أنا طفل .. اعتقلني النظام/ محمد الخطيب
“أنا أنفي بشكل كامل وجود أي معتقلين من الأطفال، هذه دعايات حاولوا إشاعتها من أجل النيل من سوريا”. كان ذلك الاقتباس من المؤتمر الصحافي الذي عقده نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، في جنيف، الأحد، وجاء رداً على طلب وفد الائتلاف السوري خلال جلسة التفاوض المشتركة بـ”الإفراج الفوري” عن 2300 امرأة وطفل من سجون النظام، قدم الائتلاف قائمة بأسمائهم خلال الجلسة.
ما من داعٍ للتذكير بالحادثة التي اندلعت على إثرها الاحتجاجات في درعا، حادثة الأطفال الذين اعتقلهم رئيس الأمن السياسي وابن خالة الرئيس السوري بشار الأسد، عاطف نجيب لدحض تصريحات المقداد. منذ ذلك الحين توالت اعداد الأطفال الذين اعتقلهم النظام لتتخطى بعد قرابة 3 سنوات من الثورة الألف طفل.
ابراهيم، ابن درعا، مسقط رأس المقداد، اعتقل قبل عامين أثناء مشاركته في تظاهرة نظمها مع رفاقه بعد الانتهاء من الدوام في مدرسة المتفوقين. ابراهيم، كان يبلغ من العمر 14 عاماً، يقول في حديث لـ”المدن” إنه “بعد ربع ساعة من انتهاء التظاهرة، جاءت قوات الأمن، هربنا أنا وصديقي ولحقت بنا سيارة تابعة للجيش ..، صعدت سريعاً على سطح أحد المباني لاختبىء هناك، إلا أن عناصر الأمن استطاعوا الإمساك بي”.
ويضيف “كم كف وفلقة بالقشاط..، صارت إيدي حمرا متل الهمبرغر من الضرب”. ابراهيم لم يمكث كثيراً في المعتقل، لكنه يقول إن أطفالاً كثيرين كانوا موجودين معه يتعرضون للتعذيب بشكل يومي، ويقول أيضاً إن الاعتقال لن يوقفه عن المشاركة في المطالبة بحقوقه، مثل كل رفاقه الذي اعتقل أحدهم “ثلاث مرات، لكنه لا يزال يصرّ المشاركة بنشاطات الثورة”.
رواية ابراهيم، لا تختلف كثيراً عن رواية عثمان، البالغ من العمر 14 عاماً، إذ اعتقل قبل سنتين كذلك من قبل الأمن العسكري في حلب، أثناء مشاركته في إحدى التظاهرات التي خرجت من جامع آمنة في حي سيف الدولة.
يقول عثمان في حديث لـ”المدن” إن عدداً كبيراً من الأطفال كانوا محتجزين معه. ويوضح: “في سجن حلب المركزي كان هنالك العديد من المساجين من عمري، معظمهم ممن شارك في التظاهرات”، لكنه ينفي أن يكون تعرض للتعذيب في السجن.
ويضيف “لكن أقسى الأيام كانت في أقبية أفرع الأمن أثناء التحقيق، فقام المحقق مراراً بإطفاء السيجارة بجسدي وهو يقول “بترجع تتظاهر ولا ؟ ..” دون أن يخلو كلامه من عشرات الشتائم والإهانات التي وجهت إلي ومحاولاً أن يضربني بأي شيء يكون أمامه”. ويتابع “عدد من الأطفال المعتقلين الذي كانوا معي في السجن تعرضوا للتعذيب بالكهرباء في فرع المخابرات الجوية قبل تحويلهم إلى السجن”.
وعن أسباب احتجازه، يقول عثمان “كدت أنجح بإقناع الضابط المحقق أن ليس لي علاقة بالتظاهرة التي خرجت، وأني كنت اتجول في الشارع لتخرج التظاهرة في نفس الوقت بالصدفة، لكن أثناء التحقيق معي اتصلت أمي، فكانت رنة جوالي، أغنية يا حيف لسميح شقير، لأتلقى على الفور “كف متل فراق الوالدين من المحقق”.
ويضيف “قضيت ما يقارب الشهر في فرع الأمن السياسي، ليتم تحويلي إلى سجن حلب المركزي بعد ارغامي التوقيع على ورقة، اعترف خلالها بالمشاركة في التظاهرات ومس هيبة الدولة، وعلى المساعدة بنقل السلاح إلى الإرهابيين”.
من جهة ثانية، تقول الناشطة ياسمين في حديث لـ”المدن”، وهي من العاملين في “مركز توثيق الانتهاكات في سوريا”، الذي اختطفت رئيسته، رزان زيتونة ورفاقها في دوما قبل مدة، إنهم وثقوا اعتقال 1165طفل بينهم 47 طفلة، جرى اعتقالهم على أيدي قوات الأمن أو الجيش في مناطق مختلفة من سوريا.
وبحسب الناشطة فإن تهم هؤلاء الأطفال تتوزع بين المشاركة في التظاهرات أو المشاركة في النشاطات المناهضة للنظام كـ”الكتابة على الجدران”، وتؤكد على أن هناك أطفالاً جرى اعتقالهم عوضاَ عن أقاربهم للضغط عليهم لتسليم أنفسهم لقوات الأمن.
وتشير ياسمين إلى أن أعداد المعتقلين الأطفال، هي أكبر من الرقم الذي جرى توثيقه “بالتأكيد”، وذلك بسبب صعوبة الوصول إلى جميع المناطق السورية وصعوبة الحصول على المعلومات الضرورية حول المعتقلين كالاسم والعمر وظروف الاعتقال.
وكشفت ياسمين لـ”المدن” عن قائمة بأسماء الأطفال المعتقلين جرى إرسالها إلى جنيف، بعد “اعتمادها من الأمم المتحدة”، ليتم التفاوض على إطلاق سراحهم.
المدن