العاشر من نيسان فرصة الأسد الأخيرة بإجماع دولي
ربى كبّارة
للمرة الأولى ألزم المجتمع الدولي، بما فيه روسيا الحامية الاساسية للرئيس بشار الاسد في مجلس الامن الدولي، النظام السوري بمهلة زمنية لتنفيذ أول بنود خطة المبعوث الدولي-العربي كوفي انان لحل الازمة. ويعني هذا التطور أن استمرار النظام في مماطلته المعتادة كسباً للوقت لن يُجدي نفعاً، وان تطبيقه للخطة هو فرصته الأخيرة لإنقاذ سوريا عبر حل سياسي تقدم إثر ظهور عجزه عن حل الأزمة أمنياً.
فموسكو تشعر بحجم الضغوط الدولية عليها لحمايتها النظام السوري، وقد دعا وزير خارجيتها سيرغي لافروف مؤخراً الاسد الى المبادرة بتنفيذ الخطوة الاولى وسحب قواته من المدن. وجاء ذلك رغم اعتراض موسكو على وضع مهل زمنية مع تأكيد دعمها الكامل لخطة أنان بسبب صعوبة التوصل الى بديل لها في ظل الانقسامات الدولية الحادة. ويرجح أن تؤدي الخطة في نهاية المطاف الى حلّ سياسي نتيجته الحتمية فترة انتقالية مرفقة بتغيير في هيكل القيادة.
وبسبب الإجماع الدولي على خطة أنان والتغيير الجزئي في مواقف روسيا خصوصاً، اضطر النظام السوري الى الموافقة وتعهد انجاز سحب كل وحداته العسكرية من المدن بتاريخ 10 نيسان، وذلك “من باب سحب الذرائع وتعزيز موقف الحلفاء الدوليين” وفق الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي الذي اعتبر أن “معركة اسقاط الدولة انتهت بلا رجعة”.
وقد انقضت نصف المدة تقريبا من دون أن تظهر أية مؤشرات فعليّة على سحب الآليات والشبيحة مع استمرار العمليات العسكرية اليومية التي تحصد عشرات القتلى في مناطق متفرقة من شمال البلاد الى جنوبها.
لكن، ورغم التعهد السوري، تبلور تشكيك عربي ودولي بالالتزام الفعلي. فإضافة الى تاريخ حزب البعث الحافل بأمثلة المماطلة والمراوغة، وأبرزها خلال وصايته على لبنان، تدلّ تجارب العام الماضي، من موافقته المبدئية على أول مبادرة عربية ثم على مهمة المراقبين العرب، على أن العلّة تكمن في التنفيذ لا في انتزاع الموافقة الشفهية، خصوصا وأن النظام سيبقى متهالكا سواء التزم أم لم يلتزم.
فاذا أنجز النظام سحب قواته في الموعد المحدد مع حفظ حق التظاهر السلمي للمواطنين، ستمتلئ الساحات وتستعيد المعارضة السلمية ألقها، في ظل الخطة التي تؤدي الى فرض رقابة دولية حقيقية على الارض عبر مهمة مراقبين تتمحور حول تحديد الجهة التي تنتهك وقف إطلاق النار.
وفي حال لم يلتزم النظام تعهده فلا بدّ ان تتجسّد الخطوة المقبلة بالانتقال من دعم “الجيش السوري الحر” مادياً ولوجستياً الى مده بالسلاح كجزء من استراتيجية سياسية تمثلت في إقفال السفارات، واقتصادية تمثلت بالعقوبات، هدفها جميعها الإطاحة بالنظام.
فاعتبار الاسد ان حلّه الامني قد نجح في استعادة بعض السيطرة على مناطق حررها “الجيش السوري الحر”، لم يؤد مطلقاً الى انضواء هذه المناطق، ومنها حمص ودرعا وإدلب …، مجدداً في كنف السلطة. وما زالت هذه المناطق مسرحا للعمليات العسكرية من قبله قصفا واقتحاما فيما غيّر “الجيش السوري الحر” تكتيك عملياته. فقد انتقل الى ما يشبه حرب العصابات عبر الكر والفر والكمائن بدل ابقاء مناطق واسعة تحت سيطرته لقلة الاسلحة والذخائر التي يجمعها إما عبر الانشقاقات او عندما ينجح في السيطرة على مواقع او بواسطة التهريب مع تجار الاسلحة.
وكان الرد العسكري على قمع النظام الدموي، الذي أسقط اكثر من تسعة آلاف ضحية خلال عام واحد، لم ينطلق الا بعد اشهر من بدء الثورة التي حافظت رغم ذلك على جانبها السلمي. فالى جانب الردود العسكرية لحماية المدنيين ما زالت الاراضي السورية تشهد يومياً مئات نقاط التظاهر والتي امتدت مؤخراً لتشمل حلب ودمشق اللتين طالما فاخر النظام ببقائهما خارج الثورة.
وفي انتظار الوصول الى العاشر من نيسان، ثمة مشاورات في مجلس الامن الدولي لإصدار بيان رئاسي بالإجماع يحضّ دمشق على الالتزام بالمهلة، مع الاشارة الى أنه سيبحث “اي إجراء آخر يراه مناسباً” في حال عدم الالتزام من دون تحديد طبيعة الإجراء ارضاء لروسيا. وتعني موافقة روسيا على البيان استمرار تطور موقفها ايجاباً. كما يحث مشروع البيان المعارضة، التي تعلن بعد موافقة نهائية، على وضع حد لعملياتها بعد 48 ساعة على تنفيذ النظام خطوته الاولى.
وأتى تحديد 10 نيسان بعد مطالبة المؤتمر الثاني لـ”أصدقاء الشعب السوري” الذي انعقد في تركيا الاسبوع الماضي بوضع مهل زمنية للتنفيذ.
وقد حقق “المجلس الوطني السوري” كسباً اضافياً في هذا المؤتمر عندما رفعته سبعون دولة الى مصاف “الممثل الشرعي” للشعب السوري بما يعني فعلياً سقوط وصف “الارهابيين” عن الثوار في مرحلة لم يعد فيها الاسد كما كان قبل عام الممثل الشرعي الوحيد لشعبه ولبلاده التي كانت تتمتع بأوراق إقليمية ضاغطة.
المستقبل