الموقف الأميركي من الإطاحة بالنظام الحاكم في سورية
د. قصي غريب
بعد أن اندلعت الانتفاضة الشعبية ضد النظام الشمولي في العديد من المدن والمناطق السورية، المطالبة بالحرية والحياة الكريمة للشعب السوري، ومواجهة قوات أمن النظام لها باستخدام القوة الغاشمة والعنف الوحشي، فقتلت وجرحت واعتقلت الكثير من المحتجين، واتهمتهم أجهزة النظام وعصاباته وأبواقه المأجورة – المرتزقة – بالتهمة الجاهزة المتهافتة للنظام لكل معارض لشموليته وانغلاقه وتخلفه بانهم (عملاء لاسرائيل والولايات المتحدة الأميركية).
وانطلاقاً من هنا فان السؤال هو هل ترغب وتشجع الولايات المتحدة بالفعل على الاطاحة بالنظام الحاكم في سورية من قبل الانتفاضة الشعبية ؟ والاجابة لا؛ لان كل المعطيات والدلائل تشير الى عكس ذلك، فعلى الرغم من ان ادارة الرئيس باراك اوباما تتابع ما يجري في سورية وتواكب تطورات الاحداث التي شكلت تحدياً لها، ولكنها لا تمارس الضغط المطلوب على النظام المغلق الدموي في سورية بقصد تغييره وإنما تغيير سلوكه، فهي توجه له انتقادات متحفظة وضعيفة ومتعارضة تتطور بتطور الأحداث؛ لانها لا ترغب بالاطاحة والتفريط به بقدر ما تسعى الى الضغط عليه من أجل تغيير سلوكه لتحقيق أهداف إقليمية لها على حساب دماء وحرية وحياة الشعب السوري، نتيجة لإدراكها للدور الذي يؤديه نظام الرئيس بشار الاسد في قضايا المنطقة لما يمتلكه من أوراق ضغط في لبنان والساحة الفلسطينية والعراق ولعلاقاته مع إيران، فالنظام يبدو للادارة الاميركية لاعب محوري في استقرار المنطقة، فهي ترى أن له دور مهم جداً في عملية السلام، ولهذا فان تصاعد ايقاع حدة التصريحات الأمريكية ضده مع تطور الاحداث تهدف إلى الضغط عليه من أجل إرباكه وانتزاع هذه الأوراق الاقليمية القوية منه. وقد صرحت وكيلة وزير الدفاع الأمريكي ميشيل فلورني أنه يمكن لسورية ان تستعيد استقرارها مقابل التخلي عن تحالفها مع ايران، ودعمها لحزب الله وحماس، وتسهيل عملية السلام مع اسرائيل، كما أن مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية على الرغم من انه قد سخر من عجز الرئيس بشار الأسد عن فهـم ضرورة التحرك بسـرعة لتنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يطالب بها المحتجون، ولكن لم يتحدث عن ضرورة تغيير النظام أو المطالبة بتنحي الرئيس بشار الاسد، مع انه قد استخدم العـنف الوحشي والقاتل ضد الشعب السوري، فإدارة الرئيس باراك أوباما تتعامل مع الرئيس بشار الاسد كما لو انه مصلح حقيقي؛ لانها ما تزال ترى أنه من الأفضل للمصالح الأمريكية تشجيع النظام في سورية على تغيير سـلوكه وانتهاج طريق الإصلاح، فهي تفضـل أن يقود الرئيس بشار الأسد بنفسه عملية تحول ديمقراطي، من خلال تنفيذ سريع لوعود الإصلاح التي طرحها في الماضي والاستجابة إلى مطالب الانتفاضة الشعبية، ولهذا فان السفيرالاميركي في سورية روبرت فورد يقدم يومياً للمسؤولين السوريين وجهة نظر الادارة الاميركية من الأحداث، ويحثهم على ضرورة إيجاد حل سياسي بدل استخدام العنف لحل المشاكل القائمة؛ لأن الادارة الاميركية ترى في تغيير النظام قفْـزاً إلى المجهول من منطلق انها أصبحت تمتلك الدراية والخبرة السياسية والدبلوماسية والامنية والاكاديمية الكافية والقادرة على التعامل مع استراتيجيته، فقد صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن هناك كثيرون يعتقدون أن الرئيس بشار الأسد إصلاحي، وأن واشنطن لا تنوي التدخل العسكري ضد نظامه لوقف حملة استهداف المدنيين؛ لأنها ترى في تغييره قفْـزاً إلى المجهول، ولذلك ترغب في الحفاظ على حالة من الاستقرار في سورية. فنظام الرئيس بشار الأسد، رغم سلوكه الذي يبدو للاخرين انه لا تحبـذه واشنطن،الا انه أسهـل في التنبؤ بما سيقدم عليه في المنطقة من المجهول الذي يمكن أن يسفـر عنه سقوطه، خاصة في ظل عدم وجود معاهدة سلام بين سورية وإسرائيل. ولهذا لا ترغب ادارة الرئيس اوباما في الاطاحة والتفريط به؛ لانه منذ وصولها إلى البيت الأبيض مارست سياسة مختلفة عن سياسة ادارة الرئيس جورج دبليو بوش، التي حاولت محاصرة النظام الحاكم في سورية، ولكن لم تكن هناك جدية لإسقاطه؛ لانه كانت محاولة لتغيير سلوكه، فعادت الى اتباع سياسة التعاطي مع نظام الرئيس بشار، ودخلت معه في مرحلة جديدة من الانفتاح والدبلوماسية والحوار قائمة على التركيز على المصالح المتبادلة، وترجع رغبة إدارة الرئيس أوباما في الحوار مع دمشق إلى قناعة واشنطن بفشل سياسة إدارة الرئيس بوش، التي اعتمدت على القوة والعقوبات والعزل، وكانت هناك اسباب عدة وراء هذا التحول من بينها التصور القائم على ان سياسة استخدام الضغط فاشلة، في حين ان سياسة التعاطي مع انظمة مثل نظام الرئيس بشار تحمل في طياتها نجاحاً دبلوماسياً. فقد صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن هناك كثيرون يعتقدون أن الرئيس بشار الأسد إصلاحي وأن واشنطن لا تنوي التدخل العسكري ضد نظامه لوقف حملة استهداف المدنيين والقضاء على الانتفاضة الشعبية، ورداً على سؤال لشبكة التلفزيون الأميركية “سي بي إس” حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تنوي شن عملية عسكرية ضد سورية على غرار ما تفعل حاليا في ليبيا، قالت كلينتون : ” لا، فلكل حالة من هذه الحالات خصوصية منفردة ” معتبرة أن ما حدث في سورية من جرائم ضد الانسانية عبارة عن مجرد ” أعمال شرطة تجاوزت بوضوح استخدامها للقوة “، ومع تزايد المظاهرات الاحتجاجية ضد النظام وتزايد استخدام العنف الدموي والقاتل من قبله ضد المحتجين، عادت وادانت الوزيرة كلينتون نظام الرئيس بشار، وعبرت عن استنكارها لاستخدام العنف ضد المحتجين في سورية وقالت : ” نشعر بالقلق بوجه خاص بشأن الوضع في حمص اذ تشير تقارير متعددة إلى وقوع أعمال عنف وسقوط قتلى ومصابين بين المدنيين والأفراد الحكوميين على السواء، وأشارت إلى أنه يصعب التأكد من ذلك من مصادر مستقلة بسبب عدم السماح للصحفيين بدخول المنطقة ” ودعت الحكومة السورية إلى وقف العنف والاستجابة للقضايا المشروعة التي طرحها الشعب السوري، الذي يطالب بإصلاح جوهري ودائم. وادان الرئيس أوباما اعمال العنف التي يستخدمها نظام الرئيس بشار ضد المتظاهرين، وقال في بيان له ان الاسد والسلطات السورية فضلت مصالحها الشخصية عن مصالح واهتمامات الشعب السوري، وعاد وندد بأعمال العنف ضد المتظاهرين وقال في بيان رسمي إن : ” هذا الاستخدام المروع للعنف ضد المظاهرات يجب ان يتوقف فوراً “. واعتبر أن الرئيس بشار الاسد ” رفض احترام حقوق المتظاهرين واستخدم بدل ذلك الاساليب نفسها التي يستخدمها حلفاؤه الايرانيون “.ورأى ان اعمال العنف هذه تدل على ان اعلان النظام السوري رفع حال الطوارئ لم يكن جدياً. وعلى الرغم من استخدام النظام الخيار الامني في مواجهة الانتفاضة الشعبية، الا ان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر أكد إن الولايات المتحدة لا تعمل على تقويض الحكومة السورية، ولكن على الرئيس بشار الأسد ” أن يتعامل مع التطلعات الشرعية لشعبه “. وأضاف : ” لا، نحن لا نعمل على تقويض تلك الحكومة “، مضيفاً أن الولايات المتحدة تعمل على تعزيز العمليات الدمقراطية في سورية وفي أماكن أخرى في العالم. وتابع : ” الحكومة السورية تعتبر ذلك النوع من المساعدة تهديداً “. وقد جاء الموقف الأميركي في وقت نشرت صحيفة ” واشنطن بوست ” معلومات منقولة عن موقع ويكيليكس تضمنت قيام الولايات المتحدة بتقديم تمويل سري إلى مجموعات معارضة سورية، وإلى قناة بردى التلفزيونية المعارضة للنظام في سورية. وقد عد أن تسريب هذه الوثيقة في هذا الوقت بالذات؛ هدفه مساعدة النظام في سورية على محاصرة الانتفاضة الشعبية، ومده بما يمكن البناء عليه في حديثه عن مؤامرة خارجية مع العلم ان هذه المعارضة الطارئة التي تعمل بالسخرة السياسية لا تمثل أبداً المعارضة الوطنية السورية الحقيقية وقد أساءت لها كما ان الانتفاضة الشعبية لا علاقة لها مع المعارضة السورية لا فكرياً ولا تنظيمياً.
وفي سياق هذه المواقف الأميركية القائمة على الادانة والاستنكار والتي تندرج في اطار الاستهلاك الاعلامي أو الخطوات الرمزية، تبنى مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة مشروع قرار أميركي يدين النظام في سورية لانتهاكه حقوق الانسان، كما وقع الرئيس أوباما على عقوبات جديدة على شخصيات مقربة من الرئيس بشار الاسد – المسؤول الاول عن ما يحصل للشعب السوري من اراقة دماء واعتقالات – بينهم شقيقه ماهر الاسد ولكنها لم تطاله. وفي الكونجرس الأميركي حث بعض الأعضاء الحكومة السورية على عدم استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين، وأيدوا حق الشعب السوري في التظاهر، فقد دعا 3 نواب أميركيين الرئيس أوباما الى الاعلان عن ان الرئيس الاسد قد فقد شرعيته، وأيضاً دعا جون ماكين الى فرض عقوبات صارمة وممارسات ضغوط على النظام في سورية، واتهم نواب أميركيون ادارة الرئيس اوباما بالتساهل مع النظام في سورية، كما أعلن البيت الابيض ان للشعب السوري الحق في رسم مستقبله بنفسه وأدان اقتحام الجيش لمدينة درعا، وعدت الخارجية الأميركية تصرفات الحكومة السورية في درعا عقاب جماعي، وأكد متحدث باسم الخارجية الأميركية ان ممارسات النظام في درعا همجية. ودعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الى اعتماد عقوبات أوربية حتى تظهر للقيادة السورية ان ثمة نتائج لهجومها على المدنيين، وأشارت الى أن الولايات المتحدة كانت قد دعت الى وضع حد للعنف ضد السكان، واصفة ما يجري بالقمع الوحشي. وكان قد اختصر الموقف الاميركي من عدم وجود رغبة جدية من قبل الادارة الاميركية لإسقاط نظام الرئيس بشار الاسد انما تغيير سلوكه عندما أعلنت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس خلال جلسة لمجلس الأمن بخصوص الأحداث في سورية : ” أن على الرئيس السوري بشار الأسد أن يغير سلوكه الآن ويكف عن القمع الدامي للمتظاهرين ” وقد برر إدوارد جيريجيان، السفير الأميركي السابق لدى سورية والمساعد السابق لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، أسباب التعامل الأميركي المتحفّـظ مع الانتفاضة الشعبية السورية فقال : ” تخشى الولايات المتحدة من خطَـر تردي الوضـع في سورية إلى حالة من الفوضى، نظراً لأن المجتمع السوري يتألـف من خليط من المسلمين السـنة والشيعة والعلويين، الذين رغم كونهم أقلية، استأثروا بمعظم السلطة والمال، وهناك أيضا الدروز والأكراد وخليط آخر من الأقليات المسيحية المختلفة ويمكن أن يؤدي سقوط النظام الحاكم إلى صراع طائفي، لا يقتصر على سورية فقط، بل يمكن أن يشيع موجات من الكراهية والعنف الطائفي وعدم التسامح في دول المنطقة بشكل يخلق كابوساً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط “. ورأى السفير جيريجيان أن الولايات المتحدة تفضـل أن يقود الرئيس الأسد بنفسه عملية تحول ديمقراطي، من خلال تنفيذ سريع لوعود الإصلاح التي طرحها في الماضي والاستجابة إلى مطالب الانتفاضة الشعبية، بدلاً من ترتيب المظاهرات المساندة له واتهام جهات خارجية بتحريض الشعب على الثورة والاكتفاء بتغيير الحكومة، عـوضاً عن تطبيق إصلاحات تلبي مطالب الشعب وقال : ” الموقف في سورية خطير في ضوء الإصرار الشعبي على مواصلة الانتفاضة من أجل تحقيق الإصلاحات المطلوبة. وتنتظر الولايات المتحدة لترى هل سيردّ النظام السوري على المظاهرات الحاشِـدة بالشروع الفوري في الإصلاح أم سيـواصل استخدام أجهزته الأمنية في القمـع أم سيلجأ إلى شكل من أشكال النموذج الليبي في ردع الانتفاضة الشعبية باستخدام القوة العارمة للجيش السوري في مواجهة متظاهرين سلميين “.
و بناء على الضوء الأخضر الذي اعطته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لنظام الرئيس بشار الاسد لقهر الانتفاضة الشعبية باستخدام الخيار العسكري ضدها في أثناء ردها على سؤال لشبكة التلفزيون الأميركية “سي بي إس”، فقد شجع بعض المحللين السياسيين والدبلوماسيين الأميركيين النظام المستبد في سورية على استخدام الخيار العسكري ضد الانتفاضة الشعبية من خلال ان الولايات المتحدة لا تملك أوراق ضغط على نظام الرئيس بشار الاسد – هذا ليس دقيق بالمرة –، فالمحلل السياسي جون الترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أكد ان الولايات المتحدة ليس بيدها أية أوراق ضغط تستخدمها ضد النظام في سورية لحمله على وقف القمع الوحشي للاحتجاجات. وعد أن الخيارات السياسية الحقيقية هي هل تحاول اقناع الحكومة بالتراجع وانقاذ نفسها ؟ أم تحاول الضغط لتحويل الأمر وفي نفس الاتجاه ذهب روبرت هنتر السفير الأميركي السابق لدى حلف شمال الأطلسي عن الخيارات الأميركية في تلك الحالة فقال : ” من الواضح أنه لن يكون بوسع الولايات المتحدة استخدام قوتها العسكرية ضد النظام السوري، حتى إذا لجأ الأسد إلى القمع الوحشي للمتظاهرين السوريين، كما انه ليست هناك نداءات دولية بالتصدي لمثل ذلك القمع يمكن أن تمهد لقرار من مجلس الأمن. وحتى لو توفَّـر ذلك الضغط، فلن يمكن مثلاً استخدام أسلوب فرض حظر جوي على سورية؛ لأن قوات الأمن السورية لا تستخدم الطائرات في قمعها للمتظاهرين، ومن ثم ستجد إدارة الرئيس أوباما نفسها عاجـزة بشكل متزايد عن ممارسة ضغط فعـال على النظام السوري “. ولم يتوقّـع السفير هنتر أن يحذُو الجيش السوري حذو القوات المسلحة في تونس أو في مصر بالتخلـي عن مساندة النظام والوقوف إلى جانب الانتفاضة الشعبية، كما رأى أن الولايات المتحدة لن تطالب بتغيير النظام في سورية؛ لأنها تخشى من أن يكون البديل حرباً أهلية أو نظاماً أكثر تطرفاً.
ولهذا فان الادارة الأميركية على الرغم من جرائم الابادة ضد الانسانية التي قامت بها قوات أمن النظام وعصاباته ومرتزقته ضد الشعب السوري وحصار مدينة درعا وغيرها من المدن والمناطق السورية، والذي كان بضوء أخضر أميركي، ما تزال تراهن على نظام الرئيس بشار الاسد ان يغير سلوكه ليبقى حاكماً على سورية، ويبدو ان الاصلاحات التي تشجع الادارة الاميركية الرئيس بشار الاسد على القيام بها لا تقترب أبداً من تغيير بنية النظام المغلقة، ولا من الاسس الصحيحة للديمقراطية القائمة على احترام حقوق الانسان، والتعددية الفكرية والسياسية، وتداول السلطة سلمياً. ولذلك فانه على الرغم من كل هذه المواقف المترددة من قبل الادارة الاميركية الا انها لا ترقى الى مستوى الاطاحة والتفريط بالنظام الحاكم في سورية، بقدر ما تسعى الى الضغط عليه من أجل تغيير سلوكه وتحقيق بعض الاهداف الاقليمية التي تراها واشنطن من جانبها انها تؤثر في سير العلاقات بالاتجاه الصحيح، والتي يستخدمها النظام الحاكم سورية كأدوات وأوراق ضغط في سياسته الخارجية، ليس من منطلق عقائدي في العلاقات الدولية بقدر ما تكون للابتزاز والضغط على الولايات المتحدة من أجل المحافظة على استمراره وديمومته. ولهذا فقد انتقد بعض الباحثون سياسة الادارة الاميركية من الأحداث في سورية بانها : ” لم تكن فقط غير ناجحة في نتائجها بل معيبة في مفهومها واعتبروا ” ان مغازلة الاسد من أجل تحقيق الاهداف الاقليمية مع اهمال ما يحدث داخل سورية ليست سياسة واقعية “. كما ادرك بعض المسؤولين من ادارة الرئيس أوباما الحاجة الى تغيير المسار المتبع مع النظام في سورية، فقال لصحيفة نيويورك تايمز ان : ” اليوم قد تم القضاء – حرفياً – على أي مصداقية كانت تتمتع بها الحكومة السورية، … وبالتأكيد ان من مصلحتنا السعي الى التوصل الى الى اتفاق ولكن لا يمكنك ان تعمل ذلك مع حكومة ليس لديها مصداقية مع أبناء شعبها “.
وبناء على ما تقدم، فان ادارة الرئيس باراك أوباما لا ترغب في الاطاحة بنظام الرئيس بشار الاسد المغلق على ذاته والمتكيفة معه، ويبدو ذلك من التردد في مساندة الانتفاضة الشعبية السورية، ولكن يبقى العامل الأساس في تغيير هذا التردد هو إرادة الشعب السوري الذي يطالب الان باسقاط النظام وليس اصلاحه ويعمل بخطوات حثيثة وواثقة عليه، ومن ثم هو الذي سيحدد هذا الأمر في النهاية، فالإدارة الأمريكية إذا رأت أن إرادة الشعب السوري هي في اسقاط النظام والتحول الى النظام الديمقراطي، فليس من مصلحتها أن تكون ضد هذا الاتجاه، واعتقد ان تغير الموقف الأميركي يبقى متوقف على ارادة الشعب السوري الذي يريد الحياة والذي أمام شجاعته وصلابته ورغبته في اسقاط النظام المستبد سيستجيب القدر له عاجلاً أو أجلاً، لان حاجز الخوف قد انكسر، لاسيما ان مذبحة مدينة حماة في عام 1982 التي اقترفها المرضى لن تتكرر في عصر شباب الشبكة العنكبوتية واليوتيوب والفيس بوك، وعلى الولايات المتحدة من أجل الحفاظ على مصالحها أن تتعامل مع خيار الشعب السوري القائم على آن للنظام المغلق المتخلف الذي يحكم سورية منذ انقلاب 8 آذار 1963 الأسود أن ينصرف.
خاص – صفحات سورية –