أخبار السبت، 23 شباط 2013
القتلى في قصف حلب… و«الحل السياسي» يجمع النظام والمعارضة
القاهرة – محمد الشاذلي
اتفقت المعارضة السورية والنظام، حتى من دون حوار، على ان «الحل السياسي» هو الطريق الأمثل لحل الأزمة. لكن الجانبين اختلفا على وسائل الحوار وكيفيته ومكان انعقاده والمشاركين فيه. وبعد يوم من مقتل وجرح حوالى 300 شخص في «الخميس الدامي»، قصف النظام بالصواريخ منطقتين في شرق حلب ما دمر منازل وأدى الى دفن أسر تحت أنقاضها.
وذكر ناشط ان صاروخاً سقط على حي أرض الحمراء ما تسبب في إحداث دمار واسع النطاق. وقال: «هناك اسر دفنت تحت الأنقاض… لا يمكن وصف المشهد… انه مُروع». وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان المنطقة اصيبت بثلاثة صواريخ ارض – ارض وتسببت في مقتل وجرح عشرات الاشخاص واصابة 30 منزلاً.
وكان «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» وضع ما أسماه «إطار المبادرة السياسية» خلال اجتماع هيئته العامة في القاهرة الخميس والجمعة.
وقال الناطق باسم الائتلاف وليد البني لـ «الحياة» إن المناقشات طوال أمس انصبت على تسمية رئيس الوزراء الذي سيُكلف تشكيل الحكومة، بينما قال لـ»الحياة» عضو الهيئة السياسية هيثم المالح «إن النقاش دار حول المبدأ والأسماء المطروحة».
وقال البني لوكالة «فرانس برس» ان المعارضة «ستشكل حكومة لادارة شؤون المناطق المحررة»، لافتا الى ان «الائتلاف» سيجتمع في الثاني من اذار (مارس) لتحديد هوية رئيس هذه الحكومة واعضائها. وسيُعقد الاجتماع في اسطنبول.
وأكد الائتلاف، في إطار المبادرة على 8 نقاط قال إنها «محددات الحل السياسي» الذي يُحقق أهداف الثورة ويضمن حقن الدماء والاستقرار والحفاظ على مؤسسات الدولة، في حين اعتبر مصدر إعلامي سوري، في تصريح نقلته وكالة الانباء الرسمية «سانا» وفي معرض انتقاد المبعوث المشترك الأخضر الابراهيمي، أن «الحكومة السورية كانت ولا تزال تعتقد بأن النصر الحقيقي الذي سيتحقق سيكون لكل السوريين وان الحل السياسي هو طريق تحقيق هذا النصر».
وقال «الائتلاف» إن المسعى إلى «الحل السياسي» يستهدف تحقيق أهداف الثورة في العدالة والحرية والكرامة، وحقن دماء السوريين وتجنيب البلاد المزيد من الدمار والخراب والمخاطر الكثيرة التي تحدق بها، والمحافظة على وحدة سورية الجغرافية والسياسية والمجتمعية بما يحقق الانتقال إلى نظام ديموقراطي مدني تعددي يساوي بين السوريين رجالاً ونساءً جميعاً على اختلاف انتماءاتهم الدينية والطائفية والقومية والإثنية.
وشدد على «تنحية بشار الأسد والقيادة الأمنية – العسكرية المسؤولة عن القرارات التي أوصلت حال البلاد إلى ما هي عليه الآن واعتبارهم خارج إطار هذه العملية السياسية وليسوا جزءاً من أي حل سياسي في سورية، ولا بد من محاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم».
وقال «الائتلاف» إن الحل السياسي و»مستقبل بلادنا المنشود يعني جميع السوريين بمن فيهم الشرفاء في أجهزة الدولة والبعثيون وسائر القوى السياسية والمدنية والاجتماعية ممن لم يتورطوا في جرائم ضد أبناء الشعب السوري».
وبعد جلسة عاصفة حتى وقت متقدم من ليل ألخميس، تعرض فيها رئيس الائتلاف معاذ الخطيب إلى انتقادات حادة، من الإسلاميين والليبراليين على السواء، على اقتراحه إجراء محادثات مع حكومة الأسد من دون النص على ما سموه أهدافاً واضحة، تبنى الائتلاف وثيقة سياسية تطالب بتنحي الأسد ومحاكمته عن إراقة الدماء.
وقال مصدر من «الإخوان المسلمين» إن الجماعة «لن تحبط مبادرة الخطيب لأنها على يقين من أن الأسد لا يريد الرحيل عن طريق التفاوض ما قد يساعد في إقناع المجتمع الدولي بدعم الجهود المسلحة لإطاحته… المشكلة في الأسد ودائرته المقربة انهم لا يريدون الرحيل».
وكان ديبلوماسي على اتصال بالمعارضة والأمم المتحدة قال إن موافقة الائتلاف على مبادرة الخطيب قد تساعد في تغيير موقف روسيا التي عرقلت قرارات لمجلس الأمن في شأن سورية.
وقال الديبلوماسي إنه لا يمكن إجبار الأسد على الجلوس إلى مائدة التفاوض إلا من خلال قرار للأمم المتحدة وان «قوة لتحقيق الاستقرار» تابعة للأمم المتحدة قد تكون ضرورية لمنع الانزلاق في هاوية حرب أهلية شاملة.
“الائتلاف السوري” يرفض زيارة موسكو وواشنطن
بيروت – ا ف ب
قرر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية رفض الدعوة التي تلقاها رئيسه معاذ الخطيب لزيارة روسيا، وتعليق رده على الدعوة التي تلقاها الخطيب لزيارة الولايات المتحدة.
وقالت مصادر، إن “هذا القرار اتخذه الائتلاف خلال اجتماعاته بالقاهرة التي بدأت الخميس واختتمت مساء أمس الجمعة، ردا على استمرار المذابح في سورية من جانب النظام المدعوم من روسيا”.
وفي السياق ذاته، قرر الائتلاف في اجتماعاته الأخيرة تعليق المشاركة في مؤتمر المانحين لسورية المقرر عقده في العاصمة الإيطالية روما مطلع الشهر المقبل، كما علّق الرد على الدعوة التي تلقاها الخطيب من الولايات المتحدة لزيارتها، وذلك بسبب “الصمت الدولي” على “الجرائم” الجارية في سورية.
وأضافت المصادر أن الخطيب سيطلع المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي على نتائج اجتماعات الائتلاف اليوم السبت، كما طالب باعتبار الذكرى الثانية للثورة السورية التي تحل الشهر المقبل، أيام حداد على الشعب السوري.
المعارضة السورية تؤلف حكومة وموسكو تتوقع حواراً “وشيكاً“
واشنطن تحض “الجيش الحر” على عدم الاشتباك مع “حزب الله”
واشنطن – هشام ملحم / نيويورك – علي بردى / العواصم – الوكالات
وقت تستعد روسيا لاستقبال وزير الخارجية السوري وليد المعلم ومسؤولين من المعارضة السورية، تحدثت موسكو عن مؤشرات لحوار وشيك بين الجانبين، بينما اعلن “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” في ختام اجتماعات عقدها في القاهرة انه يعتزم تأليف حكومة تكلف ادارة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
وأبرزت وزارة الخارجية الروسية في بيان “وجود مؤشرات لحوار وشيك بين المعارضة والحكومة السورية”. ودعت طرفي النزاع في سوريا الى اغتنام الفرصة من طريق هذا الحوار، لإرساء السلام في البلاد وبذل كل ما في وسعهم لتذليل العقبات التي تعترضه.
ومعلوم ان المعلم سيزور موسكو الاثنين، على ان يزورها رئيس “الائتلاف الوطني” احمد معاذ الخطيب مطلع اذار، ويليه رئيس “هيئة التنسيق الوطنية” في المهجر هيثم مناع.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو ستبحث في سبل ضمان أمن رعاياها في سوريا مع الوزير السوري. وقالت أن المحادثات مع المعلم ستتناول كذلك سبل تقديم مساعدات إنسانية روسية إلى السكان المدنيين.
والتقى نائب وزير الخارجية الروسي المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، السفير الأميركي في موسكو مايكل ماكفول. وأوضحت وزارة الخارجية الروسية في بيان، إن بوغدانوف التقى ماكفول بناء على طلب الأخير. وأن الجانبين ناقشا أهم المسائل المرتبطة بالأجندة الشرق ألاوسطية الدولية، مع التركيز على الوضع في سوريا، في إطار الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لتحقيق تسوية سياسية للأزمة الطويلة لهذا البلد.
ومن المقرر ان يلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الاميركي جون كيري في برلين في 26 شباط الجاري للبحث في قضايا دولية بينها الازمة السورية.
واشنطن وموسكو
وفي نيويورك تبادلت واشنطن وموسكو اتهامات علنية نادرة بتعطيل مشروع بيان قدمت نصه الاولي البعثة الروسية لدى الامم المتحدة الى مجلس الامن على خلفية التفجير الذي حصل في دمشق قبل يومين.
والقى ديبلوماسيون روس على نظرائهم الاميركيين خصوصاً تبعة عدم اصدار مشروع البيان الصحافي الذي اقترحوه للتنديد بما اعتبروه “هجوماً ارهابيا”.
ولم تنتظر طويلاً الناطقة باسم البعثة الاميركية الدائمة لدى الامم المتحدة أرين بيلتون، فأصدرت بيانا جاء فيه ان “تأكيد البعثة الروسية ان الولايات المتحدة عطلت مشروع البيان الصحافي… غير صحيح”. واضافت انه “في الحقيقة، ان الولايات المتحدة قبلت كل عناصر مشروع البيان الروسي وطلبت بتجرد اضافة عن الهجمات الوحشية للنظام على الشعب السوري… وكما كان متوقعاً، وياللأسف، رفضت روسيا الاضافة الاميركية المقترحة باعتبارها (غير مقبولة اطلاقا) وسحبت مشروع بيانها”.
وأصدر الممثل الخاص المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الاخضر الابرهيمي بياناً “يندد بشدة بالتفجير الوحشي والرهيب” في دمشق قائلاً إن “لا شيء يمكن ان يبرر أعمال رهيبة كهذه ترقى الى جرائم حرب بموجب القانون الدولي”. وذكر بأنه اقترح في تقريره الى مجلس الامن في 26 كانون الثاني 2013 القيام بتحقيقات دولية مستقلة في جرائم كهذه”.
كذلك ندد الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون بالتفجير.
وعلّقت وزارة الخارجية الفرنسية على تفجير دمشق، فأعربت عن تضامنها مع الشعب السوري وأملها في ألا تمر هذه الجرائم “من دون عقاب” ومساءلة مرتكبيها أمام العدالة الجنائية الدولية، مشيرة الى استنكار “الائتلاف الوطني السوري” المعارض تلك الهجمات التي تشكل “جرائم حرب”.
المعارضة السورية
وفي القاهرة، صرّح الناطق باسم “الائتلاف الوطني” السوري وليد البني بأن المعارضة السورية المجتمعة منذ الخميس في القاهرة ستؤلف حكومة مكلفة ادارة المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون. وقال ان الائتلاف سيجتمع في 2 اذار لتحديد هوية رئيس هذه الحكومة واعضائها.
واوضح اعضاء في الائتلاف ان هذا الاجتماع سيعقد في مدينة اسطنبول التركية.
وامل البني ان تكون “سوريا” مقر هذه الحكومة، اي الاراضي التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون لنظام الرئيس بشار الاسد في شمال البلاد وشرقها.
وعلمت وكالة أنباء الشرق الاوسط “أ ش أ” المصرية أن “الائتلاف” السوري لم يتفق خلال اجتماعه في القاهرة على تسمية رئيس لحكومة انتقالية قد تؤلف لاحقاً.
وقال مصدر مسؤول في الائتلاف إنه نتيجة تباين المواقف داخل القوى الممثلة للائتلاف في شأن دعم اسم لرئاسة الحكومة الانتقالية، تأجل الأمر برمته الى اجتماع مقبل يعقده الائتلاف في اسطنبول بعد 10 أيام .
ميدانياً، تحدث ناشطون عن مقتل 14 شخصا على الاقل بعد سقوط صواريخ ارض- ارض على حي تسيطر عليه المعارضة في مدينة حلب، مشيرين الى ان الحصيلة مرشحة للارتفاع. وكتبت “الهيئة العامة للثورة السورية” في بريد الكتروني ان الصواريخ من طراز “سكود وتم اطلاقها في اقل من نصف ساعة من اللواء 155 في ريف دمشق في اتجاه الشمال السوري”.
وحمل المتظاهرون في جمعة “الرقة الابية على طريق الحرية” على “حزب الله” اللبناني وعلى المجتمع الدولي الذي يحمله المعارضون مسؤولية “استمرار سفك الدم في سوريا بسبب صمته”.
من جهة اخرى، قال ناشطون انه أفرج الخميس عن اكثر من 200 مخطوف من قرى سنية وشيعية في محافظة ادلب، مما خفف اجواء الاحتقان الطائفي في المنطقة.
ومن واشنطن حضت الحكومة الاميركية المعارضة السورية عموماً والعناصر المسلحة في “الجيش السوري الحر” خصوصاً على تفادي الاشتباكات مع عناصر مسلحة لبنانية تابعة لـ”حزب الله” عبر الحدود اللبنانية – السورية. وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نيولاند: “بالتأكيد نتحدث مع المعارضة عن اخطار التصعيد الى لبنان… ومع ذلك نحن نعلم ما يخطط له حزب الله، ونعلم انهم يدعمون نظام الاسد، وانهم يزودون المقاتلين والمعدات، وانهم نقلوا القتال عبر الحدود الى سوريا”.
جمعة سوريا: سكود حلب وانقسام كفرنبل
مازن السيّد
صاروخا سكود يحصدان عشرات الأرواح في حلب التي تتحول إلى وجهة لآلة التدمير النظامية عن بعد. “الائتلاف” يعلن مرة أخرى سعيه لتشكيل حكومة انتقالية طال انتظارها، وسيطول على الأقل عشرة أيام مقبلة ل”التشاور”. أميركا تحافظ على مسافتها وتعطي مؤشرات على ضوء أخضر لقوى الجوار بتسليح المعارضة مقابل الدعم الايراني-الروسي الكامل للنظام. “جبهة النصرة” تستثمر الجمود الدولي حول الموت السوري، لتواصل نشر دعوات “الخلافة” في المناطق السورية…حتى انقسمت تظاهرة كفرنبل.
هذه خريطة الجمعة السورية، التي تبدو واحدةً مهما تعدّدت تسمياتها.
وبعد أيام من التشاور في القاهرة، خرج “الائتلاف الوطني” المعارض، ليحدد مرةً جديدة إطار قبوله ل”الحوار”، وهو بحسب بيان “الائتلاف” يقوم على أنه “لا بد أن تستند إلى نقاط جوهرية، أولها تحقيق أهداف الثورة في العدالة والحرية والكرامة، وحقن الدماء وتجنيب البلاد المزيد من الدمار والمحافظة على وحدتها، وثانياً تنحية الأسد والقيادة الأمنية والعسكرية واعتبارهم خارج إطار العملية السياسية، ومحاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم”.
واعتبر “الائتلاف” أن الحل السياسي يعني جميع السوريين بمن فيهم “الشرفاء في أجهزة الدولة والبعثيون وسائر القوى السياسية والمدنية والاجتماعية ممن لم يتورطوا في جرائم”، مضيفاً أن أي مبادرة يجب أن يكون لها إطار زمني محدد وهدف واضح معلن، ومطالباً بوجود ضمانات دولية من مجلس الأمن وبخاصة روسيا والولايات المتحدة، وبالحصول على الدعم اللازم من الأصدقاء والأشقاء للحل السياسي.
ونقلت مصادر إعلامية عن المجتمعين في القاهرة أنهم اتفقوا على “تشكيل حكومة في الخارج”، لكنهم أعطوا أنفسهم فرصة 10 أيام ل”التشاور” في لائحة الأسماء المطروحة. وهو ما يمكن ترجمته على الأرجح، بأن المعارضة حصلت على الضمانات الدولية الكافية بالتمويل، لكنها ما زالت امام تحدي التوافق الداخلي الذي سيستغرق مئات أخرى من القتلى السوريين.
ولأنّ النظام السوري الذي يبدي توجهاً واضحاً نحو إزالة أحياء كاملة من الوجود؛ أحياء قد لا تكون سمة فقرها مجرد مصادفة، واصل تحويل حلب إلى مرمى لصواريخ “سكود” المدمرة، معيداً كرّة التدمير المنهجي التي اتبعها في الحزام الشعبي الملتصق بالعاصمة.
ومن منطقتي الأرض الحمرا وطريق الباب في حلب، خرجت صور عشرات المنازل المدمرة والجثث المرمية في الشوارع، تحت جنح الظلام وانقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات، حيث صار من الصعب حتى انتشال اجساد الشهداء الذين قضوا بصاروخي “سكود” يقول ناشطون أنهما سقطا على مسافة كيلومتر الواحد من الآخر.
أما أميركياً، فنشرت صحيفة ال”اتلانتيك” تقريراً نقلت فيه عن مسؤول رفيع في إدارة الرئيس باراك اوباما تقليله من شأن ما نشرته “نيويورك تايمز” مطلع الأسبوع الحالي عن إمكانية مراجعة واشنطن لموقفها من عدم تسليح المعارضة.
وفيما قال إن ايران وحلفاءها “يستخدمون كل ما في وسعهم لدعم بشار الأسد، بكميات ضخمة من السلاح والأفراد”، نفى مسؤول البيت الأبيض الاتهامات بأن أميركا تمنع القوى الإقليمية من تزويد المعارضة المسلحة بأسلحة مضادة للطيران والدبابات، محيلاً تعثر المعارضة ميدانياً إلى كونها “منقسمة ومربكة على الأرض”. وبذلك اختتم كاتب ال”اتلانتيك” ديفيد رود تقريره بالدعوة إلى السماح ل”تركيا، قطر والسعودية” بتزويد المعارضة بأسلحة متقدمة، وخاصة تلك المضادة للدبابات.
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني “ما زالت سياستنا تقوم على تقديم المساعدة غير القاتلة للمعارضة، ونحن نوفر مساعدات إنسانية للشعب السوري، ونعمل مع حلفائنا للضغط على نظام الأسد حتى يحصل الشعب السوري على المستقبل الذي يستحقه، وهذا المستقبل من دون الرئيس الأسد”.
قصـة اختطـاف النسـاء في إدلـب: المـس بالأعـراض أكثـر مـن فوضـى!
علي عبد المجيد
قد يكون اختطاف الرجال قصة يومية في المشهد السوري المضطرب، لكن اختطاف النساء في هذا المجتمع المحافظ يُعدُّ خرقاً لا يُمكن حتى للخصوم الألداء، الإخوة سابقاً، أن يُبرروه لأنفسهم.
قداسة مفردة «الأعراض» لا يُمكن إدراجها ضمن معادلة الاقتتال الطائفي، وهناك تعاقد ضمني لدى جميع سكان الرّيف على عدم التعرض للنساء، إلا أن حافلة من قريتي كفريا والفوعة اختطفت بكل من فيها من نساء وأطفال.
المسألة التي أثقلت ريف إدلب بأسره أياماً عديدة، وجدت طريقها إلى الحل أخيراً، إنما بشق الأنفس والوساطات والضغط المتبادل.
قواعد اللعبة التي كانت سائدة في المنطقة تُفيد بالتالي: لا يجوز للرجال من القريتين الخروج أو الدخول إليهما مُطلقاً تحت طائلة الاختطاف والذبح، بينما يمكنُ حصراً للنساء والأطفال دون «سنّ البلوغ» أن يخرجوا ويعودوا إلى قراهم.
لكنّ الحادثة الأخيرة كانت لتفتح الباب أمام مرحلةٍ جديدة بالمطلق، لولا أنّها انتهت على خير… نسبياً. تعتبرُ هذه الحادثة الأخطر من نوعها، لا سيما أن الحس العائلي المحافظ مقدس في هذه المناطق الريفية، والرد «المنطقي» لأهل النساء والفتيات المختطفات عبر مبدأ الخطف المقابل، وهو ما كان.
أحد الرجال فقد زوجته وابنته في حادثة الخطف هذه، يكاد لا ينام ليله من شدّة القلق، سلاحه لا يفارقه وهو يروح ويغدو على أطراف القرية، ينشدُ من كل الذاهبين إلى المخاطرة باختطافٍ آخر أن يأخذوه معهم، ويذهبُ مع الجميع فعلاً. ولكنهُ يُردد دائماً «نحنا ما بنقدر نعمل مع نسوانهم شي… حتى لو خطفناهم، بنحطهم مع نسوانا والله… بس هنّي كفار ممكن يسوّوا أي شي»، ويعود القلق ليُحرق صبره من جديد.
أصدقاء مختطَفون
ضمن المجموعة التي تمّ اختطافها بهدف الضغط وإرجاع النساء، عثر يوسف.أ على ثلاثة من أصدقاء الدراسة القدامى، أحدهم كان قد شاركهُ المقعد الدراسي في المدرسة المتوسطة في مدينة إدلب.
«كرمال الله لا تواخذنا يا خاي… بس والله ما بيرجّعو النسوان إذا ما عملنا هيك… هاد عرض يا رجّال… عرض!!». يوضح كل هؤلاء تعاطفهم الكامل، وينتظرون أن يجد العقلاء طريقاً للحل في أقرب وقت، ويطلبون، عبر الهاتف، من جميع أقربائهم أن يكونوا «طرف خير في الموضوع».
جلس أهل وذوو المخطوفات طويلاً مع المجموعة التي تمّ اختطافها، اعتذروا مراراً ومراراً وهم يشرحون لهم حسن نيّتهم، و«اضطرارهم إلى استضافتهم»، حتى تخرج نساؤهم وبناتهم من قبضة المسلحين.
الضغط العائلي على امتداد ريف إدلب هو الورقة الوحيدة التي قد تُفلح بإعادة النساء المختطفات، وقد لا تُفلح؛ وهو ما يُهدد فعلاً بفتح باب من العنف المفرط لا يسهلُ إغلاقه.
قناعات مُسبقة
بعض المختطفين كانوا قد سمعوا قصصاً مروّعة عن وحشيّة سكان قريتي الفوعة وكفريا، وأنهم «يذبحون الأطفال ويغتصبون الحرائر». وقد قال عبد الرحمن اليوسف إنه تشهّد ألف مرة بعدما ألقت مجموعة القبض عليهم وسارت بهم ناحية القريتين، ومخيّلته تضج بكل تلك القصص الأسطورية عن توحش الناس هنا.
فاجأه كثيراً، كما غيره من المختطفين، ابتسامة الناس لهم، واعتذارهم المتكرر، وتقديم الطعام الذي يأكلونه في بيوتهم، فكان أن تعهّد بنقل هذه الصورة الإنسانيّة بعد خروج الجميع من هذه المحنة.
تشجّع عبد الرحمن وطلب بعض سجائر الدّخان، فأحضروا بضع علب ووزعوها على الجميع، وجلس المختطِفون والمختطَفون يحرقون لحظاتهم بصمت، وينفثون مرارة وجود عشرات النساء والفتيات في مكان مجهول، وبين أيدٍ غير أمينة.
يضيف عبد الرحمن، والجميع مشغولٌ بأفكاره وسيجارته، «والله الشغلة ما فيها مزح… لو أي ضيعة تانية كانوا عملوا اللي عملتوه يا خاي… والله كبيرة»، ويعودُ إلى تفكّره المشوّش مرة أخرى.
تحدّثوا عن كل شيء كما أخبرني يوسف، عن «موسم الزيتون، الدولة، الحطب، البنزين»، ويضيف «الله يفرّج أحسن شي… والله كل هالناس والبلد ما بتستاهل غير الخير، بس شو بدنا نعمل، مكتوب علينا هيك، ولازم نطلع قدّها وأكتر».
«جبهة النصرة»
المختطفون من أهل سرمين أجروا اتصالاتهم، وقالوا إنّ أقرباءهم أعلموهم بأنّ «جبهة النصرة» تقف خلف الموضوع، وأنّ هناك «شيخاً» ليس من الأهميّة حتى بمجرّد معرفة اسمه، هو من «أفتى» لهم بجواز سبي نساء «الكفّار» من الطوائف الأخرى كافة!
وعندما يحمل الجاهل بندقية، وتُسكر خاطره بعض «الفتاوى المتحررة»، لا تسعهُ الدنيا، ويُشعل المنطقة كلّها بطيشٍ لا دولة تقف في وجهه.
علق أحد أهل سرمين المختطفين قائلاً «يا جماعة، الجبهة راسها يابس ونحنا ضدهم، بس هني مجرمين، والله إذا ما بتسمع كلامهم بيدبحوك ع الأصلي، لا هون خلصانين ولا هونيك».
ولمن لا يعلم، فقد تركّز أكثر وجود مسلحي «جبهة النصرة» في سراقب وبنّش حاليّاً، فيما يغلب على المناطق الأخرى وجود مجموعات من انتماءات أخرى.
مؤامرة من شركة النقل
تشعّبت الاحتمالات كثيراً خلال فترة البحث والتقصّي، وأصابع الريبة كانت تُشير إلى شركة النقل التي تملك الحافلة، وتعتبر الشركة «س» أشهر شركة نقلٍ في المحافظة، ولديها اتصالات قويّة مع المجموعات المسلّحة، بما ضمن لها حريّة حركة حافلاتها طوال الفترة الماضية.
الغريب في الموضوع، أنّ الحافلة التي يكون ركابها في العادة من مختلف مناطق الريف، حملت ركاباً من القريتين حصراً، 48 امرأة وفتاة وطفلاً من قريتي الفوعة وكفريا على وجه الخصوص. وقد تمّ تجميع هؤلاء على حافلة واحدة في كراج البولمان في إدلب بعدما كانوا موزعين على حافلات عدّة تتبع لشركات سفر مختلفة.
وقد تمّ اختطاف الحافلة بمُجرّد وصولها إلى منطقة سراقب على الطريق الدوليّ إلى دمشق.
ما حدث بعدها هو التالي:
قام المختطفون باحتجاز النساء في الوحدة الإرشاديّة للفلاحين في سراقب، ومن ثمّ تمّ اصطحابهم إلى منشأةٍ لتربية الدجاج (مدجنة) في غربي قرية كفريا، بعدها تمّ وضعهم في مغارةٍ بالقرب من مقالع الحجارة في المنطقة نفسها.
وبعد أيام من المفاوضات والضغط والتهديد المتبادلين، وضمن صفقة تدخّل فيها الوجهاء من الطرفين، ومدير الهلال الأحمر في مدينة إدلب، تمّ الإفراج المتبادل عن المخطوفين، ضمن المشهد التالي:
أوصل الخاطفون نساء القريتين بعد منتصف الليل، إلى البساتين القريبة، وأطلقوهنّ بين قريتي معرتمصرين وكفريا، ليكملن قرابة الكيلومتر سيراً بين بساتين الزيتون، حتى وصلن إلى القرية التي استقبلتهن بحرارة وكثير من «رصاص الابتهاج».
وفي حين ودّع أهل القريتين الأشخاص الذين تمّ اختطافهم في المقابل بتعاطفٍ واضح، وتبادلوا أرقام الهواتف بنية التواصل القريب.. والكل يلهج بأن يفرج الله عن هذه البيئة المثقلة بالمواجع.
في العديد من المحافظات السوريّة برع الإخوة بإدماء بعضهم البعض، واستنزاف البيئة في طاقاتها وأبنائها… ولم يجد العقل والحب بعد طريقاً إلى وطن لطالما تغنى بأمنه ومحبته.
عشرات القتلى والجرحى في حلب
أسـبوع سـوري حافـل
وسط تدهور الوضع العسكري والميداني والإنساني في سوريا، يتوقع أن يكون الأسبوع المقبل حافلاً على الصعيد السياسي والديبلوماسي، حيث سيزور وزير الخارجية السوري وليد المعلم موسكو يوم الاثنين المقبل للقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف الذي سيلتقي بدوره في اليوم التالي نظيره الأميركي جون كيري في جنيف في 26 الحالي. وسيزور كيري باريس بعد ذلك بيوم، على أن يشارك في اجتماع لـ«الائتلاف الوطني السوري» المعارض في روما الخميس المقبل، كما أنه سيزور تركيا ومصر والسعودية ودولة الإمارات وقطر خلال جولته التي تنتهي في 6 آذار المقبل.
وفي الوقت الذي كانت دمشق تلملم جراحها، أمس، غداة التفجيرات والهجمات التي استهدفتها وتبين أن حصيلتها الإجمالية ارتفعت إلى حوالي 90 قتيلا ونحو 300 جريح، تواصل العنف على وتيرته التصاعدية في سوريا. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيانات، أن «القوات السورية قصفت عددا من المناطق في ريف العاصمة»، مضيفا «سقط عشرات القتلى والجرحى اثر القصف الذي تعرضت له منطقة أرض
الحمراء في حي طريق الباب شرق حلب»، مشيرا إلى «سقوط ثلاثة صواريخ ارض ـ ارض» في المنطقة.
وأوضح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن انه «تم انتشال 29 جثة، وهناك أكثر من 150 جريحا»، إلا انه رجح «ارتفاع العدد كثيرا، بسبب وجود إصابات خطرة»، لافتا إلى أن «العديد من الأشخاص تحت الأنقاض». وتابع المرصد «قتل 78 شخصا في أعمال عنف في مناطق متفرقة من سوريا».
وأعلن «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» انه «سيشكل حكومة لإدارة المناطق المحررة». وقال المتحدث باسمه وليد البني، بعد اجتماع لـ«الائتلاف» في القاهرة، «اتفقنا على ضرورة تشكيل حكومة لتدبير الأمور في المناطق المحررة»، مشيرا إلى أن «الائتلاف سيجتمع في اسطنبول في الثاني من آذار المقبل لتحديد هوية رئيس هذه الحكومة وأعضائها». وقال مصدر في «الائتلاف» لوكالة «رويترز» إن «المجلس الوطني»، الذي تهيمن عليه جماعة الإخوان المسلمين، يرفض «تأليف الحكومة» في المرحلة الحالية.
وأعلن «الائتلاف»، في بيان، أنه «علّق المشاركة في مؤتمر أصدقاء سوريا للقوى الدولية المقرر عقده في روما احتجاجاً على التدمير الممنهج لحلب»، وأنه «رفض دعوات لزيارة موسكو وواشنطن رداً على الصمت الدولي ازاء الهجمات بصواريخ سكود على حلب».
وأقفرت شوارع دمشق من السيارات والمارة، بحسب ما ذكرت صحافية في وكالة «فرانس برس». وبث التلفزيون السوري وقائع «صلاة الغائب على أرواح شهداء التفجيرات الإرهابية التي ضربت دمشق والدعاء للجرحى بالشفاء العاجل» عقب صلاة الظهر من الجامع الأموي في دمشق. وشدد الأئمة وخطباء المساجد خلال الصلاة في جميع مساجد سوريا على أن «الإسلام بريء من هذه الأعمال الإجرامية التدميرية»، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا).
ودان الإبراهيمي، في بيان، «التفجير الوحشي والرهيب في دمشق»، مضيفا ان «أعمالا مماثلة تشكل جرائم حرب وفق القوانين الدولية»، مكررا دعوته «لإجراء تحقيقات دولية عاجلة بشأن هذه الجرائم». ودان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التفجيرات في دمشق، وجدد «قناعته الراسخة بأن حلا سياسيا هو المخرج الوحيد» للأزمة السورية.
وردا على دعوة الإبراهيمي إلى الضغط على السلطات السورية من أجل بدء الحل السياسي، نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر إعلامي قوله إن «شكل النظام السياسي وطبيعة الحكومة والانتخابات شأن سوري، والرئيس الأسد لا يناقش هذه المسائل الداخلية مع أي أحد غير سوري».
واعتبر المصدر أن «الإبراهيمي غير قادر على فهم المنطق السوري الذي يضع مفهوم السيادة قبل أي مفهوم وفوق أي اعتبار»، مؤكدا أن «الحكومة السورية كانت ولا تزال تعتقد أن النصر الحقيقي الذي سيتحقق سيكون لكل السوريين وان الحل السياسي هو طريق تحقيق هذا النصر».
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الصيني يانغ جيتشي في موسكو، «نشعر بخيبة أمل لأنه نتيجة موقف الولايات المتحدة في مجلس الأمن لم تتم إدانة العمل الإرهابي في سوريا». وأضاف «نعتقد أن هذا كيل بمكيالين، ونرى فيه نزعة خطيرة من زملائنا الأميركيين لتجاهل مبدأ أساسي بإدانة أي عمل إرهابي إدانة غير مشروطة، وهو مبدأ يضمن وحدة المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب».
وأوضح لافروف، الذي يلتقي نظيره الأميركي جون كيري في جنيف في 26 شباط الحالي على أن يلتقي كيري بعد ذلك بيوم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس في باريس، أنها «ليست أول حالة يبحث فيها الأميركيون عن صياغة تبرر من يحارب النظام السوري».
وأعلنت المتحدثة باسم البعثة الأميركية في الأمم المتحدة أيرين بيلتون أن واشنطن «لم تعرقل أي بيان للإدانة، لكنها سعت لأن يكون متوازناً بأن يتضمن انتقاداً للقوات السورية وهو ما رفضته روسيا».
وأعلن لافروف وجيتشي أن «روسيا والصين تدعوان إلى احترام أحكام ميثاق هيئة الأمم المتحدة وعدم السماح باستخدام القوة العسكرية في النزاع السوري والوضع حول أفغانستان والبرنامج النووي الإيراني».
وأكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في تصريح لقناة «روسيا اليوم»، أن موسكو تنتظر سلسلة زيارات لعدد من ممثلي المعارضة السورية، موضحا أن موسكو تأمل إطلاق حوار سوري وطني شامل. وأكد أن «الخارجية الروسية اتفقت من حيث المبدأ على الموعد النهائي لزيارة عضو هيئة التنسيق الوطنية السورية هيثم مناع والعميد مناف طلاس في موعدين مختلفين».
(«السفير»، «سانا»، ا ف ب، ا ب، رويترز)
جون كيري لا يعارض دعم المعارضة السورية.. وفشل الجهود الدبلوماسية ستعيد احياء خطة كلينتون ـ بترايوس
ابراهيم درويش
لندن ـ ‘القدس العربي’: على الحدود السورية ـ اللبنانية توتر وتعبئة يقوم بها حزب الله. والجيش الحر يهدد بتوسيع الحرب ونقلها للبنان، ووزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ يعد بتدريب الفي جندي لبناني والمساعدة على تحقيق الاستقرار في البلاد وتوفير معدات لم يقدم المسؤولون اي تفاصيل عنها. ولبنان الذي لا تنفصل السياسة فيه عن سورية ليس بعيدا عن الانفجارات التي ضربت قلب العاصمة دمشق، حيث تنقل المعركة بين النظام والمعارضة الى مستوى جديد، فلم تعد العاصمة حصن النظام آمنة من الحرب. فقد جاءت اليها الآن على شكل تفجيرات كبيرة بعد توقف دفع الحملات التي يقوم بها الجيش الحر للاستيلاء عليها. وفي الفوضى التي تخلفها الحرب والنقاشات بين المعارضة حول التفاوض مع الحكومة، فالانفجارات جاءت في وقت جيد للنظام كي يرفض او يتشدد في مطالبه.
بانتظار كيري
كل هذا يجري وسط ترقب لما سينتج عن زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كيري المرتقبة للمنطقة والتي يجب ان يكون موضوعها سورية، والبحث عن حلول لها، وليس كما قال او قيل انه جاء للبحث عن افكار والاستماع. على الاقل هذا هو موقف صحيفة ‘اندبندنت’ البريطانية التي قالت ان سلسلة التفجيرات في دمشق يجب ان تؤكد اولويات جون كيري والذي سيصل الاثنين المقبل في بداية جولة له تشمل تسع دول اوروبية ومنطقة الشرق الاوسط. فزيارة جون كيري ولقاءاته مع مسؤولي هذه الدول هي الاولى له كوزير خارجية ولكنه يعرف من سيلقاهم ولا داعي لتقديمه اليهم او العكس.
والزيارة كما تقول الصحيفة لن تكون بالضرورة للتعارف والموضوع السوري سيكون على قائمة اجندة المحادثات. فهل نتوقع شيئا او تغيرا في الموقف الامريكي؟ تجيب الصحيفة ان جون كيري يأتي بخبرة 28 عاما في لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الامريكي وكان مرشحا سابقا في الانتخابات الرئاسية الامريكية (2004) خسرها امام جورج بوش الابن، واصبحت مهمته في ظل ادارة اوباما الاولى حل المشاكل وسفيرا لمناطق النزاع في الباكستان وافغانستان والسودان ومن هنا فهو يأتي للخارجية محملا بخبرة وروح جديدة تختلف عن سابقيه. فوزارة الخارجية هي المنصب الذي رغب دائما بتوليه وهو الرجل الانسب لها. ولكن وصول كيري الى الخارجية جاء وسط تكهنات حول مستقبل وزيرة الخارجية السابقة هيلاي كلينتون السياسي ولهذا دخل كيري الوزارة بهدوء ولم يلق اي خطاب او تصريح كبير له منذ توليه المنصب قبل 3 اسابيع سوى التأكيد على اهمية الحفاظ على مشاريع الدعم الامريكية على الرغم من خطط تخفيضها.
سفير للرئيس
وسيكون كيري في منصبه الجديد مثلما كانت كلينتون ‘مسوقا’ لقرارات البيت الابيض لان السياسة الخارجية يتم تشكيلها الان وتقرر وجهتهتها في داخل البيت الابيض. ومع ذلك فاختياراته تعطي فكرة عن ميوله واهتماماته. فتفضيله الحوار والقوة الناعمة على استخدام القوة العسكرية نابعة من تجربته كجندي في حرب فيتنام. ومع ذلك فقد دعم زيادة عدد القوات الامريكية في افغانستان والحرب في ليبيا. وعليه فالسؤال المطروح هل ستتغير وجهة السياسة الخارجية الامريكية تجاه سورية؟ الاندبندنت تقول ان كيري سيعمل مثل اوباما على ابعاد بلاده عن التورط في سورية. لكن كيري يقول ان لديه خطة لسورية، ويخطط للقاء المعارضة في العاصمة الايطالية، روما الاسبوع المقبل كما سيلتقي مع سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي الذي باتت بلاده تدير الملف السوري وتحاول جمع المعارضة والنظام للاتفاق على تسوية وكما قال تغيير المعادلة الحالية والتوصل الى حل دبلوماسي بدون ان يظل الاسد في السلطة.
وضمن جهوده فسيقابل مسؤولين في مصر ودول الخليج، ومن هنا فقرار اوباما ووزير خارجيته سيكون اما تسليح المعارضة والمخاطرة بصب الزيت على نار الحرب الاهلية المشتعلة وتوسيع حمام الدم او مراقبة نزيف الدم واحتراق البلاد. لا ينكر المراقبون ان اوباما في انتظاره الطويل اوتدخله السريع يعيش معضلة اسمها سورية. فمع ان له الان مطلق الحرية ولا يخشى على مستقبله السياسي وخسارته البيت الابيض الا انه لا يزال مترددا ويبدو كرجل يبحث عن اعذار لتجنب التورط في سورية.
واختياراته الاخيرة، اي الخارجية والدفاع وحتى المخابرات (سي اي ايه) تظهر انتصارا للتيار الرافض لدور كبير في الحرب وتسليح المعارضة وبالنظر في التركيبة الجديدة للادارة فان تغيرا في الموقف الامريكي من سورية ليس قريبا، خاصة ان الذين دعموا تسليح المعارضة وبرنامج ديفيد بترايوس، مدير الاستخبارات المستقيل هم خارج السلطة، اي كلينتون، وليو بانيتا وزير الدفاع.
وقد لقيت الخطة التي قدمت صيف العام الماضي معارضة من مستشار الامن القومي توماس دونيلون ونائب الرئيس جوزيف بايدن، واللذين قرر اوباما اخذ رأيهما. وكما اشرنا فاوباما نفسه اليوم وبعد ثلاثة اشهر من انتخابه ليس متأكدا من الطريق الذي يجب ان يسلكه لسورية، فحديثه لمجلة ‘نيوريبابلك’ يظهر هذا فهو وازن بين عشرات الالاف من الذين قتلوا في الكونغو بمثل الذين يقتلون في سورية. ويتساءل محللون في حالة عدم نجاح كيري في مهمته الدبلوماسية، خاصة ان الاسد يعتقد انه قادر على الصمود اكثر من معارضيه او تفكيك بلاده الى كيانات متفرقة. وهنا لا يستبعد المحللون ظهور انقسام جديد داخل الادارة. وعلى خلاف الانقسام السابق الذي حكمته الحملات الانتخابية فقد لا يجد اوباما مفرا هذه المرة من التدخل حالة فشل الحل السياسي. ويقترح مقال كتبه دويل ماكمانوس، في صحيفة ‘لوس انجليس تايمز’ قبل يومين على الادارة ما قدمه فردريك هوف، الذي كان مسؤول الملف السوري في الخارجية قبل ان يتركها العام الماضي، ويقوم اقتراحه على البحث عن جماعة معتدلة داخل المعارضة السورية المسلحة والوصول اليها سريعا.
ونقل ماكمانوس عن هوف قوله ان الدعم قد لا يتطلب من واشنطن ارسال اسلحة، وربما وجدت ان هذا الفصيل او الجماعات تحتاج الى امور اخرى من مثل المعدات العسكرية والتدريب والمشاركة في المعلومات الامنية. ويرى هوف ان واشنطن بحاجة لاقامة علاقة وثيقة مع من سيصلون للسلطة وعدم السماح للقوى المتطرفة الاستئثار بها.
ويعتقد هوف ان بناء علاقة جيدة مع الجماعات المعتدلة في المعارضة المسلحة هو خيار لا يحمل الكثير من المخاطر. وفي الوقت الذي لا يتوقع ان يقوم تشاك هاغل وزير الدفاع الذي عارض افغانستان. وهنا يشير الى وجه اخر من دبلوماسية كيري الذي لا يمانع دعم المعارضة وان اقتضى الامر تسليحها. والكاتب يحيلنا هنا على مقابلة اجرتها مجلة ‘فورين بوليسي’ مع كيري في ايار (مايو) العام الماضي والتي قال فيها ان الدعم الامريكي للمعارضة يجب ان يزيد ولم يستبعد ان يشمل هذا ‘تدريبات عسكرية’ و’ان كان بامكاننا تعزيز الوحدة داخل المعارضة فعندها سنفكر بالاسلحة القتالية’ الفتاكة.
مؤكدا على اهمية تغيير الدينامية للازمة اي ترجيح كفة على اخرى. وبناء عليه فتوجه الادارة نحو سورية يلخصه الكاتب بالتالي: سيقوم كيري بجولته، ويدعو الاسد للتفاوض ويناشد روسيا وقف دعمها له، ولن تثمر هذه الدعوات ثمارها. وعندها سيعود كيري للبيت الابيض ويقول للرئيس ان الوقت قد حان لاحياء مبادرة كلينتون بترايوس لتسليح المعارضة. وسيجد اوباما نفسه مرة اخرى في مأزق، لكن في الوضع الحالي لن يخشى على مستقبله السياسي بل خشيته ستكون من الحرب السورية التي تنتقل عدواها الى الدول الجارة. وفي هذا الوضع سيجد اوباما صعوبة في الرفض. ومع ذلك فمعضلته لن تنتهي فموافقته على التدخل ستضعه امام استحقاق لتوضيح اسباب انتظاره وتردده في دعم المعارضة ولمدة سبعة اشهر، حيث ازداد الوضع سوءا ومات سوريون كثر.
الرجل
في موضوع مختلف، لفت ظهور رجل سوري في التقارير الاعلامية للتلفاز الرسمي انتباه المراقبين للتغطية الرسمية للتفجيرات التي تحدث في العاصمة، ففي العادة يخرج رجل اصبح مظهره عاديا من بين حشد من الناس ويبدأ بالصراخ ويقول ‘نحن الشعب السوري’ ويلقي اللوم على جبهة النصرة والجماعات التفكيرية، والارهابيين الوهابيين السعوديين الذين تسلحوا وتدربوا في تركيا. ولان وجه الرجل بات مألوفا فقد سجل المراقبون له 18 ظهورا، حيث ظهر في مشهد التفجير الذي استهدف مقر حزب البعث يوم الخميس، وظهر وهو يشير الى ان التفجير استهدف مواقع مدنية، مسجد ومدرسة ابتدائية وبيوت لمدنيين. وفي ظهوره فهو يؤكد الرواية الرسمية عن ‘الارهابيين’.
ولاحظت مدونة ‘ليد’ في صحيفة ‘نيويورك تايمز’ ان الرجل ظهر في يوم واحد مرتين في تقريرين عن التظاهرات المؤيدة للنظام في دمشق. وقام ناشطون بجمع لقطات للرجل من 18 تقريرا ووضعها على الانترنت من اجل السخرية من النظام واعلامه الذي يقوم بتدوير او اعادة انتاج نفس الصور. واشار شريط اخر وضع على ‘اليوتيوب’ قبل 13 الى ان الرجل ظهر في خلفية تقريرين للبي بي سي، وهو بالزي العسكري. واشارت الصحيفة الى نفس الظاهرة في ايران بعد التظاهرات التي اندلعت احتجاجا على تزوير الانتخابات عام 2009، حيث ظهر رجل متحمس ومؤيد للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد.
وتذكر الصحيفة بما نشرته صحيفة ‘الغارديان’ العام الماضي من رسائل الكترونية متبادلة للاسد ومساعديه سربتها المعارضة، ومنها رسالة من نصيحة من مدير مكتب التلفزيون الايراني في دمشق، حيث اشتكى الصحافي من عدم استماع المسؤولين لنصائح ايران وحزب الله حول الطريقة التي يجب التعامل فيها مع التفجيرات ومن يتحمل مسؤوليتها، فليس من مصلحة النظام القاء التهمة على القاعدة في كل تفجير لان تصريحات كهذه تعفي الادارة الامريكية والمعارضة من المسؤولية.
دمشق في انتقاد للابراهيمي: الاسد لا يبحث شكل النظام السياسي ‘مع اي احد غير سوري‘
دمشق ـ ا ف ب: انتقدت دمشق الجمعة الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي الذي دعا الدول المتحالفة مع النظام السوري الى الضغط عليه من اجل بدء الحل السياسي، مؤكدة ان الرئيس بشار الاسد لا يناقش شكل النظام السياسي والمسائل الداخلية ‘مع اي احد غير سوري’.
ونقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن مصدر اعلامي ان ‘شكل النظام السياسي وطبيعة الحكومة والانتخابات شان سوري والرئيس الاسد لا يناقش هذه المسائل الداخلية مع اي احد غير سوري’.
واعتبر المصدر ان المبعوث المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية ‘غير قادر على فهم المنطق السوري الذي يضع مفهوم السيادة قبل اي مفهوم وفوق اي اعتبار’.
واكد ان ‘الحكومة السورية كانت ولا تزال تعتقد بان النصر الحقيقي الذي سيتحقق سيكون لكل السوريين وان الحل السياسي هو طريق تحقيق هذا النصر’.
واعلن الابراهيمي الذي وافق الاربعاء على تمديد مهمته المتعلقة بالسعي الى حل للازمة السورية ستة اشهر، ان النظام السوري ‘ليس مستعدا للرحيل’، وان ‘النظام في سورية مؤمن بان الحل العسكري ممكن ويمكن ان يكون قريبا’.
وجدد دعوته الى ‘ان يبدأ الطرفان السوريان مفاوضات. هذه المفاوضات يجب ان تبدأ في الخارج برعاية الامم المتحدة في جنيف مثلا او اي مكان آخر. بعد ذلك، اذا ارادوا الانتقال الى دمشق، حبذا…’.
ورأى الابراهيمي ان ‘الدائرة الداخلية السورية عاجزة عن ان تتحاور وتتفاوض وتحل مشكلة داخلية. المنطقة ايضا عاجزة عن تقديم مساعدة حقيقية لحل المشكلة. الجهة الوحيدة التي مع صعوبتها قادرة على حل المشكلة هي مجلس الامن’.
وشدد على وجود ‘حاجة الى قرار من مجلس الامن’ على اساس اتفاق جنيف الذي وافقت عليه روسيا والولايات المتحدة.
ومن ابرز بنود هذا الاتفاق ‘تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات’، بالاضافة الى وقف النار وارسال مراقبين، وصولا الى انتخابات باشراف الامم المتحدة.
وقال الابراهيمي ‘نحن نحتاج الى ارادة سياسية اقوى عند دول الجوار وفي مقدمتها ايران وعند روسيا وعند الدول الاخرى من اجل الوصول الى تشجيع او ضغط على الاطراف من اجل الجلوس على طاولة الحوار’. وكان رئيس الائتلاف الوطني المعارض احمد معاذ الخطيب ابدى استعداده للتحاور مع ممثلين للنظام ‘خارج سورية’ لانهاء الازمة، بينما دعت دمشق الى ‘حوار غير مشروط’ على الاراضي السورية.
وينقسم مجلس الامن الدولي بين الدول الغربية المطالبة بتنحي الاسد وروسيا والصين اللتين استخدمتا حق النقض (فيتو) اكثر من مرة للحؤول دون صدور قرار يدين النظام في النزاع المستمر منذ 23 شهرا والذي اوقع حتى الآن نحو سبعين الف قتيل، بحسب ارقام الامم المتحدة.
مدرسة تحت الارض في دير الزور لمساعدة الاطفال على نسيان جحيم القصف
ديرالزور (سورية) ـ ا ف ب: عشرات الادراج تفصل جحيم القصف اليومي عن ‘واحة سلام’ متمثلة بملجأ تحت الارض انشأ فيه متطوعون مدرسة هي الوحيدة التي تقوم بالتدريس على حد قولهم في مدينة دير الزور شرق سورية.
وهذه المدينة النفطية في شرق سورية الواقعة على ضفاف الفرات، في حالة خراب اذ تبدو اثار القصف على المنازل فيما الشوارع مليئة بالحطام والزجاج، بعد تسعة اشهر من المعارك القوية بين القوات النظامية السورية وقوات المعارضة المسلحة.
وكانت المدينة تعد حوالي 750 الف نسمة قبل الحرب لكن المعارك والقصف دفعا نصف مليون شخص الى الرحيل.
ويقول ياسر طارق احد مؤسسي هذه المدرسة في حي الامل والتي تؤمن الدروس ستة ايام في الاسبوع لحوالى 50 طفلا ياتون من كل انحاء المدينة ‘غالبية المعلمين نزحوا، وقلة من الناس تطوعت لمساعدتنا بسبب الخوف’.
ويضيف طارق الذي كان يعمل قبل النزاع مسؤولا امنيا في المنشآت النفطية في المنطقة، ان ‘الدروس تعطى في المساء لان الوضع اكثر خطرا بكثير خلال النهار’. وفي المساء ‘تخف حدة القصف كثيرا’.
وتابع انه عند انتهاء الدروس وبعد تناول الاولاد العشاء ‘نجعلهم يغادرون الواحد تلو الاخر لتجنب ان تصيبهم قنبلة كمجموعة او رصاص قناص’.
ويقول الناشط هيكل ان القسم الاكبر من محافظة دير الزور تم تحريره لكن قوات النظام لا تزال تسيطر على عدة احياء في المدينة.
وتقول مديرة المدرسة بيدا الحسن ‘حين يبدأ القصف، يصاب الاطفال بالخوف’.
واضافت ‘نبدأ حينئذ بالغناء معهم او التصفيق على وقع الانغام. نحرص بالتالي على ان يركزوا على الموسيقى وان ينسوا القنابل’.
وتتابع ‘هذه ليست حياة جيدة بالنسبة للاطفال. ليسوا مسؤولين عن اي شيء من كل هذه الامور، لكنهم هم الذين يعانون اكثر من غيرهم’.
ويقول طارق ان هدف هذه المدرسة هو ‘مساعدة الاطفال على نسيان ما يحصل للحظات، لكي يروا ان هناك امورا اخرى غير القصف والحرب’.
ويؤكد التلميذ سلطان موسى (12 عاما) ‘آتي كل يوم الى المدرسة لانني احب الدراسة. يمكنني القيام بشيء ما مختلف هنا’.
وقبل افتتاح المدرسة في ايلول (سبتمبر) ‘كنت امضي نهاري في المنزل لان والدي لا يسمحان لي بالخروج خوفا من القصف’ كما يضيف.
اما سيدرا (10 اعوام) فتقول انها تحب المجيء الى المدرسة لانه يمكنها اللعب هناك. وتضيف ‘لقد تعرض منزلي للقصف وخسرت كل العابي’.
وتقول انها فقدت خمسة اشخاص من اقاربها حين اصيب منزلهم بقذيفة هاون. وتضيف ‘بعد هذا الامر، لم يعد والدي يسمحان لي بالخروج الى ان اكتشفا ان اولادا اخرين من الحي ياتون الى المدرسة. ومنذ ذلك الحين آتي كل يوم مع شقيقتي الاثنتين’.
والدروس من رياضيات وانكليزية وعربية ودين مهمة لكن ايضا وقت الاستراحة مهم ايضا. ويقول طارق مازحا ‘انها ليست مدرسة فعليا وانما ملعب للاستراحة’.
ولاسباب امنية ‘اقيم الملعب’ تحت الارض في مبنى اخر في الحي حيث يمكنهم ممارسة لعبة كرة الطاولة والشطرنج ووضع جهاز فيديو ايضا لمشاهدة الرسوم المتحركة من سلسلة ‘توم اند جيري’. ويعبر ياسر طارق عن فخره بواحة السلام هذه التي تمكن من اقامتها مع متطوعين اخرين قائلا ‘هذا المكان كان من غير الممكن اقامته قبل بضعة اشهر بسبب حدة القصف’.
وفي الوقت الحاضر ‘تمكنا من جعلهم ينسون، على الاقل لفترة قصيرة’ جحيم الخارج.
تقارير سورية عن إسقاط طائرة مروحية أثناء هبوطها في أكاديمية الأسد بحلب
دمشق- (د ب أ): أفادت مصادر موالية للمعارضة السورية الخميس عن إسقاط طائرة مروحية أثناء هبوطها في أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية في مدينة حلب.
وذكر مركز حلب الإعلامي أن الثوار نجحوا في إعطاب طائرة مروحية عند محاولة هبوطها في أكاديمية الأسد بحي حلب الجديدة”.
رئيس حزب إسلامي سوري معارض: نريد دولة مدنية لا علمانية والتشدد مرفوض
اسطنبول- (د ب أ): أعرب المعارض الإسلامي السوري عماد الدين رشيد رئيس المكتب السياسي لحزب التيار الوطني السوري عن رغبة الحزب في اقامة دولة مدنية، مشددا على أن التشدد من أي جهة “مرفوض”.
وقال رشيد لوكالة الأنباء الألمانية إن “حزبنا يريد دولة مدنية، لأننا نمثل الإسلام الوسطي و نتخوف من التشدد أيا كان مصدره”، مؤكدا أن “التشدد من أي جهة جاء هو مرفوض من قبلنا”.
وأشار إلى أن نظام بشار الأسد و أبيه قدم نفسه كنظام علماني تبين لاحقا انه متطرف واليوم يقتل الآلاف من السوريين و يدمر المدن و الاقتصاد السوري ونتخوف كذلك من التطرف الإسلامي أو أي تطرف آخر حتى لو جاء من الأقليات، “نحن نرى الحل في سورية في الوسطية”.
وأضاف رشيد ،وهو كان نائب رئيس كلية الشريعة في دمشق و اعتقل مرات عدة من نظام الأسد قبل أن يسهم في الثورة ومن ثم يفر إلى الخارج “نحن لسنا قريبين من حزب الأخوان المسلمين، نحن نمثل تيار اجتماعي سياسي، بدأنا في عام 2003 ولم نستطع الاستمرار، بسبب النظام الأمني في سورية الذي اعتقل كوادرنا وفرقنا ،ثم تم اعتقلنا عام 2008 وعملنا في السر قبل انطلاقة الثورة في 15 آذار/ مارس عام 2011 ثم خرجنا لأن الأجهزة الأمنية لاحقتنا وهددتنا بالتصفية” .
وحول ما يقال عن أن الثورة في سورية “تأسلمت” أجاب رشيد بالقول “الثورة في سورية وطنية ذات أكثرية إسلامية، قدر الثورة إن أكثريتها إسلامية وهذه طبيعة الأمور على ارض الواقع، ونحن هنا نسأل هل كانت الثورة مسيحية أو يسارية حتى يقال عنها أنها تأسلمت، ألا تحوي الثورة كل الأطياف السورية “.
وعن علاقات حزبه بباقي مكونات المعارضة قال رشيد إن “علاقتنا جيدة بجميع الأطياف، مرجعيتنا الإسلام دينا وثقافة وحضارة، لا مشكلة لنا مع الآخر ما لم يكن هو له مشكلة معنا، بين صفوف حزبنا أعضاء شيوعيون”.
وردا على سؤال بشأن أن معظم الأحزاب الإسلامية تعلن خطابا وسطيا إلى أن يقبلها المجتمع وتخطف السلطة حتى تغيير مواقفها أجاب بالقول “نحن أبناء الواقع اليوم ونعرف مجتمعنا الوسطي و إذا حصل أن استلمنا السلطة فلا إرادة لنا لنحتكر الحكم أو إذا كنا شركاء في الحكم فأيضا سنكون وسطيين، لا ننكر لدينا تخوف من الواقع، نريد دستورا انتقاليا في البلاد لمرحلة انتقالية، دستور غير طائفي إنما وطني يستوعب جميع السوريين”.
وحول علاقات حزبه مع أمريكا وفرنسا قال رشيد “لدينا حوار جيد مع الأمريكيين و الفرنسيين، ولدينا علاقات طيبة مع تركيا والأردن والسعودية ولكن لا احد يمولنا منهم، نعتمد على أعضاء الحزب ورجال الأعمال الداعمين لتوجهاتنا”.
وفيما إذا كان لديهم كتائب مقاتلة على الأرض في سورية حاليا ، أضاف بالقول” لدينا أشخاص انخرطوا في أعمال عسكرية، كرد فعل على قهر وإجرام نظام الأسد نحن لدينا جمهورنا الوسطي ، سنويا يدخل إلى كلية الشريعة بين 2500 إلى 3000 طالب و طالبة من كل سورية، هم متعلمون ، واغلبهم وسطيين .
وقال نحن دعاة دولة مدنية لا دولة علمانية نريد الليبرالية نريد جيشا سوريا يعبر عن السوريين بأوزان أطيافه ونريد دستورا مؤقتا لمرحلة انتقالية لمدة خمس سنوات، نتخوف من التشدد وتخوفنا مشروع مثل تخوف غيرنا لماذا مسموح لغيرنا ما هو ممنوع علينا؟ من حقي كإسلامي أن يكون لدي تخوفي، عشنا عقودا من تشدد حكم طائفي معظم الأطياف كانت تعمل في ظله بشكل أو بآخر إلا الإسلاميين حتى لو كانوا وسطيين كانوا ممنوعين ومقموعين”.
وهل تتوقع أن تحسم الأمور على الأرض في الداخل قريبا يقول إن “المجتمع الدولي يفتح بواباته و يسمح بتوريد السلاح للنظام و يمنعه عن الجيش الحر، الداخل وحده من الصعب أن يحسم دون دعم من الخارج والسبب هو أن سورية تحولت إلى ساحة صراع إقليمي دولي مع أن سورية بلد نظيف من القاعدة”.
وأضاف أن الخارج إذا أراد مساعدة الشعب السوري ستحسم المعركة بسرعة فرغم أهمية عمل و نضال الداخل إلا أن دعم الخارج و دوره لا يستهان به في سورية، مؤكدا أنه ليس من مؤيدي الحوار لأننا سبق و اختبرناه مرات عدة سابقا فلم نجد لديه إلا المراوغة وتضييق الوقت.
وأشار إلى أنهم قدموا ورقة للنظام بهذا الخصوص بتاريخ 28 نيسان/ إبريل عام 2011 وكان معهم الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني ووسطوا خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مع السلطات السورية إلا “أننا حصدنا الخيبة من نظام الأسد الذي يدمر اليوم سورية”.
المعارضة السورية تعلق مشاركتها بمؤتمر أصدقاء سوريا وتلغي زيارة لموسكو وواشنطن
بيروت- (ا ف ب): اعلن الائتلاف السوري المعارض في بيان السبت تعليق مشاركته في مؤتمر (اصدقاء سوريا) المقبل في روما “احتجاجا على الصمت الدولي” على “الجرائم المرتكبة” بحق الشعب السوري، كما قرر رفض تلبية دعوة لزيارة واشنطن وموسكو.
واعتبر الائتلاف المعارض ان “الصمت الدولي تجاه الجرائم المرتكبة كل يوم بحق شعبنا هو مشاركة في ذبحه المستمر منذ عامين”.
وجاء في نص البيان الذي تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه “احتجاجا على هذا الموقف الدولي المخزي، فقد قررت قيادة الائتلاف تعليق مشاركتها في مؤتمر روما لاصدقاء سورية، وعدم تلبية الدعوة لزيارة روسيا والولايات المتحدة”.
وحمل الائتلاف “القيادة الروسية مسؤولية خاصة اخلاقية وسياسية لكونها ما تزال تدعم النظام (السوري) بالسلاح”.
وطالب الائتلاف “شعوب العالم كافة باعتبار الاسبوع الممتد من 15 إلى 22 آذار/ مارس، وهو الذكرى الثانية لانطلاق الثورة السورية اسبوع حداد واحتجاج في كل انحاء العالم”.
وقتل مساء الجمعة 29 شخصا واصيب 150 آخرون بجروح، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، في سقوط صواريخ ارض ارض على حي طريق الباب في شرق مدينة حلب (شمال سوريا).
وقال ناشطون إن الصواريخ هي من طراز (سكود) واطلقت من منطقة ريف دمشق.
واوضح المرصد ان عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب استمرار وجود اشخاص تحت الانقاض. واظهرت اشرطة فيديو بثها ناشطون على شبكة الانترنت دمارا هائلا ناتجا عن القصف الجمعة. وكان حي جبل بدرو المجاور تعرض مساء الاثنين لقصف بصاروخ ارض ارض اوقع 33 قتيلا بينهم 15 طفلا.
ووجهت موسكو دعوة الى رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية احمد معاذ الخطيب لزيارة موسكو، وكان يفترض ان تتم هذه الزيارة في مطلع الشهر المقبل.
وتشهد موسكو، حليفة النظام السوري وابرز مصدر تسليح له، منذ ايام حركة دبلوماسية نشطة في محاولة للتوصل الى مخرج سلمي للنزاع السوري المستمر منذ حوالى سنتين والذي تسبب بمقتل حوالى سبعين الف شخص، بحسب الامم المتحدة. وسيزور وزير الخارجية السوري وليد المعلم موسكو في 25 شباط/ فبراير.
واعلن الخطيب في نهاية كانون الثاني/ يناير استعداده المشروط للجلوس مع ممثلين للنظام للتوصل الى حل للازمة، موضحا ان اي حوار يجب ان يكون حول رحيل النظام. ورحبت موسكو وواشنطن بهذه المبادرة.
وتم خلال الاجتماع الاخير لمجموعة (اصدقاء الشعب السوري) في مراكش بالمغرب في كانون الاول/ ديسمبر الماضي الاعلان عن عقد الاجتماع المقبل في روما من دون تحديد موعد له.
واجتماع روما سيكون الخامس للمجموعة على المستوى الوزاري بعد اربعة اجتماعات في تونس (24 شباط/ فبراير 2012) واسطنبول (مطلع نيسان/ ابريل) وباريس (6 تموز/ يوليو) ومراكش (12 كانون الاول/ ديسمبر).
وتضم مجموعة (اصدقاء سوريا) اكثر من مئة دولة عربية واجنبية والعديد من المنظمات الدولية والاقليمية.
عشرات القتلى والجرحى في سقوط صواريخ على حلب
المعارضة تريد تشكيل حكومة لـ’المناطق المحررة’ والابراهيمي يصنف تفجير دمشق بـ’جريمة حرب’
دمشق ـ بيروت ـ وكالات: اعلنت المعارضة السورية الجمعة انها تريد تشكيل حكومة تدير ‘المناطق المحررة’ في شمال وشرق سورية، فيما صنف الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي التفجير غير المسبوق الذي شهدته دمشق الخميس بأنه ‘جريمة حرب’.
ميدانيا، افاد ناشطون عن مقتل وجرح العشرات بعد سقوط صواريخ ارض ارض على حي في مدينة حلب (شمال)، ولفتوا الى ان القوى الامنية السورية اطلقت النار على تظاهرة مناهضة للنظام في مدينة الرقة الشمالية ما اسفر عن سقوط قتيل.
في القاهرة، قال المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري المعارض وليد البني لفرانس برس ‘اتفقنا على ضرورة تشكيل حكومة لتدبير الامور في المناطق المحررة’، لافتا الى ان الائتلاف سيجتمع في الثاني من اذار (مارس) لتحديد هوية رئيس هذه الحكومة واعضائها.
واوضح اعضاء في الائتلاف ان هذا الاجتماع سيعقد في مدينة اسطنبول التركية.
وامل البني في ان تكون ‘سورية’ مقر هذه الحكومة، اي الاراضي التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون لنظام الرئيس بشار الاسد في شمال البلاد وشرقها.
ويعقد الائتلاف السوري المعارض منذ الخميس اجتماعات في القاهرة يبحث خلالها الطرح الذي تقدم به رئيسه احمد معاذ الخطيب لجهة اجراء حوار مباشر مع ممثلين للنظام السوري ‘لم تتلطخ ايديهم بالدماء’.
وفيما كانت العاصمة السورية تلملم جراحها غداة مقتل اكثر من ثمانين شخصا في سلسلة تفجيرات تعتبر الاكثر دموية في العاصمة منذ بدء النزاع في سورية قبل 23 شهرا، ندد الابراهيمي في بيان ‘بشدة بالتفجير الوحشي والرهيب في دمشق الخميس والذي اسفر عن مقتل نحو مئة شخص واصابة 250 مدنيا’.
واضاف ‘ليس هناك ما يبرر اعمالا رهيبة مماثلة تشكل جرائم حرب وفق القوانين الدولية’.
وذكر البيان الصادر في نيويورك بان الموفد الدولي اقترح في تقريره الاخير الى مجلس الامن الدولي في 26 كانون الثاني (يناير) ‘اجراء تحقيق دولي مستقل في جرائم كهذه’.
وانفجرت اربع سيارات مفخخة الخميس في دمشق، احداها فجرها انتحاري قرب مقر حزب البعث في حي المزرعة واسفرت عن مقتل 61 شخصا، بينهم 17 عنصرا من قوات النظام. وبين الضحايا اطفال كانوا في المدارس.
كما وقعت ثلاثة تفجيرات اخرى متزامنة تقريبا في منطقة برزة في شمال دمشق استهدفت مقار امنية وقتل فيها 22 شخصا، بينهم 19 عنصرا من قوات النظام، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وكانت وزارة الخارجية السورية اتهمت ‘مجموعات ارهابية مسلحة مرتبطة بالقاعدة’ بتنفيذ عملية التفجير بالقرب من مقر حزب البعث فيما دان الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية ‘التفجيرات الارهابية (…) ايا كان مرتكبها وبغض النظر عن مبرراتها’.
ولم ينجح اعضاء مجلس الامن الدولي الـ15 في الاتفاق على نص بيان حول الاعتداءات التي شهدتها العاصمة السورية بسبب خلاف حول تحديد المسؤوليات عن اعمال العنف المترتبة على كل من النظام والمعارضة في نص الاعلان، بحسب ما قال دبلوماسي في المنظمة الدولية.
واتهمت موسكو الدبلوماسيين الامريكيين بعرقلة صدور ادانة عن المجلس.
وقالت البعثة الروسية في بيان ان الولايات المتحدة ‘تشجع’ الاعتداءات عبر عرقلة بيانات مجلس الامن حول سورية.
والجمعة، اكدت روسيا والصين تقارب مواقفهما في ما يتصل بمجمل القضايا الدولية، وخصوصا الازمة في سورية، وذلك تمهيدا لزيارة للعاصمة الروسية سيقوم بها الرئيس الصيني الجديد شي جين بينغ.
على الارض، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن مقتل وجرح عشرات الاشخاص بعد سقوط صواريخ ارض ارض على حي في مدينة حلب في شمال سورية الجمعة.
وافاد المرصد في بيان عن ‘عشرات الشهداء والجرحى اثر القصف الذي تعرضت له منطقة ارض الحمراء في حي طريق الباب’ في شرق مدينة حلب، مشيرا الى سقوط ‘ثلاثة صواريخ ارض ارض’ في المنطقة.
واوضح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن انه ‘تم انتشال حتى الآن 12 جثة، وهناك اكثر من خمسين جريحا’. الا انه رجح ‘ارتفاع العدد كثيرا، بسبب وجود اصابات خطرة’، لافتا الى ان ‘العديد من الاشخاص تحت الانقاض’.
واظهر شريط فيديو التقطه ناشطون بعد سقوط احد الصواريخ سحابة كثيفة من الدخان الاسود تتصاعد من احد الاحياء، وتسمع اصوات شبان في الشريط يقول احدها ‘صواريخ ارض ارض، الله اكبر’، بينما يقول آخر ‘يا شباب، تعالوا لنساعد في الاسعاف’.
وحمل المتظاهرون الجمعة على حزب الله بعد التقارير الجديدة عن مشاركته في المعارك الى جانب قوات النظامية في منطقة القصير في محافظة حمص (وسط)، وعلى المجتمع الدولي الذي يحمله المعارضون مسؤولية ‘استمرار سفك الدم في سورية بسبب صمته’.
واعلن الجيش الحر خلال الايام الماضية ان حزب الله اللبناني يقصف مواقع للمقاتلين المعارضين من مواقع له في اراض لبنانية حدودية، وانه يقاتل الى جانب قوات النظام في منطقة القصير.
وفي بلدة الكاشف في درعا (جنوب)، هتف المتظاهرون ‘جايينك والله حسن نصرالله’.
وحمل متظاهرون في حي الوعر في مدينة حمص (وسط) علما كبيرا ‘للثورة’ واكدوا ثقتهم بسقوط نظام الرئيس بشار الاسد.
وفي حصيلة غير نهائية للمرصد السوري، اوقعت اعمال العنف في سورية الجمعة 78 قتيلا من دون احتساب قتلى القصف على حلب.
سياسيا، جددت دمشق الجمعة انتقادها للاخضر الابراهيمي بعد دعوته الدول المتحالفة مع النظام السوري الى الضغط عليه من اجل بدء الحل السياسي، مؤكدة ان الرئيس بشار الاسد لا يناقش شكل النظام السياسي والمسائل الداخلية ‘مع اي احد غير سوري’.
في باريس، افادت منظمة مراسلون بلا حدود ان مصورا صحافيا مستقلا هو اوليفييه فوازان اصيب بجروح بالغة في سوريا مع نهاية كانون الثاني (يناير) وهو يرقد في احد مستشفيات تركيا في وضع حرج.
وتظاهر نحو 300 لاجىء بمخيم الزعتري للاجئين السوريين (شمال الاردن) مطالبين العالم بتسليح الجيش الحر، ومؤكدين ان ‘النصر قادم’.
الفدية والعقاب يشعلان موجة خطف في سورية
دمشق ـ رويترز: إذا تعرضت للخطف في سورية فربما لا تعرف ما إذا كان الدافع هو رأيك السياسي أم رصيدك المصرفي.
ومع تصاعد الانتفاضة التي تحولت إلى صراع مسلح مستعر منذ نحو عامين تفشت عمليات الخطف على يد معارضين مسلحين وميليشيات موالية للحكومة خاصة ضد طبقة رجال الأعمال الأثرياء في دمشق.
ويزيد انتشار هذه الظاهرة من الضغوط على اقتصاد منهك بالفعل ومن الممكن أن يتسبب في قتل أو فقد عوائل أسر أو إجبارهم على البقاء في بيوتهم وهو ما يحرم تلك الأسر من الدخل بسبب المخاوف الأمنية.
ونجا رجل بحياته عندما تعرض للخطف في كانون الاول (ديسمبر) ودفعت أسرته فدية لإطلاق سراحه.
ويقول الرجل الذي يبلغ من العمر 35 عاما وهو أب لطفلين وقد وضعت كتفه في جبيرة وتورمت شفتاه من الضرب إنه يخشى العودة إلى العمل في المصنع الذي تديره عائلته على أطراف العاصمة.
وأضاف الرجل الذي طلب عدم الكشف عن اسمه خوفا على سلامته “كان الخاطفون بانتظاري عند البوابة. كانوا يراقبونني أنا وأخي منذ فترة. لا يمكن أن نعود أبدا”.
وقال وهو يجلس إلى جوار زوجته الحامل إن الخاطفين على الارجح مقاتلون معارضون للرئيس بشار الاسد حيث يقع مصنعه في منطقة عقربة التي تسيطر عليها المعارضة.
وأضاف “إنها منطقة خاضعة للثوار ولا أحد يفعل شيئا دون موافقة الثوار. الحق يقال .. كما أن للنظام شبيحته .. للثوار أيضا شبيحتهم في هذه الأيام”.
ويقول الرجل إنه متعاطف مع المعارضة المسلحة لكن عائلته متباينة الانتماءات وإن شقيقه مؤيد قوي للحكومة.
ويعتقد الرجل أن شقيقه كان الهدف الذي يسعى وراءه الخاطفون. وقال “عندما دفعوني إلى سيارتهم وقد عصبوا عيني وربطوا يدي كان أول سؤال وجهوه لي هو : أين أخوك؟ هو من ينبغي أن يتعلم درسا”.
وهجر الشقيقان وأبوهما مصنعهم في عقربة منذ الحادث الذي وقع في ديسمبر كانون الأول وأغلقوه تماما.
وقال وهو يرفض لوزة حاولت زوجته إعطاءها له ويشير إلى فكه الذي بدا عليه أثر الضرب “نحن جميعا جالسون في البيت لا نفعل شيئا”.
ووقعت أعمال خطف ومحاولات خطف عديدة خلال الأسابيع الماضية.
وتلقى معالج طبيعي مكالمة من أشخاص تظاهروا بأنهم زبائن.
ويقول المعالج الطبيعي المعروف بتأييده الشديد للأسد بعد أن طلب عدم الكشف عن اسمه “قالوا إن المسألة عاجلة. كانوا يريدونني على الفور لعلاج رجل مسن يتألم وقالوا إن أحد زبائني دلهم علي”.
وقال “التقيت بالصدفة مع هذا الزبون وقال إنه لا يعرف شيئا عن الأمر”.
وتبين فيما بعد أن المتصلين خطفوا رجلا اعتقدوا أن له صلة بالمعالج وطالبوا بالفعل بفدية لإطلاق سراحه.
وعندما لم يذهب المعالج اتصل به الخاطفون وقالوا “سوف نلاحق أمثالك وكل كلب آخر من كلاب النظام”.
ويقول المعالج إنه خفض ساعات عمله بشكل كبير ولم يعد يقبل زبائن جددا.
وفي بعض الأحيان تنتهي عملية الخطف بالقتل ويحاول خاطفون على الجانبين إلقاء اللوم على بعضهم بعضا.
وعلى سبيل المثال قضية وكيل عقارات يعلق صور الأسد في مكتبه في حي كانت تسيطر عليه المعارضة في دمشق واستعادت القوات الحكومية السيطرة عليه.
وخطف ابنه البالغ من العمر 18 عاما وسرقت السيارة التي كان يقودها. وعاد الشاب إلى أبيه جثة هامدة ويبدو أنه تعرض للخنق. وألصقت به ورقة كتب عليها “هذه نهاية كل مخبر للنظام”.
لكن الشاب خطف في منطقة في دمشق بها وجود كثيف للحكومة ولا يعرف أن المعارضة المسلحة تنشط هناك. وقال قريب للشاب القتيل إن سيارته ظهرت في منطقة عسكرية قريبة تسكنها عائلات ضباط بالجيش.
وقال القريب الذي يدعم المعارضة “رأيت السيارة بنفسي ويقول كثيرون لنا إنهم رأوها هناك أيضا. إذا فمن المسؤول عن الجريمة؟ يبدو أنهم تركوا هذه الرسالة عليه ليبدو الأمر كما لو أن الثوار هم من فعلوها”.
وتغلق متاجر ومصانع أبوابها في ظل انعدام للقانون وأعمال نهب وخطف منتشرة في دمشق.
ولتفادي غياب القانون والاشتباكات في المناطق الصناعية النائية نقلت بعض المصانع مقراتها إلى مواقع أهدأ مثل مصنع غراوي للشوكولاتة الحائز على جوائز عالمية.
وقال أحد الموظفين في غراوي بعد أن طلب عدم الكشف عن اسمه “نقلنا معملنا بالكامل إلى وسط المدينة”.
وزير الخارجية الروسي: مستقبل الأسد ثانوي أمام «الحرب الأهلية»
لافروف: على مجلس الأمن إدانة تفجيرات دمشق
موسكو: سامي عمارة لندن: «الشرق الأوسط»
انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الموقف الأميركي الأخير في مجلس الأمن الرافض لإدانة التفجيرات التي شهدتها دمشق أول من أمس، وفيما بدا تضاربا في التصريحات قال رئيس وزراء الروسي ديمتري ميدفيديف في لقاء مع صحيفة برازيلية إن مصير الرئيس السوري بشار الأسد أمر ثانوي وإنه يفضل وقف توريد السلاح إلى جميع الأطراف. وبين التصريحين المتضاربين، رفض الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي تسمية ما يجري في سوريا بأنه صراع بين حكومة وإرهابيين، الأمر الذي استدعى ردا من دمشق التي اتهمته بعدم القدرة على فهم المنطق السوري.
ففي ختام مباحثاته مع نظيره الصيني يانغ جيه تشي في موسكو أول من أمس، انتقد لافروف موقف الولايات المتحدة من المقترح الذي تقدمت به روسيا في مجلس الأمن الدولي لإدانة تفجيرات دمشق مشيرا إلى ذلك شكل إحباطا «لأن جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي بلا استثناء كانوا حتى وقت قريب منحازين لموقف التنديد بأي هجمات مهما كانت دوافعها».
وأعاد لافروف إلى الأذهان تفجير بنغازي في سبتمبر (أيلول) الماضي الذي أسفر عن مقتل دبلوماسيين أميركيين، مضيفا أن «الجانب الروسي لم يتردد في استنكار ذلك، دون ربطه بأي شيء، بما في ذلك الأحداث التي أدت بليبيا إلى حالتها الراهنة.» أما جيه تشي فأكد إدانة بلاده لتفجيرات دمشق دون قيد أو شرط.
وكشف لافروف عن أن جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي كانوا على استعداد لتأييد الاقتراح الروسي بإدانة مدبري الهجوم ومنفذيه، إلا أنه فشل بسبب عدم استعداد الجانب الأميركي لذلك. وأضاف: «نرى في ذلك تطبيق معايير مزدوجة وتوجها خطرا لابتعاد زملائنا الأميركيين عن المبدأ الأساسي لإدانة الإرهاب بأشكاله الذي يضمن وحدة المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب»، معربا عن أمله في أن تقيّم واشنطن ذلك الموقف بشكل موضوعي.
وبينما كان لافروف يؤكد من موسكو ثبات الموقف الروسي حيال مقررات جنيف الصادرة في 30 يونيو (حزيران) العام الماضي، التي لا تنص على رحيل الأسد، كان رئيس الحكومة الروسية ميدفيديف يتحدث من برازيليا عن أن مستقبل الأسد أمر ثانوي أمام ما وصفه بالأولوية الروسية المتمثلة بـ«إيصال القوى السياسية إلى نوع ما من التوافق» للخروج من «الحرب الأهلية».
ففي حوار له مع صحيفة «أو غلوبو» البرازيلية، قال ميدفيديف إن بلاده «كبقية البلدان، ليست سعيدة بما يجري في سوريا،» مضيفا أن الروس «لا يحبون رؤية الناس وهي تموت ولا تستهويهم الحروب الأهلية». وفي سؤال حول مستقبل الأسد، قلل ميدفيديف من أهمية هذا الأمر واعتبره أمرا ثانويا أمام جلوس جميع الأطياف على طاولة حوار للخروج بالبلاد مما هي فيه، وأضاف: «لا أعتقد أن الأسد يرغب بأن تكون نهايته كحسني مبارك أو معمر القذافي».
وشكك ميدفيديف في انتهاء «الحرب الأهلية» حتى وإن رحل الأسد إذا لم تصل القوى السياسية في سوريا إلى اتفاق فيما بينها، ونقلت وكالة إنترفاكس عنه قوله: «لهذا فإن موقفنا يتلخص في ضرورة دعم الحوار والمصالحة الوطنية وخلق أرضية للاتفاق في المستقبل،» مستنكرا تقديم السلاح إلى هذا الطرف أو ذاك وسحب الشرعية عن بعض الأطراف واعتبار القوى الأخرى شرعية، «كما تفعل ذلك اليوم بعض البلدان الأوروبية والعربية، وبهذا تقيد الأهلية القانونية لأحد طرفي النزاع».
وتعليقا على تصريحات ميدفيديف، رفض الدكتور إبراهيم المرعي عضو المجلس الوطني المعارض تسمية ما يجري بالحرب الأهلية داعيا إياها «بثورة لطلاب الحرية ضد عصابات أسدية مغتصبة للسلطة». وأشار إلى أن «الروس هم من أعطوا الأسد الفرصة للتعنت مقابل الإرادة الشعبية المطالبة بإسقاطه وذلك عبر غطاء سياسي في مجلس الأمن الدولي وأسلحة».
من جانبه قال الزميل المشارك في المعهد الملكي للعلاقات الدولية في لندن، جان لاوف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن تصريحات ميدفيديف تخرج عن سياق الدبلوماسية الروسية التي نعرفها»، وشدد المتخصص في الشؤون الروسية والأوروآسيوية مشيرا إلى أن «التقليل من أهمية مصير الأسد ربما يلمح إلى أن هناك محاولات لإعداد مرحلة انتقالية».
أما في العاصمة السورية دمشق، فقد شنت وسائل الإعلام الرسمية هجوما على الأخضر الإبراهيمي الذي دعا الدول المتحالفة مع نظام الأسد إلى الضغط عليه من أجل بدء الحل السياسي، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر إعلامي أن «شكل النظام السياسي وطبيعة الحكومة والانتخابات شأن سوري والرئيس الأسد لا يناقش هذه المسائل الداخلية مع أي أحد غير سوري». واعتبر المصدر أن المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية «غير قادر على فهم المنطق السوري الذي يضع مفهوم السيادة قبل أي مفهوم وفوق أي اعتبار».
يأتي الهجوم غير المسبوق على الإبراهيمي غداة تصريحات للأخير قال فيها إن نظام الأسد «غير مستعد للرحيل وإنه مؤمن بأن الحل العسكري ممكن ويمكن أن يكون قريبا». وقال الإبراهيمي في حديث لقناة «روسيا توداي» الناطقة باللغة الإنجليزية، إنه «في الوقت الحاضر التوصل إلى حل سلمي للأزمة صعب جدا، ولكنه ضرورة ملحة، لأن سوريا أمام خيارين، إما تحقيق الحل السلمي للأزمة أو تدمير البلد بالكامل».
لكن المصدر السوري رد على دعوة الإبراهيمي بالقول إن بلاده ستواصل مقارعة الإرهابيين وإن «الحكومة السورية كانت ولا تزال تعتقد أن النصر الحقيقي الذي سيتحقق سيكون لكل السوريين وأن الحل السياسي هو طريق تحقيق هذا النصر».
يشار إلى أن الموفد الدولي نسف ادعاءات نظام الأسد بمحاربته لإرهابيين تسللوا إلى سوريا بالقول إن «ما يجري في سوريا، يجب عدم تسميته بصراع بين حكومة وإرهابيين»، مضيفا «لا أعتقد أن أحدا يريد تدمير سوريا، ولذلك هناك دعوات حقيقية من الجميع للتوصل إلى حل سلمي على الرغم من صعوبة تحقيقه».
منفذ تفجيرات دمشق لا يزال مجهولا
رغم عدم إعلان طرف بعينه المسؤولية وتبادل الاتهامات بين أطراف النزاع في سوريا
لندن: «الشرق الأوسط»
رغم مرور أكثر من ساعة على التفجيرات الدامية التي هزت دمشق أول من أمس وراح ضحيتها ما لا يقل عن 90 شخصا بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لا تزال الجهة المنفذة لهذه التفجيرات مجهولة.
وبعيدا عن الاتهام «الجاهز» الصادر عن نظام الرئيس بشار الأسد الذي ربط بين التفجيرات وجهات مرتبطة بالقاعدة، هناك تكهنات تدور حول الجيش الحر، وجبهة النصرة، ونظام الأسد.
ولمعرفة الجهة المنفذة لا ينبغي فقط الوقوف على مسافة واحدة من هذه الأطراف، بل أيضا الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الواردة من عين المكان وبالتحديد في شارع الثورة بمنطقة المزرعة حيث حصل الانفجار الأكثر دموية.
فقد وقع تفجير منطقة المزرعة عندما فجر انتحاري نفسه في سيارة مفخخة مما أسفر عن مقتل 61 شخصا أغلبهم من المدنيين وبينهم 17 عنصرا من القوات النظامية، بحسب المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له.
وبالتوازي مع هذا الانفجار، استهدفت ثلاثة انفجارات أخرى في اليوم نفسه مقار أمنية في حي برزة الواقع شمال دمشق مما أسفر عن مقتل 22 شخصا بينهم 19 عنصرا من القوات النظامية، تبعته اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب المقاتلة.
ما ينبغي الإشارة إليه في البداية أن انفجار المزرعة لم يستهدف مقرا لحزب البعث أو وقع على مقربة من السفارة الروسية كما سيق في وسائل الإعلام، بل وقع على مقربة منهما واستهدف تجمعا للسيارات الأجرة (السرفيس) المتجهة نحو الغوطة الشرقية، يكتظ في هذا الوقت بالمسافرين وبالطلبة أيضا وذلك بحكم قربه من مدارس كعبد الله بن الزبير وابن الأثير وغسان عبود ودائرة امتحانات دمشق.
يذكر أن شارع الثورة في منطقة المزرعة يعتبر المخرج الشرقي لقلب دمشق باتجاه أطرافها وهنا تفصيل في غاية الأهمية تم إهماله، وهو أن التفجير حدث بسيارة مفخخة محملة بطن ونصف الطن من المتفجرات كانت قادمة من مركز المدينة باتجاه الضواحي الشرقية. وهذا يعني أن المتفجرات وضعت في السيارة في منطقة يفترض أنها محصنة أمنيا بشكل كبير، أو تم تفخيخها خارج دمشق ومن ثم اقتيدت نحو قلب العاصمة ومن هناك انطلقت باتجاه الهدف.
وبالعودة إلى الجهات التي قد تكون وراء التفجير، تبدو الجهة الأقل احتمالا لوقوفها خلف التفجيرات هي الكتائب والألوية المنضوية تحت مسمى «الجيش السوري الحر». فالمعروف أن العقلية التي يفكر بها الجيش الحر تختلف وفلسفة العمليات الانتحارية، ولم يسبق أن نفذ الجيش الحر أية علميات من هذا النوع، وهذا ما يبعده، من الناحية النظرية على أقل تقدير، من دائرة الشبهات سيما أن المجلس العسكري لدمشق وريفها أصدر أول من أمس بيانا نفى عن نفسه تهمة الضلوع بالتفجير متهما نظام الأسد بتدبيره. إضافة إلى هذا النفي الكلامي، لا يمتلك الجيش الحر الخبرة الكافية لتصنيع سيارات مفخخة.
وإذا كان الجيش الحر لا يتبنى هذا النوع من العمليات القتالية فهناك طرف يجاهر بتبنيها وهو جبهة النصرة. يقول القيادي في التيار السلفي الأردني محمد شلبي (أبو سياف) إن جبهة النصرة «تتبنى العمليات الاستشهادية وتعتبرها نوعا من أنواع القتال وذلك وفقا لفتوى «التترس» لشيخ الإسلام ابن تيمية». وتجيز فتوى «التترس» للجيوش الإسلامية، اتقاء لضرر أكبر، أن تقاتل جيوش الكفار وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين يتترس الكفار بهم».
يشير ما سبق إلى أن الأصل في العمليات الانتحارية لدى جبهة النصرة، وهي فتوى «التترس» غير موجود في حالة تفجير المزرعة، الذي أفضى إلى مقتل 50 مدنيا سوريا (يفترض أن يكون معظمهم من السنة بحكم كونهم الأغلبية في دمشق) ومقتل 17 عنصرا من القوات النظامية. لكن فتوى «التترس» قد تنطبق على تفجير برزة الذي أدى لمقتل 22 شخصا، ثلاثة منهم فقط من المدنيين.
لكن هذا لا يعني ألا يكون هناك سوء تقدير من «النصرة» لناحية قيامها بالتفجير خصوصا في ظل ما جاء ببيان الائتلاف السوري «التفجيرات الإرهابية أيا كان مرتكبها». وهي المرة الأولى التي تتجنب فيها المعارضة السورية توجيه الاتهامات مباشرة للنظام.
أيضا استنكر المجلس الوطني التفجيرات واستخدم لغة تقترب من لغة الائتلاف من ناحية احتمالية أن وجود طرف ثالث، برفضه «التفجيرات العشوائية» حسب البيان الصادر عنه وتحميله النظام «مسؤولية خلق المناخ المناسب لارتكاب مثل هذه الأعمال الدموية، التي تخدم سياسته في بث الرعب وإيذاء المجتمع السوري».
ووفقا لهذا التحليل فإن أصابع الاتهام تتجه لجبهة النصرة سيما أن التفجيرات أشبه ما تكون بالتفجيرات التي تحصل في العراق وتتبناها القاعدة وسيما أن «النصرة» بحسب مدير مؤسسة كويليام لمكافحة الإرهاب نعمان بن عثمان، تتقاطع مع «دولة العراق الإسلامية» في تبنيها «المنهج الفكري الجهادي». لكن ابن عثمان يشير إلى أن «النصرة» تعلمت من أخطاء «العراق الإسلامية» وتحاول تجنب ارتكاب تلك الأخطاء في الميدان.
ويؤكد الناشط السياسي حارث عبد الحق أن نظام الأسد يحاول شيطنة «جبهة النصرة» و«يفتعل عمليات انتحارية في دمشق وحلب وغيرها بهدف بث الرعب في قلوب الناس من الحركات الجهادية»، لكن هذه المساعي ستبوء بالفشل، برأي عبد الحق، بسبب «عدم كفاءة أدوات تنفيذ مشروع الشيطنة من جهة وبسبب قدرة جبهة النصرة على إقناع الناس بمشروعية أهدافها وغاياتها»، مضيفا: أن «جبهة النصرة خرجت حديثا من قوقعتها وباتت تقيم علاقات مع المجتمعات المحلية الخاضعة لسيطرتها» مؤكدا وجود نشاط خدمي لمجاهدي النصرة في مناطق سيطرتها كإصلاح الكهرباء وفتح المراكز الطبية ومنع بيع القمح من الصوامع وتأمين جرات الغاز.
أما الجهة الثالثة التي قد تكون خلف تفجيرات دمشق فهي النظام نفسه. قد لا يبدو منطقيا أن يطلق النظام النار على قدميه ويقتل الناس في دمشق، لكن أن تخرج سيارة محملة بـ1.5 طن من المتفجرات من قلب دمشق فهذا يطرح تساؤلا عن القبضة الحديدية التي يفرضها في العاصمة والحواجز المنتشرة بشكل هيستيري وتخضع من يمر عبرها للتفتيش الدقيق.
وبث التلفزيون السوري أمس وقائع «صلاة الغائب» على أرواح شهداء وشدد الأئمة وخطباء المساجد خلال صلاة الجمعة على أن «الإسلام بريء من هذه الأعمال الإجرامية التدميرية»، بحسب ما ذكر الإعلام الرسمي السوري.
أما فيما يخص الاستغلال الإعلامي، قالت وزارة الخارجية السورية إنها أرسلت رسائل مجلس الأمن لحثه على «اعتماد موقف حازم يؤكد التزامه بمكافحة الإرهاب بغض النظر عن مكانه وزمانه» مطالبة المجلس بإدانة هذا العمل الإرهابي وذلك «لبث رسالة حازمة للمجموعات الإرهابية ومن يدعمها بعدم وجود معايير مزدوجة في التعاطي مع الإرهاب أينما وقع في العالم».
المشافي الميدانية أهداف دائمة للنظام السوري.. وتكتم على أماكن المتبقي منها
تعاني نقصا حادا في التجهيزات والكوادر
بيروت: «الشرق الأوسط»
منذ انطلاق الحراك في سوريا لم يتمكن «الثوار» الذين كانوا يتظاهرون سلميا آنذاك، من نقل جرحاهم إلى المستشفيات التي تتبع بغالبيتها للحكومة السورية خوفا من الاعتقال. هذا الواقع دفعهم إلى إقامة مستشفيات ميدانية لمعالجة المصابين ضمن الإمكانيات المتاحة.
ومع تحوّل الحراك إلى صراع عسكري، لعبت هذه المستشفيات دورا كبيرا في مساعدة جرحى المعارضة و«الجيش الحر»، ما جعلها هدفا لطائرات النظام. وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قبل يومين، إلى أن آخر المستشفيات التي تم استهدافها من قبل سلاح الجو النظامي كانت في مدينة درعا جنوب البلاد، حيث قتل بحسب المرصد 18 شخص في قصف من طائرة حربية على المشفى الميداني الواقع بين حي طريق السد ومخيم النازحين في مدينة درعا. ويؤكد الناطق باسم «لجان التنسيق المحلية» في مدينة درعا، عادل العمري، لـ« «الشرق الأوسط» أن استهداف المشافي الميدانية هو «سياسة ممنهجة يتبعها النظام السوري»، مشيرا إلى أن «الكثير من هذه المشافي التي تعتبر (بدائية) قد تعرضت للنهب على يد قوات النظام إثر عمليات الاقتحام التي حصلت في القرى والمناطق الثائرة». ولفت العمري إلى «وجود نقص حاد في التجهيزات الطبية في هذه المشافي»، مؤكدا أن «الكثير من الجرحى الذين يصابون في درعا إصاباتهم خطيرة يتم نقلهم إلى الأردن لعدم توافر الإمكانات لمعالجتهم».
ويعتبر مشفى الشفاء في مدينة حلب نموذجا عن المستشفيات الميدانية التي تقوم طائرات النظام بقصفها في معظم المدن السورية. إذ يؤكد ناشطون سوريون أن «المستشفى الذي كان يستوعب أعدادا كبيرة من المصابين ويقع عند طريق الباب، تم تدميره بشكل كامل بعد قصفه مرات عدة من قبل الطائرات الحربية».
وكشف ياسر النجار، عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية لـ«الشرق الأوسط»، عن «تعرض الكثير من المشافي الميدانية في حلب للقصف والتدمير من قبل النظام السوري من بينها مشفى (الزوزو) الموجود في منطقة المشهد ومشفى (القدس) قرب حي السكري، ما دفعنا إلى إقامة مستشفيات تحت الأرض لحمايتها من القصف الهمجي». وأشار النجار إلى «النقص الكبير الذي تعاني منه هذه المشافي، على صعيد الكوادر الاختصاصية والتجهيزات الطبية، إضافة إلى عدم وجود دعم حقيقي من قبل المجلس الوطني أو أي جهة سياسية أخرى».
وأوضح أن «النظام يضرب المستشفيات الميدانية الواقعة في مناطق سكنية بهدف ترويع الناس وإتمام القضاء عليهم إضافة إلى اعتباره الكوادر الطبية التي تعمل في هذه المستشفيات متمردة عليها ويجب تصفيتها»، مؤكدا «وجود أعداد كبيرة من الأطباء الذين تم قتلهم أو اعتقالهم بسبب نشاطهم في المشافي الميدانية».
وتجنبا لغارات النظام على المشافي الميدانية في العاصمة دمشق وبغرض حمايتها من قصف الطائرات الحربية، عمدت المعارضة السورية إلى التكتم على أماكن وجودها. وفي هذا السياق، يقول المدير التنفيذي لـ«جبهة تحرير سوريا» محمد علوش لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الجرحى الذين يتم تطبيبهم في هذه المشافي لا يعرفون أماكنها حاليا»، مشيرا إلى «تأسيس عدد كبير من المشافي في دمشق وريفها منذ اندلاع (الثورة) السورية، بعضها تم ضربها وأخرى عمد النظام إلى وضع الأسلحة فيها وادعى عبر وسائل إعلامه أنها مخازن للسلاح لتشويه سمعة المعارضة، الأمر الذي دفعنا إلى اعتماد السرية حول أماكن وجودها».
ولفت علوش إلى «النقص الكبير في الكوادر الطبية لدرجة أن طبيب الأسنان في أحد المشافي أجرى عملية جراحية بسبب عدم وجود اختصاصي جراحة». وأضاف: «النظام يتعامل مع المعدات الطبية على أنها محظورات تستوجب الاعتقال والتعذيب، (كيس الدم) مثلا هو جريمة يتم اعتقال مقتنيه». كما أشار إلى «وجود عدد من الأشخاص تم بتر أطرافهم في المشافي الميدانية بسبب نقص الجراحين».
وجراء تصاعد الصراع العسكري في سوريا وعدم وجود أماكن آمنة، أقدمت المعارضة المسلحة على تحويل أكثر من 150 مدرسة إلى مستشفيات ميدانية يتم فيها معالجة الجرحى من مقاتلي «الجيش الحر»، لكن هذه المدارس لم تسلم كذلك من قصف القوات النظامية كما يؤكد ناشطون، إضافة إلى الاستعانة بالمساجد وتحويلها في حالات الحصار إلى مراكز طبية لمعالجة المصابين.
“الجيش الحرّ” يسيطر على مقارّ أمنية في الحسكة ويقصف مطار الطبقة بالرقّة
سيطر الجيش السوري الحرّ على مقارّ أمنية في محافظة الحسكة أمس وقصف مطار الطبقة العسكري واندلعت اشتباكات بين الثوار وقوات النظام في ريف دمشق، فيما كان السوريون يحيون جمعة تظاهرات أخرى عنوانها “جمعة “الرقة الأبية على طريق الحرية”.
مواجهات
وأفادت الهيئة العامة للثورة السورية بأن “الجيش الحر” سيطر على مقرات أمنية في منطقة تل حميس بمحافظة الحسكة شمال شرقي البلاد.
وذكرت ذلك قناة “الجزيرة” الفضائية أمس، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن كتائب “الجيش الحر” تمكّنت منذ يومين من تحرير الكتيبة 546 وهي كتيبة حدودية في الحسكة غرب منطقة الشدادي بين سوريا والعراق.
وأفاد ناشطون سوريون بأن الجيش الحرّ سيطر على فرع الهجّانة العسكري في مدينة دير الزور بعد حصار دام أكثر من أسبوعين.
وأفادت مصادر إعلامية سورية بأن قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد قامت بهدم منازل في حي برزة بدمشق، وذلك بعد إجلاء السكان.
وسمع سكان دمشق أصوات انفجارات عنيفة لم يعرف مصدرها على وجه الدقة، وسمعها بوضوح سكان وسط العاصمة ومناطق ركن الدين والشيخ سعد والمزة والسومرية.
وشهدت مدن وبلدات مزارع دوما وحرستا وزملكا وعربين بريف دمشق شتباكات عنيفة بين وحدات من الجيش السوري والمعارضة المسلحة.
وذكر شهود عيان لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن العديد من القتلى سقطوا خلال الاشتباكات التي استخدمت فيها المدفعية الثقيلة ومدافع الهاون.
وقال الشهود إنهم شاهدوا سيارات محروقة بفعل القصف فيما تهدمت بعض المنازل كما سمعت أصوات الطلقات النارية في العديد من المدن المجاورة.
تظاهرات الجمعة
وأمس شاركت مناطق سورية عدّة في تظاهرات تحت عنوان “جمعة الرقة الأبية على طريق الحرية”، ورفعت خلالها شعارات نددت بالصمت العالمي تجاه المجازر التي يرتكبها نظام الأسد ونادت بتسليح الجيش الحر وأكدت على وحدة السوريين بمختلف طوائفهم.
كما تظاهر نحو 300 لاجئ بمخيم الزعتري للاجئين السوريين (شمال الأردن) أمس مطالبين بتسليح الجيش الحر، ومؤكدين أن “النصر قادم”.
وحمل مشاركون في التظاهرة التي انطلقت عقب صلاة الجمعة لافتات كتب عليها “النصر قادم” و”نصر من الله للشعب السوري آت رغم أنف الأسد” و”لاجئو الزعتري يشاطرون أخوتهم في الداخل آلامهم”.
وهتف هؤلاء “يا عالم بدنا سلاح، بشّار الأسد سفّاح” و”الشعب يريد تسليح الجيش الحر” اضافة الى “الجيش الحر الله يحميه وجيش بشار الله يخزيه”.
وجالت التظاهرة في المخيم وسط هتافات المشاركين وأناشيد وطنية قبل أن تنتهي بهدوء.
إلى ذلك، دعا المؤتمر الاقليمي لجمعية “كاريتاس” الذي اختتم أعماله في الأردن أمس إلى “تكثيف الجهود على كل المستويات للمعاونة في مد يد العون للشعب السوري”.
كما حض في بيانه الختامي: “الحكومات والمراجع المعنية على العمل لتهدئة الخواطر لتفادي إثارة النعرات الطائفية والعرقية والعصبيات التي تودي بالإنسان والمجتمعات والأوطان إلى الخراب والدمار”.
وكان المؤتمر الذي عقد مدى ثلاثة أيام “ناقش المساعدات والبرامج المتحققة لخدمة السوريين الذين وفدوا إلى بلاد الجوار لا سيما في الأردن ولبنان وتركيا والعراق”.
فرنسا
فرنسا أعربت أمس عن إدانتها الشديدة لسلسلة التفجيرات التي وقعت في دمشق أول من أمس وأدّت إلى مقتل وجرح مئات المدنيين، معتبرة أنها جرائم حرب.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان “إن فرنسا تدين بشدة سلسلة تفجيرات دمشق، التي سببت في 21 شباط الجاري مقتل أكثر من 83 شخصاً وجرح المئات”.
وأعربت الخارجية عن تضامننا مع الشعب السوري، مشيرة إلى “أننا علمنا أن الائتلاف السوري المعارض أعرب عن إدانته الفورية لهذه الهجمات التي تشكل جرائم حرب”.
وأعربت باريس مجدداً عن قلقها من ازدياد حدة أعمال العنف في سوريا، معتبرة أن الهجمات التي تستهدف المدنيين غير مقبولة ويجب أن تتوقف.
وأشارت إلى أن “هذه الهجمات تزيد التأكيد على إلحاح وضرورة إيجاد حل للأزمة السورية، ما يفتح الطريق أمام انتقال سياسي يتوافق مع الطموحات الديمقراطية للسوريين”.
وأعربت الخارجية الفرنسية عن أملها بأن لا تذهب هذه الجرائم من دون عقاب، وبأن يعاقب مرتكبوها أمام المحكمة الجنائية الدولية.
دمشق والإبراهيمي
نظام الأسد انتقد أمس الموفد الدولي – العربي الأخضر الإبراهيمي الذي دعا الدول المتحالفة مع النظام السوري إلى الضغط عليه من أجل بدء الحل السياسي، مؤكدة أن بشار الأسد لا يناقش شكل النظام السياسي والمسائل الداخلية “مع أي أحد غير سوري”.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر إعلامي أن “شكل النظام السياسي وطبيعة الحكومة والانتخابات شأن سوري والرئيس الأسد لا يناقش هذه المسائل الداخلية مع أي أحد غير سوري”.
واعتبر المصدر أن المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية “غير قادر على فهم المنطق السوري الذي يضع مفهوم السيادة قبل أي مفهوم وفوق أي اعتبار”.
وأكد أن “الحكومة السورية كانت ولا تزال تعتقد بأن النصر الحقيقي الذي سيتحقق سيكون لكل السوريين وأن الحل السياسي هو طريق تحقيق هذا النصر”.
وأعلن الابراهيمي الذي وافق الأربعاء على تمديد مهمته المتعلقة بالسعي إلى حل للأزمة السورية ستة أشهر، أن النظام السوري “ليس مستعداً للرحيل”، وأن “النظام في سوريا مؤمن بأن الحل العسكري ممكن ويمكن أن يكون قريباً”.
وجدد دعوته إلى “أن يبدأ الطرفان السوريان مفاوضات. هذه المفاوضات يجب أن تبدأ في الخارج برعاية الأمم المتحدة في جنيف مثلاً أو أي مكان آخر. بعد ذلك، إذا أرادوا الانتقال إلى دمشق، حبذا…”.
ورأى الابراهيمي أن “الدائرة الداخلية السورية عاجزة عن أن تتحاور وتتفاوض وتحل مشكلة داخلية. المنطقة أيضاً عاجزة عن تقديم مساعدة حقيقية لحل المشكلة. الجهة الوحيدة التي مع صعوبتها قادرة على حل المشكلة هي مجلس الأمن”.
وشدّد على وجود “حاجة إلى قرار من مجلس الأمن” على أساس اتفاق جنيف الذي وافقت عليه روسيا والولايات المتحدة.
ومن أبرز بنود هذا الاتفاق “تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات”، بالإضافة إلى وقف النار وإرسال مراقبين، وصولاً إلى انتخابات بإشراف الأمم المتحدة.
وقال الإبراهيمي: “نحن نحتاج إلى إرادة سياسية أقوى عند دول الجوار وفي مقدمتها إيران وعند روسيا وعند الدول الأخرى من أجل الوصول إلى تشجيع أو ضغط على الأطراف من أجل الجلوس على طاولة الحوار”.
وكان رئيس الائتلاف الوطني المعارض أحمد معاذ الخطيب أبدى استعداده للتحاور مع ممثلين للنظام “خارج سوريا” لإنهاء الأزمة، بينما دعت دمشق إلى “حوار غير مشروط” على الأراضي السورية.
وينقسم مجلس الأمن الدولي بين الدول الغربية المطالبة بتنحي الأسد وروسيا والصين اللتين استخدمتا حق النقض (فيتو) أكثر من مرة للحؤول دون صدور قرار يدين النظام في النزاع المستمر منذ 23 شهراً والذي أوقع حتى الآن نحو سبعين ألف قتيل، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
روسيا وأميركا
وفي سياق مماثل، اتهمت روسيا الولايات المتحدة أمس بالكيل بمكيالين في الأزمة السورية وقالت إن واشنطن عرقلت بياناً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدين هجوماً بسيارة ملغومة في دمشق.
وأسفر الانفجار عن مقتل 53 شخصاً أول من أمس على طريق سريع مزدحم مما ألحق أضراراً بمباني السفارة الروسية القريبة في العاصمة السورية.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي مشترك بعد محادثات مع نظيره الصيني: “نشعر بخيبة أمل لانه نتيجة موقف الولايات المتحدة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم تتم إدانة العمل الإرهابي في سوريا”. وأضاف: “نعتقد بأن هذا كيل بمكيالين ونرى فيه نزعة خطيرة من زملائنا الأميركيين لتجاهل مبدأ أساسي بإدانة أي عمل إرهابي إدانة غير مشروطة وهو مبدأ يضمن وحدة المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب”.
واستخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) كعضو دائم في مجلس الأمن لحماية الرئيس السوري بشار الأسد من ثلاثة قرارات متتالية تهدف للضغط عليه لإنهاء نحو عامين من الصراع.
وضغطت الولايات المتحدة كي يرحل الأسد لكن موسكو تقول إن تنحيه يجب ألا يكون شرطاً مسبقاً لأي حل للصراع.
الجزائر
قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمّار بلاني، إن بلاده لا تساند نظام الأسد، وإنما ترفض التدخل في الشؤون الداخلية السورية وللدول الأخرى.
وقال بلاني في تصريح أدلى به للموقع الإخباري الجزائري الخاص (كل شيء عن الجزائر) نشر أمس، إن هناك من يروّج لمواقف خاطئة بخصوص الجزائر حيال الأزمة السورية. وأضاف أن الجزائر مثلما كان الحال بخصوص ليبيا وتونس ومصر، ترفض بشكل قاطع التدخّل في الشؤون الداخلية السورية، لكن هذا لا يعني بأنها تساند نظام بشار الأسد.
وأوضح بلاني أن الجزائر تقيم مع سوريا علاقات دولة مع دولة وتبقى وفية لمبادئها، فهي تعترف بالدول وليس بالأنظمة.
واعتبر أن النظام السوري بشكل من الأشكال فقد مصداقيته من خلال تأخير البدء بإصلاحات حقيقية تهدف إلى تمهيد الطريق للخروج بشكل دائم من الأزمة عبر الحوار مع القوى الوطنية، حتى تسود التطلعات المشروعة للشعب السوري، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي شارك في جميع اجتماعات مجموعة أصدقاء الشعب السوري.
وقال نحن نرحب بحقيقة أن كلاً من الحكومة السورية والمعارضة قد أطلقا إشارات إيجابية ويبديان أكثر ميلاً إلى الحوار. نشجعهم على المثابرة في هذا الطريق، وبتوجيه من المبعوث المشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة، الأخضر الإبراهيمي، الذي ندعم جهوده، لأنه هو السبيل الوحيد لتفادي شبح الدمار وخطورة الشرخ الطائفي ليس فقط في سوريا بل في المنطقة بأكملها.
(أ ش أ، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)
كتائب الدروز بـ”الجيش الحر”: تحرير الثورة من الطائفية
مـالـك أبـو خـيـر
منذ اليوم الأول لانطلاق الثورة السورية من مدينة درعا سعت ماكينة إعلام النظام السوري إلى وضعها ضمن نطاق “العصابات الإرهابية”، ثم جهد الإعلام النظامي لاحقاً في محاولة تصويرها “ثورة سنّية” بحتة مدعومة من دول متشدّدة إسلامياً ومنظمات إرهابية كـ”القاعدة” وغيرها. وتم التركيز على الطابع الإسلامي، وتحديداً الطابع السنّي، وتظهير الثورة بأنها تسعى إلى سحق كل من حولها من الأقليات.
وبالرغم من كل ما نقلته الشبكة العنكبوتية من مشاهد مؤلمة وإجرامية لتصرفات قوات الأمن السورية، إلاّ أنّ استغلال بعض الظواهر كخروج المتظاهرين من الجوامع وخصوصا بعد صلاة يوم الجمعة، وكلمات التكبير لله، بالإضافة لاستغلال بعض ما يسرّب عبر شبكة الانترنت من مقاطع تظهر أشخاصاً بذقون طويلة تقوم بإعدام وقتل عناصر أمنية، كل ذلك ساهم في دعم الفكرة التي سوّقها النظام السوري وإعلامه، دون نسيان الصمت الدولي الكامل على ما يقوم به النظام.
ومع بداية تكوين “الجيش السوري الحر”، كانت الانشقاقات بكاملها ورغم فرديتها من الطائفة السنّية، وذلك لأسباب عديدة أهمّها تركيبة الجيش السوري والغالبية العلوية المسيطرة على مفاصل هذا الجيش، فالطائفة العلوية تم توريطها من قبل النظام في حرب دموية، عبر تعبئتها بالحقد والكراهية تجاه الجميع، وليس السنّة فقط، فكان ذلك سبباً في دفع الطرف الآخر إلى الانشقاق والانضمام لصفوف الثورة.
أبناء السويداء في جيش النظام كانوا في موقف غايةً في الحرج. فالنظام عبر ماكينته الإعلامية سعى إلى جعلهم الطرف الشريك في القتل والتدمير، معتمداً على عدد من العناصر الدرزية الموالية، وإظهارها على وسائل الإعلام تهلّل للنظام ولإنجازاته ضمن “حربه على الإرهاب”. هذا الأمر عزّز صورة الأقليات التي تقاتل الأغلبية السنّية. في المقابل كان هناك كثرٌ من أبناء الطائفة الدرزية في جيش النظام يرفضون إطلاق النار على المتظاهرين، فتمّ قتلهم بدم بارد، ومن ثم شُيِّعوا بجنازات عسكرية مهيبة مع شهادات من قبل النظام بـ”بسالتهم وقتالهم للإرهابيين”، وهذا ساهم أيضاً في تعزيز صورة الدروز “شركاء للنظام” في القتل والتدمير، وأن فكرة انشقاقهم مستحيلة.
الشهيد الملازم أول خلدون زين الدين كان أول ضابط درزي كسر هذه القاعدة التي فرضها النظام، عبر بيان انشقاقه الشهير الذي دعا فيه جميع أبناء محافظة السويداء للانشقاق وكسر حاجز الخوف، وأعلن عن تشكيل كتيبة “سلطان باشا الأطرش”. فما كان من النظام سوى الرد السريع بحملة تخوين له ولكل من يعمل معه، وأنها مجرد “حالة فردية لا تعبّر عن وجهة نظر هذه الطائفة”، ليُفاجأ النظام بعد فترة وجيزة بتشكيل كتيبة “كمال جنبلاط” في ريف إدلب تحت قيادة ثمامة شروف من أبناء مدينة السويداء، والتي كان لها دور فعّال في تلك المنطقة، ما ساعد في كسر الحاجز الطائفي الذي روّج له النظام وساعد موقف القرى الدرزية في محافظة إدلب الموالية قلباً وقالباً للثورة.
في المقابل بقيت السويداء أسيرة النظام نظراً لعدم خروج إي انشقاق منها بعد الملازم أول خلدون زين الدين، ورغم إعلانه تشكيل المجلس العسكري لمدينة السويداء لكن هذه الخطوة بقيت دون المستوى المطلوب لعدم وجود كادر من أبناء المحافظة يغطي نشاطها، إلى حين بدء الانشقاق الثاني عبر العقيد حافظ الفرج الذي أعاد تشكيل المجلس العسكري وأعاد تأسيسه، لتبدأ بعدها سلسلة الانشقاقات، فشملت النقيب الطبيب شفيق عامر، والملازم أول مهند العيسمي الذي أعلن انشقاقه في حمص، والملازم أول فضل زين الدين، شقيق الشهيد خلدون، وصولاً إلى الملازم أول مهران مهنا وغيره من الضباط، وتكلّلت الانشقاقات بإعلان انشقاق اللواء الطيار فرج المقت كأكبر رتبة عسكرية درزية في الجيش السوري.
ومع انشقاق العقيد مروان الحمد وتشكيل المجلس العسكري الثوري بمحافظة السويداء، بدأ الاتجاه نحو تشكيل الكتائب ذات الغالبية الدرزية، التي انطلقت عبر”تجمّع أحرار السهل والجبل” بقيادة الشهيد الملازم أول خلدون زين الدين وكان لها دور مهمّ في العمليات العسكرية في مدينة درعا، ثم كتيبة الشهيد تامر العوام في المنطقة الجنوبية تلاها تشكيل لواء مازن الصاروخي في مدينة حماة تحت قيادة الملازم مهنّد العيسمي، ثم تشكيل كتيبة “فدائيي بني معروف” في منطقة الغوطة الشرقية التي تعمل إلى جانب كتائب الجيش الحر في ريف دمشق.
كل هذه التشكيلات ساهمت عبر أيام الثورة في العمل على كسر الحاجز الديني والطائفي الذي وضعه النظام في وجه الثورة السورية، وساهمت في ازدياد الانشقاقات الكثيرة لأبناء مدينة السويداء من رتب مختلفة من دون الضباط (مجنّد – صف ضابط ) وانضمامهم بصمت إلى كتائب الجيش الحر في مختلف المحافظات السورية، ومنهم من استشهد كمجد الزين وسمير أبو فخر وغيرهما.
الائتلاف يقاطع اجتماعات دولية ويعدّ حكومة
أعلن الائتلاف الوطني السوري المعارض مقاطعته اجتماعات دولية احتجاجا على صمت المجتمع الدولي على تدمير حلب بصواريخ سكود، كما أعلن أنه اتفق على تسمية رئيس للوزراء تمهيدا لتشكيل حكومة في الخارج.
وقال الائتلاف -وهو التجمع الأبرز للمعارضة، ويمثل المجلس الوطني المكون الرئيسي فيه- في بيان نشره مساء أمس إنه رفض دعوات لزيارة موسكو وواشنطن احتجاجا على التدمير الممنهج لمدينة حلب التاريخية من خلال قصفها بصواريخ “سكود” روسية الصنع.
وسقط صاروخ يعتقد أنه من نوع سكود مساء أمس على حي طريق الباب في حلب مما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين، وكانت هجمات مماثلة على أحياء وبلدات أخرى في حلب خلفت عددا كبيرا من القتلى في الأيام القليلة الماضية.
وأعلن الائتلاف كذلك أنه قرر تعليق مشاركته في مؤتمر “أصدقاء الشعب السوري” المقرر عقده الشهر المقبل في العاصمة الإيطالية روما احتجاجا على ما وصفه بالموقف الدولي المخزي من تدمير حلب.
وطالب الائتلاف شعوب العالم كافة باعتبار الأسبوع الممتد من 15 إلى 22 مارس/آذار، وهو الذكرى الثانية لانطلاق الثورة السورية، أسبوع حداد واحتجاج في كل أنحاء العالم.
حكومة الائتلاف
في الأثناء، قال مراسل الجزيرة في القاهرة إن الائتلاف الوطني اتفق خلال اجتماعات بدأت أول أمس في العاصمة المصرية على تسمية رئيس للوزراء تمهيدا لتشكيل حكومة في الخارج، وأبدى استعداده للتفاوض في إطار حل سياسي يتضمن تنحي الرئيس السوري بشار الأسد والقيادة الأمنية.
وذكرت مصادر مطلعة أن الائتلاف أمهل أعضاءه عشرة أيام للتشاور بشأن الأسماء المرشحة لهذا المنصب. وفي وقت سابق تم تداول اسم رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب لتوليه.
رياض حجاب من الأسماء المحتملة لتولي رئاسة حكومة المعارضة السورية
من جهته، قال المتحدث باسم الائتلاف وليد البني إن اجتماعا سيعقد في إسطنبول في الثاني من مارس/آذار لاختيار رئيس وزراء الحكومة الانتقالية وأعضائها، مشيرا إلى أن هذه الحكومة ستعمل في المناطق المحررة التي تسيطر عليها المعارضة في البلاد.
وقال الائتلاف في بيان إن الحل السياسي لا بد أن يحقق أهداف الثورة في العدالة والحرية والكرامة، وحقن الدماء، وتجنيب البلاد المزيد من الدمار، والمحافظة على وحدتها، وتنحية الأسد والقيادة الأمنية والعسكرية واعتبارهم خارج إطار العملية السياسية، ومحاسبتهم.
وبهذا الشأن، قال المتحدث باسم الائتلاف وليد البني للجزيرة إن البعثيين وموظفي الدولة المدنيين ليسوا أعداء للثورة، أما “العصابة التي اختطفت الدولة والمجتمع” فلا حوار معها. ووفقا لبيان الائتلاف، فإن أي مبادرة يجب أن يكون لها إطار زمني محدد وهدف معلن، مع المطالبة بضمانات دولية من مجلس الأمن، وخاصة من روسيا والولايات المتحدة.
وكان رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب عرض مؤخرا مبادرة للتحاور مع شخصيات في النظام السوري غير متورطة في القتل، ووضع لذلك شروطا منها إطلاق عشرات آلاف الأسرى ضمن مهلة زمنية، وهو ما لم يستجب له نظام الرئيس الأسد.
وتعرضت مبادرة الخطيب لانتقادات خلال اجتماعات الائتلاف بالقاهرة. وقال عضو المكتب السياسي للائتلاف عبد الباسط سيدا إنه حصل اتفاق على ضرورة مشاورة قيادة الائتلاف قبل إطلاق أي مبادرة مستقبلا.
ضغوط أكبر
سياسيا أيضا، دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليوم السبت إلى ممارسة ضغوط أكبر على الرئيس السوري كي يتنحى.
وقالت ميركل في بيان أسبوعي عبر الإنترنت إنها أبلغت روسيا بأن الأسد أضاع فرصته، وعبرت عن أسفها لعدم اجتماع مجلس الأمن لبحث التطورات الأخيرة في سوريا، في إشارة إلى قصف حلب بصواريخ سكود.
وكانت موسكو -التي يفترض أن تستقبل وزير الخارجية السوري وليد المعلم بعد غد الاثنين- دعت قبل يومين الحكومة والمعارضة السوريتين إلى التحاور لوقف العنف.
وبينما قللت واشنطن من شأن تقرير أثار احتمال أن يقرر الرئيس الأميركي باراك أوباما تسليح المعارضة السورية، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عقب اجتماعه أمس في موسكو بنظيره الصيني يانغ جيتشي إن روسيا والصين تدعوان إلى احترام ميثاق الأمم المتحدة وعدم التدخل العسكري في النزاع السوري.
مقتل العشرات وإسقاط مروحية بحلب
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن 49 شخصا قتلوا السبت بنيران قوات النظام معظمهم في دمشق وريفها وحلب. ومع تواصل المعارك بدير الزور وحماة وريف دمشق، تمكن الجيش السوري الحر من إسقاط مروحية بحلب، وذلك غداة إطلاق ثلاثة صواريخ يعتقد أنها من طراز سكود على مناطق سكنية في المدينة ومقتل العشرات.
وذكر مركز حلب الإعلامي أن الثوار نجحوا في إسقاط طائرة مروحية عند محاولة هبوطها في أكاديمية الأسد بحي حلب الجديدة، ويعد الحي أحد أهم النقاط العسكرية التابعة لقوات النظام التي يتمركز فيها بقوة.
وفي الأثناء، تتواصل الاشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام في محيط مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري، وكذلك في محيط حي السبع بحرات وسط حلب.
وقال ناشطون إن الجيش الحر استهدف بقذائف الهاون الفوج “175 مدفعية” التابع لقوات النظام والمتمركز في مدينة إزرع بريف إدلب. كما أظهرت صور بثت على الإنترنت جانبا من الاشتباكات والقصف المتبادل بين الثوار وقوات النظام في كفر نبودة بريف حماة.
وشهدت مدينة دير الزور اشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام بالقرب من مبنى البريد، وأفاد ناشطون بأن الثوار أعلنوا سيطرتهم على كتيبة عسكرية وأخرى للدفاع الجوي، كما أحكموا سيطرتهم أمس على كتيبتي الهجانة والرحبة العسكريتين والعيادات الشاملة والصالة الرياضية، وعلى مقر الكُبر العسكري، واستحوذوا على صاروخ سكود.
وقالت شبكة سوريا مباشر إن قوات النظام أرسلت مزيدا من التعزيزات العسكرية إلى المدخل الشرقي لمدينة داريا بريف دمشق، حيث تدور اشتباكات عنيفة مع الثوار منذ أكثر من مائة يوم.
وأكد ناشطون أن معارك وقعت اليوم على طريق مطار دمشق الدولي، كما تجددت الاشتباكات في مدينة داعل بريف درعا.
قصف ومداهمات
من جهة ثانية، وثقت شبكة شام تنفيذ قوات الأمن حملة دهم للمنازل واعتقالات في حيي ركن الدين والصالحية بدمشق، وسط انتشار أمني كثيف في المناطق المحيطة، وقال ناشطون إن الجيش النظامي قصف حيي جوبر والقابون.
وقال ناشطون إن الأستاذ في كلية الزراعة بجامعة دمشق آراس ملا علي (58 عاما) توفي بعد استهدافه بشكل مباشر بالقرب من منزله في حي مساكن برزة من قبل قناصة تابعين لقوات النظام.
وفي ريف حمص، تجدد القصف بالمدفعية الثقيلة على مدينة تلبيسة وبلدة الغنطو، كما تعاني العديد من الأحياء القديمة بمدينة حمص من الحصار.
وجدد جيش النظام قصفه على بلدات تسيل واليادودة والكتيبة بريف درعا، كما قصفت دباباته أحياء درعا البلد وسط إطلاق نار كثيف.
وأفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن مدينة حماة ومناطق في ريفها شهدت صباح اليوم حملة دهم واقتحام من قبل قوات النظام لحي طريق حماة حلب، بينما قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة قرية جنان بريف حماة.
وشهد أمس مجزرة بحلب إثر سقوط ثلاثة صواريخ يعتقد أنها من طراز سكود على أحياء سكنية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 29 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب 150، لكن ناشطين في حلب قالوا إن الضحايا يزيدون على مائة قتيل.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن سبعين ألف شخص لقوا حتفهم في سوريا منذ بدء الاحتجاجات ضد حكم الرئيس بشار الأسد في مارس/آذار 2011.
الائتلاف السوري يطالب واشنطن بالتدخل
أبوظبي – سكاي نيوز عربية
طالب الائتلاف السوري المعارض السبت الولايات المتحدة بـ”الوفاء بالتزاماتها لإحلال الديمقراطية في سوريا”، بعد قراره تعليق زيارات مقررة إلى واشنطن وموسكو ومشاركته في مؤتمر روما لدعم المعارضة، في حين قتل 107 أشخاص على الأقل في القتال الدائر بمناطق سورية عدة.
وقال المتحدث باسم الائتلاف وليد البني لقناة “فرانس 24” الناطقة باللغة العربية إن “زيارتنا إلى واشنطن معلقة فقط. ننتظر من واشنطن مواقف تطابق ما تقوله عن دعمها للديمقراطية”.
وأضاف أن “الولايات المتحدة قوة قيادية في العالم كما هي فرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي. هؤلاء لم يستطيعوا أن يوقفوا جزارا عن مجازره بحق شعبنا”، في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد.
وتابع: “لقد دقينا ناقوس الخطر. لا يمكن للمجتمع الدولي أن يواصل الصمت”، منددا بـ”وعود لا تتحقق وكلام لا يحمي سوريا ولا يطعم جائعا. الاجتماعات لم تؤد إلى ما نريد ولا تساعد شعبنا. ليست هناك أي فائدة من ذلك”.
وأكد البني أن ما تطالب به المعارضة هو “وقف آلة القتل”، مضيفا “نريد المساعدات أن تأتي”.
وكان الائتلاف أعلن في بيان السبت تعليق مشاركته في مؤتمر “أصدقاء سوريا” المقبل في روما “احتجاجا على الصمت الدولي” على “الجرائم المرتكبة” بحق الشعب السوري، كما قرر رفض تلبية دعوة لزيارة واشنطن وموسكو.
وطالب الائتلاف “شعوب العالم كافة باعتبار الأسبوع الممتد من 15 إلى 22 مارس، وهو الذكرى الثانية لانطلاق الثورة السورية أسبوع حداد واحتجاج في كل أنحاء العالم”.
وتضم مجموعة “أصدقاء الشعب السوري” أكثر من مائة دولة بينها دول عربية، والعديد من المنظمات الدولية والإقليمية وممثلين عن المعارضة السورية.
عشرات القتلى واحتدام معركة حلب
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن عشرات الأشخاص قتلوا السبت، في استمرار القتال في مناطق عدة بالبلاد، في حين أسقطت قوات المعارضة طائرة مروحية أثناء هبوطها في أكاديمية الأسد بحلب.
وقتل 107 أشخاص على الأقل معظمهم في حلب، وقال ناشطون إن حيي ركن الدين والصالحية بدمشق شهدا حملة دهم واعتقالات واسعة، طالت ما يقترب من 60 شخصا.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، إن “المعركة محتدمة” بين المعارضين والقوات النظامية للسيطرة على ثاني أكبر مطار في البلاد.
وقال عبد الرحمن إن القتال الدائر قرب مطار حلب الدولي، تركز السبت حول جزء من طريق سريع يربط المدينة مع منشأة استراتيجية يحاول الثوار السيطرة عليها منذ أسابيع.
وسيطر الثوار مؤخرا على قاعدتين عسكريتين تقومان بحماية المطار، كما قاموا أيضا بقطع طريق سريع كان يستخدمه الجيش لنقل قوات وإمدادات إلى هناك.
وسقطت قوات النظام في مأزق مع الثوار في حلب منذ يوليو الماضي، عندما أصبحت أكبر مدينة سورية ساحة معركة رئيسية في الصراع المستمر منذ نحو عامين.
وفي القاهرة، وافق الائتلاف الجمعة على تشكيل حكومة انتقالية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وقال إنه سيجتمع في تركيا في الثاني من مارس المقبل لاختيار رئيسا لها.
ويكافح الائتلاف من أجل الاتفاق على قائد لإدارة مؤقتة لهذه المناطق، وذلك منذ تشكيله أواخر العام الماضي، وأجرى اجتماعات في وقت سابق للاتفاق على تسمية رئيس وزراء مؤقت، لكنه فشلت في التوصل إلى حل وسط.
“سكود” بيد المعارضة المسلحة في دير الزور
أبوظبي – سكاي نيوز عربية
سيطرت جبهة النصرة وكتائب معارضة مقاتلة، الجمعة، في محافظة دير الزور شرقي سوريا، وللمرة الأولى، على صواريخ “سكود” بعد اقتحامهم لأحد المقار العسكرية الحكومية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشرقية لهيئة الأركان عمر أبوليلى لموقع سكاي نيوز عربية إن “جبهة النصرة ولواء جعفر الطيار التابع للمجلس الثوري في المنطقة الشرقية سيطروا على مقر الكبر بدير الزور حيث استولوا على صواريخ سكود مع قواعدها كاملة”.
وتأتي سيطرة مقاتلين معارضين للحكومة السورية على صواريخ سكود بعد أقل من شهر على سيطرة كتائب أخرى على سرب طائرات مقاتلة في مطار الجرّاح العسكري المعروف محليا باسم مطار “كشيش”.
ميدانيا
قتل أكثر من 12 شخصا، الجمعة، بينهم أطفال إثر قصف تعرضت له محافظة حلب شمال سوريا بما يعتقد أنه صواريخ أرض أرض، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ما يرفع عدد القتلى في البلاد إلى 110 قتلى بمدن سورية عدة.
أطفال يهربون مع أهاليهم من حي إلى آخر هربا من النزاع المسلح في مدينة حلب
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لموقع سكاي نيوز عربية أن “سقوط 3 صواريخ أرض أرض على منطقة الأرض الحمرا في حي طريق الباب في ريف حلب الشرقي أدى لمقتل العشرات وجرح العديد من الأشخاص”.
“سقوط 3 صواريخ أرض أرض على منطقة الأرض الحمرا في حي طريق الباب في ريف حلب الشرقي أدى لمقتل العشرات” رامي عبدالرحمن لسكاي نيوز عربية
كما قتل 6 مصلين بعد قصف القوات الحكومية للمسجد الكبير في قرية الحراك في ريف محافظة درعا جنوبي البلاد، وفقا لذات المصدر.
وقصفت القوات الحكومية محيط مطار حلب الدولي في مدينة حلب شمال سوريا حيث يتمركز مقاتلو المعارضة المسلحة في محاولتهم السيطرة على المكان، في وقت أعلن المرصد عن ارتفاع عدد قتلى تفجيرات دمشق أمس الخميس إلى 90 شخصا.
وأكد مدير المرصد لموقعنا أن ” عدد قتلى التفجيرات التي هزت العاصمة دمشق أمس الخميس ارتفع إلى 90 شخصا”، مستشهدا بـ”أرقام جمعها من مستشفيات ومصادر طبية أخرى”.
أحد مقاتلي المعارضة المسلحة في مدينة حلب – أرشيف
ودارت اشتباكات عنيفة بين مقاتلين من كتائب مسلحة والقوات الحكومية في مخيم اليرموك بمدينة دمشق عند منتصف ليل الخميس الجمعة، كما عثر على جثامين خمسة رجال مجهولي الهوية في حي تشرين في العاصمة وعليهم آثار تعذيب.
وتحدثت وكالة الأنباء السورية سانا عن “إحباط وحدة من القوات المسلحة ليلة أمس محاولة إرهابيين التسلل من الأراضي اللبنانية إلى سوريا عبر موقع حالات في ريف تلكلخ بمحافظة حمص”.
ونقل مراسل سانا عن مصدر في المحافظة قوله ” إنه تم إيقاع إصابات مباشرة في صفوف أفراد المجموعة الإرهابية المسلحة التي حاولت التسلل عبر الموقع المذكور”.
وتطلق الحكومة السورية صفة “الإرهابيين” على المعارضة المسلحة في البلاد.
سياسيا:
أعلنت المعارضة السورية أنها ستشكل حكومة مكلفة لإدارة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
وقال المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري المعارض، وليد البني، إن المعارضة السورية المجتمعة منذ الخميس في القاهرة ستشكل حكومة مكلفة لإدارة المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون، حسب وكالة فرانس برس.
وأكد البني أن الائتلاف سيجتمع في 2 مارس في مدينة اسطنبول التركية لتحديد هوية رئيس هذه الحكومة وأعضائها.
المعارضة السورية تختار رئيس حكومة مؤقتة في الثاني من مارس
القاهرة (رويترز) – صرح مسؤولون في الائتلاف الوطني السوري المعارض يوم الجمعة ان زعماء المعارضة سيجتمعون في اسطنبول في الثاني من مارس آذار المقبل لاختيار رئيس وزراء لحكومة مؤقتة تعمل في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في سوريا.
وتهدف هذه الخطوة إلى وقف انزلاق المناطق التي تسيطر عليها كتائب المعارضة إلى الفوضى رغم أن زعماء الائتلاف المقيمين في الخارج ليس لهم تأثير يذكر على مقاتلي المعارضة في سوريا.
وقالت المصادر لرويترز في ختام اجتماع للائتلاف استمر يومين في القاهرة إن الموعد حدد بعد التوصل إلى حل وسط بين كتلة داخل الائتلاف تضم جماعة الإخوان المسلمين التي تتمتع بنفوذ كبير وأعضاء آخرين يؤيدون التعجيل بتشكيل حكومة.
وقال مصدر بالائتلاف طلب عدم نشر اسمه “تم التوصل إلى تسوية. اتفق الائتلاف على الاجتماع مجددا في اسطنبول لاختيار رئيس وزراء على وجه التحديد.”
وأشار إلى أن رئيس الوزراء سيشكل حكومة بعد ذلك ولكن لم يتضح ما إذا كانت الحكومة ستعمل مباشرة من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في ظل استمرار قوات الرئيس بشار الأسد في استخدام قوتها الجوية والمدفعية والصاروخية الكبيرة بجميع أنحاء سوريا.
وقال وليد البني المعارض المخصرم وأحد اعضاء القيادة الجماعية للائتلاف والمكونة من 12 عضوا ان رئيس الوزراء سيرأس حكومة تكنوقراط قادرة على معالجة المشكلات الملحة على الارض.
واضاف البني انه لابد وان تكون هناك سلطة تنفيذية قادرة على الاهتمام بملايين السوريين في المناطق المحررة والذين يحتاجون للماء والكهرباء والامن والحماية. وقال ان النظام دمر ايضا المستشفيات وهناك حاجة لادارة المساعدات الانسانية.
واستأنف زعماء الائتلاف جهودهم لتشكيل حكومة انتقالية بعد يوم من إصرارهم على ضرورة أن تسفر أي محادثات سلام عن رحيل الأسد الذي حكمت أسرته سوريا بقبضة حديدية على مدى 42 عاما.
وبعد عامين تقريبا من اندلاع الانتفاضة المناوئة للأسد صار غياب القيادة السياسية عن الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضين نقطة ضعف واضحة لدى زعماء المعارضة الذين لا يمتلكون أي سلطة على الكتائب الإسلامية التي تحرز تقدما في الميدان.
وقال دبلوماسي على اتصال بالمعارضة “لديك وضع يتطور تسود فيه الفوضى المناطق المحررة في حين لا يزال الوقود والكهرباء والخدمات الأساسية متوافرة نسبيا في المناطق التي يسيطر عليها الأسد.”
وأضاف “إذا استمر الوضع على هذا الحال سيتقلص الدعم الشعبي للمعارضة وربما تخسر الحرب.”
وفي اليوم الثاني من اجتماعات الائتلاف الوطني السوري استمع أعضاء الائتلاف إلى تقارير لجنة شكلت للمساعدة على تحديد ما إذا كانت الحكومة الانتقالية يمكنها الصمود في ظل استمرار الحرب الأهلية وما إذا كانت ستلقى دعما ماليا ودبلوماسيا كافيا على الصعيد الدولي.
وتقدر مصادر من المعارضة أن الحكومة الجديدة ستحتاج إلى عدة مليارات دولارات شهريا لتعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة ومعظمها مناطق ريفية وصحراوية تقدر بأكثر من نصف مساحة سوريا.
وقالت المصادر إن الدعم المالي الحالي للائتلاف يقل عن ذلك. ورغم ذلك أشارت المصادر إلى أن قطر – أحد الداعمين الرئيسيين للانتفاضة في الخليج – تعهدت الأسبوع الجاري بتقديم مساعدات إنسانية بقيمة 100 مليون دولار تديرها وحدة تنسيق الدعم الإنساني التابعة للائتلاف.
وتآكل التأييد الشعبي لقضية المعارضة بسبب فشلها في تقديم الخدمات بالمناطق التي يسيطر عليها مقاتلوها وتزايد التقارير الواردة بشأن عدم انضباطهم وقيامهم بأعمال نهب.
وانتزعت كتائب المعارضة زمام السيطرة على مناطق شاسعة في سوريا من جيش الأسد ولكن هذه المناطق تظل معرضة لهجمات المدفعية والطائرات إلى جانب إطلاق الصواريخ بشكل متزايد.
غير أن أحد أعضاء الائتلاف قال “حتى وإن كانت الحكومة غير قادرة على الاستمرار الآن يجب علينا أن نختار رئيس وزراء وندعه يبدأ في تشكيلها ليبعث برسالة إلى الناس في الداخل الذين يطالبون بتشكيل حكومة.”
وذكرت المصادر أن معارضة الإخوان المسلمين ساعدت على إحباط محاولة أيدها الأمين العام للائتلاف مصطفى الصباغ لاختيار رئيس الوزراء السوري السابق رياض حجاب رئيسا للحكومة الانتقالية في اجتماع عقد في اسطنبول الشهر الماضي. والصباغ هو رجل أعمال يتمتع بعلاقات جيدة مع الخليج.
وحجاب هو أرفع المسؤولين المنشقين عن الأسد منذ بدء الانتفاضة ولا يتمتع بعلاقات طيبة مع الإخوان المسلمين. غير أن الكثير من الليبراليين في الائتلاف يعارضون اختياره أيضا لكونه ظل عضوا في حزب البعث الحاكم لفترة طويلة.
وقال عضو بالائتلاف المعارض “إنه (حجاب) مؤهل ولكن تاريخه في النظام يقف عقبة في طريقه.”
ومن بين الاسماء التي تم تداولها خلال اجتماع الجمعة اسعد مصطفى وهو وزير زراعة سابق خلال حكم الرئيس الراحل حافظ الاسد والذي استمر 30 عاما.
وقالت المصادر ان مصطفى الذي يعيش في المنفى في الكويت يعد اكثر قبولا للاخوان المسلمين من حجاب ولاعضاء الائتلاف الاخرين الذين لا يشعرون بارتياح بشأن ارتباط حجاب الطويل بالنظام.
وبدأ الائتلاف المدعوم من تركيا وبعض الدول العربية والغربية اجتماعه يوم الخميس قبل زيارة يعتزم وزير الخارجية السوري وليد المعلم القيام بها لموسكو أحد آخر الحلفاء الأجانب للأسد.
وقال دبلوماسي إن الائتلاف قضى فترة طويلة في مناقشة اقتراح للسلام بدا متعثرا وإن الوقت حان لمناقشة التفاصيل الجوهرية للحكم مثل كيفية إدارة المساعدات التي تعهدت قطر بتقديمها وتشكيل حكومة بديلة.
وتعرض رئيس الائتلاف السوري معاذ الخطيب لانتقادات قوية من الأعضاء الإسلاميين والليبراليين على حد سواء لاقتراحه إجراء محادثات مع حكومة الأسد دون اشتراط ما يصفونها بأهداف واضحة.
وذكر أعضاء في الائتلاف أنه تبنى وثيقة سياسية تطالب برحيل الأسد ومحاكمة المسؤولين عن إراقة الدماء.
وقال بيان للائتلاف إن أي حل سياسي يجب أن يقوم على رحيل الأسد ورؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية المسؤولين عن القرارات التي أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة.
وأضاف البيان أن أي مبادرات في المستقبل يجب أن تأتي من قيادة الائتلاف المكونة من 12 عضوا.
من من خالد يعقوب عويس
(إعداد أحمد صبحي خليفة للنشرة العربية)
المعارضة السورية ترفض دعوات لزيارة موسكو وواشنطن
القاهرة (رويترز) – قال الائتلاف الوطني السوري الذي يمثل التجمع الرئيسي للمعارضة السورية انه رفض دعوات لزيارة موسكو وواشنطن احتجاجا على ما وصفه بالصمت الدولي ازاء تدمير مدينة حلب التاريخية من خلال قصفها بصواريخ سكود السورية.
وقال الائتلاف في بيان اصدره في ساعة متأخرة من مساء الجمعة انه علق ايضا المشاركة في مؤتمر اصدقاء سوريا للقوى الدولية والمقرر عقده في روما الشهر المقبل احتجاجا على الهجمات التي قال انها قتلت مئات المدنيين.
واضاف البيان ان “مئات المدنيين العزل يستشهدون بسبب القصف بصواريخ سكود ويجري تدمير مدينة التاريخ والحضارة حلب بشكل ممنهج إضافة إلى ملايين المهجرين ومئات ألوف المعتقلين والجرحى والأيتام.”
وقال “إننا نحمِل القيادة الروسية مسؤولية خاصة أخلاقية وسياسية لكونها ما تزال تدعم النظام بالسلاح .”
واضاف “احتجاجاً على هذا الموقف الدولي المخزي فقد قررت قيادة الائتلاف تعليق مشاركتها في مؤتمر روما لأصدقاء سوريا وعدمَ تلبية الدعوة لزيارة روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.”
وكانت هذه الدعوات قد قدمت لمعاذ الخطيب زعيم ائتلاف المعارضة بعد اجتماعه مع وزيري الخارجية الروسي والامريكي في ميونيخ هذا الشهر.
وقدمت هذه الدعوات بعد فترة وجيزة من عرض الخطيب التفاوض على رحيل الاسد مع اعضاء الحكومة السورية الذين لم يشاركوا في حملة قمع الانتفاضة السورية التي بدأت قبل 23 شهرا.
وقال نشطاء المعارضة إن الهجمات الصاروخية على المناطق الشرقية من حلب اسفرت عن قتل 29 شخصا على الأقل ودفن أسرة من عشرة أفراد تحت أنقاض منزلهم يوم الجمعة.
وقال نشطاء يوم الثلاثاء إن ما لا يقل عن 20 شخصا قتلوا عندما أصاب صاروخ كبير حي جبل بدرو الذي تسيطر عليه المعارضة في شرق حلب.
(إعداد أحمد صبحي خليفة للنشرة العربية)
آلة التعذيب في سوريا
تقارير مراسل القناة الرابعة للشؤون الخارجيّة من سوريّا على مجموعة الأدلة المتزايدة على أن الدولة منخرطة في أعمال وحشيّة على نطاق واسع ضد مواطنيها .
من بين رشقات الطلقات النارية لأسلحة رشّاشة وأصوات الإنفجارات المدويّة, السماء المرصعة بالنجوم فوق الحدود السوريّة لتقدم إلهاءً أثيريّا. إنّها الثالثة صباحا وبلدة تل كلخ, أقل من ميلين نحو الشمال-فقط داخل الجمهورية العربية السورية- تحت هجوم متواصل والتي سكانها يرفضون تسليم مجمموعة صغيرة من المنشقين الذين يتحصنون هناك, محاولين الهرب ل”لبنان” للإنضمام للمتمردين.
كل ماحولهم جبال التي من خلالها تحاربت الجيوش القديمة منذ آلاف السنين, وأدناه, في تل كلخ المحاصرة, كمركز غربي في محافظة حمص المضطربة, الجيش السوري مرة أخرى يتعامل بقسوّة, قاتلا شعبه. تل كلخ شعرت بكامل قوّة القمع العنيف عدّة مرات منذ اندلاع الثورة السوريّة في شهر مارس. يوما ما, ستظهر تل كلخ بدون شك في قائمة الشرف الثوريّة. إلى الآن, هذه البلدة التي تعدادها 80000 ألف نسمة لم يخصص ذكرها حتّى في دليلي الإرشادي(السياحي).
نحن لا نقتل شعبنا” كما قال الرئيس بشار الأسد الأسبوع الماضي في مقابلة مع قناة أميركيّة. “ليس هنالك حكومة تقتل شعبها إلا إذا كان من يقودها شخص مجنون”, هؤلاء الذين يجرؤون على معارضة الأسد لا يعتقدون أن رئيسهم مجنونا, مخبول, ربما. ولكنهم اليوم يرون مباشرة من خلاله. إنهم تعبون من الأكاذيب. لقد رأوا الكثير.
بين أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر, كنت واحد من اثنين فقط ممن منحوا تأشيرة كصحفي رسمي لهذه الدولة البوليسية القمعيّة. قضيت تسعة أيام في دمشق, عاصمة جمهورية الخوف الأسدية, كضيف للحكومة. هنالك, وجدت نظام متحدٍ غير آبه, قوي وحازم وغير نادم. في وقت سابق من هذا الربيع العربي, أمضيت ستة أسابيع في ليبيا. هنالك أصداء ومحاكاة للقذافي في عبادة شخصية الأسد, ولكن أجهزة سوريا السياسيّة والأمنيّة أسوء وأكبر من أي شئ يمكن للقذافي أن يحشده. لا أقصد التقليل من معاناة الليبيين, ولكن سوريا أربع أضعاف سكان ليبيا والمخاطر أكبر بعشرة أضعاف.
على مدار تلك الأيام التسعة, قابلت ثلاث مسؤولين حكوميين, جنرال في الجيش ورئيس بلديّة مدينة متمردّة, لم أسمع شيئا سوى نفي أن قوات الأمن تطلق النار وتقصف وتعذب المدنيين. الحكومة تلقي اللوم على “العصابات المسلحة” وال”الإرهابيين” وتستدعي شبح المتمردين الإسلاميين, تماما كما فعل أتباع القذافي. ومثلهم, يرون مؤامرات مدعومة من الغرب. إنهم يتحدثون عن حرب إعلامية حيث المحطات الفضائية العربية والغربية تبث “أكاذيب” و “فيديوهات مفبركة” .
هل تعتقدون حقا أننا نقبل بالتعذيب؟ سُئلت بشكل مريب من قبل بثينة شعبان-مستشارة الرئيس ومسؤولة بارزة في الحكومة- عندما حاججتها بالإدعاءات الدائمة, وآخرها موثق بشكل مفصّل من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.قالت,”ليس لسوريا أي سياسة للتعذيب على الإطلاق”, “ليس لدينا غوانتانامو أو أبو غريب, هذا أمر غير مقبول على الإطلاق من قبلنا, غير مقبول بتاتا”. وشكا كل مسؤولي الحكومة من الأجندة الخارجيّة ضد سوريا. حيث يتجاهلون التجاوزات الهمجيّة “للعصابات المسلحة”, الذين على ادعائهم, كانوا قد عذبوا وقتلوا وقطعوا أوصال 1400 جنديّا سوريّا.
إن سوريا هي طرف في معاهدة الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب, هذه الإتفاقيّة تعرّف “التعذيب” أنّه أي فعل متعمد يلحق ألم شديد أو معاناة شديدة, جسدي أو عقلي, بهدف الحصول على معلومات أو من أجل اعتراف أو معاقبة لفرد على شئ قام به أو اشتبه أنّه قد قام به.
يقول السيّد نديم الحوري, “إنّه متفشي”, نائب رئيس مراقبة حقوق الإنسان للشرق الأوسط وشمال افريقيا المقيم في بيروت, والذي حصل على شهادة من مئات حالات التعذيب من سوريا,”وفي حال تم اعتقالك, سوف يكون لك معاملة سيئة ومن المرجح أن يتم تعذيبك. نعلم حول 105 حالات من الناس الذين عادوا من عهدة الأجهزة الأمنية كجثث في أكياس إلى ذويهم … وهؤلاء فقط الذين نعرف عنهم” السيد الحوري يقول أنه يملك دليل على أن عشرات الآلاف من السوريين اعتقلوا بصورة تعسفيّة على مدى أشهر.
وأضاف: “ولكننا قد وثقنا أيضا ما يمكن أن أسميه”التعذيب بلامعنى”, إذا كان هنالك أي شئ, إنّهم سيحصلون على كل المعلومات ولكنهم يريدون أن يعلموك درسا. أعتقد أن هذا الدرس”عليك أن تخاف مننا” والشئ اللافت للنظر الذي رأيته أنّه رغم التعذيب, الناس لم تعد خائفة. جدار الخوف قد تم كسره”.
عند القيادة لمسافة قصيرة بالسيارة من الحدود, على طول الطرق الجبليّة, ونقاط التفتيش اللبنانية السابقة حيث جنود ودودن مرتعدون, حيث بيوت سوريّة آمنة. ليس هنالك كهرباء, المكان مليئ باللاجئين, هنالك أطفال ينامون في كل مكان. في غرفة في طابق علوي, بجانب موقد صغير من الخشب, سائق تراكتور ناجٍ من تل كلخ -في الخمسينات من العمر- يجفل بينما تضرب الآلام جسده المحطّم, متمددا على فراش موضوع على الأرض, محيطا نفسه بكومة من الوسادات ويشعل سيجارة. إنّه مرتاح لهربه إلى لبنان ولكنه يتوق للعودة إلى بلده. على الرغم من أنّه لا يستطيع. ساقه اليمنى تنتشر فيها الغنغرينة من تحت الركبة, بالكاد يمكنه الحركة. وحتّى الآن لديه فقط العلاجات الطبيّة الأساسيّة.
قبل شروق شمس صباح أحد الأيام, قال لي, عندما حاصرت القوّات بلدته, تم اطلاق النار عليه مرتين من قبل الشبيحة, المليشيات الموالية للأسد.ولم يستطع الهرب, قد تم جمعه, ضربه, وقيادته على طريق حمص مع كثير من المعتقلين, تعرضوا للضرب على طول الطريق. خلال الأسابيع القليلة المقبلة, جراحه جراء الأطلقة الناريّة تفاقمت, كما يقول, وأثناء تعرضه لتعذيب متطرف اعتبر ماحدث له يترك هؤلاء الذين يستمعون منا مذهولون ويشعرون بالغثيان. خلال الفترة التي قضاها في الإعتقال, قد تم أخذه إلى خمسة فروع مختلفة تابعة للأمن والمخابرات الأسديّة الساديّة.
في ظل خفوت الشموع, قال لي بتفاصيل بشعة عن الضرب انّه قد تلقى بالهروات والكوابل الكهربائية ضربا على باطن قدميه(تقنية تدعى الفلقة). وقد تم تعليقه من ركبتيه, مشلول الحركة داخل اطار مطاطي ملتوي, معلقا من السقف. يداه ورجلاه مقيدتان ومعلقا رأسا على عقب لعدّة ساعات-بساط الريح المخابراتي سئ السمعة-. ثم تم تعليقه من قبل معصميه “تشبيح”, وجلده بالأسياط وتعذيبه بالعصي الكهربائية.
عندما كان لا يتم تعذيبه, كان يتم حشره ضمن زنزانات مع ما يقارب ال80 شخصا, من دون غرفة للنوم أو الجلوس, ادّعى, أنه تم إيقافهم جائعين, عراة, وخائفين في الظلام, وسط قذارتهم, بدون غسيل, تذكّر الرائحة الكريهة وتذكر سماعه لأصوات الآخرين الذين يتردد صداهم خلال الزنزانة القذرة. وعن ماتم رميه لهم من الغذاء المتعفن.
“رأيت ما يقارب المئتي طفلا بعضهم في عمر العاشرة”,وقال.”وكان هنالك رجال كبار السن في الثمانينات, شاهدت واحدا سحبوا أسنانه بواسطة كمّاشة”.في غرف التعذيب السوريّة,العمر ليس له أهمية, على مايبدو. ولكن بالنسبة للمدنيين الذين ثاروا ضد الأسد, كان التعذيب-والوفاة أثناء الإحتجاز- للأطفال بشكل خاص أكثر ما يسبب الإشمئزاز بالنسبة لهم.
تحدث سائق التراكتور عن الإستجوابات الإعتياديّة,وعن اعترافات قسريّة(حول جرائم لم يرتكبها), تحدث عن سكاكين وقطع أصابع الآخرين, عن كمّاشة و عن الحبال والأسلاك و الماء المغلي, الحرق بالسجائر واقتلاع الأظافر, والأسوء من ذلك, المثاقب الكهربائية, وقال كان هنالك اعتداء جنسي, ولكن كان هذا كل ماقاله عن ذلك.
ومن مجرد انتهائه من مكان ما, يتم نقله إلى فرع آخر للمخابرات حيث يبدأ كابوسه مرة أخرى و كل شئ من جديد. وبما أن الضرب يحصل كل يوم, ساقيه وأخمص قدميه أصبحا مسلوخي الجلد وملوثتان. كان ذلك عندما تم اجباره ليسير على الصخور المالحة. قال لي , وبشكل واضح, ووبطء, “عندما تنزف ويأتي الملح على اللحم, إنّ ذلك يؤلم بشكل أكبر, لقد أجبرت على المسير جولة بعد جولة لأشعر بمزيد من الألم”.
أشعل سيجارة أخرى, ثم قال:”على الرغم من معاناتنا من التعذيب, إلا أننا لم نعد نخاف شيئا بعد الآن. ليس هنالك خوف. لقد اعتدنا الخوف من النظام, ولكن لم يعد للخوف مكانا بعد الآن”. إذا كان القصد من التعذيب هو الإرهاب, فإنّ له في الأشهر الأخيرة تأثير معاكس. يبدو أن كل تصرف وحشي قد عزّز من الشعور المتنامي بالغضب والظلم وأثار تمردا واسعا أكثر من اي وقت مضى.
قابلت ناجين آخرين في بيوت آمنة أخرى وكل واحد منهم أيد الآخر. صيدلاني, تم خطفه على يد ميليشيا من المستشفى الذي كان فيها بعد أن أصيب بطلق ناري. تجربته في التعذيب كانت في كل جزء منها سيئة كما في تجربة سائق الجرّار.وصبي في السادسة عشر من عمره, ضرب, وتم صعقه كهربائيا لدرجة اعتقاده أنّه سيموت, ثم هُدّد بالإعدام, يواجه الآن مشاكل في النوم.
رجل آخر, وُضع فيما يسمى “تابوت كهربائي”, الذي يجبر المعتقل على الإستلقاء داخل صندوق خشبي, يتم تمرير من لوحين معدنيين التيّار الكهربائي. رجل في الثالثة والسبعين من عمره تم جلده بلا رحمة, وصعقه بالكهرباء وضُرب بسبب نشاط ابنه المعارض في الخارج, تحدّث عن مئات المعتقلين المرميين في زنزانات وهم عراة ومهانين. وتحدّث لاجئ آخر تم تعذيبه عن جهاز يسمى”الكرسي الألماني”,سمي, على ما يبدو, لأنه كان يستخدم من قبل الستاسي(جهاز المخابرات الألمانية الشرقية). وفيه, يوضع المعتقل بشكل منحني إلى الوراء حتّى يشعر أن عموده الفقري سوف ينكسر.
ما ظهر كان نمطا من الوحشيّة الهمجيّة, يدور باب الإرهاب الذي من خلاله مر آلاف الناس في الأشهر الأخيرة, هذه هي آلة التعذيب في سوريا.
بينما كنّا في سوريا, عشنا في فقاعة, لم نرى شئ من القتل والوحشيّة المتطرفة الذي كان النظام السوري مشهورا بها, كان يتم أخذنا إلى مسيرات حاشدة, حيث الآلاف من المناصرين المسعورين يقبلون صورا لبشّار الأسد أمام كاميراتنا ويردّدون شعارات في تحد لعقوبات جامعة الدول العربيّة.
لمدّة يومين, لم نمنح تصاريح للتصوير-وربما ليس من الصدفة أن أحد هذه الأيام كان يوم الجمعة-, وهو اليوم حيث يضمن اندلاع المئات من المظاهرات المناهضة للحكومة في جميع أنحاء البلاد بعد صلاوات الظهيرة. في أحد الأيام, حينما كنّا نصوّر بشكل قانوني في أحد الشوارع, مرافقنا الحكومي –على الرغم من امتلاكنا وثائق رسميّة مختومة من وزارة الإعلام- اعتقل من قبل عملاء غاضبين للمخابرات. لم نتبيّن لماذا كان هذا الموقع بالذات حسّاسا للغاية. مرافقنا أعيد, ولكنه كان مصدوم بشكل واضح, بعد 15 دقيقة, قال لنا:”لا يمكننا التصوير هنا” “هيّا نذهب” .”
على الرغم من الطلبات اليوميّة, تم رفض وصولنا إلى مدن مثل حمص أو حماة حيث سكانها ينشرون مقاطع فيديو تظهر دبابات تطلق النار بشكل عشوائي على مناطق مدنيّة. عندما تم أخذنا أخيرا إلى درعا, المدينة الجنوبيّة التي كانت مهدا لهذه الإنتفاضة, سافرنا بصحبة أربع مرافقين حكوميين, وعندما حاولنا التحدث إلى أي شخص, نجد أنفسنا محاطين بعناصر المخابرات الذين أوعزوا لمن كنّا نقابلهم أن يقولوا أن كل شئ طبيعي, كان أمرا خانقا للغاية.
على الرغم من هذا, عدد مذهل من السوريين لفتوا انتباهنا بمهارة وبشكل هادئ ليقولوا لنا أنّ كل شئ لم يكن كما بدا, وأنهم يكرهون هذا النظام وأن هنالك الآلاف مثلهم. رجل ما أمسك ذراعي عندما وقفت في وسط مسيرة حاشدة في وسط دمشق, المحاطة تماما بصراخ مناصري النظام. عند النظر من حولي, نظر في عيني وقال ببساطة كلمة “بشار” وأشار بسبابته داخل حنجرته قبل أن يختفي بين حشود الموالاة, لو كان قد تم رصده فمن المرجح أنّه قد وقّع على مذكرة وفاته الخاصة.
طريق يتلوى فوق صخرة قاحلة من جبل قاسيون الذي يطل على دمشق وفي يوم مشمس, من على ارتفاع 1000 متر, هناك مشهد بانورامي رائع في أنحاء العاصمة. من هذه النقطة الممتازة, إذا كنت تعرف ما الذي تبحث عنه, فمن الممكن اختيار مالا يقل عن سبعة مواقع حيث بإمكانك القول مع درجة جيّدة من اليقين أن الناس يتعرضون للتعذيب في كل لحظة, الفكرة تفسد المشهد.
كل واحدة من الأعمدة الأساسيّة للمخابرات-المخابرات العسكريّة, المخابرات الجويّة, الأمن السياسي, ومديرية الأمن العام- لديهم مقراتهم في المدينة, ولكل منها فروعها الفرعيّة, الأمن العام لديه ثلاثة بما فيها فرع فلسطين, ولدى المخابرات العسكريّة عدّة فروع, من بينهم الفرع سيئ السمعة 235, لايبدو أن أحدا يعرف ماالذي يعنيه هذا الرقم, كل من هذه الوكالات هي امبراطورية داخل إمبراطوريّة, مع ماكتب على طول واتساع سورية. منذ بدء الثورة, أماكن الإحتجاز لم تقتصر على مباني المخابرات المعروفة, المخابرات استخدمت ملاعب كرة القدم في العديد من المدن لاعتقال وتعذيب المشتبه بهم. وفي المدن والقرى الأصغر, وساحات السوق التي تفي بالغرض. ويعتقد أن وكالات الإستخبارات الرئيسيّة خاضعة وبشكل مباشر تحت سيطرة الرئيس.
في حين يواجه الأسد عصيانا مسلحا متزايدا من أولئك الذين يشعرون بالقلق من الحياة في عالمه. السلاح الأقوى في أيدي المعارضين هو الهاتف المحمول. اللقطات لأعمال العنف القمعيّة –واللقطات للذين عذبوا وقتلوا من قبل النظام- تم تحميلها وإعادة بثها على ملايين من الجمهور العالمي.
هذه الفيديوهات تعرض مشاهد مؤلمة, في أحدها, أم تبكي على جثة ابنها -27 عاما- الذي تم تسليمه ميتا, وبعد أسبوع من اعتقاله. لديه كدمات وعلامات على كل أنحاء جسده, وهنالك جرح رصاصة. وتنتحب المرأة “الله ينتقم من كل الطغاة” “من كل شخص ظالم, من بشار وأعوانه, يا ربي, انتقم منّو”.
كمثل هذه اللقطات سببت ضررا لا يمكن اصلاحه بنظام الاسد. ولكن وزراء الحكومة الذين تحدثت معهم حول هذه الفيديوهات رفضوها على اعتبار انها مفبركة و مصوّرة في مكان آخر وفي وقت آخر. إذا تم التحقق منها, مثل هذه اللقطات ستقدم أدلة هامة على جرائم النظام الذي أصبح موضع اتهام من قبل لجنة تحقيق حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. الحجم الهائل لهذه المواد-ما يزيد عن 30000 فيديو تم نشرها على الإنترنت من قبل نشطاء المعارضة السوريين- حفزّت القناة الرابعة للبدء بتحقيق وثائقي.
وظّفنا فريق من الخبراء الطب الشرعي لفحص لقطات الفيديو, وإخضاعها لبروتوكول تحقيق صارم. تحققنا بشكل مستقل, عندما يكون ذلك ممكن,من مصادر هذه المواد, باحثين عن خيوط زمنيّة محددة, ثم فحص تفاصيل الموقع والسوريين من هذه الأماكن. حوادث معينة تم فحصها والتأكد منها من مصادر مستقلة. أعضاء سابقين منفيين من قوى الأمن السوري تحققوا من المركبات السوريّة, الأزياء الرسميّة والشارات العسكريّة. عدد متزايد من هذه الفيديوهات تظهر جنود يرتكبون فعليّا التعذيب, يصورون بشكل مفتوح بعضهم بعضا. إنّه أمر مخيف: لا يظهر أن أحد منهم قلقا من أن يتم التعرف عليه.
لقد تم الإستماع بعناية إلى اللهجات. وقد تم فحص تسجيلات الفيديو المحمّلة من أجل الوثوقيّة. سعينا لنصيحة طبيب اختصاصي من مشجعي الحريّة من التعذيب. استخدمنا طبيب في الطب الشرعي, البروفيسور ديريك باوندر, لفحص الأدلة في الفيديوهات لأولئك الذين يدّعون أن أقاربهم قد قتلوا تحت التعذيب.
والنتيجة هي خلاصة وافية بشعة من مواد الفيديو المتحقق منها والتي نعتقد أنها تقدّم دليلا ظاهرا دامغا بارتكاب جرائم ضد الإنسانيّة.
متحدثا إلي عن هذه المواد, باوندر يقول أن الفيديوهات تظهر”أدلة دامغة على العنف الجسدي الصريح, الخنق, القتل, إطلاق النار والإعتداءات العامة, هنالك نمط واضح للغاية من العنف الجسدي بشكل متطرف”. قال, “إن ذلك يوحي بأن ما كان يحدث كان يحدث على نطاق واسع, وأن ما يحدث كان يحدث بدون خوف من العقاب, ليس هنالك أي عاقبة لهم حتّى لو توفر دليل واضح يدينهم”.
أحد الليالي, عندما كنت أجري مقابلات مع ضحايا التعذيب في لبنان, كان هنالك اضطراب كبيرة. منشق من الجيش السوري, الذين يقودون المقاومة في حي بابا عمرو في حمص-المدينة التي يطلق عليها السوريّون “عاصمة الثورة”- تم حمله إلى منزل آمن من قبل أربعة رجال. لقد أصيب تسعة مرات وبطريقة ما نجا, ولكنه كان في حالة ألم فظيع, لقد تم تهربيه مؤخرا من تل كلخ إلى لبنان.
في الصباح التالي, كان جيّدا بما فيه الكفاية ليتحدث لفترة وجيزة, كان لقائي الأول مع عضو سابق في قوّات الأمن السوريّة. قال لي: أن الإعتقال الجماعي والتعذيب الشديد كانا شائعين. “عندما كان الجيش ينفذ حملة اعتقالات” قال, “إنهم يبدأون تعذيب المعتقل حتّى وصول الأجهزة الامنيّة, حيث يأخذوه إلى فرع الأمن العسكري, الذي يمكن تشبيهه بمسلخ بشري. معظم الناس الذين يتم اقتيادهم إلى هناك يتم إخراجهم قتلى”.
أثناء قيام قائد فصيل في الجيش ويرافقه عدد من الضباط بالبحث من منزل إلى منزل عن رجال مطلوبين في حمص.قال, “عندما لم يجدوا هدفهم, قاموا باغتصاب نساء, وقتل أطفال” وسمّى الضباط المسؤولين والضابط المسؤول عنه, وقال أنّ جميعهم من الطائفة العلويّة,التي ينتمي إليها الرئيس. وعندما لم يفلحوا في العثور على أحد الرجال المطلوبين, ادعى, أنهم قد أخذوا ابنه, قطعوا رأسه وعلقوه في باب بيت الأسرة. تحدّث بطريقة متلعثمة كما لو كان يكافح من أجل ايجاد الكلمات, وعندما قالها, سالت الدموع على وجهه, ولكنه كان مصابا بطريقة سيئة, لذلك لم يستطع مسح الدموع, قال, هذا ما دفعه على الإنشقاق.
قلت له أن الأمم المتحدة قد رفعت تقديراتها ل4000 مدني قد قتلوا منذ شهر مارس.(هذا الأسبوع ازداد الرقم حتّى 5000), نظر إلي بجحود. وقال , الرقم لابد أن يكون أكبر بكثير. بعد أربع عقود من حكم الأسد, رجل واحد يعتبر مسؤولا عن هذا القمع الدموي المتعطش: القائد العام للقوّات المسلحة ورئيس الإستخبارات السوريّة, رئيس الجمهوريّة نفسه. و في سؤالي لنديم الحوري إن كان الأسد حاول إيقاف كل هذا, قال”لا أعرف جوابا لهذا” “ولكني أعرف أنه لم يحاول أبدا ايقاف ذلك” .
الغارديان
جوناثان ميلر
خاص صفحة أحفاد الكواكبي
ترجمة الحفيد Mazen Sand