القمة وفرصة المعارضة السورية
أحمد المنصوري
يجتمع في الدوحة اليوم قادة وزعماء الدول العربية أو ممثلوهم، لانعقاد أعمال القمة العربية الرابعة والعشرين، في ظل التحديات والظروف التي تمر بها المنطقة والتي تتطلب توحيد المواقف والجهود لحماية المصالح العربية. وأبرز ما في القمة هو انعقادها في الوقت الذي وصلت فيه الثورة السورية إلى مرحة حرجة، بعد تمكنها خلال الأيام الماضية من تحقيق انتصارات ميدانية والسيطرة على مناطق شاسعة وتحريرها من قوات النظام.
وعلى رغم الانتصارات الميدانية التي يحققها الجيش الحر والفصائل المسلحة الأخرى، إلا أن الائتلاف السوري المعارض يعاني على المستوى السياسي من انقسامات خطيرة وانشقاق في الصف، خاصة بعد تقديم أحمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية استقالته قبل يومين، وفي نفس الوقت الذي تلقى فيه ائتلاف المعارضة السورية دعوة للمشاركة في القمة العربية.
وتكشف استقالة الخطيب للعيان الأزمة الجلية التي تعانيها المعارضة السورية من تشرذم وعدم قدرة على الوصول إلى اتفاق ونبذ الخلافات حول شكل سوريا ما بعد الأسد. فجميع أطياف المعارضة السورية تكاد تتفق فقط على ضرورة تنحي النظام، وعدا ذلك يبدو أن حال الانقسام والخلاف خرج من غرف الاجتماعات المغلقة وظهر إلى العلن ليبلغ ذروته عند تقديم الخطيب لاستقالته.
وكان المجلس الوزاري العربي قد قرر في اجتماعه بالقاهرة في السادس من مارس الجاري منح المعارضة مقعد سوريا شرط تشكيل هيئة تنفيذية، إلا أن المعارضة لم تتمكن من تشكيل حكومة مؤقتة على رغم انتخاب غسان هيتو كرئيس مؤقت للحكومة. والدول العربية بدورها غير متفقة على هذا الإجراء مثل العراق والجزائر، حيث عبر وزير الخارجية العراقي خلال الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية في الدوحة أول من أمس عن رفض العراق منح المعارضة مقعد سوريا في القمة العربية «لأسباب مبدئية».
إن استمرار الخلافات العربية بشأن حسم القضية السورية لا يخدم الشعب السوري ويطيل من أمد بقاء النظام الذي يمارس أفظع سياسات الإبادة بحق المدنيين، ولم يرتدع باستخدام القوة العسكرية الضاربة من مدفعية وطائرات في قصف المدن وتسوية المنازل بالأرض وإلحاق الضرر بالبنى التحتية وإزهاق أرواح عشرات الآلاف وتشريد ما يقارب المليون ونصف المليون شخص منذ اندلاع الثورة السورية قبل عامين.
إن النظام السوري الذي فقد الشرعية مع أول مواجهات مباشرة له ضد المتظاهرين السلميين وقمع الاحتجاجات التي انطلقت من درعا في بداية الثورة يستمد بقاءه وقوته من حلفائه الاستراتيجيين مثل إيران والصين وروسيا و«حزب الله»، فيما المعارضة السورية التي حصلت على اعتراف عربي ودولي لا تزال تعاني من الانقسام. وتشير بعض التحليلات إلى أن بعض القوى الغربية من مصلحتها مد أمد الصراع في سوريا إلى أطول فترة ممكنة لاستنزاف البلد بشكل كامل حتى لا تصبح قوة إقليمية قد تهدد في يوم ما أمن واستقرار إسرائيل. والهدف من تمديد أمد الصراع هو أن ترث الحكومة المقبلة بلداً ممزقاً وشعباً منقسماً حتى يستمر الصراع الداخلي، فلا تقوم لسوريا قائمة بعد اليوم.
على القادة العرب خلال اجتماعهم اليوم وغداً العمل على توحيد صف المعارضة السورية وإزالة خلافاتهم، لتحديات المرحلة المقبلة، فالثوار الذين باتوا أقرب من أي وقت مضى من حسم معركتهم، لن يكون لانتصارهم أي معنى إذا لم يحصل اتفاق على كيفية إدارة سوريا بعد الأسد.
الاتحاد