أين َ تقف السلمية و أين َ تبدأ ، القضية الكردية ؟
لم يعد لقهوة الأحد كسلها المعتاد ، استقظت ُ في السادسة و النصف صباحا ً ، و كما هي العادة ، حضرّت ُ فنجان قهوتي و بدأت ُ بقراءة الأخبار و متابعه ما يحتاج ُ إلى متابعه ٍ على صفحات التواصل الإجتماعي . كانت فيديوهات اقتحام السفارات السورية حول العالم هو أوّل ما استوقفني .
هذه المرّة الأولى التي أرى فيها “عصيان مدني “ منظّم من قبل مواطنين سوريين منذ ُ أندلاع شرارة “الثورة” ، و لو أنّه ُ كان في دول غربية و استهدف السفارات السورية فإنه لا يختلف ُ شيئا ً عن الذي يحصل على أرض الوطن ، ذاك َ أن ّ السفارات تعتبر عدد من المترات المربعه التابعه للدولة التي تمثلها و ليس َ لدولة الاغتراب.
يعتبر البعض أنّ هذا العمل قد يمسّ بـ “ سلميّة “ الثورة ، و هنا ندخل ُ بتعريف ( السلمية ) ، فعلى سبيل المثال كان غاندي يعتبر أنّ السبّ و الشتم هي أعمال عنف يمنع أتباعه ُ عن ممارستها ، في حين أنه ُ لم يتطرّق للإحتلال المنشآت على أنه فعل عنيف. و هنا تتسع الدائرة و ندخل بالتعريفات ، ما هي السلمية و ما هو العنف ؟ و ما الذي يدخل تحت بند “ العنف “ و ما الذي يدخل تحت بند “ السلمية “ ؟ هل الموضوع ثابت أم أنه ُ متحوّل من شخص ٍ أو رأي ٍ إلى آخر ؟و السؤال الأهم هل العصيان المدني يطعن بالـ “ سلمية “ ؟
من وجهة نظري الشخصية ، فأنا لا أعتقد ذلك ، لأنّ العصيان المدني يهدف إلى منع الطرف الآخر ، الأقوى ، من قتل المتظاهرين ، دون أن يهدر أرواحا ً بشريّة ً لأيّ من الطرفين و هو بذلك يحافظ على سلميته لكنه ُ يتحدّى الخوف و يدافع عن نفسه ِ دون َ حاجة ٍ إلى رفع سلاح أو زهق أيّة أرواح بشريّة. تماما ً كمن يمكن ُ أن يمسك بالعصى ليمنع أحدهم من أن يعتدي عليه بالضرب ، المقاومة عن طريق تخلصه ُ من العصى كي لا يؤذي بها الآخرين . في هذه الحالة الشخص المعتدى عليه لا يقوم باستخدام العصى كأدات للضرب و لا يضرب أو يستخدم العنف لمنع المـُعتدي من ضربه ، بل يدافع عن نفسه دون أن يؤذي أيّ طرف ٍ من الأطراف.
من المؤكد أننا جميعا ً نتمنى أن تصل كلّ شعوب العالم مطالبها عن طريق الورود و الإبتسامات و المقالات أو حتّى المظاهرات السلميّة بالصدور العارية ، و لكن ما مدى أمكانيّة ذلك مع الأنظمة العربية الموجودة اليوم ؟
سأترك ُ هذا السؤال مفتوحا ً ، و أكتفي بالقول “ ألف عصيان مدني و لا رصاصة سلاح واحدة “ ، لنحافظ دائما ً على سلميّة الثورة فهي السبيل الوحيد لبناء سوريا جديدة.
كنت ُ أرغب بالتطرّق اليوم إلى المعارضة السورية و كيف أنني لا أعتقد ُ بأنها تختلف ُ بشيء عن النظام السوري ، تربّت على يديه و ستسير ُ على خطاه ُ و من المؤسف أنّ خيار الشعب الوحيد للتخلص من النظام يمرّ عن طريقها.
لن أطيل َ الحديث في هذا الأمر فسأخصص له ُ تدوينة خاصة في الأيام المقبلة، عسى أن يسعفني الوقت و الأحداث في ذلك.
حتّى قهوتي بردت من ذكر ٍ المعارضة.
في نافذة أخرى يدورُ حديث مع أحد الأصدقاء (HK ) عن القضيّة الكردية المهمشة منذ ُ سنوات و التي عادت و بقوّة بعد اغتيال ، مشعل تمو ، الكردي الذي آمن بسوريا الوطن كما لم يآمن بشيء آخر . استوقفني ردّ صديق لي على مسألة الـ “ أنا “ العربية و الكردية و أحببت ُ أن أنقله ُ إلى هنا لأنه ُ يقول ُ بشكل ٍ مختصر و بسيط و مباشر ما قد أمضي ساعات أحاول صياغته ُ حول نفس الفكرة:
“نحنا ما بدنا “نضب” الأكراد .. نحنا بدنا نعيش سوا ببلد واحد .. و أحلامهم القومية انا برأيي مشروعة طالما لا تمس الكيان السوري اللي لازم يكون بالنسبة الهن كمان ، كيان نهائي (الأرمن اللبنانيين مثال منيح)… بالتالي بسوريا الجديدة لازم تكون مدارسهم بتعلم بالكردي و بالعربي ، و قنواتهم التلفزيونية كمان بالكردي و بالعربي (الكتالان باسبانيا مثال منيح).. و بالمناطق العربية المناهج الدراسية لازم ينزل فيها مواد تعليم الكردي من الصف الأول الإبتدائي .. و الإذاعات و التلفزيونات لازم تحط اغاني بالكردي و مسلسلات أحيانا .. هادا غير انو اعيادهن لازم تكون اعياد وطنية للكل (كلو هادا مو بس لرد الإعتبار عن اللي صار خلال قرون ، بل كمان لأنو هنن بالمقام الأول مواطنين سوريين)… متل الكريماس عطلة للكل .. لازم يكون النوروز .. مثلا … هيك شي …. كل هالحكي ممكن حدا عروبي يقلك لا ما بيصير يتعلمو لغتهن و لا نحنا نتعلم لغتهم …. و .. و … …. الفرق دقيق ، و رح يطلع عالم من الطرفين متشددين و يدورو عالخلافات و الإنفصالات … انا برأيي كل “أنا” بتغني التانية و لازم نشتغل انو ما تعارضها … “
هذه سوريا التي نسعى إليها ، سوريا لنا جميعا ً ، بكلّ حلقاتها، دوائرها و ألوانها ، سوريا ثقافة الآخر الذي يعلمنا و نعلمه ، الآخر الذي يفتح أمامنا آفاق جديدة للإبداع .
عاشت سوريا حرّة.
http://www.freesham.com/2011/10/blog-post_09.html