مراجعات كتب

“مذكرات جمال باشا” وكتابه “الإيضاحات”

سيرة سفّاح بلاد الشام في مطالع القرن العشرين

أحمد ياسين

كتابا أحمد جمال باشا، الوزير والقائد العسكري التركي الشهير بـ جمال باشا: “مذكرات جمال باشا” و”الايضاحات” هما (من اعداد محمد السعيدي وتحقيقه)، الكتابان الأولان من مجموعة الأجزاء الأربعة عشر الأولى من العمل الموسوعي التاريخي والسياسي الضخم المتمثل بـ(المجموعة التاريخية العثمانية ـ العربية 1908 ـ 1918). وهي المجموعة التي تبين أحوال (الإمبراطورية العثمانية بقيادة جمعية الاتحاد والترقي)، مستعرضة “مصير العرب والارمن وفلسطين في خواطر القادة الأتراك ومذكراتهم”).

وتغطي أجزاء هذه المجموعة الحقبة التاريخية الممتدة من 1908 إلى 1981 لبلاد الشام (فلسطين وسوريا ولبنان) في ظل سلطة العثمانيين الاتحاديين، ويتخلل هذه التغطية، تسليط الضوء على اشخاص (عثمانيين وغير عثمانيين) مارسوا أدواراً مصيرية في حياة ومستقبل ومصير شعوب الولايات العثمانية الأوروبية والآسيوية، في تلك الحقبة.

هذا، وقد جاءت مذكرات أحمد جمال باشا، أول كتاب في المجموعة بسبب من شموليته فترة حكم حزب “الاتحاد والترقي” للسلطنة العثمانية من العام 1909 حتى العام 1918.

وتؤكد المقدمة ان مذكرات أحمد جمال باشا فيها من الافتراءات والأكاذيب والخيال ما لا نهاية له، والصورة مقلوبة. فالسفاح يصبح إنساناً حضارياً؛ والمجني عليه (العرب/الارمن) يصبح همجياً وخائناً؛ والعكس صحيح.

على ان مذكرات الباشا تتيح للقارئ ان يتلمس ـ مباشرة ـ ممارسات حزب الاتحاد والترقي في تطبيق أهدافه، والسبل التي اتبعها، داخل تركيا وخارجها، وانسجام الشعارات التي رفعها لجذب الجماهير مع حركته بينها، وعلاقة قيادات حزب الاتحاد والترقي فيما بينها، ودور أحمد جمال باشا عضو قيادة هذا الحزب في تركيا وممثلها في بلاد الشام.

وتموضعت “مذكرات جمال باشا” في أربعة اقسام، يسبقها مدخل بقلم سليمان رياشي، وثبت لهوية الباشا، ومقدمة وتمهيد بقلم صاحب هذه المذكرات، وتليها ثمانية ملاحق، واربعة فهارس، وقائمة المراجع، وثبت تعريفي بأجزاء المجموعة ككل.

يضم القسم الأول اربعة فصول: يدور الفصل الأول حول تسلم جمال باشا سلطة محافظة استانبول. ويدور الفصل الثاني حول كيفية (استرجاع أدرنة) أو انتهاء الحرب البلقانية الثانية.

ويشكّل الفصل الثالث مدار تعيين جمال باشا وزيراً للبحرية، أما الفصل الرابع فيتناول بدء الحرب الأوروبية العامة (العالمية الأولى) وإعلان التعبئة والاستنفار العام للجيوش العثمانية.

ويحتوي القسم الثاني على فصول اربعة: يبين الأول مقومات تعيين الباشا قائداً للجيش العثماني الرابع، ويتمحور الثاني حول التحضيرات لحملة قناة السويس، ويسلط الثالث الضوء على ما بعد حملة القناة، ويتناول الرابع مضمون الدفاع عن غزة.

ويطل القسم الثالث ـ وعبر ثلاثة فصول على: أحوال الثورة العربية؛ والعرب ودول الحلفاء؛ وموقف المسيحيين العثمانيين.

والقسم الرابع ـ ومن خلال فصول ثلاثة ـ يستعرض مقومات المسألة الارمنية؛ وحادث أضنة وما بعده؛ والإصلاحات في سوريا (أي المشروع الروسي).

أما كتاب “الإيضاحات” فهو عن القضايا الاساسية التي جرى البحث فيها لدى ديوان الحرب العرفي المنشأ في عاليه. والديوان العرفي للإمبراطورية العثمانية، حوله الاتحاديون، منذ العام 1913، بعد اقتناصهم للسلطة، إلى مؤسسة دائمة ملازمة لوجودهم في الحكم واستمراريتهم، وتم تكريس استخدام هذا الجهاز (المؤسسة) كأداة بطش (شرعية) في الولايات العثمانية الأوروبية في بلاد البلقان والروملي والأناضول الشرقي والغربي والولايات الآسيوية ومنها بلاد الشام، بوجه أخصامهم لأي قومية انتموا أو اي دين أو حزب.

أما عن الديوان العرفي في عاليه فقد أنشأه جمال باشا اثر وصوله الى سوريا سنة 1914 لمحاكمة المتهمين بالقضايا الأساسية (يقول جمال باشا، في خواطره: ان والي سوريا خلوصي بك سلمه وثائق ضبطت في القنصلية الفرنسية تُدين بعض الموظفين وآخرين)، ولدى عودته من فلسطين بعد هزيمته في معركة قناة السويس وسقوط احلامه بأن يكون خديوي مصر وبلاد الشام. يومها أعطى أوامره ببدء البطش بالأحرار العرب، فالقائد والوزير حمّل مسؤولية فشل حملته (التجريدة) على قناة السويس ووزعها على جهات مختلفة عربية ولبنانية، فأجرى المحاكمات الصورية التي نتج عنها أحكام بالإعدام والسجن والنفي.

والديوان العرفي كان مؤلفاً من هيئتين: هيئة تحقيق وهيئة قضاة. وهذا الديوان لم يك يسير على سنن المحاكم العرفية المتعارف عليها في الدول؛ بل كان يسير وفقاً لمشيئة ومزاج جمال باشا وأطواره. وأعضاء الهيئتين كانوا عرضة للتغير بل للتغيير طوال عمر هذا الديوان (سنتين).

والهيئة القضائية، كانت هيئة صورية شكلية، لا فاعلية لها أو دور، وعرضة لتغيير أعضائها، وتنقسم إلى: هيئة التحقيق، وهيئة المحكمة العسكرية.

وتدخلنا الى اجواء متن كتاب “الإيضاحات”، مقدمة السعيدي، ومقدمة المحامي والمؤرخ سليمان تقي الدين.

ويتألف هذا الكتاب من: تمهيد يعرض للأحكام التي صدرت عن ديوان الحرب العرفي المنشأ في عاليه، بحق الاشخاص الذين حوكموا فيه للمرة الأخيرة. وهذا التمهيد يتقدم قسمين: الأول يستعرض الجمعيات العربية التي أنشئت في تلك الحقبة؛ والثاني يتمحور حول المؤتمر العربي الأول في باريس؛ تليهما الخاتمة التي تضم قائمتي: المحكومين وأسباب محكوميتهم وجاهياً والمحكومين غيابياً بالإعدام، تليها فهارس أربعة.

ويقول السعيدي في مقدمته لهذا الكتاب، إن جمال باشا قد كتب هذا الكتاب على مرحلتين، الأولى تناولت الشهداء الذين اعدموا في شهر آب 1915، والثانية، الذين أعدموا في أيار عام 1916، وقد كتب عنهم بعد إقالته من قيادة الجيش الرابع وعودته الى تركيا تاركاً بلاد الشام، واضافهم الى ما كان كتبه سابقاً.

واصدر كتابه هذا في العاصمة استانبول، قاصدا ان يقدم من خلال هذا الكتاب الاسباب الموجبة والمبررات التي دفعته الى ان يحيل الشهداء العرب على الديوان العرفي في عاليه، وكذلك مبرراته أمام المعترضين من العرب والعثمانيين. فأصدر كتابه هذا مستنداً الى ما سماه وثائق وزعها على ثلاثة انواع: الأول: الرسائل البريدية والبرقيات المتبادلة بين أحرار العرب، وهي في أغلبها يعود تاريخها الى سنوات 1909 و1910 و1913، ورسالة واحدة، على زعمه، تعود الى تشرين الثاني/نوفمبر 1914، أي قبل اعدامهم بسنتين وثلاث سنوات، ومن يقرأها، لن يجد فيها ما يضر بأمن السلطنة، أو ما يدين الشباب الشهداء.

والثاني: متمثل بالوثائق التي عثر عليها (قبل وصوله إلى بلاد الشام) في مخبأ سري في السفارة الاميركية، بمساعدة موظف السفارة فيليب زلزل، بالإضافة إلى وثائق من القنصليتين الفرنسيتين في بيروت والشام (المغلقتين) اللتين اقتحمتهما الشرطة العثمانية.

والثالث: هو من اقوال المتهمين اثناء تعذيبهم، خلال التحقيق في الديوان العرفي، وقد سماها احمد جمال باشا. اعترافات المجرمين اثناء التحقيق. والشهداء، موضوع هذا الكتاب، ينتمون ويتوزعون على: الجمعية الإصلاحية البيروتية، وجمعية اللامركزية الإدارية، وجمعية النهضة اللبنانية، وجمعية العربية الفتاة.

والشهداء، وغير الشهداء ممن صدر بحقهم أحكام نفي أو إعدام وجاهي أو غيابي، كلهم من عائلات ميسورة بل غنية وارستقراطية، وكان لها دور في الشأنين العام والخاص.

والشهداء، من سوريا وفلسطين ولبنان وبيروت، كانوا اصحاب مؤهلات علمية ومواقع اجتماعية (محامون، أطباء، صحافيون، واصحاب صحف؛ اقتصاديون وماليون؛ خبراء إدارة ورجال دولة (متصرف ـ قائمقام)، أدباء، علماء إجتماع، رجال دين وتشريع)… وبنضالهم وحركتهم الفكرية الخاصة والسياسية قد أوجدوا لهم موقعاً وسط الحراك السياسي ـ الثقافي ـ الاجتماعي العروبي القومي في المجتمع العربي. الحراك الذي توج بعقد المؤتمر العربي الأول في باريس في حزيران 1913، اذ ان الحراك السياسي الفكري القومي العربي لهو تتويج واختمار لجهود ونضالات وأفكار واستيعاب كتابات من سبقهم من نهضويي القرن التاسع عشر ومتنوريه الى بدايات القرن العشرين… والذي أجج في الزخم القومي العربي مع كراهية للتركي، لم تك موجودة سابقاً، ورغبة متسارعة في التخلص منه، هو الاعدامات بالجملة التي جرت في ساحتي البرج (المدفع) ـ بيروت. والمرجة في دمشق.

كما، ويؤكد السعيدي، في مقدمته لهذا الكتاب، على ان كتاب “الإيضاحات”، شكّل مادة دراسية للعديد من الكتاب والباحثين في لبنان والعالم العربي، بالرغم من أنه وثيقة في فن الكذب والخداع والتلفيق على الأحرار العرب والإفتراء عليهم، إلا أنه ـ في الوقت نفسه ـ يعطينا أفكاراً غنية جداً عن أهمية الحراك السياسي، الثقافي الاجتماعي العروبي القومي وحجمه في المجتمعات العربية، ووزنه، وموقف “تركيا الفتاة” من هذا الوعي وكيف جابهته.

ونورد هنا هذه الملامح من هوية جمال باشا التي صدّر بها كتاب مذكراته: هو أحمد جمال باشا (1872 ـ 1922)، أحد ابرز ثلاثة باشاوات في “الاتحاد والترقي. ولد في “مايتيلين” في جزيرة “ليسبوس”. والده محمد نسيب بك. الصيدلي العسكري.

وبين سنوات 1908 ـ 1916 كان أحمد جمال من رجال الإدارة العثمانية في حكومة الاتحاديين، تخرج من المدرسة الحربية سنة 1890 والأكاديمية 1893 في استانبول برتبة نقيب (يوز باشي). بداية خدمته في الدولة كانت في القسم الأول لوزارة الحربية، ثم في “كيركيليسه” في قسم بناء الاستحكامات التابعة للجيش الثاني. وسنة 1898 عين في هيئة قيادة الفرقة التجهيزية في سيلانيك. هناك تعرف الى جميعة الاتحاد والترقي وأطلع على مبادئها واسباب نشوئها وأهدافها، ما أوجد عنده حالة تعاطف معها، فاستمالته اليها. هذا كان سنة 1905. وفيها رقي رائد، وعين مفتشا في قسم الهندسة في سكة حديد الروملي، ايضا في هذه السنة تزوج أحمد جمال ب”سنيحة هانم” ابنة أخ محمد باشا قائد فرقة في “شيرنر”. وفي سنة 1906 انتسب الى جمعية الحرية العثمانية. اصبح ذا نفوذ واسع في القسم العسكري في جمعية الاتحاد والترقي، وتدرج ليصبح عضواً في قيادة الجيش الثالث وعمل مع الرائد فتحي (أوكيار) ومصطفى كمال.

وولي اضنة سنة 1909، فأجرى تنظيم وتقوية جهاز مخابراتي للرقابة على نشاطات الأرمن الاقتصادية والثقافية وعلى كنائسهم وطقوسها وقساوستها ومواعظهم، وعلى مدارسهم وبرامجها ولغتها وأنديتهم وصحافتهم وعلاقاتهم التجارية، وأعيادهم ومناسباتهم الدينية واحتفالاتهم الخاصة،(أحصى انفاسهم). لإجبارهم على تتريك حياتهم، ولما كانت الممانعة والصدود، تمت مجزرة في حق الأرمن في أضنة بإحراق احيائهم ببيوتها وقاطنيها، فكانت النتيجة أكثر من 50 الف قتيل وتدمير المدينة.

ارسل الى بغداد ليتولى حاكميتها في 26/8/1911، وعندما اشتعلت حرب البلقان الثانية سنة 1912 كان احمد جمال لا يزال واليا على بغداد، انما على اثر استلام الإئتلافيين الصدارة والحكومة، جرى استدعاؤه الى العاصمة استانبول، فقدم استقالته وغادر بغداد في 17/8/1912، كانت مشاركته في هذه الحرب عبر جهاز (السر خفية الاتحادي). الذي أعادت جمعية الاتحاد والترقي إحياءه لصالحها للتجسس والتآمر على خصومها السياسيين واغتيال من لم يوالها. ورقي الى عقيد في نهاية هذه الحرب. وولي قسم الدعاية والاستعلامات في جمعية الاتحاد والترقي فأعاد تنظيمه ووضع أهدافه قاصداً منها وضع كل سياسي او مفكر ومثقف وصحافي غير اتحادي، داخل السلطنة وخارجها، بترويجه لعمله من خلال اقسام وفروع الجمعية بتوجه طوراني عنصري ضد كل ما هو غير تركي، ومشرفاً وموجها للشبيبة (ترك أوجاغي).

في 23\11\1913شارك مع الضابط أنور بك بالاشراف على توجيه الضباط والجنود في اقتحام الباب العالي ومجلس الوزراء المنعقد برئاسة الصدر الأعظم كامل باشا، وقتل وزير الحربية واعتقال بقية أعضاء الحكومة وسجنهم.

في ذلك اليوم عين حاكماً عسكرياً مطلق اليد، للعاصمة ما جعله يلاحق المعارضين لجمعية الاتحاد والترقي، كالمسعور، بالتهم الملفقة، فبطش بالمئات منهم، وفي العام نفسه عين وزيراً للبحرية مع ترقيته لرتبة جنرال. وبعد ان اعلنت السلطنة العثمانية الحرب على الحلفاء، في الحرب العالمية الأولى، رشح لقيادة القوات العثمانية في سيناء وفلسطين، لمحاربة القوات الإنكليزية في قناة السويس، وتقبل المهمة.

فعين أحمد جمال قائداً للجيش العثماني الرابع، مع إطلاق يده في العمل السياسي العسكري في بلاد الشام (سوريا وفلسطين ولبنان)، وصولا الى الحجاز. واضعا نصب عينيه هدفين اساسيين: نزع امتيازات جبل لبنان وحكمها مباشرة من قبل الباب العالي، وضرب اي نزعة قومية لدى العرب مع تتريك شامل لبلاد الشام، وقمع اي نزعة استقلالية، وأتبعت به كل الدوائر الرسمية في العاصمة ذات العلاقة ببلاد الشام، وفي حملتيه الأولى والثانية على الانكليز في قناة السويس وفي سيناء والمدن الفلسطينية، وهي جزء من مخطط جمعية الاتحاد والترقي التي بيدها زمام القيادة السياسية والعسكرية، وبفشل أهداف هذه الخطط، يتبين لنا مدى ثقافة ومعرفة احمد جمال باشا العسكرية في تقدير القوى والموقف ليتخذ قراراته الحربية منفرداً بمعزل عن ضباط أركان جيشه المحترفين ألماناً وأتراكاً، وكأن بلاد الشام لم يكفها ما اقترفته سياسة أحمد جمال باشا وما مارسه من اضطهاد انساني وسياسي بحق شبابها، وقيام ادارته العسكرية وجنوده من نهب اقتصادي ومالي ترافق مع أمراض فتاكة (طاعون ـ جدري ـ تيفوئيد ـ كوليرا) بل زاد عليهم الجفاف وضحالة انتاج المواسم الزراعية ليفتك بها الجراد قبل ان تحصد.

في نهاية عام 1915، بدأ أحمد جمال اتصالاته السرية (مفاوضاته) مع الفرنسيين بواسطة ضابط فرنسي في بيروت، لانهاء الحرب ومساعدته لأن يتولى امارة بلاد الشام مستقلا منفرداً، بمعزل عن رفاقه الاتحاديين في استانبول لكن هذه المفاوضات لم تثمر..

ولفد تميزت سياسة احمد جمال باشا بالعنف الجسدي والترهيب النفسي والنهب الاقتصادي بمختلف الوسائل حتى بات يشار اليه بالسفاح أو الجزار بسبب الاعدامات التي أمر بها بتهم سياسية طاولت مئات الشباب العرب من فلسطين وسوريا ولبنان، مدنيين وعسكريين.

وبعد الهزائم المتتالية التي نزلت بالقوات العثمانية في سيناء وفلسطين، كُفّت يد جمال باشا عن قيادة القوات، فأعيد توزيع المناطق والصلاحيات بين الضباط الأتراك والضباط الالمان، فانحسرت صلاحيات أحمد جمال باشا الإدارية، والعسكرية المعطاة له بين لبنان وجزء من سوريا حتى حلب، ما أتاح لقطعاته العسكرية المنتشرة في تلك البقعة ان تشارك في إبادة القوافل الارمنية المهجرة من قراها في الأناضول الشرقي بأمر من أحمد جمال باشا بحكم موقعه والقيادة العامة في استانبول بالتعاون مع الضباط الألمان وتوجيهاتهم.

والهزائم المتلاحقة التي أصابت الجيش العثماني وصولاً إلى داخل فلسطين، توزعت الانتقادات وإلقاء المسؤوليات والأسباب، مرة على الأتراك وتارة على الشريف حسين، أو بسبب خيانة اللبنانيين والسوريين لدولتهم (السطنة العثمانية)، ما أدى بالقيادة، الى استدعاء احمد جمال باشا الى استانبول،(غادر وبحوزته 400,000 ليرة ذهبية محتويات خزنة الجيش الرابع) وتمت تسميته عضواً في هيئة الإدارة المركزية لجمعية الاتحاد والترقي سنة 1917 بعد عودته من بلاد الشام.

ومع تراجع القوات التركية امام هجمات الجيش الانكليزي المتسارعة بقيادة الجنرال اللنبي وانسحابها الى شمال فلسطين أي لبنان وسوريا ثم حلب ومنها الى تركيا في 7 تشرين الاول سنة 1918، كانت القيادة السياسية والعسكرية في استانبول قد هربت الى المانيا ثم سويسرا. وفي تركيا أنشئت محكمة عسكرية حاكمت جميعة الاتحاد والترقي بأعضائها البارزين كمجرمي حرب لما اقترفوه بحق الإنسانية من جرائم ومجازر ضد العرب والأرمن والسريان، وما نتج من دمار وخراب للدولة العثمانية وأودى بها ان يحتلها الأجنبي. فحكمت تلك المحكمة بالإعدام على أحمد جمال باشا، وغيره من بقية القياديين الاتحاديين. فلاحقت يد العدالة الانسانية هذا السفاح الى تبيليسي في جورجيا وتم انزال عقوبة الإعدام بحقه على يد البطلين الارمنيين بيدروس در بوغوصيان وستيبان دزاغيجيان، فأردياه مع سكرتيره في 21/7/1922، كجزء من عملية “نيميسس” التي طاولت كل مجرمي “الاتحاد والترقي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى