القاهرة….ما حدث…لحظة تفكير وتعقل
حازم نهار
القاهرة….ما حدث…لحظة تفكير وتعقل سعت جميع أطراف المعارضة السورية لتقديم رؤاها وتصوراتها حول الوضع السوري للجامعة العربية، وكان من المقرر تشكيل وفد موسع لهذا الغرض يضم جميع الأطراف ومن ضمنها المجلس الوطني السوري وتقديم رؤية مشتركة، وفي هذا السياق جاء وفد من هيئة التنسيق الوطنية إلى القاهرة (حسن عبد العظيم، رجاء الناصر، عبد العزيز الخير، أحمد فايز الفواز، هيثم مناع، بسام الملك، منذر حلوم، سمير العيطة) ووفد من تيار بناء الدولة (لؤي الحسين، ريم تركماني)، وعدد من الشخصيات المعارضة (ميشيل كيلو، حازم نهار). كان هذا هو المسعى، لكن ما حدث كان غير ذلك، فقد قام المجلس الوطني بترتيب لقاء مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بمفرده، فما كان من هيئة التنسيق الوطنية إلا أن اختارت الذهاب أيضاً بمفردها بمعزل عن تيار بناء الدولة، وهنا أصبح الوضع محرجاً لتيار بناء الدولة وللشخصيات التي هي خارج الهيئة والمجلس (ميشيل كيلو، حازم نهار)، وكي لا يكون هناك إرهاق للجامعة العربية في كثرة الوفود تشكل الوفد الثالث من جميع من هم خارج الهيئة والمجلس، وتحت هاجس هذا الإحراج قرر كل من سمير العيطة ومنذر حلوم (رئيس حركة معاً) الانضمام للوفد الثالث رغم اختلاف الرؤى والتصورات بين أعضائه. تعرض وفد هيئة التنسيق الوطنية للاعتداء من قبل متظاهرين سوريين يعدون بالعشرات استناداً لحجج واعتقادات غير صحيحة حول الهيئة وتوجهاتها، ومن هذه الحجج اعتقاد المتظاهرين وغيرهم أن الهيئة تريد عدم تجميد عضوية سورية في الأمم المتحدة وأنها تسعى لإعطاء النظام السوري مهلة زمنية أخرى، واعتقادهم أن الهيئة تمثل معارضة قريبة من النظام، وللأسف تكشف التدقيق عن وجود شخصيات محرضة من المجلس الوطني. الوفد الذي تعرض للاعتداء مكون من رجاء الناصر، عبد العزيز الخير، أحمد فايز الفواز، هيثم مناع، بسام الملك، واستطاع حسن عبد العظيم الدخول كونه وصل لوحده لمكان اللقاء. توضيحات: – جاء وفد هيئة التنسيق الوطنية لوضع المبادرة العربية على سكة التطبيق، ولا تتبنى النقاط التي يعتقد المحرِّضون أو المتظاهرون أنها تتبناها. – يعكس سلوك الاعتداء بكل تأكيد ما أسميته منذ شهرين بوجود “شبيحة جدد”، وعدم إيمان بالقيم الديمقراطية. – لقد أصبح هناك اليوم على ما يبدو قيمة أكبر للخطاب الغوغائي على حساب الخطاب السياسي، وهذا أمر خطير. – استغل البعض هذا الموقف ضد هيئة التنسيق للتبرؤ منها ومحاولة كسب شرفية على حسابها، ربما لنواقص لديهما، على قاعدة: اشتم الآخر فتزيد من حصص قيمتك الشخصية. – يعكس هذا السلوك الاعتدائي عدم ثقة بالذات لدى المحرضين والفاعلين على حد سواء، فالخوف من تبني الجامعة العربية لرؤية هيئة التنسيق لا يعني إلا أن أصحاب الرؤية المختلفة لا يثقون بأنفسهم في إقناع الجامعة العربية برؤيتهم. – كما يعكس هذا السلوك أيضاً “قلة فهم” لعمل جامعة الدول العربية، فالأمانة العامة هي بمثابة سكرتارية للجامعة، والقرارات يصوغها وزراء الخارجية وليس الأمين العام. نقطة شخصية: كنت داخل هيئة التنسيق وخرجت منها منذ شهر ونصف لأسباب تتعلق بخطابها السياسي والإعلامي وآليات العمل، وكلامي حول ما حدث في القاهرة هو دفاع عن الحقيقة وليس عن الهيئة. أعتقد اليوم أن الحقيقة السياسية والأفعال الهامة تجري وتكمن خارج هيئة التنسيق والمجلس الوطني، رغم احترامي لجميع التعبيرات السياسية والشخوص المعارضة. لكن أعتقد بالمقابل أن الأشهر الماضية تكشفت عن نواقص وثغرات وعيوب عديدة في المعارضة السياسية بالمجمل، ومنها: – ظاهرة الكل ضد الكل، وحملات تشهير دائمة على مستوى الكتل السياسية والأفراد. – ظاهرة الذات الفردية التي تضع نفسها فوق الجماعة والبلد والثورة. – ظاهرة السعي إلى الكسب المؤقت عبر تبني مواقف يستطيع اليوم كل طفل في سورية إعلانها، على حساب الرؤية الاسترتيجية. – ظاهرة اختزال السياسة إلى مجرد “شعارات”. – ظاهرة “الشبيحة الجدد” الذين يستندون إلى أرضية النظام السياسية ذاتها. – ظاهرة البلاهة السياسية، فالجميع صار يفهم بكل شيء فجأة، بالعلاقات الدولية والحظر الجوي والتخطيط العسكري وووووووو رغم أنه لم يقرأ كلمتين في حياته حول هذه الأمور. أخيراً: قليل من الصبر والهدوء يحيي قلب سورية… كثير من العمل بصمت ينصر السوريين….