أحداث الجمعة 23 أذار 2018
إجلاء المعارضة يطوي مرحلة «حرب الغوطة»
حرستا (سورية) – «الحياة»، أ ف ب، رويترز
اقترب النظام السوري من استعادة السيطرة على الغوطة الشرقية قرب دمشق في شكل كامل، مع بدء إجلاء مسلحين معارضين ومدنيين من مدينة حرستا بموجب اتفاق، بعد حصار شديد وهجوم عنيف لقوات النظام بدأ قبل أكثر من شهر.
وتزامناً مع عملية الإجلاء، تواصل القصف الجوي والمدفعي الذي أسفر عن مقتل 20 مدنياً في مناطق أخرى من الغوطة التي تمكن النظام من السيطرة على أكثر من 80 في المئة من مساحتها، بينما قتل أربعة مدنيين بقصف المعارضة على دمشق.
ونفّذ الإجلاء بموجب اتفاق أعلنته «حركة أحرار الشام» الأربعاء، بعد مفاوضات مع روسيا، فيما أفاد التلفزيون السوري بخروج أكثر من 1130 شخصاً بينهم 237 مسلحاً من حرستا التي تبعد نحو خمسة كيلومترات شرق العاصمة.
وتوقع مصدر عسكري «خروج حوالى ألفي شخص بينهم 700 مسلح في دفعة أولى على متن 40 حافلة»، على أن تخرج آخر دفعة اليوم.
وتجمعت الحافلات التي تقل المدنيين والمسلحين في منطقة تماس بين الطرفين، قبل أن تنطلق إلى مناطق سيطرة النظام ومنها إلى إدلب شمال غربي سورية. وكان مفترضاً أن تبدأ العملية في السابعة صباح أمس، لكنها تأخرت ساعات.
في موازاة ذلك، نفّذت عملية لتبادل معتقلين بين قوات النظام والفصائل المعارضة. وذكر مصدر عسكري لوكالة «فرانس برس» أن «الفصائل أطلقت 13 عسكرياً ومدنياً في مقابل الإفراج عن 6 معتقلين».
وكشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» حيثيات «الصفقة» في شأن حرستا، مشيراً إلى أن الاتفاق جاء بإشراف روسي في مكتب اللواء جميل الحسن رئيس إدارة المخابرات الجوية في سورية.
وأفادت مصادر بأن طرفي التفاوض كانا «أحرار الشام» وممثلين عن الجانب الإيراني وحليفه «حزب الله» اللبناني. وكشفت أن للإيرانيين و «حزب الله» أسرى لدى «أحرار الشام» إضافة إلى أن للحركة أسرى لدى الطرف الأول.
ويتيح التخلي عن حرستا للنظام السوري الاقتراب من القضاء على مقاومة فصائل المعارضة في آخر معاقلها قرب دمشق. وبالتخلي عنها، لن يبقى تحت سيطرة المعارضة في الغوطة الشرقية سوى جيبين، هما مدينة دوما وآخر في الجنوب يشمل بلدات جوبر وعين ترما وعربين.
ورداً على سؤال عن الأسباب التي دفعت إلى إبرام الاتفاق، قال رئيس المجلس المحلي لحرستا حسام البيروتي، إن «المدينة حوصرت من دون مقومات طبية وإغاثية ودمّرت بالكامل». وأضاف: «خلال الأسبوع الأخير، لم تجد 50 في المئة من العائلات ما تأكله، وانتشر الجرب والمرض في الأقبية، فيما كانت الصواريخ تطاول حتى الملاجئ، ما أدى إلى مجازر».
وتعرضت بلدات في القطاع الجنوبي ومدينة دوما لقصف جوي ومدفعي أمس، ووثق «المرصد» مقتل 20 مدنياً في الغوطة، 16 منهم بغارات روسية وسورية على بلدة زملكا جنوباً، ما رفع حصيلة الحملة العسكرية المستمرة منذ أكثر من شهر إلى أكثر من 1560 مدنياً بينهم 316 طفلاً، وفق «المرصد».
وغادر أكثر من أربعة آلاف مدني مدينة دوما أمس عبر معبر الوافدين. وتوجه نازحو الغوطة الشرقية إلى مراكز إيواء أنشأتها الحكومة في ريف دمشق، وصفت الأمم المتحدة وضعها بـأنه «مأسوي»، وطالبت بإعادتهم إلى منازلهم أو عدم إخراجهم منها.
وبعد يومين من الغارات الدامية على إدلب، قُتل 22 مدنياً وأصيب آخرون بجروح، بغارات استهدفت أمس سوقاً في بلدة حارم في الريف الشمالي للمحافظة، كما أكد «المرصد»، مرجحاً أن تكون طائرات روسية نفذتها.
أنقرة مصرّة على طرد الأكراد من الحدود ولو لم تتفق مع واشنطن
لندن، أنقرة – «الحياة»، أ ف ب
أكدت تركيا أمس سعيها إلى «طرد وحدات حماية الشعب» الكردية من الحدود السورية، إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لإخراج المقاتلين الأكراد من منطقة منبج، فيما قتل 3 جنود أتراك في انفجار عبوة في عفرين التي سيطرت عليها القوات التركية وفصائل موالية لها قبل أيام.
وأكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم مقتل 3 جنود أمس في انفجار عبوة يدوية الصنع خلال عملية نزع قنابل في منطقة عفرين، حيث سيطرت القوات التركية على المدينة التي تحمل الاسم ذاته بعد خروج المقاتلين الأكراد منها.
وقال يلديريم في خطاب: «اليوم (أمس) لدينا ثلاثة شهداء، سقطوا خلال عملية نزع عبوات يدوية الصنع»، فيما ذكر الجيش في بيان أن ثلاثة جنود آخرين أصيبوا بجروح.
وأوضح أنّ «المناطق الواقعة غربي نهر الفرات في سورية، باتت شبه مطهّرة من التنظيمات الإرهابية ومسيطر عليها، بينما يستمر التهديد الإرهابي في شرق الفرات وشمال العراق»، مشيراً إلى أنه «أينما وجد الإرهاب، فإنه سيكون هدفاً للقوات التركية، لأن مكافحة الإرهاب تعتبر مسألة أمن قومي بالنسبة لنا، وسنستمر في مطاردة الإرهابيين إلى أن يتم ضمان أمن المواطنين وممتلكاتهم».
ودعا يلدريم «أصدقاء تركيا إلى التخلي عن دعم التنظيمات الإرهابية بالسلاح، والامتناع عن التعاون مع الإرهابيين، والكف عن توجيه فوهات بنادقهم في اتجاه تركيا وهم متستّرين خلف العناصر الإرهابية».
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن أنقرة ستطرد «الوحدات» من الحدود مع سورية في حال لم تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة على خطة لإخراج الوحدات من منبج. وقال خلال مقابلة مع وكالة أنباء «الأناضول» التركية إنه «ما لم نتوصل لهذه الخطة فسيكون الخيار الوحيد المتبقي هو طرد الإرهابيين».
وأشار إلى «اكتمال العملية العسكرية بعفرين في شكل عام، والانتقال إلى عمليات البحث والتمشيط وتطهير المنطقة من الإرهابيين والآثار التي خلفوها وراءهم».
وجدد الوزير دعوته إلى السكان الذين أجبروا على مغادرة المنطقة كي يعودوا إلى مدينتهم الذين بلغ عددهم حوالى 200 ألف مدني، مؤكداً أن «عفرين لأهلها، ونحن ندعم ذلك، وهم من سيديرون المنطقة». كما دعا جاويش أوغلو» المنظمات الدولية، وبعض الدول إلى الكف عن اتهام تركيا وتصديق أخبار ملفقة غير موثوق بها تتعلق بعفرين، وتروج لها تنظيمات إرهابية».
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شدد أول من أمس، على أن بلاده لن تتوقف «حتى تقضي تماماً على تهديد الإرهابيين الذين يخططون لشن هجمات ضدها على طول حدودها بدءاً من منطقة منبج».
إلى ذلك، أجرى رئيس هيئة الأركان التركية خلوصي آكار أمس جولة تفقدية في الوحدات والمقار والمخافر الموجودة في ولاية كليس الحدودية مع سورية، رفقة عدد من كبار ضباط الجيش التركي.
مقتل 37 مدنياً حرقاً بقصف للنظام السوري وحلفائه على الغوطة
دمشق: قتل 37 مدنياً حرقاً في هجوم لنظام الأسد وداعميه، على ملجأ في بلدة عربين بالغوطة الشرقية المحاصرة من قبل النظام.
وذكر بيان نشر الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي، الجمعة، أن طائرات حربية قصفت ملجأ يختبئ فيه مدنيون بقنابل النابالم في بلدة عربين في الغوطة الشرقية.
وأضاف البيان أن القصف أسفر عن مقتل 37 مدنياً حرقاً أغلبهم نساء وأطفال وفقاً للبيانات الأولية.
وأشار البيان أن المدنيين لا يتمكنون الخروج من الملاجئ بسبب شدة الغارات الجوية للنظام وروسيا على المنطقة.
وتتعرّض الغوطة، التي يقطنها نحو 400 ألف مدني، منذ أسابيع لحملة عسكرية تعتبر الأشرس من قبل النظام السوري وداعميه، أدّت إلى مقتل وجرح مئات المدنيين بينهم أطفال ونساء.
وأصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بالإجماع، في 24 فبراير/شباط الماضي، بوقف فوري لإطلاق النار لمدة 30 يوماً، ورفع الحصارالمفروض على الغوطة الشرقية منذ سنوات، غير أن النظام السوري لم يلتزم بالقرار.
وفي مقابل قرار مجلس الأمن، أعلنت روسيا، في 26 من الشهر نفسه، “هدنة إنسانية” في الغوطة الشرقية، لمدة 5 ساعات يومياً فقط، وهو ما لم يتم تطبيقه بالفعل مع استمرار القصف على الغوطة.
والغوطة الشرقية هي آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق، وإحدى مناطق “خفض التوتر”، التي تمّ الاتفاق عليها في محادثات العاصمة الكازاخية أستانة في 2017. (الأناضول)
سوريا: قصف غامض المصدر بقنابل حارقة على أحياء وسط دمشق
إجلاء مسلحين ومدنيين من حرستا إلى إدلب برعاية روسية ينذر بتراجع نفوذ المعارضة حول العاصمة
دمشق ـ «القدس العربي» ـ من هبة محمد: تعرضت عدة مناطق شرق العاصمة السورية دمشق لقصف قذائف يعتقد بأنها عنقودية حارقة، في حادثة غير مسبوقة.
وأظهرت صور ومقاطع مصورة تعرض كل من شارع الثورة ومنطقة سوق الهال القديم وجسر فكتوريا وساحة المرجة لقصف بقذائف حارقة، حيث بدت جميع هذه المناطق خالية بشكل شبه تام. وتعتبر جميع هذه المناطق حيوية في دمشق وتشهد اكتظاظا بالحركة المرورية لقربها من الأسواق الأثرية والمراكز التجارية في العاصمة.
وأسفر القصف عن احتراق عدة سيارات، فضلا عن تضرر منازل وأبنية، فيما تحدثت مصادر إعلامية موالية عن مقتل وجرح عدد من الناس.
وقالت صفحة «يوميات قذيفة هاون»، وهي إحدى أكبر الصفحات الإخبارية الموالية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن أكثر من أربعة مدنيين قتلوا وأصيب ما لا يقل عن تسعة آخرين إثر سقوط أكثر من 15 قذيفة على أحياء متفرقة.
ونقلت عن مصدر في قيادة الشرطة قوله إن شخصين قتلا إثر سقوط قذيفة صاروخية على حي المجتهد، إضافة إلى شخصين آخرين قتلا بسقوط قذيفة أصابت مسلخا في محيط كلية الزراعة في حي مساكن برزة. واكتفت وسائل إعلام النظام بالحديث عن قصف بقذائف هاون مصدره الغوطة الشرقية، فيما قالت مصادر المعارضة أن القصف تم بالقنابل العنقودية الحارقة التي لا يمتلكها إلا النظام وحلفاؤه الروس.
هذا وأجلت المعارضة المسلحة المئات من عناصرها في ريف دمشق، بعد اتفاق مع موسكو والنظام السوري، قضى بتسليم المعارضة مدينة حرستا في ريف دمشق الشرقي، لقوات لنظام، مقابل سماح النظام السوري لمقاتلي «حركة أحرار الشام» الاسلامية بالخروج بسلاحهم الفردي من مدينة حرستا التي تبعد نحو 5 كم من مركز العاصمة دمشق، إلى الشمال السوري، برفقة الأهالي الرافضين لعقد «مصالحة او تسوية وضعهم» مع النظام، وترافق ذلك مع وقف إطلاق النار وقصف المدينة.
المتحدث الرسمي باسم حركة أحرار الشام الإسلامية، منذر فارس، أوضح في تصريح خاص لـ«القدس العربي» أن اجتماعاً سابقاً لحركة أحرار الشام ووفد مدني من مدينة حرستا مع وفد للنظام وموسكو، انتهى بالاتفاق على خروج فصائل الثوار بسلاحهم مع من يرغب من المدنيين، إلى شمالي سوريا بضمانة روسية، مشيراً إلى ان الاتفاق شمل «تأمين الأهالي الراغبين بالبقاء في المدينة بعد تسوية أوضاعهم مع النظام السوري»، فيما سيبدأ خروج فصائل المعارضة وعوائلهم ورافضي المصالحة إلى مناطق الشمال السوري.
وأشار إلى أن العدد الإجمالي لعناصر الحركة وعوائلهم، والأهالي الرافضين للتسوية، والراغبين بالخروج من حرستا «غير دقيق»، فيما قالت مصادر مطلعة ان العدد الإجمالي يقارب 7000 شخص بينهم 1500 مقاتل، ورجحت المصادر ان تستغرق عمليات التهجير أكثر من 48 ساعة.
وإزاء هذا الواقع، يبدو أن عملية تهجير مدينة حرستا ستمثل بداية انفراط عقد المعارضة المسلحة التي تسيطر على مساحات شاسعة في محيط العاصمة السورية، بما تمتلك تلك المنطقة من رمزية جيوسياسية، ولعل الدليل على عظمة أهمية تلك المنطقة هي إيلاؤها الأولوية على مناطق أخرى في ريف دمشق الجنوبي تقع تحت سيطرة تنظيم الدولة، فضلا عن كونها حلقة من الحلقات الأخيرة في انفراط عقد الثورة.
أوضح «فارس» للقدس العربي، ان «الاتفاق بين حركة أحرار الشام الإسلامية ـ التشكيل العسكري الذي يفرض سيطرته على مدينة حرستا ـ وموسكو، ضم في أحد بنوده «تشكيل لجنة مشتركة من أهالي حرستا في الداخل والخارج من أجل متابعة أمور من بقي في المدينة ومتابعة أمور المعتقلين وتسيير شؤون المدينة»، وهي اتفاقية «نسخة طبق الأصل» عن كافة الاتفاقيات التي عقدتها روسيا مع مدن وبلدات الغوطة الغربية قبيل تهجير أبنائها الرافضين للمصالحة، منذ أكثر من عام، حيث لم تخرج تلك البنود عن كونها حبرا على ورق، ولم تضغط روسيا لاخراج أي معتقل من سجون النظام السوري، كما ان تلك المناطق لم تزل ترزح تحت وطأة تهميش واضح من طرف النظام السوري، والضغط من أجل سحب جميع كل من هو قادر على حمل السلاح لزجه على الجبهات المشتعلة.
تبادل أسرى
أجرت «حركة أحرار الشام» امس الخميس قبيل تنفيذ اتفاق التهجير، عملية تبادل أسرى مع النظام السوري، وذكرت وكالة «سبوتنيك» الروسية أن 17 أسيرًا كانوا لدى «أحرار الشام» خرجوا مقابل خمسة من مقاتلي الحركة، كانت قوات النظام قد أسرتهم خلال العمليات العسكرية.
مدينة حرستا إحدى أكبر مدن ريف دمشق، شهدت خلال الشهر الفائت تصعيدا عسكريا غير مسبوق بأنواع الأسلحة منها المحرمة دوليا، للضغط على فصائل المعارضة من اجل الموافقة على القبول بأي اتفاق يجنب المدينة محرقة تبيد أهلها، ويفضي الى تهجير أصحاب الأرض من غير رجعة، كأول خطوة في بدء تهجير الغوطة الشرقية وتأمين محيط العاصمة.
إدارة روسية ومراقبة أمريكية
ما نشهده من تهجير قسري للدمشقيين في محيط العاصمة بإدارة روسية، واعادة هندسة الخريطة السورية بناء على المصالح الدولية، يجري في ظل مراقبة أمريكية دقيقة، ويوضح أنّ هناك نيّة علنية لدى موسكو في إعادة تأهيل النظام السوري بحجة أنّه شريك في الحرب على الإرهاب، مستخدمة بشار الأسد ونظام حكمه كأدوات لها لا أكثر من أجل تحيين الفرص لاستعجال موسم الحصاد الروسي الذي دخلت موسكو الحرب من أجله.
وفي إشارة ضمنية على ان ما يجري شرق دمشق هو بضوء اخضر امريكي، قالت وزارة الدفاع الروسية ان وزير أركانها فاليري غيراسيموف ناقش مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية جوزيف دانفورد أمس الوضع في سوريا وتحديداً وضع الغوطة الشرقية، للوقوف على متابعة مجريات الأحداث وتبادل وجهات النظر.
ممثل القاعدة الروسية في سوريا، أليكسندر إيفانوف قال ان مركز المصالحة الروسي سيستمر في تحييد المدنيين خارج مناطق سيطرة من وصفهم بالتنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية تمهيداً لتنفيذ الحلول المناسبة برأي موسكو، مشيرا ان حكومة بلاده ستدعم تحرك النظام السوري في عملياته العسكرية المرتقبة برياً وجوياً في مناطق ريف دمشق الجنوبي.
ميدانيا قتل 12 جنديا من قوات النظام وأصيب العشرات بجروح، خلال مواجهات مع فصائل المعارضة على جبهة «الريحان» بالغوطة الشرقية لريف دمشق، وذكر «جيش الإسلام» على لسان المتحدث العسكري «حمزة بيرقدار» أن 12 عنصرا لقوات النظام قتلوا بألغام م.د (مضادة للأفراد) خلال معارك جبهة الريحان في الغوطة الشرقية، مشيرا إلى تدمير دبابة للنظام، مضيفا أن عناصر جيش الإسلام تصدوا اليوم لثلاث محاولات اقتحام من قوات النظام لجبهة الريحان الواقعة شرقي الغوطة.
فيما بلغت حصيلة قتلى الساعات الماضية اكثر من 30 مدنياً في غارات جوية للمقاتلات الحربية الروسية والسورية على مدن الغوطة الشرقية، فيما ارتكب سلاح الجو الروسي مجزرة في مدينة زملكا في الغوطة الشرقية، حيث قتل 15 مدنيا في إحصائية أولية بينهم نساء وأطفال.
مقتل 17 طفلا
وثقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» الأربعاء، مقتل 84 مدنيا في يوم واحد نتيجة قصف قوات النظام السوري وروسيا على مدن وبلدات محاصرة في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق، وقالت الشبكة في إحصائية لها إن 84 مدنيا بينهم 17 طفلا وست نساء قتلوا الثلاثاء، جراء قصف لقوات النظام وروسيا على مدن دوما وسقبا وعربين وحرستا وبلدة عين ترما، وأظهرت الإحصائية توثيق مقتل 56 مدنيًا بينهم 14 طفلا وست نساء في دوما، و18 مدنيا قتلوا في سقبا وأربعة آخرين في عربين بينهم طفلان، بينما أدى القصف على عين ترما لمقتل ثلاثة مدنيين.
بدورها ناشدت الأمم المتحدة في سوريا من اجل إيصال المساعدة العاجلة للمعالجة الفورية لما وصفه بالوضع الكارثي للأهالي الخارجين من الغوطة الشرقية وعفرين. كما دعت لتيسير الوصول وحماية المدنيين، والطواقم الطبية، ومقدمي الخدمات، والعاملين.
من جهته قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أعددا كبيرة من المدنيين السوريين غادروا مدينة دوما الخاضعة لسيطرة المعارضة بالغوطة الشرقية يوم الخميس، وذكر أن حوالى 1500 شخص غادروا المدينة في وقت مبكر من صباح يوم الخميس وغادر 2000 يوم الأربعاء، وأظهر بث على موقع وزارة الدفاع الروسية ما قيل إنها لقطات حية من معبر الوافدين الذي يربط بين دوما والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
دعوات أممية لوقف إطلاق النار
جدد الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيريش»، دعوته النظام وجميع الأطراف السورية إلى الإسراع بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2401، القاضي بالوقف الفوري للقتال، وفرض هدنة مدتها 30 يوما لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين.
جاء ذلك على لسان المتحدث الرسمي «استيفان دوجريك»، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في المقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، حسب وكالة الأناضول.
وأوضح دوجريك أن «الأمين العام يدعو مجددا اليوم إلى الوقف الفوري للقتال، واحترام حقوق المدنيين وضمان حمايتهم» مضيفا «لكن للأسف ما زلنا نواصل رؤية معاناة المدنيين (في مناطق القتال في سوريا).
وتابع «لذلك فإن السيد غوتيريش يدعو مجددا جميع الأطراف المعنية إلى الإسراع بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2401، وهو يريد أن يرى فعلا سريعا على الأرض لتنفيذ هذا القرار».
وأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بالإجماع في 24 فبراير / شباط الماضي، بوقف فوري لإطلاق النار في سوريا لمدة 30 يوما، ورفع الحصار عن الغوطة الشرقية بريف العاصمة دمشق، غير أن النظام لم يلتزم بالقرار، وفي مقابل قرار مجلس الأمن، أعلنت روسيا في 26 من الشهر نفسه «هدنة إنسانية» في الغوطة الشرقية تمتد 5 ساعات يوميا فقط، وهو ما لم يتم تطبيقه بالفعل مع استمرار القصف.
وقال المتحدث الرسمي «لا تزال الأمم المتحدة تشعر بقلق بالغ على سلامة وحماية المدنيين في الغوطة الشرقية»، مضيفا يعش « المدنيون في يأس مطبق، وعدم توافر الخبز، أو المياه الصالحة للشرب».
وتابع «لا يزال وصول المساعدات الإنسانية محدودا للغاية. وكانت القافلة الإنسانية الأخيرة قد وصلت إلى الغوطة الشرقية في 15 آذار/ مارس الجاري، حيث قدمت معونات غذائية لنحو 26100 شخص في بلدة دوما.
طائرات النظام وموسكو تخرق اتفاق وقف النار وتحرق الغوطة
جلال بكور
تُواصل طائرات النظام السوري وموسكو، قصف مدن وبلدات القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية المحاصرة وارتكاب المجازر، بينما تستمر المفاوضات دون التوصل إلى جديد، وعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أعلن عنه فصيل “فيلق الرحمن” مساء الخميس، ارتفعت حصيلة الضحايا أمس إلى ستين قتيلاً على الأقل، 37 منهم قُتلوا حرقاً بالنابالم والفوسفور.
وقال الناشط محمد الشمالي في تصريحٍ لـ”العربي الجديد” “إن طيران النظام السوري قصف بثلاث غارات صباح اليوم الجمعة، الأحياء السكنية في مدينة دوما متسبّباً بأضرار مادية جسيمة، كما تعرضت المدينة بعد منتصف ليل أمس لقصف جوي عنيف بأكثر من ثلاثين غارة”.
وأوضح أن حصيلة الضحايا جراء القصف، أمس، على دوما وعربين وزملكا، بلغت أكثر من ستين قتيلاً، جراء القصف بالنابالم الحارق والفوسفور والقنابل الارتجاجية والعنقودية.
بدوره، أصدر الدفاع المدني تعميماً للمدنيين محذّراً إياهم من الأسلحة الحارقة، التي تقصف بها طائرات النظام وروسيا الغوطة الشرقية. وطالب في بيان الأهالي بالابتعاد عن الحرائق التي يحدثها القصف، مشيراً إلى أن فرقه لن تدخر جهداً في سبيل إنقاذ المدنيين.
في سياق متصل، وفي حين زعمت مصادر موالية للنظام أن قوات الأخير تمكنت من فصل حي جوبر شرق دمشق عن بلدة عين ترما في الغوطة الشرقية، بعد معارك مع فصيل “فيلق الرحمن”، نفى الناشط عمر خطيب لـ”العربي الجديد” تلك الأنباء، مشيراً إلى أن المعارك مستمرة بشكل عنيف في ذلك المحور، وفي المحور الجنوبي من مدينة عين ترما.
مفاوضات على وقع مجازر
وفيما يخص المفاوضات، أفاد مصدر من “جيش الإسلام” لـ”العربي الجديد” فضل عدم ذكر اسمه بأن “المفاوضات لا تزال مستمرة مع روسيا بهدف منع وقوع عملية تهجير في مدينة دوما بغوطة دمشق المحاصرة”.
وأكد المصدر أن “جيش الإسلام يحاول من خلال عملية التفاوض التوصل إلى هدنة في المدينة تضمن بقاء الأهالي وبقاء المقاتلين هناك، دون اللجوء إلى عملية تهجير مشابهة لما توصلت إليه عملية التفاوض بين المعارضة والنظام في حرستا المحاذية لدوما”.
وأوضح المصدر أن النظام وروسيا يسعيان إلى تهجير مقاتلي “جيش الإسلام” بهدف إتمام عملية التغيير الديموغرافي في محيط العاصمة.
بدوره، قال عضو الهيئة السياسية في “جيش الإسلام”، أبو عمر دلوان، المشرف على عملية التفاوض لـ”العربي الجديد” “إن المفاوضات مستمرة مع رفض أي عملية تهجير”.
وفي موازاة ذلك تجري مفاوضات بين “فيلق الرحمن” وروسيا حول مصير القطاع الأوسط في الغوطة، زملكا، عربين، عين ترما، حي جوبر، وسط محاولات تقدم من قوات النظام في محاور تلك المناطق.
وأكدت مصادر مطلعة أن المفاوضات بين “فيلق الرحمن” وروسيا تجري في تركيا، إلا أنها لم تتوصل بعد إلى أي جديد، مشيراً إلى أن النظام يرتكب مجزرة أو يحاول التقدم عند أي عملية تفاوض بهدف فرض شروطه.
وأعلن “فيلق الرحمن” مساء الأمس الخميس عن سريان هدنة في القطاع الأوسط إلا أن قوات النظام لم تلتزم بتلك الهدنة التي أُعلن عنها، واستمرت في عملية القصف ومحاولة الاقتحام.
إلى ذلك، وفي سياق الاتفاق الذي فُرض على المعارضة السورية في مدينة حرستا،
قالت مصادر من “حركة أحرار الشام” المعارضة، في تصريحات لـ”العربي الجديد” إن هناك قسماً كبيراً من مقاتلي الحركة ما زال متمركزاً في مناطق سيطرة “فيلق الرحمن” في القطاع الأوسط، مشيرة إلى أن مصيرهم مرتبط بمصير “فيلق الرحمن” ولا يشملهم الاتفاق الذي تم التوصل إليه في حرستا.
إلى اللقاء يا حرستا
ريان محمد
أمس الخميس، انتهت سبع سنوات من ثورة مدينة حرستا في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق، وانتهى حصار استمر أربعة أشهر لـ20 ألف مدني. لكنّ ذلك لم ينتهِ إلا بتهجير النظام 8 آلاف شخص عنها، حمّلهم في باصات.
بدأ منذ صباح أمس أهالي حرستا بالتجمع في ساحة السيل. أم كبيرة في السن تودع أبناءها وتدعو لهم بالسلامة والرضا، وتطلب من الله أن يجمعها بهم قريباً، وأن يكونوا هم من سينزلونها إلى قبرها. والدهم يتكئ على عكازه صامتاً محاولاً حبس دموعه. عائلة أخرى تودع أقارب لها، توصيهم بحمل السلام لأقارب غادروا المدينة قبل سنوات. آخرون يجلسون على طرف الساحة يضعون أشياءهم، وأعينهم تراقب الحركة هناك.
حتى الخمسينية، فاتن (أم سميح) التي اعتقل النظام وحيدها الطبيب وزوجته منذ عام 2013، المسؤولة عن أحد أقدم المطابخ الخيرية في حرستا والغوطة، طبخت لآخر مرة لها في حرستا، وأطعمت كثيرين ممن اعتادوا على وجباتها أيام الحصار والجوع، واستعدت للرحيل.
أما أبو أحمد، أحد عناصر الدفاع المدني في حرستا، فيقول لـ”العربي الجديد”: “لا أستطيع التحدث، الناس تصعد إلى الحافلات، مثل طلوع الروح من الجسد، البلد مدمر بالكامل، بصمت دولي وتخاذل من حولنا، ونحن طوال أكثر من أربعة أشهر كنا نتعرض للإبادة، لقد فقدنا كلّ مقومات الحياة”.
ينتظر أبو خالد مع عائلته وصول الحافلات إلى الساحة، ويقول لـ”العربي الجديد”: “ليس من السهل عليّ ترك مدينتي التي عشت فيها أكثر من 40 عاماً، لكن يبدو أنّ ما كنت أخشاه وقع، وسأخرج اليوم من أجل أطفالي، فأنا لا آمن على حياتي أو حياتهم إن بقينا هنا، وإن لم يخرجونا بالقوة، فغداً سيخرجوننا بحجة أنّ الأبنية مدمرة ويجب إزالتها”. يحمل أبو خالد مخاوف مما ينتظره في إدلب: “لا أعلم عن الوضع هناك غير ما ينقل من أخبار، وكلّ ما أخشاه أن نعيش تجربة حرستا من جديد في إدلب، كما أنّ مشكلة ارتفاع إيجارات المنازل ستكون من أكبر العوائق أمامنا… أرجو أن نجد مكاناً يؤوينا”.
أما محمد، الناشط في حرستا منذ أول تظاهرة خرجت في المدينة، فيقول لـ”العربي الجديد”: “ليس لي ثقة بالنظام، ولم أخرج في التظاهرات قبل سبع سنوات لكي أعود بعد كلّ ما حدث من قتل وتدمير واعتقالات، لأعيش من جديد تحت سلطة النظام”. يلفت إلى أنّ أكثر ما يحزّ في نفسه أنّه سيخرج من حرستا من دون أن يودّع والديه، المقيمين في إحدى مناطق ريف دمشق منذ ثلاث سنوات، ولا يعلم إن كان سيتمكن من لقائهما مجدداً.
من جهته، يقول الناشط الإعلامي زاهر حسون، ابن المدينة لـ”العربي الجديد”: “في مدينة حرستا يعيش نحو 20 ألف مدني، ومن المزمع أن يخرج منهم نحو 8 آلاف شخص، وحتى دخول الحافلات، ظهر الخميس، كان هناك الكثير من العائلات المحتارة في أمرها إن كانت ستخرج أم لا”. يشير إلى أنّ “ما أوصل حرستا إلى يوم الخميس، كانت حملة عسكرية ليست فقط طوال الأيام الثلاثة والعشرين الماضية، بل من جراء قصف يومي مكثف لم يتوقف منذ الشهر العاشر من العام الماضي، عاش خلالها الأهالي أياماً مريرة، فوقعوا بين خيارين أحلاهما مرّ، إما التهجير إلى إدلب بكلّ ما قد تحمله من مغامرة، وإما البقاء في ظل وعود بعدم التهجير وتسوية أوضاع المطلوبين”. يلفت إلى أنّ “معظم الأهالي بعد تكرار النزوح والدمار، لا يملكون ما يضعونه في حقائب سفر، بل يكفي كيس صغير يضعون فيه بعض الأشياء التي تربطهم بها العاطفة”.
عائلة حسون كذلك سترحل بأكملها. من بينهم مطلوب للخدمة العسكرية في القوات النظامية، وشقيقته وزوجها اللذان كانا يعملان ممرضين. يقول إنّه لا يثق في أنّ النظام قد يتركهم وشأنهم بل سينتقم منهم ولو بعد حين. يضيف أنّ كثيراً من العائلات سيتشتت شملها، فإذا كان الأب كبيراً في السن وقرر البقاء في منزله المدمر، لن يبقي على ابنه الناشط أو المطلوب للخدمة العسكرية أو الممرض، فهو يعلم ما قد ينتظره.
مخيما ساعد وميزناز
قال مسؤول في منسقي الاستجابة لـ”العربي الجديد” إنّ “الاستعدادات في إدلب جارية لاستقبال مهجري حرستا، إذ نقل أمس الخميس عبر 45 حافلة ما بين 2000 و2250 شخصاً، من بينهم 10 حالات صحية طارئة”. وأشار إلى أنّ نقاط الاستقرار في إدلب موزعة على مكانين رئيسين، هما مخيم ساعد الذي يتسع لـ1500 شخص، ثم مخيم ميزناز، بعدها ستنقل العائلات إلى أماكن أخرى بحسب المتوفر.
“غضب الزيتون”:كيف تتوقف”غصن الزيتون”قبل تل رفعت؟
شهدت قرية سجو والمخيمات القريبة من معبر باب السلامة الحدودي، ليل الخميس/الجمعة، مظاهرات شعبية غاضبة، طالبت فصائل المعارضة المسلحة والجيش التركي باستمرار عملية “غصن الزيتون” حتى استعادة قراهم التي احتلتها “وحدات حماية الشعب” الكردية في ريف حلب الشمالي، نهاية العام 2016، بحسب مراسل “المدن” خالد الخطيب.
وتجمع المئات من الأهالي الغاضبين عند دوار سجو، على الطريق العام إعزاز–باب السلامة، وقطعوا الطريق على رتل عسكري تركي، وحرقوا الإطارات. الاحتجاجات استمرت حتى ساعة متأخرة بعد منتصف ليل الخميس/الجمعة. وأكد ناشطون من منظمي الاحتجاجات أن الحراك أطلق عليه اسم “غضب الزيتون”، وسيشهد تصعيداً أكبر خلال الساعات المقبلة. وتمت الدعوة لتنظيم مظاهرات حاشدة، الجمعة، في مخيمات الأهالي المُهجّرين قسراً من تل رفعت ومحيطها.
وانضمت إلى الاحتجاجات مجموعات وكتائب مسلحة تتبع لفصائل المعارضة، من أبناء القرى المحتلة في ريف حلب الشمالي. عدد من الكتائب المشاركة في “غصن الزيتون” علقت عملها مع “الجبهة الشامية” وفصائل معارضة أخرى، ودعت لخوض المعركة من دون دعم الجيش التركي.
المعارضة المسلحة كانت قد أبلغت الأهالي، الخميس، أن معركة “غصن الزيتون” ستتوقف، ولن تتم مهاجمة تل رفعت والقرى القريبة منها في الوقت الحاضر، وذلك بحسب التفاهم التركي–الروسي. وأعقب ذلك اجتماعات لفعاليات مدنية وعسكرية من أبناء القرى المحتلة، لبحث الأمر.
وانقسمت الفعاليات المجتمعة بين مؤيد للتحرك العسكري والشعبي للضغط باتجاه استمرار المعركة نحو تل رفعت والقرى الأخرى، ولو بشكل منفرد من دون الموافقة التركية، في حين دعا القسم الآخر إلى تخفيف التصعيد مع تركيا والوثوق بالحلفاء، مؤكدين أن توقف المعركة نحو تل رفعت والقرى العربية سيكون مرحلة مؤقتة.
مدينة تل رفعت و50 قرية وبلدة ومزرعة ما تزال في قبضة “الوحدات” و”جيش الثوار” الموالي لها في ريف حلب الشمالي، وتحولت خلال معركة “غصن الزيتون” إلى وجهة لعشرات آلاف النازحين الفارين من مدينة عفرين وريفها، ممن تمنع مليشيات النظام دخولهم إلى مدينة حلب، رغم امتلاك بعضهم عقارات سكنية في أحياء الشيخ مقصود وبني زيد والسكن الشبابي والأشرفية. عدد من العائلات النازحة استطاعت دخول حلب بعدما دفعت مبالغ طائلة للمهربين التابعين للمليشيات.
توقف معركة “غصن الزيتون”، بشكل مؤقت، هو بحسب ما تؤكده المعارضة قد يكون مرتبطاً بالأعداد الكبيرة من النازحين في تل رفعت والقرى المحتلة.
التحالف الدولي ينتقد”غصن الزيتون”..وينفي علمه بتفاهم منبج
انتقد التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، عملية “غصن الزيتون” التي أطلقتها تركيا لطرد المقاتلين الأكراد من مدينة عفرين، واعتبر أن ذلك أحدث خللاً في عمليات “قوات سوريا الديموقراطية” ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وأوضح المتحدث باسم التحالف الدولي ريان ديلون، أن “قسد” اضطرت إلى نقل مقاتلين إلى عفرين، تقدر أعدادهم بنحو 1700 مقاتل، ما حدّ من قدرة الولايات المتحدة على القيام بعمليات ضد “داعش”.
ونقلت وكالة “نوفوستي” الروسية عن ديلون قوله “ترك وادي الفرات العديد من قادة قوات سوريا الديموقراطية، الآن نحن نملك قدرات محدودة على القيام بعمليات مكثفة ضد تنظيم الدولة الإسلامية والضغط عليه”.
ونفى ديلون وجود تفاهم مع أنقرة بشأن مدينة منبج. وقال إنه لا يعلم ما هو “التفاهم” الذي تتحدث عنه أنقرة وتقول إنها توصلت إليه مع واشنطن. وأوضح “سأقول من وجهة نظر التحالف المتواجد في الميدان هناك، لو كان هناك أي تفاهم بين واشنطن وأنقرة، فنحن لم نبلغ به”.
تأتي تصريحات ديلون، بعد تهديدات تركية جاءت على لسان وزير الخارجية مولود جاوش أوغلو، مفادها أنه في حال لم يتم تطبيق خطة خروج عناصر “وحدات حماية الشعب” الكردية من مدينة منبج، التي تفاهم عليها الجانبان التركي والأميركي في وقت سابق، فسيتوجب حينها على تركيا القضاء على “الإرهابيين”.
ونقلت وكالة “الأناضول” عن جاوش أوغلو قوله، الخميس، إنّ علاقات أنقرة مع واشنطن وصلت إلى مرحلة حساسة، وإنّ نظيره الأميركي المُقال ريكس تيلرسون، أقّر بعدم التزام بلاده بالوعود المقطوعة لتركيا. وأضاف “ندرك رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إعادة العلاقات بين أنقرة وواشنطن إلى طبيعتها، لكن عليه أن يتحكم أكثر في نظام بلاده”.
وتابع “مدينة منبج ستكون نموذجاً لتطبيق التفاهم الحاصل بين أنقرة وواشنطن، فإن نجحنا في تطبيق خطة إخراج ي ب ك من هذه المدينة، فإنه سيُطبّق على باقي المدن”.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد تحدث هاتفياً مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، ليل الخميس، وبحثا العلاقات بين البلدين والقضايا الإقليمية، وفقاً لوكالة “الأناضول”.
وقال بيان صدر عن الرئاسة التركية، إنه “تم التأكيد على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) والشريكين الاستراتيجيين، وتم تبادل الآراء حول التطورات الإقليمية”.
وأضاف أن “الزعيمين اتفقا على مواصلة الخطوات المتخذة من أجل تعاون وثيق أكثر ضد الاختبارات الاستراتيجية المشتركة، وإزالة الحساسيات التي تؤثر سلبا على العلاقات الثنائية بين البلدين”.
فشل التهدئة بين تحريري “الشام”و”سوريا”..فهل بدأت معركة الإلغاء؟
أحمد مراد
تجددت المعارك بين “هيئة تحرير الشام” من جهة، و”جبهة تحرير سوريا” و”صقور الشام” من جهة أخرى، في مناطق مختلفة من إدلب، بعد إعلان شرعي “فيلق الشام” ووسيط لجنة التفاوض بين الأطراف المتنازعة الشيخ عمر حذيفة، فشل التوصل إلى اتفاق يرضي كافة الأطراف، للمرة الثانية على التوالي.
وتزامن إعلان فشل المفاوضات مع إصدار “هيئة تحرير الشام” بياناً أعلنت فيه استمرار العمليات العسكرية، وفشل المساعي الرامية للوصول إلى حل، في حين ردت “جبهة تحرير سوريا” و”صقور الشام” ببيانات تعهدت فيها بالدفاع عن مناطقها والقتال لاسترداد الحقوق التي سلبتها “هيئة تحرير الشام” ورفضت إرجاعها خلال المفاوضات.
وذكر شرعي “فيلق الشام” في “تليغرام”، أن الهدنة الثانية بين الفصائل، مرت بمرحلتين، بدأت في 16 أذار/مارس، باتفاق الفصائل على “وقف إطلاق النار” الى حين جلوس الطرفين وبحثهما الملفات العالقة، وإطلاق سراح جميع الموقوفين من دون قيد أو شرط، وفتح الطرقات وإزالة السواتر الترابية، ووقف الاعتقالات والمداهمات والملاحقات الأمنية، ووقف التجييش الإعلامي. وفي اللقاء الثاني، وفق حذيفة، عقدت اتفاق بين “تحرير الشام” و”الصقور” و”الأحرار”، من دون حضور ممثل عن “حركة نور الدين الزنكي”، وتضمن الاتفاق نقاطاً أربع؛ إنهاء القتال بين الطرفين، وتبادل الحقوق والمقرات وتشكيل لجنة متابعة لهذا الأمر، وإنشاء غرفة عمليات للقيام بعمل عسكري ضد النظام، وعقد جلسات دورية لمناقشة قضايا المنطقة. بند تبادل المقرات كان محل خلاف جديد بين الفصائل، لينتهي الاجتماع من دون التوصل إلى حل.
وقال حذيفة: “بعد فشل التوصل لاتفاق بشأن المقرات، وإصرار الهيئة على استعادة كافة المقرات التي خسرتها خلال الاقتتال أو حصولهم على مقرات في مناطق استراتيجية من إدلب، وتحفظ تحرير سوريا على هذا البند، وصلتني رسالة من تحرير الشام تقضي بانتهاء الهدنة وتجدد الأعمال القتالية” اعتباراً من الساعة 10 من ليل الخميس/الجمعة.
واتهمت “هيئة تحرير الشام” في بيان لها “الأحرار” و”الصقور” بعرقلة المفاوضات، ووضع خطوط حمراء تخص مناطق سيطرة الفصائل وقضية المعتقلين، وعلى رأسهم قائد “لواء المثنى” التابع لـ”أحرار الشام” الملقب بـ”أبو عزام سراقب”، والذي اعتقلته “الهيئة” منتصف العام 2017 في مقر “جبهة ثوار سراقب”. واعتبرت “الهيئة” ذلك مماطلة ومحاولة العودة بالمفاوضات إلى نقطة الصفر، و”تخريب الطرف الآخر جهود الحل ونسف كل ما تم التوصل إليه”، لذلك فقد قررت “الهيئة” إبلاغ لجنة الوسطاء بـ”انتهاء فترة الهدنة والعودة للعمليات القتالية”.
وأكدت “الهيئة” عبر البيان دعوتها في وقت سابق كافة الفصائل للانخراط في جسم عسكري لغرفة عمليات مشتركة، وآخر مدني لإدارة المناطق المحررة، لكن الفصائل رفضت توحيد القرار والمصير.
ورداً على “الهيئة”، أصدرت “جبهة تحرير سوريا” بياناً قالت فيه إنها سترد على “بغي عصابة الجولاني” بعد نقض الهدنة وهجومها على بلدات ريف حلب الغربي، من دون الاكتراث لما يحصل في الغوطة. واتهمت “الجبهة” الجولاني بعدم رد الحقوق والوفاء بالوعود و”محاولته فرض سلطانه على كامل المحرر”.
الإعلامي عامر البكري، قال لـ”المدن”: “اشترطت هيئة تحرير الشام دخول فصيل محايد لمناطق الزنكي في ريف حلب الشمالي، على الحدود مع المناطق الكردية ومناطق درع الفرات. واقترحت تحرير الشام أن ينص الاتفاق على إجراء تبادل أسرى، وإعادة عناصر هيئة تحرير الشام إلى مقراتهم في مدن أريحا ومعرة النعمان، في حين كانت رؤية تحرير سوريا وضع حل جذري للمناطق المحررة وذلك من خلال إلغاء حكومة الإنقاذ، وتوحيد قرار السلم والحرب ليكون بيد كافة الفصائل، والإبقاء على المناطق عسكريا كما هي خلال الهدنة، مع انسحاب هيئة تحرير الشام من مناطق الزنكي في ريف حلب الغربي”.
ومع فشل الهدنة الثانية على التوالي، يبدو أن المنطقة ستعيش حالة تصعيد غير مسبوق بين الفصائل، واندلاع حرب شاملة تدخل فيها أطراف جديدة إلى ساحة المعركة، بعد محاولة “هيئة تحرير الشام” حشد “التركستان” و”جند الأقصى” لمساعدتها، ووقوف “جيش الأحرار” على الحياد.
قيادي في “جيش إدلب الحر”، قال لـ”المدن”: “يحاول كل طرف حشد الفصائل القريبة من توجهه، فالجولاني طلب من أبو دياب قائد جند الأقصى في سرمين مساندته عسكرياً، الجند رفضوا المشاركة في المعركة رغم محاولة الجولاني إقناعهم بوحدة المصير، كذلك القيادي في جماعة الوعر التابعة لهيئة تحرير الشام، أبو موسى الشرعي، أعلن اعتزال القتال الدائر بين الفصائل وهو ما سيؤدي في وقت لاحق إلى تفكك هيئة تحرير الشام في حال استمرارها بخسارة الكثير من جنودها خلال محاولات اقتحام مناطق الفصائل الأخرى”.
وأضاف القيادي: “جيش الأحرار بقيادة أبو صالح طحان غير مستعد لدخول المعركة بين خصمين سبق وانشق عنهما، وفي حال دخلت فصائل أخرى ساحة المواجهة وآزرت تحرير الشام، سيزج طحان بقواته في المعركة إلى جانب أحرار الشام والزنكي والصقور”. وأشار إلى أن “تركيز تحرير الشام في المرحلة الحالية من المعارك سيكون منصبّاً على مناطق تواجد الزنكي، وفي حال نجحت الهيئة في التخلص من الزنكي، سيكون من السهل عليها قتال أحرار الشام وصقور الشام، أو إخضاعهما لاتفاق يضمن سيطرتها على كافة المناطق المحررة شمالي سوريا. لذلك تستخدم الهيئة كل مقدراتها العسكرية لقصف مناطق الزنكي، كالدبابات وصواريخ فيل، وقذائف هاون، فضلاً عن العمليات الانغماسية في مناطق تواجد خصومها كما حصل في ريف حلب الشمالي وبلدة دير سنبل قبل أيام من إعلان الهدنة الثانية”.
وفي ظل فشل الحل السلمي وانسداد أفاق التهدئة، يبدو أن الحل الوحيد لوفق نزيف الدم في الشمال سيكون عبر تدخل تركي لفرض الحل على طرفي النزاع، أو بتغلّب طرف على الآخر، وبدء حقبة ظاهرها جديد لكنها ستكون تكراراً لمراحل سابقة.
“الأحرار”من حرستا إلى إدلب..والقطاع الأوسط ينتظر”المفاوضات“
رائد الصالحاني
خرجت القافلة الأولى التي تضم مُهجّرين قسرياً من مقاتلين ومدنيين من مدينة حرستا في الغوطة الشرقية، الخميس، نحو مدينة إدلب في الشمال السوري، تنفيذاً لاتفاق عُقد بين “حركة أحرار الشام الإسلامية” والجانب الروسي، والذي قضى بتسليم “الأحرار” لمدينة حرستا، وخروج المقاتلين والمدنيين غير الراغبين بـ”التسوية”، و”تسوية أوضاع” المطلوبين للنظام ممن اختاروا البقاء في المدينة.
وضمت القافلة الأولى بحسب “المجلس المحلي” لمدينة حرستا 1540 شخصاً، من مدنيين وعسكريين خرجوا بسلاحهم الفردي، على أن تخرج القافلة الثانية عصر الجمعة، بانتظار إخلاء ثلاث دفعات أخرى، خلال الأيام المقبلة، لتدخل بعد ذلك قوات النظام وتسيطر على المدينة كاملة.
وعملت “لجنة المصالحة” في مدينة حرستا على إدخال 50 عائلة إلى المدينة من النازحين سابقاً منها إلى مدينة التل، وذلك ضمن الاتفاق المُبرم بين “أحرار الشام” والجانب الروسي، على أن يتم إدخال دفعات جديدة في الأيام القادمة، وعدم إفراغ المدينة من أهلها.
ودعت “لجان المصالحة” في المدينة عبر منصاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، المدنيين من غير المضطرين للخروج، للبقاء و”تسوية أوضاعهم” وعدم إفراع المدينة تجنباً لاستباحتها، وقدموا وعوداً للمدنيين بأن تكون المدينة بـ”أفضل حال” خلال وقت قصير.
وسبقت خروج الدفعة الاولى عملية تبادل أسرى بين قوات النظام و”أحرار الشام”، إذ تم إطلاق سراح 5 أشخاص من أبناء المدينة مقابل 13 عسكرياً من قوات النظام تم أسرهم في معارك “إدارة المركبات” وبساتين حرستا. وبحسب مصادر موالية للنظام، فقد سلّمت “أحرار الشام” خريطة لأنفاق مدينة حرستا، ليتم البحث عن جثث قتلى قوات النظام التي تم دفنها في المدينة خلال المعارك المستمرة منذ ثلاثة أشهر تقريباً.
مصادر “المدن” أكدت أن الاتفاق نص على نقل بعض السلاح المتوسط والسيارات الخاصة بـ”أحرار الشام” ضمن القوافل التي ستخرج نحو الشمال، بعد سلسلة من المفاوضات شهدت خلافات كبيرة بين الطرفين، وتخللها قصف على المدينة لإخضاعها وقبولها شروط الروس والخروج بأسرع وقت ممكن.
وشهدت مدينة حرستا خلال إخراج الدفعة الأولى حالة من الفوضى بين المدنيين الذين أقدموا على اقتحام مستودعات “أحرار الشام” وإخراج كميات كبيرة من الطعام، وسط توجيه اتهامات لقيادة “الحركة” بـ”تجويع المدنيين خلال فترة المعارك والمفاوضات”. وأكد شهود عيان، لـ”المدن”، أن كميات الطعام المخزنة في مستودعات “الحركة” كان يمكن أن تكفي المقيمين في المدينة، لمدة طويلة.
ويُعتبر اتفاق حرستا هو الأول من نوعه في الغوطة الشرقية، والذي يقضي بخروج المقاتلين والمدنيين إلى إدلب. وبتسليم المدينة للنظام يكون قد أطبق الحصار بالكامل على مدينة دوما المجاورة، ومدينة عربين باستثناء طريق زملكا–عربين الذي يشهد قصفاً عنيفاً ومستمراً خلال الفترة الماضية.
وتزامن خروج الحافلات من مدينة حرستا مع استمرار العمليات العسكرية في القطاع الأوسط وسيطرة النظام ومليشياته على كامل وادي عين ترما، والتقدم باتجاه مدينة عين ترما، في محاولة لعزلها عن حي جوبر ومدينة زملكا، بالتزامن مع تقدم آخر في عمق مدينة عربين لفصلها عن حزة وزملكا.
ويسعى النظام خلال التوغل في القطاع الأوسط إلى تقطيع أوصال المنطقة وفصلها عن بعضها البعض لإجبار المعارضة على قبول “التسوية”، وخروج الفصائل منها منفردة، بعد إطباق الحصار عليها، وتصعيد القصف على الملاجئ والأحياء المكتظة بالسكان.
تقدم مليشيات النظام في وادي عين ترما وعربين، ساهم فيه انشقاق مجموعات من عناصر “فيلق الرحمن” في بلدة كفربطنا، وتقدّر أعدادهم بـ400 مقاتل، ممن انضموا إلى “خلايا المصالحة” التي يقودها الشيخ بسام ضفدع، ليصبحوا بين يوم وليلة مقاتلين ضمن صفوف مليشيات النظام، ويغيروا مسار المعركة ضمن الطرقات والشوارع التي يعرفونها، ويكشفوا سلسلة من الأنفاق والخنادق والمقرات العسكرية التابعة لـ”الفيلق” ما سهل السيطرة على منطقة الوادي، وبدء التوغل باتجاه بلدة عين ترما والمتحلق الجنوبي.
وقال مصدر من القطاع الأوسط، لـ”المدن”، إن تكتلاً يضم مجموعة كبيرة من العاملين في القطاعات الطبية والإعلامية والإغاثية، انضم إليه قادة مجموعات تابعة لـ”فيلق الرحمن”، سبق أن أرسلوا لقائد “الفيلق” بأن “اضرابهم عن العمل” سيكون قريباً، في حال “استمر الفيلق بعرقلة المفاوضات.. ووقف شلال الدم المستمر منذ أكثر من شهر”.
وأكد المصدر أن قائد “فيلق الرحمن” أرسل مندوباً عسكرياً عنه للتفاوض مع التكتل، وشكل معهم وفداً مدنياً/عسكرياً، ليفاوض الجانب الروسي بعد إجراء اتصالات معهم. وعلى ذلك تم إعلان “وقف إطلاق النار” الذي كان من المفترض أن يبدأ ليل الخميس/الجمعة، لتبدأ بعدها جولة من المفاوضات حول القطاع الأوسط، وخروج المعارضة فيه نحو مدينة ادلب، وسط غياب أي تعليق من النظام أو الجانب الروسي. واستمر قصف المدنيين بالمواد الحارقة والصواريخ شديدة الانفجار، بعد دخول “وقف اطلاق النار” حيّز التنفيذ ما تسبب بمقتل 37 شخصاً على الأقل في مدينة عربين، بعد استهداف ملجأ يحتمي فيه أطفال ونساء، تحت الأرض.
ومن المفترض أن تجري مفاوضات بين الوفد والجانب الروسي، الجمعة، لبحث “آلية الخروج” نحو الشمال، وسط غياب أي تصريحات رسمية لـ”الفيلق” والاكتفاء بالحديث عن تأمين “ممرات آمنة” للمدنيين، وإدخال مساعدات إنسانية.
غارة جوية بالخطأ على دمشق؟
غارة جوية بالخطأ على دمشق؟ ترجيح حدوث غارة جوية بالخطأ على أحياء العاصمة (انترنت)
شهدت العاصمة السورية دمشق، الخميس، تساقطاً لعدد كبير من القذائف، خلال فترة لم تتجاوز عشر دقائق، استهدفت أحياء حيوية أبرزها شارع الثورة والمجتهد والمزرعة، ما تسبب بمقتل أربعة أشخاص، وإصابة قرابة 20، بحسب مراسل “المدن” رائد الصالحاني.
وتختلف القذائف التي استهدفت دمشق هذه المرة عن سابقاتها، من حيث النوع والمفعول، إذ لم تُحدث انفجارات كبيرة، بل تصاعد منها دخان أبيض وسط احتراق يُعتقد أنه بسبب مواد شديدة الاشتعال، فيما يشبه أثر القذائف التي يستهدف بها الطيران الحربي الغوطة الشرقية. الأمر الذي رجّح استهداف أحياء دمشق من قبل الطيران الحربي، بالخطأ، وهو الذي كان يحلّق على علو منخفض جداً في سماء المدينة، لحظة الاستهداف.
وقالت مصادر النظام إن مسلحي حي جوبر، استهدفوا أحياء دمشق بعشرات القذائف والصواريخ، محلية الصنع، مُشيرة إلى أن الطيران الحربي رد على مصادر الإطلاق بغارات جوية.
وتزامن سقوط القذائف المشتعلة على أحياء دمشق بسقوط قذائف هاون وصواريخ محلية الصنع، ما تسبب بحدوث أضرار مادية كبيرة.
وقال شهود عيان إن إحدى الطائرات الحربية التي كانت تحلق في سماء دمشق ألقت حمولتها على المدينة، تزامناً مع استهدافها بمضادات أرضية، مصدرها الغوطة الشرقية.
وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها استهداف مدينة دمشق بأسلحة غير تقليدية من تلك التي تُستهدف بها المعارضة دمشق منذ سنوات. في شباط/فبراير تسبب صاروخ كبير الحجم بدمار كبير وخسائر بشرية في حي ركن الدين، وكذلك استُهدف حي كشكول الشعبي القريب من مدينة جرمانا بصاروخين، الثلاثاء، ما تسبب بمقتل 43 مدنياً وعسكرياً واحداً، واتهم النظام حينها فصائل المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية، فيما قالت مصادر إعلامية معارضة إن مصدر الصاروخين هو فروع أجهزة النظام الأمنية.
مشفى المجتهد في دمشق كان قد أصدر احصائية، منتصف شباط/فبراير، قال فيها إن أكثر من 160 شخصاً أصيبوا بقذائف الهاون، منذ مطلع العام 2018، ووصلوا المشفى، فيما قضى أكثر من 60 مدنياً منذ مطلع العام 2018 باستهداف مدينة دمشق بالقذائف والصواريخ.
مقاتلون وأسرهم يتحضرون لعملية إجلاء ثانية من الغوطة
بيروت: «الشرق الأوسط أونلاين»
يستعد مقاتلون معارضون ومدنيون، اليوم (الجمعة)، للخروج في دفعة ثانية من مدينة حرستا، بالغوطة الشرقية قرب دمشق، التي تشكل مسرحاً لمعاناة السكان مع سقوط المزيد من الضحايا، واستمرار حركة النزوح منها.
وخلال حملة عسكرية مستمرة منذ أكثر من شهر، تمكنت قوات النظام من تضييق الخناق بشدة على الفصائل المعارضة، بعد تقسيم المنطقة إلى 3 جيوب منفصلة، ما دفع بها إلى مفاوضات عادة ما تنتهي بما يناسب دمشق.
وأفاد مراسلون لـ«الصحافة الفرنسية» و«المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأضرار ألحقها القصف ليلاً بقذائف حارقة على مناطق عدة في الغوطة الشرقية.
ودخلت الحافلات صباح اليوم إلى الأجزاء الواقعة تحت سيطرة حركة أحرار الشام في مدينة حرستا، في غرب الغوطة الشرقية، تحضيراً لإجلاء الدفعة الثانية من المقاتلين والمدنيين بموجب اتفاق بين الفصيل المعارض وروسيا.
وكما حصل في اليوم السابق، بدأت الحافلات بالتجمع تباعاً في منطقة تماس بين الطرفين عند أطراف المدينة، بانتظار اكتمال القافلة قبل أن تنطلق باتجاه إدلب، في شمال غربي البلاد.
وخرجت أمس دفعة أولى تقل 1580 شخصاً، بينهم 413 مقاتلاً من مدينة حرستا، ووصلت في وقت متأخر إلى محافظة إدلب، التي عادة ما تشكل وجهة الإجلاء في سوريا.
وقال أحد المدنيين بعد وصوله إلى مخيم في شمال إدلب: «كان وضعنا مأساوياً جداً، لا نستطيع العيش فوق الأرض.. حرقوا الأرض، ولا أكل ولا شرب، حتى الشعير لم نعد نجده».
ومن المتوقع أن يخرج بموجب الاتفاق 1500 مقاتل مع 6 آلاف من عائلاتهم على دفعات.
وتشن قوات النظام منذ 18 فبراير (شباط) هجوماً عنيفاً على الغوطة الشرقية، بدأ بقصف عنيف ترافق لاحقاً مع هجوم بري، تمكنت خلاله من السيطرة على أكثر من 80 في المائة من هذه المنطقة.
وتمكنت قوات النظام من تقطيع أوصال الغوطة الشرقية إلى 3 جيوب، هي: دوما شمالاً، تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام؛ وبلدات جنوبية يسيطر عليها فصيل فيلق الرحمن؛ بالإضافة إلى حرستا التي تسيطر حركة أحرار الشام على الجزء الأكبر منها.
ويبدو أن فصيل فيلق الرحمن لحق بركاب حركة أحرار الشام، التي لم تجد بعد عزل حرستا خياراً سوى التفاوض، ثم الإجلاء.
وأعلن الفصيل المعارض أمس عن «اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار»، بدأ عند منتصف ليل الخميس – الجمعة، برعاية الأمم المتحدة، يتيح إجراء «جلسة مفاوضات نهائية» بين وفد محلي وروسيا.
وأشار المتحدث باسمه، وائل علوان، إلى أنه «لا يوجد حتى الآن تصور لما يمكن أن تؤول إليه المفاوضات، لكنها من المفترض أن تجد حلاً ومخرجاً من هذه المعاناة»، متحدثاً عن «وضع إنساني كارثي»، مع انتشار «القمل والجرب» في الأقبية.
وأورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن مناطق في جنوب الغوطة تعرضت لقصف خلال الليل وصباح الخميس، مع استمرار المعارك فيها، قبل أن يعود الهدوء إليها مع خروج وفد منها للتفاوض مع الطرف الروسي.
وقبل وقف إطلاق النار، وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل أكثر من 70 شخصاً في القصف على بلدات جنوب الغوطة.
وبين هؤلاء 37 مدنياً قتلوا في غارات روسية على بلدة عربين، وفق مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، الذي أوضح أن «القصف الروسي بالغارات والقنابل الحارقة تسبب بمقتل هؤلاء المدنيين في الأقبية حرقاً أو اختناقاً»، مشيراً إلى أن فرق الإنقاذ لم تتمكن من انتشالهم سوى في وقت لاحق خلال الليل وفجر اليوم.
ووصفت منظمة الخوذ البيضاء، الدفاع المدني في مناطق المعارضة، ما حصل في عربين بـ«المجزرة المروعة»، ونشرت صورة على حسابها على موقع «تويتر» تظهر 3 مسعفين يرتدون أقنعة واقية، وينتشلون جثة متفحمة، إلى جانبها أخرى لُفت بقماش أبيض، فيما بدت ألسنة النار مشتعلة إلى جانب الجثث الملقاة على الأرض.
واستهدف القصف بالقنابل الحارقة مناطق عدة في الغوطة خلال الليل، تضمنت أيضاً مدينة دوما.
ووفق صور ومشاهد فيديو التقطها مراسل «الصحافة الفرنسية» في دوما، بدا القصف كأنه بمادة الفوسفور الأبيض، الذي يمنع القانون الدولي استخدامه إلا في حالات خلق ستار دخاني أو إرسال إشارات ووضع علامات، أو حتى كسلاح حارق ضد المقاتلين بعيداً عن المدنيين.
وينسحب الضغط العسكري والمفاوضات على دوما شمالاً.
وتجري حالياً مفاوضات بين روسيا ومسؤولين في مدينة دوما، وفق اللجنة المدنية المعنية بالمحادثات، التي لم يؤكد فصيل جيش الإسلام مشاركته فيها.
ووفق مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، فقد تؤدي المفاوضات في دوما إلى اتفاق يقضي بتحويلها إلى منطقة «مصالحة»، بعودة مؤسسات النظام إليها، وبقاء مقاتلي «جيش الإسلام» من دون دخول قوات النظام.
وتتواصل منذ أيام عدة حركة نزوح جماعي من مدينة دوما عبر معبر الوافدين شمالاً، أحد المعابر الثلاثة التي حددتها قوات النظام للراغبين بالخروج من مناطق سيطرة المعارضة.
ودفع القصف والمعارك أكثر من 87 ألف مدني للنزوح منذ 15 مارس (آذار) باتجاه مناطق سيطرة النظام، وبقي أكثر من 30 ألفاً في منازلهم في بلدات جنوب الغوطة سيطر عليها النظام، وفق المرصد السوري.
ومع سقوط المزيد من الضحايا، ارتفعت حصيلة القتلى في الغوطة الشرقية إلى 1630 مدنياً، بينهم أكثر من 320 طفلاً.
وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة، بينها مدن وبلدات قرب دمشق، عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع النظام إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها الأحياء الشرقية في مدينة حلب بنهاية عام 2016.