الأسد فوق الشجرة!
طارق الحميد
بعد المواقف والقرارات العربية، الصادرة يوم الأحد الماضي بالقاهرة، إثر الاجتماع الوزاري العربي هناك، فإن المؤكد اليوم هو أن طاغية دمشق قد بات فوق الشجرة، كما يقول المثل، فمن سيقوم بإنزاله؟ فأحداث يوم الأحد، سواء المواقف أو القرارات، لها مدلولات كثيرة ومهمة.
فهناك الموقف السعودي الشجاع، والمسؤول، الذي مثله وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، بلقائه المعارضة السورية، وبعدها خطابه المهم جدا، الذي ألقاه باجتماع الجامعة، ووضع فيه النقاط فوق الحروف، خصوصا عندما رد على تهجم الأسد على الدول العربية بالقول: «هل من شيم العرب أن يقتل الحاكم شعبه؟!».. والأمر الآخر أيضا هو المبادرة العربية الجديدة تجاه سوريا، التي تعني أن طاغية دمشق بات واقعا بين كماشتي المقص؛ فالمبادرة العربية تعني رحيله من السلطة، ورفضها يعني مناطحة مجلس الأمن.. والمفارقة هنا أن رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم، يقول: إن المبادرة شبيهة بالمبادرة الخليجية باليمن. وهي المبادرة التي انسحبت منها الدوحة، ونعتتها بالفشل، ونقول مفارقة لأن الشيخ حمد يفعل اليوم مبادرة مثيلة لها بسوريا، ويوم مغادرة صالح صنعاء!
لكن هذا ليس موضع النقاش؛ فالمهم بالمبادرة العربية الجديدة تجاه سوريا، التي تنص على حوار، ودستور جديد، وانتخابات برلمانية ورئاسية، تحت إشراف عربي ودولي، وبتواريخ محددة، وبعد أن يفوض الأسد نائبه الشرع.. المهم أن تلك المبادرة جاءت بإجماع عربي، مع تحفظ جزائري على إرسال المبادرة لمجلس الأمن، مما يعني أن التدويل قد وقع لا محالة، وعلى الرغم من نأي لبنان بنفسه عن تلك المبادرة، فإن لبنان أصلا نأى بنفسه عن العالم العربي منذ باتت حكومته هي حكومة حزب الله، وذلك كله يعني أن حلفاء الأسد، قد باعوه بموافقتهم على المبادرة العربية الجديدة، وأبرز البائعين: العراق، والجزائر، التي تمثل قصة أخرى غير قصة حلفاء إيران.
والإجماع العربي هنا يعني أن الأسد بات وحيدا، وعليه اليوم قبول المبادرة العربية، مما يعني رحيله، أو عليه إعلان رفضها، وبالتالي مناطحة مجلس الأمن؛ فلقاء الأمير سعود الفيصل بالمعارضة السورية، وكذلك نص خطابه، يعنيان أن السقف العربي قد ارتفع كثيرا؛ حيث لا مجال للحيل الأسدية؛ فالمعارضة السورية باتت قاب قوسين أو أدنى من الوصول للاعتراف العربي بها، بل إن المبادرة العربية الجديدة تعني اعترافا ضمنيا بالمعارضة السورية؛ حيث إن على نائب الأسد مفاوضتها رسميا، وفق المبادرة العربية. وهنا تبقى نقطة مهمة، هي: أن الأوضاع على الأرض لا تسير بشكل يساعد النظام الأسدي، بل إنه يتعرض للخسائر المستمرة، ناهيك عن كسر الهيبة الممنهج، خصوصا مع سقوط بعض المناطق السورية بأيدي «الجيش الحر»، وذلك كله يعني أن الأوضاع على الأرض قد لا تمهل الأسد حتى فرصة التفاوض، وهذا هو المتوقَّع.
وعليه فإن واقع الحال اليوم يقول إن الأسد بات معلَّقا على الشجرة، فمن يقوم بإنزاله من هناك: المبادرة العربية، أم الثوار، أم مجلس الأمن؟
الشرق الأوسط