الحكومة السورية المؤقتة: بداية متواضعة/ جهاد اليازجي
أصدرت الحكومة السورية المؤقتة (حكومة المعارضة) قراراً تعتبر فيه جميع موظفي الدولة السورية، الذين قامت حكومة السورية الرسمية (حكومة النظام) بفصلهم من وظائفهم، بسبب دعمهم للمعارضة، موظفين في الحكومة السورية المؤقتة.
وقد جاء خلال اجتماع في اخر أسبوع من شهر اذار للحكومة المؤقتة – وهي مؤسسة قام بتشكيلها الائتلاف الوطني في تشرين الثاني من العام 2013 من أجل إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة – أن تنفيذ هذا القرار سيتم بدءاً من محافظة الحسكة تليها بالتدريج بقية المحافظات وفق جدول أولويات يحدده الوزراء.
وتقرر أن يعود كل عامل إلى وزارته المختصة التي كان يتبع لها قبل أن يتم فصله من حكومة الرسمية، وهكذا فإن الموظف الذي كان يعمل في وزارة الاقتصاد في الحكومة الرسمية سوف يتم توظيفه في وزارة الاقتصاد في الحكومة المؤقتة.
ففي السنوات الثلاث الأخيرة قامت الحكومة السورية الرسمية بفصل الآلاف من الموظفين المدنيين المعروفين بانتمائهم للمعارضة أو دعمهم لها.
وفي حين أن التوظيف في القطاع العام في الحالة الاعتيادية يكون مدى الحياة، تبرّر الحكومة الرسمية عملياً طردهم بدعوى الفساد أو دعم الإرهاب. ونظراً للحالة الاقتصادية المزرية وندرة فرص العمل في المناطق المعارضة، فقد تمكنت الحكومة الرسمية من خلال هذه التدابير من الحد من حدوث الانشقاقات ودعم المعارضة.
لم تحدد الحكومة المؤقتة عدد الأشخاص المتوقع توظيفهم لديها، لكن واقع الأمر أن استيعابها لهم بالتدريج يعكس صعوبة دفع رواتب هؤلاء الموظفين ـ وتواصل المعارضة مواجهة العجز المالي الكبير الذي تعاني منه.
واحدة من النتائج المترتبة على هذا القرار، لو تم تطبيقه، هي أنه يقدم بعض الضمانات لبعض الأشخاص الذين ينوون الانشقاق. إلا أنه قد يؤدي في الوقت ذاته إلى إثارة الاستياء بين قطاعات واسعة من سكان المناطق المعارضة الذين لا يملكون عملاً يعود عليهم بالدخل. على أية حال، ونظراً للموارد المالية المحدودة التي تملكها المعارضة، فمن المرجح أن تأثير هذا القرار سيكون محدوداً في المستقبل القريب.
ويذكر أيضاً أن الحكومة المؤقتة أعلنت خلال اجتماعها توظيف 1200 شخص في أنحاء البلاد للعمل لصالح وزارة الإدارة المحلية. لكن الإعلان لم يوضح ما إذا كان هؤلاء من بين الموظفين الذين قامت الحكومة الرسمية بفصلهم من وظائفهم، أم لا.
كما اتخذت الحكومة المؤقتة مجموعة قرارات من ضمنها إنفاق 1.2 مليون دولار لإقامة عدد من مشاريع المياه، وطباعة 500.000 دفتر مدرسي وتوزيعهم على الأطفال اللاجئين، بالإضافة إلى تغطية تكاليف مشفى مدينة إعزاز. وفي اجتماعات لاحقة اقرت الحكومة أيضاً جرّ الكهرباء من محطة البارة إلى مدينة معرة النعمان، وإنشاء مركز تدريب وتأهيل على إدارة الشؤون الحياتية في المناطق المحررة وصيانة 55 مدرسة في مختلف المحافظات السورية، وإنشاء الهيئة العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
وخلافاً للنظام السوري، الذي استطاع تقديم صورة عن تماسكه وأثبت مرونته في التعامل مع الأزمة، تبدو المعارضة مشرذمة وغير قادرة على إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها.
إن افتقارها للموارد، وعدم تمكنها من إحكام القبضة التامة على المناطق التي من المفترض أن تديرها، يشكلان العقبات الرئيسية التي تحول دون تحقيق الحكومة المؤقتة لطموحاتها. مع ذلك، تشير سلسلة القرارات التي تم إصدارها خلال الاسابيع الماضية إلى اتخاذ الخطوة الجدية الأولى على طريق إحداث تأثير ملموس.
المدن