الصحفي اللبناني فداء عيتاني: حزب الله ينقصه الموارد البشرية بالأساس
مضر الزعبي
شهدت الساحة السورية خلال الأسابيع الماضية جملة من التطورات، تمثلت بالتقارب الروسي التركي، بالإضافة لتقديم الجيش التركي الدعم لمجموعات من الجيش الحر في مدينة جرابلس شمال حلب، وصولاً إلى إعلان وزيري خارجية أمريكا وروسيا التوصل لاتفاق لوقف الأعمال العدائية.
ولمعرفة مدى انعكاس التفاهمات الدولية الأخيرة على الداخل السوري، أجرت “كلنا شركاء” مع الصحفي اللبناني فداء عيتاني، أحد أبرز الصحفيين العرب المختصين بالشأن السوري، الحوار التالي:
كيف تنظر للتطورات الأخيرة في محافظة حلب، ولاسيما بعد الحديث عن تقليص الدعم التركي لفصائل المعارضة في مدينة حلب منذ بدء الحملة التركية ضد تنظيم “داعش” في مدينة جرابلس؟
الدعم التركي تقلص أو تحول مسار العمل التركي منذ يوم اتصال الراموسة بمنطقة الكليات وفتح خط الإمداد، أي في السادس من آب، يومها بدأت تركيا تعد للمرحلة التالية، أي الدخول إلى الأراضي السورية مباشرة، وفصل مناطق الأكراد، وضرب بعض مواقع تنظيم (داعش).
وبعد أن عملت تركيا طويلاً على المسار الديبلوماسي والعسكري، ودفعت بالقوى السورية إلى التوحد وخاضت بها معركة فتح طريق حلب، حصلت على موافقة من الأطراف الدولية والإقليمية المشاركة في الحرب في منطقة حلب، من إيرانية وروسية وأميركية وغيرها على الدخول مباشرة وبدء إنشاء المنطقة العازلة أو الحزام الأمني التركي.
بكلمة واحدة: حين تتحقق المصالح الكبرى حتماً سيتوقف الاهتمام بمصالح القوى الصغيرة.
هل تعتقد أنه تم الاتفاق على مناطق نفوذ للدول الكبرى داخل سوريا؟
حتماً هناك جانب من الاتفاق الأميركي الروسي غير معلن، هو الجانب السياسي، كيف ستكون سوريا؟ من سيحكم؟ ما هو مستقبل الاكراد؟ ما هي مناطق نفوذ كل طرف من الأطراف الرئيسية الخارجية؟
الاتفاق الذي أعلن عنه، والأوراق التي أرسلها الأميركيون لحلفائهم في سوريا لا تشير إلى أكثر من اتفاق تقني لوقف إطلاق النار، ومدخل لعمليات ضرب مناطق المعارضة التي تحوي جبهة فتح الشام (تنظيم جبهة النصرة سابقا)، ومرحلة اختبار أولية على أن تليها مرحلة تفاوض سياسية، أما الجانب السياسي، هل أخذ الأميركيون من روسيا في سوريا أم في أوكرانيا؟ أم في مكان آخر؟ وكيف ستكون عليه صورة الوضع السوري بعد وقف إطلاق النار؟ ومن يمثل المعارضة ميدانياً بعد أن تضرب روسيا جبهة فتح الشام (النصرة)، وطبعا ستضرب أيضا الجيش الحر، فهذه أمور لا زالت غامضة، والأطراف كايران وتركيا وغيرهما، تتسابق لحجز مناطق نفوذها قبل أن يتم اتفاق نهائي، بمعنى أنها تفرض أمراً واقعاً قبل الوصول إلى ملامح الحل.
هل تعتقد بأن اجتماعات الروس والأمريكان ستصل لاتفاق قبل نهاية فترة الإدارة الأمريكية الحالية؟
لا بد من الانتظار والتريث، هل ستفي روسيا بتعهداتها بوقف النار لمدة أسبوع؟ هل القوى السورية المقاتلة من جانب النظام والثورة باتت بحالة من الإنهاك للقبول بأي شيء يطرح عليها؟ كيف ستكون ردة فعل الناس، الخزان الأول للثورة والمحرك الأول لما جرى في سوريا تجاه استمرار عمليات القصف على مناطق تضم جبهة فتح الشام (النصرة)؟ وبحال توقف إطلاق النار هل سنشاهد صعود للحراك المدني بمطالبه العالية كما شاهدنا يوم وقف النار في 27 شباط 2016؟
من المبكر التحدث عن اتفاقات لا تزال أمامها عثرات كبيرة، فماذا عن المعتقلين؟ وماذا بشأن اللاجئين؟ وماذا بخصوص القوى المقاتلة الثورية؟ ما هو الدور المفترض للمجالس المحلي والإدارات الذاتية؟ ما هو التصور لوضع المقاتلين الأجانب؟ كل ما تم الاتفاق عليه والمعلن منه خاصة لا يتجاوز هدنة في حلب، والأرجح أنها ستكون هدنة من جانب واحد، أما الروس فسيستمرون بضرب أهدافهم، وسيمارسون الكذب الإعلامي كما حصل منذ 27 شباط وحتى اليوم.
وفي حال توصل لاتفاق فهل هو قابل للتطبيق على الأرض؟
إن إمكانية تنفيذ الاتفاق تعتمد على العديد من العوامل، منها عدالته، وموافقة الأطراف عليه، واستيفائه للعديد من الجوانب المتعلقة بالملفات الأزماتية من الأكراد إلى ترسيم المناطق إلى تحقيق مصالح الدول التي استثمرت في الحرب بسوريا من إيران إلى الدول العربية، إلى إعادة ترسيم الحدود وإيجاد حل لتنظيم (داعش).
أضف إلى ذلك أن ثمة عامل يقلل السوريون والمختصون بالشأن السوري من قيمته ألا وهو إرادة الشارع السوري، فيمكن بحال قرر السوريون أن ينسقوا مواقفهم قليلاً أن يقرروا ما إذا كان الاتفاق الروسي الأميركي يناسبهم فعلاً أو أنه لا يوازي حجم تضحياتهم.
كان هنالك تصريح لأحد المسؤولين في إسرائيل قبل أيام بأن عدد قتلى حزب الله في سوريا فاق عدد قتلاه في حروبه مع إسرائيل، فهل تعتقد بأن مثل هذه التصريحات صحيحة؟
خلال الحرب في سوريا، ومنذ اليوم الأول تمكن حزب الله من التخفي، ولاحقاً عمد إلى تقليص المعلومات حول خسائره، لا شك بأن الإسرائيليين يتابعون عن كثب ما يجري وكيف يعمل حزب الله في سوريا وحجم الخسائر التي يتعرض لها، أفضل تقدير يمكن تقديمه هو ألفي مقاتل من حزب الله قتلوا خلال الأعمال العسكرية في سوريا، ربما الرقم أكبر من ذلك، ولكن لا أرقام جدية يمكن الاستناد إليها، ما عدا ما يتسرب وما يعلن.
بعد أكثر من ثلاثة أعوام على تدخل حزب الله العلني في سوريا، ماذا حقق الحزب وهل تعتقد بأنه سيبقى داخل الأراضي السورية في حال اتفاق القوى الكبرى؟
حزب الله بات يعتبر نفسه قوة إقليمية، وبحسب نظرته لنفسه وتسويقه الذي يقوم به إعلامياً يعتبر أنه يقاتل في اليمن وسوريا والعراق، وواقعياً هو ينفذ مجموعة أوامر ومصالح إيرانية، يمكن القول لاختصار الحديث أن الحزب كسب العديد من المناطق في سوريا، وتحول إلى قوة احتلال لأجزاء من سوريا، لديه مناطق نفوذ، طبعاً تحت إدارة وشراكة إيران، فهو يحتكر مناطق مثل السيدة زينب في دمشق، والقلمون الغربي المتاخم للحدود اللبنانية، وينشئ قواعد عسكرية استراتيجية، جزء منها للتجسس وآخر للتدريب، وبعض المناطق مخصصة للصناعات العسكرية.
لقد انتفخ الحزب بالأسلحة في سوريا ولبنان، وبات يشكل قوة عسكرية جدية، النقص الوحيد الذي يعاني منه هو الموارد البشرية، القدرة على تجديد الكوادر التي تقتل في الحرب بسوريا ستكون أحد العوائق أمام الحزب، وصغر حجم الشريحة المستعدة للقتال معه في حرب طاحنة في سوريا أيضاً قد يحد من طموحاته، ولكنه كسب الكثير من الخبرات والقدرات والأموال والمناطق، وبعد أن كان “قوة مقاومة” أصبح قوات احتلال بالمعنى الحرفي للكلمة، بما تحمله من ممارسات نهب وسرقات وتدمير وقتل.
كلنا شركاء