الروائي اللبناني إلياس خوري يهدي جائزة اليونسكو إلى أهالي حمص ويعتبرهم يستحقون الانحناء والتقدير
فاز الروائي اللبناني إلياس خوري والناشر البرازيلي جواو بابتستا دي ميديروس فارجنس بجائزة اليونسكو للثقافة العربية لعام 2011.
وقامت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو بتسليم الجائزة خلال احتفالية كبرى أقيمت بمقر المنظمة تقديرا لجهودهما في نشر الثقافة العربية وتعريف العالم بها.
إذاعة الأمم المتحدة حاورت الروائي اللبناني إلياس خوري والذي قال انه يهدي جائزة اليونسكو إلى أهالي مدينة حمص السورية، مشددا على أن ما يجري فيها يعتبر مأساة إنسانية كبرى لشعب يقصف بالمدفعية منذ أيام في حين انه يقاوم من اجل الحرية الديمقراطية. وتحدث خوري أولا عن قيمة الجائزة:
إلياس خوري: لقد فوجئت بهذه الجائزة، فهي جائزة ذات طابع ثقافي وكل جائزة تحمل هذا الطابع تعني اعترافا بمجهود الأديب وهي حافز لمتابعة العمل الفكري والثقافي وتساهم في إيصال صوتي إلى العالم.
إذاعة الأمم المتحدة: لقد تمثلت تجربتك الإبداعية من خلال العشرات الروايات أرجو أن تحدثنا عن هذه التجربة.
إلياس خوري: إن تجربتي الأساسية هي الرواية، لقد كتبت اثنتي عشرة رواية واعتبر نفسي روائيا بالأساس، لأن متعة الحياة الكبرى في أن نكتب ونستمع إلى الحكايات، هي جزء من تراث الإنسانية بشكل عام فالرواية كما بدأت مع شهرزاد هي قصة ترويها امرأة تؤنث الحياة واللغة وتضع الكتابة في موقع التعبير عن المهمشين والضعفاء، وعن الذين منعوا من الكلام، وبهذا المعني فان تجربة الرواية رحلة لاكتشاف العالم الجديد بطريقة جديدة، ومن اجل أن أسمح للقارئ أن يشارك على طريقته الخاصة.
إذاعة الأمم المتحدة: في بعض إنتاجك الأدبي كانت هناك تفاصيل تتكئ بشكل عام على ذاكرة وطنية متجلية في محبة الوطن وحمايته ماذا تقول عن الوطن؟
إلياس خوري: الحقيقة أنا أحب الوطن لان الوطن يعاني من التجاهل وفيما يتعلق بلبنان فأنا أحبه لان اللبنانين تخلوا عنه وتحولوا إلى طوائف وقبائل متحاربة، أحب الوطن في ضعفه، أما الأوطان القوية فلا أحبها، على الإنسان أن يتحرر من الوطنية الضيقة ولكن بشرط أن يعيش في كنف وطن حقيقي، أما تجربتي مع الوطن الآخر ،فلسطين، التي كتبت عنها كثيرا هي أيضا وطن مقموع ومضطهد، بهذا المعني أترجم حبي للوطن، أنا لست من دعاة الأدب الوطني وتمجيد الأوطان، فبرأيي أن كل الشعوب متشابهة، وكل البلدان جميلة وأنا انتمي إلى الإنسان بهذا العالم.
إذاعة الأمم المتحدة: ما الذي تعكسه الغربة والحنين إلى الوطن على الكاتب بصورة شخصية؟
إلياس خوري: أنا لا اشعر بالغربة، أنا مسافر ولست مهاجرا أو منفيا،السفر بالنسبة لي وسيلة كي أرى الأشياء بوضوح أكثر وكي اكتشف وأتفاعل مع العالم، انا لست في غربة عن وطني لأني ارفض مبدأ الهجرة عن الوطن، ان الوطن الذي يعاني من صعوبات يجب يحفزنا على البقاء فيه كي نعمل ونناضل من اجله.
إذاعة الأمم المتحدة : الأدب يعبر الحدود ولا يعترف بوجود اتفاقيات سلام بين الدول قد تقييده، كيف ينظر إلياس خوري إلى ترجمة رواياته إلى العديد من اللغات وبخاصة اللغة العبرية ؟
إلياس خوري: لقد ترجمت رواياتي إلى خمس عشرة لغة منها الانكليزية والفرنسية وهناك فقط روايتان ترجمتا إلى اللغة العبرية أحداهما رواية باب الشمس، التي تروي النكبة الفلسطينية ومأساة الشعب الفلسطيني، فمن المهم أن يقرأ الإسرائيليون ماذا فعلوا، لان معاناة الفلسطينيين محجوبة في الأدب الإسرائيلي، وحكايات النكبة غير مكتوبة فهم ينكرون حصولها، فمن المهم بالنسبة لي أن يعرف المواطن الإسرائيلي العادي ما الذي جرى، كي يعلم أن طريق السلام في فلسطين لا يمكن أن يمر إلا عبر العدالة وحق العودة، إن السلام له وسيلة وحيدة هو التفاهم السياسي بين الشعوب والعالم والأمم والدول، وشرط السلام العربي الإسرائيلي هو أن تعترف إسرائيل بالجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني وحق العودة، هذا لا ينفي أن هناك في إسرائيل أصوات متميزة ومنها دار الأندلس للنشر التي تديرها يائيل لرر، والتي قامت بترجمة رواياتي ونشرها، وهي تعاني من مشاكل عدة ألان لأنها قامت بنشر الأدب العربي وترجمته إلى اللغة العبرية، اعتقد أن هذه الأصوات نبيلة ونحن نشترك معا في معركة واحدة ضد العنصرية والاحتلال.
إلى من يهدي إلياس خوري جائزته هذه اليوم ؟
إلياس خوري: أهدي جائزة اليونسكو إلى أهالي مدينة حمص السورية، فانا أفكر كثيرا بما يجري في هذه المدينة والذي يعتبر مأساة إنسانية كبرى لشعب يقصف بالمدفعية منذ أيام في حين هو يقاوم من اجل الحرية الديمقراطية، اعتقد انه من دون الديمقراطية وسقوط الديكتاتوريات في العالم العربي لا أمل في المستقبل، وان النموذج الذي تقدمه حمص اليوم هو نموذج ساطع ويستحق كل الانحناء والتقدير.