الفرقة «30» أو مسمار «أوباما».. السوري!/ محمد خروب
في الوقت الذي تنشط فيه الدبلوماسية الدولية والإقليمية، على نحو غير مسبوق في المقاربات والآليات التي تطرحها لحل أزمات المنطقة المتفاقمة وإطفاء الحرائق المشتعلة فيها وعلى تخومها، وعلى نحو يهدّد بامتدادها وخروجها على نطاق السيطرة.
نقول: في الوقت هذا الذي تستقبل فيه عواصم إقليمية رؤساء الدبلوماسية في أكثر من عاصمة في المنطقة وعبر المحيطات وعلى رأسهم الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف ويهبط مبعوثون في الدوحة وآخرون في طهران وتكون دمشق جزءاً رئيساً من هذا الحراك، الذي لم يعد أحد يُشك بأن قراراً قد اتخذ لوضع حد للأزمة في بلاد الشام، بعد ان بات الإرهابيون هم الذين يقررون جدول أعمال المنطقة ويفرضون ايقاعها ويضبطون مواعيدها على هجماتهم أو معاركهم أو خطابهم.., يخرج سادة البيت الأبيض.. وسط هذه الأجواء التي تدعو الى التفاؤل , وان بحذر شديد , كي يفتعلوا أزمة جديدة – لكن غير مقنعة – عبر فرض «الفرقة 30» على رأس أولويات المشهد الدموي في سوريا، بذريعة أن جبهة النصرة قامت باختطاف مجموعة منهم وقتلت بعضاً آخر، ولم تتردّد – واشنطن بالطبع – في التهديد بقصف مواقع جبهة النصرة وتحذير دمشق من مغبة التعرض لهؤلاء المقاتلين «الاشداء» الذين دربتهم والذين لم يزد عددهم حتى الآن عن (60) عنصراً والذين أسماهم أسيادهم الأميركان والأتراك مجموعة «سوريا الجديدة»، حيث أخذوا على عاتقهم – وهم المعتدلون – مهمة تحرير سوريا عبر محاربة داعش ثم اسقاط النظام.
هنا والان.. تبدو المسألة اكثر وضوحاً وإن كان السادة الاميركان في وضع لا يحسدون عليه , بعد أن فقدوا زمام الامور, ولم يعودوا يسيطرون على اي من المجموعات الارهابية التي ساندوها أو أوجدتها اجهزتهم الاستخبارية بالتعاون مع اجهزة استخبارية اقليمية على رأسها تركيا واخرى عربية , وبخاصة أن مَنْ راهنوا عليهم من «المعتدلين» في التنظيمات الارهابية, كي يكونوا في طليعة من يُسقطوا النظام السوري (ويتميزوا عن داعش وجبهة النصرة الفرع السوري لتنظيم القاعدة كما يجب التذكير) قد اختفوا من المشهد, سواء جبهة ثوار سوريا بقيادة جمال معروف الذي هرب بملايين الدولارات واختفى في تركيا أم «حركة حزم» التي يقودها الاخوان المسلمون وهم اعزاء البيت الابيض الاميركي وساكن القصر الابيض التركي.
ما يحصل للفرقة «30» ليس مفاجئاً بقدر ما هو مُستغْرَب, اذ ثمة محاولات , ما تزال قائمة حتى الان لتبييض «صفحة» جبهة النصرة عبر اضفاء صفة الاعتدال عليها, تمهيداً لاعتمادها قائدة «للثورة السورية» وجيوشها , بالضغط عليها واقناعها بفك ارتباطها وقطع صلتها بتنظيم القاعدة الأم, لكن المحاولات لم تُجدِ حتى الان وما يزال «الفاتح» ابو محمد الجولاني على بيعته للاخ المجاهد الاكبر الدكتور ايمن الظواهري, رغم مشاركة جبهة النصرة في جيش الفتح الذي اجتاح مدينتي ادلب وجسر الشغور, فهل اعتقال (وربما لاحقاً تصفية) اعضاء «الفرقة 30» الذين تعتمدهم وتدربهم واشنطن لبناء «سورية الجديدة», هو محاولة من الجولاني لتحسين شروط تفاوضه ولرفع قيمة الجائزة «المالية « التي سيحصل عليها اذا ما فك ارتباطه بالقاعدة؟ أم ان قراراً قد اتخذه الظواهري بأن يجعل من سورية ساحة رئيسية ـ وربما أخيرة ـ ليواجه بها الخليفة «المرتد» ابو بكر البغدادي ؟ ويحتاط سلفاً لامكانية انشقاق حركة طالبان واحتمال الانقلاب عليه وتسليمه الى الباكستانيين او الاميركان بعد تأكيد وفاة الملا عمر والازمة الراهنة التي تعصف بحركته بعد وفاته؟
ليس من أهمية او قيمة ميدانية للفرقة 30 التي يملأ الاميركان الدنيا ضجيجاً حولها, الا انها تبدو مثل «مسمار جحا» في الحكاية الشعبية, والا لماذا حذّر سيرغي لافروف بعد دقائق من اجتماعه مع كيري وعادل الجبير, واشنطن من مغبة الاقدام على انزال بري في شمال سوريا وان الضربات الجوية الاميركية للجيش السوري ستُعيق الحرب على الارهاب؟
ثمة خطط اميركية – فيما يبدو – ما تزال على الطاولة, رغم فشل واشنطن ومن راهنت عليهم في سوريا وفي… المنطقة ايضاً.
الرأي الأردنية