الإتحاد الديموقراطي”: “كومونات” ضد أكراد سوريا/ سميان محمد
تشكل “الكومونات” أحدى أهم وسائل الابتزاز الاجتماعي التي يعتمدها حزب “الاتحاد الديموقراطي” في مناطق “الإدارة الذاتية” الكردية في الشمال الشرقي من سوريا. ويستخدم الحزب هذه الكومونات لفرض سلطته وتوسيع قاعدته الجماهيرية، عبر ربط مصير الناس وفرص تلقيهم للخدمات الأساسية، من خلال مشاركتهم في “الكومون”.
والكومون هو أصغر وحدة إدارية وخدمية في نظام الإدارة الذاتية، حيث أسس “الإتحاد الديموقراطي” منذ بداية العام 2015، في كل قرية وحي من أحياء المدن والبلدات الخاضعة لسيطرته، كوموناً خاصاً بها، تم ربط توزيع الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والغاز به.
اللجان المختصة بتأسيس الكومونات كانت قد جالت في القرى والبلدات، ووعدت الأهالي بأن يكون الهدف من إقامتها هو تسهيل وصول الخدمات لهم، من دون أن يكون لها أهداف وغايات سياسية. تلك الوعود سرعان ما سقطت في أول اختبار، حيث هددّ مناصرو “الإتحاد الديموقراطي” بمنع الخدمات عن أي قرية أو حي، إن لم يؤسسوا الكومونات الخاصة بهم، ويربطوها بمؤسسات الإدارة الذاتية.
أحد سكان الريف الشرقي لمدينة القامشلي، أعرب عن أسفه للسياسة التي يتبعها الحزب تجاه الأهالي، مؤكداً أن مناصري الحزب يهددون بقطع الخبز والماء والكهرباء عن السكان، إن لم ينضموا إلى كومون القرية. وأضاف بأن مسؤول الحزب في القرية، قال للأهالي: “من لم ينضم للكومون سنقطع عنه الخدمات، كما أننا لن نسمح للإطفاء والاسعاف الوصول إلى بيته، في حال تعرضه لخطر”.
عضو في الجهاز الأمني التابع لـ”الإتحاد الديموقراطي” المعروف بـ”الأسايش”، أكّد أن مسؤول “الأسايش” في مخفر قرية السويدية جنوبي مدينة رميلان، كان عنصراً بارزاً في الأمن السوري، وأشار إلى أنه ما زال يتبع الأساليب الأمنية نفسها، مع الأهالي.
معاناة الأهالي مع الكومونات لم تقتصر على فرض التعامل مع مؤسسات “الإدارة الذاتية” فحسب، بل فرضت عليهم التعامل مع إداريي الكومون وهم غالباً من أنصار “الاتحاد الديموقراطي” أو من البعثيين القدامى. فالناس باتوا يعانون من سلطة دكتاتورية مصغرة، تحاربهم في خدماتهم الأساسية اليومية. يقول الناشط السياسي محمد أوسو، لـ”المدن”، بإن هذه الكومونات، تهدف بصورة أساسية، إلى إخضاع الأهالي لسلطة الأمر الواقع، مضيفاً بأن العائلات التي رفضت الانضمام إلى كومونات الإدارة الذاتية، لم تنقطع عنها الخدمات الأساسية فقط، وإنما تعرض شبابها للاختطاف.
أوسو أورد حادثة جرت في بلدة رأس العين “سري كانييه”، قبل حوالي شهرين، حين قامت قوات “الأسايش” بخطف الشاب بهزاد سليمان، نتيجة رفض عائلته الانضمام إلى كومون الحي. سليمان اختطف علناً من النادي الرياضي بالمدينة.
المسؤولة في “الاتحاد الديمقراطي” ناريمان مصطفى، مارست ضغوطاً على أهالي قرية أبو رأسين، لإجبارهم على تأسيس كومون، من خلال قطع الماء والكهرباء عنهم.
معاناة ريف مدينة عامودا، بأقصى شرق الحسكة، كانت الأقسى، حيث دفعت 6 قرى، ضريبة عدم الانصياع لقرارات الإدارة الذاتية ورفض تأسيس الكومونات، بالحرمان من الماء والكهرباء، شهوراً عديدة. وأكد الإعلامي اسماعيل شريف، من عامودا، بأن قرى طورلياس وقري وبكمزلو ومصطوهندي1 ومصطوهندي2 وكودح، انقطعت عنها الخدمات، كعقاب ضد الأهالي لأنهم من أنصار “المجلس الوطني الكردي في سوريا” المتحالف مع “الإئتلاف الوطني السوري” المعارض. أهالي هذه القرى لم يلبوا طلب “الإدارة الذاتية” بتشكيل الكومونات “مجالس الحارات”. شريف أوضح بأن “الإدارة الذاتية” لا تهمها معاناة الأهالي وحاجاتهم، بقدر الانضمام إلى الكومونات ومؤسسات الإدارة لبسط نفوذها على المنطقة.
بعض المراقبين، يؤكد بأن الهدف من تأسيس الكومونات، هو لعسكرة المجتمع وربطه بالقوى الأمنية لـ”الإتحاد الديموقرطي”. ويشير البعض إلى القرار الذي عممته الإدارة الذاتية على الكومونات، بتأسيس قوة أمنية في كل كومون، والتي يُطلق عليها الحزب اسم “القوة الجوهرية”، ترتبط مباشر بـ”الأسايش”، وتتلقى الدعم العسكري منها.
رئيس تحرير صحيفة “صوت كوردستان” عمر كوجري، أعرب عن أسفه لممارسات “الاتحاد الديموقراطي” بحق المواطنين، وأشار إلى أن الكومونات هي إحدى وسائل الحزب لمحاربة خصومه من الأكراد وبقية المكونات الاجتماعية والإثنية في المنطقة. وأضاف كوجري بأنه من المستهجن أن يحارب الحزب الناس البسطاء في لقمة عيشهم، مستغلاً حاجاتهم وظروفهم الصعبة. وتساءل كوجري: “أبهذه السياسة سيعيدون الناس إلى بيت الطاعة العمياء؟”.
وأشار كوجري إلى أن النظام السوري، كان قد مارس السياسة ذاتها، خلال أكثر من أربعة عقود، ولم يذعن السوريون لها. والمستغرب الآن أن “الاتحاد الديموقراطي” يمارس التصرفات التي مقتها الشعب وثار عليها.
المدن