الحرب الاستباقية…وتدخل ‘حزب الله’ في سورية/ د. وليد الايوبي
سر كل انتصار ليس في شن حرب استباقية، انما هو في أن تخوض حرباً عادلة لا ريب في عدالتها، وأن تكون في موقع الدفاع عن النفس، حتى تنتصر أخلاقيا، قبل أن تنتصر في الميدان.
إنه إذا ما أردنا التوسع بمفهوم الحرب الاستباقية، فما علينا سوى العمل بموجب فتوى الحاخام اليهودي ‘إسحاق شابيرا’ الذي أفتى في مؤلفه ‘توراة الملك’ بقتل أي شخص غير يهودي بمن فيهم الأطفال الرضع من العرب…طبعا للحؤول دون أن يصبح هؤلاء الأطفال قادرين عندما يشتد عودهم على مقارعة يهود فلسطين. لقد خاض ‘الحزب’ في لبنان ضد الاحتلال الصهيوني حربا لا ريب في عدالتها ولذلك انتصر. إن عدالة القضية هي التي جعلته ينتصر قبل دعم هذه الجهة أو تلك الجهة له. أما خوض ‘الحزب’ حربا على الأراضي السورية ضد شعب سوري ومقاتلين سوريين أو عرب أو مسلمين يسمونهم ‘تكفيريين’، فإنه في خوضه هذه الحرب يكون قد فقد عدالة القضية، وأنكسر قبل أن ينتصر. حول دور ‘الحزب’ في مقاومة الاحتلال الصهيوني للجنوب كانت تختفي الأصوات المعارضة خجلا، أما في الحالة السورية، فإن الأصوات المعترضة ترتفع وجلا.
لقد حصلت تفجيرات ‘الضاحية’ الأخيرة بعد نيف وسنتين على تدخل ‘الحزب’ في الأزمة هناك، ولو حصلت تلك التفجيرات قبل تدخل ‘الحزب’ في الأزمة السورية، لكان وضعه في الرأي العام مختلفا تمام الاختلاف عما هو عليه الآن، ولكان موقف الرأي العام الظاهر منه والمستتر من تدخله موقفا إيجابيا. الرأي العام هو المياه التي لا يمكن لأي قوة سياسية إذا ما خرجت منها أن تستمر في الحياة وعلى ‘الحزب’ إعادة النظر في كل ملفاته، إذا ما أراد أن يستمر في الحياة. قيل لي بأن هناك قضايا عادلة وليس حروبا عادلة. أجبت: ‘وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين’. إذا هناك حروب عادلة…وقضايا عادلة…وقضايا غير عادلة…إن تدخل ‘الحزب’ في الشأن السوري حرب غير عادلة !
سئلت عن ‘الحرب العادلة’ في ملف الحرب بين العراق وإيران، لجهة من يمكن من بين ضحايا هذه الحرب تصنيفه شهيدا؟ إني أترك الإجابة لمن هم أولى مني بها…
ثم تكرر السؤال نفسه لجهة أحقية القضية والشهادة عند غزو العراق للكويت، فكانت إجابتي: إن العراق يخوض ضد الكويت حربا غير عادلة.
ثم سئلت عن ثورة الشعب العربي ضد استبداد الأنظمة، فكانت إجابتي: إن الشعب العربي يخوض حرباً عادلة.
ثم سئلت عن حرب ‘السيسي’ على ‘مرسي’ فقلت: إن ‘السيسي’ يخوض حرباً غير عادلة…وسوف يفشل في خوضها…حتما!
إنه نظرا لسمة الاضطراب التي تغلب في الدول غير الديموقراطية على علاقات الجماعات لا سيما سياسيا، حيث لا تحظى التعددية بكل مضامينها بالتسامح، فإن الثقافة الفردية تمثل صمام أمان من مخاطر الاشتباك بين هذه الجماعات، بفعل النوافد والمتنفسات التي توفرها لتلاقي الأفراد. إنه علينا قبول أن النسبية وليس المطلق اجتماعيا وحضاريا…هي القانون الحكم! إنه ليس المطلوب أن تذوب الأفراد في بعضها البعض، إنما المطلوب هو احترام الاختلاف، واعتماد الحوار، وانتهاج المعايير الموضوعية نبراسا. إنني متفائل بأن الأفراد يستطيعون تجاوز المعوّقات التي تعوق تفاعل الجماعات فيما بينها إنسانيا. إنه على مستوى الأفراد وليس على مستوى الجماعات، بالإمكان أن نحيا إنسانيتنا…فلماذا لا نعيد النظر في التربية والثقافة والمنظومات السياسية السائدة التي تمجّد الطائفة والقومية والعشيرة، على حساب حق الإنسان في التنمية والثقافة والتربية، في أن يحيا الإنسان إنسانيته بعيدا عن أحادية التنظير والنظرة المقولبة والأحكام المسبقة…
‘ أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية