أخبار “ال بي سي”: ما رأيكم؟
إيلي عبدو
هل تعتقد أن سوريا سترد على الضربة التي وجهتها لها إسرائيل؟ هذا السؤال لم يُطرح كالمعتاد على سياسي أو محلل استراتيجي، بل وجهته قناة “إل بي سي” إلى مشاهديها ضمن فقرة “هايد بارك” في نشرة الأخبار، والتي تبثها كل مساء وتخصصها لعرض آراء مشاهديها حول الأحداث الجارية في لبنان والعالم العربي. اللافت أن الإجابات التي عرضتها القناة في نشرة اليوم التالي جاءت متوازنة، بعيدة من الشعبوية. إذ قال أحد مُرسلي المشارَكات: “لن ترد سوريا على هذه الضربة لأن الأمر يتحدد إقليمياً ودولياً وليس للدولة السورية رأي فيه”. فتاة صورت مشاركتها في أحد المطاعم بوسط بيروت، قالت: “ليست سوريا وحدها من سيرد، فمثلما تقف دول وراء إسرائيل لتدعمها، كذلك سوريا تقف وراءها دول كثيرة أولها إيران”.
هكذا، لم تعد المواقف حكراً على السياسيين الذين يحتلون الشاشات عادة، ويطلقون التصاريح بالجملة، بمناسبة أو من دونها. باتت للمواطن مساحة يعبر فيها على رأيه، بعد اعتماد المؤسسة اللبنانية للإرسال هذه الخدمة التي يقول الإعلان الترويجي لها: “انتظرونا كل يوم، من الاثنين ولغاية الجمعة من كل اسبوع، أصبح في امكانكم التعبير عن رأيكم عبر التواصل مع أخبار الـ”إل بي سي أي”، كل ما عليكم القيام به هو متابعة شاشتنا كل يوم قبل نشرة الاخبار، إذ إن فريق الأخبار سيطرح سؤالاً. وأنتم ستجيبون… صوروا إجابتكم وحمّلوها على موقعنا والجميع يمكنه رؤية إجاباتكم وآرائكم ضمن فقرة خاصّة خلال نشرة الاخبار “. إنها آلية تفاعلية بين مصدر الخبر ومتلقيه. إذ تقوم القناة في كل نشرة إخبارية بطرح سؤال ذي صلة بالأحداث الجارية، ليقوم المشاهدون المهتمون بالإجابة بتصوير أنفسهم وهم يدلون بدلوهم في خصوص موضوع السؤال، ثم يرسلون التسجيل إلى موقع القناة التي تنتقي من بين الإجابات خمس أو أكثر لتعرضها في نشرة اليوم التالي. هذه الآلية تبين أن الإعلام التفاعلي الذي تسعى نشرة أخبار “إل بي سي” إلى اعتماده يتحقق بمراحل تقنية محددة تبدأ بالتصوير مرورا بالتحميل عبر الإنترنت ثم العرض على الشاشة التلفزيونية. ولعل اختيار القناة لموضوعات شائكة يدفع المواطنين إلى المشاركة بنسبة أعلى. فقد سبق للفقرة أن طرحت مسألة الزواج المدني ودفع الرشوة لرجال الدرك، كذلك عالجت عبر أحد الأسئلة قضية إغلاق ملهى ليلي يستقبل المثليين في منطقة الدكوانة شرق بيروت، وصولاً إلى موضوع إيقاف برنامج جو معلوف “إنت حر”.
لم تكتف نشرة أخبار “إل بي سي” إذا ، بتميزها على الصعيد المهني ومتابعاتها عبر تقارير يومية لموضوعات حياتية إنسانية تهم المواطن العادي، فضلاً عن دفاعها الشرس عن الحقوق المدنية خلال المقدمات التي يعدّها الصحافي خالد صاغية. لقد اتسع نطاق اهتمامات النشرة ليشمل إشراك الناس العاديين بآراءهم السياسية، وساعدت التكنولوجيا ووسائل الإعلام الإجتماعي لإتمام هذه الفكرة، إذ بات المتلقي يطلق رأيه عبر مقطع مصور ويحمله أونلاين، في حين كانت الآلية السابقة في هذا الإطار هي تقارير “الفوكس بوب” التي ينفذها مراسل في جولة على الناس في الشارع مع كاميرا وميكروفون. ساهمت التكنولوجيا اذا في إيصال أصوات متباينة، في حين ربما كانت تقارير “الفوكس بوب” تخضع لرقابة أكبر أو تصور في منطقة واحدة، للحصول على نتيجة واحدة. أما فيديوهات “هايد بارك”، فتأتي بآراء تتفوق بعقلانيتها واتزانها وتنوعها على ما يصدح به السياسيون الذين يطلقون العنان لكل أشكال التحريض المذهبي والطائفي.