احتجاجات مستمرة في سورية ، رغم انتشار الأمن والقتلى في ارتفاع، والنظام يتحول إلى عصابات.
خالد ممدوح العزي
لقد خرجت المظاهرات في سورية من جديد هذا الأسبوع بتاريخ 22 تموز”يوليو”2011 تحت اسم “جمعة خالد ابن الوليد” الصحابي الإسلامي وسيف الله المسلول تضامنا مع حمص وأهلها المحاصرين، من قبل قوات الأمن والجيش السوري ورفضا للصراع الطائفي المفتعل. حمص التي لفتت أنظار الجميع إليها هذا الأسبوع نتيجة الأعمال الإجرامي الذي يحاول النظام تنفيذها بحق العيش المشترك في المدينة وبث حالة رعب فيها. لذا كانت هذه الجمعة ،هي جمعة الوحدة الوطنية بين فئات الشعب السوري وتحديدا بين الأكثرية السورية السنية والأقلية العلوية. التي يراهن عليها النظام في حماية وجوده والوقوف إلى جانبه في تنفيذ مجازره البشعة.
لقد تميزت تظاهرات جمعة أحفاد خالد بأنها شكلت نقطة تحول فعلية في احتجاجات الشعب السوري ، فالمظاهرات التي اعتمدت على نهار الجمعة للخروج إلى الشوارع والسبت لتشيع جاثمين الشهداء أصبحت يومية ليلا نهار مستمرة في كل مدن سورية.لكن حماة أدهشت العالم كله من خلال استمرارها للأسبوع الرابع بالتظاهر وخروج مئات الألف إلى الشوارع دون حصول تصادم مع الأمن والتي تعتبر نفسه محررة من سلطة الدولة السورية ،والتي تبث للسورين والعالم بفشل مقولة النظام بوجود عناصر إرهابية تقتل وان وجود الأمن يؤدي إلى قتل المتظاهرين. حماة ليست “قندهار الأفغانية”، كما وصفها إعلام وكتاب النظام السوري وحلفاءه، لان تاريخ حماة الوطني والقومي اقوي واعلي من كل الذين يحاولون تشويه صورتها القومية والوطنية والإسلامية .
لكن النظام السوري فجاءه رد الشباب العلوي التنصل من الدخول في حرب طائفية كما يحاول النظام التمهيد لها منذ طويلة ، و إعطاءه الحق بممارسة الإطباق العسكري والأمني على المدن السورية وسكانها.
النظام السوري فشل في إقناع العالم منذ بداية الانتفاضة الشعبية بتسميتها ونعتها بالعديد من التسميات “الإرهابية والسلفية والخارجين عن القانون والمأجورين والجراثيم ليستقر بالنهاية على كونها عصابات مسلحة فهذه التسمية تشمل كل شيء.
فالنظام الذي يعتمد في حربه لقمع الانتفاضة على:
1- تركيبة الجيش الفوقية نتيجة سيطرة ضباط الطائفة العلوية على المراكز العلية والحساسة للجيش العربي السوري ،
2- تجار حلب ودمشق التي ارتبطت مصالحهم الشخصية بنظام العائلة الحاكمة ،
3-الطائفة العلوية التي تستفيد من نظام الأسد وحزب البعث،
4- المنتسبين إلى حزب البعث والمستفيدين من وجوه في السلطة.
5- الأعلام الماكر التي تسيطر عليه الأجهزة الأمنية، ويعبرعن سلطة النظام،
6- شبيحة الإعلام الذين يسوقون للسلطة ويتراكضون من قناة إلى قناة في طرح كميات هائلة من الكذب الإعلامي، في محاولة لتشويش عقول المشاهدين من خلال القصص والراويات التي يطرحونها على الهواء المباشر.
7- الغزل الدبلوماسية الذي يقوم به نظام الأسد ،مع العالم الغربي الذي لا يزال يراهن على تغيرات وإصلاحات يجريها النظام السوري الحالي.
لذا عمد النظام منذ البداية على جز الجيش بحرب داخلية ضد الشعب كي لا يقف الجيش موقف الدول الأخرى الذي حسم الصراع فيها لصالح الشعب المنتفض،ومنع القادة العسكريين من الخروج من ثكنة الجيش السوري كي لا يتعاطفوا مع المتظاهرين، لقد سلح النظام السوري الطائفة العلوية كي تحمي النظام من خلال المهمة الموكلة لها بقمع المتظاهرين الذين يحاولون السيطرة على النظام وتجريدهم من حقوقهم الخاصة بقيادة السلطة،إضافة إلى طبقة التجار السوريين التي لا تزال تراهن على قدرة النظام السوري في قمع الحراك الشعبي واستتباب الأمن والحفاظ على مصالحهم المالية الضيقة .
بناء لذلك أجاز النظام السوري لنفسه القتل والبطش واعتقال المتظاهرين واحتلال المدن وتصدير أزمته إلى الدول المحيطة بالحدود السورية ،ومنع التغطية الإعلامية الخارجية، وعدم بث المعلومات ونقلها إلى العالم الخارجي، وكذلك عدم السماح لدخول منظمات المجتمع الدولي إلى مكان الحدث،والعمل في سورية بحرية ،كي لا تتمكن هذه القوى المستقلة من تكوين صورة حقيقية عما يجري في سورية من خلال عملها ،وتكوين قوة ضغط حقيقية تجبر حكومات بلادها على تغير مواقفها من النظام السوري الذي لا يزال يراهن على التعاطي السلس معه ومطالبته بإجراء إصلاحات صورية وتغير سلوكه مع الاحتجاجات الشعبية وامتصاص النقمة الثورية وإخماد صوتها.
لكن الحركة الشعبية السورية تغيرت تغيرا أجابيا نحو الأفضل من خلال توسع رقعة المظاهرات في المدن وزيادة عدد المتظاهرين فيها “وانضمام فئات شعبية كانت صامتة و تنظر إلى تطور الانتفاضة الثورية، و بدأت تحسم آمرها فالأقلية العلوية التي يراهن عليها النظام بدأت تنحرف نحو التظاهر وتأيد الثورة ،وهذا ما عبرا عنه بيان الشباب العلوي في حمص وزيارة الفنانة فدوا سليمان إلى مدينة الغابون للتعزية فيها بشهداء الانتفاضة . كذلك التظاهر في السويداء مدينة جبل العرب الدرزية، ومواقف منتهى الأطرش ابنة الراحل سلطان الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى، من النظام السوري إضافة إلى اعتقال الفنانة ريما فليحان في تظاهرات المثقفين السورين، موقف الفنان فارس الحلو الذي ذهب إلى الغابون أول الفنانين وهتف باسم سورية الحرة فيها،واعتقال الفنانة مي سكاف في تظاهرات المثقفين السورين وهما من الطوائف المسيحية ،مما يدل على التأكيد الفعلي على وحدة الحراك الشعبي في سورية من خلال التأيد الكامل للثورة التي تطالب بإسقاط النظام السوري ورحيل يشار الأسد.
الصورة هذه لا يحبها النظام السوري لكونها تفشل مقولته القائمة على أن التظاهرات هي مأجورة ومن دول مجاورة تمد الإرهاب، فهو يحاول منذ البداية العمل على عسكرة الانتفاضة لكي يبرر أفعاله الإجرامية أمام العالم، بأنه يدافع عن نظامه ضد جماعة إرهابية تهدد أمنه القومي ،ويحاول اقتباس تجربة صديقه الليبي،بعد أن فشل في ترويج تجربة صديقة على عبد الله صالح بإخراج مظاهرات مؤيدة له مقابل مظاهرات المعارضة،والعمل على تصعيد ميداني شارع ضد شارع.
لقد دخل النظام السوري في تكتيك جديد لمحاربة الثورة،والذي يحاول من خلاله الانقضاض على سلمية الثورة المستمرة في سورية، منذ 5 شهور بالرغم من ارتفاع عدد القتلى والجرحى والاعتقالات الواسعة التي يشنها النظام بين المحتجين، وكل هذه الإعمال الوحشية،لم تفلح حتى اليوم بالقبض على أي إرهابي أو مقاتل متطرف،كما يروج نظام الأسد وإعلامه، بل كل المعتقلين هم شباب علمانيون، ومفكرين وصحافيين ومثقفين وفنانين وطلاب مدارس وجامعات. لكن الشعب السوري لم يحاول الرد على تصرفات رجال امن النظام الذين مارسوا أبشع الممارسات بحق المدنيين” الذين اعتدوا على الكرامة والعرض وعلى كل ما يشبه ذلك، والتي كانت أخرها إخراج معتقلين سوريين ونزعت الألبسة عنهم وجرهم كالكلاب، وهذه مناظر شنيعة نشرت صورها على كل العديد من المواقع الكترونية، وتعتبر فضيحة كبرى للنظام هي أبشع من صور سجن أبو غريب العراقي، فالسلطة تقول للشعب ردوا على انتهاكات كرمتكم ارفعوا السلاح قاموا ضدي، اثأروا لشرفكم، فالسلطة تريد عسكرة الانتفاضة وتجهد بكل الوسائل لتنفيذ هدفها الاسمى .
في جمعة أحفاد خالد والذي خرج فيها أعددا هائلة من المحتجين إلى الشوارع والإعداد سوف تزداد مع قدوم شهر رمضان المبارك، والتي سوف تضع السلطة السورية على محك حرج لأنها لم تستطيع قمع الحراك ولا تنفيذ الإصلاحات،فالجمهور الساكت أو المنتظر على الكراسي للمراقبة، بداء يحسم أمره والاتجاه نحو الثورة و تأيد الحراك الشعبي والخروج إلى الشارع لنصرة المدن المحاصرة وهذا ما حصل مع الفنانين المثقفين السورين الذين هتفوا على الهواء تعيش سورية حرة ويسقط بشار الأسد . عمد النظام السوري إلى خلق مجزرة في حمص مفتعلة تحرف الانتفاضة عن سيرها وخطها الحقيقي وصفاتها السلمية،وإدخالها في حرب طائفية،تم تفجير خط أنبوب النفط، كذلك تم تفجير القطار المدني في ضواحي حمص، وصولا إلى ضرب الكلية الحربية في حمص بالطائرات العمودية،ليقول للعالم بأكمله والشعب السوري هذه العصابات التي نحاربها،ونحاول إجهاضها، هي المسئولة عن قتل المدنين والعسكريين. طبعا كل الإعمال العسكرية المفتعلة الذي يقوم بها النظام تأتي ضمن نطاق عسكرة الانتفاضة وإدخال البلاد في حرب أهلية،لان كل هذه الخطوات المذكورة، والتي يمكن أن تتطور لاحقا إلى أكثر من ذلك ما هي إلا سيناريوهات يعمل النظام على تنفيذها لقمع ولجم الحراك الشعبي الممتد إلى كل النواحي السورية .
النظام يحاول أظاهر سورية بأنها دولة فاشلة، لا تستطيع السير أو التحول نحو الديمقراطية وممارسة إصلاحات حقيقية دون نظام الأسد،لان نظام الأسد هو الكفيل باستقرار سورية ودول الجوار ،لان أي تغير مفتعل للنظام سوف يهدد امن المنطقة كلها وتحديدا إسرائيل .
بناء على طرح الأسد لا تزال المواقف الدولية والعربية صامتة عن الجرائم التي ترتكب يوميا بحق الشعب السوري والتي يمكن أن تصف تلقائيا بجرائم ضد الإنسانية، واضعين مصالحهم الخاصة مع النظام السوري في الدرجة الأولى وغير مهتمين لما يحدث للشعب.
الموقف التركي: الذي يحاول أخراج النظام السوري من مأزقه، من خلال تشكيل حكومة معارضة بقيادة حركة الإخوان المسلمين،وأبقى الأسد في السلطة وأجرى إصلاحات في تركيبة النظام السوري وحل حزب البعث السوري من خلال إلغاء المادة الثامن من الدستور السوري،وهذا ما يوافق عليه الأسد و يمكنه التضحية بالحزب ،وبذلك يمكن إخراج الأخوان من حركة الاحتجاج وإضعاف العلمانيين وإبعاد الأكراد عن المشاركة الفعلية نتيجة خوف تركية من خروج الحالة التركية مجددا إلى العلن ،وهذا ما عملت عليه تركية أثناء مؤتمر المعارضة في اسطنبول و الضغط الشديد على رئيس المؤتمر السوري للأنقاض هيثم المالح من عدم تشكيل حكومة منفى وتهميش الدور الكردي والعلماني في تشكيلة القوى الجديدة، وتقديم مشاركة كثيفة للإخوان في كافة المؤتمرات، ويبدوا هذه الخطوة الانقضاضية للنظام هي فكرة تم تنسيقها بين الموقف التركي – الإيراني على اثر اجتماع وزير الخارجية الإيراني مع التركي في اسطنبول.
لكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه على تركيا، هل تقبل أمريكا بهذا الاتفاق، وهل تركيا تستطيع ضبط حركة الشارع السوري الثائر. الجواب طبعا لا حماة المدينة الثائرة الذي خرج أهلها إلى ساحة العاصي يرددون أغنية الشهيد إبراهيم القاشوش، مغني الثورة السورية الذي نحر على يد عصابات النظام، حماة التي تخرج للمرة الثالثة بهذه الأعداد الغفيرة إلى الساحات ،لتقل بالصوت العالي بأنها لن تقبل بوجود بشار بالسلطة، ولن تتحاور معه،لان حركة الإخوان في حماة أخذت قرارها النهائي بعدم القبول بنظام بشار الأسد . فإذا وافقت حركة الأخوان على مقترح تركيا السري سوف تكون غلطة شنيعة ترتكبها الحركة وسوف تفقد الشارع التي هي لا تمثل فيه سوى 15 %منه، وتفقد ثقة الشعب السوري الذي لا يزال يرها اكبر من الدخول في مفاوضات من اجل الكرسي والتي يمكن أن تصل إلى هذا الموقع الرفيع من خلال موافقة الشعب السوري في انتخابات ديمقراطية حقيقية وان لا تتحول إلى حزب بعث جديد.
الموقف الإيراني :بالرغم من المشاكل الذي يعاني منها المجتمع الإيراني والانقسام الكبير في داخل صفوفه ،لكن سورية بالنسبة للنظام مشكلة كبيرة وشوك يابس في خاصرة النظام الإيراني لان سقوط سورية وتغير نظامها سوف يفقد إيران حليف استراتيجي كبير،يحد من دور إيران في منطقة الشرق الأوسط التي باتت تواجه العالم الغربي كله من خلال حلفائها الموجودين في هذه المنطقة، لذلك تقاتل ايران بكل قدراتها السياسية والاستخباراتية والأمنية والعسكرية من خلال قيادة المعركة الميدانية ،ومحاولتها لقمع قوى الحراك بكل قدراتها المالية والنفطية والحربية والأمنية .
إن موقف إيران بالنسبة للثورة السورية كان مختلفا جدا عن كل الثورات التي عمت العالم العربي، لان سورية بنظامها الحالي هو الحليف العربي الوحيد للثورة الإسلامية ومدخلها على الدول العربية وحركاته المقاومة والمعادية للامبريالية العالمية والصهيونية ،هي التي تدخل معها في حلف ممانعة إضافة إلى نظام العراق وحزب الله وحماس وتحاول ضم تركيا إلى هذا الحلف .
منذ بداية الحراك الشعبي السوري وقف السيد علي الخمئني ضده معتبره مؤامرة غربية صهيونية ضد سورية المقاومة ،بل اصدر فتوى شرعية إلى قيادة الحرس الجمهوري السوري بسحق هؤلاء الكفار، الذين يحتجون على نظام الممانعة ، فكان الدعم البشري من خلال مشاركة مجموعات من الحرس الثوري وسرايا من حزب الله اللبناني في إخماد الثورة جانبا إلى جنب الفرقة الرابعة وقوات الحرس الجمهوري إضافة إلى إمداد سورية بالمال الذي خصصه الإمام لسورية الأسد ب 5,5 مليار دولار أمريكي إضافة للبترول والعتاد اللوجستي والأجهزة الالكترونية التي تشوش على وسائل الاتصال الاجتماعي والانترنت والهواتف المحمولة ،إضافة إلى الهراوات والغاز المحرم دوليا وخبراء من قيادة الحرس الثوري الذين أصبحت لديهم خبرات واسعة في التصدي للحراك الشعبي وقمع التظاهرات السلمية ،إضافة إلى إعلام الجمهورية الإسلامية الناطق بالعربي والانكليزي والفارسي ،و إعلام حلفاء إيران والنظام السوري في لبنان والدول العربية.
ليس غريبا أن تدافع إيران عن موقع جغرافي لها في الشرق الأوسط وحليفا قديم معرض اليوم للزوال ،فالجماهير السورية أصبحت ترى في إيران عدو حقيقي يهدد أمنها ووجودها ،لذا كانت الهتافات من قبل الشعب تنعت إيران وحزب الله “الشعب يريد رئيس يخاف الله لا لإيران وحزب الله “وأضحى المتظاهرون يحرقون علم إيران وحزب الله اللبناني في كل ساحة الاعتصام نتيجة السخط والتململ الشعبي من تصرفات إيران حيال الشعب السوري لان إيران تتحالف مع نظام الأسد ذات الأقلية العلوية وليس مع الشعب السوري.
وبظل الحالة السورية المتوترة ترتفع أصوات من داخل الجيش السوري معلنة انشقاقها عن وحداته وانضمامها إلى الثوار،ومحاولتها حماية مظاهراتهم السلمية والتي تجبرهم في بعض الأحيان إلى رفع السلاح ضد قوات النظام وفرق موته، بالطبع هناك قوة كبيرة من الجيش لم تعد تتحمل أن تكون شاهدة و مشاركة بإعمال النظام الإرهابية والتي يرتكبها يوميا ،لذلك تخرج هذه العناصر وتنظم إلى الثوار،لكن هذا السلاح الذي يرفع ضد قوات الجيش الأخرى سوف يكون الخطر الأول على سلمية التظاهرات أذا لم يكن هناك انشقاق كبير وسلمي في صفوف الجيش العربي السوري يستطيع أن ينقذ سورية وشعبها ،فالمطلوب من قيادة المنسيقيات السورية الانتباه الجيد لعدم انزلاق هذه الوحدات في قتال عسكري يجرها النظام إليه لكي يعسكر الانتفاضة ويعمل على سحق الثورة بسرعة،فعلى على المنشقين الخروج من وحدات الجيش والانضمام إلى الثورة دون استخدام السلاح كي تبقى الثورة سلمية … طبعا النظام لن يبقيها سلمية دون إن تسيل دماء السورين في ساحات وشوارع سورية. فالمحللون السياسيون والمراقبون والخبراء الدوليون يقولون بان النظام لن يترك الحركة الاحتجاجية تسير بسلميتها،وخاصة بعد جمعة أحفاد خالد،وهذا ما عبرت عنه الناطقة الإعلامية بثينة شعبان في حديثها في 23 تموز “يوليو ” بان سورية لن تسمح لقطعي الطرق والمخربين باستخدام ورقة التظاهر وللعبث بالأمن السوري ،وعلى المتظاهرين السلميين أن يحصلوا على أذن مسبق بالتظاهر وتحديد سير ألتظاهرها ومكانها.
الثوار لا يزالوا يرهنون على أنفسهم وانضمام كتل كبيرة من الشعب السوري التي لم تحسم خياره النهائي نتيجة خوفها الطبيعي من النظام السوري ،لكن اتساع رقعة المظاهرات في القطر السوري من خلال مشاركة حلب وسكانها وأهلها في مظاهرات الثورة السورية سوف يكون له نتائج أجابية على تطور الحراك الشعبي، لان حلب هي الجوهرة الكبيرة التي سوف تفرط عقد النظام السوري نظرا لما تمثله حلب من قوة بشارية واقتصادية وعلمية،فحلب تغلي من الداخل والنظام يراهن بشكل كبير على تحيد حلب العاصمة الاقتصادية والمدينة الثانية في سورية ،ويعمد على عدم نشر الجيش فيها بالرغم من التواجد الكبير والهائل للقوى الأمنية المنتشرة في المدينة بثياب مدنية،لكن فتيل الثورة في حلب يشتعل ببطء من خلال جامعتها وبعض إحياءها التي سوف تنظم للثورة .
لكن الشعب في حماة و المدن الأخرى خرج إلى الشوارع رافض النظام الذي يتفرد في السلطة وإلغاء الحريات العامة والتحكم بالثروة المالية ،فالتظاهر هو رد شعبي شرعي على ممارسة النظام السوري منذ أكثر من 50 عاما، ردا على القتل والاعتقال الذي يمارسه النظام اليوم في قمع الحراك . من هنا جئت جمعة أحفاد خالد ابن الوليد جمعة الوحدة الوطنية لسحب كل الألاعيب من يد النظام الهادف لجز البلد وشعبها بحرب طائفية يكون هو المستفيد من إشعال لهيبها، وتعويم نفسه مجددا كاللاعب قوي في الساحة السورية ،فكان بيان الشباب العلوي في حمص والنابذ للفتنة الطائفية والداعي إلى جمعة الوحدة الوطنية .
النظام بأزمة ومحشور في خانة إليك ،ويحاول افتعال أي شيء من اجل إخراجه من عمق الزجاجة،فعلى المعارضة”الكردية والعربية” والتنسيقيات والأقليات والقوى العسكرية والمثقفين والطلاب الانتباه الجيد لما سيقوم النظام بفعله كردة فعل على تطور ونوعية المظاهرات التي تشد الخناق على عنقه، جمعة بعد جمعة ،فالانتباه الجيد لخطوات المعارضة الشعبية والتأكد منها يجعلها أقوى وانضج في محاربة النظام .
فالمثل الفرنسي يقول عندما يدفن الأبناء إبائهم تكون حالة طبيعية ،لكن عندما يدفن الإباء أبنائهم فهذه حالة غير طبيعية وهذا ما يحصل في سورية تماما، إضافة لذلك نقول عندما تعلن نتائج امتحانات الثانويات العامة والجامعات، ويقتل طلبها الفائزين قبل أن يعرفوا نتائجها، فهذا شيء مخيف جدا .
لننتظر سويا ماذا يخبئ النظام السوري من مفاجآت سارة في تصرفات مخابراته الأمنية والسياسية وردت فعله الانتقامية
صحافي وباحث إعلامي،و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.