صفحات العالم

الأسد المتوثب!


صالح القلاب

عندما تكون هذه المنطقة تغلي على هذا النحو، وعندما يكون هناك من يهدد بأن صواريخه ستسبق أي قرار سيتخذ ضده، وعندما تواصل إيران تحرشاتها بدول الخليج العربي وتتدخل من خلال رؤوس جسورها في أكثر من شأن عربي داخلي، فإنه أمر طبيعي أن يستضيف الأردن هذه المناورات “الأسد المتوثب”، التي تشارك فيها 19 دولة عربية وأجنبية صديقة، وأن يضع قواته المسلحة “الجيش العربي” على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ.

لا يفكر الأردن حتى مجرد تفكير في التدخل لا عسكرياً ولا غير عسكري في الأوضاع الملتهبة في الجارة الشمالية الشقيقة سورية، لكن مع ذلك، فإن من حقه بينما هذه المنطقة غدت محشوة بالألغام التي قد ينفجر أيٌّ منها في أي لحظة أن يكون جيشه على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ، وأن يكون هو ضمن هذه المنظومة العالمية التي تضم أهم الدول الكبرى في العالم بأسره.

إنه لا يجوز إغفال كل هذا الذي يجري في هذه المنطقة وفي سورية تحديداً، والنوم على أرائك من ريش النعام، ووسائد من حرير، والاستغراق في أحلام وردية، وعلى الأقل إنه على بلد تعرض لموجات هجرات متلاحقة مربكة أن يكون مستعداً، وأن يهيئ نفسه لأي طارئ على هذا الصعيد، خصوصاً إذا كان هناك من يحاولون بأشكال متعددة تصدير أزماتهم إليه.

إن الأردن إذْ يفتخر بأي إنجاز وطني فإنه يفتخر بجيشٍ بكل هذا الانضباط، وبكل هذه المناقبية، وبكل هذا الاحتراف، ويفتخر أيضاً بأجهزة أمنية ساهرة على مدى عقارب الساعة توفر نوماً بلا كوابيس ولا أحلام مرعبة لشعبها، الذي يجب أن يدرك أهداف هؤلاء الذين دأبوا في الفترة الأخيرة على استغلال كل هذا التسامح الذي يعيشه بلدنا للتجرؤ عليه ومحاولة تهشيم صورته، وكل هذا لاستدراج كل هذه الأزمات المتفجرة حولنا استجابة لصراخ الذين يهددون ويتوعدون بتصدير مشاكلهم المستفحلة إلى الدول المجاورة.

لا شأن لـ”الأسد المتوثب” بما يجري في الشقيقة سورية، لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة، وقد اعتادت القوات الأردنية المسلحة “الجيش العربي” على المشاركة في مثل هذه المناورات، كمشاركتها في معظم المهام الإنسانية التي تقوم بها الأمم المتحدة في الكثير من دول العالم… إن هذه حقيقة لكنَّ مَنْ في صدره أحقاد ونوايا سيئة عليه أن يفهم هذا الأمر كما يشاء، وعليه أن يدرك أن ما يهدد به بالإمكان مواجهته بأعنف منه، وأن من يفكر في نثر جمر ما يجري عنده إلى الدول المجاورة عليه أن يراجع ما يفكر فيه بصورة جيدة، وذلك لأن حسابات البيدر كثيراً ما تختلف عن حسابات الحقل.

الجريدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى