المشهد السوري من الدوحة …
علي حماده
في العاصمة القطرية و على هامش “منتدى الدوحة” الذي انتهى أمس، كانت لنا مجموعة لقاءات مع عدد من المسؤولين العرب والاجانب الحاليين والسابقين، وكان الموضوع المركزي هو سوريا ومصير الصراع الدائر فيها. وفي ما يأتي بعض الخلاصات التي لفت نظرنا اتفاق وجهات النظر حولها.
أولاً: لم يعد الصراع في سوريا مجرد ثورة محلية بين معارضة ديموقراطية ونظام ديكتاتوري. فقد نجح النظام من خلال انتهاجه مسار عنف فائق الاجرام في عسكرة الثورة، كما انه سارع الى تحويل الازمة الداخلية التي كان يعانيها الى صراع ذي بعد اقليمي وآخر دولي، جاعلاً من البعد المحلي ثانوياً لا بل تابعاً للبعدين.
ثانياً: انطلاقاً من المعطى الآنف الذكر، جاء استتباع النظام في سوريا لكل من الظهيرين الايراني والروسي اللذين يخوضان المعركة بثقلهما الكامل في مواجهة ثورة مكلفة انسانياً، ومعارضة مشتتة ومنقسمة بعضها على بعض، وقت تظهر اميركا وكأنها اتخذت في ولاية الرئيس باراك اوباما الثانية قراراً بالجلوس في المقعد الخلفي للازمة، فيما اوروبا تفتقد امكانات القيادة في ازمة بحجم ازمة سوريا. اما الاسرائيليون فيواصلون الضغط على الاميركيين والاوروبيين من أجل عدم التعجيل في سقوط نظام الاسد خوفاً مما قد يأتي بعده.
ثالثاً: لقد اتفق الاميركيون والروس على عقد مؤتمر “جنيف – ٢” استنادا الى واقع ان الروس سيتمسكون بالاسد حتى النهاية التي يمكن ان تطول كثيراً، وان الاميركيين ينسحبون جزئياً من المنطقة على قاعدة عدم تكرار تجربة الرئيس السابق جورج دبليو بوش في العراق. وهذا ما أدى بالايرانيين الى الانخراط بقوة وبشكل مباشر في الصراع الى جانب نظام الاسد لمحاولة تحقيق انتصار عسكري، او أقله تحسين وضع النظام الميداني في مرحلة لا تبدو القوى الداعمة للثورة (في ما عدا العرب) مصممة على الانخراط وحسم المعركة. وهذا ما يفسر التورط السريع لـ”حزب الله” بكل قواه في القصير وغيرها للإفادة الى حد كبير من المدة الفاصلة حتى انعقاد المؤتمر (مطلع حزيران).
رابعاً: ثمة رأي يتفق حوله مسؤولون اوروبيون وآخرون عرب (غير خليجيين) مفاده ان الاسد سيبقى بموافقة اميركية حتى السنة المقبلة، من دون ان يعني ذلك حسماً لمسألة ترشحه مجدداً لرئاسة الجمهورية. ولكن دون صحة وجهة النظر هذه حقيقة مفادها ان العنصر الداخلي السوري على الارض مغيّب. فمن يمكنه اطفاء محركات الثورة المسلحة بهذه السهولة؟
خامساً: ثمة ارتياح “سينيكي” عربي – اوروبي الى تورط “حزب الله” الدموي في سوريا، باعتبار ان هذا الأمر من شأنه تقويض مكانة الحزب عربياً، واضعافه ميدانياً، وتوريثه حزمة مشاكل مع محيطه المباشر. وهذا يعتبر خبراً “سعيداً” بالنسبة الى قوى دولية عدة.
من خلاصات اللقاءات التي أجريناها ان حمام الدم السوري مستمر، وان نار سوريا مقدر لها ان تمتد الى لبنان خصوصاً بعد تورط “حزب الله” في الحرب السورية.
النهار