المعارضة السورية في ميزان النقد ، مساهمة في التحليل والحل
محمد أحمد الزعبي
1. لابد من الإشارة أولاً إلى ان منجزات المعارضة السورية المدنية كانت طول الأربعة عقود الماضية بصورة عامة ، ومنذ ثورة آذار 2011 بصورة خاصة ، ذات مردود متواضع ، إن لم نقل ضعيفاً ، بل وربما فاشلاً ، سواء على صعيد توحدها وتعاونها ، أو على صعيد إنجازاتها المدنية والعسكرية في تحقيق
أهداف ثورة 15 آذار 2011 ، ولاسيما هدفها الرئيسي في إسقاط النظام العسكري الوراثي العائلي في دمشق .
وتعود الأسباب العميقة والبعيدة والأساسية لهذا الضعف والفشل بنظرنا ، إلى نوعين من الأسباب :
أسباب موضوعية ، ( خارجة عن إرادة الناس ) ، وأسباب ذاتية ( مرتبطة بإرادة الناس ) ، ودون أن نغفل
ـ بطبيعة الحال ـ وجود علاقة جدلية ( تبادل الأخذ والعطاء أفقياً وعمودياً ) بين ماهو ذاتي وما هو موضوعي.
2. هذا وقد تأثرت هذه الأسباب بنوعيها بالإشكال التاريخي والاجتماعي التالي :
ـــ يتعايش في المجتمع السوري تاريخياً وموضوعياً ( كغيره من المجتمعات العربية ) انقسامان اجتماعيان متداخلان ومتساندان ومتعارضان في وقت واحدً هما : الانقسام العمودي(الإثني ،الديني ،الطائفي ،القبلي ،الجهوي ،العمراني)[ اعتمدنا مصطلح العمراني هنا لنشير به إلى الانقسام ” الريفي ـ الحضري” في المجتمع وذلك بالاستناد غير المباشر إلى مفهوم علم العمران عند ابن خلدون ] ، والانقسام الأفقي (غني ـ فقير، مستغل
ـ مستغَل) ، وبصورة عامة : هرم إجتماعي تتربع أقلية من الأغنياء والمستغلين ( بكسر الغين ) ومالكي وسائل الإنتاج ، والزعامات الدينية والقبلية في قمته ، وتحتل الفئات المتوسطة المدنية والريفية وسطه ، وتعيش الأغلبية الفقيرة والمستغلة (بفتح الغين) ، في كل من الريف والحضر ، وغالباً غير المتعلمة ، في قاعدته .
ــ انعكاس هذا العامل الموضوعي ، على كل من القوى والفئات والأحزاب السياسية العلمانية والدينية من جهة ، وعلى القوات المسلحة بفروعها الثلاثة:الجيش ،الشرطة ، قوى الأمن والمخابرات ، من جهة أخرى ، بما جعل هذه القوى والأحزاب ( بشقيها : المدني والعسكري ) تبدو وكأنها صورة مصغرة عن هذا المجتمع بكل مافيه من سلبيات وإيجابيات!!.
إن هذا يعني من الناحية التطبيقية ، عدم قيام هذه القوى والأحزاب (العامل الذاتي ) بدورها الواعي والإرادي المطلوب ، في تقليص حجم ودورالظواهرالسلبية ، لصالح الظواهرالإيجابية في المجتمع السوري ، وبالتالي فهي ( القوى والأحزاب السياسية العلمانية والدينية ) تعتبر ــ من وجهة نظرنا ــ ، المسؤولة ، من جهة عن عدم توحد المعارضة ، ومن جهة أخرى عن التباين غير المفهوم وغير المبرر في مواقفها كأحزاب وقوى غير تقليدية من نظام عائلة الأسد العسكري الديكتاتوري الطائفي الحاكم في دمشق ،الأمر الذي تسبب في إطالة معاناة الشعب السوري ، وتعرضه للإبادة والتشريد الممنهج ، على الأقل منذ قيام ثورة 15ـ 18 آذار 2011 الشعبية المجيدة وحتى اليوم ، ( 7.10.12 ) . ولا حاجة بي إلى أن أشير إلى أن كلامي هذا يتعلق بكل أطياف المعارضة الحالية بما فيها المجلس الوطني السوري الذي أنا عضو فيه .
ــ وبما أن العوامل الذاتية مرتبطة أصلاً بإرادة الإنسان ، فإن العناصرالمنتمية إلى هذه المعارضة ، ولاسيما
العناصرالقيادية والفكرية منها ، هم ــ بنظرنا ــ المتهم المباشر والمسؤول عن استمرار هذا الوضع ، ودون أن يغيب عنا( بطبيعة الحال ) ، أن تغييب الأنظمة الشمولية المختلفة للشعب السوري ، وخاصة لقواه الفاعلة عن العمل السياسي والثقافي والاجتماعي مدة ناهزت الستة عقود ، بدءاً من انقلاب حسني الزعيم عام 1949 وحتى هذه اللحظة ( مع الفارق بدرجات وأسباب هذا التغييب بين مرحلة وأخرى ، وبين نظام وآخر) قد ساهم بدوره سواء في تغليب الانقسام العمودي على الأفقي ، أو في ضمور( إن لم نقل تغييب) كثير من القيم الإيجابية الخلقية والوطنية، لدى كثير من عناصروقيادات هذه القوى الفاعلة ، الأمر الذي معه برزت داخل هذه القوى والأحزاب ، أجنحة متطرفة ، ربما تكون هي من يحول اليوم دون وحدة المعارضة .
3. أوجه الإتفاق والإفتراق بين أطراف المعارضة السورية :
من العودة إلى أدبيات معظم أطياف وأطراف المعارضة السورية ، القديم منه والحديث ، نجدها تتفق إلى حد
بعيد على عدد من الأهداف والوسائل الجوهرية والأساسية أبرزها :
ضرورة تغيير النظام السوري الراهن ، بما هو نظام عسكري ديكتاتوري طائفي ووراثي ،
أن يكون البديل للنظام السوري الحالي (عائلة الأسد) نظاما مدنياً ديموقراطياً تعددياً وتبادلياً ،
أن تكون سوريا الجديدة وطنا لجميع أبنائها ، بعيداً عن أي تعصب ، إثني أو قبلي أو ديني أو طائفي أو جهوي ، أي بعيداً عن أي استبعاد أو إقصاء لأي كان ، ولأي سبب كان .
أن يكون كل من الدستور والقانون للجميع وفوق الجميع ، وهما من يحدد حقوق المواطن وواجباته سواء أكان من الأقلية أم من الأكثرية ،
أن يكون القضاء المستقل والنزيه ، هو الحارس للدستور والقانون ، ولحقوق كافة المواطنين ،
أن يكون صندوق الإقتراع النزيه والشفاف هوالممر الوحيد والإجباري للوصول إلى كل من كرسي الرئاسة و البرلمان ( مجلس الشعب ) ،
اعتبار حرية الرأي والتعبير أمراً مقدسا لايجوز المساس به ، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ،
4. بيد أن هذا الإجماع كان دائماً مشوباً بإشكاليتين هامتين :
الإشكالية الأولى ، هي أن هذه الأدبيات جميعها ،غالباً ماتنطوي إلى جانب ماهو معلن فيها ، على أمر أو أمور أخرى مسكوت عنها ، ولذلك فإن أطراف المعارضة السورية لاتثق ببعضها ، لأن كل طرف فيها يعرف او يشك بوجود مسكوت عنه لدى الطرف الآخر،وهوــ بنظرناــ أمر صحيح يعكس الحالة الاجتماعية التي أشرنا إليها أعلاه ( الأسباب الموضوعية والذاتية ).
اما الإشكالية الثانية ، فهي اختلاف أطراف هذه المعارضة حول الوسيلة / الوسائل الصحيحة والسليمة الموصلة إلى تلك الأهداف المعلنة ، ولا سيما هدف تغيير / إسقاط النظام . علماً أن كل طرف يحتمي لتدعيم موقفه ووجهة نظره بطرف أو أكثر، عربي أو إسلامي أو أجنبي أو مختلط . أبرز هذه الاختلافات حول الوسيلة هي :
خوف البعض من سيطرة الأكثرية على الأقلية عبر صناديق الاقتراع ، أي عبر الديموقراطية ،
خوف البعض الآخر ( وخاصة من الدول الأجنبية ) من أن يأتي صندوق الإقتراع ببدل لبشار الأسد يكون معادياً لإسرائيل ، ويريد استعادة الجولان كاملاً بدون أن يعترف بإسرائيل أو يطبع معها ،
خوف البعض الثالث من يأتي صندوق الاقتراع بـ ” الإخوان المسلمين ” إلى السلطه كما فعلها في تونس ومصر ، وهم بنظر هذا البعض جماعة ترى مرجعيتها في المنقول وليس في المعقول ، أو في الجمع بين المنقول والمعقول ( المعتزلة ، ابن رشد ، محمد عبده ، عارف عبد الرزاق ، … ) .
تخوف البعض الرابع من أن يأتي صندوق الإقتراع بالتيار القومي العربي ،( البعثيين الديموقراطيين ، والناصريين ) سواء باعتماد هذا التيارعلى قواه الذاتية ، أو باتحالف مع إحد ى الجماعات الإسلامية المعارضة ( الجمع بين العروبة والإسلام والحداثة )
تخوف البعض الخامس ، ولا سيما هيئة التنسيق في الداخل والخارج ، من التدخل العسكري الأجنبي وخاصة ( حلف الناتو)، وذلك على غرار ماحدث في ليبيا ، ولا سيما أن جانباً كبيرا من الحراك الثوري الداخلي في سورية يطالب بذلك علناً ، ويؤيدهم بذلك قسم كبير أيضاً من المعارضة الخارجية ، وبالذات من المجلس الوطني
إنني شخصياً أتفق مع من يتخوف من التدخل الأجنبي ، وبالذات أمريكا وحلف الناتو ، ولكني بنفس الوقت أتفق أيضاً مع الذين ينادون بحقهم في التسلح لحماية بيوتهم ونسائهم وأبنائهم وبناتهم من شبيحة بشارالأسد الذين يقومون بذبح عائلات باكملها ، ذبح النعاج ، أمام بعضهم بعضاً !! .
إ ن الحل السليم والصحيح والعادل لهذه المسألة الخلافية بين أطراف المعارضة ، هو ــ من وجهة نظرنا ــ
حل ” الخطين المتوازيين ” أي أن تستمر المعارضة المدنية بخطها السلمي ، ومظاهراتها السلمية ، في حين يقوم الجيش الحر بالمقاومة المسلحة ، من جهة دفاعاً عن المدنيين السلميين العزل ، ومن جهة أخرى انخراطاً في ثورة 15ــ 18آذار من أجل التسريع بإسقاط النظام ، على قاعدة ” لكل شيء آفة من جنسه … ” .
ولابد من تذكيرالإخوة من أنصارالوقوف ضد التدخل الخارجي من المعارضين السوريين ، أن موقفهم هذا يجب أن ينسحب أيضاً على كل من روسيا وإيران وحزب الله وجيش المهدي ، بوصف تدخلهم ضد الثورة السورية ( وهو أمر لايمكن إنكاره )هو تدخل خارجي أيضاً ، وإلاّ فإن موقفهم المعارض للنظام يعتبر ملتبساً ويحمل ــ ربما ــ أكثر من إشارة استفهام وتعجب .
أما مايتعلق بالخوف من الديموقراطية ، ومن صندوق الإقتراع ، فلابد من أن يتم الاتفاق بين كافة أطراف المعارضة على مضمون هذه الديموقراطية ، بما يزيل أي التباس يمكن أن يثير الشكوك أو المخاوف عند أي طرف لافي الحاضرفحسب ، وإنما في المستقبل أيضاً . إن الديموقراطية الحقيقية التي نتبناها ونعنيها هنا ، لاتتماهى بل ولا تتقارب ، لامع الديموقراطية الغربية التي تم اختزالها إلى بعدها السياسي ( الأقلية والأكثرية ) ، ولا مع ديموقراطية ال 99 % المعروفة ، والتي هي نسبة مزورة وكاذبة ، ولا مع الديموقراطية ” الكارزمية ” التي تقوم على الصلة المباشرة بين ” المستبد العادل ” والجماهير الشعبية ، دون المرور بالمؤسسات الرسمية أو بمؤسسات المجتمع المدني ، والتي غالباً ماتنتهي بانتهاء صاحبها .
إن الديموقراطية الحقيقية ، التي نعنيها وندعو إليها هي تلك التي تقوم على الأسس والمبادئ التالية :
ــ التعددية الحزبية والنقابية والمهنية والفئوية ، بما يعنيه ذلك من حرية العمل الحزبي والنقابي والمهني
والفئوي ، ومن الحق في المعارضة والموالاة على حد سواء ،
ــ الفصل بين السلطات الثلاث ، التنفيذية ، والتشريعية ، والقضائية ،
ــ إقامة مجتمع مدني مؤسسي قائم على سيادة الدستور والقانون ، وعلى مساواة كافة المواطنين والمواطنات
في الحقوق والواجبات ، دون تمييز بينهم على أساس العرق أو الدين أو الطائفة او الجنس (Gender ) أو
الانتماء الأيديولوجي ،
ــ التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع ،
ــ التوزيع العادل للثروة
ــ اعتبارالعملية التنموية فرض عين وليس فرض كفاية ، وينطبق هذاعلى القطاع العام والخاص والمختلط
ــ تحريم استغلال الإنسان لأخيه الإنسان بأي صورة من الصور ،
ــ اعتبار الثروة الوطنية ملكاً ليس للجيل الحاضر وحسب ، وإنما أيضاً للأجيال القادمة ،
ــ اعتبار القوات المسلحة بكافة صنوفها وفروعها ملكا للشعب كله وليس لفئة أو حزب أو شخص .
إن هذا المنظورالوطني والإنساني للديموقراطية ، يجعلها تحتل الأولوية في سلم العمل الثوري الصحيح ، ذلك لأن الإنسان هو من الناحية الاجتماعية غاية الثورة ومن الناحية العملية وسيلتها أيضاً ، وبالتالي فإن مصادرة حريته عامة ، وحريته السياسية خاصة ، إنما هو واقع الحال ، مصادرة للكرامة الإنسانية التي منحه إياها الله ً ( ولقد كرمنا بني آدم / الإسراء 70) ، والتي عناها عمرالفاروق بقوله لعمرو بن العاص
دفاعاً عن أحد أقباط مصر : ” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ” ؟! .
5. تتكون المعارضة السورية من التيارات السبعة (المتفاوتة في الحجم والدور والفعالية ) التالية :
> التيار الإسلامي ،
> التيار القومي العربي ،
> التيار القومي غير العربي ،
> التيار الماركسي ،
> التيار الليبرالي ،
> تيار ثورة 15ـ 18 آذار 2011 ،
> التيار الشعبي العام غير التابع لأي من هذه التيارات ، أي الغالبية الساحقة من الشعب السوري . وهو
مايعرف سوسيولوجياً بالأغلبية الصامتة .
هذا مع العلم أنه :
ــ يوجد في كل من هذه التيارات الرئيسية ، تيارات فرعية بعضها متطرف وبعضها الآخر معتدل ،
ــ أن العناصر المتطرفة في هذه التيارات هي من يقف وراء عدم توحد هذه المعارضة ،
ــ أن الطابع التاريخي التراكمي ، المتداخل والمتعارض ، يعطي المتطرفين في كافة تيارات المعارضة
المبررلتضخيم بعد ( بضم الباء ) الاكتفاء والإنكفاء الذاتي ،ولاستبعاد ( إقصاء )الرأي الآخر، وبالتالي
للحيلولة دون وحدة المعارضة ، بشقيها : المدني والعسكري .
6. تنقسم هذه التيارات السبع ، في مواقفها النظرية والعملية من ثورة 15ـ 18 آذار 2011 وبالتالي من النظام السوري الذي قامت ضده هذه الثورة ، إلى ثلاثة مواقف رئيسية هي:
التيارالجذري الذي ينادي دون تردد بإسقاط النظام بكل رموزه ومرتكزاته ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ،وبضرورة استمرار الزخم الثوري ، المدني والعسكري ، بما في ذلك دعم وتسليح الجيش السوري الحر ، سواء من الدول العربية أو الأجنبية ، الداعمة للثورة ، حتى تحقيق هذا الهدف ،
التيارالمتردد الذي يرغب بدوره بتغيير/ إسقاط النظام ، ولكن بطريقة مختلفة يتقاطع بعضها مع بعض أطروحات التيار الأول ، ويختلف بعضها الآخر مع بعض هذه الأطروحات . ويتركز الخلاف بين الطرفين ، حول مسألتين : مسألة الإستعانة بالقوى الأجنبية ( عسكرياً ) في العمل على إسقاط النظام ،ومسالة الحوارمع النظام ( بوجود بشارعلى الأقل حتى 2014) حول حقن الدماء ، وحول المرحلة الإنتقالية ،التي تقع بين وقف القتال والانتخابات الرئاسية عام 2014 المقبلة .
التيار الذي لا يريد تغيير النظام ، ولكنه يريد منه أن ينفتح على الشعب ، وأن يلبي بعض المطالب المشروعة له ، كوسيلة ضرورية ،لإعادة المتظاهرين إلى بيوتهم ، والجيش إلى ثكناته ، وبقاء بشارالأسد في كرسيه الرئاسي ، والناس(المظاهرات الشبابية والشعبية خاصة) إلى أعمالها المعتادة.
7. هذا ونرغب أن نضيف هنا إلى كل ماذكرناه أعلاه ، بضعة أفكار مختصرة ومحددة ، للتعبير عن وجهة
نظرنا الخاصة من التطورات الدموية الأخيرة في سوريا ، و موقف فصائل المعارضة منها ، وأيضاً من
موقف هذه الفصائل من بعضها بعضاً :
أ. لقد تجاوزت الأزمة في سورية ليس فقط حدود المعقول ، وإنما أيضاً حدود اللامعقول ، وبات لابد من
وضع حدٍّ سريع لهذه المجازر والمذابح اليومية التي يرتكبها جيش وشبيحة نظام بشار الأسد الفاشي
بحق أطفال ونساء وشيوخ وشباب شعبنا السوري الصامد والصابر .
ب. لايمكن تعليق الأمل لاعلى الجامعة العربية ، ولا على مجلس الأمن ، ولا على منظمة المؤتمرالإسلامي،
ولا على منظمات حقوق الإنسان ، في وضع حد لجرائم نظام بشار الأسد ، ذلك أن النظام العالمي ،ولا
سيما الجديد ، كان منذ الحرب العالمية الأولى وما يزال ، يقف في وجه يقظة الشعوب ، ولا سيما في
المناطق النفطية ، التي أوكل حمايتها والدفاع عنها بعد الحرب العالمية الثانية( 1948) إلى إسرائيل التي
اصطنعها لهذا الغرض . وينبغي الاً تخدعنا تلك التصريحات الكاذبة من هنا وهناك ، والتي ظاهرها
الرحمة وباطنها العذاب ، والتي ينطبق عليها مثل ” نسمع جعجعة ولا نرى طحناً ” !! .
ج. إن الطحن الذي يريده شعبنا المظلوم من المجتمع الدولي ، ليس التدخل المباشر، لابالمال ولا بالسلاح ،
وإنما بالموقف الجاد والحقيقي والواضح مع الشعب السوري ، الموقف الذي سيجعل سفاح دمشق يتوقف
عن جرائمه في ذبح الأطفال واغتصاب النساء ، فورتأكده من هذه الجدية عند المجتمع الدولي .
د. إن وحدة المعارضة السورية ، ولا سيما وحدة العلمانيين والدينيين ، إنما هو حجر الزاوية في إخراج
الشعب السوري من هذا النفق الأحمر . إن كل من يعرقل أو يعطل هذه الوحدة سوف يكون مسؤولاً أما م
الله وأمام الشهداء ، إلى جانب بشار الأسد وحماة نظامه ، عن هذه الدماء التي تراق صباح مساء في
كل قرية ومدينة من القرى والمدن السورية الصامدة والصابرة .
هـ. يعرف الجميع ان النظام يحاول جر ثورة 15ـ 18 آذار إلى مستنقع الطائفية والتدخل العسكري الخارجي ،
ويعرف الجميع ، ومن بين هذا الجميع كافة العناصرالمدنية والعسكرية التي تدعم هذا النظام المجرم
خطورة هتين المسألتين على كل فئات الشعب وبما في ذلك الفئات التي ينتمون إليها ، سواء في الحاضرأو
في المستقبل . وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لاتقوم هذه العناصر المدنية والعسكرية المعنية بواجبها الوطني
في وضع حد فوري لجرائم هذا النظام ،سواء بالانشقاق عنه ،أو بوضع حد لجرائمه ومجازره فوراً، و بأي
صورة من الصور الممكنة .
و. إن توحيد كافة ألوية وكتائب وسرايا وفصائل الجيش السوري الحر ، توحيدا حقيقياً ووضعه تحت قيادة
عسكرية موحدة ومؤهلة ، وإنهاء حالة الفوضى الحالية ، يمثل ضرورة عسكرية ووطنية ، من جهة
لتعظيم المردود الثوري لهذه الألوية والكتائب والسرايا المنشقة ، ومن جهة أخرى ولتشجيع العناصر الو
الوطنية الشريفة في الجيش على الإنشقاق السريع ، والالتحاق بالجيش السوري الحر .
ز. ينبغي أن تقوم مرحلة مابعد بشار الأسد على أساس عقد إجتماعي جديد ، يستند إلى :
ــ المواطنة المتساوية لكافة مكونات الشعب السوري ، تلك المكونات التي تشبه أصابع يد الإنسان ، من حيث
اختلافها في الشكل ، وتوحدها في الوظيفة والمضمون ،
ــ نظام سياسي مدني ديموقراطي ، يتجسد في مثلث متساوي الأضلاع ، قاعدته المواطنة المتساوية ،
وضلعاه الآخران الدستور الموضوع من قبل هيئة منتخبة وممثلة لكافة مكونات الشعب ، وصندوق
الاقتراع النزيه والشفاف .
8. خارطة طريق مقترحة لإخراج الأزمة السورية من عنق الزجاجة :
أولاً : قبل سقوط النظام :
1. يشكل مؤتمر الدوحة الذي سيجتمع في 17.10.12 لجنة مصالحة وطنية ، مكونة من شخصيات مدنية وعسكرية ، كفوءة ونزيهة وعارفة ومنفتحة على الرأي الآخر، تكون مهمتها وضع مشروع تصوري ، من جهة لوحدة المعارضة ومن جهة أخرى لمتابعة قيادة ثورة 15ـ 18 آذار 2011 ، حتى سقوط النظام . على أن
تنجز كتابة هذا المشروع التصوري خلال أسبوع واحد من تشكيلها .
2. تقوم هذه اللجنة بعرض هذا المشروع التصوري ، على مختلف فصائل المعارضة ، الداخلية والخارجية ، المدنية والعسكرية ، بغية الوقوف على وجهة نظرها في مضمون هذا المشروع التصوري ، ويجب أن تنهي هذه المشاورات خلال ( ثلاثة أساببيع إلى شهر ) ، من إعداد المشروع التصوري
3. تقوم اللجنة بتعديل المشروع التصوري في ضوء الملاحظات التي تم قبولها والتوافق حولها ، ومن ثم تعيد توزيعه في صورته الجديدة ،على فصائل المعارضة المعنية ، بغية إقراره رسمياً من هيئاتها أو أماناتها العامة ،
وينطبق هذا الأمر على المجلس الوطني أيضاً .
4. تحدد اللجنة (وبالاتفاق مع كل من قبل بالمشروع التصوري المعدّل) موعداً زمنياً لمؤتمرتوحيدي عام لكافة فصائل المعارضة ، وفق نسب محددة لكل فصيل ، ووفق أسماء معينة ومحددة يرشحها كل فصيل لتمثيله في المؤتمر التوحيدي العام ، ( يمكن الإستفادة هنا من مقررات مؤتمر القاهرة الذي عقد بإشراف جامعة الدول العربية في أوائل شهر تموز 2012 ) ، وتقوم اللجنة بدعوة الشخصيات المعنية لهذا المؤتمر .
5. يتم في هذا المؤتمر :
ــ إقرار المشروع التصوري ، باعتباره ” عهداً وطنياً ” لكافة فصائل المعارضة المدنية والعسكرية ،
ــ انتخاب ” أمانة عامة ” بحدود الـ 100 شخص ، تكون نسبة العسكريين فيها 20 % ،
ــ تشكيل لجنة من المختصين لوضع نظام داخلي للمجلس بهيئاته الثلاث ( الهيئة العام ، الأمانة العامة ،
لجنة المتابعة والتنفيذ ) ، ومن ثم دعوة الأمانة العامة لمناقشة هذا النظام وإقراره ،على ألاّ تزيد مدة إعداد
هذا النظام وإقراره عن ..؟؟… أسابيع .
6. تقوم الأمانة العامة بانتخاب لجنة متابعة وتنفيذ ، بحدود عشرة أشخاص ، بينهم عسكريان ،
7. تقوم لجنة المتابعة والتنفيذ بانتخاب رئيس ونائبي رئيس لها ، واحد مدني ، وآخر عسكري ،
8. يطبق النظام الداخلي فور إقراره على كامل العمل اللاحق للمعارضة السورية الموحدة ،
9. تكون الهيئات التنفيذية المنبثقة عن المؤتمر التوحيدي هي الممثل الشرعي والوحيد للمعارضة
السورية في الداخل والخارج ، وفي المجالين المدني والعسكري ، دون أن يعني ذلك إلغاء الشخصية
الخاصة بكل فصيل ، وذلك على غرار العلاقة بين منظمة التحريرالفلسطينية ، والفصائل المختلفة
المشكلة لهذه المنظمة .
ثانياً : بعد سقوط النظام وبدء المرحلة الانتقالية :
1. يستمركل من الهيئة العامة للمؤتمر التوحيدي ، والأمانة العامة لهذا المؤتمر ، ولجنته التنفيذية في مهامهم حتي نهاية المرجلة الإنتقالية ، التي يجب ألاّ تزيد على ( 15 شهراً ) من سقوط النظام ،
2. تقوم اللجنة التنفيذية خلال اسبوع واحد من سقوط النظام بتكليف رئيس لوزارة انتقالية مؤقتة
ويعطى مهلة أسبوعين لتقديم أسماء تشكيلته الوزارية المقترحة على اللجنة التنفيذية ، التي عليها أن تدعو إما الهيئة العامة للمؤتمر ، وإما الهيئة التنسيقية فقط للمصادقة على التشكيلة الوزارية ،
3. نقترح ان تعتمد نسبة الـ 60 % في المرحلة الانتقالية فقط بدلاًمن الأكثرية النسبية ( 51 %)
المعتمدة في مثل هذه الحالات ، وذلك بسبب الطابع التوافقي للمؤتمر التوحيدي للمعارضة ،
4. تقوم اللجنة بتشكيل لجنة كفوءة وخبيرة لوضع دستور جديد للبلاد بدل الدستور القائم ، وذلك خلال مدة زمنية تحددها اللجنة التنفيذية بالاتفاق مع لجنة وضع الدستور ، هذا ويمكن الإستعانة بخبراء دستوريين عرب و/أو اجانب في إطار لجنة الدستور ، ويمكن أيضا الإستفادة من تجارب ثورات الربيع العربي الأخرى في هذا المجال )
5. يمكن اعتما دستور 1950 ، للمرحلة الانتقالية ، وريثما ينجز ويقر الدستور الجديد ، مضافاً
إليه المبادئ المرجعية التي تم التوافق عليها في مؤتمرالقاهرة الذي عقد باشراف جامعة
الدول العربيى في مطلع ىشهر يوليو/ تموزالماضي .
6. تقوم اللجنة التنفيذية ، وبالتعاون مع الوزارات المختصة ، بتشكيل اللجان الضرورية ، لإزالة
آثار الظلم والتعسف وكافة سلبيات المرحلة السابقة ، ولاسيما :
ــ لجنة المحاسبة وإ ستعادة الأموال المنهوبة والمسروقة ،
ــ لجنة تعويضات المتضررين ،
ــ لجنة إعادة الإعمار ،
ــ لجنة إعادة هيكلة الجيش ، وقوى الأمن ( في ضوء الدستور الجديد ) ،
ــ لجنة إعادة هيكلة القضاء ( في ضوء الدستور الجديد ) ،
7. عند الإنتهاء من صياغة الدستور تقوم اللجنة التنفيذية بدعوة الشعب للاستفتاء عليه ،
8. وبعد إقرار الدستور من قبل الشعب ، تقوم اللجنة التنفيذية بالدعوة إلى انتخابات عامة برلمانية
ورئاسية على أساس الدستور الجديد ،
9. بظهور نتائج هذه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ، تقدم الوزارة الإنتقالية المؤقتة استقالتها إلى الرئيس الجديد ، الذي سيباشر صلاحياته الدستورية في ضوء الدستور الجديد ، وتعتبر بذلك المرحلة الانتقالية قد انتهت .