أن نحو أربعة ملايين تشرّدوا داخل وخارج سوريا بسبب الصراع، وأن هناك نقصًا كبيرًا في الوفاء بالتعهدات المالية، التي تلقتها للمساعدة، بعدما وصلت إلى 1.5 مليار دولار. الممثل الكوميدي البلجيكي الشهير غيرت هوستا دعم أيضًا الحملة، مشددًا على أنها تهدف إلى مساعدة “الضحايا فقط”.
ما يحدث في بلجيكا يمثل عيّنة من نظرة الرأي العام الغربي إلى الصراع في سوريا، والأثر السلبي البالغ، الذي أحدثته المجموعات المتطرفة المسلحة في المعارضة، بعدما تحوّلت الثورة السورية من تحرك سلمي إلى صراع مسلح، جراء العنف الدموي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
شاي لسوريا
لكن رغم ذلك، يقول رئيس المؤسسة المنظمة للحملة إنها “بطيئة، لكن ليست مخيّبة للآمال”، متحدثًا عن شعار “شاي لأجل سوريا”، الذي وجدوه بمثابة المنقذ، قبل أن يصير عنوانًا للتحرك، ويضيف “أخيرًا أمكننا الخروج من النقد والمناخ السلبي”.
وبالفعل أحدث هذا الرهان خرقًا مباشرًا، حيث جاءت الاستجابة للمبادرة عبر مبادرات شخصية. وانتشرت مثلاً قصة أربع صديقات، اخترن دعم الحملة، عبر إعداد الشاي وبيعه للمسافرين في القطار الذي يركبنه يوميًا إلى عملهن.
منظمو الحملة سيركزون على تشجيع هذا النمط من المبادرات الأهلية حتى نهاية حزيران/يونيو المقبل، موعد انتهاء الحملة، التي يمكن أن تمدد بحسب تطورات الوضع السوري، كما قالوا، وربما يمدد أيضًا تلقي التبرعات على الحساب المصرفي حتى ما بعد نهاية 2013.
http://www.elaph.com/Web/news/2013/4/808468.html
«الحر» في القصير يعرض تسليم جثة قيادي في حزب الله مقابل أسرى
المجلس المحلي في حلب يحدد موعد امتحانات الشهادتين الثانوية والإعدادية
بيروت – لندن: «الشرق الأوسط»
استمرت الاشتباكات العنيفة أمس، بين القوات النظامية وكتائب «الجيش السوري الحر» في أحياء مختلفة من العاصمة السورية دمشق، وتركزت في حيي جوبر وبرزة، شرق وشمال العاصمة. وبحسب النقيب علاء الباشا، الناطق باسم لواء سيف الشام، فإن «هذين الحيين لهما أهمية كبيرة بالنسبة للمعارضة بسبب قربهما من مركز العاصمة». ونفى الباشا في اتصال لـ«الشرق الأوسط» جميع المعلومات التي تحدثت عن سيطرة الجيش النظامي على مدينة داريا القريبة من مطار المزة العسكري، مشيرا إلى أن «المدينة لا تزال تحت سيطرة مقاتلي المعارضة والجيش النظامي يوجد على أطرافها فقط عند حدود المتحلق الجنوبي وبساتين الصبرا».
وقالت شبكة «شام» إن «اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجيشين الحر والقوات النظامية في حي القدم بدمشق بعد أن نصبت إحدى كتائب الجيش الحر كمينا لقوة من عناصر النظام واستهدفتهم». من ناحية أخرى، ذكر اتحاد التنسيقيات أن قوات النظام قصفت حي برزة بصواريخ أرض – أرض لليوم الثاني على التوالي، مما أوقع قتلى وجرحى ودمر عددا من المنازل، وسبب حركة نزوح للأهالي. وفي موازاة معارك دمشق، طالب مقاتلو «الحر» في مدينة القصير في حمص، وسط سوريا، بإطلاق سراح رفاق سلاح لهم أسرى لدى حزب الله اللبناني، و50 معتقلا في سجون نظام الرئيس بشار الأسد، لقاء تسليم جثة قيادي في حزب الله قتل في معركة تل النبي مندو.
وأظهر تسجيل مصور تناقلته مواقع الثورة الناشط هادي العبد الله بجانب جثة، وهو يقول: «العالم يطالبنا بتقديم دليل على تورط حزب الله اللبناني في المعارك في القصير، وهذه جثة أبي علي رضا وحزب الله وأهله يعرفونه».
وعرض العبد الله قلادة معدنية وجدت مع الجثة وعليها الرمز «A pos 9646» مدعيا أنه الرقم الحزبي لقيادي في حزب الله اللبناني، وهو صلاح حسين حبيب المعروف باسم أبي علي رضا، والذي نعاه الحزب منذ عدة أيام. كما ظهر في نفس الفيديو أحد المقاتلين من الذين قاموا بسحب الجثة، وهو يقول إنه تم قتل أكثر من 25 مقاتلا من حزب الله في معارك القصير.
ولم يتم التأكد من صحة هذا الرقم أو هوية الجثة من مصادر مستقلة، إلا أن ناشطي الثورة في القصير نشروا قائمة بأسماء 6 قتلى للحزب، في وقت لا تزال فيه الاشتباكات متواصلة في القصير ما بين كر وفر بعد تمكن قوات النظام بالمشاركة مع مقاتلين من حزب الله من السيطرة على 9 قرى.
ميدانيا أيضا، تحول احتمال استخدام نظام الرئيس بشار الأسد لأسلحة كيماوية لسحق معارضيه إلى هاجس يقض مضاجع السوريين الذين باتوا يبحثون في الشبكة العنكبوتية عن الطرق المثلى لتصنيع أقنعة واقية من الغازات السامة والسلاح الكيماوي. وباتت مواقع الثورة السورية تزدحم بأشرطة الفيديو «التوعوية» التي تبين كيفية صنع قناع واق باستخدام مواد بسيطة كعبوات العصير البلاستيكية والفحم الأسود والقطن المغمس بمشروب غازي.
ويسود الشارع السوري حالة من الترقب لما سيتمخض عن إقرار الولايات المتحدة باستخدام نظام الأسد لـ«الكيماوي» رغم اعتباره خطا أحمر من قبل واشنطن. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد وجه أول من أمس تحذيرا جديدا لنظام دمشق من أن استخدام أسلحة كيماوية يمكن أن يؤدي إلى «تغيير قواعد اللعبة»، واعدا بإجراء تحقيق جدي حول المعلومات عن استخدام الأسد لهذه الأسلحة ضد معارضيه.
إلى ذلك، أعلن «الحر» أمس البدء بمعركة «بركان حوران» في مدينة درعا، جنوب سوريا، حيث شنت كتائبه هجمات متفرقة على مواقع عسكرية تابعة للقوات النظامية. وقال مصدر في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إن العملية شملت استهداف كتيبة الإشارة قرب بلدة النعيمة، والسرية 4 قرب مطار ثعلة العسكري، وكتيبة الدفاع الجوي قرب بلدة صيدا، إضافة إلى قصف ملعب البانوراما في قلب درعا.
وأفاد ناشطون باندلاع اشتباكات عنيفة صباح أمس، بين كتائب الجيش الحر والقوات النظامية في بلدة النعيمة بريف درعا، بينما قال مركز «صدى» الإعلامي إن الجيش الحر قصف بالصواريخ كتيبة الرادار التابعة للقوات النظامية. كما أشار المركز إلى «اشتباكات جرت بين الطرفين في محيط كتيبة الخضر بين بلدتي عتمان وداعل».
وفي سياق معركة المطارات التي تخوضها المعارضة السورية المسلحة لتحييد سلاح الجو النظامي في الصراع، تمكن «الحر» أمس من السيطرة على سرية الدفاع الجوي في مطار «كويرس» العسكري وأسر العناصر التي كانت توجد فيها، بعد مواجهات عنيفة. وقال ياسر النجار عضو مجلس قيادة الثورة في حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن «المطار سيكون قريبا في قبضة الجيش الحر لكن المعارك التي تحصل حاليا تهدف إلى تنظيفه من بقايا القوات النظامية»، مشيرا إلى «تقدم ملحوظ لمقاتلي المعارضة في حرب تحرير مطارات حلب».
وفي خطوة جديدة في مساعيها لـ«محو آثار النظام» في المناطق المحررة، حدد مكتب التربية والتعليم في المجلس المحلي لمدينة حلب يوم 15 يونيو (حزيران) موعدا لإجراء امتحانات الشهادتين الثانوية والإعدادية في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر، على الرغم من إدراك المعارضة صعوبة الاعتراف بهذه الامتحانات.
وأوضح المجلس في بيانه أنه «سيتم الاعتراف بهذه الشهادة من قبل الحكومة السورية المقبلة، كما سيتم معادلتها مع جمهورية مصر العربية»، مشيرا إلى «إجراء دورات مكثفة للشهادتين الثانوية بفرعيها العلمي والأدبي وشهادة التعليم الأساسي (الإعدادية) لامتحانات الدورة القادمة التي سيقوم المجلس بتنظيمها بنفسه في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر»، موضحا أن «الدورات ستكون مجانية، وعلى الراغبين بالتسجيل مراجعة مكتب التربية في مجلس المدينة وذلك لتقديم الطلبات».
الأحزاب الكردية السورية تتقاذف الاتهامات وتقاطع اجتماع «الهيئة الكردية العليا»
رئيس إقليم كردستان يسعى لرأب الصدع بينها
أربيل: شيرزاد شيخاني
باءت مساعي رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، لرأب الصدع بين مجلس «شعب غرب كردستان» من ناحية، و«المجلس الوطني الكردي» من ناحية أخرى، بالفشل، إذ رفضت بعض أحزاب «المجلس الكردي» حضور اجتماع اليوم، معللة ذلك باستئثار «شعب غرب كردستان» بجميع مفاصل الحياة في المناطق السورية ذات الكثافة السكانية الكردية، في مخالفة واضحة لاتفاقية «هولير».
وتنص اتفاقية «هولير»، الموقعة في شهر سبتمبر (أيلول) العام الماضي، على تقاسم سلطة المناطق الكردية الخارجة عن سلطة نظام الرئيس بشار الأسد بين مجلس «غرب كردستان» و«الوطني الكردي»، لكن الأخير يتهم الأول بتشكيل قوات عسكرية خاصة به، بالإضافة إلى محاكم وشرطة، الأمر الذي يقلص قدرة «الوطني» ويهمش دوره في إدارة هذه المناطق.
وفي تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، قال علي شمدين، عضو قيادة «الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي»، الذي يتزعمه عبد الحميد درويش، إن «الحزب قرر مقاطعة اجتماع بارزاني، وأصدر بيانا بهذا الشأن أورد فيه إلى أسباب المقاطعة، ولخص شمدين الأسباب بثلاثة نقاط؛ أولها، أن مثل هذه الدعوات تكررت من قبل لمرات كثيرة، وفي كل مرة لم تستطع أحزاب الحركة إيجاد الحلول لمشاكلها، بل كانت الأوضاع تزداد تعقيدا. وثانيا، أن مثل هذه الزيارات لأربيل خلقت أجواء من عدم الثقة بين أحزاب (المجلس الوطني الكردي) نتيجة لحدوث انقسام داخلي بين هذه الأحزاب، وخاصة إعلان الاتحاد السياسي بين 4 من أحزاب المجلس، مما عمق من حالة الشرخ في (المجلس الوطني الكردي). وأخيرا، فإن الحل الحقيقي في تصورنا يكمن في أن تبادر أحزاب (المجلس الوطني الكردي) إلى إيجاد حلول لمشاكلها في الداخل وكذلك التزام المجلسين (اتفاقية هولير) وتنفيذ بنودها».
وأضاف شمدين أن «المشاكل الداخلية بين الأحزاب الكردية السورية تراكمت وكبرت، ويبدو أنه لا آفاق لحلها، فهناك بعض أطراف (المجلس الوطني الكردي) تستقوي بقيادة إقليم كردستان. وفي مثل هذه الظروف نحن ننتظر من قيادة إقليم كردستان دعما لتفعيل دور الهيئة الكردية العليا لكي تتمكن من أداء دورها السياسي على الساحتين الكردية والسورية، وألا تدعم طرفا ضد آخر، وأن تقف على مسافة واحدة من الجميع، وأن يكون دورها محايدا وليس مناصرا لهذا الطرف أو ذاك».
وبسؤاله عن الأنباء التي تتحدث عن وجود نوع من التفاهم بين حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» (بي واي دي)، الموالي لحزب العمال الكردستاني، وأحزاب «المجلس الوطني الكردي» لتقاسم السلطة بالداخل، قال عضو قيادة «الحزب التقدمي الديمقراطي» إن «المشكلة تكمن ها هنا، فإذا كنا شركاء فيجب أن نتقاسم السلطة، ولكن لا تنجح أي شراكة بغياب أحد الشركاء أو تهميشه وإقصائه، وهذا ما نشعر به حاليا»، داعيا «المجلس الوطني الكردي» لحل مشاكل أحزابه قبل حضور اجتماعات قيادة الإقليم.
ويؤيد حديث شمدين ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي في إقليم كردستان الدكتور جعفر عكاش الذي قاطع حزبه أيضا اجتماع قيادة الإقليم المقرر أن يعقد اليوم، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ليست لدينا أي مشكلة مع أحزاب (المجلس الوطني)، بل تلك الأحزاب لديها مشاكل فيما بينها، فإذا أرادوا فعلا شراكة حقيقية معنا، فيفترض أن يحلوا مشاكلهم أولا، ثم يأتوا يتحدثوا عن الشراكة، ونحن أيضا نريد تفعيل الهيئة الكردية العليا ونعتبرها الإطار الجامع، ولكننا لن نقبل بفرض إدخال أحزاب وجماعات مرفوضة من الشارع الكردي إلى إطار تلك الهيئة، مثل حزب (آزادي) الذي يقوده مصطفى جمعة، إذ إن هناك دعوات داخل المناطق الكردية بسوريا لمحاكمته، فكيف نسمح له بأن يدخل إلى الهيئة العليا؟».
وحول ما إذا كان حزبه على استعداد فعلا لتقاسم السلطة مع أحزاب «المجلس الوطني»، أجاب عكاش: «نعم، نحن مستعدون لذلك، ولا نريد احتكار السلطة وحدنا، نحن نعرف أن هناك أحزابا أخرى، وبالأساس عندما شكلنا الهيئة الكردية العليا كنا نطمح إلى أن تكون عاملا لوحدة الصف، ولكن المشاكل التي تعانيها أحزاب ذلك المجلس باتت تعرقل أعمالنا، فإذا جرى تفعيل الهيئة العليا، وانتهت المشاكل الداخلية لتلك الأحزاب عندها نحن مستعدون للتجاوب مع كل مسعى يهدف إلى تفعيل دور الهيئة العليا وتحقيق الشراكة الحقيقية».
مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: لقاء كيري ولافروف «لم يحقق أي اختراق»
الاتحاد الأوروبي يتجنب التعليق على التجاذبات داخل الائتلاف
باريس: ميشال أبو نجم بروكسل: عبد الله مصطفى
وفقا لمصادر فرنسية مطلعة فإن اللقاء الذي جمع الأسبوع الماضي بين وزيري خارجية الولايات المتحدة جون كيري، وروسيا سيرغي لافروف، على هامش اجتماعات حلف شمال الأطلسي في العاصمة البلجيكية بروكسل، «لم يحدث أي اختراق في حائط الأزمة السورية».
وبحسب ما أسر به كيري لمسؤولين لفرنسيين خلال اتصالات هاتفية معهم، فإن مناقشاته الانفرادية مع لافروف لم تفضِ إلى أي نتيجة إيجابية «ملموسة»، ما جعلهما يؤكدان خلال المؤتمر الصحافي على الحاجة إلى تحقيق تقدم على المسار السياسي وفق «بيان جنيف» الصادر عن مجموعة العمل الخاصة بسوريا في يونيو (حزيران) العام الماضي، والذي يبدو أن الجميع راغب في العودة إليه في الوقت الحاضر.
غير أن الاختلاف ما زال قائما على تفسيره، وتحديدا فيما يتعلق بمصير الرئيس بشار الأسد، إذ تعتبر المعارضة، مدعومة بذلك من العواصم الغربية والعربية، أن لا مكان له في المرحلة الانتقالية، بينما تشدد موسكو على أن مصيره «يقرره الشعب السوري».
وقالت مصادر رسمية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن «المفاوضات مع موسكو تراوح مكانها»، وتحديدا في موضوع إقامة «لائحة» من الشخصيات السورية من المعارضة والنظام وهو الاقتراح الذي طرحه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما في موسكو في الأول من مارس (آذار) الماضي.
وتبدو باريس اليوم «محبطة» من الانقسامات التي ما زالت المعارضة السورية تتخبط فيها بعد استقالة رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب و«التحفظ» الذي واجه الرئيس «المكلف بالإنابة» جورج صبرا، فضلا عن تشتت المعارضة المسلحة وعجزها حتى الآن عن تشكيل جبهة موحدة. غير أن «الطامة الكبرى» بالنسبة لفرنسا تمثلت في إعلان جبهة النصرة مبايعتها لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، ما دفع الخارجية الفرنسية إلى القول إنها «لا تمانع» في إحالة موضوع النصرة إلى مجلس الأمن الدولي، وتحديدا إلى لجنة العقوبات الخاصة بـ«القاعدة».
وفي هذا الصدد رفض مايكل مان المتحدث باسم كاثرين أشتون منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي التعليق على ما يجري داخل الائتلاف من تجاذبات بين الخطيب والمعارضين له، وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس من شأني التحدث في هذا، والاتحاد الأوروبي موقفه واضح في العمل على توفير الدعم لهم، كما أن الاتحاد يدعم عمل الأخضر الإبراهيمي، وسبق أن دعمنا الخطيب في دعوته للحوار من أجل الوصول إلى حلول للوضع الحالي».
وأفادت مصادر فرنسية أخرى لـ«الشرق الأوسط» بأن هناك «حاجة ملحة» للمعارضة من أجل أن ترص صفوفها، إن أرادت أن تطرح نفسها «بديلا جديا» للنظام القائم.
وبحسب باريس، فإن المعارضة تعاني من «غياب رؤية واضحة» لنوعية العلاقة التي يتعين قيامها بين الائتلاف من جهة، والحكومة العتيدة التي يجهد رئيسها المكلف غسان هيتو في تشكيلها. وتأمل باريس أن ينجح الائتلاف في اجتماع هيئته العامة مطلع شهر مايو (أيار) في التوافق على رئيس جديد له، وعلى «توضيح» المسائل الخلافية، وتحديد شكل العلاقة بين السلطة السياسية والقيادة العسكرية المتمثلة برئيس أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس.
الحر يتقدم بدرعا واشتباكات بإدلب ودمشق
بالتزامن مع سقوط أربعين قتيلا
أعلن الجيش السوري الحر أنه سيطر على كتيبتي الدفاع الجوي والرادار وسرية الإشارة في بلدة النعيمة بريف درعا، وقال ناشطون إن الثوار اقتحموا مطار أبو الظهور قرب إدلب وسيطروا على جزء منه، يأتي هذا وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان سقوط نحو أربعين قتيلا اليوم الأحد.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن الجيش الحر يُحكم حصاره أيضا على كتيبة الخضر، كما بدأ في حصار اللواء الرابع والثلاثين مدرع التابع للفرقة التاسعة وقسم الأمن العسكري في المنطقة، وذلك في إطار ما سماها الجيش السوري الحر معركة “بركان حوران”.
في هذه الأثناء وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ليوم الأحد سقوط أربعين قتيلا في محافظات سورية مختلفة، معظمهم في حلب، بينهم ستة أطفال وأربع سيدات و 18 قتيلا من الثوار المسلحين.
وقالت الشبكة إن القتلى موزعين على حلب التي قتل فيها 13 شخصا، وإدلب ودرعا حيث قتل سبعة أشخاص في كل منهما، بالإضافة إلى خمسة قتلى في دمشق وريفها وثلاثة في الرقة واثنان في حمص ومثل ذبك في حماة.
وقالت شبكة شام الإخبارية إن الطيران المروحي قصف بالبراميل المتفجرة قرية كدين بريف اللاذقية. كما شهدت مدينة حمص قصفا عنيفا من قبل طائرات النظام استهدف مزارع حي الوعر.
وقصف الطيران الحربي بلدة أبو الظهور بإدلب وسط اشتباكات عنيفة داخل مطار أبو الظهور العسكري بين الجيش الحر وقوات النظام، كما تعرضت بلدة جوزيف بجبل الزاوية لقصف مدفعي.
وفي ريف درعا قصف الطيران الحربي بلدة النعيمة، وشهد محيط مفرزة الأمن العسكري في بلدة المسمية وفي محيط اللواء 34 اشتباكات عنيفة، وسط قصف بالمدفعية الثقيلة على محيط مناطق الاشتباك.
في هذه الأثناء، قصفت مقاتلات حربية سورية مواقع داخل مطار كويرس قرب حلب، عقب سيطرة الثوار على أجزاء منه.
وكان الجيش الحر أعلن أنه سيطر صباح أمس على مقر كتيبة الدفاع الجوي المكلفة بحماية المطار، ثم واصل اقتحامه المطار الذي شهد اشتباكات عنيفة.
قصف واشتباكات
من ناحية أخرى، أفادت شبكة شام -في بيان تلقت الجزيرة نسخة منه- بوقوع قصف بالمدفعية وقذائف الهاون على حي برزة في العاصمة دمشق، وسط اشتباكات عنيفة في محيط الحي، كما انفجرت عبوة ناسفة بسيارة في منطقة مساكن الحي.
وفي ريف دمشق، قصف الطيران الحربي مدن داريا ومعضمية الشام وبلدة العبادة، كما تعرضت مدن وبلدات دروشا وزملكا ويبرود والغوطة الشرقية لقصف عنيف بالمدفعية الثقيلة، في حين شهد طريق الأوتوستراد الدولي قرب جسر النبك اشتباكات عنيفة.
وفي حمص قصفت قوات النظام بالمدفعية وقذائف الهاون أحياء حمص المحاصرة وبساتين حي الوعر، وتعرضت بلدة الدار الكبير بريف حمص لقصف بقذائف الهاون.
وفي حلب تعرضت أحياء بعيدين ومساكن هنانو لقصف بالمدفعية، في حين دارت اشتباكات عنيفة في مطاري كويرس العسكري ومنغ العسكري بين الجيش الحر وقوات النظام.
وفي ريف اللاذقية، تعرضت قرى عين القنطرة وشلف وعكو لقصف عنيف براجمات الصواريخ، كما قصف الطيران المروحي مصيف سلمى.
سوريا.. استمرار معارك “المطارات“
أبوظبي – سكاي نيوز عربية
تستمر معارك “المطارات” العسكرية الأحد في مدن سورية عدة في محاولة للجيش الحر الاستيلاء عليها، في وقت قصف الطيران الحربي مدينة داريا قرب العاصمة دمشق بعدد من الصواريخ، بحسب مصادر خاصة لسكاي نيوز عربية.
ففي إدلب تدور اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومي ومقاتلين من كتائب مسلحة داخل أسوار مطار أبو الظهور العسكري شرقي سراقب والذي يتعرض لحصار فرضته المعارضة المسلحة منذ أشهر وسط محاولات حكومية لفكه وللتمكن من |إيصال الإمدادات العسكرية إلى القوات التابعة له في الداخل.
كما تستمر محاولات الكتائب المعارضة المسلحة لفرض السيطرة على مطار كويرس الحربي شمالي شرقي مدينة حلب، والذي ووفقا لمصادر المعارضة من أواخر معاقل الحكومة السورية في المنطقة بعد سقوط عدد من الألوية الهامة هناك بيد المعارضة.
وفي درعا، تستمر الاشتباكات بين الجيشين السوري والحر في محيط اللواء 34، ومركز للمخابرات العسكرية في بلدة “المسمية”، بعد أن كان مقاتلوا المعارضة سيطروا أمس السبت على كتيبة الرادار بالقرب من بلدة النعيمة بعد معارك مستمرة انسحبت على إثرها القوات الحكومية.
وتتعرض مناطق في مدينة داريا ومحيطها للقصف من الطائرات الحربية، كما تعرضت بلدة دروشا للقصف المدفعي بالتزامن مع اشتباكات في حي برزة تترافق مع سقوط قذائف على الحي.
ضحايا بصاروخ أرض أرض في حلب
وقتل أربعة أشخاص بصاروخ أرض أرض سقط، فجر الأحد، في بلدة تل رفعت شمالي البلاد ما أدى أيضا إلى تدمير عدة منازل، وفقا لمصادر المعارضة، فيما تعذر التحقق من هذه المعلومات بشكل مستقل.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن حصيلة الضحايا “يمكن أن ترتفع نظرا لوجود جثث تحت الأنقاض”.
الرئيس التركي: لا تسامح مع استخدام أسلحة الدمار الشامل في سوريا
الكويت (رويترز) – أكد الرئيس التركي عبدالله جول أن بلاده لن تتسامح مع استخدام أسلحة الدمار الشامل في سوريا.
وقال جول في حوار مع صحيفة الرأي الكويتية تنشره الأحد وحصلت رويترز على نسخة منه “نحن ضد استخدام الاسلحة الكيماوية وأسلحة الدمار الشامل التي يجب أن تكون المنطقة خالية منها ولا نتسامح في هذا الشأن اطلاقا وهذا يجب أن يكون معلوما لدى الجميع.”
وأضاف جول أن “عدم الاستقرار في سوريا يجعلنا نشعر بالقلق ونرى انه اذا طالت الأزمة فسيكون هناك تصرفات أو أعمال متطرفة من قبل بعض الجماعات وهو ما سيثير المشاكل في المنطقة.”
وذكر أنه يوجد في تركيا اليوم حوالي 200 الف لاجئ سوري في المخيمات فضلا عن 100 ألف اخرين يسكنون بامكاناتهم الذاتية في تركيا.
وعبر الرئيس التركي عن قلقه من تصاعد الخلافات المذهبية في المنطقة وألمه من سفك الدماء في العراق.
وقال إن “جميع المكونات في العراق هم أخوة لنا ولكن هناك قسما من القضايا التي تؤلمنا في التطورات السياسية الحاصلة في هذا البلد كسفك الدماء وازدياد العمليات الارهابية فنحن لا نريد للعراق سوى أن يستقر ويشعر بالأمان.”
وأضاف جول “وأهم ما يقلقنا تصاعد الخلافات المذهبية في هذه المنطقة فهذا يؤلمنا ويجعلنا نشعر بالقلق.”
(اعداد أحمد حجاج للنشرة العربية من الكويت – تحرير أحمد حسن)
محكمة الإرهاب في دمشق: يد النظام الحديدية
مـالـك أبـو خـيـر
في السابق كانت تسمى “محكمة أمن الدولة”، التي عُرفت بأحكامها القاسية ضد المعارضين السوريين الذين وقفوا خلف قضبانها. وبعد انطلاق الثورة السورية وبدء الماكينة الإعلامية السورية باتهام كل ما يشارك بها بأنه يندرج تحت قائمة “الإرهاب” و”العصابات المسلّحة”، صدر مرسوم رئاسي رقم 22 العام 2102 يعلن إنشاء هذه المحكمة التي أخذت مكان محكمة أمن الدولة التي تم إلغاؤها وإعلانها باسم جديد.
محكمة الإرهاب” بدمشق، التي تنظر في القضايا التي تخص “جرائم إرهاب دولة ومحاسبة مرتكبيها”، تتكون من ثلاثة قضاة برتبة مستشار رئيس وعضوين أحدهما عسكري، ويعينون بمرسوم بناء على اقتراح مجلس القضاء الأعلى. باتت هذه المحكمة النقطة التي تتجمع فيها غالبية معتقلي المعارضة السورية الذين يعتقلون من قبل فروع الأمن، التي تحولهم إليها بحسب اعترافات الناشطين، وأحياناً باقتراح من النيابة العامة في المحافظات أو من القضاء العسكري.
وغالبية المتهمين الذين حُوّلوا إلى هذه المحكمة هم من العاملين في المجال الإغاثي أو الطبي، أو المساعدات الإنسانية والذين يُدرجون تحت تهمة (دعم وتمويل الإرهاب). وكثير ممن يحول إلى هذه المحكمة هم ممن يجبرون في فروع الأمن على الاعتراف بتهم تتعلق بالإرهاب؛ كالمشاركة في الهجوم على حواجز للجيش النظامي أو نقل ذخيرة أو قتل ضباط وجنود، وطبعاً، من دون دليل دامغ، حيث ينكر المتهم هذه التهم أمام قاضي التحقيق في المحكمة.
” مازن .م ” الذي طلب عدم ذكر اسمه بشكل صريح، أحد المحامين الذين يتابعون عمل هذه المحكمة، أكد أنها “أداة حديدية جديدة بيد قضاء النظام السوري”، وأضاف: “البعض من قضاة التحقيق في محكمة الإرهاب يحصرون أو يحددون يوماً واحداً فقط يسمح فيه للمحامين بمراجعة قضايا موكليهم، وبالتالي فإن تقديم أي مذكرة أو طلب يتطلب أسبوعاً على الأقل للنظر فيه مهما كان بسيطاً. وهذا يساهم في زيادة العقبات في وجه أي محام”.
وتابع مازن: “كما أن النص القانوني الذي أحدثت بموجبه المحكمة جاء واضحا لجهة عدم تطبيق النصوص القانونية التي تضمن الدفاع عن حقوق المدعى عليهم. ولا تطبق محكمة الإرهاب النصوص الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية، وبالتالي فإن المعايير الأمنية هي التي تحدد كيفية الإجراءات وليس المعايير القانونية. وفي النهاية نرى أن ما يعتبر في كافة قوانين العالم، بما فيها القانون الدولي، مقدساً وهو حقوق الدفاع لا وجود له أبدا”.
ونتيجة لارتفاع عدد المحوّلين إلى هذه المحكمة، بات أهالي المتهمين فريسة سهلة للكثير من المحامين التابعين للنظام أو المستفيدين منه، وهدفاً سهلا للنصب عليهم، كما صرح لنا “أبو محمد” والد احد المتهمين، الذي قال: “طلب مني أحد المحامين نصف مليون ليرة سورية مقابل إطلاق سراح ولدي بمجرد وصوله إلى قاضي التحقيق. ودفعت المبلغ بالفعل كاملاً لأفاجأ بتوقيف ولدي عند قاضي التحقيق الأول بدلاً من إطلاق سراحه. وعند اتصالي بالمحامي لتفسير ما حدث كان التهديد باحد فروع الأمن هو الرد من قبله”.
وتخضع المحكمة لحماية أمنية مشددة من قبل عناصر الأمن وإجراءات مشددة على كل من يدخل هذه المحكمة وتحديداً على المراجعين أو المحامين وحتى على العاملين المدنيين فيها، كما أنها تخضع لمراقبة في الداخل عبر كاميرات مراقبة، كما يتم وضع المتهمين في غرف وتحت حراسة مشددة.