اتحاد إعلاميي حلب: أمل في نقابة “محررة” لسوريا كلها/ عقيل حسين
قبل عام ونيف تقريباً، أطلق الناشط الحلبين عبد الوهاب الملا، المعروف شعبياً باسم “أبو اصطيف الحلبي”، فكرة انشاء تجمع لإعلاميي حلب، يضم الناشطين والصحافيين العاملين في المؤسسات الثورية.
نجحت جهود الملا، مع عدد محدود من زملائه، في جمع نحو مئة ناشط، ليكون الاجتماع التأسيسي الأول لما عرف لاحقاً بـ”اتحاد إعلاميي حلب”، وهو على الأغلب، النجاح الذي دفع ثمنه “أبو صطيف” حياته، أو على الأقل، سنة ونصف السنة من حياته حتى الآن، بعد اختطافه من قبل تنظيم “داعش”، مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2013، إذ لم يتم الكشف عن مصيره حتى الآن.
لم يكن عبد الوهاب الملا الضحية الأولى بين الناشطين، لتنظيم “الدولة الأسلاميين”، ولم يكن الأخير، إذ تلى اختطافه اعتقال العديد منهم وقتلهم لاحقاً، أو اخفائهم، مع من سبق للتنظيم أن اختطفهم خلال فترة وجوده في حلب، وهو الأمر الذي زاد من إصرار العاملين في الحقل الإعلامي الثوري على تأسيس الاتحاد.
لكن المشروع تأثر كثيراً، بسبب التصعيد الكبير الذي شهدته المحافظة نهاية العام 2013، وبداية العام 2014، بسبب حرب الفصائل مع تنظيم “الدولة”، فاحتاج عقد المؤتمر العام الأول للاتحاد نحو تسعة أشهر، ليجتمع أكثر من 120 ناشط وصحافي في القسم الخاضع لسيطرة الثوار في حلب، منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتم إقرار النظام الداخلي للمؤسسة، كما انتُخبت أمانة عامة ومكتب تنفيذي يقود الاتحاد.
وشكل الإعلان عن أول اتحاد يجمع الناشطين الإعلاميين في حلب وريفها، تطوراً نوعياً على صعيد العمل الإعلامي الثوري، وإن من حيث الشكل على الأقل، إذ لطالما تحدث الجميع عن ضرورة صياغة مشروع إعلامي للثورة، يضع استراتيجية محددة، ويصوغ خطاباً واعياً، وأهدافاً مشتركة، تتحقق من خلال التنسيق بين مؤسسات الثورة الإعلامية المنتشرة داخل البلاد وخارجها. وهو الأمر الذي ما زال يُنظر إليه على أنه صعب جداً، في ظل عدم وجود مؤسسة جامعة، يلتقي فيها الإعلام المعارض للنظام على مستوى سوريا كلها.
يرفع إعلاميو حلب شعار “اتحاد من أجل الكلمة” لمؤسستهم التي لا يتجاوز عمرها اليوم ستة أشهر، لكنهم يأملون أن تكون نواة لاتحاد نقابي، يضم جميع إعلاميي سوريا المعارضين للنظام، والذين يحملون موقفاً سلبياً من اتحاد الصحافيين السوريين العامل تحت مظلة حزب “البعث”، ويأملون أن يكون اتحادهم هو البديل عنه يوماً ما.
ويرى رئيس الاتحاد، يوسف صديق، في تصريح لـ”المدن”، أن إعلاميي حلب قطعوا أبعد من مجرد شوط في حلّ هذه المشكلة، بمجرد نجاحهم في الإعلان عن “اتحاد إعلاميي حلب”، خصوصاً بعدما نجح الاتحاد في تجاوز أول مشكلة تعرض لها فور الإعلان عنه، عندما احتج نحو مئة من الناشطين على عدم دعوتهم للمؤتمر التأسيسي، وأعلنوا توجههم لتشكيل جسم منفصل.. لكن المشكلة تمت معالجتها على الفور، ما أنتج أول تجمع لإعلاميي الثورة، من داخل القسم المحرر في حلب، يمكن أن يكون نواة لاتحاد شامل على مستوى الوطن ككل.
وإلى جانب هذا الهدف، فإن اتحاد إعلاميي حلب، يضع في قائمة أولوياته أيضاً، دور “النقابة” المهنية، أي السعي إلى حماية أعضائه، والعمل على توفير ظروف عمل أفضل لهم، ووضع قواعد تضبط العمل الصحافي، بما يضمن حقوق الأطراف كافة، وفي مقدمهم الإعلاميون، الذين يتعرضون لأقسى الظروف في سوريا اليوم، كما يقول صديق لـ”المدن”.
وحول الخطوات العملية التي قام بها المكتب التنفيذي لتحقيق هذا الهدف، في دورته الانتخابية الأولى التي تنتهي في الشهر الجاري، يقول يونس شاشو، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد: “بعد انتخاب المكتب التنفيذي، تم تشكيل لجنة تواصلت مع معظم القوى العسكرية، والمؤسسات المدنية العاملة على الأرض، حيث تم التوقيع معها على بروتوكول يحدد طبيعة العلاقة بينها وبين الإعلام، الأمر الذي حقق اعترافاً بالاتحاد، مكّنه من معالجة العديد من المشكلات التي واجهت بعض أعضائه، خلال الأشهر الستة الماضية، باستثناء قضية يمكن تصنيفها على أنها كبيرة، وتتعلق بمقتل الناشط وليد القاسم على يد مجموعة عسكرية، حيث تم الكشف عن الحادثة أخيراً، ويقوم الاتحاد حالياً بمتابعتها كأولوية لا يمكن التهاون فيها”.
وإذا كانت إحدى أكبر المشاكل التي يعانيها إعلام الثورة، هي قلة الكوادر المحترفة، وانخفاض مستوى المهارات لدى الناشطين، فإن هذه المشكلة كانت في مقدمة اهتمامات اتحاد إعلاميي حلب أيضاً، كما يقول رئيس مكتب التدريب والتطوير في الاتحاد، زين الرفاعي، الذي أشار إلى أن المكتب نظم دورتين متخصصتين في مجالي التصوير والمونتاج، اعتمد فيهما الاتحاد على كوادره المدربة كمحاضرين.
وأضاف الرفاعي: “نجاح هذه التجربة، شجع الاتحاد على إطلاق دورتين جديدتين، يتم تنفيذهما الآن في مجالي المونتاج والإخراج التلفزيوني، وهي خطوات عملية مهمة، تحتاج دعماً حقيقياً من أجل الاستمرار بها، نظراً لما تحققه من نتائج مباشرة، وبتكاليف منخفضة، كما سيبدأ الاتحاد قريباً دورة لإعلاميي المجالس المحلية في حلب وريفها”.
المدن