السعودية ليست مؤهلة للتدخل في سوريا بمفردها
ترجمة وتحرير فتحي التريكي – الخليج الجديد
تسببت إجراءات المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة في قدر كبير من القلق داخل المنطقة. في يوم 4 فبراير/شباط، قال المتحدث العسكري باسم القوات السعودية أن المملكة مستعدة لإرسال قوات برية لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا. وبعد أسبوع أعلنت المملكة العربية السعودية أنها سوف ترسل طائرات مقاتلة وجنود إلى تركيا للمشاركة في قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ضد «الدولة الإسلامية».
بعد ذلك بثلاثة أيام، دشنت السعودية مناورات رعد الشمال التي وصفت بأنها أكبر مناورات عسكرية في تاريخ الشرق الأوسط بمشاركة 20 دولة على مدار حوالي 3 أسابيع. تجري المناورات في منطقة حفر الباطن العسكرية في شمال المملكة العربية السعودية، على الحدود مع العراق والكويت. ووفقا لإحدى وسائل الإعلام السعودي، فقد كان من المتوقع أن يشارك في هذه المناورات حوالي 350 ألف جندي.
ومن الواضح أن المملكة العربية السعودية كانت ترسل برسالة قوية مفادها أنها على استعداد للمزيد من القتال. لم تكن الرسالة موجهة إلى الدولة الإسلامية بقدر ما كانت موجهة إلى إيران وحلفائها: الرئيس السوري «بشار الأسد» وحزب الله، ومن خلفهم روسيا. حتى أن بعض المؤمنين بنظريات المؤامرة قد ذهب إلى أن مناورات رعد الشمال ليست سوى غطاء لغزو سوريا بريا عبر العراق أو الأردن.
وقد ضاقت المملكة العربية السعودية ذرعا بتقوية موقف إيران في الشرق الأوسط. تم رفع العقوبات التي كانت تضيق عملها. وقد دخلت روسيا إلى الحرب في سوريا من أجل دعم «الأسد» وإيران. وعلى حدودها الجنوبية، فإن المملكة عالقة في حرب استمرت لمدة عام لدحر جماعة أنصار الله واستعادة سلطة حكومة الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي».
وبالتالي، هناك العديد من الأسباب التي تدفع المملكة العربية السعودية أن تسعى إلى محاولة تغيير الوضع في سوريا. ولكن هل بإمكانها حقا أن تفعل ذلك؟
البنية التحتية العسكرية
تستثمر المملكة العربية السعودية مبالغ هائلة من المال في تحديث جيشها. وقد جهزت قواتها البرية القوية البالغ عددها 75 ألفا بدبابات «إبرامز» القتالية الأمريكية الصنع وعربات «برادلي» القتالية المدرعة. وهي تمتلك في ترسانتها الجوية طائرات «النسر إف – 15» إضافة إلى مقالات «يوروفايتر» وبعض طائرات «تورنيدو» القديمة. وقد تم تجهيز قوات الدفاع الجوي بصواريخ باتريوت سام، ولديهم أيضا وحدة الصواريخ البالستية الصينية من طراز «دي إف 21».
إلى جانب الجيش النظامي السعودي، هناك أيضا الحرس الوطني وهي قوة منفصلة تقع تحت قيادة وزارة مستقلة. وهي قوة كبيرة مثل الجيش النظامي وربما تكون أفضل تدريبا. على الرغم من أنه يتكون بشكل كامل تقريبا من مشاة ميكانيكية (بدون دبابات قتال رئيسية) ولكنه يمتلك فرق المدفعية الخاصة به وهو في طريقه أيضا للحصول على ذراعه الجوية الخاصة المجهزة بطائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي.
من الناحية الظاهرية، تملك المملكة العربية السعودية قوة عسكرية هائلة بالفعل، ودخول هذه القوة إلى الحرب في سوريا سوف تضع الكثير من العقبات في طريق دمشق وطهران وموسكو، ولكن هل تبدو حقيقة الأمر كذلك؟
تتوقف قوة الدبابات والطائرات المقاتلة والصواريخ على استمرار عمليات التشغيل والصيانة والدعم. وفي هذا المجال، فإن لدى المملكة العربية السعودية طريقا طويلا للذهاب فيه.
لا يعرف الكثير حول الكفاءة العسكرية للمملكة العربية السعودية كقوة مقاتلة. كانت الحرب الوحيدة التي شارك فيها السعوديون هي عملية عاصفة الصحراء في 1991؛ وقد قامت الولايات المتحدة بمعظم العمليات القتالية في هذه الحرب. وفي الآونة الأخيرة، فإن القوات السعودية قد ذهبت إلى القتال في اليمن ولكنها لم تحقق أي نتائج ملموسة إلى الآن. يتحدث المستشارون الأجانب حول العديد من الصعوبات التي تواجههم في إعداد الجنود السعوديين وفق معايير الكفاءة والجاهزية المطلوبة للقتال.
ما تم توثيقه جيدا هو المستوى العسكري السعودي اعتمادا على أرقام الصفقات العسكرية الخارجية. وتجري جميع أعمال الصيانة والدعم اللوجستي للأسلحة السعودية تقريبا من قبل المقاولين الأجانب. وعلاوة على ذلك، هناك المئات من المستشارين والمدربين العسكريين الأجانب في البلاد.
الاقتصاد السعودي يعتمد اعتمادا كبيرا على العمالة الأجنبية التي تمثل ما يقرب من ثلث السكان. القوات المسلحة ليست استثناء. هذا أمر جيد طالما أن الجيش يجري التدريبات داخل الثكنات، ولكن الحرب حتما هي أمر مختلف تماما. على أرض المعركة فإنه من الصعب الاعتماد على المقاولين الأجانب من أجل البقاء مع الوحدات. حتى إن بعض المصادر تشير أن جزءا كبيرا من القتال في اليمن يتم من قبل مرتزقة وظفتهم دولة الإمارات العربية المتحدة من أمريكا اللاتينية.
ومع ذلك فإن احتمالية التدخل البري في سوريا لا تزال قائمة. وقد أحيت الحروب الأخيرة في المنطقة هذا التنافس القديم بين السنة والشيعة، في حين تشعر السعودية ودول الخليج بالإحباط حيال الوضع في المنطقة. بالنسبة إلى تركيا، فإن الأمر مختلف حيث يتمتع الجيش بمستوى أكبر من القدرات القتالية. المملكة العربية السعودية هي قوية بما يكفي لإعطاء بعض المساعدة الرمزية لأي تحرك من قبل تركيا، ولكنها لا تستطيع أن تدفع مثل هذه العملية بمفردها.
واسمحوا لي أن أنهي هذا المقال بتعليق على تمارين رعد الشمال. غالبا ما تستغرق المناورات القتالية ذا الحجم الكبير وقتا طويلا جدا لتخطيطها وتنسيقها ثم لجمع الوحدات في مكان واحد. ولكن مناورات رعد الشمال قد ظهرت إلى وسائل الإعلام فجأة ولم يعرف الكثير عن تفاصيلها منذ ذلك الحين. ما يطرح تساؤلات حول حقيقة مشاركة 350 ألف جندي، وهل هم حقا كذلك؟
ناشيونال إنترست