اسرائيل تهدد سورية وتتحدى روسيا
رأي القدس
تبخرت سحابة الامل بامكانية انعقاد مؤتمر جنيف الثاني للتوصل الى حل سياسي للازمة المتفاقمة في سورية، وعادت طبول الحرب تقرع من جديد وباصوات اعلى مما كان عليه الحال في الاشهر الاخيرة.
اللقاء الثلاثي الذي انعقد في باريس بين وزراء خارجية روسيا وامريكا وفرنسا لم يتوصل الى اتفاق حول الدول المشاركة في المؤتمر المذكور، ولم يساعد فشل مؤتمر المعارضة السورية في اسطنبول في التوصل الى توسيع الائتلاف المعارض وانتخاب قيادة جديدة في تسهيل مهمة وزراء الخارجية الثلاثة، خاصة ان اجتماع المعارضة هذا لم يقرر المشاركة في مؤتمر جنيف.
القرار الاوروبي الذي جرى اتخاذه في ساعة متأخرة من مساء امس الاول برفع حظر ارسال الاسلحة الى المعارضة السورية كان مفاجئا للوزراء الثلاثة، وللروسي سيرجي لافروف الذي اعتبره اجهاضا لمؤتمر جنيف، وعقبة في طريق انعقاده.
الرد الروسي على هذا القرار الاوروبي تمثل في اعلان سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي بان بلاده لن تلغي خططا لتزويد سورية بصواريخ اس 300 الحديثة المضادة للطائرات، لان هذه الصواريخ ستمنع بطرق عديدة ‘بعض المتهورين’.
المقصود بالمتهورين الدول الغربية التي تفكر بالتدخل العسكري المباشر او غير المباشر في سورية، كما ان هذا التوصيف يشمل اسرائيل التي شنت ثلاث غارات على اهداف داخل سورية في الاشهر الاربعة الماضية.
الاسرائيليون يعتبرون تسليم موسكو هذا النوع من الصواريخ الى سورية بمثابة ‘اعلان حرب’، لانها ستحول اسرائيل كلها الى منطقة ‘حظر جوي’ فهذه الصواريخ شديدة الدقة قادرة على الوصول الى مطار تل ابيب، والتصدي لاي طائرات يمكن ان تغير على اهداف سورية او لبنانية، لذلك لم يكن مفاجئا ان يهدد موشي يعلون وزير الدفاع الاسرائيلي في مؤتمر صحافي، بقصف هذه الصواريخ اذا وصلت الى سورية.
هذا التهديد الاسرائيلي يشكل تحديا لروسيا اكثر مما هو لسورية نفسها، وقد يفسر على انه نوع من البلطجة من قبل الكثيرين في المنطقة والعالم. فليس من حق اسرائيل ان تملي على روسيا سياساتها الخارجية وتحدد مصالحها الاستراتيجية، ونوعية اصدقائها وحلفائها معا.
من الواضح من خلال هذا التهديد ان اسرائيل تريد ان تظل جميع الاجواء العربية مفتوحة امام طائراتها لتصول وتجول وتغير دون اي رادع، والسورية واللبنانية منها على وجه الخصوص، وهذا امر ينطوي على الكثير من الغرور والغطرسة بل والسذاجة في الوقت نفسه.
روسيا ترددت كثيرا في تسليم هذه الصواريخ لسورية، واوقفت بيع مثيلاتها لايران استجابة لضغوط اسرائيلية وامريكية، ولكن الغارات الاسرائيلية الاستفزازية على مواقع سورية شكلت اهانة لروسيا قبل ان تكون اهانة لحليفها السوري، ردت عليها بحزم من خلال اعلان نائب وزير خارجيتها بالمضي قدما في بيع هذه الصواريخ لسورية.
لا نستبعد ان تمضي اسرائيل قدما في تهديداتها بقصف الصواريخ الروسية هذه، او شن غارات جديدة على سورية تحت ذريعة منع وصول اسلحة وصواريخ حديثة الى حزب الله اللبناني، وفي الحالين ستشعل فتيل الحرب الاقليمية الموسعة التي يعتقد الكثير من المراقبين انها باتت وشيكة للغاية.
القدس العربي