الأسد هو من جلب التدخل الخارجي
طارق الحميد
يفترض أن يجتمع الوزراء العرب الخميس القادم من أجل مناقشة الأوضاع في سوريا، ورفض النظام الأسدي لقرارات الجامعة العربية. ويأتي هذا الاجتماع في ظل دعاية كاذبة يروجها النظام الأسدي نفسه حول التدخل الأجنبي في سوريا، والتخويف من الحرب الأهلية.
ولذا، فإن على المسؤولين العرب، جميعا دون استثناء، التنبه للحقائق، وليس الدعاية الأسدية، والحقائق تقول إنه في الوقت الذي تمسك فيه الثوار السوريون بسلمية ثورتهم، وطوال قرابة الثمانية أشهر، فإن نظام الأسد هو من يستخدم السلاح ضدهم، وبكل وحشية، وبالطبع لم تتوقف آلة القتل الأسدية إلى اليوم، فكيف يلام الثوار بعد ذلك عن دفاعهم عن أنفسهم أمام نظام يريد حكمهم بالحديد والنار؟
والأمر الآخر الذي على الوزراء العرب تذكره أيضا، كحقائق وليس دعاية، أنه بينما يقول الثوار السوريون، وطوال عمر الثورة، إنهم يرفضون التدخل الأجنبي في أراضيهم، فإن نظام الأسد هو من استعان بالخارج لنصرته ضد مواطنيه، حيث استعان النظام الأسدي بإيران، وبعدة مجالات، منها المعدات الخاصة بالتجسس، والخبراء، هذا عدا عن الأسلحة، وأكثر بالطبع. كما أن النظام الأسدي هو من استعان بإمكانيات حزب الله، سواء في الداخل السوري، أو حتى في لبنان، حيث مطاردة المعارضين السوريين، وعملية إيقاف الشباب من اللاجئين السوريين بلبنان. والنظام الأسدي هو من يستعين كذلك بدعم الحكومة العراقية، والمقاتلين الصدريين الذين باتوا يتدفقون على سوريا، وهناك معلومات تؤكد ذلك، ومنها ما سمعته من أجهزة عربية بكل تأكيد أنها زودت وزراء خارجيتها بمزيد من تلك المعلومات.
وهذا ليس كل شيء بالطبع، فهناك السفن الروسية الراسية قبالة سوريا، وبالتأكيد أنها لم تكن لتحمل سياحا روسا. وقصة روسيا هنا أكبر من كل ذلك، فموسكو نفسها أصبحت بمثابة وزارة خارجية نظام الأسد، حيث باتت موسكو تحاضر السوريين بما يجب وما لا يجب فعله. وعدا عن كل ما سبق من الدعم الأجنبي لبشار الأسد، فهناك الدعم اللبناني الحكومي الصارخ، وهناك الدعم الإعلامي من قبل كل من إيران، والعراق، وإعلام حزب الله، وغيره بلبنان. فكيف يمكن بعد كل ما سبق أن تنطلي لعبة، أو دعاية، التدخل الأجنبي التي يروجها النظام الأسدي على أحد، طالما أن هذا النظام نفسه هو من دشن التدخل الأجنبي في سوريا من أجل نصرته ضد السوريين العزل، وهذه بحد ذاتها خيانة؟
وعليه، فإن المطلوب من الجامعة العربية الآن هو دفع الملف السوري إلى مجلس الأمن، ومطالبته بالتدخل العاجل لحماية المدنيين السوريين الذين يقتلون يوميا على يد النظام الأسدي، وأي شيء أقل من ذلك يعني أن العرب قد خذلوا السوريين العزل، ولم يسعوا لوقف آلة القتل الأسدية بشكل جدي، وحاسم، خصوصا أن النظام الأسدي لم يتوقف يوما عن قتل السوريين طوال فترة مفاوضاته مع الجامعة العربية. فلا بد من وقفة لحماية هؤلاء الأبرياء، فإذا كانت طهران حريصة فقط على الأسد، أفليس من باب أولى أن يكون العرب حريصين على كل السوريين؟
الشرق الأوسط