صفحات سورية

سوريا: مشروع كردي؟

باسم دباغ

 أكد شيرزاد يزيدي المتحدث الرسمي باسم “مجلس شعب غرب كردستان” والقيادي  في حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي السوري (PYD)-جناح حزب العمال الكردستاني- الذي يحكم سيطرته على المناطق ذات الكثافة السكانية الكردية شمال شرقي سوريا، أن الحزب بادر بطرح مشروع يدعو إلى تشكيل قيادة مشتركة تضم كافة القوى الكردية من دون استثناء لإدارة شؤون المناطق الكردية المحررة “من قبضة نظام الرئيس بشار الأسد”، على أن تجري انتخابات عامة في غضون ثلاثة أشهر، تناط بموجبها مهمة إدارة شؤون المنطقة بالجهة الفائزة بتلك الانتخابات. وجاء هذا التصريح خلال لقاء جمع قيادات حزب الاتحاد الديموقراطي مع رئيس المجلس المركزي (البرلمان الحزبي) للاتحاد الوطني الكردستاني – الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني- عادل مراد في مكتبه بمدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق.

 وأوضح اليزيدي: “نحن الآن في مرحلة التشاور لتشكيل إدارة مشتركة تتألف من ممثلي مختلف القوى السياسية والمكونات القومية من العرب والكرد والمسيحيين وغيرهم. ستكون مهمتها الأساسية التأسيس لإجراء انتخابات برلمانية قادمة بغضون 3 أشهر، وكذلك العمل على إعداد مشروع لدستور مؤقت سيطرح على الاستفتاء قبل تنظيم تلك الانتخابات البرلمانية، وبعد تشكيل البرلمان سيجري عرضه على البرلمان المنتخب لإقراره”.

 وقد أتت هذه التطورات بعد أن قام الPYD بالإفراج  السبت عن معظم المعتقلين في سجونه على إثر الأحداث التي شهدتها عامودا في وقت سابق وراح ضحيتها ستة  قتلى برصاص قوات الأسايش التابعة له.

  المشروع المطروح اليوم هو ذاته “مشروع الإدارة الذاتية الديموقراطية” الذي تحدث عنه رئيس الPYD  صالح مسلم خلال مقابلة أجراها معه موقع كوردواتش “kurdwatch” في بداية الثورة وبالذات بتاريخ الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2011، فعند سؤاله عن تصوراته لمستقبل السوريين الكورد رد قائلاً:” لقد قدمنا مشروعنا، مشروع “الإدارة الذاتية الديمقراطية”. وليس المقصود بذلك الحكم الذاتي وهو ما يجب أن يكون واضحا. لقد بينا كل شيء في المشروع واوضحنا الخطوات العملية وبدأنا بتطبيقه. بصفتنا حركة تحرر كردية نرفض الفهم التقليدي للسلطة ونرفض النماذج الكلاسيكية للفيدرالية والكونفيدرالية والحكم والإدارة الذاتية. هدفنا هو بناء مجتمع كردي جديد وبناء إنسان كردي حرّ، إنسان يتمتع بإرادة وفكر حرّ. نعتقد أن الحل يكمن في الإدارة الذاتية الديموقراطية. فالمسألة هي خلق مجتمع جديد أو تجديده من الأساس وليست مجلس محافظة أو رئيس بلدية أو محافظ. ولا تهمنا في المقابل قضية الحكم الذاتي فهي لا تقدم لنا كأكراد شيئاً.”

 يبدو أن ضبابية مشروع الإدارة الذاتية في حينها قد بدأت تتضح مع الضعف الشديد الذي يعاني منه النظام الآن ومع الانتصار الأخير لميليشيا الحزب على كل مناوئيها بعد أحداث عامودا، فإن لم يتم الحديث صراحة عن الفيدرالية إلا أن كل هذه الخطوات لا تفضي إلا إلى الفدرالية، لإن الإدارة الذاتية أي إدارة ذاتية لا تستوجب دستوراً محلياً ولا قوات مسلحة مثل “الأسايش”.

 يذكر بأن الأحزاب الكردية في سوريا خلال تاريخها لم تطرح سوى رؤية غامضة لحقوق الكرد بل ومتلونة بحسب علاقة قياداتها مع النظام وفي إطار صراعها مع البعث، فقد كان هناك ثلاث رؤى رئيسية في ما يخص علاقة المناطق الكردية مع المركز: أولها تطالب بمنح الحقوق الثقافية والسياسية والاجتماعية لأكراد سوريا دون استخدام مصطلح الإدارة الذاتية، ثانيها تسعى لحكم ذاتي يشمل كل المناطق الكردية، وثالثتها تحدد “الإدارة الذاتية” كهدف دون أن تبين ما تقصده بهذا المفهوم.

  إعلان الPYD عن مشروعه، قد يدخله في صراع مثلث فمن جهة قد يقوم النظام بتوجيه ضربة للحزب الذي تجرّأ وتجاوزه، ومن جهة ثانية قد يدخل  في صراع دموي مع كتائب الجيش الحر العربية التي تعاني من حساسية عالية تجاه أي مشروع كردي، ومن جهة ثالثة وهي الأهم ما قد ينتج عنه من صراع كردي-كردي خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت في  المناطق الكردية حيث قامت ميليشيا الPYD باعتقال وقتل ناشطين وتفريق تظاهرات والهجوم على مقار منظمات المجتمع المدني وحرق مقار الأحزاب الأخرى، لتمر كل هذه الانتهاكات دون أي محاسبة تذكر ودون توجيه الاتهام لأي أحد.  فهل يحاول الحزب الآن أن يمنح نفسه الشرعية من خلال دستور وانتخابات- قد يشكك بمصداقيتها الكثيرون- وبذلك يعمل على تأسيس  فيدرالية خاصة به على طريقة أقليم كردستان العراق والذي رغم توحده ظاهرياً لا زال منقسماً بين حزب طالباني وحزب بارزاني.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى