التفجيرات ‘الارهابية’ في سورية
رأي القدس
تتنوع أخبار القتل في سورية، وتتعدد مصادرها هذه الايام، فبينما كانت هذه الأخبار في بداية الانتفاضة السورية محصورة في اعداد الضحايا الذين يسقطون برصاص قوات الامن التي تستهدف المدنيين العزل، باتت الآن تتحدث تارة عن تفجيرات انتحارية تستهدف مقارا امنية وسط مدينتي دمشق وحلب، واخرى عن عمليات الجيش السوري الحر وما توقعه من خسائر بشرية في صفوف قوات الامن والجيش التابعة للنظام.
يوم امس هز انفجار عنيف لسيارة ملغومة منطقة سكنية في مدينة حلب اوقع العديد من الضحايا قتلى وجرحى، وقبله بيوم وقع انفجاران انتحاريان بسيارتين ملغومتين استهدفا مقرين امنيين في قلب العاصمة دمشق واديا الى سقوط 27 قتيلا وعشرات الجرحى.
السلطات السورية تقول ان هذه التفجيرات هي من تنفيذ جماعات ‘ارهابية’ ممولة ومسلحة من الخارج، واتهمت صحفها كلا من المملكة العربية السعودية وقطر بالوقوف خلفها، وحملتهما مسؤولية سقوط هذا العدد من الضحايا وتوعدت بالانتقام.
المعارضة السورية تصر على روايتها القديمة التي تتهم النظام بالوقوف خلف هذه التفجيرات لتشويه صورتها، وبث الرعب في صفوف ابناء الشعب السوري، والاقليات الدينية والعرقية داخل نسيجه الاجتماعي على وجه الخصوص، مثل المسيحيين والدروز والاكراد والاسماعيليين الى جانب العلويين، وايصال رسالة بانها اي الاقليات ستكون مستهدفة من قبل هؤلاء ‘الارهابيين’ في حال سقوط النظام.
الحكومة الامريكية كشفت ان تفجيرات دمشق الاولى التي وقعت قبل شهر تقريبا كانت من فعل جماعات تابعة لتنظيم القاعدة، وعارض مسؤولون فيها تسليح المعارضة السورية والجيش السوري الحر على وجه الخصوص خشية ان تقع هذه الاسلحة في يد هذه الجماعات.
وجود جماعات متشددة في الداخل السوري تعمل لاسقاط النظام امر غير مستبعد، بل يرى البعض انه مؤكد، فقد اعترف وزير الخارجية الليبي بان بعض المتشددين الليبيين يقاتلون حاليا الى جانب الثوار السوريين، ولكنه استدرك بان هؤلاء ذهبوا الى سورية دون علم الحكومة او بالتنسيق معها، كما ان انباء عديدة تحدثت عن تسلل مقاتلين من المثلث السني العراقي الى الاراضي السورية للمشاركة في الثورة المسلحة التي تقاتل لاسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، ولا يمكن في هذه العجالة القفز على الشريط الذي اصدره الدكتور ايمن الظواهري زعيم تنظيم ‘القاعدة’ وحث انصاره على الذهاب الى دمشق لمحاربة النظام ‘الطائفي الكافر’ على حد وصفه.
النظام السوري لن يتورع عن فعل اي شيء من اجل البقاء في الحكم بما في ذلك استنساخ تنظيمات متشددة، وتنفيذ تفجيرات هنا وهناك والصاقها بها، لكن من المستبعد، من وجهة نظر العديد من الخبراء الامنيين ان يلجأ النظام الى تفجير مقراته الامنية وخسارة هيبته في الوقت نفسه، لان هذه الهيبة هي كل ما تبقى للنظام اساسا، وخسارتها، اي الهيبة الامنية، تعني فقدان النظام لاهم اسس بقائه واستمراره.
سورية تنجرف بسرعة الى حرب اهلية دموية طاحنة في ظل اعمال التسليح التي تقف خلفها دول خليجية تريد التسريع باسقاط النظام ولم تخف نواياها في هذا الصدد. فالتدخل العسكري الخارجي على غرار ما حدث في ليبيا بات مستبعدا في الوقت الراهن على الاقل. ولذلك هناك توجه بشن حرب عصابات تستنزف النظام جنبا الى جنب مع عقوبات اقتصادية قاسية باتت تعطي ثمارها انهاكا للاقتصاد السوري، وتضييق الخناق على النظام والشعب معا.
من الصعب التكهن بمدى نجاح هذا التوجه، ولكن ما يمكن التكهن به ان سورية مقدمة على تفجيرات وحمامات دماء مما يؤدي الى سقوط اعداد مضاعفة من الضحايا الابرياء.
القدس العربي