اخبار 2011-04-24
الآلاف يهتفون بسقوط الأسد اثناء تشييع الشهداء.. وقوات الامن تطوق مدنا وتطلق النار على المعتصمين
سورية: مقتل 4 متظاهرين واعتقالات عشوائية
عمان ـ دمشق ـ وكالات: تصاعدت الاحداث في سورية في الايام الاخيرة بشكل غير متوقع بحيث وصل عدد قتلى التظاهرات التي شهدتها المدن ايام الجمعة والسبت والاحد الى 124 فيما قامت قوات الأمن باعتقال منصور العلي وهو شخصية بارزة من الأقلية العلوية الحاكمة بعدما عارض علنا إطلاق قوات الأمن النار على المحتجين المطالبين بالتغيير الديمقراطي.
جاء ذلك بعد يوم من استقالة نائبين من درعا في البرلمان السوري السبت احتجاجا على قتل المحتجين. وقتل اربعة اشخاص واصيب آخرون بجروح الاحد عندما اطلقت قوات الامن السورية النار بدون تمييز في مدينة جبلة القريبة من اللاذقية شمال غرب سورية، كما اكد شاهد عيان وناشط حقوقي.
وافاد شاهد عيان وناشط حقوقي لوكالة فرانس برس ‘ان اربعة قتلى سقطوا الاحد اثر اطلاق رجال الامن النار عليهم’.
واكد شاهد في اتصال هاتفي بوكالة فرانس برس ان ‘مجموعة من القناصة ورجال الامن اطلقوا النار في شوارع جبلة بعد زيارة قام بها محافظ اللاذقية الجديد عبد القادر محمد الشيخ الى المدينة للاستماع الى مطالب السكان مما اسفر عن مقتل شخص على الاقل وجرح العشرات’. واضاف الشاهد ‘ان الوضع سيىء جدا الآن’.
واوضح الشاهد ‘ان جبلة كانت هادئة ومستقرة صباح الاحد والحياة تجري بصورة طبيعية حيث زارها المحافظ وقابل وجهاءها في جامع الايمان واستمع الى مطالب السكان واخذها على محمل الجد’. وتابع ‘بعد خروج المحافظ تم تطويق جبلة من جميع الاطراف وانتشر عناصر من الامن وبدأوا باطلاق النار’.
وقال ناشطون حقوقيون الاحد ان الشرطة السرية السورية داهمت منازل قرب العاصمة دمشق خلال الليل، واقتحم رجال امن في ملابس مدنية شاهرين بنادق منازل في ضاحية حرستا بعد منتصف الليل السبت الاحد مباشرة واعتقلوا نشطاء في المنطقة المعروفة باسم الغوطة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان للوكالة ان ‘اكثر من 3 الاف متظاهر تجمعوا بالقرب من بانياس على الطريق العام المؤدي من مدينة اللاذقية الساحلية (غرب) الى دمشق، معلنين اعتصامهم تضامنا مع اهل جبلة’. ثم اضاف المرصد لاحقا ‘ان المتظاهرين دخلوا الى بانياس خوفا من الاعتقال لينتقلوا من حالة الاعتصام الى تظاهرة’.
وقال شاهد عيان ان آلاف السوريين هتفوا الأحد منادين بسقوط الرئيس السوري بشار الاسد في جنازة محتجين قتلتهم قوات الامن في بلدة نوى بجنوب البلاد.
وهتف المشيعون بصوت كان مسموعا خلال مكالمة هاتفية مع رويترز قائلين ‘تحيا سورية ويسقط بشار’ و’ارحل.. ارحل.. الشعب يريد اسقاط النظام’.
وقتل 12 شخصا على الاقل يوم السبت خلال جنازات حاشدة لمتظاهرين قتلتهم قوات الامن وقال ناشطون حقوقيون ان الشرطة السرية السورية داهمت منازل قرب العاصمة دمشق بعد قليل من منتصف الليل والقت القبض على عدد من الناشطين في المنطقة.
ودان مثقفون واعلاميون سوريون الاحد في بيان ‘الممارسات القمعية للنظام السوري’ ضد المتظاهرين مطالبين بحوار يضم جميع أطياف الشعب السوري ويحقق مطالب التغيير السلمي.
وقالت لجنة الحقوقيين الدولية الأحد إن على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التحقيق فيما قامت به قوات الأمن السورية من ‘قتل جماعي’ ربما يستلزم محاكمة من المحكمة الجنائية الدولية.
وقال مصدر عسكري سوري الأحد ان حصيلة الهجوم الذي نفذته من وصفها بـ’مجموعة إجرامية’ على مفرزة أمنية في بلدة نوى في محافظة ريف درعا السورية، ارتفعت إلى 7 قتلى، إضافة إلى مقتل عنصري أمن آخرين في بلدة المعضمية ومدينة حمص.
شيرين عبادي: سوريا قد تطلق شرارة الديموقراطية في ايران
شون تاندون
(AFP)
واشنطن (ا ف ب) – قالت حائزة نوبل السلام الايرانية شيرين عبادي السبت انها تعلق امالها على التظاهرات الضخمة في سوريا مؤكدة ان سقوط حليفة طهران العربية الاولى سيوجه رسالة قوية الى النظام الاسلامي في بلادها.
وقالت عبادي لوكالة فرانس برس في اثناء زيارة الى واشنطن ان “الديموقراطية في الدول الاسلامية والعربية وعلى الاخص سوريا ستؤثر بالطبع على الديموقراطية في ايران”. وتابعت “اذا اصبحت سوريا ديموقراطية فستخسر ايران دميتها”.
وافاد ناشطون وشهود ان 120 شخصا على الاقل قتلوا خلال ثلاثة ايام في سوريا عندما اطلقت قوات الامن السورية النار على المتظاهرين ومواكب التشييع.
وانتقدت عبادي قادة ايران لتركيزهم على دعم سوريا وقضايا اخرى خارجية. واصبحت المحامية والناشطة الحقوقية في 2003 اول مسلمة تنال جائزة نوبل للسلام.
وقالت “على المسلمين مساعدة بعضهم البعض اينما كانوا، ولكن علينا الا ننسى ان حوالى 20% من سكان ايران يعيشون تحت خط الفقر”. وتابعت “اليس الاجدر بهم اطعام جياع ايران اولا؟”
واضافت “بالرغم من ان السنغال بلد اسلامي، فان ايران ترسل الاسلحة الى السنغال لمساعدة المعارضة واذكار الحرب الاهلية، حيث يقتل المسلمون مسلمين”. واضافت “ما اهمية السنغال بالنسبة لايران؟”
وهذا العام اشتعل تمرد راكد منذ فترة طويلة في ولاية كازامانس جنوب غرب السنغال نسبته حكومة داكار الى ارسال اسلحة ايرانية الى المتمردين. ورفضت ايران هذا الاتهام.
وتابعت عبادي “الى جانب ذلك، لماذا تلزم ايران الصمت عندما تقتل الصين المسلمين؟” في اشارة الى منطقة شينجيانغ الصينية. “ولم تلزم ايران الصمت عندما يقتل مسلمو الشيشان؟”
ولم تعد عبادي الى ايران منذ انتخابات 2009 الرئاسية التي ادت نتائجها المثيرة للجدل الى انطلاق احتجاجات ضخمة ضد اعادة انتخاب محمود احمدي نجاد تخللتها مواجهات ادت الى مقتل عشرات المتظاهرين.
واعربت المحامية الحقوقية عن ثقتها في العودة الى بلادها يوما ما وان الايرانيين سينتفضون مجددا من اجل التغيير وقالت “ايران كالجمر تحت الرماد”.
وتوقعت ان تكون التظاهرات المقبلة سلمية مؤكدة ان ايران تعبت من العنف بعد الثورة الاسلامية عام 1979 والحرب الدامية التي استمرت ثمانية اعوام مع العراق والخلافات السياسية المتواصلة.
وقالت “هذا كثير بالنسبة الى جيل واحد. لهذا فان سلوك الشعب الايراني مسالم جدا ولن يلجأ الى العنف. مع الاسف فان الحكومة لطالما استغلت هذا الطابع المسالم”.
وتتطرق عبادي الى الوضع الايراني في كتاب جديد بعنوان “القفص الذهبي” نشرته دار كيل برس المنبثقة عن دبليو دبليو نورتن.
وعلما انها معروفة بكتاباتها وتصريحاتها القانونية والسياسية انتقلت عبادي الى النمط الروائي في كتابها حيث تلت تاريخ ايران الحديث عبر قصة ثلاثة اشقاء ذهب كل منهم في طريق مختلفة.
واصبح احدهم ضابطا مواليا للشاه المناصر للغرب فيما بدت بوادر ثورية على آخر فينضم الى الحركة الشيوعية السرية واطلق الاخير لحيته وتحول اسلاميا متشددا.
وانتقد مسؤولون في النظام الايراني مؤخرا عبادي لدفاعها عن سبعة من الشخصيات المهمة لدى طائفة البهائيين بعد الحكم على كل منهم بالسجن 20 عاما بتهم من بينها التجسس لمصلحة الاجانب.
وتعهدت عبادي بالا تتراجع. وقالت “قرأت جميع الملفات ولا اثباتات على التهم. لماذا علي اذن التخلي عن الدفاع عنهم؟”
وقيدت ايران العقيدة البهائية بقسوة سواء قبل الثورة الاسلامية او بعدها، حيث يعتبر رجال الدين الشيعة العقائد التي ظهرت في ايران في القرن التاسع عشر كفرا.
ماذا قال حافظ الأسد لبشار؟
صحف عبرية
في كوابيس بشار، بين الذهول والهذيان، ظهر له خطفا حافظ، الاب. ‘يا بني، ماذا عنك؟! قبل ثلاثين سنة قتلت 30 الفا ومر وقت الى أن انكشف الامر. انت تقتل مائة في اليوم فقط وبعد لحظة كل العالم يعرف ويهجم عليك’.
‘انها الانترنت هي المذنبة، يا أبي’، دافع بشار عن نفسه، واضاف: ‘انا لا انجح في منعها. الصور تنشر في الشبكة في لحظة’. فحزن حافظ قائلا: ‘واضح انك وقعت في الشبكة يا بني. أعتقد أنك ضائع’، قال واختفى.
* * *
‘يوم الجمعة العظيمة’ التعبير الذي اختاره متظاهرو سورية المسلمون لإحياء يوم الاحتجاج ضد النظام أول أمس، كتعبير عن التضامن مع المسيحيين، الذين احيوا يوم صلب يسوع المسيح، قرب جدا ايضا بشار الاسد من نهايته المحتومة. عالق في الشبكة، فاقد للسيطرة. شبه ضائع. في هذا اليوم الذي كان فيه عدد القتلى اكثر من مائة الاعلى منذ بدء الاضطرابات، تجاوز الطرفان الخطوط: المتظاهرون استبدلوا مطلبهم الاولي بالاصلاحات والحريات بمطلب لا لبس فيه برأس بشار. ‘الشعب يريد اسقاط النظام’.
بشار هو الآخر خرق بقدم فظة وعده لوجهاء المدن ممن حجوا اليه الا يمس بالمتظاهرين. وهو الوعد الذي لم يقصد ابدا الايفاء به. مفتي درعا وعضوان من البرلمان استقالوا امس بالبث الحي والمباشر احتجاجا على القتل الجماعي على ايدي قناصة النظام وقوات الامن. أحدهم كاد يبكي: ‘الاسد وعدني الا يطلق النار حتى ولا رصاصة واحدة’.
الاسد اخطأ، بالطبع، حين قال لـ ‘وول ستريت جورنال’ ان ‘سورية ليست تونس ولا حتى مصر’. وقصد بذلك ان الاضطرابات لن تصل اليه. ولكن في نظرة اخرى، رغم أنه لم يقصد ذلك، كان محقا: لا في تونس ولا في مصر، ولا حتى في اليمن، اعطيت لقوات الامن يد حرة بهذا القدر، مثلما اعطيت في سورية لقمع الانتفاضة بكل ثمن وبالنار الحية. ما لا يتحقق بالقوة يتحقق بمزيد من القوة. هذا هو الدي.ان.ايه لعائلة الاسد وهذه هي الحاجة لمحاولة الحفاظ على بقايا النظام وكذا بقايا الطائفة العلوية الحاكمة.
ولكن هذه ايضا دائرة دموية، ليس فيها، على مدى الزمن، أمل للنظام. أكثر من مائة قتيل في يوم واحد هم اكثر من مائة جنازة يغلي فيها الدم ويتكرر فيها القسم بعدم الهدوء الى ان يسقط النظام.
الاسد اخطأ حين ظن ان هذا لن يحصل له. اخطأ لعدم تقديره استعداد ابناء شعبه للمخاطرة ولكسر حاجز الخوف. اخطأ حين ضحك كالطفل في خطابه أمام البرلمان، انتعش بهتافات التأييد المنظمة من اعضاء المجلس. اخطأ لعدم مسارعته بإلغاء قوانين الطوارىء. وعندما فعل ذلك، دون رغبة زائدة، كان هذا قليلا جدا ومتأخرا جدا.
الطائفة العلوية تضطرم. محور الشر يعاني المخاض. ايران متخوفة. حزب الله مع بطن متقلصة. انقرة قلقة. أحد ليس واثقا من أن الاسد يفهم ماذا يفعل بالضبط والى اين من شأنه أن يصل في غضون وقت قصير.
ادارة اوباما هي الاخرى تبدو ضائعة. في نهاية الاسبوع لاح احتدام واضح في نبرة واسلوب انتقاد واشنطن للرئيس السوري، ولكن بين الكلمات برز التخوف الكبير من أن يؤدي انهيار الاسد الى حمام دماء بين العلويين والسنة والاخطر بقدر لا يقل عن ذلك تدخل ايران وحزب الله لانقاذ النظام العلوي.
اسرائيل هي الاخرى في معضلة شديدة. بشار عقد حلفا مع الشيطان، وارتبط بايران. زود حزب الله بكميات هائلة من السلاح. ساعد حماس. بل وحاول انتاج سلاح نووي. ولكن بالمقابل، على مدى السنين، حرص على ان تكون هضبة الجولان هادئة. ولا حتى رصاصة واحدة.
لاسرائيل مسموح ان تأمل في أن نظاما سنيا معتدلا هو الذي يحل محل النظام العلوي، يبرد علاقاته مع ايران وحزب الله الشيعيين، وينسجم في خطه مع الدول العربية المعتدلة. غير أنه في هذه اللحظة لا يوجد أي تأكيد أو ضمان في أن يحصل هذا.
معاريف 24/4/2011
خبير إسرائيلي يستبعد صعود الإخوان للحكم في سوريا ودبلوماسي كبير يتوقع بقاء النظام واستبدال الأسد
تل أبيب- يو بي اي: استبعد خبير إسرائيلي في الشؤون السورية صعود الإخوان المسلمين إلى الحكم في سوريا لكنه رجح سقوط النظام السوري، بينما توقع دبلوماسي إسرائيلي سابق رفيع المستوى أن تستبدل المؤسسة الأمنية السورية الرئيس بشار الأسد بأحد أفراد عائلته أو من الطائفة العلوية، واتفقا على أن إسرائيل باتت الآن معزولة بصورة غير مسبوقة الأمر الذي لا يمكنها من التأثير على الأحداث أبدا.
وقال الخبير في الشؤون السورية واللبنانية أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب البروفيسور أيال زيسر ليونايتد برس انترناشونال الأحد إنه خلافا للتوقعات التي تبثها الحكومة الإسرائيلية بأن الإخوان المسلمين سيستولون على الحكم فإن الإخوان المسلمين قد يشاركون في الحكم لكنهم لن يكونوا النظام الذي سيحكم سوريا في المستقبل.
وأردف أن “إسرائيل تخاف دائما من كل شيء، وبالتأكيد هناك من يشيرون إلى حقيقة أن الإخوان المسلمين هم حركة قوية جدا ومنظمة في سوريا، لكني لا أعتقد أنهم سيصعدون إلى سدة الحكم، وإنما ربما سيكونون جزءا من الصورة في الحكم”.
ومن جانبه توقع المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية السفير الإسرائيلي السابق في تركيا الدكتور ألون ليئيل أن المؤسسة الأمنية السورية هي الجهة الأقوى في البلاد وستتمكن من استبدال الأسد في حال رأت أن ثمة ضرورة لذلك ووصف حدوث تغيير كهذا بأنه “تقني”.
وقال ليئيل ليونايتد برس انترناشونال “يوجد في سوريا تيارات معارضة لنظام الأسد بينها منظمات حقوق الإنسان والإخوان المسلمين والأكراد وهناك مشاكل مع العشائر في جنوب البلاد، لكني لا أرى أحدا من هذه المعارضة سيستولي على الحكم ولا أعتقد أن بمقدور المحتجين أن يحلوا مكان الأسد ولا أعتقد أيضا أن أحدا من الذين هربوا من سوريا، مثل عبد الحليم خدام، سيكون في الحكم بالمستقبل”.
وأضاف “ما قد يحدث، بسبب إطلاق النار على محتجين وقتل العشرات منهم هو أن يتم استبدال الأسد، ولا توجد مشكلة لدى المؤسسة الأمنية السورية بالقيام بذلك في أية لحظة، وإذا توصلوا إلى الاستنتاج بأن الأسد يلحق بهم أضرارا فإن بإمكان هذه المؤسسة أن تنصب أحد من عائلة الأسد، مثل زوج شقيقته آصف شوكت المتخاصم مع الأسد”.
وتابع ليئيل”لا أعتقد أنه سيكون بالإمكان استبدال بشار الأسد بشقيقه ماهر لأنهما نسقا سوية، برأيي، الرد على المحتجين وإطلاق النار عليهم، وأنا مؤمن بأن المؤسسة الأمنية ستعين شخصا مثل شوكت الذي كان معاديا للأسد أو شخصا من الجيش. رئيس أركان مثلا، والحفاظ على قوة المؤسسة الأمنية العلوية – السنية”.
واستدرك الدبلوماسي الإسرائيلي قائلا إنه ما زال من الصعب حاليا التنبوء بتطور الأحداث في سوريا ولربما سيتمكن الأسد من إجراء إصلاحات والبقاء في الحكم.
لكن ليئيل أشار إلى الوضع في سوريا يختلف عن الوضع في غيرها من الدول العربية التي تجري فيها ثورات واحتجاجات وخصوصا مصر “التي يحكم فيها الجيش الآن بصورة مؤقتة وحتى الانتخابات العامة بينما في سوريا ستبقى المؤسسة الأمنية هي الحاكم الفعلي في المستقبل”.
وانطلاقا من رؤيته هذه اعتبر ليئيل أن هذا الوضع سيعزز الحلف بين سوريا وبين إيران وحزب الله “وخصوصا في حال تولي شوكت منصب الرئيس، وعلينا أن نتذكر أن من ناحية الوعي على الأقل كان اسم شوكت أكثر اسم مرتبط باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري”.
ومن جانبه يرى زيسر الأمور بشكل مختلف ويتوقع أن يصعد نظام سني إلى الحكم ويبتعد عن إيران وحزب الله “وفي حال تحقق هذا السيناريو ستتلقى إيران ضربة شديدة للغاية وهذا جيد لإسرائيل”.
وأضاف أن “أي نظام سوري آخر لن يكون صديقا لإيران وحزب الله وإذا تولى الحكم نظام سني فإن هذا يعني أن وجه المنطقة سيتغير وأي نظام سوري جديد سيكون مضطرا إلى تحسين علاقاته مع الولايات المتحدة والغرب ورغم أنه لن يكون صديقا للغرب لكن من وجهة نظر أخرى، مثلما هو الحال في مصر، سيشكل هذا تطورا جيدا بالنسبة للمنطقة”.
ورأى زيسر أن ثمة احتمال لاندلاع حرب أهلية في سوريا “بكل تأكيد” بل اعتبر أن ما يجري في سوريا حاليا هو “حرب أهلية صغيرة، فهناك مئات القتلى الذي سقطوا في الأسابيع الأخيرة وهناك أيضا إطلاق نار من جانب المتظاهرين على الجيش”.
وأضاف إن اندلاع حرب أهلية في سوريا “سينعكس على لبنان وسيعزز قوة السنة فيها وحزب الله سيضعف”.
وفي ما يتعلق بإسرائيل قال زيسر إن السيناريو الذي يتصوره في سوريا “جيد للمعسكر المعتدل في المنطقة، لكن إسرائيل لا تفعل شيئا وإذا أرادت الاندماج في المنطقة فإنه لأمر جيد أن تحدث تغيرات”.
ومن جانبه كان ليئيل أكثر تشاؤما وقال إن “إسرائيل معزولة بشكل كبير للغاية في الشرق الأوسط وأنا أعتقد أنها لم تكن في عزلة كهذه منذ قيامها، فالحكم الجديد في مصر لن يكون وديا تجاه إسرائيل مثلما كان نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك وأنا لا أعرف ماذا سيحدث في الأردن، وبالنسبة لسوريا فهي دولة عدو ولا أعتقد أن من سيحل مكان الأسد سيرغب بأن يكون صديقا لإسرائيل ولذلك فإن عزلة إسرائيل في الشرق الأوسط تكاد تكون مطلقة”.
وأشار ليئيل إلى تركيا واستضافتها للإخوان المسلمين السوريين في أراضيها وقال إن العلاقات التركية – السورية وثيقة جديا لكن العلاقات الجيدة بين الأسد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد تتراجع إذا لم يتم تنفيذ إصلاحات ومنح حريات في سوريا “فأردوغان لا يستطيع السماح لنفسه بأن يبقى الأسد بدون إصلاحات جارفة ولا يمكنه أن يبقى صديقا لديكتاتور ينفذ أعمال قتل أيضا وسيكون ملزما بالقيام بانعطاف معين في علاقاته مع الأسد”.
وفي ما يتعلق بالإخوان المسلمين في سوريا قال ليئيل إن “الحكومة التركية الحالية تميل أكثر إلى الحركات الإسلامية، فمثلا هي تدعم حماس أكثر من فتح في الساحة الفلسطينية”.
وأضاف إنه “لا شكل في أن الأتراك يريدون رؤية إصلاحات في سوريا من دون تغيير النظام” لكن في حال صدرت عن المسؤولين الأتراك تصريحات ضد نظام الأسد “لأنهم لا يرون في سوريا لا إسلام ولا ديمقراطية” فإن هذا يعني حدوث شيء دراماتيكي للغاية في السياسة التركية وهو ما سينعكس على الوضع في الشرق الأوسط أيضا.
ومن جهتها نقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن التقديرات في إسرائيل تفيد بأن نظام الأسد سيصمد في الأمد القصير “لأنه يعتمد على جيش قوي وأجهزة أمن قمعية وناجعة، لكن في القدس يعون أن شيئا ما قد حدث في سوريا وهو انهيار حاجز الخوف من النظام واتساع المعارضة للأسد الأمر الذي سيضع نظامه في الأمد البعيد في حالة خطر دائم”.
وأضاف المسؤولون الإسرائيليون إن “التقديرات هي أن نظام الأسد سيسقط في الأمد البعيد لكن سيناريو كهذا لا يبشر بالخير بالنسبة لإسرائيل… لأن هذا سيؤدي إلى استيلاء الإخوان المسلمين على الحكم وهؤلاء ليسوا مستعدين للاعتراف بإسرائيل أبدا وسيسعون الى طردها من خريطة المنطقة سوية مع جميع الأنظمة العلمانية”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى تخوفه من أنه “في حال سقوط نظام الأسد فإن المنظمات الإرهابية في دمشق ستكون مسرورة بتنصيب جهات متطرفة للغاية مكانه، وهذا سيناريو سيء بالتأكيد فرغم كل شيء فان الأسد تحدث عن السلام مع إسرائيل حتى لو أنه لم ينو التوصل إلى اتفاق”.
وتأمل التقديرات الإسرائيلية أنه طالما الأسد منشغل في الحفاظ على نظامه فإنه “سيكون متفرغا بشكل أقل لمواصلة نقل الأسلحة إلى حزب الله”.
وقال دبلوماسيون إسرائيليون للصحيفة إن الاحتجاجات في سوريا “تشكل صفعة مدوية على وجنتي جهات عديدة راهنت على الأسد ووقفت إلى جانبه وبينها الأوروبيين وحزب الله وإيران وتركيا، فجميعهم خسروا والوضع مؤلم لجميعهم الآن”.
القدس العربي
آراء سورية: كيفية اثرت الاحتجاجات على حياة السوريين؟
بي بي سي/ يواجه الرئيس السوري بشار الاسد اكبر موجة من الاحتجاجات منذ توليه الحكم في عام
2000. بدأت المظاهرات في مدينة درعا، وامتدت لمدن اخرى من بينها دمشق وحمص وحلب، للمطالبة بالحرية ومحاربة الفساد، واسفرت عن سقوط اكثر من 350 قتيلا منذ ان بدأت حسب ما افادت منظمات حقوقية.
من جانبه اتخذ النظام عدة خطوات في محاولة لاحتواء غضب الجماهير، من بينها الغاء قانون الطوارئ وتغيير محافظي حمص ودرعا، والاعلان عن زيادة الرواتب، وفي نفس الوقت استمرت المواجهات العنيفة بين الامن والمتظاهرين.
بي بي سي العربية تحدثت الى مجموعة من السوريين، من مختلف الاتجاهات، وسألتهم عن اثر هذه الاحداث على حياتهم.
أيمن الأسود، من درعا
ما يميز الأجواء في درعا التضامن الشديد بين الأهالي في درعا. قبل الأحتجاجات كان من الممكن أن يتنازع الأخ مع أخيه على أشياء صغيرة، ولكن بعد الاحتجاجات أصبح أهالي درعا يدا واحدة. الوضع أفضل من قبل حتى بالنسبة للفقراء أو المحتاجين، اذ نجد ان حجم المعونات التي تصلهم من الأهالي كبير ويغنيهم لعدة أشهر.
الأحتجاجات مستمرة في كل درعا. حتى الأطفال في المرحلة الأبتدائية ينظمون مظاهرات بعد خروجهم من المدارس. عدا عن ذلك فالحالة المعيشية جيدة و الأسواق تعمل اذا لم يكن هناك أضراب.
لم تعد ساحة المسجد العمري ساحة للأعتصام فقط، بل اصبحت ساحة احتفالية، حيث يوجد فيها مكبرات للصوت، ومنصة للخطابة الحرة المتاحة لأي أنسان.
في الايام الماضية كان رجال الأمن داخل مقارهم لا يغادروها، ولا يستطيعون النزول الى الشوارع والأعتداء على أحد لأنه تكفي كلمة واحدة ليتجمع المئات لنجدة المستغيث بهم في دقائق. وأذا نودي لأعتصام أو تظاهر تجد الأستجابة من أهالي القرى المجاورة في أقل من ساعة.
السلطة تحاول ان تتجاهل ماهو امر واقع. في حوران والكثير من المدن السورية انتزعنا حق التظاهربانفسنا عندما كان التظاهر ممنوعا اصلا. كيف يريدون ان يلزمونا بشروط للتظاهر واذن من الداخلية ونحن نعلم اننا لن نحصل عليه؟
رفع حالة الطوارئ تم من طرف واحد، وهو الشعب. نحن رفعنا حالة الطوارئ لأن الأمن لايستطيع ان يعتقل أي شخص نهارا في الأسواق في درعا. وحالات الأعتقال تتم عن طريق الأختطاف في أطراف المدينة فقط. النظام قمع الشعب لمدة 40 سنة وهذا كاف. حاجز الخوف انكسر والشعب يريد حريته.
ياسر زكريا، سائق تكسي في دمشق
الحياة طبيعية ظاهريا في دمشق، ولكن تستطيع الأحساس بأجواء التوتر والخوف. الأسواق تعمل، والبضائع والمستلزمات الغذائية متوافرة، ولكن يوجد جمود بحركة العمل، والشوارع شبه خالية، وهذا له تأثير على عملي كسائق سيارة اجرة بشكل كبير.
كنت مؤيدا لكل التظاهرات قبل رفع حالة الطوارئ. صحيح ان رفع حالة الطوارئ ليس كل مطالب الشعب، ولكنها خطوة مهمة جدا، وبعدها ينبغي ان تهدأ الامور في الشارع مؤقتا حتى تتضح الرؤية. وخروج المظاهرات مباشرة بعد أن وافق مجلس الوزراء على الغاء القانون كما في بانياس امر مرفوض تماما.
الخطوة الكبيرة التالية هي تعديل أو الغاء الفقرة الثامنة من الدستور التي تنص على قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع.
أضافة الى ذلك، فانه أنه يجب ان توجد آلية جديدة لانتخابات مجلس الشعب. حيث توجد قوائم تدعى بقوائم الجبهة التقدمية، وهي لمرشحي الحزب وتنجح تلقائيا، وبالتالي فان غالبية المجلس من حزب البعث.
هناك بعض الأشخاص في الداخل والخارج لا يهتمون بالمكاسب، ولكن يريدون أسقاط النظام بغض النظر عن أي تنازلات. وهذا خطأ في رأيي لأننا نريد الأصلاحات ولكن لا نريد خراب البلد.
كنت ومازلت ضد المطالبة بأسقاط النظام، والرئيس بشار الأسد هو خط احمر لأن وجود الرئيس يمثل ضمانا واستقرارا للبلد. الأحتجاجات لن تؤدي الى تغيير في بنية النظام ولكن استمرارها، وتعامل النظام معها بقسوة، سيؤدي الى فوضى ومجازر.
نورا دندشي، سورية تعيش في السويد
من ناحيتي كمغتربة أتابع بدقة ما يحدث في بلدي، واشعر بقلق وحزن لما يحدث، وهذا أثر كثيرا على حالتي النفسية. أنا أمرأة كبيرة في السن ولم أعد أحتمل مشاهد القتل. انا شبه منهارة، حتى ان أولادي يخفون عني بعض الصور التي تبثها وسائل الاعلام لأنني لأ استطيع التخيل ان هناك هذا الكم من الوحشية عند النظام.
لا أخاف على أقاربي وحدهم لان كثيرا من السوريين متواجدون في الشارع، لكن أخاف على كل الشباب السوري. أتصلت بأقاربي في حمص و أحسست بنبرة الخوف والذعر في اصواتهم، حيث يتعرضون للإذلال والاهانة. لا اعلم ما يمكن ان يقدم عليه النظام، ولكني على يقين من شيء واحد، وهو انه سقط العديد من القتلى في حمص.
عايشت أحداث حماة، وكنت صغيرة وقتها، وسمعت عما حدث هناك. لكن الان أصبحت أرى بعيني ولا اكاد أصدق ما يحدث. كان النظام يحتج بأن المتظاهرين عصابات مسلحة للأخوان المسلمين، ولكن ما يحدث الأن يدحض هذه الرواية. أي لم يكونوا مسلحين، بل كانوا منتفضين ضد الأوضاع التي كانت سائدة في سوريا.
رفع حالة الطوارئ لا يعني شيئا في سوريا بوجود الأجهزة الأمنية والنظام القمعي. يمكن أن يتم اقرار أي قانون جائر لاحقا في أي وقت. فالثقة معدومة في النظام، خصوصا ان القتل يتكرر. الأصلاحات لا يجب أن تكون صدقة من النظام على الشعب.
أذا كان بشار الأسد لديه أستعداد لأن ينضم الى الشعب، فان القاعدة الشعبية يمكن ان تنضم أليه . ولكن أذا بقيت التغييرات صورية فسوف يقتلع الشباب السوري النظام.
أريد الحرية والعيش بكرامة للشعب السوري. أريد من النظام أحترامنا لكي نحترم من الغرب. لا أستطيع مواجهة الغرب والمطالبة بحقوقي كعربية أذا كانت حقوقي منتهكة في بلدي.
رنا، طالبة أعلام بجامعة دمشق
نزلت على الجامع الأموي يوم 03/25 حيث كان توجد مظاهرات تطالب بالحرية. لم أكن أهتف مع المتظاهرين، بل قمت بتصوير ما يحدث، لكن عناصر الامن الذين كانوا بملابس مدنية ضربوني وأخذوا مني الهاتف الخلوي.
بعد هذه الحادثة بأسبوعين حضر رجال الأمن الجنائي الى منزلي، وحققوا معي لمدة سبع ساعات وفتشوا منزلي بالكامل، وأخذوا الكومبيوتر المحمول وكل الكتب والاقراص، بالاضافة الى جواز سفري وبطاقة الجامعة،
وبقي رجلا أمن خارج منزلي لمنعي من الخروج. وفي اليوم التالي أخذوني الى فرع الأمن السياسي في المزة، وكان هناك تحقيق آخر معي. أخذوا كلمات المرور لكل صفحات التواصل الأجتماعي الخاصة بي، وسألوني عن كل أصدقائي المتواصلين معي عبر هذه المواقع.
أخذت الى غرفة أخرى حيث كان بها عصي كهرباء ورجلان ضخمان ينظران الي طول الوقت. كان يوجد برنامج مونتاج على جهاز الكومبيوتر الخاص بحكم اني أدرس أعلام، فأتهموني أنني أزور فيديوهات ولا أظهر الحقيقة وهذا عار عن الصحة.
الوضع في دمشق متوتر. عدد الطلاب الذين يأتون الى الجامعة قليل جدا وعناصر الأمن متواجدون بكثرة في الشوارع، لذلك قررت السفر عند أقربائي في دولة عربية قريبة.
رفع حالة الطوارئ أمر جيد، ولكن الطلاب الذين أعتصموا في كلية الطب بقوا معتقلين، ورجال الامن الذين يعتقلون الأشخاص يلبسون ثيابا مدنية ولا يتقيدون بأي قانون فهم يخطفون من يريدون.
رائد، طبيب من اللاذقية
بدأت الاحتجاجات بالمطالبة ببعض المطالب الشعبية، وهذا شيء طبيعي وقانوني. ولكن المظاهرات في سورية اخذت مجرى مختلف غير سلمي. قد يكون الشعب السوري تأثر بالثورات في مصر وتونس، ولكن الوضع مختلف في سورية. هناك بعض الاطراف تحمل اجندة معينة، قد تكون خارجية، تستهدف الاستقرار في البلاد. من متابعتي لقنوات الاخبار المحلية من الواضح ان بعض الجماعات السلفية لها دور فيما يحدث. فهناك جماعات تدعو للقتل واستهداف الابرياء.
الاحتجاجات ضعيفة ولكنها ادت الى وجود قلق عام في المدن السورية. تنطلق الاحتجاجات من احياء معينة، وفي غالب الاحيان تبدأ من المساجد وهذا ربما يدل على تورط جماعات معينة كبعض الجماعات الاسلامية في هذه الاحتجاجات. ليس هناك احد من اهلي او اصدقائي نزلوا للتظاهر.
لم يخرج عدد كبير في مدينة اللاذقية للتظاهر. لاحظت ان المتاجر تغلق في وقت مبكر. الناس تذهب الى بيوتها ولم تعد تتجول في الشوارع بحرية كما في السابق. هناك توتروقلق على المستوى العام، فالناس متذمرة. نحن مواطنون سوريون نطالب القيادة بحل المشكلة بسرعة لاننا نريد ان ننهي الموضوع.
انا كطبيب اثرت هذه المظاهرات على عملي بشكل كبير. لم يعد يأتي الناس الى عيادتي كما في السابق. معظم عيادات الاطباء اصبحت تفتح في الصباح وتغلق في المساء بسبب خوف الناس من النزول الى الشارع في اوقات متاخرة.
يبدو ان المظاهرات الشعبية ليست للمطالبة بالتغيير فقط ولكن لخطة اكبر تهدف الى ضرب النظام السوري. انا لا اعارض الاصلاحات ولكني اعارض المظاهرات والاحتجاجات غير السلمية.
صحيفة التايمز البريطانية: خياران أمام الأسد.. الإصلاح أو التنحي
رأت صحيفة التايمز البريطانية في افتتاحيتها أن ما وصفته بالعنف القاتل ضد الاحتجاجات السلمية في سوريا مبالغ فيه، وقالت إن أمام الرئيس بشار الأسد خياران: الاعتراف بتأخيره للإصلاحات والعمل على تعجيلها، أو التنحي سلميا كما جرى في مصر وتونس.
وحذرت من أن الاستمرار في قمع الاحتجاجات قد يفضي إلى مزيد من سفك الدماء واندلاع الفوضى وتفتيت سوريا إلى عرقيات، كما حدث في لبنان في سبعينيات القرن الماضي.
ووجهت التايمز انتقادات إلى السياسات الغربية تجاه النظام السوري الذي “يحظى باحترام قادة الغرب”، واعتباره لاعبا جديرا بالثقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن سوريا أبدت تعاونا مع الجهود الدولية لإخراج القوات العراقية من الكويت مطلع تسعينيات القرن الماضي، ودعمت القرار الأممي ضد الرئيس الراحل صدام حسين في حرب 2003، والتزمت بالاتفاقيات الدبلوماسية المتعلقة بإسرائيل، ووافقت على الخروج من لبنان عام 2005.
غير أن التايمز تعتبر سوريا قوة معطلة لسياسات الشرق الأوسط، مشيرة إلى ما وصفته بفرق الموت التي تقول إن دمشق أرسلتها لاغتيال سياسيين في لبنان، وتهريب أسلحة إيرانية إلى حزب الله.
وقالت إن قبول سوريا القيام بدور عميل لدولة دينية (إيران) أدخلها في محور “الإرهاب الإسلامي”، وهو ما اعتبرته الصحيفة البريطانية سببا إستراتيجيا يستدعي دعم الحكومات الغربية للاحتجاجات في سوريا.
وتختم بأن المشكلة في الدبلوماسية الغربية تجاه سوريا لا تكمن في أنها تفتقر إلى القوة، بل في أنها لا تعي حقيقة المشكلة، وهي أن “الأسد يستخدم إرهاب الدولة لتحقيق غايات سياسية”.
وهنا دعت الصحيفة تلك الحكومات إلى فرض عقوبات مالية على الأسد، شأنه في ذلك شأن العقيد الليبي معمر القذافي، انطلاقا من أن “الحرية لا تتجزأ، وأن مؤيديها من العرب يحتاجون إلى التضامن”.
سوريا.. أسباب واحتمالات التشظي
يتفق المحللون السياسيون المتابعون أن ما يجري في سوريا من أحداث -أيا كانت نتائجها- ستلقي بظلالها على المنطقة بأكملها بسبب الفسيفساء العرقية والدينية المعقدة لهذه البقعة من العالم.
هذا ما جاء في مقدمة مقال للكاتب الأميركي روبرت دي كابلان تستعد مجلة فورين بوليسي لنشرها في عددها الفصلي الجديد الشهر القادم.
ويستهل الكاتب قراءته للمشهد السوري بالإشارة إلى التسمية التاريخية للجمهورية العربية السورية -وهي سوريا الكبرى- وما تختزنه من معطيات إستراتيجية هامة للمنطقة تتجاوز بكثير مساحتها التي رسمت مطلع القرن العشرين ضمن ما بات يعرف باسم اتفاقية سايكس بيكو.
ويعود كابلان للمرحلة العثمانية بالقرن الـ19 عندما كانت سوريا هي تلك البقعة من الأرض التي تمتد من جبال طوروس شمالا إلى الصحراء العربية في الدنوب، ومن البحر الأبيض المتوسط غربا إلى بلاد الرافدين شرقا أي أن سوريا -وبالتسميات الحالية- كانت تضم المناطق الجنوبية من تركيا (بما فيها طبعا لواء إسكندرون) ولبنان والأردن وفلسطين والمناطق الغربية من العراق.
الهوية الجامعة
ويتابع الكاتب -صاحب الدراسة الشهيرة عن الشرق الأوسط بعنوان “انتقام الجغرافية”- أن الهوية القومية السورية في إطارها العروبي لم تظهر بشكل واضح إلا مع الانتداب الفرنسي وبعدها خلال تحول الجمهورية إلى منصة قومية ضد إسرائيل، مشيرا إلى أن هذه القومية الجامعة تضم في تفاصيلها العديد من التناقضات العرقية والدينية التي وحدها الصراع العربي الإسرائيلي منذ 1948.
بيد أن الأحداث الداخلية التي عانتها المنطقة في الثمانينيات وتحديدا في حماة، وما يجري حاليا من احتجاجات تهدد النظام الحاكم في سوريا تكشف وإلى حد كبير هشاشة هذه التركيبة، في تكرار لما حدث بعد الانتخابات البرلمانية في الأربعينيات والخمسينيات في القرن الماضي مع الفارق الكبير في طبيعة النظام حينذاك والقائم حاليا.
ويذهب الباحث الأميركي للقول إنه وفي حال تخلخلت أو ضعفت السلطة المركزية فإن التأثير المحتمل لهذه التغييرات ستكون أكبر بكثير مما حدث في العراق.
بلقنة المنطقة
ويبرر كابلان فرضيته بالقول إن العراق محاط بدولتين قويتين هما إيران في الشرق وتركيا في الشمال ومنفصل عن السعودية والأردن جنوبا وعن سوريا غربا بمساحة شاسعة من الصحراء، ومع ذلك -يقول الكاتب- دفعت الحرب الأميركية بملايين العراقيين إلى الأردن وسوريا.
ويقارب الكاتب السيناريوهات المحتملة لأي مسعى لتفكك سوريا بما جرى في يوغسلافيا السابقة بسبب وجود تجمعات سكانية كبيرة من الحدود مع لبنان والأردن، وكلتا المنطقتين لا تبدوان مستقرتين كليا في الوقت الراهن.
ويضيف أن توجه الأوضاع في سوريا إلى حالة من الفوضى الأمنية والسياسية ستدفع تجمعات سكانية كبيرة باتجاهات جغرافية ذات تركيبة طائفية تتجاوز في خطوطها وتقاطعاتها ما رسمته اتفاقية سايكس بيكو الشهيرة.
وأشار الكاتب إلى أن تلك الاتفاقية وضعت بين تفصيلاتها على الأرض جيوبا من عناصر عرقية ودينية متداخلة بشكل متشابك مع أغلبية ذات طبيعة دينية وطائفية واحدة، منها على سبيل المثال وجود عدد كبير من المسلمين السنة في لبنان في إطار نظام تقتصر الرئاسة فيها على شخصية مسيحية مارونية.
ويخلص للقول إن سوريا بسبب موقعها المتوسط بالمنطقة كانت تشكل مركزا قويا استطاع حتى الآن ضبط هذه الاهتزازات العرقية والدينية وعدم انفلاتها خارج الحدود الدولية، لكن تفجير هذا المركز عرقيا وطائفيا -بأي أداة كانت ولأي سبب كان- سيعني وبكل تأكيد تحويل الشرق الأوسط إلى خريطة جديدة تفوق في تعقيداتها الوضع بالعراق بعد 2003.
فورين بوليسي
السيناريوهات المتوقعة لأزمة سوريا
ناقشت الصحف الإسبانية اليوم مآلات الوضع في سوريا بعد “الجمعة العظيمة” وانتقدت بشدة قمع المتظاهرين سلميا، وحللت المخارج الممكنة من الأزمة اعتمادا على السيناريوهات التي حصلت في بلدان عربية أخرى.
فقد انتقدت صحيفة “الباييس” في افتتاحية خصصتها اليوم للتطورات في سوريا القمع الشديد الذي واجهت به السلطات المحتجين، ورأت أن الإصلاحات التي أعلنتها السلطات تأتي “متأخرة جدا” ولا تهدئ الغضب الشعبي الذي لم يفتأ يتصاعد، رغم أن سقوط الضحايا بدأ في منتصف مارس/ آذار الماضي.
وترى الصحيفة أن رفع حالة الطوارئ ورفع المتظاهرين أيديهم لتأكيد أنهم عزل من السلاح لم يمنع الشرطة وأعوان النظام من إطلاق النار وقتل أكثر من مائة متظاهر التحقوا بمئات سبقوهم، وهو ما حدا بمجلس الأمن للدعوة إلى التحقيق في المجزرة.
دور الجيش
وترى “الباييس” أن الثورة في سوريا تتغذى أساسا على رافد الأغلبية السُنية التي تمثل ثلثي عدد السكان البالغ 23 مليونا والتي يتعايش فيها موقفان “يبدوان ديمقراطيين” وهما الاعتقاد بأن الأقلية العلوية تختطف السلطة، وموقف “الإخوان المسلمين”، فرغم تدمير الجماعة بعد ثورة 1982، فإنه لا أحد يشك في أنها أعادت بناء نفسها وأعطتها الثورة العربية نفسا جديدا.
لكن الصحيفة تنبه إلى عدم خلو صف النظام من داعمين “ففضلا عن العلويين، توجد نسبة مماثلة من المسيحيين تشعر بأنها في حماية سلطة دمشق، التي تبدو الأكثر قربا في العالم العربي إلى نموذج الدولة العلمانية. كما توجد بورجوازية سنية توالي السلطة، إذ أن “انفتاح” عام 2000 تضمن قدرا من الليبرالية الاقتصادية والتحديث التكنولوجي اللذين ساهما في بروز طبقة موالية للنظام”.
وتنبه “الباييس” إلى أن الجيش –وهو الخاضع لسيطرة العلويين- يظل العامل الحاسم في إمساك بشار الأسد بالسلطة، فلم يكن لحسني مبارك في مصر ولا لبن علي في تونس أن يسقطا لولا التدخل العسكري. ومعمر القذافي يقاوم في ليبيا لأن جزءا من العسكر يواليه.
وترى أن الثوار السوريين لن يتوقعوا قطعا حماية خارجية من الغرب على غرار الضربات الجوية التي تنفذ، ولو بشكل متقطع، في ليبيا. لتخلص إلى أن الحرب الأهلية أيضا مستحيلة نظرا لانعدام جيش شعبي. وفي مثل هذه الظروف فإن وساطة عربية هي وحدها ما يضمن وقف المذبحة “رغم أن دمشق أظهرت أنها تفضل أصوات الرصاص على أصوات الناخبين”.
تصاعد المطالب
من جانبها رأت صحيفة “البريوديكو” في افتتاحية خصصتها للشأن السوري أن الاحتجاجات التي بدأت في 15 مارس/ آذار رافعة مطالب معيشية انتهت، بعد ستة أسابيع، إلى مطالبة آلاف السوريين في شوارع مختلف المدن بنهاية النظام نفسه. ورأت أن إحدى الصور النادرة من الثورة، وهي صورة حافظ الأسد تدوسها الأقدام، تلخص التغير الذي حصل في مزاج الحراك الذي سقط فيه أكثر من ثلاثمائة قتيل.
وأرجعت الصحيفة السبب في ميل مطالب الثورة إلى التشدد شيئا فشيئا إلى “السياسة المتناقضة التي ينتهجها النظام”، مستغربة أن يقبل الأسد استقالة الحكومة وحين يعيد تشكيلها يكون الجديد الوحيد فيها هو اختفاء الوزير الإصلاحي الوحيد في الحكومة السابقة. أو أن يلغي حالة الطوارئ القائمة منذ 1963 ثم يعتقل مباشرة المعارض البارز محمود عيسى، ثم يطلق آلة القمع في الصباح التالي ضد المتظاهرين مما خلف عشرات القتلى.
وترى “البريوديكو” أن السوريين سئموا نظاما لا يرد إلا بأقسى درجات القمع ويستخدم الخطابات البائدة مدعيا تعرضه لمؤامرات أجنبية. وتحذر من أن سوريا دخلت في دوامة العنف حيث يتحول تشييع الضحايا إلى مظاهرة يؤدي قمعها إلى مزيد من الضحايا وهكذا دواليك، وفي هذا الوضع يبدو المخرج من الأزمة أمرا أكثر من صعب في وقت يساهم فيه تشتت المعارضة في تعقيد المهمة.
وتشير إلى أن نهاية للأزمة على طريقة مبارك تبدو مستبعدة فخلافا لمصر حيث تخلى الجيش عن الرئيس فإن السلطة في سوريا متماسكة. كما أن تحول الموقف إلى ما يشبه الحالة الليبية سيشعل حرائق كبيرة، لأن إيران “الصديقة الوحيدة لسوريا في المنطقة” لن تبقى مكتوفة الأيدي كما لن تبقى كذلك حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ولا حزب الله.
أما الحل على الطريقة اليمنية، حيث سيسلم الرئيس السلطة خلال شهر مقابل حصانة قانونية وفقا للمبادرة الخليجية، فيجب أن يخرج أولا من مرحلة الأقوال إلى الأفعال ليتبين جدواه. وهو ما يعني أنه “حتى الآن، ليس أمام السوريين ورئيسهم من مخرج غير مواصلة الدوران في دوامة العنف”.
إبعاد الشهود
أما صحيفة “آ بي ثي” وصفت مجريات “تاسع يوم من النار والدم في شوارع سوريا”، قائلة إن “الدكتاتور بشار الأسد عوّد شعبه والمجتمع الدولي على استخدام العصا الغليظة فقط لدرجة تخلى معها عن الجزرة المتمثلة في وعود فارغة بالانفتاح والإصلاح الدستوري”.
ورأت الصحيفة أن الثورة في سوريا باتت أمرا لا رجعة عنه “فإما أن يسقط الأسد أو أن تتحول سوريا إلى إيران”. وعرجت على هتاف السوريين واصفين الأسد بـ”الخائن والجبان”، ودعوتهم إياه إلى إرسال جنود لتحرير الجولان بل وإلى الاستقالة.
وتنبه “آ بي ثي” إلى تجاهل سلطات سوريا للانتقادات الدولية وخاصة دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما للأسد إلى وضع حد “للاستغلال البشع للقوة” ضد المتظاهرين، ورأت أن كلمات أوباما تبدو صرخة في واد أمام التساؤل المطروح عن السر في التدخل في ليبيا لمنع حصول مذابح ضد المدنيين والامتناع عن ذلك بسوريا.
وتشير الصحيفة إلى طرد سلطات دمشق للعديد من الصحفيين الأجانب أثناء الاحتجاجات، وهو ما يجعل التحقق بشكل مستقل من أحداث العنف أمرا شبه مستحيل. وبينما يستخدم المتظاهرون الإنترنت وسيلة لنشر أفلام وصور للاحتجاجات، فإن الأسد مهتم بإبعاد الشهود عن “هروبه إلى الأمام في طريق محفوف بالدم والنار”.
الصحافة الإسبانية
في تحليل لصحيفة نيويورك تايمز: أزمة سوريا اختبار لهمة الأسد
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الأزمة السورية تشكل اختبارا لهمة الرئيس بشار الأسد وقدرته على حلها، وقالت إن المشكلة الأساسية لدى الرئيس تكمن في عائلته.
ونقلت الصحيفة عن محللين ودبلوماسيين قولهم إن الأسد ما زال قادرا على تهدئة الاضطرابات، إذا ما أدرك الآمال التي عُلقت عليه عندما ورث السلطة منذ 11 عاما، وهي مواجهة عائلته التي تسيطر على الأجهزة الأمنية وتدفع نحو المضي في اتخاذ الإجراءات الصارمة بحق المحتجين.
وخلال اليومين الماضيين، برز للعيان مؤشران على أي السبل التي يمكن للأسد أن ينتهجها، فمن جانب ألمح الرئيس إلى استعداده لتفعيل مزيد من الإصلاحات تفوق تلك التي أعلن عنها الأسبوع الماضي بشأن رفع قانون الطوارئ، ومن جانب آخر كان هناك تحذيرات قاتمة تتعلق بقمع أكثر وحشية.
وقالت نيويورك تايمز إن ميول الرئيس في بلد يشهد بيئة سياسية غريبة، تبقى عصية على التكهن.
ويقول البروفسور الزائر لدى جامعة كولومبيا بيار فيليو “هذه هي لحظة الحقيقة بالنسبة لبشار الأسد” مضيفا أن “لديه القدرة على فرض الإصلاحات على حزبه البعثي، ولكن هل لديه الإرادة لذلك؟”.
ويقول بعض المحللين حتى لو نجا الأسد، فإن الفوضى ستحمل تأثيرات كبيرة على سياسات الشرق الأوسط.
من جهته يقول المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أندرو تابلر “سياستنا الخاصة بسوريا على مدى عامين ونصف العام تقضي بجلب دمشق وتل أبيب إلى طاولة مفاوضات السلام، ومع توجيه الأسد الآن اتهامات لإسرائيل والولايات المتحدة بالتحريض ضده، فإنه من الصعب عليه القيام بذلك”.
وكغيره من “الحكام المستبدين”، يبدو أن واقع الانتفاضة يصل إليه بشكل مخفف، ولا سيما أن الإعلام السوري الرسمي وصف المحتجبن بأنهم عملاء محرضون جاؤوا من إسرائيل والسعودية ولبنان.
عائلة الأسد
بعض الدبلوماسيين الذين يعرفون الأسد عن قرب يقولون إنهم يعتقدون بأن الأسد يفهم ما يجري وما يتعين عليه القيام به، ولكنه متردد جدا وجبان.
ويقول دبلوماسي أوروبي سابق “أعتقد أن بشار يعلم أنه يجب أن يكون ثمة حل سياسي، ولكنه لا يملك الشجاعة للقيام بما هو في صالح بلده وربما نجاته”.
وتعزو الصحيفة تردد الأسد إلى أسباب تعود في جزء منها إلى القوى المحركة في عائلته، خاصة أن الرئيس محاط بأقرباء يتسمون بالقسوة، منهم شقيقه ماهر الأسد الذي يقود الفرقة المدرعة الرابعة في الجيش، وصهره رئيس المخابرات آصف شوكت.
من جانبه يشير الخبير في الشؤون السورية جوشوا لانديس من جامعة أوكلاهوما، ومحللون آخرون، إلى أن الأسد قد يسيطر على الوضع عبر إعلانه عن تنازلات جوهرية منها تخلي حزب البعث عن السلطة أو الإعلان عن إجراء انتخابات، غير أن المؤشرات تبدو ضئيلة جدا ومتأخرة.
وتختم الصحيفة تحليلها بقول الدبلوماسي الأوروبي السابق بأن “الأسد الآن محشور في الزاوية” وأنه محاط بأناس يقولون له: نحن في قارب واحد.
اقتحام درعا ودوما وأنباء عن قتلى
اقتحمت قوات الأمن السورية المدعومة بمدرعات مدينة درعا جنوبي البلاد فجر اليوم، فيما سمعت أصوات إطلاق نار مكثف، وسط تأكيدات شهود عيان سقوط قتلى، فيما قال نشطاء إن قوات أمن ومسلحين موالين للرئيس بشار الأسد دهموا ضاحية دوما في دمشق، وأطلقوا النار عشوائيا على المدنيين.
وقال شاهد عيان للجزيرة إن دبابات تابعة للجيش السوري دخلت مدينة درعا فجرا من أربعة محاور، مؤكدا أن الجيش بدأ بإطلاق النار في الشوارع، قبل أن يقطع الكهرباء والاتصالات الهاتفية، وقد بث نشطاء سوريون على مواقع الإنترنت صورا لسحب دخان تلف المدينة، كما سمعت صوت إطلاق رصاص كثيف.
وكان شاهد آخر قد أكد للجزيرة أن قوات الأمن تطلق النار بكثافة في درعا المحطة، وأن خمسة مدنيين على الأقل قتلوا، فيما تحولت بيوت درعا لمشافي، على حد تعبيره.
ونقلت شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأميركية عن شاهد عيان قوله إن قوة مؤلفة من نحو ثلاثة آلاف فرد يرتدي بعضهم زي الجيش السوري ويرتدي آخرون زيا أسود، اقتحموا المدينة الساعة الرابعة والنصف فجرا، بينما كان سكانها نياما.
ومن جهة أخرى نقلت وكالة رويترز للأنباء عن ناشط قوله إن قوات أمن ومسلحين موالين للأسد دهموا صباح اليوم ضاحية دوما بدمشق، وأطلقوا النار عشوائيا على المدنيين.
أحداث أمس
وتأتي هذه الأحداث بعد يوم شهد فيه سقوط المزيد من القتلى، حيث قالت منظمة “سواسية” السورية لحقوق الإنسان إن قوات الأمن السورية ومسلحين موالين للرئيس الأسد، قتلوا بالرصاص ثلاثة عشر مدنيا على الأقل في حملة ببلدة جبلة.
ونشرت هذه القوات في المنطقة السنية القديمة من البلدة المطلة على البحر المتوسط بعد احتجاجات مطالبة بالديمقراطية ضد حكم الأسد.
وينتمي الأسد -الذي خلف والده الراحل في الرئاسة عام 2000- إلى الأقلية العلوية في سوريا والتي تشكل أغلبية في جبلة، وظلت بشكل عام بعيدة عن الاحتجاجات المطالبة بالحرية السياسية وإنهاء الفساد رغم إدانة العلويين المستقلين لعمليات القتل تلك.
وقالت “سواسية” وناشطون آخرون في مجال حقوق الإنسان في اتصال مع رويترز من جبلة، إن قوات الأمن دهمت منزل الطبيب زكريا العقاد في جبلة بعدما تحدث مع قناة الجزيرة عن جرائم القتل في بلدته.
وفي بلدة بانياس الساحلية إلى الجنوب، قال زعماء الاحتجاج إنهم سيقطعون الطريق الساحلي الرئيسي إذا لم يرفع الحصار عن جبلة.
مظاهرات واعتقالات
وقد شهدت عدة مناطق في سوريا أمس الأحد مظاهرات احتجاج ضد النظام السوري. وقالت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان السورية إن قوات الأمن اعتقلت عشرات النشطاء بينهم الكاتب منصور العلي في حمص.
ودعا طلبة جامعتي دمشق ودرعا اليوم إلى إضراب في كل جامعات سوريا، وأن يظل مستمرا إلى أن يتوقف التعامل القاسي مع الاحتجاجات السلمية، ويُطلَق سراح معتقلي الرأي. وشهدت مدينة معرة النعمان في إدلب مظاهرة سلمية ضخمة تطالب بالحرية.
وارتفع -حسب أرقام ناشطين ومنظمات حقوقية دولية بينها منظمة العفو- إلى 340 على الأقل عدد قتلى الاحتجاجات التي بدأت قبل خمسة أسابيع. وسقط ثلث هذا العدد تقريبا الجمعة والسبت الماضيين. ويضاف إلى القتلى عشرات المفقودين الذين يعتقد بأنهم معتقلون لدى الأمن.
تنديد المثقفين
بدورهم أصدر الكتاب السوريون بيانا اليوم نددوا فيه بحملة قمع دامية ضد المحتجين، في إشارة إلى الغضب المتصاعد في صفوف النخبة المثقفة السورية.
وقال البيان الذي وقع عليه 102 كاتب وصحفي سوري في المنفى. “نحن الكتاب والصحفيين السوريين نوجه هذا البيان الاحتجاجي ضد الممارسات القمعية للنظام السوري ضد المتظاهرين”.
ودعا البيان المثقفين السوريين “الذين لم يكسروا بعد قيود الخوف” إلى إعلان موقف واضح من الممارسات “القمعية” للنظام السوري.
موقف الإمارات
وفيما يتعلق بالمواقف العربية، أعلنت الإمارات العربية المتحدة اليوم وقوفها إلى جانب سوريا قيادة وشعبا في مواجهة الأزمة التي تمر بها.
ووفقا لوكالة الأنباء السورية فإن الرئيس الأسد تسلم رسالة من نظيره الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، أكد له فيها موقف بلاده المساند لسوريا.
الجيش السوري يقتحم بالدبابات درعا ودوما والمعظمية .. وأنباء عن سقوط قتلى
مصادر أمنية أردنية :سوريا أغلقت كل المعابر الحدودية البرية مع الأردن
دبي – العربية
اقتحمت قوات الأمن السورية مدينة درعا عند الثالثة فجرا اليوم الاثنين 25-4-2011 ومن أربعة محاور، حسبما أفادت الأنباء الواردة من هناك، حيث سمع دوي انفجارات وإطلاق نار كثيف كما قطعت الاتصالات عن المنطقة.
وفي معلومات أولية أشارت الأنباء الى سقوط 5 قتلى ما بين درعا البلد ودرعا المحطة التي تم اقتحامهما من قبل قوات الجيس التي عززت انتشارها بالدبابات، و من جهتها نقلت وكالة رويترز عن ناشط سوري قوله ان قوات امن سورية داهمت ضاحية دوما مطلقة النار عشوائيا على المدنيين وكذلك الحال في المعظمية قرب العاصمة دمشق.
وفي الوقت نفسه أكدت مصادر أمنية أردنية أن سوريا أغلقت كل المعابر الحدودية البرية مع الأردن.
و أكدت مصادر حقوقية سورية ارتفاع عدد قتلى المواجهات في مدينة جبلة الساحلية إلى 13 قتيلا على الأقل برصاص قوات الأمن السورية، فيما شهدت مدينة نوى القريبة من درعا مواجهات مع قوات الأمن خلال تشييع الأهالي لقتلى أحداث يوم الجمعة.
ونقلت وكالات الأنباء صورا لما قالت إنه إطلاق نار على محتجين في حي الزبلطاني وسط العاصمة السورية دمشق.
وكانت حصيلة سابقة تحدثت عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين بجروح الأحد عندما أطلقت قوات الأمن السورية النار بدون تمييز في مدينة جبلة القريبة من اللاذقية شمال غرب سوريا، كما أكد شاهد عيان وناشط حقوقي.
وأكد شاهد في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس أن “مجموعة من القناصة ورجال الأمن أطلقوا النار في شوارع جبلة بعد زيارة قام بها محافظ اللاذقية الجديد عبد القادر محمد الشيخ إلى المدينة للاستماع إلى مطالب السكان مما أسفر عن مقتل شخص على الأقل وجرح العشرات”، وأضاف الشاهد “الوضع سيء جداً الآن”.
وأوضح الشاهد “أن جبلة كانت هادئة ومستقرة صباح اليوم والحياة تجري بصورة طبيعية حيث زارها المحافظ وقابل وجهاءها في جامع الإيمان واستمع الى مطالب السكان وأخذها على محمل الجد”.
وتابع “بعد خروج المحافظ تم تطويق جبلة من جميع الأطراف وانتشرت عناصر من الأمن وبدأوا بإطلاق النار”.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان للوكالة أن “أكثر من 3 آلاف متظاهر تجمعوا بالقرب من بانياس على الطريق العام المؤدي من مدينة اللاذقية الساحلية (غرب) الى دمشق، معلنين اعتصامهم تضامنا مع أهل جبلة”، ثم أضاف المرصد لاحقا “أن المتظاهرين دخلوا إلى بانياس خوفا من الاعتقال لينتقلوا من حالة الاعتصام إلى حالة التظاهر”.
من جانب آخر، قال ناشطون سياسيون إن المحتجين الداعين إلى الديمقراطية في سوريا لن ترضيهم خطوات الإصلاح التي يقوم بها النظام وإنهم مصممون على الإطاحة بالرئيس بشار الأسد بعد مقتل نحو 100 متظاهر الجمعة الماضي.
وقالوا إن ارتفاع أعداد القتلى يُظهر أن الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس السوري بما في ذلك رفع حالة الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة جوفاء.
وقال الناشط عمار القربي لرويترز “ما حصل يوم الجمعة هو نقطة تحول. لقد فشل النظام في اختبار الإصلاحات. لقد فشلوا فشلاً ذريعاً وأثبتوا أن تلك الإصلاحات كانت على الورق فقط وليس في الشارع”.
“احتلال جديد”
وأضاف أن “الشعب السوري نفد صبره مع كل يوم، لقد تعبوا من الوعود. الناس أعطت السلطات الوقت الكافي لكنها لاتزال تستخدم سياسة القمع”، وقال “أخشى أن يكون كل ما يريده الشعب الآن هو إسقاط النظام”.
وتم تحويل 3 شباب من الأكرد في رأس العين الى الحسكة، بعد مراجعتهم لفرع الامن العسكري في القامشلي. وهم بدران شريف مستو،- والشاعر الكردي هوزان كرد كوندي، والشاب مسعود محمود عمو ابن الناشط السياسي محمود عمو.
وقد شهد يوم الجمعة الماضي سقوط أكبر عدد من القتلى منذ موجة الاحتجاجات التي بدأت الشهر الماضي ضد الأسد، كما لقي ما لا يقل عن 12 شخصاً حتفهم السبت خلال تشييع جنازات ضحايا اليوم السابق ليصل إجمالي ضحايا الاضطرابات خلال خمسة أسابيع الى نحو 300 قتيل.
وردّد المشيعون الغاضبون والمحبطون هتافات وصفت الأسد بأنه خائن وجبان.
وتلقي السلطات باللوم على الجماعات المسلحة بإثارة الاضطرابات بإيعاز من لاعبين في الخارج بما في ذلك لبنان والجماعات الاسلامية.
وقبل الاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت يوم الجمعة كان الأسد قد ألغى قانون الطوارئ والمطبق منذ 48 عاماً وشكّل حكومة جديدة وأمر بزيادة الرواتب ومنح الجنسية لآلاف الاكراد.
وقال ناشط من دمشق رفض الكشف عن اسمه خوفاً من الاعتقال لرويترز الجمعة: “كانت بداية نهاية النظام السوري. كل هذه الدماء تعني أن لا عودة الى الوراء ما عدا بعد سقوط النظام”، وأضاف “الآن الشوارع لن تكون راضية مهما فعل الاسد. الشارع يريد إسقاط نظامه”.
وكان الآلاف من السورييين استلهموا انتفاضتي تونس ومصر اللتين أطاحتنا بالرئيسين السابقين زين العابدين بن علي وحسني مبارك وخرجوا الى الشوارع الشهر الماضي للمطالبة بمزيد من الحرية.
وتفجّر غضب المحتجين ايضاً من جراء الفساد الذي أدى الى إثراء النخبة، بينما يعاني ملايين السوريين من الفقر والبطالة وارتفاع الاسعار.
وقال ناشط آخر من خارج دمشق إن السلطات يجب ان توقف التعامل بالطريقة الامنية، وأضاف الله وحده يعلم الى اين نتجه الآن.
ويؤكد نشطاء أن عدم وجود شخصية أو مجموعة واحدة وراء الاحتجاجات يعني أن ما يحركها هو الغضب والرغبة في تحدي السلطات بقدر ما تحركهم مطالبهم.
وقال محام يعمل في مجال حقوق الإنسان في دمشق: “الناس الذين يحركهم الغضب لسقوط قتلى لن يعودوا الى ديارهم في هدوء. أوضاع مخيفة. المستقبل غير واضح”، وأضاف ناشط آخر أن “العنف يوم الجمعة يعني أن الأسد الذي قال إنه أمر قوات الأمن بعدم إطلاق النار على المتظاهرين إما حاكم كاذب او أنه لا يحكم”.
ويقول محللون إن إسقاط النظام في سوريا أصعب من تونس ومصر، حيث رفض كبار قادة الجيش فتح النار على المتظاهرين، بينما يشغل الموالون للنظام مناصب مهمة في الجيش السوري وتدير عائلة الأسد أجهزة أمنية ما يربط مصير كبار الضباط بمصير الاسد.
وأكد أحد الناشطين “لن نتبع النموذج المصري.. إذا تصاعدت الامور هنا فإننا ننظر الى نماذج اليمن وليبيا والبحرين. ليس أي منها جيداً”. وأضاف “بعد ما حدث أنا نادم على كل دقيقة اعتقدت فيها أن الإصلاح هو الحل. النظام سقط بالفعل.. ونحن نعتبره احتلالاً”.