الجبهة الشامية وداعش: “إسلامان”/ وليد بركسية
بثت مؤسسة “كفاح للإنتاج الإعلامي” التابعة لـ”الجبهة الشامية”، فيلماً قصيراً حول أسرى تنظيم “داعش” لدى الجبهة، توجه عبره رسالة الى تنظيم “داعش” حول رفضها لفكرة المعاملة بالمثل، بعد العفو عن مقاتلي “داعش” الأسرى لديها.
الفيديو يحمل عنوان “المسلمون ليسوا مجرمين”، ويظهر فيه عشرة أسرى للتنظيم التكفيري في قبضة “الجبهة الشامية”، خلال التحقيق معهم وكشفهم بعض المعلومات عن “داعش” للجمهور، مثل بيع النفط للنظام السوري عبر طرقات محددة، ثم العفو عنهم بشكل مسرحي عبر مشهد يحاكي طريقة الإعدام الداعشية التقليدية، من ناحية الملابس البرتقالية والأناشيد الدينية الدموية والجلادين الملثمين.
“إسلامان” اثنان يتصارعان في الفيديو: الإسلام المعتدل للجبهة الشامية ضد الإسلام الدموي على طريقة “داعش”، وهي نقطة تتكرر في الإعلام العالمي والعربي وفي الخطابات السياسية حول ضرورة تحديد المنظمات الإرهابية الناشطة على الأرض، وفصلها عن القوى الثورية حتى لو كانت ذات توجهات إسلامية. وبالتالي يخلق الفيلم تمييزاً بين الإرهاب والجهاد وبين العنف غير المبرر والثورة، ويصبح اللباس الديني للجماعتين، رغم تشابه أهدافهما العامة، قابلاً للتمايز بين الأسود الداعشي وبين الأبيض للإسلام المعتدل.
الرمزية اللونية تتركز في الفيديو عبر الأقنعة السوداء التي يرتديها الجلادون قبل خلعها في وقت واحد، ثم يظهر رئيس المكتب الشرعي في الجبهة محمد الخطيب بثياب بيضاء، كي يتلو خطبة قصيرة أمام الأسرى المقيدين حول الفروقات الدينية والشرعية بين الإسلام المعتدل والإسلام الداعشي، مع تهديد “داعش” بقتالها وفق “وصية رسول الله”.
يقول الخطيب في سياق الفيديو: “إن كان لبس السواد واللثام شعاركم، فالبياض والوضوح شعارنا، إن كان قطع الرؤوس دينكم وهواكم، فديننا في إصلاحها وترسيخ الإيمان فيها، من رجع منكم قبلناه وسامحناه ومن غرر به نصحناه، أما من أصر على بغيه وضلالته وقتال أمته فليس عندنا له سوى السيف الجرار”.
خطاب الفيديو ينطلق من مبادئ دينية لا سياسية، فالأمة التي تنشد الجبهة الدفاع عنها ليست دولة مدنية سياسية بل هي أمة الإسلام، وعليه لا بد من مسامحة المغرر بهم ممن التحق بتنظيم “داعش” أو ممن يريد التوبة وتصحيح مساره في الحياة نحو الإسلام الطبيعي، وبالتالي هو خلاف بين حركات ومفاهيم إسلامية لا أكثر، تحدده فكرة “الخوارج”، وهي التهمة التي تبادلتها “الجبهة الشامية” و”داعش” كل على الآخر عبر منافذهما الإعلامية طوال العام الماضي.
ويشكل الفيلم بداية انفتاح أكبر من طرف الجماعات الإسلامية لتغيير خطابها نحو مزيد من الاعتدال في الفترة المقبلة، فالتغيير لا يمكن أن يتم دفعة واحدة بل على درجات، خاصة أن خطط الحل السياسي في البلاد ما زالت غامضة وغير واضحة الملامح، من دون تناسي الوضع العسكري المتأزم بعد دخول القوات الروسية خط المعارك إلى جانب النظام السوري.
اللافت في أسرى “داعش” الذين يظهرون في الفيديو، هو أعمارهم الصغيرة والأعمال الدموية التي أشرفوا عليها مثل حفر المقابر الجماعية لضحايا التنظيم، علماً أن معظمهم سوريون وليسوا من المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم والذين يبرزون في البروباغندا الداعشية على حساب أعضاء التنظيم المحليين.
و”الجبهة الشامية”، اتحاد من كبرى فصائل المعارضة المسلحة في شمال سوريا، وتخوض منذ تأسيسها اواخر العام الماضي معارك ضد “داعش” في ريف حلب الشمالي، إضافة لقتالها ضد قوات النظام السوري، وتضم كلاً من “كتائب نور الدين الزنكي”، “جيش المجاهدين”، “الجبهة الإسلامية”، “تجمع فاستقم كما أمرت”، “جبهة الأصالة والتنمية”، “حركة أحرار الشام”، “حركة صقور الشام”، “حركة حزم”، وغيرها.
المدن