الاعلام الرسمي السوري يبعد حزب الله عن كاميراته/ وليد بركسية
غاية البرنامج تلميع صورة جيش النظام المتداعية
يتجه الاعلام الرسمي السوري، الى كسر احتكار إعلام حزب الله للتغطيات الميدانية في المناطق التي يشارك فيها الحزب عسكرياً، منطلقاً من برنامج “ساعة صفر” الهادف الى كسر نفوذ فرقة “الإعلام الحربي”، حيث يتصاعد الصراع بين النظام وحلفائه إعلامياً، وسط تشابك السيطرة الميدانية على الأرض.
وبرنامج “ساعة صفر” الذي لم يقرب أماكن تعرض لها الجيش السوري لهزائم متتالية كحلب وإدلب، هو البرنامج الميداني الجديد الذي أطلقته قناة “الإخبارية السورية” الرسمية أخيراً، في محاولة لتقديم إعلام ميداني يواكب تحركات جيش النظام السوري في انتصاراته الأخيرة، دون هزائمه، من غير الارتقاء لمستوى الوعود التي تروج لها القناة.
يعد البرنامج المشاهدين بالكثير من كشف للأسرار والمعلومات الخطيرة، لكن الحقيقة أنه لم يقدم جديداً يُذكر، خصوصاً وأن مقدم البرنامج “ربيع ديبة” يبدو ثقيل الحركة وكثير التعب واللهاث خلال تنقلاته من منطقة لأخرى، ما يجعل كثيراً من كلماته غير مفهومة على الإطلاق.
يستهل البرنامج اولى حلقاته بالقول: “تنويه: تم ترتيب المشاهد في هذا العمل بشكل متسلسل زمنياً وبأقل قدر ممكن من العمليات الفنية حرصاً على مصداقية توثيق الحدث ونقله”.. لكنه يتناسى، بذلك، أن المصداقية بحدّ ذاتها تنتفي بوجود توجيهات ميدانية تكبل حركة الكاميرا وفق أوامر القادة الميدانيين والعسكريين التي يظهرها البرنامج دون مواربة بمنع التصوير في أماكن معينة أو توجيه الكاميرا لتصوير أشياء محددة دون السماح لها بتصوير أشياء أخرى.
“الصحافي المزروع” في أرض المعركة، هو تكنيك استخدمته القوات الأميركية عام 2003 مع قناة “CNN” خلال حرب العراق لنقل صورة المعركة من طرف واحد، وهو ما يحاول النظام السوري تطبيقه اليوم عبر البرنامج الجديد. لكن النموذج المقلد، لا يمكن مقارنته بالاصل، بالنظر الى انه مكشوف في غاياته، خصوصاً وأن المعلومات “الخطيرة” التي يكشفها البرنامج قديمة وليست مباشرة أو حدثية، ومعظمها متداول عبر الإعلام، ومن هنا يفقد البرنامج قيمته ويسقط في العبثية.
تلخص المشاهد الصراع مع حزب الله، ومحاولة الغاء مشاركته في الحرب السورية. ففي البرنامج، لا يظهر أي مقاتل من حزب الله على سبيل المثال في حلقة البرنامج الأولى “معركة التلال الذهبية” المخصصة للحديث عن معركة تلة موسى، وكذلك لا يظهر أي مقاتل من الحرس الثوري الإيراني في الحلقة الثانية “أشباح مطار الثعلة العسكري”، رغم أن أولئك الحلفاء يعتبرون لاعبين أساسيين في كلتا المعركتين. ويكيل البرنامج المديح بسخاء للجيش دون سواه، مع تجاهل إضافي للميليشيات المحلية الموالية مثل “قوى الدفاع الوطني”، بشكل يخالف الواقع على الأرض.
تلميع صورة جيش النظام المتداعية، هي غاية أخرى يحاول البرنامج إيصالها لجمهور الموالاة، فيظهر الجنود معظم الوقت وهم يغنون ويرفعون إشارات النصر في حركات مسرحية مصطنعة أمام الكاميرا، مرفقة بمبالغة في ردود الأفعال العاطفية بين الجنود والضباط من عناق وتقبيل.. أما الاحتفالات الشعبية بالجيش والتي يرصدها البرنامج في نهاية كل حلقة، فتبدو مدبرة أمام الكاميرا حيث تخلو الشوارع من الناس ويحتفل الجنود بإنجازاتهم بإطلاق الرصاص في الهواء مع الألعاب النارية.
أكثر من نصف مدة البرنامج تضيع على الغرافيكس واللقطات الفنية التي يحاول بها البرنامج كسر الإيقاع وتقديم رؤية بصرية. المشكلة تقع في كون القوالب الفنية المستخدمة كلاسيكية ومملة ولا تناسب برنامجاً يحمل هذا الكم من الجدية، ويبدو أن خيار استخدامها أتى لملء الوقت على الشاشة فقط.
“صور تعرض للمرة الأولى، وأسرار تكشف. ما سر عملية الأشباح داخل مطار الثعلة العسكري وكيف دمر الجيش غرفة عمليات سحق الطغاة؟ هل حسمت معركة الجنوب السوري عسكرياً؟ ملحمة فريدة في تاريخ الحرب على سوريا تنقلها لكم كاميرا ربيع ديبة بأقل عمليات فنية ممكنة مع غرافيكس مميز… ترقبوا المفاجآت وتابعونا”. هذه العبارات الهزلية يستخدمها البرنامج في صورته النهائية، ما يجعله أقرب الى الرسوم المتحركة وقصص الأطفال البوليسية، خصوصاً مع الأسماء الرنانة للحلقات والمبالغات في الأوصاف والخطابة الإنشائية التي يقدمها القائمون عليه.
المدن