أحداث الخميس 03 أيار 2018
اتفاق لإجلاء المعارضة من حمص وطهران تفتح خطاً مع أكراد سوريين
بيروت، لندن – «الحياة»
بدا أمس أن الصراع على «مناطق النفوذ» في سورية مفتوح على كل الاحتمالات، فقبل أيام من اجتماع زعماء «الدول الضامنة»، فتحت طهران خطوط اتصال مع أكراد سورية، بالتزامن مع تكرار وعيدها إسرائيل بـ «رد» على استهداف «مستشاريها»، في وقت تم التوصل إلى اتفاق برعاية روسية، على إجلاء فصائل معارضة في حمص وحماة يبدأ تنفيذه بعد غد.
واستغل النظام السوري سقوط مدنيين في قصف للتحالف الدولي بقيادة أميركا على مناطق يسيطر عليها تنظيم «داعش» شرق الفرات، وقدّم أمس شكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن طالب فيها بوقف ما وصفه بـ «مجازر التحالف».
واستدعى احتدام الصراع تنبيهاً من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كون «التناقضات العميقة» في المصالح الدولية داخل سورية، تجعل الوضع في البلد والمنطقة مضطرباً وغاية في الخطورة. وتوقع مدير اللجنة بيتر ماورر «التوصل إلى حد أدنى من التوافق على أساس مناطق النفوذ الحالية».
وعلى وقع اشتباكات عنيفة بين «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) المدعومة من التحالف الدولي مع «داعش» شرق الفرات، اجتمع مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي في طهران مع وفد من عشائر كردية في سورية، متوقعاً أن «يطرد الأكراد الأميركيين من سورية». واعتبر أن زيارة الوفد طهران «رد ساحق على ادعاءات واشنطن بوقوف أكراد شرق سورية إلى جانبها».
من جانبه، أكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي خلال مؤتمر صحافي في ختام زيارته دمشق، أن «اعتداء الكيان الصهيوني على مستشارينا في سورية يكفل لنا حق الرد»، مضيفاً: «سنرد في المكان والزمان المناسبين».
في هذا الصدد، نقلت شبكة «أن بي أس» الأميركية عن ثلاثة مسؤولين أميركيين لم تُسمهم قولهم إن «إسرائيل استخدمت إف- 15 في تنفيذ الضربة الجوية على قاعدة عسكرية بزعم أن إيران تسيطر عليها شمال سورية»، موضحين أن الهدف من الغارة كان شحنة أسلحة واردة، تضمنت صواريخ أرض- جو تم توصيلها حديثاً من إيران. وأضافوا أن إسرائيل تستعد في ما يبدو لصراع ناشط، وتسعى إلى الحصول على مساعدات أميركية.
على خط مواز، أعلنت فصائل في حمص، بينها «الفيلق الرابع»، رفض اتفاق الإجلاء عن المدينة، ووصفته بـ «المذل»، مؤكدة أنها ستقاتل حتى «الرمق الأخير». وطالبت الجانب التركي بالدخول على خط ملف شمال حمص لمنع ارتكاب مجازر بحق المدنيين، وإعادة تثبيت الهدنة التي تم التوصل إليها ويسعى النظام والروس إلى استبدالها باتفاق التهجير.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن اجتماعاً عُقد بين فصائل في الريفين الشمالي لحمص والجنوبي لحماة، استمر أكثر من 6 ساعات، وخلص إلى اتفاق مشابه للذي أُبرم مع فصائل الغوطة الشرقية وجنوب دمشق، على أن يتم البدء بإجلاء المعارضين وعائلاتهم خلال الأيام الثلاثة المقبلة. وكان عشرات الناشطين خرجوا في تظاهرات ليل الثلثاء- الأربعاء في مدن حمص وحماة وبلداتهما، مرددين هتافات رافضة التهجير.
في وقت لاحق، أكد كل من الإعلام الحربي التابع لـ «حزب الله»، ومسؤول في المعارضة السورية أمس، أن المسلحين قبلوا اتفاقاً مع النظام للخروج من جيب في حمص، فيما نشر الإعلام الحربي لائحة بالفصائل الرافضة الاتفاق.
ويضم الجيب الخاضع لسيطرة المعارضة بلدات الحولة والرستن وتلبيسة وقرى حولها، ويقع على طريق سريع رئيس بين مدينتي حمص وحماة. وقال المسؤول في المعارضة المسلحة إن المسلحين والمدنيين الذين يرفضون عودة حكم النظام، سيُنقلون إلى مناطق خاضعة للمعارضة في الشمال قرب الحدود التركية بدءاً من بعد غد.
تحطم مقاتلة روسية قبالة السواحل السورية ومقتل طياريها
موسكو – أ ف ب
تحطمت مقاتلة روسية اليوم (الخميس) في البحر المتوسط بعد اقلاعها من قاعدة جوية في سورية، ما أدى الى مقتل طياريها، وفق ما نقلت وكالات الانباء الروسية عن وزارة الدفاع.
وصرحت الوزارة ان «مقاتلة من طراز، سوخوي 30 اس ام، روسية تحطمت في البحر المتوسط حوالى الساعة 09:45 (06:45 توقيت غرينيتش)، بينما كانت تعلو في الجو بعد اقلاعها من قاعدة حميميم الجوية. وقُتل الطياران»، وفق كالة «تاس» الرسمية.
وأضافت ان «الطائرة لم تشتعل فيها النيران»، مضيفة انه «بحسب المعلومات الاولية، فان سبب التحطم قد يكون دخول طائر الى المحرك».
وبهذا الحادث، ترتفع خسائر الجيش الروسي الرسمية منذ بدء تدخله في سورية إلى 86 قتيلا.
وكانت آخر خسائر الجيش حصلت، حين تحطمت طائرة نقل عند هبوطها في قاعدة حميميم في اذار (مارس) الماضي، ما ادى الى مقتل كل ركابها الـ 39.
ويتواجد حوالى ثلاثة آلاف جندي روسي في سورية، غالبيتهم في قاعدة حميميم في شمال غربي البلاد.
حافلات تدخل جنوب دمشق لإجلاء مسلحي المعارضة
دبي، بيروت – «الحياة»، رويترز
وصلت حافلات إلى جنوب دمشق اليوم (الخميس)، لنقل مقاتلي معارضة سوريين إلى مناطق تحت سيطرة المعارضة في شمال البلاد، بعدما غادرت مجموعة سابقة الجيب الاثنين الماضي، وفق ما أفادت وكالة الانباء السورية (سانا).
وعرض التلفزيون الرسمي لقطات لحافلات وهي تصل منطقة بيت سحم وتتحرك عبر شوارع ضيقة، وأحاط بها جنود، بينما بدت على المباني الإسمنتية المحيطة آثار الحرب.
وذكر التلفزيون أن من «المتوقع أن يغادر حوالى خمسة آلاف مقاتل وأسرهم إلى مناطق تحت سيطرة المعارضة في شمال سورية».
وأفادت «سانا» بدخول عدد من الحافلات إلى بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم للبدء بإخراج المقاتلين وعائلاتهم، مؤكدة أن الاتفاق يقضي بإخراج المسلحين مع عائلاتهم، فيما تتم تسوية أوضاع الراغبين بالبقاء بعد تسليم أسلحتهم.
ويقضي الاتفاق بعودة مؤسسات الدولة إلى البلدات الثلاث، وتقديم الخدمات للمواطنين بعد إخراج المسلحين.
ووافق مسلحون في أكبر المناطق المحاصرة المتبقية بين مدينتي حماة وحمص حول بلدات الرستن وتلبيسة والحولة على الاستسلام أمس، لكن المرصد السوري قال إن «بعضهم رفض الاتفاق، وقصف مناطق حكومية في وقت متأخر أمس وصباح اليوم».
ولا تزال المعارضة تسيطر على منطقتين كبيرتين في شمال غرب وجنوب غربي سورية على حدودها الدولية. ولا تقع هاتان المنطقتان تحت حصار من الجيش السوري، لكن الرئيس بشار الأسد يضغط لاستعادة منطقتين من المعارضة محاطتين بالكامل بأراض تحت سيطرة الحكومة.
وواصل متشددو تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) الذين يسيطرون على جزء آخر من الجيب ذاته القتال، بعد أسابيع من القصف العنيف لمنطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين.
بعد تهديدات روسية وتظاهر الأهالي رفضا… المعارضة توافق على الخروج من ريف حمص
اغتيالات مجهولة تستهدف أطباء وصيادلة وصحافيين وقادة معارضين ومدنيين شمالي سوريا
دمشق ـ «القدس العربي» ـ من هبة محمد: عاشت مدن وبلدات ريف حمص، الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية المسلحة، ساعات عصيبة، بعسكرها ومدنييها، بعد ازدياد الضغوط الروسية السياسية وتهديداتها العسكرية باجتياح المنطقة، ما لم تسلم الفصائل أسلحتها الثقيلة، ويسوي المدنيون أوضاعهم، وفي أحسن المقترحات الروسية، تهجيرهم نحو الشمال السوري، بشقيه إدلب ومناطق درع الفرات، وانتهى الأمر بقبول المعارضة الخروج.
وأكد مسؤول في المعارضة السورية المسلحة أن مسلحين قبلوا اتفاقا مع الحكومة أمس الأربعاء للخروج من جيب قرب مدينة حمص. وقالت وحدة الإعلام الحربي التابعة لجماعة «حزب الله» اللبنانية نقلا عن تقارير للمعارضة «التوصل لاتفاق بين الجيش السوري من جهة والمجموعات المسلحة في ريفي حمص الشمالي وحماه الجنوبي من جهة أخرى برعاية روسية يقضي بخروج المجموعات المسلحة من المنطقة».
ويضم الجيب الخاضع لسيطرة المعارضة بلدات الحولة والرستن وتلبيسة وقرى حولها، ويقع على طريق سريع رئيسي بين مدينتي حمص وحماة. وقال المسؤول في المعارضة المسلحة في حمص إن المسلحين والمدنيين الذين يرفضون عودة حكم الدولة سيتم نقلهم إلى مناطق خاضعة للمعارضة في الشمال قرب الحدود التركية بدءا من يوم السبت.
وكان يوم أمس الأربعاء قد شهد اجتماعاً موسعاً بين لجنة المعارضة في ريف حمص، واللجنة الروسية، لاستكمال المفاوضات التي تعثرت الثلاثاء. وفي الجولة الأخيرة أمهل المفاوضون الروس لجنة المعارضة، حتى ظهر الخميس، للقبول بمطالبهم، وأبرزها تسليم الأسلحة الثقيلة، أو أن روسيا ستبدأ الحرب ضد مدن وبلدات ريف حمص.
وكانت القوات الحكومية توصلت أمس إلى اتفاق مع مسلحي المعارضة، إلا أن المظاهرات التي خرجت يوم أمس في مناطق ريف حمص أدت إلى تراجع الفصائل.
من ناحيتها قالت مصادر مطلعة إن الاتفاق نص على تسليم السلاح الثقيل لدى مقاتلي فصائل المعارضة، وتهجير من لا يرغب البقاء في المنطقة، وتسوية أوضاع من بقي منهم. وأشارت إلى أن تنفيذ الاتفاق يبدأ اعتبارا من يوم السبت المقبل، حيث سينتقل رافضو البقاء إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في الشمال السوري.
عضو «المكتب السياسي للمنطقة الوسطى» محمد كنج، قال في تسجيل صوتي على مواقع التواصل الاجتماعي: إن الضباط الروس هددوا باقتحام قوات العقيد سهيل الحسن الملقب بـ «النمر» المنطقة في حال لم يوافق «الحر» على المبادرة.
ومن البنود الروسية أن يتعهد الجانب الروسي بسحب السلاح من القرى الموالية المجاورة لريف حمص الشمالي، وإبقاء السلاح في الثكنات العسكرية التابعة للنظام، وتسوية أوضاع المطلوبين، إضافة لالتحاق المطلوبين للخدمة العسكرية خلال ستة أشهر مع المطلوبين للاحتياط من سن 18 إلى 42 سنة، بعد تسليم المعارضة لأسلحتها الثقيلة.
كما ستتم تسوية أوضاع الطلاب وعودتهم لجامعاتهم، إضافة لتسوية أوضاع الموظفين الذين فصلوا من وظائفهم، ودخول الشرطة العسكرية الروسية إلى المنطقة دون دخول قوات النظام أو الأمن التابع لها.
ورفض «الفيلق الرابع» المعارض والعامل في ريف حمص الشمالي، العرض الروسي المقدم يوم الثلاثاء، لـ«خلوه من أي ضمانة لمستقبل المدنيين في منطقة الريف الشمالي»، مؤكداً «تمسكه بحقه في الدفاع عن المدنيين». وعلى خطى «الفيلق الرابع»، سارت تشكيلات المعارضة السورية في مدينة «تلدو» بالحولة، لتعبر عن رفضها للعرض الروسي الداعي للخروج من المنطقة وتسليم السلاح الثقيل.
وفي مناطق «درع الفرات» تصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة عمليات الاغتيال مجهولة الفاعل ضد شخصيات بارزة من المعارضة السورية في محافظة إدلب والمناطق المحررة ضمن عملية «درع الفرات» شمالي سوريا.
وتُشير معطيات جمعها مراسلو الأناضول في المنطقة، إلى أن الاغتيالات تستهدف إلى حد كبير الأطباء والصيادلة والصحافيين وصائغي الذهب ومدنيين آخرين، فضلًا عن المقاتلين. وطالت الاغتيالات 27 مدنيًا و7 شخصيات قيادية من «هيئة تحرير الشام» و«جبهة تحرير سوريا» و«الجيش السوري الحر»، خلال الأسبوع الماضي، في ريفي محافظتي إدلب وحلب. ونُفّذت الاغتيالات بسيارات مفخخة وألغام وأسلحة تقليدية، في تطوّر يهدف – وفق معارضين سوريين – إلى إثارة الاضطرابات بين المدنيين، ومنع التفاهم بين الفصائل المتصارعة.
الأردن – جنوب سوريا مجدداً: هواجس تنظيم «الدولة» «أسطوانة» والقوات الأمريكية ورقة «لعوب»
التحدث مع روسيا هو الأهم وفيتو على الوجود عسكرياً إلا في حالات محددة
بسام البدارين
عمان- «القدس العربي» : يمكن لأي مشارك في صناعة القرار الأردني اظهار ابتسامة سياسية صفراء عند قراءة الموقف الجديد للخارجية الأمريكية بعنوان التعهد بحماية دول المنطقة ومن بينها الأردن والعراق من تنظيم «الدولة» (داعش).
لذلك سبب بكل الأحوال فالدوائر الأمريكية أول من يعرف بأن ما يؤرق الأردني اليوم على الأقل وهو يراقب حدوده مع سوريا الوجود العسكري الميليشياتي الإيراني واللبناني أكثر بكثير من بقايا خلايا تنظيم «داعش» الذي لم يعد له وجود حقيقي على الأرض خصوصاً في المناطق التي يعتبرها الأردن حساسة وحرجة أمنياً وعلى طول أكثر من 20 كيلومتراً في عمق درعا وجوارها.
يعرف الأمريكيون أن «داعش» عملياً لم يعد في الجوار ولم يعد من الممكن ابتزازهم سياسياً وامنياً تحت هذا العنوان ليس لانهم الجهة التي تملك أكثر وأهم المعلومات في السياق. ولكن لأن عمان تتابع في الواقع كل صغيرة وكبيرة وتصر على بناء استراتيجيتها اليوم تجاه النظام السوري بالحياد فقط ومنع كل اسباب الاشتباك عسكريا مع العمق السوري.
رغم ذلك وعلى هامش استقبال العاصمة الأردنية لمايك بومبيو وزير الخارجية الجديد صدر عن واشنطن ما يحاول الإيحاء بأن المواجهة ضد داعش لا تزال مستمرة وبأن الأردن لا يزال في دائرة الخطر والحماية الأمريكية. لكن الأردن يقرأ النص هنا في اطار الاستهلاك السياسي والإعلامي وسواء تعلق الأمر بداعش أو غيره فإن خطوط الأردن الحمراء مفهومة وواضحة للجميع كما ابلغ «القدس العربي» الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني وهو يصر على ان الامن الحدودي والوطني الأردني هو خط أحمر وعلى أن بلاده تملك كل الوسائل والتقنيات التي تمنع فعلاً عبور ولو فراشة من الحدود مع سوريا وبصورة غير شرعية.
يبرز التأكيد على مثل هذا الموقف في الوقت الذي تثير فيه السياسة الأمريكية في سوريا الكثير من الجدل والنقاش والتساؤل ولا يخفي دبلوماسيون غربيون بينهم أمريكيون شعورهم بأن سياسة بلادهم غير واضحة في المعادلة السورية. وعليه تدرك عمان بأن الحديث عن خطر داعش مجدداً مؤشر قوي على عدم وضوح الاستراتيجية الأمريكية. وبالتالي قد يكون تصريح وزارة الخارجية الأخير مقدمة لتبرير تثبيت أو التراجع عن الأفكار والمقترحات ذات الصلة ببقاء أو انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.
وفي مقاربات مسؤول أردني بارز تحدث لـ «القدس العربي» لا يوجد مبرر للمبالغة والتهويل في مسألة الوجود العسكري الأمريكي في العمق السوري حيث ان عدد القوات الموجودة أصلاً قليل وغالبيتها معنية بمراقبة الحدود وبسلاح الجو. وذلك يعني أن الحديث عن حماية الأردن أو غيره من داعش أو شقيقاتها جملة دبلوماسية درامية قد تفسر الارتباك والعشوائية والارتجال وقد تعني التمهيد لانسحاب القوات الأمريكية القليلة أو التوطئة لبقائها.
وبالنسبة للأردنيين استراتيجيتهم في معادلة الجنوب السوري تحللت من تلك المخاوف المتعلقة بتنظيم داعش وترتكز على بعض الاهداف الأمنية العميقة. وأهم تلك الأهداف رغبة عمان في أن لا يتكرر ما حصل قبل سنين في حدودها مع العراق عند حدودها مع سوريا حيث تواجد في المقابل تنظيم الدولة لمدة عامين وبعد انسحابه حضرت ميلشيات الحشد الشيعي.
وبين الأهداف الأهم في المقابل معرفة كيفية تصرف النظام السوري اذا ما قرر العودة إلى الجنوب أو استعادتها. ويتحدث الأردنيون في مسألة الجنوب اليوم مع الأمريكيين وغيرهم عن خطوط حمراء هي فقط يمكن ان تؤدي للاشتباك العسكري أو التدخل.
وهي خطوط تنحصر في التسبب بضغط المزيد من اللجوء في اتجاه الأردن واقتراب قوات موالية لإيران أو حزب الله اللبناني وهي خطوط حمراء لا علاقة لها بقصة الانسحاب العسكري الأمريكي التي ترى غرفة القرار الأردني انها غير واضحة ولم تعد مهمة. ولتحقيق ذلك تسهر عمان بحرص شديد ليس على المراقبة فقط للحدود وما يعبر منها، ولكن لتثبيت سيناريو خفض التوتر وبقاء غرفة العمليات التنسيقية المشتركة مع روسيا فعالة ونشطة مع تحقيق ما يمكن من الاختراقات في تنشيط التفاعل الودي مع قوات الجيش السوري وحتى قنوات الأمن السورية التابعة للنظام وسط قناعة أردنية تامة بأن استقرار قوات موالية لإيران في جنوب سوريا سينتهي إذا ما صمت الأردن على توسع ظاهرة التشيع وبتأسيس جغرافيا فيها جيب لقوات مثل «حزب الله» أو الحشد الشيعي. وهو أمر لو حصل سيورط شمالي الأردن في صراع دائم ومفتوح بين إيران وإسرائيل. وعليه يبلغ الأردنيون جميع الأطراف بتشخصيهم وموقفهم ويحاولون لفت نظر النظام السوري بانهم معنيون بان لا يقرر الجيش النظامي استعادة درعا عسكريا ضمن سياسات انتقامية أو ثأرية أو تهجيريه. ولفت نظر روسيا إلى ان تثبيت سيناريو خفض التوتر مهمة ينبغي ان تستمر بالنجاح كما قال الملك عبد الله الثاني شخصياً ومرات عدة.
دون الاغراق في رهانات على الاستراتيجية السياسية العسكرية اللعوب للأمريكيين في المعادلة السورية تجنبا لأي مفاجآت. يحصل كل ذلك في الوقت الذي استقر فيه الأمر بالنسبة للمؤسسة العسكرية الأردنية في اتجاهين ملموسين هما تجنب أي مغامرة لها علاقة بإرسال قوات عسكرية إلى العمق السوري الا لأسباب أمنية أردنية فقط. وثانياً إظهار الرغبة مجددا في التعامل مع جيش نظامي ومؤسساتي يسيطر على الطرف المقابل من الحدود بعدما اختبرت المؤسسة العسكرية الأردنية بناء بعض خطوات الثقة مع الجيش النظامي السوري وبدت مرتاحة في بعض المفاصل أكثر بكثير من لحظات التفاعل والتعامل مع أي مجموعات مسلحة بما فيها الجيش الحر.
مهجرو جنوب دمشق… وداع مرير يثقله انتظار الحافلات
ريان محمد
أفراد وعائلات من جنوب العاصمة دمشق ينتظرون بالساعات وصول الحافلات التي ستحملهم في رحلة تهجيرهم المجهولة، تاركين خلفهم بيوتهم وأهلهم، يحملون متاعاً قليلاً وبعض الذكريات.
أبو جلال حزم وعائلته بعض أشيائهم، التي جلبوها معهم من منزلهم في مخيم اليرموك إلى ببيلا، استعداداً لـ”رحلة التهجير المجهولة”، كما يسميها.
وقال في حديث مع “العربي الجديد”، “نحو ست سنوات مرت علينا في جنوب دمشق، شهدنا خلالها القصف والموت والجوع والخوف، ويصعب عليّ وصف مرارتها، لكن أعتقد أن الساعات التي نعيشها اليوم من انتظار وترقب أصعب من كل السنوات التي مضت”.
وتابع “كنت أعتقد أنني سأموت بقذيفة أو برميل متفجر، لأدفن إلى جوار أمي وأبي، وأخي قاسم الذي مات من جراء القصف. كانت زيارتي إلى قبورهم قليلة، وأحمل ذكرياتي معهم في منزلنا، أما اليوم فأشعر بأنني أسلب حتى ذكرياتي، ولا أعلم أين سأدفن وحيداً بعيداً عن عائلتي، حتى المنزل الذي بناه أبي وأورثني إياه سأخسره، وهو كل ما أملك في هذا البلد، وهو وطني الحقيقي، وأعتقد أنه لم يعد لي وطن”.
أما الثلاثيني زهير فقد وضع في حقيبته بعض الثياب التي تبقت لديه، وجهاز الكمبيوتر المحمول، وبعض الأوراق التي خطّ عليها ذكريات القصف والجوع. وقال في حديث لـ “العربي الجديد”، “هذه الحقيبة الصغيرة هي كل ما تبقّى لي من وطني، بعد أن دمر القصف منزلي، وسرق التهجير ذكرياتي وأحلامي، حتى إنه لن يترك لي الفرصة لأودع المنزل الذي تربيت فيه، ولا قبور عائلتي وأصدقائي”.
وأضاف “أعتزم التوجه إلى إدلب، حيث يقيم أحد أصدقائي من ريف دمشق، الذي هجر من مضايا فيما سبق، على الرغم من مخاوفي حول مصير إدلب واحتمال أن تشهد بدورها أعمالاً عسكرية، لكن يبقى الوضع أفضل من الذهاب للعيش في خيمة بريف حلب”.
وترك أبو عبد الله، أحد أبناء جنوب دمشق، منزله بما يحتويه من فرش لجاره، وطلب منه أن يُسكن فيه ابنته مع أبنائها، التي فقدت زوجها فيما سبق، علّ وجودها فيه يحول دون تعرضه للتعفيش والنهب، أو أن يسكنه أحد الغرباء”، معرباً عن أمله بأن يعود إليه يوماً.
وبيّن أن “انتظار الحافلات التي ستُخرج أول دفعة من جنوب دمشق، والمقدرة بـ 5 آلاف شخص بين مدني وعسكري، مرير جداً، كأننا في عزاء، دموع زوجتي لا تجف، وكذلك أمي التي ستبقى ولن تغادر معنا. أريد أن يُنجز الأمر بأسرع وقت ممكن، فأنا أموت ببطء، بانتظار أن أسمع أحدهم ينادي على الخارجين بالدفعة الأولى حتى نتوجه إلى الساحة ونصعد بالحافلات”.
أهالي ريف حمص… فصول المأساة في التهجير والقصف والتسوية
عبد الله البشير
لا فرق لدى أهالي ريف حمص الشمالي بين التهجير أو الموت بقذائف القوات النظامية والروسية أو القبول بتسوية مع النظام تعيدهم للعيش تحت سطوته، في ظل تلويح الروس بجبروت الآلة العسكرية، خيارات مرّة قد تجبر مئات آلاف المدنيين على القبول بأحدها وتحمل تبعاته.
وفي السياق، تحدّث ابن ريف حمص الشمالي رامي أبو العز، (54 عاما)، لـ”العربي الجديد”، بنبرة حزينة، عن أشجار الزيتون التي زرعها في أرضه قبل أكثر من عشرين عاما، والتي نمت واعتنى بها كما اعتنى بفلذات كبده الستة، متسائلا كيف للرجل أن يترك أبناءه ويهجرهم؟ “يخلفهم لمن قد يقطع جذورهم أو يتنعم بخيرهم”.
وتابع وهو يتأمل بعينين مغرورقتين بالدموع منزله: “هذا البيت تشققت يداي وأنا أنقل مواد بنائه طوبة طوبة، عشت داخله أحلامي وأفراحي وأتراحي، كيف لي أن أتركه ورائي بهذه السهولة، لأحمل خيمة على كتفي لا أعلم على أي أرض ستأويني، خصوصا بعد كل ما شهدناه خلال السبعة أعوام الماضية من قصف وفقدان للأحباء”، مبينا أنه لا يمكنه القبول بالتهجير.
ولم يستطع ابن ريف حمص الشمالي محمد المحمد، أن يخفي هو الآخر دموعه خلال حديثه مع “العربي الجديد”: “لا أحد في هذا العالم يستطيع أن يشعر بالألم الذي يعتصر قلبي عندما أفكر بأنه عليّ أن أترك الأرض التي ورثتها عن أبي، الذي أفنى عمره بها ورواها من عرقه، وأن أهجر منزل عائلتي حيث تربيت مع إخوتي. هنا ذكرياتي وآلامي، رائحة أبي وأمي. لا يمكن أن أتخيل الأمر”.
وأضاف “لا يمكن أن أتخيل هجر منزلي وأرضي ليأتي النظام بغيري يحتلون بيتي وينامون على فراشي ويستخدمون أثاثي، ويأخذون أرضي فيأكلون من ثمارها ويسرقون حلمي وحلم أبي، أو يأتي طائفيون من البلدات المجاورة ليأخذوا ما تعبنا في جمعه خلال سنوات عمرنا”.
وتابع “أفضّل الموت على رؤية هذه المشاهد أو تخيلها، لذلك إن كان لديّ خيار فهو الصمود في أرضي حتى في ظل القصف، ورفض التهجير بكل أشكاله”.
من جهته، رأى محمد بكور، ابن منطقة الحولة بريف حمص الشمالي، أن “الخيارات التي تواجه المدنيين في المنطقة قاسية جدا بشتى الأحوال، فإما البقاء وتحمّل الغارات الروسية والقصف المجنون من قبل النظام، وإما التسوية، وبكل الأحوال الخياران سيئان لنا، في الوقت الذي يطبق النظام على المناطق الموالية للحولة”.
واعتبر أن “التهجير هو الحل الوسط بين هذه الخيارات، لكن لا يعني أنه جيد فهو سيف ذو حدين، وخيار مرير بكل الأحوال”.
بدء تنفيذ اتفاق التسوية في ريف حمص الشمالي
أمين العاصي
بدأ اليوم الخميس تنفيذ اتفاق التسوية النهائية المبرم بين المعارضة السورية والجانب الروسي في ريف حمص الشمالي، والذي ينص على تهجير مقاتلي الفصائل ومدنيين إلى الشمال السوري، ودخول الشرطة العسكرية الروسية إلى المنطقة.
وأفاد ناشطون لـ”العربي الجديد” بأن عملية تسليم فصائل المعارضة السورية سلاحها الثقيل بدأت ظهر اليوم، بالتزامن مع إعادة فتح معبر بلدة الدار الكبيرة أمام حركة المدنيين.
وتم التوصل، الأربعاء، إلى اتفاق يقضي بـ”وقف إطلاق النار بشكل كامل، وتسليم السلاح الثقيل خلال ثلاثة أيام، وخروج من لا يرغب بالتسوية اعتبارا من يوم السبت القادم، ولمدة أسبوع ويمكن احتمال تمديدها حسب الأعداد الخارجة”.
وينص الاتفاق كذلك على “دخول الشرطة العسكرية الروسية والشرطة المدنية جميع البلدات السورية بعد خروج آخر قافلة مناطق الريف الشمالي”، فيما “يحق لكل مقاتل إخراج بندقية وثلاثة مخازن إضافة للأغراض الشخصية، ويمكن إحضار شاحنات لحمل أمتعة الخارجين من الأثاث”.
وبخصوص السلاح الفردي، فقد اتفق على أن “يتم تسليمه حين التسوية، على أن تكون التسوية لمدة ستة شهور للجميع، للمنشقين والمدنيين، وبعدها يتم السوق للعسكرية للإلزامي والاحتياط بين عمر 18-42، وله حرية التنقل في سورية”.
وينص الاتفاق كذلك على أن “يتم سحب السلاح الثقيل من الجانب الآخر الموازي للريف من القرى المجاورة فور سحب السلاح الثقيل من منطقتنا وكذلك المتوسط، ودخول الدوائر المدنية فورا للمنطقة”.
يُذكر أن أغلب مدن وبلدات ريف حمص الشمالي خرجت عن سيطرة النظام في وقت مبكر من عمر الثورة السورية، خصوصاً الرستن ومحيطها وتلبيسة ومحيطها، وتعرضت للتدمير الممنهج من قبل طيران النظام الذي ارتكب العديد من المجازر بحق المدنيين، ما أدى إلى تشريد عدد كبير من سكانها.
وتدخل ضمن نطاق ريف حمص الشمالي منطقة الحولة، شمال غربي حمص، والتي تضم بلدات عدة، أبرزها تل دو، وتل الدهب، وكفر لاها، إضافة إلى قرى وبلدات في ريف حماة الجنوبي، منها حربنسفه.
حمص الشمالي: قصة “المصالحة” مع كنانة حويجة والضابط الروسي
عبيدة الحموي
تضاربت ردود الأفعال بين مؤيد ورافض لبنود الاتفاق النهائي الذي أبرم بين “هيئة التفاوض” عن ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، والجانب الروسي، الأربعاء. وكانت المفاوضات قد تواصلت بين الجانبين، لثلاثة أيام، بمعدل 4 ساعات لكل جلسة، قبل ابرام الاتفاق النهائي. وجاءت بنود الاتفاق معاكسة لتوقعات شريحة من سكان الريف، بينما وجدها قسم آخر جيدة لتجنيب المنطقة الحرب والدمار.
وصدر بيان رسمي عن “هيئة التفاوض”، الأربعاء، حول “ما تم الاتفاق عليه مع كافة الفصائل العسكرية في الريف الشمالي لحمص والجنوبي لحماة، لوقف إطلاق النار بشكل كامل”، وتضمن الاتفاق “تسليم السلاح الثقيل خلال ثلاثة أيام”، و”خروج من لا يرغب بالتسوية اعتباراً من يوم السبت القادم، وخلال اسبوع، ويمكن التمديد بحسب الاعداد الخارجة”، و”دخول الشرطة العسكرية الروسية والشرطة المدنية السورية بعد خروج آخر قافلة من مناطق الريف الشمالي”، و”يحق لكل مقاتل اخراج بندقية وثلاثة مخازن أضافة للاغراض الشخصية وممكن أن يأتي بشاحنات لتعبئة اغراض الناس من الاثاث”، و”السلاح الفردي يتم تسليمه حين التسوية”، و”التسوية لمدة ستة شهور للجميع؛ المنشقون والمدنيون وبعدها يتم السوق للعسكرية للالزامي والاحتياط بين 10-42 هاماً، ولهم حرية التنقل في سوريا”، و”التفتيش للباصات بوجود ممثلين عن الروس والنظام والمعارضة”، و”يمكن إخراج أي شي تتسع له الحافلات ولايمكن إن يؤخذ المال أو المجوهرات”، و”يتم الالتزام بالقوانين الاسلامية بالتفتيش”، و”الخروج إلى ادلب وجرابلس ولنا حرية تحديد المسار والوجهة بمرافقة الشرطة العسكرية الروسية”، و”سيتم نشر نقاط روسية بين مناطق التماس والجوار”، و”يتم سحب السلاح الثقيل من الجانب الاخر الموازي للريف من القرى المجاورة فور سحب السلاح الثقيل من منطقتنا، وكذلك المتوسط”، و”دخول الدوائر المدنية فورا للمنطقة”، و”عدم دخول قوات الامن والنظام طيلة فترة وجود الشرطة العسكرية الروسية علما أن تواجد الشرطة العسكرية الروسية في المنطقة من ستة أشهر فما فوق، وقد تمتد لأكثر من سنتين”، و”تسوية أوضاع الطلاب والموظفين وعودتهم لعملهم مع مراعاة فترة الانقطاع للطلاب من حيث مدة الدراسة”.
وتقصّد النظام وحليفه الروسي، تسريع المفاوضات معتمدين على خبراتهم في إبرام اتفاقيات مماثلة. وتكوّن الوفد الروسي من ضابط ومترجم، وعرابة “المصالحات” الإعلامية كنانة حويجة، التي يلقبها أهالي المنطقة بـ”الأفعى”. وكان لأهالي ريف حماة الجنوبي تجربة سابقة مع حويجة، في العام 2016، عندما حاولت إبرام اتفاق منفصل مع أهالي بلدة حربنفسه، يقضي بدخول قوات النظام إليها عبر مكيدة مشابهة لما حصل مؤخراً في بلدتي تقسيس والعمارة. وقال أبو محمد، أحد سكان بلدة حربنفسه، وعضو سابق في لجنة مفاوضات حربنفسه، إن حويجة “طلبت منا دخول الجيش ليقوم بعملية التصوير داخل البلدة، ويخرج من بعدها، وهذا ما رفضناه لأننا لا نثق بالجيش”. وأضاف: “النظام أعطى حويجة صلاحيات واسعة، فكانت تتصل مع مدير شركة الكهرباء ومدير مديرية المياه في حماة ومحافظ حماة أمام الناس، وترفع صوتها عليهم، حتى تظهر بأنها تفاوض وتتكلم من موقع القوة”.
وحويجة مندوبة عن وزارة “المصالحة”، ووالدها العميد أديب حويجة رئيس “الفرع 248” في دمشق، وهي من قرية تلدرة في ريف حماة الجنوبي. وتعتمد حويجة طرقاً ملتوية لإبرام الاتفاقات، إذ كانت تأخذ أرقام هواتف المفاوضين، وتتواصل معهم بعد الاجتماعات، كل على حدة، لمعرفة مطالبهم، وتتعهد لهم بمناصب قيادية، مقابل توقيع الاتفاقات، وتلعب على وتر التفرقة وتقسيم الناس، إلى أن يدب الخلاف بين أهالي المنطقة، كما يحدث الآن في الريف، وسبق أن حدث في بلدة حربنفسه.
الضابط الروسي اتبع طرق التهديد والوعيد، والنبرة المرتفعة، لتحقيق أهدافه. الضابط الروسي وكنانة حويجة شكلا ثنائي التفاوض المثالي للنظام وروسيا، لإبرام اتفاقيات “المصالحة” والتهجير. الوفد الروسي يعرف أن أكثر ما يؤلم أهالي المنطقة هو القصف، فهو نقطة ضعف مفاوضي ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي. الفعاليات المدنية، وعقب كل حملة قصف، كانت تستنجد طالبة العون والنجدة من الجهات الخارجية. الوفد الروسي كان قد رفع سقف مطالبه منذ اليوم الأول للمفاوضات، مع التدقيق في التفاصيل الجزئية، أما في اليوم الثالث والأخير، الأربعاء، فقد حافظ على الشروط ذاتها، ولكنه قلّل من التفاصيل الجزئية، ربما لكي تشعر “لجنة التفاوض” أنها قد حققت تقدماً. النظام وروسيا، بحسب أحد الشهود، “أكرما وفد مفاوضات من كيسه”.
مليشيات النظام لم ترد على الاستهدافات التي تعرضت لها، من فصائل معارضة رافضة للاتفاق، ليل الأربعاء/الخميس، ما يؤكد تلقيها أوامر بعدم الرد على الاستفزازات. إذ عُممّت الأوامر لجميع حواجز المليشيات في محيط الريف، بعدم قصف مناطق المعارضة، حتى تكسب ثقة الأهالي. الاتفاق على تسليم السلاح الثقيل، وجزء من السلاح المتوسط، خلال ثلاثة أيام، يعتبر شبه مُنجزٍ، بعدما كسب الجانب الروسي قائد “جيش التوحيد” منهل الصلوح، وهو الذي يملك الجزء الأكبر من السلاح الثقيل من دبابات وعربات شيلكا ورشاشات ثقيلة على عكس المعارضة في الرستن والحولة. ويتوقع الانتهاء من تسليم السلاح الثقيل، الخميس والجمعة، تنفيذاً لبنود الاتفاق. ويحاول الجانب الروسي الإبقاء على أكبر عدد من السكان، ليستفيد من الطاقات البشرية المتواجدة في المنطقة في قتال “داعش”، إذ سمح للضباط والجنود المنشقين، والموظفين، بالعودة إلى مواقعهم، بعد “التسوية”، كما أُعطي المتخلفون عن الخدمة العسكرية مدة ستة شهور. ويتوقع الوفد الروسي الإنتهاء من عملية نقل المهجرين قسرياً، خلال أسبوع، ابتداءً من السبت. وسيرافق كل خمسة آلاف مهجر ثلاث شاحنات لنقل الأمتعة.
شروط الاتفاق لم تكن مرضية لجميع الأطراف. وبعد التصريح عنها من قبل “هيئة التفاوض” ازداد التوتر في الريف، وسط مطالبات البعض برفض الشروط “المذلة”. بعض التشكيلات العسكرية قصفت مناطق قوات النظام، في المحطة الحرارية وقرية جدرين، بقذائف الهاون. كما قامت مجموعات أخرى بقصف قوات النظام في مدينة حمص بصواريخ غراد. مجموعات متواجدة على جبهة أم شرشوح استهدفت قوات النظام بالرشاشات الثقيلة. في حين خرجت مظاهرة في مدينة الحولة رافضة لهذا الاتفاق.
مجموعة من الناشطين قامت بإجراء استطلاع رأي شمل 1500 شخص، وكانت نتيجته 80 في المائة صوتوا لصالح الحل السياسي، ورفضه 20 في المائة. ويرى المؤيدين للأتفاق أن مظاهر الرفض عبارة عن زوبعة في فنجان، وما هي إلا “فورة دم” ستهدأ لاحقاً. في حين دعت مجموعات مقاتلة رافضة للاتفاق إلى تشكيل جيش عسكري تحت مسمى “جيش الصحابة” بقيادة يوسف حديد، القيادي في “الفيلق الرابع”، “أحرار الشام” سابقاً. حديد نفى قيادته لهذا التشكيل الجديد. وحتى اللحظة لم تظهر أي بوادر جدية على وجوده.
أولى حافلات التهجير تغادر الجنوب الدمشقي
دخل اتفاق “المصالحة” بين المعارضة في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم جنوبي العاصمة دمشق، والنظام برعاية روسية، حيّز التنفيذ الخميس، وهو يقضي بخروج من لا يرغب بـ”المصالحة” نحو الشمال السوري من مدنيين ومقاتلين تابعين لفصائل المُعارضة المُسلحة.
وبدأ تنفيذ الاتفاق بدخول الشرطة العسكرية الروسية المنطقة، وانتشارها في محيط منطقة التجمع للمُهجّرين قبل خروج القوافل الأولى من بلدة بيت سحم باتجاه طريق مطار دمشق الدولي.
ومن المفترض أن تقل دفعة الخميس عناصر من “جيش الإسلام” وعوائلهم نحو جرابلس في ريف حلب الشمالي. وبحسب مصادر “المدن”، فقد دخلت 23 حافلة تهجير إلى بلدة بيت سحم. وانطلقت الحافلات بعد امتلائها بالركاب، باتجاه نقطة التفتيش التابعة للنظام والشرطة الروسية. على أن يتم إدخال بقية الحافلات في الأيام المقبلة.
ويتخوف الجانب الروسي من رد فعل المليشيات الشيعية الموالية للنظام في السيدة زينب، المحاذية للبلدات الثلاث. انتشار عناصر الشرطة الروسية مقابل جهة المليشيات، جاء خوفاً من عمل ما من قبلها قد يعرقل سير عملية التهجير للمعارضة. المليشيات الشيعية أرادت اقحام ملف كفريا والفوعة بملف خروج فصائل المعارضة من جنوبي دمشق، لكن الجانب الروسي اكتفى بمقايضة ملف إخراج “هيئة تحرير الشام” من غربي مخيم اليرموك بخروج مقاتلين ومصابين من كفريا والفوعة.
ويبدو أن الروس سيُخرجون فصائل الجنوب الدمشقي على دفعات صغيرة تجنباً للتجمعات الكبيرة، ما قد يمنع عمليات العرقلة من طرف المليشيات الشيعية أو تنظيم “داعش”.
واستهدف التنظيم الذي يتخذ من حي الحجر الأسود معقلاً رئيسياً له، طريق مطار دمشق الدولي، ظهر الخميس، بثلاثة صواريخ محلية الصنع. وتشهد الجبهات مع التنظيم منذ الأربعاء، هدوءً نسبياً، ووقفاً للطلعات الجوية والاقتحامات البرية، قياساً بالأسبوعين الماضيين.
ليبرمان:إذا لم يتدخل الاسد فسيكون حكيماً للغاية
جدد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، تأكيده أن إسرائيل ستضرب منظومات الدفاع الجوي الروسية “اس-300″، إذا تم استخدامها ضد الطيران الإسرائيلي أثناء تنفيذه عمليات في سوريا.
وكان ليبرمان قد أطلق مثل هذه التصريحات مؤخراً، إلا أن تحذيراته الحديثة جاءت خلال مقابلة مع صحيفة “كوميرسانت” الروسية، حيث لم يجد حرجاً في التهديد باستهداف المنظومة الروسية التي أعلنت موسكو في وقت سابق عزمها عن تسليمها لدمشق.
وقال ليبرمان “إذا لم تكن هذه (الأسلحة) موجهة ضدنا فهذا شيء (لا يعنينا).. (لكن) في حال أطلقت هذه المنظومات (إس 300) نيرانها على طائراتنا، فسوف نرد بالتأكيد على هذه المنظومات”.
وأشار ليبرمان إلى أن إسرائيل تأخذ في الحسبان المصالح الروسية في سوريا، وأن تل أبيب تأمل في المقابل أن تتعامل موسكو معها بالمثل، خصوصاً في مجال المصالح الأمنية لإسرائيل.
وقال “لدينا خط هاتفي ساخن بين الجيش الإسرائيلي والوحدات الروسية المتمركزة في سوريا، ونحن نراعي دائما المصالح الروسية في سوريا، ونأمل كثيرا أن تأخذ روسيا في الحسبان أيضا مصالح إسرائيل المتعلقة بأمننا”.
وأضاف “ما لن نسمح به هو محاولات إيران لتحويل سوريا إلى نقطة عبور متقدمة ضدنا.. رأينا كيف حاولت إيران مهاجمة إسرائيل، وأطلقت طائرة دون طيار مسلحة في اتجاه إسرائيل.. نحن لسنا مستعدين لتحمل ذلك.. أي محاولة من جانب إيران للحصول على موطئ قدم في الجانب العسكري في سوريا سيتم إحباطها”.
وشدد ليبرمان على أن إسرائيل لا ترغب في التدخل في سوريا، لكن ذلك مشروط فقط بألا تكون سوريا مصدر تهديد ضد إسرائيل. وقال “في حال لم يتدخل الأسد فنعتقد أنه سيكون ذلك من جانبه حكيما للغاية”.
وحول الوثائق التي عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لما قال إنها دلائل حاسمة على نشاط إيراني نووي سري، قال ليبرمان “تؤكد الوثائق المعلنة، بشكل لا لبس فيه أن إيران كانت منخرطة بفاعلية في تخصيب اليورانيوم، وتحديدا في صنع أسلحة نووية.. لفترة من الوقت ، قاموا ببساطة بتجميد هذا البرنامج من أجل الحصول على أقصى فائدة من الاتفاق، ومن ثم الاستمرار في تطوير سلاح نووي.. علاوة على ذلك، هم (الإيرانيون) أجلوا إنتاج الأسلحة النووية حتى الاستفادة الكاملة من الاتفاق”. وأضاف “نحن نتحدث بشكل عام عن الهدف الرئيسي للبرنامج النووي الإيراني: فهو لا يدور حول عامين أو اثني عشر أو عشرين”.
طائرات استطلاع سويدية فوق لبنان وسوريا.. لمراقبة روسيا؟
انضمت طائرة “Gulfstream IVSP” التابعة لسلاح الجو السويدي، المعدلة بشكل مكثف والمستخدمة في مهام المخابرات الإلكترونية، إلى القائمة الطويلة من عمليات الإستطلاع المخابراتية التي تعمل في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وتعد الطائرة واحدة من طائرتي ” SwAF’s S102B Korpen” المعدلة من قبل شركة “غلف ستريم” لتنفيذ مهام الإستطلاع الإلكتروني. والطائرة تستخدم من قبل سلاح الجو السويدي منذ عام 1992. وهي مجهزة بأجهزة إستشعار من قبل أفراد المخابرات الإلكترونية التابعة لـ”راديو الدفاع الوطني”، وقادرة على التنصت وجمع وتحليل البيانات.
وذكر موقع “aviationist” المختص بعالم الطيران، أن هذه الطائرة تقوم بشكل روتيني بمهام المراقبة فوق بحر البلطيق، وتحلق عالياً وبسرعة كبيرة في المجال الجوي الدولي بعيداً عن منطقة الاهتمام.
وأشار إلى أن “الهدف” الأكثر شيوعاً لها هو المنشآت الروسية في كاليننغراد. ولهذا السبب يتم اعتراض هذه الطائرات السويدية في كثير من الأحيان من المقاتلات الروسية “سو-27″، التي تنطلق من القواعد الجوية في كالينينغراد.
وأضاف الموقع أنه “يبدو أن الطائرة السويدية قد وجهت مستشعراتها الآن باتجاه الإشارات الروسية الصادرة من سوريا. وقد تم تتبع مسارها مرتين بداية أيار/مايو بعدما انتشرت في العاصمة القبرصية لارنكا، عندما حلقت باتجاه سوريا ولبنان وإسرائيل ومصر بشكل أو بآخر، بالطريقة نفسها التي تفعلها الطائرات الأميركية ذات الإهتمام المشابه، منذ أسابيع عديدة”.
وقال الموقع إنه “نظراً لمجال العمليات غير المعتاد تماماً، يمكن التساؤل لماذا تعمل الطائرة السويدية حالياً بالقرب من المسرح السوري، بعيداً عن الوطن؟ يمكننا فقط التكهن هنا، لكن الأرجح هو أن الطائرة تقوم بعملية إستخبارات إلكترونية قبالة سوريا للحصول على بيانات أساسية جديدة للمنشآت الروسية المنتشرة هناك، والتي قد يتم نشرها حالياً، أو بشكل وشيك في كالينينغراد”.
وأضاف أنه من المحتمل مراقبة سفن روسية هناك أيضاً، والتي قد تنضم إلى الأسطول البلطيقي. ونقل الموقع عن مصدر أميركي قوله “أعتقد أنهم يكتسبون فقط معلومات إستخباراتية إلكترونية فريدة من نوعها في سوريا، والتي قد يكون لديهم تطبيقات خاصة لها في بحر البلطيق”.
وتابع: “من المؤكد أنه مع جميع الأجهزة الروسية المنشورة في سوريا، والتي يشار إليها في كثير من الأحيان على أنها اختبار لمعدات موسكو الجديدة، هناك بعض البيانات التي يجب جمعها والتي حولت المنطقة بالفعل إلى نوع من الجنة لفرق الاستخبارات من جميع أنحاء العالم”.
مقاتلو المعارضة السورية يبدأون الخروج من بلدات جنوب دمشق
دمشق- بدأ مقاتلو معارضة سوريون الانسحاب من جيب في جنوب دمشق الخميس لكن عددا صغيرا من المقاتلين في منطقة محاصرة أخرى قرب حمص قصفوا مناطق حكومية بعد أن وافقت جماعاتهم على الانسحاب.
والجيبان في جنوب دمشق وقرب حمص هما المنطقتان الوحيدتان المحاصرتان اللتان لا تزالان تحت سيطرة المعارضة.
وتهيمن المعارضة أيضا على مساحات كبيرة من الأراضي لا تقع تحت الحصار في شمال غرب وجنوب غرب البلاد على طول حدودها الدولية.
ويأتي ذلك بعد يومين على تنفيذ اتفاق إجلاء مقاتلي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، وبعد اتفاقات مماثلة خرج بموجبها مئات المقاتلين من بلدات شرق العاصمة.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن “دخول عدد من الحافلات إلى بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم للبدء بإخراج الإرهابيين وعائلاتهم إلى الشمال السوري”.
وتحاذي البلدات الثلاث أحياء في جنوب العاصمة تدور فيها معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وتوقعت سانا “خروج نحو خمسة آلاف من الإرهابيين وعائلاتهم تنفيذاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه الأحد الماضي بين الحكومة السورية والمجموعات الإرهابية”.
مفاوضات
وجرى التوصل الى الاتفاق، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، اثر مفاوضات “بين وجهاء من البلدات الثلاث من جهة والروس والنظام من جهة ثانية”. ويقضي الاتفاق بخروج الراغبين من المقاتلين وأفراد عائلاتهم وتسوية أوضاع من اختار البقاء.
وكانت تلك البلدات الثلاث تُعد مناطق “مصالحة”، وهي التسمية التي تطلقها الحكومة على مناطق توصلت فيها خلال السنوات الماضية الى اتفاقات مع الفصائل تقضي ببقاء المقاتلين المعارضين مع توقف الأعمال القتالية، مقابل السماح بدخول المساعدات والبضائع.
ولكن إثر سيطرته الشهر الماضي على الغوطة الشرقية التي بقيت لسنوات معقل الفصائل المعارضة الأبرز قرب دمشق، يسعى الجيش السوري حالياً إلى استعادة كامل العاصمة ومحيطها عبر اتفاقات إجلاء أو عمليات عسكرية.
وفي بداية الشهر الحالي، خرج أكثر من مئة مقاتل من هيئة تحرير الشام مع أفراد من عائلاتهم من جيب صغير كانوا يسيطرون عليه في مخيم اليرموك، مقابل خروج عدد محدود من الحالات الإنسانية من بلدتي الفوعة وكفريا اللتين تحاصرهما الهيئة في محافظة ادلب (شمال غرب).
وتحدثت هيئة تحرير الشام في بيان الأربعاء عن “إتمام الاتفاق” مع وصول 141 من مقاتليها الى الشمال السوري.
وكانت سانا أفادت أن الاتفاق يقضي بخروج نحو خمسة آلاف شخص من الفوعة وكفريا، لكن هيئة تحرير الشام اعلنت خروج 18 جريحاً مع مرافقيهم، مشيرة إلى أن آخرين رفضوا الخروج “بشكل جزئي”.
وتزامن تنفيذ الاتفاق مع مواصلة الجيش السوري عملياته ضد تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على الجزء الأكبر من مخيم اليرموك وأجزاء من أحياء أخرى محاذية له في جنوب دمشق. واستعاد الجيش السوري الشهر الماضي منطقة القلمون الشرقي قرب دمشق بعد إجلاء مقاتلين معارضين من بلدات عدة.
طرد المعارضة
وبشكل مواز، تجري مفاوضات على إجلاء مماثل لمقاتلين معارضين من مناطق سيطرتهم في ريف حمص (وسط) الشمالي وريف حماة (وسط) الجنوبي.
وركز الرئيس السوري بشار الأسد على طرد مقاتلي المعارضة من جيوبهم المحاصرة المتبقية منذ إخراجهم من الغوطة الشرقية الشهر الماضي بعد حملة عسكرية شرسة.
وعرض التلفزيون الرسمي لقطات لحافلات وهي تصل منطقة بيت سحم وتتحرك عبر شوارع ضيقة وقد أحاط بها جنود بينما بدت على المباني الإسمنتية المحيطة آثار الحرب. وأفاد في وقت لاحق أن أول دفعة من الحافلات تحركت حاملة المقاتلين وأسرهم من المنطقة.
وذكر التلفزيون أن من المتوقع أن يغادر نحو خمسة آلاف مقاتل وأسرهم بيت سحم وبيبلا ويلدا إلى مناطق تحت سيطرة المعارضة في شمال سوريا بعد مجموعة سابقة غادرت الجيب بالفعل الاثنين.
وواصل متشددو تنظيم الدولة الإسلامية الذين يسيطرون على جزء آخر من الجيب ذاته القتال بعد أسابيع من القصف العنيف لمنطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين.
ووافق مسلحون في أكبر المناطق المحاصرة المتبقية بين مدينتي حماة وحمص قرب بلدات الرستن وتلبيسة والحولة على الاستسلام أمس الأربعاء.
لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصدرين محليين قالوا إن عددا صغيرا منهم رفض الاتفاق وقصف مناطق حكومية في وقت متأخر أمس وفي وقت مبكر صباح الخميس.
نيويورك تايمز: حرب الشرق الأوسط تتوقف على الرد الإيراني
ترجمة منال حميد – الخليج أونلاين
لا تزال التكهنات حول احتمالية نشوب صراع جديد في الشرق الأوسط بين إيران و”إسرائيل”، تحظى باهتمام الصحافة الأمريكية والغربية، عقب التصعيد الإسرائيلي الأخير الذي استهدف مواقع تابعة للقوات الإيرانية في سوريا، وما تبع ذلك من إعلان رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عن وثائق مسربة تكشف تفاصيل البرنامج النووي الإيراني.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، فإن الحرب المقبلة بين “إسرائيل” وإيران تعتمد بالدرجة الأولى على طبيعة الرد الإيراني.
التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط تأتي قبل أقل من أسبوعين على إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قراره بشأن صفقة النووي مع إيران، وكان قصف مواقع إيرانية، كشف عن تفاصيل سرية لبرنامج طهران النووي، عاملاً مساعداً لترامب من أجل الانسحاب من الصفقة.
وفي “إسرائيل”، أقر البرلمان خطة تخول للسلطة التنفيذية الذهاب إلى الحرب أو تنفيذ عملية عسكرية في ظل “الظروف القصوى”، ومنح هذا الحق لرئيس الوزراء ووزير الجيش بمفردهما.
يمكن القول، بحسب “نيويورك تايمز”، إن نتنياهو تمكن من استغلال مزايا سياسية وعسكرية واستخباراتية مهمة لدفع برنامجه على الجبهتين، الخارجية المتمثلة ببرنامج إيران النووي، والداخلية بإطلاق يده لدخول حرب دون موافقة مجلس الوزراء.
يقول ناحوم بارنيا، الكاتب في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، إن نتنياهو كان طيلة هذه السنين غير سعيد، وكان حذراً في السابق من استخدام القوة العسكرية، إلا أنه -على ما يبدو- يدفع الآن باتجاه مواقف أكثر عدائية.
ويعزو بارنيا سبب توجهات نتنياهو الجديدة حيال الحرب، إلى أنه قد يكون مرده إلى التهم التي يواجهها بالفساد، خاصة أنه يقدم نفسه لجماهيره على أنه الزعيم الإسرائيلي الوحيد القادر على الحفاظ على أمن البلاد.
منتقدو نتنياهو يقولون إن قضايا الفساد ضده، وقلة الخبرة الأمنية لوزير جيشه، أفيغدور ليبرمان، كلها أسباب يمكن أن تثير التساؤلات عن دوافعهم إذا قرروا أخذ “إسرائيل” إلى الحرب.
ويعتقد بعض الخبراء أن القانون الجديد قد لا يكون له تأثير كبير، فرئيس الوزراء ووزير الجيش، من غير المرجح أن يخوضا حرباً دون دعم سياسي قوي ودعم من الجيش والأجهزة الأمنية، الذين أثبتوا في الماضي أنهم كانوا حذرين.
إن استعراض القوة الإسرائيلي في سوريا يأتي في وقت تحاول فيه إيران كبح جماح نفسها من الرد على تلك الغارات، سواء بشكل مباشر أو من خلال وكلائها، ولكن قد يكون صبر إيران قريب النفاد.
ففي لبنان، حيث حزب الله، ذراع إيران القوية شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، يمكن أن يتولى الرد على “إسرائيل”، ولكن يبدو أن إيران لا ترغب في ذلك الآن، خاصة مع قرب الانتخابات اللبنانية التي ستجري في السادس من هذا الشهر.
يقول عاموس يادلين، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، الذي يرأس حالياً معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن إيران تهدف إلى تدمير “إسرائيل”، سواء بقدرات نووية أو غير ذلك.
وتابع أن “الاتفاق النووي نجح في منع إيران من السعي للحصول على أسلحة نووية بعض السنوات، ولكنهم بنوا قوة تقليدية ضد (إسرائيل) في سوريا، معتمدين على الصواريخ الباليستية، ذات التوجيه الدقيق، هذا هو التهديد الأكبر لإسرائيل في 2018. ردُّ إيران هو الذي سيقرر ما إذا كنا سنذهب باتجاه حرب شاملة أم لا، ولكن الصدام مع (حزب الله) يمكن أن يحدث هذا الأسبوع أو هذا الشهر”، بحسب الصحيفة.
إغاثة الشعب السوري.. البنوك تجعلها مستحيلة
حذر تحالف منظمات غير حكومية سورية فرنسية من أن تشديد الحكومات والمصارف القيود على التعاملات المالية لمنع تمويل المجموعات الإرهابية يعرقل عملياته لتقديم الإغاثة في سوريا.
وقال “التجمع السوري للتنمية والإغاثة” في رسالة مفتوحة إن قدرته على تقديم المساعدات الإنسانية أصبحت مهددة.
وأصبحت مصارف غربية عديدة تحجم عن العمل مع أي من المجموعات التي تقدم المساعدة في سوريا، خشية تعارض ذلك مع القواعد الصارمة الهادفة لمنع المجموعات الإرهابية من الحصول على تمويل.
وتحدث التجمع السوري عن عراقيل عديدة تعترض عمل منظماته، وأبرزها “رفض فتح حسابات مصرفية، وإغلاق حسابات دون إعطاء أي تفسير، وإغلاق مواقع التبرعات عبر الإنترنت، والتأخير الكبير في إتمام التحويلات المالية أو إلغاؤها”.
وقال عمار شاكر من اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية، المنضوي إلى التجمع السوري للتنمية والإغاثة “نريد أن يتم تشديد الرقابة كون ذلك يحمي المصارف ويحمينا كذلك. لكننا نحتاج إلى إجراءات واضحة وإجابات على أسئلتنا. فعندما يتم حجب أو رفض عملية تحويل علينا أن نفهم سبب ذلك لنتمكن من تقديم المعلومات الضرورية” لإتمامها.
ونوّه الموقعون على الرسالة بتعهد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في مارس/آذار الماضي بزيادة ميزانية فرنسا للمساعدات الإنسانية بثلاثة أضعاف لتصبح “أحد أعمدة سياستنا الخارجية” على حد تعبيره.
وقال التجمع السوري للإغاثة “حتى تكون هذه السياسة فعالة، من الضروري ألا تجعل هذه الضرورات الأمنية من جميع العمليات الإنسانية أمرا مستحيلا” داعيا إلى إجراء محادثات بين السلطات والمسؤولين المصرفيين بهدف إيجاد حل.
ويوجد ما يقدر بنحو 6.1 ملايين نازح داخل سوريا حاليا، بينما فر أكثر من خمسة ملايين إلى الخارج. ويحتاج حوالي 13 مليون إنسان بينهم ستة ملايين طفل إلى مساعدات، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.
ونزح أكثر من سبعمئة ألف شخص منذ بداية العام الجاري مع تكثيف قوات النظام السوري هجماتها، ولا سيما في العاصمة ومحيطها، مما زاد من حدة الأزمة الإنسانية.
المصدر : الفرنسية
الشبكة السورية لحقوق الإنسان: مقتل قرابة سبعمائة صحفي منذ إنطلاق الأزمة
وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء 3 مايو 2018
روما- قال تقرير حقوقي لمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة إن “أكثر من 682 صحفياً قُتل في سورية منذ انطلاق الثورة في آذار/مارس 2011، قرابة 82% منهم على يد الحلف السوري الروسي”.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، المحسوبة على المعارضة، في تقرير أصدرته اليوم (الخميس) بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة إن “كثافة الأحداث السورية أعجزت الصحافة والصحفيين التقليديين عن تغطية ما يجري بشكل تفصيلي، حيث تصدَّى لهذه المهام مواطنون تدرَّبوا على المهام الصحفية والإعلامية، وأصبحوا بالتالي هدفاً مباشراً لكل من يعملون على فضح انتهاكاته عبر عمليات التصوير أو التدوين أو نقل ونشر الأخبار”.
ووفقاً للتقرير، فإنَّ “النظام السوري وحلفاءه لم يكتفوا باستهداف المواطنين الصحفيين، عبر عمليات القتل والاعتقال والتَّعذيب، بل وظفَّ في المقابل عشرات الصحفيين لنقل وتبني روايته للأحداث واستعان بشكل رئيس بالنظام الإيراني، الذي يمتلك خبرة واسعة في النَّشر باللغة الانكليزية بشكل أساسي، وبعض وسائل الإعلام في لبنان المحسوبة على حزب الله، يُضاف إليهم الإعلام الروسي، جميع تلك المؤسسات الإعلامية والصحف استمرَّت في نفي جميع انتهاكات النظام السوري وجرائمه، وتبني سردية محاربته للإرهاب، وتلميع صورته وشكر حليفيه الإيراني والروسي”.
وأشارَ التقرير إلى أنَّ “قوات النظام السوري تسبَّبت في قرابة 90% من الانتهاكات المسجلة بحق المواطنين الصحفيين، من جانب آخر أوضح أنَّ جميع الأطراف مارست بشكل أو بآخر نوعاً من القمع لوسائل الإعلام، وتشويه الحقائق، أو مبالغة في إظهار وحشية الخصم؛ ما أفقد العديد من وسائل الإعلام النزاهة والموضوعية”.
وقال مدير الشبكة فضل عبد الغني، “لقد لعبَ المواطنون الصحفيون دوراً مهماً في المشاركة في تسجيل ورواية الأحداث والانتهاكات، وتزويد المنظمات الحقوقية بتلك البيانات، لقد تعاونَّا معهم كثيراً، يجب أن لا ننسى ما قدَّموه أبداً، لقد ضحى بعضهم بحياته، وحريَّته ثمناً لنقل الحقيقة التي يؤرِّخ ويدافع بها عن أهله وبلده”.
وحسب التقرير، فإنه تم “توثيق مقتل 682 من الكوادر الإعلامية، من بينهم 8 صحفياً أجنبياً، و37 منهم قتلوا بسبب التَّعذيب، على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سورية منذ آذار2011 حتى أيار 2018، قتل منهم النظام السوري والميليشيات الإيرانية 538، فيما قتلت القوات الروسية 18، وقُتلَ 69 على يد التنظيمات الإسلامية المتشددة، وقتلت فصائل في المعارضة المسلحة 25، فيما قتلت قوات الإدارة الذاتية الكردية 4، وقتلَ 1 من الكوادر الإعلامية على يد قوات التحالف الدولي، في حين قُتلَ 27 على يد جهات أخرى.
وأوضحَ التقرير أنَّ “عمليات اعتقال وخطف المواطنين الصحفيين مستمرة منذ سبع سنوات ضمن سياق حجب وتشويه ما يجري من انتهاكات وفظاعات في سورية”، مشيراً إلى “تحوِّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً وخاصة المعتقلين في سجون النظام السوري”.
ونوَّه التقرير إلى “إساءات في استخدام مهنة الصحافة في سورية، التي باتت تُكرَّس لخدمة المجرمين وتبييض صورتهم، ولإرهاب كل من يتجرأ على مخالفتهم، حيث تمَّ تصوير عدد كبير من مقاطع الفيديو التي تصوِّر عمليات التعذيب الوحشي التي يتعرَّض لها معارضون، وتضمَّنت مقاطع أخرى عبارات تحمل صبغة طائفية، إضافة إلى بثِّ مقاطع لحيل سينمائية ونسبها إلى فصائل المعارضة المسلحة لإثبات أنَّ كل الجرائم المرتكبة من قبل النظام السوري ما هي إلا فبركات إعلامية”.
وطالب التَّقرير مجلس الأمن الدولي بـ”المساهمة في مكافحة سياسة الإفلات من العقاب عبر إحالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية”، وأوصى المفوضية السامية لحقوق الإنسان بـ”إدانة استهداف الكوادر الإعلامية في سورية، وتسليط الضوء على تضحياتهم ومعاناتهم”.