أوباما وخرائط الشرق الأوسط الجديد!
راجح الخوري
ذات يوم قال الكاتب الاميركي جون شتاينبك: “عندما انظر الى مداخن البيت الابيض أحسب انه فبركة كبيرة للأوهام”. هذه “الفبركة” لم يسبق لها ان غرقت في الاوهام كما يحصل الآن مع باراك اوباما الذي ينخرط في سلسلة من المحادثات المتلاحقة مع زعماء من المنطقة قال البيت الابيض انها تهدف الى مناقشة التطورات المعقدة في “الشرق الاوسط الكبير”.
تبرز اوهام اوباما الخيالية عندما نقرأ التصريحات التي تقول انه قرر اللقاء مع عدد من المسؤولين في المنطقة بهدف وضع استراتيجية اقليمية موحدة، تتصل بملفات عدة متداخلة بينها المسألة النووية الايرانية والازمة السورية والقضية الفلسطينية، هكذا دفعة واحدة او “خلطة اقليمية” لثلاث ازمات لست ادري كيف سيمكنه جمع عناصرها المتنافرة والمتقاطعة والمعقدة في اطار خطة حل واحدة وهو الذي عجز مثلاً عن وقف هدم ولو منزل فلسطيني واحد!
صحيفة “وورلد تريبيون” نقلت عن مسؤولين اميركيين ان اوباما يسعى الى تشكيل تحالف يعمل في شكل جماعي على حل مجموعة من القضايا التي ينظر اليها باعتبارها من عوامل زعزعة استقرار المنطقة، لكن كيف يمكن الحديث عن عملية ضخمة لتغيير الواقع السياسي الاقليمي المتداخل في اكثر مناطق العالم تعقيداً، وما هي المعادلة التي يمكن ان تبتكر حلاً مثلث الاضلاع بحيث يشمل قضية فلسطين التي تتطلب لي ذراع اسرائيل، وازمة سوريا التي تتطلب لي ذراع طهران وموسكو، وازمة ايران النووية التي تتطلب على الاقل اجتثاث الطموحات الاقليمية لملالي طهران؟! في اي حال يجيء الحديث عن التحالف الجماعي المذكور بعد تصريحات متزايدة في واشنطن على المستويين الرسمي والاكاديمي، ركزت على الانهيار المتوقع لحدود “سايكس – بيكو” وما قد ينتج منه، وخصوصاً في ما يتصل باحتمالات قيام دولة علوية في سوريا، يمكن ان تعبد الطريق امام الاحلام القديمة لقيام الدولة الكردية، بما سيؤدي فوراً الى اعلان رسمي للتقسيم القائم نسبياً في العراق، فاذا اضفنا حق الفلسطينيين المقدس في قيام دولتهم على الاقل إنفاذاً لوعد قيام الدولتين الذي تبناه اوباما في ولايته الاولى، يمكن القول ان اوباما يريد ان يقلب الشرق الاوسط رأساً على عقب!
ولكن يا حسرتي على اوباما!
دعونا الآن من كلام جون كيري عن فرصة السنتين لقيام الدولة الفلسطينية وإلا تقفل الابواب، وتعالوا لنتذكر ونتساءل: هل ان اوباما الذي انهى ولايته الاولى بطة عرجاء ويبدأ ولايته الثانية بهموم اقتصادية ثقيلة وباستغناء متزايد عن نفط المنطقة وبقرار الانتقال الى جنوب شرق آسيا لمواجهة القرن الصيني، قادر فعلاً على رسم الشرق الاوسط الجديد فوق ركام “سايكس – بيكو”، ام انه مجرد واهم على طريقة “ابو فؤاد” اللبناني ومسحوق “يس” للتنظيف اي… ثلاثة بواحد؟
النهار