انتقال قيادة الجيش الحر لسوريا!
طارق الحميد
أعلن الجيش السوري الحر المعارض للنظام الأسدي نقل قيادته المركزية من تركيا إلى «المناطق المحررة» داخل الأراضي السورية، حيث قال قائد مجموعة الجيش السوري الحر رياض الأسعد في رسالة موجهة للشعب السوري: «نزف لكم خبر دخول قيادة الجيش الحر إلى المناطق المحررة بعد أن نجحت الترتيبات في تأمين المناطق المحررة لبدء خطة تحرير دمشق قريبا».
وبالطبع فإن لهذه الخطوة دلالات كثيرة، عسكريا وسياسيا، وكذلك معنويا، خصوصا على مستوى الثوار السوريين، لكن من غير المعلوم ما إذا كانت هذه الخطوة تأتي بتنسيق دولي من قبل أصدقاء سوريا، خصوصا وقد تحدث الفرنسيون صراحة عن دعم المناطق المحررة في الأراضي السورية، وتحديدا المناطق المتاخمة للحدود التركية التي باتت مناطق تماس حساسة وخطرة مع سوريا اليوم، خصوصا في حال ما حاول نظام الأسد ارتكاب حماقة جديدة ضد الأتراك. انتقال قيادة الجيش السوري الحر للأراضي السورية المحررة، استعدادا لمعركة تحرير دمشق، كما أعلن العقيد رياض الأسعد، يعني أننا سنشهد أياما عصيبة في سوريا؛ حيث سيسعى النظام الأسدي إلى تصعيد حدة العنف بالأراضي التي يعتقد أن قيادات الجيش الحر موجودة فيها، وتدير المعارك ضد نظامه، لأن وجود تلك القيادات بسوريا من شأنه هز الروح المعنوية لقوات الأسد الإجرامية.
ومن هنا فإن الأمر غير المعروف هو هل جاء انتقال القيادة المركزية للجيش الحر إلى الأراضي السورية المحررة نتيجة تخطيط معد له، وبتنسيق تركي دولي، من قبل أصدقاء سوريا، أم أنها خطوة متسرعة، أم أن الهدف منها تسجيل نقاط داخلية ضمن التنافس المحموم في صفوف المعارضة السورية؟!
تساؤلات مستحقة بالطبع، وإلا كيف ستكون عملية التواصل بين قيادات الجيش الحر والفرق التابعة لها بكل سوريا، خصوصا في حال تعذر التواصل بسبب وسائل التواصل التكنولوجية، وكيف سيكون التنسيق من أجل إدخال السلاح، وخلافه؟ فإن بدت الأسئلة بسيطة فإنها تساعد على فهم هذه الخطوة، فإما أنها تفعيل حقيقي للخطة الفرنسية القاضية بتحويل الأراضي السورية المحررة إلى أراض آمنة، وعلى غرار بنغازي، وهذا يعد أمرا جيدا، ويدعو للتفاؤل، وإما أنها خطوة غير محسوبة وستكون عواقبها وخيمة.
وعندما نقول إن العواقب ستكون وخيمة فلسبب بسيط؛ فمنذ التفجير الذي استهدف قيادات أمنية كبيرة بمقر الأمن الوطني في دمشق كان النظام الأسدي يتداعى بشكل مذهل، حيث سقط جل حلب، وسقطت المنافذ الحدودية الواحدة تلو الأخرى، وانتقلت المعركة لدمشق، وكان الحديث حينها منصبا على مكان وجود الأسد وعائلته، اليوم بات من الواضح أن التدخل الإيراني قد ساعد على تمديد حياة الأسد فترة أخرى، ولكنها غير مضمونة، وقد لا تصل إلى مدة العام بأفضل تقدير، وبوجود القيادة المركزية للجيش الحر داخل الأراضي السورية المحررة فإن النظام الأسدي، وبمساعدة إيرانية أكيدة، سيقوم بإحراق الأخضر واليابس من أجل استهداف تلك القيادات.
ولذلك فإن تلك الخطوة كبيرة، ويمكن اعتبارها مؤشرا مهما على سير الأحداث بالثورة السورية الآن، ودليلا على ورطة الأسد وحلفائه، وأبرزهم إيران؛ حيث إن الدائرة بدأت تضيق على الأسد.
الشرق الوسط