أحداث 5.05.2011
سوريا: قناصة الأسد .. أمِرت باستهداف رؤوس المحتجين
جورج حداد
سوريا – سياسة
الشبكة العربية العالمية – نشر موقع قناة فرانس 24 تسجيلا أرسله لهم مراقب القناة من دمشق، يتحدث شخص قدم نفسه كعضو من جهاز الأمن السوري عن الأوامر التي وجهت للقناصة وللأمن يوم الجمعة الماضي لقمع المتظاهرين في برزة، أحد أحياء دمشق.
شهادة تنبئ عن هول سياسة القمع التي تنتهجها السلطات السورية.
تم تسجيل هذا المقطع منذ يومين في دمشق. ولأسباب أمنية، تم إدخال بعض التغييرات على صوت المدعو أبو حسين (وهي الكنية التي اختارها). وهي الأسباب ذاتها التي جعلته يرفض التحدث مباشرة إلى فرانس 24. واكدت القناة إلى تطابق روايته مع التسجيلات التي نشرتها سابقا خلال الأسابيع الماضية والتي تظهر فيها جثثا عديدة لمتظاهرين قتلوا برصاص في الرأس.
في 29 أبريل/نيسان، اجتمع عدد من سكان برزة للتظاهر، غير أن أمطارا غزيرة بدأت تتهاطل بعد نصف ساعة من بداية المظاهرات، ما أرغم المتظاهرين على العودة إلى منازلهم [شاهدوا التسجيل أعلاه]. لذلك لم يكن هناك إطلاق نار رغم الوجود المكثف لقوات الأمن [أبو حسين لم يتدخل].
لكن في الجمعة السابقة، لقي سبعة من المتظاهرين حتفهم ولا يزال ثلاثة أشخاص مفقودين بعد أن قامت أجهزة الأمن والشبيحة بإطلاق النار على المتظاهرين. واستنادا لما صرح به عدة أشخاص، فقد كان إطلاق النار يأتي من سقف إحدى المباني العمومية. لقد رأيت بدوري رجلا يلقى مصرعه على بعد 15 مترا مني برصاصة في رأسه. لم يكن بوسع قوات الأمن أن تصيبه، خلافا للقناصة المتواجدين على السطوح. من الواضح أن إطلاق النار كان من فوق.
تداول شهود عيان في المدن السورية الأخرى أحاديث مشابهة لما حصل في البرزة. كثيرة هي التسجيلات التي تشهد على إصابة المتظاهرين في الرأس أو في الصدر. شهادة أبو حسين تأتي لتعزز خبر تواجد قناصة لردع المتظاهرين.”
سوريا: حشود حول الرستن وإجراءات لمنع هروب الأموال
بعد حملة القمع الشديدة الذي شنتها القوات السورية في مدينة درعا التي تعتبر مهد الاحتجاجات، أفاد معارضون سوريون ان الجيش حشد نحو مئة دبابة وناقلة جند مدرعة حول مدينة الرستن على الطريق السريع بين حمص وحماه، كما اتخذ اجراءات مشددة وعزز وحداته حول ضواحي دمشق التي شهدت تظاهرات في الاسابيع الاخيرة، في محاولة لاخماد حركة الاحتجاج في سوريا. ص11
وعلى رغم التنديد الدولي بعملية القمع، واصلت السلطات حملة الاعتقالات في مختلف المدن التي شهدت تظاهرات وخصوصا في درعا. وتحدث ناشطون حقوقيون عن اعتقال نحو ثمانية الاف شخص.
الوضع المالي
وفي علامة على الانعكاسات المالية والاقتصادية للازمة، سمح المصرف المركزي السوري للمرة الاولى بفتح حسابات ادخار بالعملات الاجنبية حتى مبلغ 120 الف دولار في محاولة لتجنب هروب الاموال بسبب حركة الاحتجاج غير المسبوقة على نظام الاسد.
وصرح احد مديري المصرف المركزي بأن في امكان السوريين ان يدخروا من الان فصاعدا حتى 120 الف دولار شرط تجميد المبلغ ستة اشهر على الاقل.
وكان من حق المودعين حتى الان فتح حساب جار بالعملات الاجنبية من دون عائد، وكان يتعين على الزبون ان يحضر بنفسه الدولارات او الأورو.
وبات يمكن الزبون من الان فصاعدا ان يحول في المصرف ما يريد من الليرات السورية لايداعها في حساب ادخار بالعملات الاجنبية. ويتمتع الحساب بعائد يراوح بين 2 و3 في المئة ، الى فائدة الليبور بالنسبة الى الدولار وبين 1 و2 في المئة اضافة الى الليبور بالنسبة الى الاورو (الليبور هو فائدة لندن للعمليات بين المصارف).
وقرر المصرف المركزي السوري ايضا زيادة معدل الفائدة على الودائع بالليرة السورية بنسبة 2 في المئة. وهكذا بات العائد على الليرة السورية بين 7 و9 في المئة في مقابل 5 و7 في المئة في السابق.
واكد احد رجال المصارف في دمشق والذي طلب عدم ذكراسمه، ان السحوبات اليومية تفوق الودائع منذ شهر. كذلك سجلت تحويلات كبيرة من الليرة السورية الى الدولار.
و ص ف
تجمع لعشرات الدبابات والمدرعات بالقرب من مدينة بانياس
الجيش السوري يبدأ الخروج من درعا ودعوات متجددة للتظاهر
تجمعت عشرات الدبابات والمدرعات بالاضافة الى تعزيزات ضخمة من الجيش اليوم الخميس بالقرب من مدينة بانياس الساحلية (280 كلم شمال غرب دمشق) تمهيدا لمهاجمتها، بحسب ناشطين حقوقيين.
دمشق: ذكر ناشطون لوكالة الأنباء الفرنسية أن “عشرات الدبابات والمدرعات وتعزيزات ضخمة من الجيش تجمعت عند قرية سهم البحر التي تبعد عشرة كيلومترات عن بانياس”. ويحاصر الجيش السوري بانياس منذ اكثر من اسبوع. واشار احد الناشطين “يبدو انهم ينوون الهجوم على بانياس كما سبق وفعلوا في درعا” جنوب البلاد.
وكان الجيش الذي دخل مدينة درعا في 25 نيسان/ابريل الماضي لقمع موجة الاحتجاجات ضد النظام السوري بدأ صباح الخميس الخروج من المدينة “بعد ان اتممنا مهمتنا” المتعلقة بمطاردة عناصر مسلحة، حسبما افاد اللواء رياض حداد مدير الادارة السياسية في الجيش السوري.
وقال ناشطون الثلاثاء ان سكان مدينة بانياس “يخشون هجوما وشيكا”. وفي وقت يتهم النظام “عصابات مسلحة” او “مجموعات ارهابية” بالوقوف خلف اعمال العنف منذ منتصف اذار/مارس، اظهر شريط فيديو بث على موقع يوتيوب متظاهرين متجمعين في بانياس يحملون الورود للتشديد على الطابع السلمي لمطالبهم.
وبدأ الجيش السوري الخميس الخروج من مدينة درعا (جنوب) التي دخلها في 25 نيسان/ابريل لقمع موجة الاحتجاج ضد النظام السوري، فيما تجددت الدعوات للتظاهر في “جمعة التحدي” رغم حملات الاعتقال التي كان اخرها توقيف اكثر من 300 شخص صباح اليوم في بلدة سقبا (ريف دمشق).
وذكر مراسلو الوكالة ان نحو 350 جندي استقلوا نحو عشرين ناقلة جنود الصقت عليها صور الرئيس السوري بشار الاسد تركوا المدينة نحو الساعة العاشرة صباحا (7:00 تغ). وقال اللواء رياض حداد مدير الادارة السياسية في الجيش السوري لوكالة فرانس برس “بدأنا الخروج التدريجي بعد ان اتممنا مهمتنا”. واضاف “سنتم خروجنا كليا في نهاية اليوم”، من دون الاشارة الى عدد العناصر التي شاركت في العملية. ولفت اللواء الى “الجيش لم يواجه المتظاهرين. نحن نتابع عصابة ارهابية مختبئة في اماكن محددة ونداهمها”.
واضاف مدير الادارة السياسية في الجيش ان “الجيش لم يتصد للتظاهرات على الاطلاق ولم يتم استخدام اسلحة ثقيلة اطلاقا، فقط الاسلحة الفردية”. واشار اللواء بيده الى الابنية التي تقع عند مدخل المدينة والتي قي طور البناء. وقال “هنا كان يختبئ القناصة الذين اشتبك معهم الجيش في اليوم الاول من العملية” التي بدات في 25 نيسان/ابريل.
واكد ان “العملية اسفرت عن مقتل 25 جنديا وجرح 177 اخرين”. واضاف انه “تم القاء القبض على المجموعات الارهابية المسلحة التكفيرية التي روعت الناس وقتلت الابرياء واعتدت على الممتلكات”. واكد اللواء ان “الحياة الطبيعية ستعود تدريجيا لدرعا”.
وتحاول حركات المعارضة للنظام السوري تنظيم اعتصام في المدن الكبرى في البلاد. كما اكد ناشطون ان المعارضين للنظام في سوريا تعهدوا مواصلة “ثورتهم” عبر تنظيم تظاهرات في عدة مدن سورية في بيان “مستمرون في ثورتنا وفي مظاهراتنا السلمية في كافة ارجاء سوريا حتى تحقيق مطالبنا بالحرية”.
ودعا الناشطون الى التظاهر يوم غدا الذي اسموه “جمعة التحدي” الموافق في السادس من ايار وهو ذكرى الاحتفال بعيد الشهداء عادة في سوريا. ياتي ذلك فيما اعلن ناشط ان اكثر من 300 شخص اوقفوا صباح اليوم الخميس في بلدة سقبا قرب دمشق خلال حملة اعتقالات شنها الجيش وقوات الامن السورية.
وقال الناشط الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس “قامت الاجهزة الامنية التي يساندها الجيش باعتقال اكثر من 300 شخص بينهم عدة مشايخ”. واكد الناشط ان “احد المعتقلين جرح بنار عناصر الامن قبل ان يتم اقتياده الى السجن”.
وفي الساحة العامة التي سميت “ساحة الشهداء”، قامت اجهزة الامن “بنزع لافتة تشير الى الاسم الجديد كما مزقوا صور الشهداء التي كانت ملصقة” حسب الناشط. واكد الناشط ان “اكثر من الفي شخص تابعين لاجهزة الامن والجيش شاركوا في حملة الاعتقالات والذين نقلوا بحافلات”.
واشار الناشط الى ان “سبعة من سكان سقبا قتلوا منذ بداية موجة الاحتجاجات” منتصف آذار/مارس. وكان ناشط اوضح في وقت سابق للوكالة “ان عناصر قوات الامن قاموا بعمليات توقيف ليلا. وكانت بحوزتهم لوائح باشخاص مفتش عنهم، وقاموا بعمليات تفتيش في المنازل”.
واضاف “تم نصب حواجز في هذه البلدة وتم توقيف اشخاص آخرين”. على الصعيد الدولي، اعلن وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني في ختام لقاء في روما مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الخميس، ان الولايات المتحدة وايطاليا تدعوان الحكومة السورية الى “وقف اعمال العنف والعودة الى الحوار”.
وتطرق ايضا الى “العقوبات” ضد سوريا، ولاسيما “تعليق المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي من اجل التوصل الى اتفاق تعاون” و”قيود على تحرك الاشخاص المتورطين مباشرة في اعمال العنف التي وقعت في الاسابيع الاخيرة”.
وافادت منظمة انسان للدفاع عن حقوق الانسان عن سقوط 632 قتيلا واعتقال 2843 شخصا منذ شهر ونصف شهر بينما تحدثت منظمة العفو الدولية عن 542 قتيلا في حصيلة مرشحة الى الارتفاع كما اضافت. وطلب مجلس الامن الدولي ارسال بعثة عاجلة الى سوريا فيما اعلنت منظمة غير حكومية عن وجود حوالى ثمانية الاف “معتقل ومفقود” في البلاد منذ انطلاق الاحتجاجات في 15 اذار/مارس.
شيخ الناشطين هيثم المالح توارى عن الأنظار بعدما لاحقته السلطات
منظمات حقوق الإنسان مصدر للخبر السوري في ظل التعتيم
بهية مارديني
وسط اعتقالات ناشطين وأعضاء منظمات حقوق الإنسان في سوريا وملاحقتهم وتهديدات بعضهم بعدم التصريح لوسائل الإعلام وخوف البعض الآخر، تبدو الحقيقة المرة. فبسبب التعتيم الإعلامي ومنع دخول وسائل الاعلام المستقلة واعتقال الصحافيين، حضرت بقوّة على الساحة منظمات حقوقية كمصادر للأخبار مع ملاحظة أنها كلها غير مرخصة أصولاً.
منظمات حقوق الإنسان في سوريا أمست مصدرًا للخبر في ظل التضييق الإعلامي
بهية مارديني من القاهرة: في فترة حرجة، سيذكرها التاريخ كلما تحدث عن التنكيل في سوريا، يرى حقوقيون أنه لا يمكن الإمساك العصا من المنتصف أو الوقوف موقف المتفرج والتزام خط الحياد، لذلك برزت أسماء كثيرة .
“ايلاف” سألت من هي أبرز الجمعيات والمنظمات الحقوقية؟ وما مدى صدقيّة المعلومات التي تبثها؟ هل ثمّة تنسيق في ما بينها؟ كيف تعمل؟ وكيف تتفادى انتقام النظام السوري؟ كيف يتصل أعضاء هذه الجمعيات ببعضهم بعضًا وبوكالات الأنباء والفضائيات؟. وإن كان الإعلام الرسمي يطوّع الحقائق لمصلحة النظام، فهل ينطبق الشيء نفسه على الجمعيات الحقوقية والمنظمات التي قد تطوع الحقائق بدورها؟.
محاولات لوأد الطفل الحقوقي قبل ولادته في سوريا
تأسست الجمعيات والمنظمات الحقوقية اللبنة الأساسية في سوريا رغم محاولات الهجوم عليها، واستطاعت في ظل هذه الأحداث أن تقف على قدميها رغم المحاولات المتكررة من قبل السلطات لوأدها، سواء بالقمع أوالتهديد أوالملاحقات.
وكانت قد تعرضت المنظمات الحقوقية السورية عبر سنواتها الى محاولات تخوين، وبثّ التفرقة بين الفرقاء المختلفين، ويشبّه ناشطون حقوقيون الوضع في سوريا بالوضع في مصر فترة السبعينات، في اشارة الى الخلافات بين الأشخاص الحقوقيين وبعض الانشقاقات.
لكن المنظمات الحقوقية السورية استطاعت بالفعل أن تتجاوز الخلافات والاختلافات عبر ائتلافات مهمة مثل “المنبر السوري” الذي تشكل من ثمانية منظمات حقوقية، ولكن الضغوط الأمنية المتلاحقة وأدته قبل أن يبدأ عمله. وفي هذه الفترة الخطرة من تاريخ سوريا عزز المحامي هيثم المالح شيخ الحقوقيين في سوريا من بروزه، الأمر الذي دفع السلطات الى ملاحقته، فتوارى عن الأنظار.
المحامي خليل معتوق الحقوقي البارز صامت غالبًا رغم معرفته الكثير عما يجري في سوريا، وكان من ضمن من طالهم الضيم بوفاة ابن شقيقته الشاب سامي، محمّلاً السلطات السورية مسؤولية ذلك. أما الدكتور رضوان زيادة فغادر البلاد، ويحاول العمل بتكثيف، وكان من كشف أمام مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة الانتهاكات السورية، فيما يطالب السوريون بدور أكبر للمحامي أكثم نعيسة وفريقه الحقوقي.
المهندس راسم الأتاسي رئيس مجلس ادارة المنظمة العربية لحقوق الانسان في سوريا معتقل، ويحاكم ضمن محكمة عسكرية بعد تلفيق تهمة له بدعم الجماعات” المسلحة “عسكريا وماليًا. في حين أن المحامي عبد الله الخليل عضو جمعية حقوق الانسان في سوريا معتقل بعد تصريحات له على القنوات التلفزيونية.
بدورها منتهى الأطرش والمنظمة السورية لحقوق الانسان “سواسية” أضاءت الحركة الحقوقية السورية. وبدا واضحا استعمال الخطوط التركية والأردنية وخطوط الثريا خلال الأزمة واعتقلت السلطات الأمنية الناشط محمود عيسى في حمص بعد اجراء لقاء مع احدى القنوات الفضائية، وتسرب أنها وجدت لديه هاتف ثريا، لذلك اعتقلته علمًا أن هناك وكيلاً لهواتف الثريا في سوريا.
في الواقع برزت في الفترة الأخيرة قضية تورط اولاد مسؤولين سوريين كبار في تنظيم وتوزيع شبكات هاتفية غير خاضعة للسلطات السورية وشركات المحمول وغير مرخصة، تورط فيها شخص اردني القي القبض عليه، وكان كبش الفداء في القضية كما قال أكد أحد المحامين لـ”ايلاف”.
وتواصلت الوكالات العالمية والصحف والمجلات الفضائيات العربية والدولية مع النشطاء داخل سوريا وخارجها وأصبحت ارقام هواتفهم مصدرًَا للصحافيين والاعلاميين لاستقاء معلومة ما، حول عدد القتلى الذي يزداد يوميا أو عدد المعتقلين أو الانتهاكات.
ولا بد ان نؤكد ان ما يجري في درعا للأسبوع الثاني لا احد يستطيع التكهن به في ظل الحصار التام رغم تاكيدات السلطة “بعودة الماء والهواء” الى المدينة المنكوبة.
أسماء جديدة من المعتقلين باستمرار
“عندما أبدأ بكتابة بيان لأعلن فيه عن أسماء المعتقلين الجدد في سوريا، لا أكاد أنتهي من البيان حتى تأتيني أسماء جديدة هاتفيًا أو عبر الايميل من أعضاء المنظمة الوطنية لحقوق الانسان أو من مصادر موثوقة أو من عائلات المعتقلين وأصدقائهم، وهكذا … لعل ما قاله الناشط الحقوقي لـ”ايلاف” يعكس حالة الناشطين وحقيقة الأوضاع في البلاد.
لا يمكن أن ننسى في هذا الصدد رزان زيتونة الناشطة الحقوقية التي يتردد أنها متوارية عن الانظار، وسط انقطاعات هاتفها الخلوي، رغم أنها تحمل اكثر من هاتف واحد، لتواكب مايجري في سوريا، وترد على اتصالات الوكالات والفضائيات، لتعلن عن الاوضاع في الداخل، وحرصها على عدم تكرار فترة الثمانينات، كما إن هناك أنباء عن محاولات لاعتقال زوجها وائل حمادة وعندما لم يتم ايجاده تم اعتقال شقيقه.
المنظمة الوطنية لحقوق الانسان تحاول ممارسة نشاطها عبر اعضاء خارج سوريا وداخلها مع رصد كثف والتوثيق مع محاولة الاقتصار على دورها الحقوقي الصرف وفق ما يعلن عنه الدكتور عمار قربي رئيس المنظمة.
عبد الكريم ريحاوي رئيس الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الانسان بدأ مع بداية الازمة مندفعًا في تصريحاته يحاول ان يتوازن الا أنه مع دخول الازمة شهرها الثاني، بدأت تصريحاته بالتقلص تدريجيًا مع اصدار بيانات حول ما يجري. كذلك هو حال دانيال سعود رئيس لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان في سوريا الذي اعتقل ثم افرج عنه ويرفض التصريح.
المنظمات الكردية اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سورية – الراصد (المحامي رديف مصطفى) المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سورية (DAD) (المحامي مصطفى أوسو)، منظمة حقوق الإنسان في سورية – ماف (المحامي عدنان سليمان)، شكلت تآلفًا مع المنظمتين الوطنية والعربية اضافة الى لجان الدفاع، ويبدو الآن ناجحًا بشكل لافت في كشف الانتهاكات، ولكن السؤال حتى متى سيستمر دون حدوث خلافات اعتادتها الحالة الحقوقية السورية لظروف عدة، منها التدخلات الامنية عبر ضغوط شتى؟.
المرصد السوري لحقوق الانسان استطاع أن يحقق انجازات خلال فترة لافتة وخاصة عبر تواصل مديره رامي عبد الرحمن اليومي مع المحافظات السورية. ويوضح هيثم المناع الناطق باسم اللجنة العربية لحقوق الانسان ابن درعا في تصريحاته ما ترتكبه السلطات السورية من انتهاكات.
هذا وحاول ناصر الغزالي مدير مركز دمشق للدراسات النظرية وبحكم قرابته وصلاته بدرعا حاول التوثيق والرصد رغم وجوده في السويد. وتعرض نجاتي طيارة الناشط الحقوقي للعديد من الملاحقات من “الشبيحة” وأعوان النظام خلال محاولاته رصد مايجري في حمص.
وكان واضحًا خلال الشهرين الماضيين حضور أسماء بقوة خلال الأزمة مثل الدكتور برهان غليون الأستاذ في السوربون، الذي كانت تصريحاته ومبادراته تحاول الحصول على مخرج للسوريين ووقف الدم، والناشط بشار العيسى الذي ظهر على الفضائيات ليدافع عن السوريين، ويفضح ممارسات النظام في ظل تعتيم اعلامي لم يمر على دولة مثلما يتكرر الآن في سوريا.
تقارير حقوقية سنوية وبيانات شبه يومية
ورأى عبيدة فارس مدير المعهد العربي للتنمية والمواطنة في تصريح خاص لـ”ايلاف” أنه من المعروف” أن السلطات السورية لم تسمح أبداً خلال العقود الأربعة الماضية بوجود أي منظمات مجتمع مدني مرخّصة ومستقلة، تعمل بشكل طبيعي، وكان هذا الأمر جزءاً من السياسة التي خلّفها الحكم الأمني في ظل الطوارئ، التي أرادت أن تخلق حالة من التصحّر السياسي، بحيث لا تبقى أية جهة قادرة على العمل على الأرض سوى تلك المرتبطة بأجهزة الأمن”.
لكنه أكد “أن عدداً من النشطاء استطاعوا خلال السنوات الماضية تأسيس منظمات لحقوق حقوقية، وهي وإن لم تأخذ الشكل القانوني، ولا حتى الشكل التنظيمي المتعارف عليه في الدول الأخرى، إلاّ أنها أسسّت لعمل حقوقي جمع النشطاء معاً، ومكّنهم بشكل مهني من متابعة الانتهاكات التي تقوم بها أجهزة الدولة، واستطاعوا أن يحصلوا على اعتراف المجتمع الحقوقي الدولي خلال السنوات الماضية كمصدر معتمد، حيث أثبتوا مصداقيتهم وحرفيتهم العالية، خاصة في ظل الظروف الخاصة التي يعيشون في ظلّه”.
وقال “من خلال الاطلاع على البيانات والتقارير السنوية التي أصدرتها بعض المنظمات الحقوقية في سورية خلال السنوات السابقة، يمكن أن يظهر حجم الجهد والحرفية التي يتم بذلها، في ظل غياب أي نوع من الموارد للعمل، مضافاً إليه المخاطرة الكبيرة التي يتعرّض لها النشطاء أثناء عملهم”.
وأشار الى “أنه على سبيل المثال فقد قامت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية بإصدار عدد من التقارير السنوية التي امتازت بدقّتها وحرفيتها، وأثبتت قدرتها على العمل بصورة توازي عمل المنظمات الحقوقية في دول تعيش أجواء ديمقراطية وحرة”.
واعتبر في هذا الصدد أنه “لا يمكن هنا حصر الأسماء التي أسست للحالة الحقوقية السورية، حيث اختلف إيقاع المنظمات ودرجة فاعليتها من فترة إلى أخرى، طبقاً للضغط الأمني الواقع عليها في كل فترة، وحجم الاعتقالات الواقع على أعضائها”. كما أشار “إلى الدور الكبير الذي قام به بعض النشطاء الذين عملوا بشكل فردي، وشجعوا بجرأتهم بقية النشطاء والمنظمات على الاستمرار في عملهم طيلة هذه السنوات”.
وأضاف “من الطبيعي أن تواجه المنظمات الحقوقية التي تعمل في دول شمولية العديد من الإشكالات، وخاصة في ظل صعوبة التواصل بين المنظمات، وصعوبة الوصول إلى شهود العيان، وصعوبة الاحتفاظ بالسجلات القانونية اللازمة، إضافة إلى صعوبة التواصل بين أعضاء المنظمة نفسها”.
وعبّر عن أمله “ن تكون سورية مقبلة على حالة صحية، يُسمح فيها لمنظمات المجتمع المدني بالعمل بشكل حر، ودون الحاجة إلى الارتباط بأجهزة الأمن أو بالقصر الرئاسي”، مشددًا على أن “وجود المجتمع المدني القوي والصحافة المستقلة هما ضمانة لاستقرار المجتمع بأسره”.
منظمات تحاول الرصد والتوثيق
الدكتور هفال سليمان ميرو باحث وأكاديمي سياسي قال في تصريح خاص لـ”ايلاف” أجل، بسبب التعتيم الإعلامي السوري الرسمي وفقدانه المصداقية المهنية والقانونية على الصعيدين الداخلي والخارجي ساعد على العمل الحضور الفعال للمؤسسات والجمعيات الحقوقية والديمقراطية على الساحة، ومن أبرز هذه المؤسسات، بحسب هفال، “معهد هرمان للبحث العلمي والدفاع عن حقوق الإنسان في المنطقة عمومًا، والمؤسسة الألمانية -الكوردية هرمان للبحث والعلوم والديمقراطية والتكامل الإجتماعي في برلين، والجمعية السورية لحقوق الإنسان، ومركز الشام للدراسات والدفاع عن الحريات وحقوق الانسان، والجمعية الكوردية السورية لحقوق الإنسان، ومركز الإستشارات القانونية للقضايا القانونية في بون، ومعهد الشرق للدراسات”.
حول ما مدى صدق المعلومات؟ قال “بالتأكيد، أن المعاهد والمؤسسات والجمعيات المذكورة تتمتع بالمصداقية والقابلية المهنية و الأكاديمية والقانونية لدى المؤسسات والمراكز الدولية، وأثبتوا صدق مصادرهم ومعلوماتهم لدى المؤسسات الدولية والصحافة العالمية على سبيل المثال، حيث وزعت المؤسسة الألمانية الكوردية هرمان دراسة، وتقويم علمي وحقوقي وواقعي عن أوضاع الثورة السورية منذ الدقائق الأولى من انطلاقتها، ولم تمر إلا ساعات قليلة، حيث بدأت تحجز مساحة كبيرة في الصحافة الألمانية المرئية والمسموعة والمكتوبة وعبر كل الفضائيات وغير ذلك، ولدينا إثباتات وأدلة كافية تثبت صحة هذا التصريح وما زلنا نراقب الوضع بدقة وبصورة حيادية وشفافية عالية”.
وردًا على سؤال هل ثمّة تنسيق فيما بينها؟ أجاب “في الحقيقة لا يوجد تنسيق بالمعنى المطلوب بين معهدي ومؤسستي مع المؤسسات المذكورة، ولكن أتلقى المعلومات والدراسات والتقارير بصورة منتظمة منهم”.
وأوضح “كما تعلمين طبيعة مهنتي وأخلاقية عملي وإختصاصيتي الأكاديمي تلزمني العمل وفق النظم والأسس المهنية والأكاديمية بصدق وشفافية في مجال القضايا الحقوقية والديمقراطية والسياسية، لذا أتابع الصحافة الأوروبية والأميركية والعربية والكوردية بصورة منتظمة، وبكل صراحة أتلقى المعلومات أيضًا من المؤسسات المختصة في القضايا الإستراتيجية والحقوقية والسياسية في ألمانيا والولايات المتحدة وغيرهم..”.
وحول كيف تتفادى هذه المنظمات انتقام النظام السوري؟ اعتبر “ان الغاية هو أن أرضي ضميري وألبّي واجبي الوطني و الأخلاقي، وأن أخدم شعبي السوري عربًا وكوردآ وسريانًا و دروزًا، وأن أرى شعباً حرًا يتمتع بحقوقه المشروعة”.
وردا على سؤال كيف يتصل أعضاء هذه الجمعيات ببعضهم البعض وبوكالات الأنباء والفضائيات؟، قال “نحن نتابع التطورات بدقة ولحظة بلحظة، وكما تتمتع مؤسسة هرمان بثقة عالية لدى الأوروبيين والسوريين والكورد، حيث نتلقى المعلومات بصورة منتظمة، ولدينا إتصالات مباشرة مع المؤسسات الدولية المتنفذة والشخصيات القيادية عالميا، ومع الحكومات المعنية بقضايانا، سواء في المانيا أو أوروبا وأميركا و العالم العربي والأفريقي، وبفضل هذه العلاقات الرسمية والمباشرة نحاول تقديم بعض الشيء لشعبنا السوري عامة من عرب وكورد وسريان ودروز ونتصل بالمواطنين السوريين وبالفضائيات ومراكز الأنباء الدولية دائمًا عند الضرورة، ولدينا قنوات مباشرة للإتصالات”.
واختتم بالقول “إنّ مؤسساتنا الحقوقية والعلمية والمهنية تلتزم بالحيادية والشفافية والغاية هو البناء الحقيقي في عالم ديمقراطي و مدني حر لعموم شعبنا السوري”.
منظمات دولية تواكب الحدث في سوريا
هيومن رايتس ووتش حققت عبر تواصلها مع المنظمات السورية وعبر مكتبها في لبنان حققت جهودًا جبارة، وبرز نديم حوري مدير مكتبها في بيروت في تصريحاته ورصده وتوثيقه وتواصله مع المنظمات الحقوقية السورية، وبدا خير عون للسوريين في بيانات المنظمة ايضًا، خصوصًا تلك التي أبرز فيها منع إسعاف الجرحى ورفض دخول سيارات الاسعاف وقنصهم، ذلك البيان الذي يمثل الواقع على الارض من دون تزييف.
ورغم محاولات التعتيم وملاحقة الصحافيين واعتقالهم بدت الحاجة ماسة الى جهود منظمة أمنستي الملموسة، وخاصة في ظل غليان المنطقة، اضافة الى منظمة مراسلين بلا حدود، التي حققت نشاطاتها نجاحًا اعلاميًا لافتًا، وكشفت عن انتهاكات خطرة بحق الصحافيين والمدونين والناشطين على فايسبوك، وبدت صرخة ضرورية، وخاصة في يوم حرية الصحافة، أمام السفارة السورية في باريس.
وظهر نشطاء حقوقيون مع الأحداث المتلاحقة مثل أيمن الاسود في درعا ودانا الجوابرة في دمشق التي تعرضت للاعتقال مرتين خلال فترة بسيطة وبعض النشطاء من مدينة حمص.
آخر المعتقلين كان أحمد الحجي خلف عضو في المنظمة العربية لحقوق الانسان في سوريا، وعضو مجلس الادارة سابقًا، حيث جهاز الأمن العسكري في الرقة أقدم في 2-5-2011 على استدعاء الناشط الحقوقي أحمد الحجي الخلف، ولم يعرف عنه شيء.
المحامي محمود مرعي رئيس مجلس ادارة المنظمة العربية لحقوق الانسان في سوريا قال في تصريح خاص لـ”ايلاف” إن هناك على أرض الواقع أرقامًا في ريف دمشق وأعدادًا كبيرة من المعتقلين، وأضاف “هنااك أشخاص دفنت أمامنا ونشطاء حقوق الانسان اعتقلوا ونكّل بهم”، وحول المصداقية قال “لدينا أسماء حقيقية وشخصيات حقيقية، وعلى سبيل المثال كان هناك 25 قتيلاً في درعا، لكننا كتبنا في تقرير 20 لأن اسماءهم موجودة، والعائلات هي من تخبرنا بمصير أبنائهم”. وأشار الى “تفضيل العمل الجماعي لجهة عدم الاستفراد بأية منظمة العمل الجماعي”.
هذا واستنكرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا مثل هذه الأفعال والاعتقالات بعد صدور المرسوم التشريعي القاضي بإنهاء العمل بقانون الطوارئ مدينة أسلوب الاستدعاء والملاحقة والاعتقال، واعتبرته انتهاكاً فاضحاً لأحكام الدستور السوري والميثاق العالمي لحقوق الإنسان. وطالبت السلطات السورية، وعلى أعلى المستويات، الكفّ عن هذا الأسلوب والعمل على إطلاق سراح الناشط أحمد الحجي الخلف وكل معتقلي الرأي والضمير في سورية وطيّ ملف الاعتقال كليًا.
ايلاف
النظام السوري.. ومستنقع المظاهرات
تعاطي السلطات مع الاحتجاجات منذ البداية ساهم في تأجيجها بدلا من إخمادها
منذ 18 مارس (آذار) الماضي تحولت محافظة درعا السورية من محافظة جنوب البلاد، إلى جرح نازف في قلب السوريين. غير أن درعا لم تفاجئ السوريين وحسب، بل العالم. إذ لم يكن متوقعا أن تصبح المرجل الذي ستغلي على نيرانه الاحتجاجات في عموم أنحاء البلاد قرابة شهرين حتى الآن، تطورت خلالها وتنوعت توصيفات السلطة للمتظاهرين المحتجين، حيث لم تدع مصطلحا يفيد بنزع صفة الاحتجاج عنهم أو الثورة، إلا واستخدمته، بغية نسبهم إلى مؤامرة تحاك في الخارج، بدءا من الـ«مندسين» والـ«عملاء»، و«عصابات مسلحة» و«مجموعات مسلحة»، تعتمد الإرهاب والقنص.. إلى «سلفيين» ومؤخرا «خلايا إرهابية متطرفة».
القصة بدأت يوم الجمعة 18 مارس الماضي، حين طفت على السطح حالة من الاحتقان الشعبي أسيء تقدير حجمها من قبل السلطات المحلية، فأخطأت في معالجتها، وسرعت من حيث لا تدري، بانفجارها واتساع رقعتها نحو مناطق أخرى. أمر لم ترض السلطات به، ولم تقبله، فعزته إلى مؤامرة خارجية استفادت من «موضة» الثورات الشعبية التي انطلقت من تونس وعززتها مصر. وفي محاولة لتطويق الأزمة، تعامت السلطة عن الأسباب الحقيقية لاندلاع الاحتجاجات في درعا، متبعة طريقة التعتيم وهو أسلوبها القديم في تجاهل الطلبات الشعبية.
المقدمات جاءت مع قيام مجموعة من أهالي المعتقلين السياسيين الذين لم يشملهم عفو رئاسي صدر في مناسبة 8 مارس الماضي، بالاعتصام أمام وزارة الداخلية وسط دمشق في 15 مارس الماضي، بهدف تسليم وزير الداخلية رسالة يطالبون فيها بإطلاق سراح أبنائهم، وبينهم أهالي تلاميذ من درعا جرى اعتقالهم قبل نحو شهر من ذلك التاريخ، على خلفية كتابات على جدران المدرسة تدعو لإسقاط النظام.
وزارة الداخلية بادرت إلى إفشال الاعتصام بتسلم طلبات خطية من بعض العائلات. المجموعة الأخرى من ذوي المعتصمين، رفضوا المغادرة وأصروا على مقابلة الوزير وتسليمه رسالتهم شخصيا. فتركت جموع من مؤيدي النظام تتهجم عليهم بالعصي والهراوات، قالت عنهم وزارة الداخلية إنهم من «أصحاب المحلات المجاورة» الذين خافوا من الفوضى، فيما قال المعتصمون إنهم عناصر أمن بملابس مدنية. الفوضى التي حصلت توجت باعتقال أبرز المعتصمين. وقبل ذلك بيوم واحد، كان خرجت مظاهرة محدودة في سوق الحريقة المجاور لسوق الحميدية، نادت بـ«إسقاط النظام» وبالحرية، وتم تفريق المحتجين بسرعة دون أي حوادث تذكر. إلا أن الناشطة سهير الأتاسي، أعلنت انطلاق «شرارة الثورة في سورية» ولم يقدر أحد جدية هذا الإعلان.. سوى السلطة السورية التي قامت باعتقال الأتاسي على خلفية مشاركتها في اعتصام المرجة، لتمكث نحو عشرين يوما في السجن، خرجت بعدها مع المزيد من الإصرار على مواقفها المعارضة والمنادية بالحرية. هذه التطورات دفعت إلى تفجر الحدث في درعا.
في 18 مارس الماضي عقب صلاة الجمعة، خرج المصلون من الجامع العمري في مظاهرة سلمية تطالب بإطلاق سراح التلاميذ، وعلى الفور قامت السلطات باستخدام العنف المفرط لقمع المظاهرة، لتزيد من تأجج الغضب. ناشط سوري على موقع «فيس بوك» كتب أن «الأجهزة الأمنية السورية اعتادت التعامل مع شعب خانع وخائف، ونكاد نكون البلد الوحيد في العالم الذي يعتقل فيه الأشخاص على الهاتف، إذ بإمكان أي فرع الاتصال هاتفيا مع أي شخص ودعوته إلى شرب فنجان قهوة في الفرع، والشخص يلبي بطيب خاطر، بعد أن يخبر أهله إلى أين هو ذاهب، ويمكن أن يجلس ساعات في الفرع بانتظار أن يأتي أحد ليبلغه سبب الدعوة، هذا إذا كان ثمة قهوة تشرب ولم يتم اعتقاله لعدة أيام وربما شهور».
ولعل هذه الحالة من الاستكانة، أورثت الأجهزة الأمنية استرخاء، جعلها ترتبك حيال أول أزمة حقيقية لها على الأرض. فتفاوت التعامل مع المحتجين من مكان إلى آخر، مع قاسم مشترك واحد وهو الخوف من هذا الغضب الجارف الذي هب فجأة وعم المدن والقرى والشوارع. فتارة يضربون المتظاهرين بيد من حديد وتارة يتحايلون عليهم بالسياسة، وأخرى بحياكة شائعات وقصص.. الخ. إلا أنها جميعا لم تفلح في حد فورة الغضب.
ففي درعا، كانت الشعرة التي قسمت ظهرها، استهزاء المسؤول الأمني بوجهائها عندما رجوه أن يطلق سراح الأطفال كرمى لأمهاتهم، بعدما وردتهم أنباء عن تعذيبهم واقتلاع أظافرهم. وعلى ذمة أحد أهالي درعا «فإن الوجهاء قصدوا محافظ درعا المقال فيصل كلثوم كي يساعدهم في إطلاق سراح أبنائهم فتنصل من الموضوع وأرسلهم إلى المسؤول الأمني عاطف نجيب الذي قام بإهانة الوجهاء وقال كلاما نابيا بحق أمهات الأطفال».
ومع اندلاع المظاهرات استقدم المسؤول الأمني المروحيات من دمشق لإرهاب المتظاهرين، وكان كمن يصب الزيت على النار، حيث سقط عدد من الشهداء وعشرات الجرحى. وقيل إن المحافظ هرب من المدينة راكبا دراجة نارية، ولحق به خفية المسؤول الأمني هاربا من المدينة. الروايات التي تم تداولها في الشارع وصلت إلى المدن الأخرى، فهبت في يوم الجمعة التالي بانياس وحمص وعدة مناطق أخرى لنصرة درعا، لكن الجهات الرسمية تمسكت بالتعتيم وسيلة وحيدة لتحجيم الأزمة، فقالت إنه «خلال تجمع عدد من المواطنين في محافظة درعا البلد بالقرب من الجامع العمري بعد صلاة الجمعة، استغل بعض المندسين هذا الموقف، وعمدوا إلى إحداث الفوضى والشغب، ملحقين أضرارا بالممتلكات العامة والخاصة، وقاموا بتحطيم وحرق عدد من السيارات والمحلات العامة، مما استدعى تدخل عناصر حفظ الأمن حرصا على سلامة المواطنين والممتلكات، فاعتدى عليهم مثيرو الشغب ثم تفرقوا».
كما قالت السلطات السورية، إن هذا حصل «بالتزامن مع تجمع آخر في بلدة بانياس انتهى من دون أي حوادث تذكر»، فيما ذكرت روايات أخرى كبح قوات الأمن مظاهرة في مدينة حمص كانت ستخرج من جامع خالد بن الوليد، وأخرى في الجامع الأموي في دمشق. غير أنه في بانياس القريبة من طرطوس، أظهر شريط فيديو بالجوال بث على موقع «يوتيوب» مئات المواطنين يهتفون للحرية والإصلاح.
عدم التطابق بين الروايتين الرسمية والشعبية ولو بالحد الأدنى، إضافة إلى منع وصول الإعلام الخارجي إلى موقع الحدث، نزع المصداقية عن الرواية الرسمية، فاستمرت الأزمة بالتصاعد في مدينة درعا وقراها القريبة من الحدود مع الأردن والبالغ عدد سكانها نحو 75 ألف مواطن، وكل جنازة باتت مناسبة للتظاهر في منطقة عشائرية يكفي لتحريكها إطلاق نداء «الفزعة يا أهل النخوة» حتى يتحشد الآلاف. بعد أولى الجنازات توجه المشيعون إلى مجلس المدينة للمطالبة بإقالة المحافظ والمسؤولين الأمنيين والإفراج عن المعتقلين ورفع حالة الطوارئ، وتم وضع قائمة مطالب اعتبرتها السلطة «مطالب محقة» استلمتها لجنة شكلتها السلطة للتحاور مع الأهالي برئاسة المسؤول الأمني وابن المنطقة رستم غزالة، والذي كان لحضوره ولهجته الأمنية حتى في التفاوض وقع سلبي لدى الأهالي، مما أفرغ تلك المحاولة من معناها، رغم ما تبعها من إطلاق سراح مجموعة من الشبان لم يثبت التحقيق إدانتهم. غير أن الخواطر لم تهدأ.
في اليومين اللذين شهدا هدوءا نسبيا، سمح لبعض وسائل الإعلام المحلية والخارجية بدخول المدينة والتجول في شوارعها، للتأكد من عودة الهدوء، إلا أن الجامع العمري ومحيطه حيث يعتصم عدد كبير من الأهالي، لم يسمح لوسائل الإعلام المحلي بالاقتراب منه، كما أن قلة من مراسلي الإعلام الخارجي وصلوا إلى الجامع، على خلفية الاستياء من الروايات الرسمية، وتواردت أنباء كثيرة عن طرد مراسلي القنوات المحلية، وحتى الاعتداء عليهم بالضرب وتحطيم كاميراتهم، وتهديدهم بالقتل، أما مراسلو القنوات الخارجية، فاكتفوا بالقول إن الهدوء النسبي خيم على شوارع المدينة، دون أي تفاصيل أخرى، وهذا ما أكد عليه أيضا نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع ابن مدينة درعا في حديث لعدد محدود من الصحافيين ظهر يوم الثلاثاء 23 مارس، والذي تم نشره في 24 مارس، أي صباح يوم الأربعاء «الدامي» لتأتي مناقضة لخبر رئيسي احتل الشاشات منذ ساعات فجر الأولى، بأن قوات الأمن اقتحمت الجامع العمري لفض الاعتصام وقتلت من فيه.
أهالي درعا أكدوا أن الجامع تحول إلى مشفى ميداني، لأن الجرحى الذين ينقلون إلى المشفى يتم اعتقالهم، لكن الرواية الرسمية التي ظهرت صباح الأربعاء قالت إن «عصابة مسلحة قامت باعتداء مسلح على طاقم طبي في سيارة إسعاف تمر بالقرب من جامع العمري في درعا مما أدى إلى استشهاد طبيب ومسعف وسائق السيارة وقد تصدت قوى الأمن القريبة من المكان للمعتدين وأصابت عددا منهم واعتقلت بعضهم وسقط شهيد من قوى الأمن».
وذكرت الرواية الرسمية أيضا أن «العصابة المسلحة» قامت بتخزين أسلحة وذخيرة في الجامع العمري واستخدمت أطفالا اختطفتهم من عائلاتهم كدروع بشرية. وبث التلفزيون الرسمي صورا للأسلحة المصادرة، قنابل وبنادق «كلاشنيكوف»، وصناديق ذخيرة إضافة إلى كمية من رزم النقود قيل إنها جاءت من الخارج.
القصة الرسمية سرعان ما سقطت مع ظهور مقطع فيديو على الأغلب تم تسريبه من قبل عنصر أمن متعاطف مع المحتجين، ويبدو فيه رجال الأمن بعد اقتحام الجامع وهم يرقصون ويقولون «قتلناهم.. قتلناهم» «كنا لهم بالمرصاد». وكان صحن الجامع خاليا نظيفا، إلا من فرشات أسفنجية وأجهزة وأدوات طبية إسعافية وكأنه مشفى ميداني، ولا يوجد أي أثر لما يشير إلى احتلاله من قبل «عصابة مسلحة». هذا الفيديو سوف يتكلم عنه الوفد الذي التقى الرئيس بشار الأسد من أهالي درعا لاحقا، خلال شكواهم من أن الإعلام السوري كاذب، ولا وجود لعصابة مسلحة في درعا، والمتظاهرون ليسوا متمردين، وإنما هم محتجون ولهم مطالب واضحة.
اقتحام «العمري» فاقم الاحتجاجات، ليكون يوم الجمعة 25 مارس يوما لنصرة درعا في كافة أنحاء البلاد، شهد احتجاجات عارمة، باتت مواجهتها بالنار والحديد ضربا من المغامرة التي لن يخرج منها أي طرف منتصرا. والمفارقة ورغم كل سقوط الروايات الرسمية ثابر الإعلام الرسمي على طريقته ذاتها في تغطية الأحداث، إلا أن السلطة راحت تتهم «جهات خارجية» بالعمل على «بث أكاذيب» عن تطورات الأوضاع في مدينة درعا و«الادعاء بوقوع مجازر» وذلك بهدف تحريض الأهالي، قبل أن تشير إلى «تعاون» أهالي درعا مع قوى الأمن في ملاحقة «أفراد عصابة مسلحة». وقال مصدر رسمي إن «أكثر من مليون رسالة قصيرة على الهواتف الجوالة وصلت من الخارج، مصدر غالبيتها من إسرائيل، تدعو السوريين إلى استخدام المساجد منطلقا للشغب، بينما تواصل قوى الأمن العثور على مخابئ للأسلحة المهربة عبر الحدود وأجهزة اتصال متطورة في درعا، إضافة إلى مواصلتها اعتقال المجرمين وتقديمهم للعدالة».
حيال اتساع دائرة الاحتجاج والصدمة التي تعرضت لها السلطة وارتباك الإعلام المحلي، نشط السوريون على شبكات التواصل الاجتماعي، وراحوا يزودون الإعلام الخارجي على مدار الساعة بمواد إعلامية وشرائط فيديو للأحداث، الأمر الذي حول الأزمة إلى حرب إعلامية مفتوحة، تزايدت فيها الدعوات إلى التظاهر لـ«نصرة حوران»، ولم يعد هناك حل أمام السلطة لتبرير القمع أمام العالم سوى طرح حزمة من الوعود الإصلاحية لنزع ذرائع الاحتجاج من جانب ولتبرير الاستمرار بالقمع. وتأكد ذلك لاحقا في السيناريو الذي اتبع في اللاذقية ودوما وبانياس، وحتى في درعا ثانية.
فبعد يوم على اقتحام المسجد العمري 24 مارس، اجتمعت القيادة القطرية برئاسة الأسد، وبحثت «الأحداث في درعا» وخرجت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة لجمهورية بثينة شعبان لتعلن أن «القيادة قررت تشكيل لجنة قيادية عليا مهمتها الاتصال بالمواطنين في درعا والإصغاء إليهم لمعرفة واقع الأحداث وملابساتها ومحاسبة المتسببين والمقصرين ومعالجة جميع الآثار الناجمة» مع تقديم حزمة قرارات هي في حقيقتها محض وعود ما عدا زيادة رواتب العاملين في الدولة، وإطلاق سراح جميع الموقوفين على خلفية الأحداث التي جرت في درعا.
شعبان كانت قد دعت وسائل الإعلام إلى التمييز بين «استهداف سورية» و«المطالب المحقة للشعب السوري» مؤكدة على أن ليس هنالك ما لا لم يمكن مناقشته على الطاولة»، وأن هناك «حركة مسلحة في درعا» يجري التعامل معها وأن الدول تستخدم السلاح أحيانا في مواجهة السلاح الآخر لحماية استقرارها. وكلام شعبان هذا أكد تخبط الرواية الرسمية، في توصيف ما يجري في درعا ما بين قمع «حركة مسلحة» و«ملاحقة عصابة مسلحة» مما أبطل فورا مفعول القرارات (الوعود) الإصلاحية، وعادت الاحتجاجات لتتجدد ونقلت وسائل الإعلام الخارجي أنباء عن اشتباكات في درعا وعن إطلاق رصاص في حي الميدان وسط دمشق وعن مظاهرات في القامشلي، مع دعوات للتظاهر في كل أنحاء البلاد. في حين كان التلفزيون السوري يتابع بث مشاهد حية من مختلف المحافظات السورية في مقدمتها درعا عن مسيرات تأييد للرئيس الأسد، وتكرار الخطاب ذاته في الولاء والتماهي مع القائد. ليأتي الرد في يوم جمعة 25 مارس مزلزلا، مع خروج مظاهرات في عموم أنحاء البلاد تهتف «يا بثينة يا شعبان الشعب السوري مو جوعان» ردا على ما قالته عن «المطالب المحقة» بمعنى المطالب المعيشية وأيضا قرار زيادة الرواتب، فالمسألة التي تصر السلطة السورية على تجاهلها هي احتمال ولو «واحد في المائة أن لهذه الاحتجاجات سمة سياسية» بحسب رأي شاب سوري متعاطف مع المتظاهرين، والذي أكد أن «المطالب المحقة هي مطالب بإطلاق الحريات العامة وعدم المساس بكرامة المواطن فالسوريون ليسو عملاء ولا مدسوسين ولا عصابات مسلحة».
المواطن السوري ما زال خائفا من قوة النظام، وفي نفس الوقت ليس لديه ثقة تامة فيما يقوله، ولا بأن ما يجري بعيد تماما عن «المؤامرة»، فكان لسان حاله يقول: «من الخطأ استبعاد نظرية المؤامرة حيال ما يجري، فالتحرك لا يبدو بريئا، لكن أيضا لا يمكن نفي أن كل عوامل تفجر الثورة الداخلية متوافرة على الأرض». أما رؤيته لما يجري فيلخصها بأن الشرارة التي انطلقت من تونس تفاعلت وعمت الشارع العربي، وسورية ليست بمنأى عنها، لكن هذا لن يمنع المتآمرين التقليديين على سورية من ركوب الموجة لتحقيق مآربهم، لافتا إلى أن هذا «ما يخيفه» أي «حصول فوضى لا تؤدي إلا إلى الخراب». شخص آخر مؤيد للنظام قال إنه «لا يستطيع تفسير ما يجري إلا بأن جماعات خارجية تريد النيل من استقرار سورية الذي هو استقرار للمنطقة، وضرب الداعم الرئيسي للمقاومة»، لذا فإنه يشم فيما تشهده البلاد «رائحة طبخة إسرائيلية».
الرواية الرسمية التي ثبتتها شعبان في خطابها وسّعت دائرة الاستياء العام، فدرعا التي كانت تطالب بداية باعتذار من السلطة على ما بدر من عاطف نجيب وفيصل كلثوم، تم اتهام أهلها بأنهم «عصابات مسلحة وبالعمالة لجهات خارجية»، وفق ما قالته سيدة من درعا في حديث لإحدى وسائل الإعلام، وأضافت: «وقد توجت السلطة تلك الاتهامات الظالمة بمظاهرات تأييد مليونية كانت استفزازا لذوي الشهداء أكثر منها تأييدا للنظام، هذا فضلا عما أعلنه الرئيس في خطابه الأول بأن من ليس معنا فهو ضدنا في حرب هم أرادوها». وتتساءل السيدة: ترى ماذا نفهم من ذلك سوى إعلان «حرب على الشعب»؟.
تراجع السلطة عما ورد في الخطاب الأول للرئيس، لم يحد من تنامي الشعور «بالظلم والتجني» في الشارع السوري، لا سيما أن السلطة على الأرض راحت تكرر سيناريو درعا في مناطق أخرى، مع تعديلات تقتضيها خصوصية المنطقة. في اللاذقية يقول أحد الناشطين: «أطلقت مجموعات الشبيحة في حي الصليبة البائس النار لترويع المتظاهرين، وراحت الروايات الرسمية تتحدث عن مجموعات مسلحة في اللاذقية».
وفي بانياس أضيفت فضيحة «إهانة المعتقلين المقيدين في ساحة بلدة البيضا بدوسهم بالأقدام من (الشبيحة) المعروفين لأهالي البلدة». وقد بذل الإعلام الرسمي كل جهده لتكذيب فيديو جوال يصور الشبيحة يركلون المعتقلين وإثبات أنه مفبرك وصور في إحدى الساحات، وتارة يقال إن الذين أهانوا المعتقلين قوات البيشمركة، وتارة أخرى من بعثيي صدام. إلا أن أهالي قرية البيضا قاموا بتصوير الساحة مجددا مع شهادات لشباب، قالوا إنهم كانوا ضمن المعتقلين الذين تعرضوا للإهانة.
أثار هذا الفصل الإعلامي الهزلي والهزيل الانتقادات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، وزاد في تعرية الإعلام الرسمي، الذي بدا فاقد للمصداقية مفلسا إلا من الكذب المفضوح وتوجيه الشتائم والاتهامات لوسائل الإعلام الخارجية بأنها وسائل مغرضة وضالعة في التآمر على سورية.
في حمص تم تعديل سيناريو درعا وبانياس واللاذقية، وذلك بعد استلهام مظاهرة للسلفيين خرجت في الأردن بحسب تعبير ناشط حمصي قال: «بدل المجموعات المسلحة، والشبيحة ظهرت مجموعة سلفية روعت سكان حي الزهراء ذي الأغلبية العلوية»، وتساءل الناشط: «لماذا لم يظهر أي نشاط للمجموعة السلفية في حمص خلال المظاهرات التي سبقت اعتصام الساعة (ساحة التحرير)، ولم تظهر إلا بعد قيام قوات الأمن بتفريق المعتصمين بالرصاص في الساعة الثانية فجرا».
أحد الذين شاركوا في اعتصام حمص قال إن «قوات الأمن التي كانت تقف بعيدا في الساعات الأولى للاعتصام طلبت إخلاء الساحة خلال ساعة، وقبل انقضاء المهلة تم إطلاق وابل كثيف من الرصاص في الهواء تفرق على أثرها المعتصمون، وفي هذه الأثناء، نزل رجال يرتدون ملابس سلفية معهم أسلحة من باصات من دون لوحات أرقام، وراحوا يطلقون الرصاص ويجوبون الشوارع، كما انطلقت سيارات وفيها مكبرات صوت تنادي (حي على الجهاد) ومن يسمعها يتخيل أنها تنطلق من المآذن».
هذا السيناريو لم يصمد أيضا وسرعان ما سقط، لتعود السلطة وبعد يوم «الجمعة العظيمة» إلى سيناريو «المجموعات المسلحة» مع تعديل في الصيغة هذه المرة، وهو وصفهم بـ«خلايا إرهابية»، ومع تقدم الدبابات العسكرية الاثنين الماضي لإحكام الحصار على البؤر المتوترة من درعا إلى ريف دمشق دوما والمعضمية وحرستا، مرورا بحمص وسط البلاد وريفها تلبيسة والرستن وتلكخ، حتى الساحل؛ جبلة وبانياس بالإضافة إلى اللاذقية التي تم تقسيم مناطق الاحتجاج فيها إلى قطاعات، بدأت الروايات الرسمية بالتواتر عن القبض على «خلايا إرهابية»، تقوم بترويع الناس. لتتوارى قصص القناصة والعصابات المسلحة والمندسين والسلفيين، لتحضر فقط أرقام الشهداء من عناصر الأمن والجيش، والقبض على «الخلايا الإرهابية» وقتل عدد منهم والتحقيق مع آخرين.. وبانتظار ما سيسفر عنه اليوم، يوم «جمعة الغضب» لمعرفة أي السيناريوهات ستعتمد عليه السلطة لتبرير قرارها النهائي بحسم معركتها مع المحتجين بالنار والحديد في معركة ليست سوى مغامرة مجنونة لن يخرج منها أحد منتصرا، بينما كان بالإمكان التعامل معها بطرق سياسية أكثر حنكة تجنب الجميع الوقوع في هذا المغطس البائس.
الجيش السوري بدأ انسحابه من درعا
بدأ الجيش السوري سحب مدرعاته من مدينة درعا بعد عملية أمنية داخل المدينة استمرت عشرة أيام وسط استمرار حملة الاعتقالات للمشتبه في مشاركتهم في الاحتجاجات المتواصلة منذ شهرين في أماكن أخرى من البلاد.
وقال مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية إنه شاهد نحو العاشرة بالتوقيت المحلي (7 بتوقيت غرينتش) من صباح اليوم الخميس رتلا يضم أربعين آلية من ضمنها نحو عشرين مركبة تحمل نحو 350 جنديا كانوا يلوحون بصور الرئيس بشار الأسد.
ونقلت الوكالة عن مدير الإدارة السياسية في الجيش السوري رياض حداد قوله إنهم بدؤوا الانسحاب “بعد إتمام المهمة في درعا” مضيفا أن الجيش سيكمل انسحابه نهاية هذا اليوم.
وكانت وكالة سانا السورية الرسمية قد نقلت في وقت سابق عن مصدر عسكري قوله إن وحدات الجيش بدأت “انسحابا تدريجيا” من درعا، مضيفا أن الجيش أنهى مهمته لملاحقة “عناصر إرهابية وإعادة الأمن والاستقرار والسلام” إلى المدينة.
وكان مصدر عسكري قد قال أمس لسانا إن القوة أرسلت في 25 أبريل/نيسان إلى المدينة لملاحقة ما سماها “فلول العناصر الإرهابية المسلحة التي كانت تروع السكان الآمنين وتنشر الذعر والخراب والقتل في جميع الأحياء”.
وأضاف أن القوات تمكنت من إلقاء القبض “على العشرات منهم ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة الحديثة والذخائر المتنوعة”.
واتخذت درعا مكانة متميزة في الاحتجاجات المناهضة للنظام قبل ستة أسابيع حيث انطلقت منها شرارة المظاهرات وسط اتهامات السلطة لمن تعتبرهم عناصر سلفية وإرهابية بقتل رجال الشرطة والجيش.
وتقول جماعات لحقوق الإنسان إن الجيش وقوات الأمن والمسلحين الموالين للرئيس بشار الأسد قتلوا 560 متظاهرا مدنيا على الأقل منذ اندلاع الاحتجاجات في درعا يوم 18 مارس/آذار الماضي.
في هذه الأثناء نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ناشط سياسي قوله إن ثلاثمائة شخص اعتقلوا في ضاحية سقبا الواقعة في ريف دمشق بينهم رجال دين في إطار حملة اعتقالات جرت فجرا.
جرح شخص
وذكر المصدر أن شخصا واحدا على الأقل أصيب بجروح قبل توقيف من قبل رجال الأمن في حين قال شهود إن القوات السورية قطعت الاتصالات قبل اقتحام سقبا.
وأكد المصدر ذاته أن نحو 2000 رجل أمن وعدد من المخبرين انتشروا في أحياء البلدة واقتادوا المعتقلين إلى مركبات كانت في انتظارهم.
يشار إلى أن المظاهرات ما زالت متواصلة في عدد من أحياء وضواحي دمشق ومدن أخرى.
يأتي هذا بينما ذكر شهود عيان أن دبابات وناقلات جند تمركزت حول بلدة الرستن قرب حمص، وأن تعزيزات مماثلة موجودة حول درعا وبانياس. ونقلت رويترز عن شاهد آخر أن دبابات تابعة للحرس الجمهوري وناقلات جند شوهدت في الطريق الرئيس حول العاصمة دمشق.
في هذه الأثناء دعا وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني ونظيرته الأميركية هيلاري كلينتون خلال مؤتمر صحفي مشترك في روما الحكومة السورية إلى وقف الحملات ضد المحتجين في سوريا.
العنف والحوار
وقال فراتيني إن على الحكومة السورية أن توقف العنف على الفور وتستأنف طريق الحوار وذكرت كلينتون أنها ونظيرها الإيطالي يتشاركان القلق العميق حول “الوضع المزعج” في سوريا.
وكان وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ قد أعلن في وقت سابق أن بلاده ما زالت تسعى لاستصدار إدانة من الأمم المتحدة للحملة التي تشنها الحكومة السورية على الاحتجاجات رغم المعارضة التي ووجهت بها محاولة سابقة.
أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فحث دمشق على التعاون في تحقيق يجريه
سورية: حشود عسكرية على مشارف مدينة بانياس
آخر تحديث: الخميس، 5 مايو/ أيار، 2011، 12:16 GMT
احتشدت عشرات الدبابات والمدرعات بالاضافة الى تعزيزات ضخمة من الجيش الخميس بالقرب من مدينة بانياس الساحلية التي تبعد 280 كيلومترا شمال غربي دمشق تمهيدا لمهاجمتها، وذلك حسب ناشطين حقوقيين.
وذكر ناشطون لوكالة فرانس برس ان “عشرات الدبابات والمدرعات وتعزيزات ضخمة من الجيش تجمعت عند قرية سهم البحر التي تبعد عشرة كيلومترات عن بانياس التي يحاصرها الجيش السوري منذ اكثر من اسبوع”.
وتفيد التقارير أن قوات الجيش والأمن السوريين اعتقلت 300 شخص الخميس في بلدة سقبا في ريف دمشق، وسط أنباء عن اتساع الاحتجاجات المناوئة للسلطات، رغم محاولاتها فض التظاهرات بالقوة.
من جهة أخرى، قال العميد رياض حداد لوكالة فرانس بريس إن القوات السورية، التي تحاصر مدينة درعا جنوب العاصمة دمشق منذ 25 ابريل/نيسان الماضي، “ستبدأ انسحابها الخميس”.
تظاهرة مؤيدة لدرعا في بانياس
وفي سياق متصل، قال شهود عيان إن دبابات ومدرعات انتشرت حول مدينة الرستن شمال العاصمة السورية دمشق.
وكان التوتر قد تصاعد يوم الجمعة الماضي في المدينة، واتهمت مصادر حقوقية استخبارات الجيش السوري بقتل 17 متظاهرا في المدينة بعد استقالة 50 من اعضاء حزب البعث هناك.
وقالت انباء إن انتشار الدبابات حول الرستن جاء بعد رفض سكان المدينة اقتراحا من عضو حزب البعث صبحي حرب بتسليم مئات المطلوبين مقابل بقاء الدبابات خارج المدينة.
وفي بانياس قال شهود عيان لوكالة رويترز إن الجيش السوري أقام نقاط تفتيش في المدينة وقام بفصل الأحياء ذات الأغلبية السنية عن تلك التي يقطنها العلويون ونفذ حملة اعتقالات.
كما ذكرت وكالة رويترز أن مئات الجنود السوريين اقتحموا بلدة سقبا بضواحي العاصمة دمشق وداهموا منازل في إطار حملة اعتقالات.
جاء ذلك فيما علمت بي بي سي بقيام قوات أمنية ومسلحين مدنيين باقتحام مستشفى حمدان ومستشفى النور في بلدة دوما قرب دمشق واعتقال 10 أشخاص بعد “ضرب المرضى والأطباء هناك”.
وقال ناشطون لبي بي سي إن قوات الأمن انتشرت في أنحاء حمص وأن الدبابات تتجه نحوها.
وتخضع مدينة درعا الجنوبية حيث اندلعت الاحتجاجات لحصار بالدبابات، وأفادت تقارير الأربعاء بحوادث إطلاق نار واعتقالات في المدينة.
وقد صرح ضابط كبير في الجيش السوري لوكالة فرانس برس بأن قوات الجيش ستنسحب اليوم الخميس من وسط مدينة درعا.
ولا يسمح الجيش حتى الآن لأحد بدخول درعا ومخزونها من الغذاء والأدوية يتناقص وفقا لبعض سكانها.
ولا تزال خطوط الاتصالات منقطعة مع المدينة إلا أنه تمت إعادة توصيل الطاقة الكهربائية في معظم أنحائها كما يقول هؤلاء.
وكان آلاف السوريين خرجوا الى الشوارع في شمال البلاد للمطالبة بمزيد من الحريات السياسية والاجتماعية.
وتفيد أنباء بأن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع واعتقلت العديد من المتظاهرين ولكن لم يتسن التأكد من ذلك من أي جهة مستقلة. كما واصلت قوات الامن حملة إعتقالات واسعة في عدة مدن سورية.
الأمم المتحدة
وقالت مصادر حقوقية إن قوات الجيش والأمن في سورية قتلت نحو 560 متظاهرا في انحاء البلاد منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد في 18 مارس/آذار الماضي.
ولم يتسن التأكد من صحة هذه التقديرات من مصادر مستقلة.
من جهة أخرى، حث الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الرئيس السوري بشار الاسد على التعاون في تحقيق يجريه مجلس حقوق الانسان حول مقتل متظاهرين في سوريا خلال الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال هاتفي بالاستجابة للمطالب الدولية الصادرة منذ بدء التظاهرات فى سورية فى الخامس عشر من آذار/مارس الماضى .
والمطالب كما حددها بان كي مون هي وقف استخدام العنف ضد المتظاهرين والاعتقالات الواسعة للمعارضين حيث “تشير التقديرات الى أن عدد المعتقلين والمفقودين بلغ 8 آلاف شخص”، وكذلك إجراء تحقيق مستقل حول كل حالات القتل التى صاحبت التظاهرات.
ومن المطالب أيضا احترام حقوق الانسان والتطبيق الفورى الكامل لكل الاصلاحات التى أعلنتها الحكومة السورية والدخول فى حوار حقيقى مع المعارضة، وكذلك تلبية الحاجات الانسانية الحقيقية للمناطق المكتظة بالسكان والمتضررة جراء التظاهرات.
وأعرب الأمين العام للأسد عن قلقه العميق جراء تدهور الأوضاع الانسانية فى عدد من المدن السورية”، وطالب بالسماح للأمم المتحدة بصورة عاجلة لدخول تلك المناطق لتقييم الحاجات الانسانية الفعلية فى المناطق المتأثرة.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر قد صرح الثلاثاء بأن استخدام الدبابات والاعتقالات العشوائية وقطع الكهرباء في درعا هي “همجية وتمثل عقابا جماعيا لمدنيين أبرياء”.
اعتقال نشطاء أكراد لأول مرة منذ انطلاق الاحتجاجات
الداخلية السورية تمهل “المغرّر بهم” أسبوعين للاستسلام لإعفائهم من “العقاب”
دبي – العربية.نت
مع استمرار الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في سوريا، دعت وزارة الداخلية المحتجين ممن قالت إنهم غُرر بهم وشاركو أو قاموا بأعمالٍ يُعاقِب عليها القانون للمبادرة إلى تسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى السلطات المختصة مقابل إعفائهم من العقاب والتبعات القانونية وعدم ملاحقتهم وذلك الخامس عشر من الشهر الحالي بحسب بيان الوزارة. وخرجت أمس في عدد من المدن السورية مظاهراتٌ ضمن ما سُمي بـ”أسبوع فك الحصار” عن درعا، و على الرغم من أن المتظاهرين هتفوا بسقوط النظام إلا أن معظم المظاهرات بقيت سلمية دون أن يتعرض الأمن السوري لها أو تتعرض لإطلاق النار.
حملة الاعتقالات مستمرة
وفي سياق متصل قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات السورية ألقت القبض على محام بارز في مجال حقوق الإنسان في مدينة الرقة بعدما انتقد أسلوب السلطات في التصدي للاحتجاجات المناهضة للحكومة.
وقال المرصد إن ضباط المخابرات العسكرية ألقوا القبض على عبد الله خليل في قصر العدالة بمدينة الرقة مسقط رأسه في شرق سوريا وهي منطقة تضررت بشدة من أزمة مياه في السنوات الست الماضية يقول خبراء إنها نتجت الى حد بعيد عن سوء إدارة للموارد وفساد.
وكان خليل الرئيس بشار الأسد في 2007 لخوضه استفتاء دون منافس فاز من خلاله بفترة ولاية ثانية كرئيس.
من جانبه، قال مصدر كردي إن قوات الأمن السورية ألقت القبض على معارضين كرديين بارزين بعد أن دعوا إلى تنظيم مظاهرات للمطالبة بالديمقراطية في مدينة القامشلي في شرق البلاد.
وأضاف المصدر أن المحتجزين عبد القادر الخزناوي وعبد الصمد علي قاما بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري، وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان القبض على الخزناوي وعلي في القامشلي كما ألقي القبض على ناشط كردي آخر، وجرى اعتقال خمسة آخرون في بلدة عامودا القريبة.
والخزناوي ممنوع من مغادرة سوريا شأنه في ذلك شأن المئات من زعماء المعارضة والشخصيات المستقلة وهو ابن عم محمد معشوق الخزناوي الذي اغتيل قبل ستة أعوام ويقول أنصاره إنه قتل على أيدي الشرطة السرية السورية.
وهذه هي المرة الأولى التي تعتقل فيها قوات أمن ناشطين بارزين في المناطق الكردية بسوريا منذ اندلاع الاحتجاجات في درعا في 18 مارس/ آذار وامتدادها إلى جميع أنحاء البلاد.
بيان لـ”700 ” شخصية سورية
وكان حوالى 700 شخصية سورية من بينها مخرجون وكتاب وصحافيون قد وقعوا بيانا نشر على موقع فيسبوك بعنوان “من أجل أطفالنا في درعا” لمطالبة السلطات بإيقاف “الحصار الغذائي” على درعا (جنوب) المحاصرة منذ الاثنين.
وطالب الموقعون على البيان “الحكومة السورية بإيقاف الحصار الغذائي المفروض على درعا وقراها منذ خمسة أيام، والذي أدى إلى نقص المواد التموينية والضرورية لاستمرار الحياة، وأثر سلباً على الأطفال الأبرياء الذين لا يمكن أن يكونوا مندسين في أي من العصابات أو المشاريع الفتنوية بكل أنواعها”.
ومنذ الاثنين الماضي، تحاصر القوات السورية مدينة درعا حيث قتلت 32 شخصا على الأقل الجمعة عندما أطلقت النار على متظاهرين جاؤوا من القرى المجاورة حاملين مساعدات، بحسب منظمات تعنى بحقوق الإنسان. كما قتل ستة أشخاص السبت على يد قوات الأمن، بحسب ناشطين.
كما طالب البيان الذي أطلقته الكاتبة والناشطة السورية ريما فليحان الحكومة السورية “بدخول إمدادت غذائية من مواد تموينية وأدوية وأغذية أطفال وبإشراف وزارة الصحة السورية أو الهلال الأحمر”.
وقالت فليحان لوكالة فرانس برس “المسألة تتعلق بمطالب إنسانية، فمهما كان ما يحدث لا مبرر لحصار غذائي يدفع ثمنه الأطفال والمدنيون”، وردا على سؤال عما حفزها لإطلاق المبادرة قالت “لأن ما نراه على الشاشات مؤلم، لا نتحمل ألا يكون لدى الأطفال حليب وغذاء”.
عن إمكان الاستجابة الرسمية لمبادرتها قالت “راسلت وزارة الصحة عبر موقعها على الإنترنت، ولم أتلق أي جواب حتى الساعة”.
ومن بين الموقعين على البيان الكاتبة يم مشهدي، والممثلة يارا صبري، والمخرجة رشا شربتجي، والممثلة كاريس بشار، والروائي خالد خليفة، والروائية سمر يزبك.